المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته] - شرح الشفا - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأوّل

- ‌[المقدمة]

- ‌ترجمة القاضي عياض

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌القسم الأول [في تعظيم العلي الأعلى جل وعلا]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي ثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ [فِيمَا جَاءَ من ذلك مجيء المدح والثناء]

- ‌الفصل الثّاني [في وصفه تعالى بالشهادة وما تعلق به من الثناء والكرامة]

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ [فيما ورد من خطابه تعالى إياه مورد الملاطفة والمبرة]

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ [فِي قَسَمِهِ تَعَالَى بِعَظِيمِ قَدْرِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الفصل الخامس في قسمه

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في جهته عليه الصلاة والسلام مورد الشفقة والإكرام]

- ‌الفصل السّابع [فيما أخبره الله بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّامِنُ [فِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقَهُ بصلاته عليه وولايته له]

- ‌الْفَصْلُ التَّاسِعُ [فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ سُورَةُ الْفَتْحِ مِنْ كراماته عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْعَاشِرُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كتابه العزيز من كراماته عليه ومكانته عنده]

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي تَكْمِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ المحاسن خلقا وخلقا]

- ‌فصل [قال القاضي رحمه الله تعالى إذا كانت خصال الكمال والجلال]

- ‌فصل [إن قلت أكرمك الله تعالى لا خفاء على القطع بالجملة]

- ‌فصل [وأما نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُفُورُ عَقْلِهِ وَذَكَاءُ لُبِّهِ وَقُوَّةُ حَوَاسِّهِ وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله]

- ‌فصل [وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول]

- ‌فصل [وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه]

- ‌فصل [وأما تَدْعُو ضَرُورَةُ الْحَيَاةِ إِلَيْهِ مِمَّا فَصَّلْنَاهُ فَعَلَى ثلاثة ضروب الضرب الأول]

- ‌فصل [وأما الضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره]

- ‌فصل [وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف فيه الحالات]

- ‌فصل [وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [وأما أَصْلُ فُرُوعِهَا وَعُنْصُرُ يَنَابِيعِهَا وَنُقْطَةُ دَائِرَتِهَا فَالْعَقْلُ]

- ‌فصل [وأما الحلم]

- ‌فصل [وأما الجود]

- ‌فصل [وأما الشجاعة والنجدة]

- ‌فصل [وأما الحياء والإغضاء]

- ‌فصل [وأما حسن عشرته وآدابه]

- ‌فصل [وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق]

- ‌فصل [وأما خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء]

- ‌فصل [وأما تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما عدله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته]

- ‌فصل [وأما وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما زهده صلى الله تعالى عليه وسلم في الدنيا]

- ‌فصل [وأما خوفه صلى الله تعالى عليه وسلم من ربه عز وجل]

- ‌فصل [اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن صفات جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قد آتيناك أكرمك الله سبحانه من ذكر الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ ومشهورها بتعظيم قدره عند ربه عز وجل]

- ‌الفصل الأول [فِيمَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ مَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عز وجل]

- ‌فصل [في تفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم بما تضمنته كَرَامَةُ الْإِسْرَاءِ]

- ‌فصل [ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده]

- ‌فصل [إبطال حجج من قال أنها نوم]

- ‌فصل [وأما رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم لربه عز وجل]

- ‌فصل [في فوائد متفرقة]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَظَاهِرُ الآية من الدنو والقرب]

- ‌فصل [في ذكر تفضيله في القيامة بخصوص الكرامة]

- ‌فصل [في تفضيله بالمحبة والخلة]

- ‌فصل [في تفضيله بالشفاعة والمقام المحمود]

- ‌فصل [في تفضيله فِي الْجَنَّةِ بِالْوَسِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْكَوْثَرِ وَالْفَضِيلَةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ إِذَا تَقَرَّرَ مِنْ دَلِيلِ الْقُرْآنِ وصحيح الأثر]

- ‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

- ‌فصل [في تشريف الله تعالى له بما سماه به من أسمائه الحسنى]

- ‌فصل [قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وها أنا أذكر نكتة]

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَشَرَّفَهُ بِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ والكرامات]

- ‌فصل [اعلم أن الله عز وجل قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْمَعْرِفَةِ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ]

- ‌فصل [اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة]

- ‌فصل [في إعجاز القرآن العظيم الوجه الأول]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ الْعَجِيبِ والأسلوب الغريب]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْإِعْجَازِ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ من الأخبار]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الرَّابِعُ مَا أَنْبَأَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ القرون السالفة]

- ‌فصل [هَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ إِعْجَازِهِ بَيِّنَةٌ لَا نزاع فيها ولا مرية]

- ‌فصل [ومنها الروعة]

- ‌فصل [وَمِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْدُودَةِ كَوْنُهُ آيَةً بَاقِيَةً لا تعدم ما دامت الدنيا]

- ‌فصل [وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ في إعجازه وجوها كثيرة]

- ‌فصل [في انشقاق القمر وحبس الشمس]

- ‌فصل [في نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكثيره ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ تَفْجِيرُ الْمَاءِ ببركته وانبعاثه]

- ‌فصل [ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته]

- ‌فصل [في قصة حنين الجذع له صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [ومثل هذا وقع في سائر الجمادات بمسه ودعوته]

- ‌فصل [في الآيات في ضروب الحيوانات]

- ‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

- ‌فصل [في إبراء المرضى وذوي العاهات]

- ‌فصل [في إجابة دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في كراماته صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ]

- ‌فصل [في عصمة الله تعالى له صلى الله تعالى عليه وسلم من الناس وكفايته من آذاه]

- ‌فصل [ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله تعالى له من المعارف والعلوم]

- ‌فصل [ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وكراماته وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة]

- ‌فصل [وَمِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِ رِسَالَتِهِ مَا تَرَادَفَتْ]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ عِنْدَ مولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

حصول الذنب عمدا من أرباب النبوة بخلاف أصحاب الولاية ولذا لما سئل جنيد أيزني العارف أطرق مليا ثم قال وكان أمر الله قدرا مقدورا وبهذا يتبين أنه لا يوجد في النبي ما يكون سببا لسلب النبوة أو الإيمان والمعرفة بخلاف الولي فإنه قد يخرج عن مرتبة الولاية بارتكاب الكبيرة ويخاف عليه من سوء الخاتمة نسئل الله العافية ولعل هذا التفصيل يبين لك معنى قوله، (وإنّ) بكسر الهمزة وفتحها (تلك الأقدار) أي المقدرات جمع قدر محركة وتسكن (لم تحطّه عنها) بتشديد الطاء أي لم تنزله عن درجة النبوة (حبّة خردل) وهي حبة الرشاد (ولا أدنى) أي أقل منها بقدر ذرة بل أقول إنها كلها كانت أسباب زيادة مثوبة ورفعة درجة من حيث إنها نشأت عن الغضب في الله والهجرة في مرضاته إلا أن بعضها كان خلاف الأولى بالنسبة إلى المقام الأعلى فإن حسنات الأبرار سيئات الأحرار فعوتب في ذلك تنبيها لما هنالك؛ (وسنزيد في القسم الثّالث في هذا) أي المبحث (بيانا) أي شافيا كافيا (إن شاء الله تعالى) أي أراد كونه جامعا مانعا (فقد بان لك الغرض) بفتح الغين المعجمة والراء أي المقصود (وسقط بما حرّرناه شبهة المعترض) أي المردود، (وبالله التّوفيق) أي على طاعة المعبود (وهو المستعان) أي في كل مورود (لا إله إلّا هو) أي الواجب الوجود وصاحب الكرم والجود وهو نعم الإله ولا إله سواه.

‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

(في أسمائه عليه الصلاة والسلام وما تضمّنته من فضيلته) أي المشعرة بتفضيله على سائر الأنبياء الكرام اعلم أن ابن العربي المالكي في الأحوذي شرح الترمذي حكى عن بعضهم أن لله تعالى ألف اسم وللنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ألف اسم ثم ذكر منها على التفصيل نيفا وستين قال الحلبي وقد رأيت مجلدين في القاهرة مصنفا يقال له المستوفى في اسماء المصطفى لابن دحية الحافظ جمع فيه للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فوق الثلثمائة قلت وكان شيخ مشايخنا السيوطي اختصره في كراريس وسماها بالبهجة البهية في الاسماء النبوية واقتصر منها على التسعة والتسعين وفق عدد اسماء الله الحسنى الثابتة بالطرق المرضية إذ قد قال ابن فارس هي الفان وعشرون وفي الجملة كثرة الاسماء تدل على شرف المسمى المشعرة بكثرة النعوت والأوصاف (حدّثنا أبو عمران) بكسر أوله (موسى بن أبي تليد) بفتح فكسر (الفقيه) بالرفع (ثنا) أي حدثنا (أبو عمر الحافظ) أي ابن عبد البر، (ثنا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ) بفتح همزة وسكون مهملة وفتح موحدة فغين معجمة غير مصروف الإمام الحافظ محدث الأندلس سمع ابن قتيبة وابن أبي الدنيا وروى عنه حفيده قاسم بن محمد والحافظ الباجي وفي آخر عمره قطع الرواية خوفا من الغلط وانتهى إليه علو الإسناد والحفظ والجلالة وتوفي بقرطبة سنة أربعين وثلاثمائة (ثنا محمّد بن وضّاح) بتشديد الضاد المعجمة (ثنا يحيى) أي راوي الموطأ (ثنا مالك) أي الإمام (عن ابن شهاب) أي الزهري

ص: 489

(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أبيه) قال التلمساني لم يثبت في رواية يحيى هكذا وإنما أرسله ابن شهاب عن محمد بن جبير عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم قيل وارساله هو الصحيح عن مالك في الموطأ ووصله غيره عن مالك وغيره عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بن مطعم عن أبيه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم ورواه ابن بكر والقعنبي وابن القاسم وعبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس كيحيى ووصله معن بن عيسى وعبد الله بن نافع وأبو مصعب ومحمد بن المبارك الهروي ومحمد بن عبد الرحيم ورواه القعنبي عن مالك مرسلا وعن ابن عيينة مسندا والأكثر عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ ورواه حماد بن سلمة عن جعفر بن أبي وحشية عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه يعني جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل صحابي اسلم بعد الحديبية قال الحلبي هذا الحديث أخرجه القاضي من الموطأ كما ترى وهو في البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وإنما لم يخرجه من عند البخاري مثلا فإنه بين القاضي وبين مالك في هذا الحديث ستة أشخاص ولو أخرجه من طريق البخاري كان بينه وبين مالك في بعض الطرق ثمانية أشخاص فاجتمع له في رواية هذا الحديث علو لا يجتمع له إذا رواه من عند البخاري وكذا يجتمع له إذا أخرجه من بقية الكتب والله تعالى أعلم (قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لي خمسة أسماء) أي عظيمة أو شهيرة (أنا محمّد) اسم مفعول من التحميد مبالغة الحمد نقل من الوصفية إلى الاسمية سمي به رجاء أن يحمده الأولون والآخرون بالهام الله تعالى وكان كذلك في الدنيا والعقبى وعن ابن قتيبة أن من أعلام النبوة أنه لم يسم قبله أحد باسمه صيانة من الله تعالى لرسمه إذ قد سماه به في كتبه وبشر به الأنبياء قبله فلو تسمى به غيره وقع الاشتراك له وربما انتشرت دواعي النبوة ووقعت الشبهة وقامت الفتنة لكن لما قرب زمنه وبشر بقربه أهل الكتاب تسمى به قليلون لم يدع أحد منهم النبوة لئلا تقع الشبهة والله تعالى ولي العصمة، (وأنا أحمد) اسم تفضيل بمعنى الفاعل أو المفعول كما سيأتي بيانه من المنقول. (وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ) أي الكفر العام أو غلبته على دين الإسلام ولم يقل به ليعود ضمير الصلة إلى الموصول لأن قصده الإخبار عن نفسه مع أن ضميرها عبارة عنه فلم يبال بعوده إليه لا من اللبس لديه وقال التلمساني روي الكفر ومعناه يذهب أصله والتشرع به حتى يكون معتقدا ومذهبا وروي الكفرة جمع كافر فالتقدير دين الكفرة أو نفس الكفرة قتلا وسبيا وإجلاء (وأنا الحاشر) أي الجامع (الذي يحشر النّاس) بصيغة المجهول (على قدمي) بتخفيف الياء وكسر الميم على الإفراد أي على سابقتي كذا قيل وبتشديدها مع فتح الميم على التثنية قال النووي كذا ضبطوه بالوجهين أي على أثري وبعد ظهوري وقيامي في قبري بدليل حديث أنا أول من تنشق عنه الأرض كما ذكره البغوي في شرح السنة وبهذا المعنى يغاير قوله (وأنا العاقب) أي الآتي عقب الأنبياء ليس بعدي نبي ففي الصحاح العاقب يعني آخر الأنبياء وكل من خلف بعد شيء فهو عاقبة وبالجمع بينهما أشار إلى حديث نحن الأولون الآخرون وقيل

ص: 490

معنى على قدمي على أثري وزمان نبوتي وليس بعدي نبي بشهادة رواية وأنا الحاشر الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون غيره فيكون قوله وأنا العاقب كالتأكيد لما قبله. (وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مُحَمَّدًا) أي بقوله وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ومحمد رسول الله (وأحمد) أي بقوله حكاية عن عيسى وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (فمن خصائصه تعالى له) مصدر مضاف إلى فاعله أي فمما خصه الله سبحانه وتعالى به (أن ضمّن) بتشديد الميم أي تضمين الله سبحانه (أسماءه) أي من نحو أحمد ومحمد مع انهما أعلام له (ثناءه) أي ما يثنى به عليه (فطوى) بالفاء لا بالواو كما وقع في أصل الدلجي أي فأدخل (أثناء ذكره) أي خلال ذكر اسمه (عظيم شكره) كقوله وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، (فأمّا اسمه أحمد فأفعل) أي للتفضيل (مبالغة) أي لإفادته ثبوت زيادة الحمد وحذف متعلقه لإفادة الشمول وإلا فافعل ليس من صيغ المبالغة كالحماد لكن في المعنى أبلغ منه (من صفة الحمد) أي مأخوذ منه، (ومحمّد مفعّل مبالغة) أي للمبالغة (من كثرة الحمد) أي المحمودية المستفادة من مصدره الذي هو التحميد الموضوع باعتبار بنائه للتكثير والمبالغة في التكرير قال التلمساني وقد ضمن اسمه سورة الحمد انتهى وقد أشار إليه العارف الجامي حيث قال في ألم ألف لام الحمد ميم يعني بطريق التبديل على قواعد التعمية فيصير المعنى محمد وأن الإشارة به في ذلك إليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه الكتاب الجامع واللباب اللامع (فهو صلى الله تعالى عليه وسلم أجلّ من حمد) أي أعظمه بفتح فكسر (وأفضل من حمد) بضم فكسر أي أكرمه ففيه لف ونشر مرتب لمعنيي أحمد ومحمد وضبط في بعض النسخ بعكس ما ذكر فيكون لفا ونشرا مشوشا ولا يبعد أن يكون المعنيان مستفادين من احمد وحده لأن أفعل قد يبنى للفاعل وقد يبنى للمفعول ويراد بقوله (وأكثر النّاس حمدا) كون مصدره بمعنى المفعول وإن احتمل كونه للفاعل أيضا والحاصل أن صفة الحامدية والمحمودية فيه بلغت غاية الكمال ونهاية الجمال (فَهُوَ أَحْمَدُ الْمَحْمُودِينَ وَأَحْمَدُ الْحَامِدِينَ وَمَعَهُ لِوَاءُ الحمد يوم القيامة) أي المسمى بيوم الدين (ليتمّ له) بفتح ياء وكسر تاء وروي بصيغة المجهول (كمال الحمد ويتشهّر) من باب الافتعال وفي نسخة ويتشهر من باب التفعل أي وتظهر هيبته وتنتشر (في تلك العرصات) بفتح الراء جمع عرصة بسكون الراء وهو في الأصل كل موضع واسع لا بناء فيه من فناء الدار وساحتها وجمع للمبالغة كما في عرفات والمراد به مقامات يوم القيامة ومواقفها ولا يبعد أن يكون وجه الجمع هو أن كل عرصة مخصوصة بأمة (بصفة الحمد) أي العامة للخلق، (وَيَبْعَثَهُ رَبُّهُ هُنَاكَ مَقَامًا مَحْمُودًا كَمَا وَعَدَهُ) أي في كتابه بقوله عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (يحمده فيه الأوّلون والآخرون بشفاعته لهم) أي عامة وخاصة (ويفتح) أي الله تعالى (عليه فيه) أي في ذلك المقام (من المحامد) جمع محمدة بمعنى الحمد (كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم: ما لم يعط غيره) أي أحد من العالمين (وسمّى أمّته) أي وصفهم (في كتاب أنبيائه بالحمّادين) كما في حديث

ص: 491

الدارمي عن كعب يحكي عن التوراة قال نجد مكتوبا فيها محمد رسول الله عبدي المختار لا فظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وأمته الحمادون يحمدون الله تعالى في السراء والضراء يحمدون الله في كل منزل ويكبرونه على كل شرف رعاة للشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها يتأزرون على أنصافهم ويتوضأون على أطرافهم مناديهم ينادي في جو السماء صفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء لهم بالليل دوي كدوي النحل (فحقيق) أي وإذا اختص بما منحه الحق من مناقب حميدة ومراتب محمودة فجدير (أن يسمّى محمّدا وأحمد) أي لأكثرية حامديته وأظهرية محموديته (ثمّ في هذين الاسمين) أي العظيمين الوسيمين (من عجائب خصائصه) أي غرائب خصوصياته، (وبدائع آياته) أي الدالة على كمال صفاته (فنّ آخر) أي نوع آخر من أنواع كراماته (وهو أنّ الله جلّ اسمه حمى) أي حفظ اسمي حبيبه ومنع بالقدرة (أن يسمّى بهما أحد قبل زمانه) أي لئلا يشاركه أحد في علو شأنه كما يشير إليه قوله تعالى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (أمّا أحمد الذي أتى في الكتب) أي من نحو الإنجيل (وبشّرت به الأنبياء) كموسى وعيسى عليهما السلام (فمنع الله تعالى بحكمته) أي وبإرادته وقدرته (أن يسمّى) وفي نسخة يتسمى (به أحد غيره) أي على جهة العلمية (ولا يدعى به مدعوّ قبله) أي على نسبة الوصفية (حتّى لا يدخل لبس) بفتح اللام أي التباس واشتباه صوري (على ضعيف القلب) أي ممن ينظر إلى مجرد الاسم ولم يتفكر في حقيقة مسماه (أو شكّ) أي تصوري في معدن النبوة ومنبع الرسالة فيستوي عنده الإسمان مع أن مسمياهما لا تستويان كما وقع لبعض أرباب العقول الخالية من المعقول والمنقول من التسوية بين اله العالمين وبين الإله المنحوت من الحجر والطين ولهذا قال الله تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ قال الانطاكي وهذا الذي ذكره المؤلف هو الصواب ونقل الحافظ أبو حفص الأنصاري عن القشيري قولا في تسمية الخضر بأحمد ثم قال وقد وهاه ابن دحية والله تعالى أعلم (وكذلك) أي وكاسمه أحمد (محمّد أيضا) أي حمى (لم يسمّ) وفي نسخة لم يتسم (بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَا غَيْرُهُمْ إِلَى أن شاع) أي بإخبار الرهبان وغيرهم (قبيل وجوده عليه الصلاة والسلام وميلاده) أي قبيل زمان ولادته (أن نبيّا) أي عظيم الشأن في آخر الزمان (يبعث) أي يرسل (اسمه محمّد فسمّى قوم) أي جمع (قَلِيلٌ مِنَ الْعَرَبِ أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يكون أحدهم هو) أي إياه يعني النبي المبعوث، (والله أعلم حيث يجعل رسالته) وفي قراءة رسالاته (وهم) أي المسمون بمحمد قبل ميلاده (محمّد بن أحيحة) بضم همزة وفتح حاءين مهملتين بينهما تحتية ساكنة (ابن الجلاح) بجيم مضمومة وتخفيف اللام في آخره مهملة وعده من الصحابة ابن عبد البر وأبو موسى (الأوسيّ) بفتح الهمزة نسبة إلى قبيلة من الأنصار، (ومحمّد بن مسلمة) بفتح فسكون ففتح (الأنصاريّ) أحد بني حارثة شهد بدر أو غيرهما ومات بالمدينة وفي عده منهم نظر ذكره الشمني وغيره. (ومحمّد بن بدّاء) بفتح

ص: 492

موحدة وتشديد دال مهملة بعدها ألف ممدودة وفي نسخة صحيحة بباء موحدة فراء ممدودة وعده من الصحابة أبو موسى (البكريّ) بفتح فسكون (ومحمّد بن سفيان بن مجاشع) بضم الميم وكسر الشين المعجمة واختلف في صحبته على ما قاله أبو نعيم وأبو موسى قال التلمساني والصحيح أنه لم يسلم. (ومحمّد بن عمران) بكسر العين وسكون الميم وفي نسخة حمران بضم الحاء من الحمرة واقتصر عليه التلمساني (الجعفيّ) بضم الجيم (ومحمّد بن خزاعي) بضم الحاء وبالزاي المعجمة (السّلميّ) بضم ففتح (لا سابع لهم) وزاد بعضهم على المصنف اسماء أخر لا فائدة في ذكرها. (ويقال أوّل) وفي نسخة أن أول (من سمّي) بصيغة المجهول وفي نسخة تسمى (محمّدا محمّد بن سفيان) أي ابن مجاشع التميمي، (واليمن، تقول) أي وأهل اليمن يقولون (بل) وفي نسخة محمد بن سفيان باليمن ويقولون بل (محمّد بن اليحمد) أي هو المسمى به أولا واليحمد بضم الياء وسكون الحاء وكسر الميم على ما ضبطه المحققون كالنووي وغيره وفي نسخة بفتح الياء وضم الميم وفي أخرى بالفتح والكسر وفي القاموس يحمد كيمنع وكيعلم قال التلمساني وروي الحمد مصدر حمد (من الأزد) بالفتح الهمزة وسكون الزاي قبيلة عظيمة في اليمن فيكون هو السابع على ما هو الشائع (ثُمَّ حَمَى اللَّهُ كُلَّ مَنْ تَسَمَّى بِهِ أن يدّعي النّبوّة) أي بنفسه (أو يدّعيها أحد له) أي ويتبعه (أو يظهر عليه سبب) أي من خرق العادات (يشكّك) بكسر الكاف الأولى أي يوقع في الشك (أحدا) أي من أهل زمانه (في أمره) أي شأنه (حتّى تحقّقت السّمتان) بكسر السين وفتح الميم أي العلامتان الدالتان على المحمدية والأحمدية (له صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي بعض النسخ السيمتان بياء بعد السين والصواب الأول هذا وتحققت بصيغة الفاعل على ما هو المتبادر وضبطه الأنطاكي بضم التاء والحاء على بناء المجهول وهو خلاف الظاهر (ولم ينازع) بفتح الزاي أي يعارضه أحد (فيهما) أي في النعتين الموسومين، (وأمّا قوله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بي الكفر) أي يزيله ربي بسببي (ففسّر) بصيغة المجهول أي فبين (في الحديث) أي نفسه من غير احتياج إلى تفسير غيره غايته أن محوه مجمل محتمل كما بينه بقوله (ويكون محو الكفر) أي ذهاب أثره، (إمّا من مكّة وبلاد العرب) أي أيام حياته (وما زوي) بضم الزاي وكسر الواو أي قبض وجمع (له من الأرض) كما ورد أن الله زوي لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها (ووعد) بصيغة المجهول (أنّه يبلغه ملك أمّته) أي بعد مماته فعلى هذا يكون المحو خاصا (أو يكون) حقه أن يقول ويما أن يكون (المحو عامّا بمعنى الظّهور والغلبة) أي في الحجة على كل دين وملة في جميع الأمكنة والأزمنة (كما قال تعالى: لِيُظْهِرَهُ) أي ليغلبه ويعليه والضمير إلى دين الحق أو إلى الرسول المطلق (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [التوبة: 33] ) أي على الأديان جميعها بمحو أدلتها وبرهانها وظهور بطلانها وإبطال سلطانها (وقد ورد تفسيره في الحديث) أي على ما رواه البيهقي وأبو نعيم (أَنَّهُ الَّذِي مُحِيَتْ بِهِ سَيِّئَاتُ مَنِ اتَّبَعَهُ) قال

ص: 493

الدلجي لقوله تَعَالَى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وفيه أن هذا حكم عام غير مختص به عليه الصلاة والسلام فالأولى أن تحمل السيئات على الصغائر والاتباع على معظم الحسنات واجتناب الكبائر بشهادة قوله تعالى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وقوله تعالى فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ولا يبعد أن تكون هذه الخصلة من خصائص هذه الملة. (وَقَوْلُهُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قدمي) قد سبق تحقيق مبناه وتدقيق معناه إلا أنه زاد الموصول هنا ثم لم يقل على قدمه لأن قصده الإخبار عن نفسه كما في قول علي أنا الذي سمتني أمي حيدره واعاده هنا أيضا ليفسره بقوله (أي على زماني وعهدي) فالمراد بالناس الخلق الآتون بعده كما بينه بقوله (أي ليس بعدي نبيّ) أي يكون على عهده وفيه إيماء إلى أن عيسى عليه السلام بعد نزوله يكون تابعا له في دينه وحاكما على وفق قوله كما قال الله تعالى (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: 40] ) بكسر التاء وفتحها (وسمّي عاقبا لأنّه عقب) بفتح القاف أي خلف (غيره من الأنبياء) وجاء بعدهم لتكميل الخير وزيد في بعض النسخ المصححة هنا (وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ. وَقِيلَ مَعْنَى عَلَى قَدَمِي أَيْ يُحْشَرُ النّاس بمشاهدتي) أي بمشهد مني ومحضر عندي (كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي شاهدين لهم أو شاهدين عليهم (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: 143] ) أي شاهدا ومطلعا أو مزكيا ومثنيا الذي قررنا دفع قول الدلجي وهذا مخالف لظاهر الآية المفاد فيها بالتعدية بعلى ولو كانت كما زعم لكانت باللام على أن على قد تأتي بمعنى اللام في الكلام كقوله تعالى لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وزيد في بعض النسخ هنا (وقيل على قدمي) أي معناه (على سابقتي) أي سبق قدمي وتقدم قيامي من قبري وتحقق تقدمي في مقامي (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ [يونس: 2] ) أي مراتب تقدم مترتب على تفاوت صدق لهم في حالهم عند ربهم ووقوعهم على قدر مقامهم (وَقِيلَ عَلَى قَدَمِي أَيْ قُدَّامِي وَحَوْلِي أَيْ يجتمعون إلى يوم القيامة) يعني ويلجأون إلي في طلب الشفاعة (وقيل قدمي على سنّتي) أي على قدر متابعتي ومقدار طاعتي في الدنيا ليكون لهم القرب والمنزلة في العقبى وفي نسخة وقيل قدمي سنتي (ومعنى قوله لي خمسة أسماء) أي مع أن له اسماء كثيرة (قيل إنّها موجودة) أي الخمسة جميعها مذكورة ومسطورة (في الكتب المتقدّمة) أي بأجمعها (وعند أولي العلم) أي ومشهورة عند العلماء من الأنبياء والأصفياء (من الأمم السّالفة) أي الماضية فهذا وجه تخصيصها؛ (والله أعلم) أي بما أراد نبيه بها (وقد روي) أي كما في الدلائل لأبي نعيم وفي تفسير ابن مردويه من طريق أبي يحيى التيمي وهو وضاع عن سيف بن وهب وهو ضعيف عن أبي الطفيل (عنه صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي نسخة عليه الصلاة والسلام (لي عشرة أسماء) الجمهور على أن مفهوم العدد ليس بحجة فلا معارضة بينه وبين ما سبق من حديث لي خمسة اسماء (وذكر منها) أي من جملة العشرة (طه ويس؛ حكاه مكّيّ) أي كما سبق

ص: 494

وأعاده هنا لبيان مبناه وتبيان معناه (وقد قيل في بعض تفاسير طه. إِنَّهُ يَا طَاهِرُ يَا هَادِي، وَفِي يس يا سيّد) إيماء بذكر الحروف الواقعة في اوائل المسميات إلى تلك الصفات غايته أنه مع تصريح ياء النداء في يس وتقديره في طه، (حكاه) أي هذا التأويل (السّلميّ) بضم ففتح وهو أبو عبد الرحمن بن عبد الخبير صاحب تفسير الحقائق (عن الواسطي) وهو الإمام الجليل الصوفي محمد بن موسى (وجعفر بن محمّد) أي وعنه أيضا وهو الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر أحد أكابر أئمة أهل بيت النبوة؛ (وذكر غيره) أي غير أبي محمد مكي (لي عشرة أسماء، فذكر) أي ذلك الغير (الخمسة) أي الاسماء (التي في الحديث الأوّل) وهي محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب، (قال) أي ذلك الغير في بيان الخمسة الأخر (وأنا رسول الرّحمة) الخ وأما تفسير الدلجي قال كما رواه ابن سعد عن مجاهد مرسلا فهو وإن كان يناسب المقام إلا أنه ينافي المرام هذا وقد جاء أنا رحمة مهداة وقال الله تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (ورسول الرّاحة) أي لما يترتب على الرحمة الراحة في الدنيا والآخرة والأظهر أن المراد بالراحة نفي الكلفة ورفع المشقة عن هذه الأمة لقوله تعالى وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ولقوله وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ولقوله عليه الصلاة والسلام عليكم بدين العجائز (ورسول الملاحم) بفتح الميم وكسر الحاء المهملة جمع ملحمة وهو الحرب الشديد وأصلها معركة القتال وهي موضعه ولفظ مجاهد فيما رواه ابن سعد عنه مرسلا أنا رسول الرحمة أنا رسول الملحمة وأضيف إليها لحرصه على المجاهدة المأمور بها ومن ثمه قال علي كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يكن أحد منا إلى العدو أقرب منه ثم لا تعارض بين كونه رسول الرحمة ورسول الملحمة إذ هو سلم لأوليائه وحرب لاعدائه كالنيل ماء للمحبوبين ودماء للمحجوبين وكالقرآن شفاء ورحمة للمؤمنين وداء ونقمة للمتكبرين وقد قال الله تعالى في حقه بَشِيراً وَنَذِيراً أي للمطيعين والعاصين ولعل رحمته كانت غالبة تخلقا باخلاق ربه حيث قال في الحديث القدسي والكلام الأنسي سبقت رحمتي غضبي كما يشير إليه تقديم البشير في مقام العموم وهو لا ينافي تقديم الأنذار حال خطاب الكفار المفيد في ذلك المحل تقديم التخويف فتأمل قال التلمساني وروي أن قوما من العرب قالوا يا رسول الله أفنانا الله تعالى بالسيف فقال ذاك أنقى لآخركم فهذا معنى الرحمة المبعوث بها صلى الله تعالى عليه وسلم اعلم (وأنا المقفيّ) بصيغة الفاعل من باب الافتعال وفي نسخة المقفي بضم ففتح فتشديد فاء مكسورة بضيغة الفاعل كما صرح به شمر وهو أنسب بقوله (قفّيت) بتشديد الفاء وفي نسخة بتخفيفها وفي نسخة قفوت (النّبيّين) أي جئت بعدهم واتبعت هديهم او أريد به المولى الذاهب والمعنى أنه آخر النبيين فإذا قفى فلا نبي بعده وأما قول الدلجي قال الله تعالى ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا فيوهم أن الوصف بصيغة المفعول وليس كذلك (وأنا قيّم) بتشديد الياء المكسور، (والقيّم الجامع) أي للخير

ص: 495

(الكامل) أي للفضائل والفواضل في تحسين الشمائل (كذا وجدته) أي بخط بعض العلماء أو في تصنيف بعض العلماء (ولم أروه) أي عن أحد من أئمة الحديث في طريق الأنبياء لكن رواه الديلمي في فردوسه ولم يسنده في مسند الفردوس وفي النهاية حديث أتاني ملك فقال أنت قيم وخلقك قيم أي حسن مستقيم (وأرى) بفتح الهمزة والراء أي أذهب أو بضم الهمزة وفتح الراء أي وأظن (أنّ صوابه قثم بالثّاء) أي المثلثة المفتوحة بعد القاف المضمومة وهو غير مصروف لأنه معدول عن قائم وهو المعطي (كما ذكرناه بعد) أي كما سيأتي ذكره بعد ذلك (عن الحربيّ) أي منقولا عنه بلفظ قثم بالمثلثة وهو المأخوذ من القثم بمعنى الجمع كما أشار إليه بقوله (وهو أشبه) أي من حيث اللفظ (بالتّفسير) أي الذي سبق قريبا من قوله الجامع الكامل واستحسن كلامه الحلبي ولا يبعد أن تكون الروايتان ثابتتين وكون إحديهما أشبه بالتفسير لا يفيد صوابها وتصحيف غيرها مع أنه قد يكون التفسير حاصل المعنى لا أصل المبنى على أن قوام الشيء واستقامته لا يكون إلا بكماله وجامعيته في حد ذاته ويؤيد ما قررنا ويقوى ما حررنا قوله (وقد وقع أيضا) أي القيم بالتحتية (في كتب الأنبياء) أي الماضية ومنها رواية المصنف (قَالَ دَاوُدُ عليه السلام اللَّهُمَّ ابْعَثْ لَنَا محمّدا مقيم السّنّة) أي مقومها بطريق الوفرة (بعد الفترة) أي الفتور في الطاعة (فقد يكون القيّم بمعناه) أي بمعنى المقيم الوارد بمعنى المقوم كما فسر الدعاء الوارد اللهم أنت قيم السموات بمعنى مقومها ومقيمها ومديمها وقد أبعد الدلجي في تقييد قوله معناه بالمثلثة، (وروى النّقّاش عنه عليه الصلاة والسلام لي في القرآن) أي مذكور ومسطور (سبعة أسماء محمّد) وهو قوله تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ (وأحمد) وهو قول عيسى عليه السلام يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (وطه ويس) وفي نسخة تقديم وتأخير بينهما وسبق بيانهما (والمدّثّر، والمزّمّل) أي في أوائل سورهما (وعبد الله) كما في قوله سبحانه وتعالى وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ ولعله اقتصر عليها لشهرتها وإلا فله فيه اسماء كثيرة كالنبي والرسول والخاتم والحريص والعزيز والرؤوف والرحيم وأمثال ذلك مما يدل على صفات له هنالك. (وفي حديث) أي ثابت (عن جبير) بالتصغير (ابن مطعم) بضم ميم وكسر عين رضي الله عنه هي) أي اسمائي (ستّ) الظاهر ستة ولعل وجه التّذكير تأنيث الضمير (محمّد، وأحمد وخاتم) بكسر التاء وفتحها (وعاقب وحاشر وماح) اسم فاعل من المحو وقد سبق معانيها في ضمن مبانيها؛ (وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه) كما رواه مسلم (أنّه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يسمّي لنا نفسه أسماء) أي متعددة (فيقول: «أنا محمّد وأحمد والمقفّي) بكسر الفاء المشددة أي الذاهب المولى فمعناه آخر الأنبياء والمتبع لهم كالقفا فكل شيء يتبع شيئا فقد قفاه (والحاشر) أي الجامع للحشر والباعث للنشر (ونبيّ التّوبة) أي من حيث إنه يتوب على يده جمع كثير من أهل دينه أو لأن توبة هذه الأمة حاصلة بمجرد الندامة وما يتبعها من العلامة بخلاف توبة الأمم السالفة فإنها كانت بارتكاب الأمور الشاقة أو أنه كثير

ص: 496

التوبة بالرجعة والأوبة لحديث البخاري إني لأستغفر الله تعالى في اليوم مائة مرة أو لأن باب التوبة ينغلق في آخر هذه الملة، (ونبيّ الملحمة) بفتح الميم والحاء القتال العظيم وهو كقوله بعثت للسيف. (ونبي الرحمة ويروى المرحمة والرّاحة) روايات أربع (وكلّ) أي من الألفاظ المذكورة (صحيح إن شاء الله تعالى) أي كما سيأتي وجوهها مسطورة (ومعنى المقفّي معنى العاقب) وقد سبق بيانه وقيل المتبع للنبي (وأمّا نبيّ الرّحمة والتّوبة والمرحمة والرّاحة فقد قال الله تَعَالَى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الْأَنْبِيَاءِ: 107] ) يعني والرحمة مرادفة للمرحمة ومتضمنة للراحة ومتسببة عن التوبة (وكما وصفه) أي سبحانه وتعالى (بأنّه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بكونه منعوتا بالرحمة الموجبة للراحة والباعثة على التوبة المقتضية للمرحمة (يزكّيهم) أي يطهر أمته عن دنس المعصية (ويعلّمهم الكتاب والحكمة) أي السنة وكلها أسباب الرحمة وبواعث التوبة (ويهديهم إلى صراط مستقيم) أي ويدلهم على دين قويم. (وبالمؤمنين رؤوف رحيم) أي وعلى العاصين كافة كريم حليم (وقد قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام (في صفة أمّته إنّها أمّة مرحومة) أي مغفور لها متاب علينا كما رواه الحاكم في الكنى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بسند ضعيف ورواه أبو داود والطبراني والحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عقاب في الآخرة إنما عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل والبلايا (وقد قال تعالى فيهم) أي في حقهم أصالة وفي حق غيرهم تبعا حيث نزل فِيهِمْ: (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [الْبَلَدِ: 17] ) أَيْ بموجبات الرحمة أو بها كافة على البرية (أَيْ يَرْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَبَعَثَهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم ربّه تعالى) أي على وجه الإكرام (رحمة لأمّته) أي خاصة (ورحمة للعالمين) أي عامة إذ هو رحمة للكفار من عذاب الاستئصال في هذه الدار (ورحيما بهم) أي بخصوصهم وعمومهم بحسب استحقاقهم (ومترحّما) أي متكلفا لإظهار الرحمة أو مبالغا في استنزال المرحمة (ومستغفرا لهم) أي طالبا المغفرة لذنوب أمة الإجابة وتوفيق الإيمان لأمة الدعوة (وجعل) أي الله سبحانه وتعالى (أمّته أمّة مرحومة) أي لكونه نبي الرحمة (ووصفها بالرّحمة) أي بكونها راحمة كما قال الله تعالى رُحَماءُ بَيْنَهُمْ لكونه نبي الرحمة فهم جامعون بين الراحمية والمرحومية كما يشير إليه قوله (وأمرها بالتّراحم) أي بأن يترحم بعضهم على بعض (وأثنى عليه) أي ومدح التراحم وبالغ فيه ليكون سببا لرحمته سبحانه وتعالى عليهم وفي نسخة وأثنى عليها أي على صفة الرحمة (فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) كما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد إلا أنه بلفظ يرحم بدل يحب (وقال) أي في حديث آخر رواه أبو داود والترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يرحمكم) بالجزم والرفع (من في السّماء) أي من الملأ الأعلى أو من في السماء ملكه وعرشه أو من هو معبود في السماء زاد الترمذي والرحمة شجنة من الرحمن أو قطعة مأخوذة من صفة الرحمن

ص: 497

من وصلها وصله الله تعالى ومن قطعها قطعه الله تعالى وهو حديث مسلسل بالأولية لبعض أرباب الرواية لكن أسانيده غير صحيحة عند أصحاب الدراية لانقطاع التسلسل من عمرو بن دينار عن أبي قابوس عن مولاه ابن عمرو، (وأمّا رواية نبيّ الملحمة) على ما أخرجه ابن سعد عن مجاهد (فَإِشَارَةٌ إِلَى مَا بُعِثَ بِهِ مِنَ الْقِتَالِ والسّيف) أي وضرب السيف بعد انقطاع المقال وثبوت الحجة ووضوح المحجة حال الجدال بسببه (صلى الله تعالى عليه وسلم وهي) أي هذه الرواية او الإشارة (صحيحة) وعلى تصحيح المدعي صريحة قال تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (وروى حذيفة مثل حديث أبي موسى) كما رواه أحمد والترمذي في الشمائل، (وفيه) أي وفي حديث حذيفة (ونبيّ الرَّحْمَةِ وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ وَنَبِيُّ الْمَلَاحِمِ وَرَوَى الْحَرْبِيُّ) أي كأبي نعيم في الدلائل عن يونس بن ميسرة (في حديثه عليه الصلاة والسلام أنّه قال أتاني ملك فقال) أي لي كما في نسخة (أنت قثم) بالمثلثة (أي مجتمع) يعني لأنواع العطاء فإن القثم هو الإعطاء (قال) أي الحربي (والقثوم) بفتح القاف (الجامع للخير) يروي والقثم ويؤيده قوله (وهذا) أي قثم (اسم هو في أهل بيته عليه الصلاة والسلام معلوم) ، أي عند أهله وهو قثم بن العباس وقثم عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أيضا هذا وقال التلمساني والجامع إما للخير أو ما افترق في غيره أو جمع الله به شمل الأمة وكان قد افترق الملة ثم قال وقثم عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو شقيق الحارث بن عبد المطلب وبه سميت محلة بسمرقند لأنه دفن فيها انتهى والصحيح أن قثم عمه مات صغيرا وأن المحلة التي بسمرقند دفن فيها قثم بن العباس على ما ذكره المغرب ونقله الأنطاكي (وقد جاءت من ألقابه عليه الصلاة والسلام وهي الصفات الغالبة عليه (وسماته) بكسر أوله جمع سمة وهي العلامة (في القرآن) أي نعوته المعلمة المعلومة فيه مما نسب إليه (عدّة كثيرة) أي جملة معدودة مبنية لديه (سوى ما ذكرناه) أي ومعناه قررناه (كالنّور) أي في قوله تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ (والسّراج المنير) أي في قوله تعالى وَسِراجاً مُنِيراً، (والمنذر) أي في قوله تعالى وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ ولِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (والنّذير والمبشّر) أي في قوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (والبشير) قال تعالى فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ (والشّاهد) كما سبق لقوله تعالى وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (والشّهيد) قال تعالى وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً. (والحقّ المبين) لقوله تعالى قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وهو أولى من قول الدلجي لما في حديث البخاري اللهم أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن وفيه ومحمد حق إذ فيه أن هذا ليس في القرآن والكلام في اسماء مذكورة فيه مع أنه خبر عنه لا وصف له كما في بقية الحديث والجنة حق والنار حق إلا أن حق المصنف كان أن يقول والمبين بالعطف للإشارة إلى أنهما وصفان مستقلان وللإشعار إلى قوله تعالى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فإن وصفه عليه الصلاة والسلام بمجموع الحق المبين غير معروف لا في الكتاب ولا في السنة ولعله ذكرهما

ص: 498

بحذف العاطف (وخاتم النّبيّين) كما قال تعالى وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وهو بفتح التاء على الاسم آي آخرهم وبالكسر على الفاعل لأنه ختم النبيين فهو خاتمهم ذكر الأنطاكي والتحقيق أن المراد بالفتح ما يختم به من الطابع فقوله أي آخرهم حاصل المعنى لأجل المعنى لأجل المبني، (والرّؤوف الرّحيم) جمع بينهما من غير عاطف كما جاء في الآية بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ والرأفة شدة الرحمة فأخر لمراعاة الفاصلة أو للتعميم والتتميم (والأمين) لقوله تعالى عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ على أحد القولين في تفسيره ولحديث إني لأمين في الأرض أمين في السماء وكان قبل البعثة يسمى أمينا، (وقدم الصّدق) أي من حيث إنه أوحي إليه أن يبشر الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ ربهم فهو أولى بهذا الوصف من غيره وكان حق المصنف أن يأتي به منكرا على طبق وروده وقيل سمى قدم صدق لأنه يشفع لهم عند ربهم (ورحمة للعالمين) لقوله تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (ونعمة الله) أي أنعم به على من آمن به في الدارين ذكره الدلجي والأولى أن يقال لقوله تعالى وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ كما قاله المفسرون (والعروة الوثقى) أي من حيث أن من آمن به فقد تمسك من الدين بعقد وثيق لا تحله شبهة ذكر الدلجي والأظهر لقوله تعالى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى أي بعهد المصطفى وذمة المجتبى قال الأنطاكي قيل إنه محمد عليه الصلاة والسلام وقيل هو الإسلام (والصّراط المستقيم) أي من حيث هداية من آمن به إليه ودلالته عليه كذا ذكره الدلجي ولعله مأخوذ من قوله تعالى يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي إلى نبي كريم ودليل قويم قال الأنطاكي قوله الصراط المستقيم قيل هو رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل هو طريقه عليه الصلاة والسلام وقيل هو طريق الجنة وقيل طريق أهل السنة والجماعة وقيل هو الإسلام وقيل هو القرآن انتهى والكل متقارب البيان في معرض البرهان وزيد في نسخة هنا طه ويس وهي غير صحيحة لقول المصنف سوى ما ذكرناه وقد ذكرا فيما قدمناه وحررناه، (والنّجم الثّاقب) أي المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه بظهوره وهو مأخوذ من قَوْلِهِ تَعَالَى وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ولعل في إيراده إيماء إلى أنه مشبه به (والكريم) قال تعالى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (والنّبيّ الأمّيّ) أي الذي لا يقرأ ولا يكتب قال تعالى فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ (وداعي الله) لقوله تعالى وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ولقوله سبحانه وتعالى وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وكان الأظهر أن يقال والداعي إلى الله ثم رأيت قوله تعالى أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ قال البغوي يعني محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم (في أوصاف كثيرة) أي مع صفات أخر كثيرة (وسمات جليلة) أي نعوت عظيمة شهيرة (وجرى منها) أي من اسمائه (في كتب الله المتقدّمة) كالتوراة والزبور والإنجيل (وكتب أنبيائه) أي الماضية من الصحف الوافية (وأحاديث رسوله) أي

ص: 499

الثابتة (وإطلاق الأمّة) أي من العلماء والأئمة (جملة شافية) فاعل جرى جملة من الاسماء والصفات شافية في حصول المهمات (كتسميته بالمصطفى) وهو وإن شاركه سائر الرسل حيث قال الله تعالى الله يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ الآية إلا أنه هو الفرد الأكمل من هذا الجنس أفضل وكذا قوله، (والمجتبى) من قوله تعالى اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ، (وأبي القاسم) وهو كنيته بولده القاسم، (والحبيب) لما سبق من حديث إلا وأنا حبيب الله (ورسول ربّ العالمين) فإنه أولى من يطلق عليه من بين المرسلين (والشّفيع المشفّع) أي المقبول شفاعته التي تعم أمته وسائر أهل محبته (والمتّقي) اسم فاعل من الاتقاء وأصله الموتقى من الوقاية وهو من يقي نفسه مما يوجب العذاب ومما يقتضي الحجاب، (والمصلح) أي لما أفسده غيره من أمر الدين ففي التوراة وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ العوجاء أي ملة إبراهيم وسميت عوجاء لتغيير العرب إياها. (والطّاهر) أي بحسب الباطن والظاهر (والمهيمن) أي المبالغ في المراقبة لأحوال الأمة. (والصّادق) أي قولا ووعدا وفعلا (والمصدوق) أي من يأتيه الصدق من عند ربه شهادة في حق أمره (والهادي) أي للخلق إلى الحق (وسيّد ولد آدم) من المبدأ والمختم عموما (وسيّد المرسلين) أي خصوصا (وإمام المتّقين) أي من الأولياء الصالحين والعلماء العاملين (وقائد الغرّ) بضم الغين وتشديد الراء أي بيض الوجوه من آثار أنوار الوضوء إطلاقا لاسم الجزء على الكل إذ الغرة بياض في جبهة الفرس قدر الدرهم (المحجّلين) بتشديد الجيم المفتوحة أي المبيضين أيديا وأرجلا من أنوار الطهارة وآثار العبادة يوم القيامة وفيه إشارة إلى ما استدل به الأئمة على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وقيل لا وإنما المختص الغرة والتحجيل لحديث هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي وأجيب بضعفه وعلى فرض صحته احتمل أن يكون الأنبياء اختصوا بالوضوء دون أممهم. (وخليل الرّحمن) لحديث مسلم وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا يعني نفسه (وصاحب الحوض المورود) أي يوم القيامة وقد ورد فيه أحاديث صحيحة وفي بيان اختصاصه صريحة (والشّفاعة) أي العظمى (والمقام المحمود) عطف تفسير أو مغاير إن أريد بالشفاعة جنسها الشامل لجميع أنواعها (وصاحب الوسيلة) لحديث مسلم سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله وأرجوان أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حلت عليه الشفاعة (والفضيلة) أي المرتبة على مرتبة الوسيلة لحديث الشيخين مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حلت له شفاعتي يوم القيامة وفي رواية النسائي وابن حبان والبيهقي المقام المحمود، (والدّرجة الرّفيعة) أي العالية، (وصاحب التّاج) أي الخاص به في الجنة يلبس فيها ليمتاز به عن أهلها فقد روى أبو داود عن سهل بن معاذ عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من قرا القرآن وعمل بما فيه البس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا

ص: 500

لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا الحديث فما ظنكم بالذي جاء به ونزل عليه وهو سيد الأولين والآخرين وما أبعد الدلجي وغيره حيث فسروا التاج بالعمامة وقالوا كانت إذا ذاك خاصة بالعرب فهي تيجانهم ومن ثم قيل ألعمائم تيجان العرب انتهى وتعبيره بقيل غير مرضى إذ ورد في حديث رواه الديلمي في مسند الفردوس عن علي وابن عباس مرفوعا (والمعراج) أي وصاحبه الخاص به (واللّواء) لحديث آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة، (والقضيب) أي السيف فعيل بمعنى الفاعل من قضب إذا قطع وقيل العصا فهو فعيل بمعنى المفعول لأنه مقطوع من الشجر، (وراكب البراق) أي في ليلة الإسراء. (والنّاقة) أي وراكبها في حجة الوداع وغيرها (والنّجيب) عطف تفسير للناقة فإنه عرفا يطلق على الخفيف السريع من الإبل ولعله زيد لمراعاة السجع في مقابلة القضيب، (وصاحب الحجّة) أي القاطعة (والسّلطان) أي السلطنة الغالبة والدولة القاهرة (والخاتم) أي وصاحب الخاتم بفتح التاء وهو بخاتم النبوة أقرب وبكسرها وهو بملبوس اليد أنسب وأما قول الدلجي لأن الله تعالى ختم به أنبياءه بشهادة وخاتم النبيين أي آخرهم فليس في محله إذ يأباه إضافة الصاحب إليه (والعلامة) أي وصاحب العلامة الدالة على نبوته وإدامته وكم من علامة ظاهرة على رسالته وكرامته (والبرهان) أي صاحب البرهان الظاهر والتبيان الباهر، (وصاحب الهراوة) بكسر الهاء أي العصا وهو القضيب قاله سطيح وأراد به نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم إذ كان كثيرا ما تحمل بين يديه ويمسكها ويمشي بها وتغرز له فيصلي إليها وقد أفردت رسالة لها وقال الهروي الهراوة هي العصا الضخمة وتبعه الجوهري (والنّعلين) أي وصاحبهما إذ كان يمشي بهما وأما ما قيل يا خير من يمشي بنعل فرد أي طاق واحدة لم تخصف مع غيرها على عادة عرب البادية وهم يمدحون رقته ويجعلونه من لباس الملك ونعمته؛ (ومن أسمائه في الكتب) أي من التوراة وغيرها، (المتوكّل) أي على ربه دون غيره في جميع أمره، (والمختار) أي من بين البرية (ومقيم السّنّة) كما ورد عن داود عليه السلام اللهم ابعث مقيم السنة أي مظهر الملة (والمقدّس) أي المنزه عن المنقصة (وروح القدس) بضم الدال وسكونها وسمي به لمجيئه بما فيه حياة الأرواح التي بها قوة الأشباح (وروح الحقّ) لإحياء الحق به فهو بمنزلة روحه، (وهو معنى البار قليط) بالباء الموحدة وبفتح الراء وتكسر وبسكون القاف وقد تسكن الراء وتفتح القاف وكسر اللام بعدها ياء مثناة ساكنة فطاء مهملة (في الإنجيل) أي باللغة العبرانية قيل وعند أكثر النصارى على أن معناه المخلص. (وقال ثعلب) هو العلامة المحدث شيخ اللغة والعربية أبو العباس أحمد بن يحيى البغدادي المقدم في نحوى الكوفيين مات سنة إحدى وتسعين ومائتين (البار قليط الذي يفرّق بين الحقّ والباطل) أي فرقا بينا وفصلا معينا بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر أصلا وقطعا (ومن أسمائه في الكتب السّالفة) باللام والفاء أي السابقة (ماذ ماذ) بفتح ميم فألف فذال معجمة منونة فيهما وفي نسخة بضم الذال من غير تنوين على أنه غير مصروف للعلمية والعجمة وفي

ص: 501

نسخة بسكون الذال ولعله إجراء للفصل مجرى الوصل قال الحلبي ماذ بميم ثم ألف لا همزة ثم ذال معجمة ساكنة كذا في النسخة التي وقفت عليها وينبغي أن تضم الذال لأنه لا ينصرف للعجمة والعلمية أي أنت ماذ أو يا ماذ وإن كان في الأصل صفة انتهى وفيه بحث لا يخفى وأما ما ضبطه الدلجي بميم مضمومة فإشمام الهمزة ضمة بين الواو والألف ممدودة فغير مطابق للرواية وغير موافق للدارية ثم رأيت الحجازي نسبه إلى السهلي منقولا عن رجل اسلم من علماء بني إسرائيل قال، (ومعناه طيّب طيّب) ولعل التكرار كناية عن غاية من الطيب فإن الظاهر أن مجموع اللفظين هو الاسم (وحمّاطايا) بكسر الحاء المهملة وفتحها وسكون الميم وطاء مهملة ثم ياء تحتية وفي نسخة بفتح الحاء والميم مشددة أي حامي الحرم ومحتمي الحرم وفي النهاية لابن الأثير ما لفظه وفي حديث كعب أنه عليه الصلاة والسلام في الكتب السابقة محمد وأحمد وحمياطا كذا بفتح الحاء وسكون الميم فياء تحتية بعدها ألف فطاء فألف قال أبو عمرو سألت بعض من أسلم من اليهود عنه فقال معناه يحمي الحرم ويمنع من الحرم ويعطي الحلال انتهى، (والخاتم) بالخاء المعجمة (والحاتم) ، بالحاء المهملة وهذا هو المطابق للنسخ المعتمدة والحواشي المعتبرة وهو الموافق لترتيب ما سيأتي من معنييهما وعكس الحلبي في ضبطهما فقال الحاتم بالحاء المهملة والخاتم هذا بالخاء المعجمة (حكاه كعب الأحبار) وقد سبق عنه إلا أنه بلفظ حمياطا (وقال) الأظهر قال (ثعلب) كما في أصل الحلبي والدلجي (فالخاتم) أي بالمعجمة وفتح التاء أو كسرها (الذي ختم الأنبياء والحاتم) أي بالمهملة وكسر التاء لا غير وهو من له السماحة والملاحة والحلاوة والرحمة والراحة (أحسن الأنبياء خلقا) بفتح الخاء أي صورة وبشاشة (وخلقا) بضم الخاء أي سيرة ولطافة (ويسمّى) أي هو صلى الله تعالى عليه وسلم (بالسّريانيّة) بضم السين وسكون الراء وبتشديد الياء الثانية وهي اللغة الأولى التي تكلم بها آدم والأنبياء والألسنة ثلاثة سرياني وعبراني وعربي وهو لأهل الجنة وفي الموقف سرياني قال السيوطي وسؤال القبر بالسريانية أقول ولعله مختص بالأمم الماضية لئلا يخالف ظواهر الأحاديث الواردة وأما العبرانية فسميت بذلك لأن إبراهيم عليه السلام إنما نطق بالعبرانية حين عبر النهر فارا من نمرود وقد كان نمرود قال للطلاب الذين أرسلهم في طلبه إذا وجدتم من يتكلم بالسريانية فردوه فلما أدركوه استنطقوه فحول الله لسانه عبرانيا ذكره السهيلي (مشفّح) بضم ميم وفتح شين معجمة ففاء مشددة مفتوحة فحاء مهملة منونة وفي نسخة بالقاف بدل الفاء وهو أصل الحاشية الحجازية ولا يعرف له معنى في العربية وأما قول الدلجي غير منصرف للعلمية والعجمة فغير ظاهر لأنه مع مخالفته للنسخ المصححة غير صريح في العلمية بل ظاهر في الوصفية (والمنحمنّا) بضم ميم فنون ساكنة فحاء مهملة مفتوحة فميم مكسورة فنون مشددة مفتوحة وهو مقصور كذا في النسخ بالقلم ذكره الحلبي وتبعه الدلجي وعبر عنه بقيل ثم قال وقيل جميع حروفه مفتوحة إلا المهملة فساكنة انتهى

ص: 502

وهو أصل صحيح من النسخ المعتمدة وفي نسخة بضم الميم الأولى وكسر الميم الثانية وضبطه الحجازي بفتح الميم والمهملة وسكون النون الأولى وتشديد الثانية ثم في آخره ألف في أكثر النسخ وفي بعضها بياء مبدلة من ألف كالمستصفى هذا وقد قال أبو الفتح اليعمري في سيرته والمنحمنا بالسريانية هو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قال الحلبي وهذا الكلام يحتمل معنيين أحدهما أن يكون معناه بالسريانية محمد بالعربية ويحتمل غير ذلك قلت وفي سيرة ابن سيد الناس هو بالسريانية اسم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو في المعنى الثاني أظهر فتدبر وقال ابن إسحاق هو بالزنجانية محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، (واسمه أيضا في التّوراة أحيد) بفتح همزة فسكون حاء مهملة فكسر تحتية فدال مهملة مضمونة غير منونة وفي نسخة بضم الهمزة وكسر الحاء وسكون الياء التحتية وفي نسخة وهي موافقة لما ذكر الحلبي بضم فسكون ففتح وفي أخرى بضم ففتح وفي أخرى بكسر التحتية وهي التي اقتصر عليها الدلجي وفي أخرى بضم ففتح فسكون وفي آخرى فسكون ففتح وهو مختار الحلبي وصوبه الأنطاكي لحديث أورده أبو حذيفة إسحاق بن بشر في كتاب سماه المبتدأ وأسنده إلى ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال اسمي في القرآن محمد وفي الإنجيل أحمد وفي التوراة أحيد قال سميت أحيد لأني أحيد أمتي عن نار جهنم يوم القيامة انتهى ووجه تصويبه غير ظاهر كما لا يخفى (روي) وفي نسخة وروي (ذلك) أي كون اسمه في التوراة أحيد (عن ابن سيرين) وهو تابعي جليل وكان ثقة حجة كثير العلم والورع قيل كان يصوم يوما ويفطر يوما وله سبعة أوراد في اليوم والليلة هذا وقد قال المصنف بعد ما نقل من المبنى في الاسماء (ومعنى صاحب القضيب أي السّيف) يعني بدليل أنه، (وقع ذلك) أي اللفظ (مفسّرا في الإنجيل) أي مبينا بقرينة اقترانه بما يدل عليه (قال) أي الله سبحانه وتعالى في الإنجيل عند نعته عليه الصلاة والسلام (معه قضيب من حديد) أي معه سيف حديد مشابه للقضيب طولا وعرضا وطراوة ولطافة أو سيف قاطع من حديد حاد (يقاتل به) بكسر التاء أي يجاهد به أعداءه. (وأمّته كذلك) أي معهم قضبان يقاتلون بها اعداءه ويتابعون أهواءه ويتبعون اقتداءه (وقد يحمل) أي القضيب في الحديث (على أنّه القضيب الممشوق) أي الطويل الدقيق (الذي كان يمسكه عليه الصلاة والسلام أي بيده حال القيام وعند خطبته للانام وموعظته لاصحابه الكرام، (وهو الآن عند الخلفاء) أي وكانوا يتداولونه واحدا فواحدا على سيرة الخطباء، (وأمّا الهراوة التي وصف بها) أي بكونه صاحبها وحاملها (فهي في اللّغة العصا) أي مطلقا أو الضخمة على ما ذكره الجوهري تبعا للهروي (وأراها) بضم الهمزة أي وأظنها أن المراد بها ههنا. (وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْعَصَا الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الْحَوْضِ) أي حيث قال (أذود) بضم الذال المعجمة أي أدفع وأمنع وأطرد (النّاس) أي العصاة (عنه) أي عن حوضي (بعصاي) أي التي في يدي حينئذ (لأهل اليمن) أي أذود الناس لأجلهم حتى يتقدموا وفي هذا كرامة لأهل اليمن في تقديمهم للشرب منه مجازاة لهم

ص: 503

بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام وفي نسخة لأهل اليمين وهي رواية مسلم في المناقب وهي التي جعلها الدلجي أصلا والحلبي صوبها وقال المراد بها الجهة المعروفة عن يمين الكعبة انتهى والأظهر أن المراد بأهل اليمين اصحاب اليمين من أرباب الجنة ويدخل في عمومهم أهل اليمن وخص بهم لأن السابقين يفهم منه بالأولى كما لا يخفى هذا وقد ضعف النووي هذا الظن من القاضي بأن المراد من وصفه بها تعريفه بصفة يراها الناس معه ويستدلون بها على صدقه وأنه المبشر به المذكور في الكتب السالفة فلا يصح تفسيرها بعصا تكون في الآخرة فالصواب ما قاله الأئمة في تفسير كونه صاحبها أنه يمسك القضيب بيده كثيرا وقيل لأنه كان يمشي والعصا بين يديه وتغرز له فيصلي إليها وهذا في الصحيح مشهور هكذا ذكره الدلجي وقرره تبعا للحلبي حيث قال وتعقبه النووي فإن هذا ضعيف وباطل إلى آخر ما ذكره وأقول لعل وجه ما اختاره المصنف هو الأحرى بحمل هذا النعت على الدار الآخرة لأن أخذ العصا من سنن الأنبياء في الدنيا فإذا لم يحمل على هذا المعنى لم يتميز عن إخوانه بالوصف الأول بخلاف الصفة الأولى فإنه النعت المختص به في العقبى لا سيما وعامة العرب لا يمشون إلا بالعصا فلا يصلح أن تكون العلامة لخاتم الأنبياء مع أن أخذه إياها إنما كان أحيانا ثم لا يلزم من ذكر نعوته في الكتب السابقة أن لا يكون بعضها متعلقا بالدار الآخرة وبعضها بالأحوال السابقة. (وأمّا التّاج فالمراد به العمامة) فيه بحث فإن المراد به غير معلوم إلا لرب العباد وأما باعتبار اللغة والعرف فهو مستعمل في غير العمامة على اختلاف في عرف العامة وأما ما ورد في الحديث فظاهره أنه أراد المعنى المجازي حيث نزل العمامة منزلة التاج وأقامها مقامه في مرتبة الوقار والرواج كما يدل عليه أو يشير إليه قوله (ولم تكن) أي العمامة (حينئذ) أي حين وجوده صلى الله تعالى عليه وسلم (إلّا للعرب) أي وكان الناس كلهم أصحاب التيجان إما مع العمامة أو بدونها (والعمائم) أي بدون التيجان (تيجان العرب) أي اكتفاء بها عن غيرها وفيه إشعار بأنهم من أهل القناعة الدنيوية وموصوفون بعدم التكلف في موجبات الرعاية العرفية والحاصل أن الأصح أن يراد بقوله صاحب التاج تاج الكرامة يوم القيامة كما قدمناه. (وأوصافه) أي نعوته من اسمائه، (وألقابه) أي المشعرة بأنواع مدحه وثنائه، و (سماته) بكسر السين أي شمائله وعلامات فضائله (في الكتب) أي الماضية والمتقدمة (كثيرة وفيما ذكرناه منها) أي وإن كانت قليلة يسيرة (مقنع) بفتح الميم والنون أي محل كفاية ومكان قناعة (إن شاء الله تعالى) إذ إحصاؤها غير ممكن كما لا يخفى (وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم) لحديث البخاري كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في السوق فقال رجل يا أبا القاسم فالتفت إليه فقال إنما دعوت هذا فقال سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ولعل وجهه أنه كان يدعي بالكنية تعظيما ولا يدعي باسمه للنهي الوارد عنه تكريما وزيد في رواية فإني إنما جعلت قاسما أقسم بينكم وفيه إشارة إلى أن المراد بأبي القاسم هو الموصوف بهذا الوصف وهو لا ينافي

ص: 504