المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع [فيما أظهره الله تعالى على يديه من المعجزات وشرفه به من الخصائص والكرامات] - شرح الشفا - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأوّل

- ‌[المقدمة]

- ‌ترجمة القاضي عياض

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌القسم الأول [في تعظيم العلي الأعلى جل وعلا]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي ثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ [فِيمَا جَاءَ من ذلك مجيء المدح والثناء]

- ‌الفصل الثّاني [في وصفه تعالى بالشهادة وما تعلق به من الثناء والكرامة]

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ [فيما ورد من خطابه تعالى إياه مورد الملاطفة والمبرة]

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ [فِي قَسَمِهِ تَعَالَى بِعَظِيمِ قَدْرِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الفصل الخامس في قسمه

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في جهته عليه الصلاة والسلام مورد الشفقة والإكرام]

- ‌الفصل السّابع [فيما أخبره الله بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّامِنُ [فِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقَهُ بصلاته عليه وولايته له]

- ‌الْفَصْلُ التَّاسِعُ [فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ سُورَةُ الْفَتْحِ مِنْ كراماته عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْعَاشِرُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كتابه العزيز من كراماته عليه ومكانته عنده]

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي تَكْمِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ المحاسن خلقا وخلقا]

- ‌فصل [قال القاضي رحمه الله تعالى إذا كانت خصال الكمال والجلال]

- ‌فصل [إن قلت أكرمك الله تعالى لا خفاء على القطع بالجملة]

- ‌فصل [وأما نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُفُورُ عَقْلِهِ وَذَكَاءُ لُبِّهِ وَقُوَّةُ حَوَاسِّهِ وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله]

- ‌فصل [وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول]

- ‌فصل [وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه]

- ‌فصل [وأما تَدْعُو ضَرُورَةُ الْحَيَاةِ إِلَيْهِ مِمَّا فَصَّلْنَاهُ فَعَلَى ثلاثة ضروب الضرب الأول]

- ‌فصل [وأما الضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره]

- ‌فصل [وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف فيه الحالات]

- ‌فصل [وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [وأما أَصْلُ فُرُوعِهَا وَعُنْصُرُ يَنَابِيعِهَا وَنُقْطَةُ دَائِرَتِهَا فَالْعَقْلُ]

- ‌فصل [وأما الحلم]

- ‌فصل [وأما الجود]

- ‌فصل [وأما الشجاعة والنجدة]

- ‌فصل [وأما الحياء والإغضاء]

- ‌فصل [وأما حسن عشرته وآدابه]

- ‌فصل [وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق]

- ‌فصل [وأما خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء]

- ‌فصل [وأما تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما عدله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته]

- ‌فصل [وأما وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما زهده صلى الله تعالى عليه وسلم في الدنيا]

- ‌فصل [وأما خوفه صلى الله تعالى عليه وسلم من ربه عز وجل]

- ‌فصل [اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن صفات جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قد آتيناك أكرمك الله سبحانه من ذكر الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ ومشهورها بتعظيم قدره عند ربه عز وجل]

- ‌الفصل الأول [فِيمَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ مَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عز وجل]

- ‌فصل [في تفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم بما تضمنته كَرَامَةُ الْإِسْرَاءِ]

- ‌فصل [ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده]

- ‌فصل [إبطال حجج من قال أنها نوم]

- ‌فصل [وأما رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم لربه عز وجل]

- ‌فصل [في فوائد متفرقة]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَظَاهِرُ الآية من الدنو والقرب]

- ‌فصل [في ذكر تفضيله في القيامة بخصوص الكرامة]

- ‌فصل [في تفضيله بالمحبة والخلة]

- ‌فصل [في تفضيله بالشفاعة والمقام المحمود]

- ‌فصل [في تفضيله فِي الْجَنَّةِ بِالْوَسِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْكَوْثَرِ وَالْفَضِيلَةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ إِذَا تَقَرَّرَ مِنْ دَلِيلِ الْقُرْآنِ وصحيح الأثر]

- ‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

- ‌فصل [في تشريف الله تعالى له بما سماه به من أسمائه الحسنى]

- ‌فصل [قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وها أنا أذكر نكتة]

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَشَرَّفَهُ بِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ والكرامات]

- ‌فصل [اعلم أن الله عز وجل قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْمَعْرِفَةِ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ]

- ‌فصل [اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة]

- ‌فصل [في إعجاز القرآن العظيم الوجه الأول]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ الْعَجِيبِ والأسلوب الغريب]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْإِعْجَازِ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ من الأخبار]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الرَّابِعُ مَا أَنْبَأَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ القرون السالفة]

- ‌فصل [هَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ إِعْجَازِهِ بَيِّنَةٌ لَا نزاع فيها ولا مرية]

- ‌فصل [ومنها الروعة]

- ‌فصل [وَمِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْدُودَةِ كَوْنُهُ آيَةً بَاقِيَةً لا تعدم ما دامت الدنيا]

- ‌فصل [وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ في إعجازه وجوها كثيرة]

- ‌فصل [في انشقاق القمر وحبس الشمس]

- ‌فصل [في نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكثيره ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ تَفْجِيرُ الْمَاءِ ببركته وانبعاثه]

- ‌فصل [ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته]

- ‌فصل [في قصة حنين الجذع له صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [ومثل هذا وقع في سائر الجمادات بمسه ودعوته]

- ‌فصل [في الآيات في ضروب الحيوانات]

- ‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

- ‌فصل [في إبراء المرضى وذوي العاهات]

- ‌فصل [في إجابة دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في كراماته صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ]

- ‌فصل [في عصمة الله تعالى له صلى الله تعالى عليه وسلم من الناس وكفايته من آذاه]

- ‌فصل [ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله تعالى له من المعارف والعلوم]

- ‌فصل [ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وكراماته وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة]

- ‌فصل [وَمِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِ رِسَالَتِهِ مَا تَرَادَفَتْ]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ عِنْدَ مولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الباب الرابع [فيما أظهره الله تعالى على يديه من المعجزات وشرفه به من الخصائص والكرامات]

‌الْبَابُ الرَّابِعُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَشَرَّفَهُ بِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ والكرامات]

أي من القسم الأول (فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ المعجزات) أي الأمور الخارقة للعادة الشاهدة بصدق دعوى الرسالة (وشرّفه به من الخصائص) أي الخصوصيات (والكرامات) حتى لعلماء أمته وأولياء ملته قال الحلبي نقل بعض مشايخي فيما قرأته عليه بالقاهرة عن الزاهد مختار بن محمود الحنفي شارح القدوري ومصنف القنية في رسالته الناصرية أنه قيل ظهر على يد نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم الف معجزة وقيل ثلاثة آلاف انتهى ولعله أراد غير المعجزات التي في القرآن كما سيأتي في كلام المصنف من البيان (قال القاضي أبو الفضل) أي المؤلف رحمه الله تعالى (حسب المتأمّل) بسكون السين أي كافيه (أن يحقّق أنّ كتابنا هذا) أي المسمى بالشفاء (لَمْ نَجْمَعْهُ لِمُنْكِرِ نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي ورسالته (ولا لطاعن في معجزاته فنحتاج) هو بالنصب بتقدير أن أي حتى نحتاج نحن معه في بحث الدين (إلى نصب البراهين) أي الأدلة النقلية والعقلية (عليها) أي على اثبات معجزاته (وتحصين حوزتها) بمهملة مفتوحة فواو ساكنة ثم زاء مفتوحة وأصلها بيضة الملك ودائرتها بأجمعها من حواليها وأطرافها وناحيتها أي وحفظ افرادها مجموعة محصنة (حتّى لا يتوصّل المطاعن إليها) أي إلى مقدماتها بالتردد في إثباتها (وتذكر) بالنصب عطفا على فنحتاج أي وحتى نظهر (شروط المعجز) وهو النبي المدعي (والتّحدّي) بالنصب أي ونبين التحدي وهو بكسر الدال المشددة طلب المعارضة وهو شرط كونه معجزة (وحده) بالنصب أيضا وهو بفتح الحاء وتشديد الدال أي وتعريفه بأنه طلب المعارضة (وفساد) أي ونذكر فساد (قول من أبطل نسخ الشّرائع) كاليهود وغيرهم (وردّه) أي ونذكر رد قول مبطله والحاصل أنا لم نجمعه لشيء من ذلك فلم نحتج إلى ذكر ما يدفع شيئا مما هنالك.

(بل ألّفناه) بتشديد اللام أي جمعنا كتابنا هذا (لأهل ملّته) أي لأهل إجابة دينه وشريعته من أمته (المليّن) بتشديد الموحدة المكسورة أي المجيبين (لدعوته المصدّقين لنبوّته ليكون) أي ما في تأليفنا هذا (تأكيدا في محبّتهم له ومنماة) بفتح الميم مفعلة من النمو أي ومزيدا (لأعمالهم) أي وفق متابعتهم له (ولِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ [الفتح: 5] ) أي بضم إيقانهم إلى مجرد إيمانهم (ونيّتنا) أي قصدنا وغرضنا (أن نثبت) بالتخفيف والتشديد أي نذكر (في هذا الباب أمّهات معجزاته) أي معظماتها وأصولها (ومشاهير آياته) أي من فصولها (لتدلّ) بالتاء الفوقية أي تلك المعجزات الواضحات والكرامات البينات (على عظيم قدره) وفي نسخة

ص: 526

عظم قدره بكسر العين وفتح الظاء أي على عظمة مقدار قربه (عند ربّه) أي وفق كمال حبه وفي نسخة لندل بالنون أي بسبب تأليفنا وقع في أصل الدلجي بصيغة التذكير فقال أي ما نواه من إثباتها (وأتينا) بفتح الهمز أي وجئنا (منها) أي بعد أن نوينا إثباتها (بالمحقّق) بفتح القاف أي بالثابت وقوعه في القرآن القديم (والصّحيح الإسناد) أي الواقع في الحديث الكريم كحنين الجذع وتسبيح الحصى وتكثير الطعام والشراب، (وأكثره) أي أغلب ما ذكر في هذا الباب (ممّا بلغ القطع) أي العلم القطعي أو الأمر اليقيني (أو كاد) أي قارب أن يبلغه للتواتر المعنوي دون اللفظي وحذف خبر كاد مراعاة لسجع ما سبق من الإسناد أو للاكتفاء للعلم بالمراد (وأضفنا إليها) أي إلى المعجزات الثابتة بالكتاب والسنة (بَعْضَ مَا وَقَعَ فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ) من نحو صحاح الستة؛ (وإذا تأمّل المتأمّل المنصف) أي الخارج عن وصف التعسف يقال انصف إذا أعطى الحق من نفسه (ما قدّمناه من جميل أثره) أي مآثره الجميلة ومفاخره الجزيلة (وحميد سيره) أي شمائله الحميدة وفضائله السعيدة (وبراعة علمه) أي وتفوقه على جميع العلماء (ورجاحة عقله وحلمه) أي رزانتهما وزيادتهما على سائر العقلاء والحلماء (وجملة كماله) أي ومجمل كمالاته العلية (وجميع خصاله) أي اعماله وأحواله السنية (وشاهد حاله) من ظهور شمائله البهية (وصواب مقاله) أي من حكمه الجلية (لم يمتر) جواب إذا أي لم يشك (في صحّة نبوّته وصدق دعوته) أي في نسبة رسالته بتبليغ دعوة الحق إلى عامة الخلق (وقد كفى هذا) أي ما ذكرنا (غير واحد) أي ممن تأمل في حال كونه داخلا (في إسلامه) أي من جهة انقياده (والإيمان به) أي من حيث اعتقاده (فروينا) بصيغة المجهول وقد تشدد واوه وروي بصيغة الفاعل أيضا والمعنى فوصل إليها رواية (عن التّرمذيّ) وهو صاح الجامع (وابن قانع) وهو الحافظ عبد الباقي بن قانع وهو بالقاف والألف والنون والعين المهملة وقد تصحف بابن نافع بالنون أولا والفاء بعد الألف وقد سبق ترجمتهما (وغيرهما) أي من المخرجين (بأسانيدهم أنّ عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام وهو من الصحابة الكرام (قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم المدينة) أي الأمينة السكينة (جئته) جواب لما أي أتيته (لأنظر إليه) أي إلى وجه أمره وظهور شأنه واتأمل في تحقيق بيانه وتدقيق برهانه (فلمّا استبنت وجهه) أي رأيت ظاهر وجهه الدال على صدق سره وباطنه وفي رواية فلما تبينت وجهه أي أبصرت وجهه ظاهرا (عرفت) أي ظهر لي من أمارات صدقه اللائحة على صفحة وجهه لأن الظاهر عنوان الباطن (أنّ وجهه ليس بوجه كذاب) وتركيبه بالإضافة ويجوز بالوصفية للمبالغة. (حدّثنا به) أي بالحديث الآتي بعد إتمام سنده والمراد بحديث عبد الله بن سلام هذا بعينه (القاضي الشّهيد أبو عليّ رحمه الله وهو الحافظ ابن سكرة (قال حدّثنا أبو الحسين) بالتصغير هو الصواب على تقدم قي صدر الكتاب (الصّيرفيّ وأبو الفضل بن خيرون) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية وضم راء وسكون واو ونون منصرف ويمنع (عن أبي يعلى البغداديّ) بالدال المهملة أولا والمعجمة

ص: 527

ثانيا وهو أفصح من عكسه وكذا إهمالهما واعجامهما وهو معروف بابن زوج الحرة (عن أبي عليّ السّنجيّ) بكسر المهملة فنون ساكنة فجيم فياء نسبة (عن ابن محبوب) وهو المحبوبي (عن التّرمذيّ) صاحب الجامع، (حدّثنا محمّد بن بشّار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة (حدّثنا عبد الوهّاب الثّقفيّ) أي الحافظ أحد الاشراف عن أيوب ويونس وحميد وعنه أحمد وابن إسحاق وابن عرفة وثقه ابن معين وقال اختلط بآخره أخرج له الأئمة الستة (ومحمّد بن جعفر) وهو غندر وقد سبق (وابن أبي عديّ) بصري سلمي يروي عن حميد وطبقته وعنه جماعة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة (ويحيى بن سعيد) هذا هو القطان البصري أحد الاعلام عن هشام وحميد والأعمش وعنه أحمد وابن معين وابن المديني قال أحمد ما رأت عيناي مثله وقال بندار إمام أهل زمانه يحيى القطان واختلفت إليه عشرين سنة فما أظن أنه عصى الله قط (عن عوف بن أبي جميلة) بفتح الجيم وكسر الميم وهو عوف (الأعرابيّ) لدخوله درب الأعراب قاله ابن دقيق العيد أخرج له الأئمة الستة (عن زرارة) بضم الزاي في أوله (ابن أوفى) وفي نسخة ابن أبي أوفى قال الحلبي والصواب الأول وهو قاضي البصرة ويروي عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعنه قتادة وغيره عالم ثقة كبير القدر أم في داره فقرأ فإذا نقر في الناقور فشهق فمات قال الحلبي وقد ذكر خبر موته كذلك الترمذي في جامعه في باب ما جاء في وصف صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالليل بسنده أخرج له الأئمة الستة (عن عبد الله بن سلام الحديث) أي على ما تقدم آنفا قال الحلبي وحديثه المذكور هنا على ما أخرجه القاضي عياض من جامع الترمذي أخرجه في الزهد وقال صحيح وهو في سنن ابن ماجة أيضا في الصلاة عن محمد بن بشار به أي بسنده وفي الأطعمة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن أبي عوف نحوه وكما روي أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في أول أمره كلما نظر إليه صلى الله تعالى عليه وسلم وتأمل في ذاته الكريمة كان يقول خلق هذا لأمر عظيم فلما دعاه إلى الإسلام قال هذا الذي كنت أرجو منك في سابق الأيام (وعن أبي رمثة) بكسر الراء وميم ساكنة ثم مثلثة (التّميميّ) بميمين وفي نسخة التيمي ويقالان في حقه على ما ذكره الحلبي (أتيت) وفي نسخة قال أتيت (النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي جئته (ومعي ابن لي) لا يعرف اسمه (فأريته) بصيغة المجهول أي فأرانيه بعض من يعرفه من أصحابه وغيرهم (فلمّا رأيته) وظهر لي ما عليه من لوامح الصدق ولوائح الحق (قلت هذا نبيّ الله) رواه ابن سعيد؛ (وروى مسلم وغيره أنّ ضمادا) بكسر الضاد المعجمة وهو ابن ثعلبة من ازد شنوءة وكان صديقا له صلى الله تعالى عليه وسلم قبل بعثته بالنبوة (لمّا وفد عليه) أي جاء إليه بمكة وقد سمع بعض قريش يقول محمد مجنون فقال يا محمد إني راق هل بك شيء أرقيك (فقال له النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) نفيا لما نسب إليه بإثبات كمال العقل مما يظهر من دلالة كلامه عليه (أنّ الحمد لله) بكسر الهمزة وتشديد النون ونصب الحمد وفي نسخة واقتصر عليها الشمني

ص: 528

بفتح الهمزة وكسر النون المخففة ورفع الحمد ووجهه غير ظاهر وإن اختاره كثير من الشراح واقتصر عليه بعض المحشيين نعم لفظ الحديث على ما في الحصن الحصين وإن تولى عقدا فخطبته أن الحمد لله فضبط هناك بالوجهين وأما ههنا فلا يصح كون أن المصدرية بعد القول لاقتضائه الجملة ولا التفسيرية لوجود القول الصريح وهي لا تكون إلا مقرونة بما فيه معنى القول كالوحي والنداء وأمثال ذلك (نحمده) جمع بين الجملة الاسمية والفعلية تأكيدا للقضية فإن الأولى تفيد الثبات والدوام والثانية تدل على تجدد الإنعام أو الأولى خبرية والثانية انشائية أو الأولى نظرا إلى أفراده ووحدته والثانية اشتراكا لغيره من أمته وأهل ملته وأما كون النون للعظمة على ما ذكره الدلجي فلا يلائم مقام العبودية (ونستعينه) أي في الحمد وغيره (من يهده الله) وفي نسخة صحيحة مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ (فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يضلل فلا هادي له) بحذف المفعول في جميع الأصول وفيه نكتة لا تخفى على أصحاب الوصول (وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شريك له) تأكيد لما قبله (وأنّ محمّدا عبده ورسوله) أفرد الفعل في مقام التوحيد كما يناسبه مرام التفريد ولأن الشهادة أمر غيبي لا يطلع عليه كل أحد بخلاف ظهور الحمد والاستعانة بالحق فإنه ظاهر على جميع الخلق وهذا كله أولى مما حمله الدلجي على التفنن في العبارة والتنوع في الإشارة (قال) أي ضماد (له) أي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم (أعد عليّ كلماتك هؤلاء) أي كررها لدي وأظهرها علي فإنه كما قيل:

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره

هو المسك ما كررته يتضوع

ثم هؤلاء إشارة إلى الكلمات فإن هؤلاء قد يستعمل لغير العقلاء وقد جاء في رواية أنه عليه السلام أعادها عليه ثلاث مرات فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء (فلقد بلغت قاموس البحر) بالقاف والميم أي وصلن إلى وسطه أو قعره أو لجته وتموج حجته وتبين محجته تعجبا من فصاحة مبانيها وبلاغة معانيها وفي نسخة قاعوس بالعين المهملة وفي أخرى قابوس بالموحدة وفي أخرى تاعوس بالتاء الفوقية أو النون مع العين المهملة والمعاني متقاربة ولعل بعض النسخ مصحفة (هات) بكسر التاء أي أعطني (يدك) أي اليمنى (أبايعك) بسكون العين جزما على جواب الأمر أي لأبايعك على الإيمان فبايعه وهو ممن اسلم في أول الإسلام على ما ذكره ابن عبد البر وأما قول الحلبي هات أمر من هاتى يهاتي فهو خلاف المشهور وما عليه الجمهور من أنه اسم فعل ولذا ذكره صاحب القاموس في مادة هيت وقال هات بكسر التاء أي اعطني لكن ذكره في المعتل اللام أيضا وقال هات يا رجل أي أعط والمهاتاة مفاعلة منه ويؤيده أنه يقال للمرأة هاتي. (وقال جامع بن شدّاد) بتشديد الدال الأولى وجامع هذا محاربي أسدي كوفي يقال له أبو صخرة يروي عن صفوان بن محرز وعدة وعنه القطان وابن عدي وهو ثقة توفي سنة ثمان عشرة ومائة على ما قاله ابن سعد ذكره الحلبي والحديث رواه البيهقي عنه أنه قال (كان رجل

ص: 529

منّا) أي من أهل زماننا (يقال له طارق) وهو ابن شهاب أبو عبد الله المحاربي وله صحبة ورواية (فأخبر أنّه رأى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بالمدينة فقال) أي النبي عليه الصلاة والسلام له ولرفقائه (هَلْ مَعَكُمْ شَيْءٌ تَبِيعُونَهُ قُلْنَا هَذَا الْبَعِيرُ) أي معنا للبيع (قال بكم) أي تبيعونه من الثمن (قلنا بكذا وكذا) لعل العطف لبيان عددين (وسقا من تمر) بفتح الواو وتكسر أي ستين صاعا على ما في حديث (فأخذ) أي النبي عليه الصلاة والسلام (بخطامه) أي برسنه الذي يقاد به (وسار إلى المدينة) وفيه دلالة على صحة المعاطاة في المعاملة (فقلنا) أي فيما بيننا (بعنا) أي بعيرنا (من رجل لا ندري من هو) أي باسمه ولا برسمه (ومعنا ظعينة) أي امرأة مسافرة أو في هودجها أو تحمل إذا ظعنت أي ارتحلت على راحلتها وقد أبعد الدلجي في قوله أي امرأة سميت ظعينة لأنها تظعن أي تسير مع زوجها حيث سار (فقالت أنا ضامنة) أي متضمنة وفي نسخة بالإضافة وهو مصحفة (لثمن البعير) مبالغة في ضمانها بقبول الذمة لكمال الهمة وزوال التهمة (رَأَيْتُ وَجْهَ رَجُلٍ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) أي في وقت كماله من القدر (لا يخيس) بفتح الياء أي لا يغدر (بكم فأصبحنا) أي على ذلك المنوال (فجاء رجل بتمر) أي كثير (فَقَالَ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ هذا التّمر) أي مقدار ما شئتم ضيافة لكم (وتكتالوا) أي وأن تكتالوا (حتّى تستوفوا) أي حتى تقبضوا قيمة بعيركم وافية (ففعلنا وفي خبر الجلندي) بضم الجيم واللام وسكون النون ودال مهملة وألف مقصورة أو ممدودة على اختلاف في اللغة وعبارة القاموس وجلنداء بضم أوله وبفتح ثانية ممدودة وبضم ثانيه مقصورة اسم مالك عمان ووهم الجوهري فقصره مع فتح ثانيه انتهى وقوله (ملك عمان) بضم العين وتخفيف الميم على ما اختاره الحلبي وقال وفي نسخة عوض عمان غسان انتهى والظاهر أنه سهو أو تصحيف كما لا يخفى وذكر الدلجي أنه بفتح العين وتشديد الميم مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء وأما ما هو بالضم والتخفيف فصقع عند البحرين وحاصله أنه روى وسيمة في كتاب الردة عن ابن إسحاق في خَبَرِ الْجُلَنْدِيِّ مَلِكِ عَمَّانَ (لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام) أي مع سائر الأنام وهو يحتمل أن يكون بالكتابة او بالرسالة (قَالَ الْجُلَنْدِيُّ وَاللَّهِ لَقَدْ دَلَّنِي عَلَى هَذَا النّبيّ الأمّيّ) أي على صدق قضيته وثبوت حقيته (أنّه) أي كونه عليه الصلاة والسلام (لا يأمر بخير) أي أحدا (إلّا كان أوّل آخذ به) بصيغة الفاعل أي عامل له (ولا ينهى عن شيء) أي أحدا (إلّا كان أوّل تارك له) وفي نسخة عن شر بدل عن شيء وهي الملائم لمقابلة قوله بخير (وأنّه) أي عليه الصلاة والسلام (يغلب) بصيغة المعلوم أي على اعدائه (فلا يبطر) بفتح الطاء أي لا يطغى أو لا يفتخر عند احبائه (ويغلب) بصيغة المجهول (فلا يضجر) بفتح الجيم أي لا يجزع ولا يفزع بناء على قوله تعالى وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ولما في حكم ابن عطاء ما دمت في هذه الدار لا تستغرب وقوع الأكدار وكما قيل الحرب سجال ولقوله بعضهم:

ص: 530