الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاجِبَةٌ فَالْمُرَادُ الِافْتِرَاضُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ وَالْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ بِكُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ اهـ. وَهَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِالتَّكْفِينِ، وَلَا بِتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ الْمَقْصُودَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ.
(قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا إسْلَامُ الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْكَافِرِ لِلْآيَةِ {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] ، وَلَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حُكْمُ الْإِمَامِ مِنْ وَجْهٍ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهَذَا الشَّرْطُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ فَلَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِالنَّبْشِ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ بِلَا غُسْلٍ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ بَعْدُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ، وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِلَا غُسْلٍ جَهْلًا مَثَلًا، وَلَا يُخْرَجُ إلَّا بِالنَّبْشِ تُعَادُ لِفَسَادِ الْأُولَى، وَقِيلَ: تَنْقَلِبُ الْأُولَى صَحِيحَةً عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ فَلَا تُعَادُ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ لُفَّ فِي كَفَنِهِ، وَقَدْ بَقِيَ عُضْوٌ مِنْهُ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ يُنْقَضُ الْكَفَنُ وَيُغَسَّلُ ثُمَّ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَوْ بَقِيَ أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ وَنَحْوُهَا يُنْقَضُ الْكَفَنُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيُغَسَّلُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُنْقَضُ الْكَفَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَسْرَعَ إلَيْهِ الْجَفَافُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يَحِلُّ نَقْضُ الْكَفَنِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ نَقْضُهُ إلَّا بِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ، وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِلَا طَهَارَةٍ أَعَادُوا؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهَا بِدُونِ الطَّهَارَةِ فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْقَوْمِ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى طَهَارَةٍ وَالْقَوْمُ عَلَى غَيْرِهَا لَا تُعَادُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ صَحَّتْ فَلَوْ أَعَادُوا تَتَكَرَّرُ الصَّلَاةُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا اهـ.
وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ شَرْطًا ثَالِثًا فِي الْمَيِّتِ، وَهُوَ وَضْعُهُ أَمَامَ الْمُصَلَّى فَلَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى حَاضِرٍ مَحْمُولٍ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا مَوْضُوعٍ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ كَالْإِمَامِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَأَمَّا صَلَاتُهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ فَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ رُفِعَ لَهُ عليه الصلاة والسلام سَرِيرُهُ حَتَّى رَآهُ بِحَضْرَتِهِ فَتَكُونُ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ عَلَى مَيِّتٍ يَرَاهُ الْإِمَامُ وَبِحَضْرَتِهِ دُونَ الْمَأْمُومِينَ وَهَذَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الِاقْتِدَاءِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالنَّجَاشِيِّ، وَقَدْ أَثْبَتَ كُلًّا مِنْهُمَا بِالدَّلِيلِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَجَابَ فِي الْبَدَائِعِ بِثَالِثٍ، وَهُوَ أَنَّهَا الدُّعَاءُ لَا الصَّلَاةُ الْمَخْصُوصَةُ وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ فِي الْمَيِّتِ، وَأَمَّا شَرَائِطُهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمُصَلِّي فَشَرَائِطُ الصَّلَاةِ الْكَامِلَةِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالنِّيَّةِ وَقَدَّمْنَا حُكْمَ مَا لَوْ ظَهَرَ الْمُصَلِّي مُحْدِثًا وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِطَهَارَةِ الْمَيِّتِ احْتِرَازًا عَنْ طَهَارَةِ مَكَانِهِ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ إنْ كَانَ عَلَى جِنَازَةٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَازَةٍ لَا رِوَايَةَ لِهَذَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ مَكَانِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَدٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ كَفَنَهُ يَصِيرُ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَابِسٍ بَلْ هُوَ مَلْبُوسٌ فَيَكُونُ حَائِلًا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ الطَّهَارَةُ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ جَمِيعًا، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ قَامَ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ افْتَرَشَ نَعْلَيْهِ وَقَامَ عَلَيْهِمَا جَازَتْ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الْقِيَامِ عَلَى النَّعْلَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةِ النَّعْلَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا أَرْكَانُهَا فَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا الدُّعَاءُ وَالْقِيَامُ وَالتَّكْبِيرُ لِقَوْلِهِمْ إنَّ حَقِيقَتَهَا هُوَ الدُّعَاءُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ وَقَالُوا كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ وَقَالُوا يُقَدَّمُ الثَّنَاءُ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الدُّعَاءِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى شَرْطٌ؛ لِأَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ بِخِلَافِهِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَأَمَّا رُكْنُهَا فَالتَّكْبِيرَاتُ وَالْقِيَامُ، وَأَمَّا سُنَنُهَا فَالتَّحْمِيدُ وَالثَّنَاءُ وَالدُّعَاءُ فِيهَا اهـ.
فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الدُّعَاءَ سُنَّةٌ وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَسْبُوقِ يَقْضِي التَّكْبِيرَ نَسَقًا بِغَيْرِ دُعَاءٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى شَرْطٌ بَلْ الْأَرْبَعُ أَرْكَانٌ قَالَ فِي الْمُحِيطِ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ
ــ
[منحة الخالق]
وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّحْرِيرِ السُّقُوطُ حَيْثُ ذَكَرَ الْحُكْمَ، وَلَمْ يَعْزُهُ لِلشَّافِعِيَّةِ تَأَمَّلْ.
[شُرُوط صَلَاة الْجِنَازَة]
(قَوْلُهُ فَلَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، فَإِنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ إلَخْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى قَبْرِهِ لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَكِنْ صُحِّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبِ التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِدُونِ الْغُسْلِ لَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَمْرًا حَرَامًا، وَهُوَ نَبْشُ الْقَبْرِ فَسَقَطَتْ الصَّلَاةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ، وَأَمَّا سُنَنُهَا فَالتَّحْمِيدُ وَالثَّنَاءُ إلَخْ) أَقُولُ: مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ فَفِي شَرْحِ الْبَاقَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً ثُمَّ يُثْنِي عَقِيبَهَا قَالَ بِأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ يَقُولُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إلَّا بِنِيَّةِ الثَّنَاءِ كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ. اهـ.
وَفِي النَّهْرِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الثَّنَاءِ
بِأُخْرَى أَتَمَّهَا وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَاهَا لِلْأُخْرَى أَيْضًا يَصِيرُ مُكَبِّرًا ثَلَاثًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِ لَا تَتَأَدَّى بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ، فَإِنْ قُلْت: التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى لِلْإِحْرَامِ، وَهِيَ شَرْطٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ الْأُولَى لِكَوْنِهَا غَيْرَ رُكْنٍ قِيلَ لَهُ التَّكْبِيرَاتُ الْأَرْبَعُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ وَصَلَاةِ النَّافِلَةِ اهـ.
وَأَمَّا مَا يُفْسِدُهَا فَمَا أَفْسَدَ الصَّلَاةَ أَفْسَدَهَا إلَّا الْمُحَاذَاةَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَتُكْرَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَلَوْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ فِيهَا تَأَدَّتْ الصَّلَاةُ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ فِيهَا جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ) أَيْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَقْدِيمَهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى مَا تَقْدِيمُهُ وَاجِبٌ وَهُوَ السُّلْطَانُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ مُسْتَحَبٌّ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَإِنَّمَا قَالُوا تَقْدِيمُهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ إفْسَادُ أَمْرِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ التَّقَدُّمِ عَلَى السُّلْطَانِ حَيْثُ يَلْزَمُ ذَلِكَ فَلِذَا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ إمَامِ مَسْجِدِ حَيِّهِ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَلِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى اهـ.
وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ، وَكَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ إمَامُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَوْلَى مِنْ إمَامِ الْحَيِّ اهـ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَامِ الْحَيِّ إمَامُ الْمَسْجِدِ الْخَاصِّ لِلْمَحَلَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي إمَامِ الْمُصَلَّى الْمَبْنِيَّةِ لِصَلَاةِ الْأَمْوَاتِ فِي الْأَمْصَارِ فَإِنَّ الْبَانِيَ يَشْرِطُ لَهَا إمَامًا خَاصًّا وَيَجْعَلُ لَهُ مَعْلُومًا مِنْ وَقْفِهِ فَهَلْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ إلْحَاقًا لَهُ بِإِمَامِ الْحَيِّ أَوْ لَا؟ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامِ الْحَيِّ لِتَعْلِيلِهِمْ إيَّاهُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ رَضِيَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَهَذَا خَاصٌّ بِإِمَامِ مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مُقَرَّرًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فَهُوَ كَنَائِبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرِّرُ لَهُ النَّاظِرَ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ وَالْوِلَايَةُ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا فِي غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ كَيْ لَا يَكُونَ ازْدِرَاءً بِهِ، ثُمَّ التَّرْتِيبُ فِي الْأَوْلِيَاءِ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فِي الْإِنْكَاحِ لَكِنْ إذَا اجْتَمَعَ أَبُو الْمَيِّتِ وَابْنُهُ كَانَ الْأَبُ أَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ فَضِيلَةً عَلَى الِابْنِ وَزِيَادَةَ سِنٍّ، وَالْفَضِيلَةُ وَالزِّيَادَةُ تُعْتَبَرُ تَرْجِيحًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَوْ كَانَ الْأَبُ جَاهِلًا وَالِابْنُ عَالِمًا يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الِابْنِ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ لَا تُوجِبُ التَّقْدِيمَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِلْعِلْمِ وَيُعْتَبَرُ الْأَسَنُّ فِيهَا فَالْأَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَسَنُّهُمَا أَوْلَى، فَإِنْ أَرَادَ الْأَسَنُّ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَدًا كَانَ لِلْأَصْغَرِ أَنْ يَمْنَعَ، فَإِنْ قَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا آخَرَ فَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْأَسَنُّ أَوْلَى وَكَذَلِكَ الِابْنَانِ عَلَى هَذَا، وَكَذَلِكَ أَبْنَاءُ الْعَمِّ، فَإِنْ كَانَ الْأَخُ الْأَصْغَرُ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَالْأَكْبَرُ لِأَبٍ فَالْأَصْغَرُ أَوْلَى كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، فَإِنْ قُدِّمَ الْأَصْغَرُ جِدًّا فَلَيْسَ لِلْأَكْبَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ غَائِبًا وَكَتَبَ لِإِنْسَانٍ لِيَتَقَدَّمَ فَلِلْأَخِ لِأَبٍ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَحَدُّ الْغَيْبَةِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى أَنْ يَقْدُمَ وَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْتَظِرُ النَّاسُ قُدُومَهُ، وَالْمَرِيضُ فِي الْمِصْرِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ يُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ، وَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ مَنْعُهُ، وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ، وَلَهَا أَبٌ وَابْنٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَزَوْجٌ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَا ثُمَّ الِابْنُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَالزَّوْجُ أَحَقُّ مِنْ الْوَلَدِ، وَلَوْ مَاتَ ابْنٌ، وَلَهُ أَبٌ وَأَبُو أَبٍ فَالْوِلَايَةُ لِأَبِيهِ وَلَكِنَّهُ يُقَدِّمُ أَبَاهُ جَدَّ الْمَيِّتِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا مَاتَ
ــ
[منحة الخالق]
قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْمَدُ اللَّهَ كَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ، وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الثَّنَاءِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمُهُ حَتَّى عَلَى إمَامِ الْحَيِّ وَذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ إمَامِ الْحَيِّ كَالْأَعْلَمِ مَنْدُوبٌ فَقَطْ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الرَّاتِبَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِأَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّ هُنَا وِلَايَةَ تَقْدِيمٍ خَاصَّةً؛ وَلِذَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إذَا صَلَّى غَيْرَ الْأُولَى وَلَيْسَ ثَمَّ كَذَلِكَ فَإِذَا كَانَ مُقَرَّرًا مِنْ الْقَاضِي كَانَ كَنَائِبِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ دُونَهُ. اهـ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَجْعَلُونَ الْإِمَامَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ لِلْغُرَبَاءِ وَاَلَّذِينَ لَا وَلِيَّ لَهُمْ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا اهـ.
أَقُولُ: وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الْقَاضِي لَهُ لِتَعْيِينِ مَنْ يُبَاشِرُ هَذِهِ الْوَظِيفَة لَا لِيَكُونَ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَرَّرَهُ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ إمَامَةٍ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ مُقَدَّمًا عَلَى إمَامِ الْحَيِّ وَالْوَلِيِّ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: بَلْ صِفَةُ الْعِلْمِ تُوجِبُ التَّقْدِيمَ فِيهَا أَيْضًا، أَلَا تَرَى إلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْحَيِّ إنَّمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ نَعَمْ عَلَّلَ الْقُدُورِيُّ كَرَاهَةَ تَقْدِيمِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ بِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ تَقْدِيمِهِ مُطْلَقًا قَالَ فِي الْفَتْحِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ تَقْدِيمَهُ وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَلَهُ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ عَنْ التَّقَدُّمِ حَتَّى لَا يَسْتَخِفَّ بِأَبِيهِ فَلَمْ تَسْقُطْ وِلَايَتُهُ فِي التَّقْدِيمِ
عَبْدُهُ وَمَوْلَاهُ حَاضِرٌ فَالْوِلَايَةُ لِلْمُكَاتَبِ لَكِنَّهُ يُقَدِّمُ مَوْلَاهُ احْتِرَامًا وَمَوْلَى الْعَبْدِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ ابْنِهِ الْحُرِّ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ حُكْمًا، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ، فَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، فَإِنْ أُدِّيَتْ كِتَابَتُهُ أَوْ كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ التَّوَى وَالتَّلَفَ، فَالِابْنُ أَحَقُّ وَإِلَّا فَالْمَوْلَى وَسَائِرُ الْقَرَابَات أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ، وَكَذَا مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنُهُ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْقَطَعَتْ بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْجَارُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْإِذْنُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ فِي التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَوْ كَانَ وَهُوَ بَعِيدٌ أَمَّا إذَا كَانَا وَلِيَّيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا أَجْنَبِيًّا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ ثَانِيهِمَا أَنْ يَأْذَنَ لِلنَّاسِ فِي الِانْصِرَافِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَّا بِإِذْنِهِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِمَوْتِهِ لِيُصَلُّوا عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ يُتَبَرَّكُ بِهِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الْأَزِقَّةِ وَالْأَسْوَاقِ؛ لِأَنَّهُ نَعْيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ لَهُ وَتَحْرِيضَ النَّاسِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالِاعْتِبَارَ بِهِ وَالِاسْتِعْدَادَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ نَعْيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَبْعَثُونَ إلَى الْقَبَائِلِ يَنْعَوْنَ مَعَ ضَجِيجٍ وَبُكَاءٍ وَعَوِيلٍ وَتَعْدِيدٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.
وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» «وَقَالَ عليه السلام لَعَنَ اللَّهُ الْحَالِقَةَ وَالصَّالِقَةَ وَالشَّاقَّةَ» وَالصَّالِقَةَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْمُصِيبَةِ، وَلَا بَأْسَ بِإِرْسَالِ الدَّمْعِ وَالْبُكَاءِ مِنْ غَيْرِ نِيَاحَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانُ أَعَادَ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ السُّلْطَانِ مَنْ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ عَلَى الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَوْ إمَامُ الْحَيِّ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ والولوالجية وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ، وَلَوْ صَلَّى رَجُلٌ وَالْوَلِيُّ خَلْفَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ إنْ صَلَّى مَعَهُ لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَرَّةً، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي السُّلْطَانَ أَوْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي عَلَى الْبَلْدَةِ أَوْ إمَامَ حَيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمْ فَلَهُ الْإِعَادَةُ اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالتَّقَدُّمِ لَيْسَ بِمُقَدَّمٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى قَالُوا، وَلَوْ أَعَادَهَا الْوَلِيُّ لَيْسَ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْوَلِيِّ مَرَّةً أُخْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يُعِدْ فَلَا إثْمَ عَلَى أَحَدٍ لِمَا أَنَّ الْفَرْضَ، وَهُوَ قَضَاءُ حَقِّ الْمَيِّتِ قَدْ تَأَدَّى بِصَلَاةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْإِعَادَةُ إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّيْت بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ مَوْقُوفٌ إنْ أَعَادَ الْوَلِيُّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ مَا صَلَّى الْوَلِيُّ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْأُولَى اهـ.
فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِمَنْ صَلَّى أَوَّلًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْوَلِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْحَيِّ إذَا صَلَّى بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ لِلْوَلِيِّ الْإِعَادَةَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْ إذَا صَلَّى السُّلْطَانُ لِخَوْفِ الِازْدِرَاءِ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ بِأَنَّ إمَامَ الْحَيِّ كَالسُّلْطَانِ فِي عَدَمِ إعَادَةِ الْوَلِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَلِّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ تَأَدَّى بِالْأُولَى وَالتَّنَفُّلُ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَّا لِمَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَهُوَ الْوَلِيُّ عِنْدَ تَقَدُّمِ الْأَجْنَبِيِّ إنْ قُلْنَا إنَّ إعَادَةَ الْوَلِيِّ نَفْلٌ وَإِلَّا فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي إعَادَةِ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا صَلَّى الْوَلِيُّ كَالسُّلْطَانِ وَالْقَاضِي فَذَهَبَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ مَنْ لَيْسَ لَهُ تَقَدُّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَمَّا مَنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَلِيِّ فَلَهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا كَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ أَدْنَى فَالسُّلْطَانُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .