الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ رُخِّصَ فِيهِ لِلْمُصَلِّي فَهُوَ كَالْمَشْيِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَالتَّوَضُّؤِ اهـ.
وَتَعَقَّبَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ عَامَّةُ رِوَايَةِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَرِوَايَةِ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُبِيحُوا الْعَمَلَ الْكَثِيرَ فِي قَتْلِهَا اهـ.
وَتَعَقَّبَهُ أَيْضًا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِقَاءَ غَيْرُ مُفْسِدٍ فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُهُ وَبَحَثَهُ بِأَنَّهُ لَا يُفْسِدُ لِلرُّخْصَةِ بِالنَّصِّ يَسْتَلْزِمُ مِثْلَهُ فِي عِلَاجِ الْمَارِّ إذَا كَثُرَ فَإِنَّهُ أَيْضًا مَأْمُورٌ بِهِ بِالنَّصِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا فَمَا هُوَ جَوَابُهُ عَنْ عِلَاجِ الْمَارِّ هُوَ جَوَابُنَا فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ ثُمَّ الْحَقُّ فِيمَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ وَقَوْلُهُمْ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ بَقَاءَ الصِّحَّةِ عَلَى نَهْجِ مَا قَالُوهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا قَاتَلُوا فِي الصَّلَاةِ بَلْ أَثَرُهُ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ بِمُبَاشَرَةِ الْمُفْسِدِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَرَامًا صَحِيحٌ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْبُرْهَانِيِّ إنَّمَا يُبَاحُ قَتْلُهَا فِي الصَّلَاةِ إذَا مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَافَ أَنْ تُؤْذِيَهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، وَقَيَّدَ بِالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ لِأَنَّ فِي قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ اخْتِلَافًا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِنْ أَخَذَ قَمْلَةً فِي الصَّلَاةِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهَا لَكِنْ يَدْفِنُهَا تَحْتَ الْحَصَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا أَخَذَ قَمْلَةً أَوْ بُرْغُوثًا فَقَتَلَهُ أَوْ دَفَنَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَقْتُلُهَا وَقَتْلُهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ دَفْنِهَا وَأَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ كِلَاهُمَا فِي الصَّلَاةِ اهـ.
وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَنَّ دَفْنَهُمَا مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَخْذِ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ أَوْ الدَّفْنِ عِنْدَ عَدَمِ تَعَرُّضِهِمَا لَهُ بِالْأَذَى، وَأَمَّا عِنْدَ تَعَرُّضِهِمَا لَهُ بِالْأَذَى فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ حِينَئِذٍ بِالْأَخْذِ وَالْقَتْلِ أَوْ الدَّفْنِ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ دَفْنِهَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ الْقَمْلَ وَالْبَرَاغِيثَ فِي الصَّلَاةِ وَلَعَلَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا اخْتَارَ الدَّفْنَ عَلَى الْقَتْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّزَاهَةِ عَنْ إصَابَةِ دَمِهِمَا لِيَدِ الْقَاتِلِ أَوْ ثَوْبِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ فَعَلَ أَحْسَنَ الْجَائِزَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِالْقَتْلِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَطْرَحْهَا فِي الْمَسْجِدِ بِطَرِيقِ الدَّفْنِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَظْفَرُ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَدْفِنُهَا فِي الصَّلَاةِ وَبَيْنَ مَا عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَنَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ أَسَاءَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ) أَيْ لَا تُكْرَهُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَقِبَلَهُ نِيَامٌ أَوْ قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «نُهِيت أَنْ أُصَلِّيَ إلَى النِّيَامِ وَالْمُحَدِّثِينَ» وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ فِي النَّائِمِينَ عَلَى مَا إذَا خَافَ ظُهُورَ صَوْتٍ مِنْهُمْ يُضْحِكُهُ وَيُخْجِلُ النَّائِمَ إذَا انْتَبَهَ وَفِي الْمُحَدِّثِينَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُمْ أَصْوَاتٌ يَخَافُ مِنْهَا التَّغْلِيطَ أَوْ شَغْلَ الْبَالِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ فِي هَذَا ثُمَّ يُعَارِضُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي النَّائِمِينَ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِقُوَّتِهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ كُلَّهَا وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ» وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ يَتَحَدَّثُ لِيُفِيدَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ إلَى ظَهْرِ مَنْ لَا يَتَحَدَّثُ بِالْأَوْلَى وَلَعَلَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَارِيَةً يَقُولُ لِنَافِعٍ وَلِّ ظَهْرَك وَأَفَادَ كَلَامُهُمْ هُنَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ عَلَى الْمُتَحَدِّثِ وَلِهَذَا نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَبَعْضُهُمْ يَتَذَاكَرُونَ الْعِلْمَ وَالْمَوَاعِظَ وَبَعْضُهُمْ يُصَلُّونَ وَلَمْ يَنْهَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَنَهَاهُمْ اهـ.
وَقَيَّدَ بِالظَّهْرِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَى وَجْهِ أَحَدٍ مَكْرُوهَةٌ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَالِاسْتِقْبَالُ إلَى الْمُصَلِّي مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمُصَلِّيَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا صُفُوفٌ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ
ــ
[منحة الخالق]
[قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ]
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْحَقُّ فِيمَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْفَسَادُ إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فَسَادُهَا بِقَتْلِهَا كَمَا يُبَاحُ لِإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ وَتَخْلِيصِ أَحَدٍ مِنْ سَبَبِ هَلَاكٍ كَسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا إذَا خَافَ ضَيَاعَ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي صَحِيحٌ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَالْأَخْذُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَوْلَى إذَا قَرَصَهُ لِئَلَّا يَذْهَبَ خُشُوعُهُ بِأَلَمِهَا وَيُحْمَلُ مَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَيْ الْقَرْصِ
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَى ظَهْرِ مَنْ لَا يَتَحَدَّثُ وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ وَقَوْله يَتَحَدَّثُ لِإِفَادَةِ نَفْيِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ بِحَضْرَةِ الْمُتَحَدِّثِينَ وَكَذَا بِحَضْرَةِ النَّائِمِينَ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا مُتَحَدِّثٍ» ضَعِيفٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ
الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْمُصَلِّي إلَى وَجْهِ الْإِنْسَانِ مَكْرُوهٌ وَاسْتِقْبَالَ الْإِنْسَانِ وَجْهَ الْمُصَلِّي مَكْرُوهٌ فَالْكَرَاهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ
(قَوْلُهُ وَإِلَى مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ مُعَلَّقٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَأَمَامَهُ مُصْحَفٌ أَوْ سَيْفٌ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّقًا أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَمَّا الْمُصْحَفُ فَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ تَعْظِيمَهُ وَتَعْظِيمُهُ عِبَادَةٌ وَالِاسْتِخْفَافُ بِهِ كُفْرٌ فَانْضَمَّتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ إلَى عِبَادَةٍ أُخْرَى فَلَا كَرَاهَةَ وَمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ مُعَلَّقًا مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَفْعَلُونَهُ لِلْقِرَاءَةِ مِنْهُ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَأَمَّا السَّيْفُ فَلِأَنَّهُ سِلَاحٌ وَلَا يُكْرَهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي لِلْعَنَزَةِ وَهِيَ سِلَاحٌ»
(قَوْلُهُ أَوْ شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ) لِأَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَالْكَرَاهَةُ بِاعْتِبَارِهَا وَإِنَّمَا يَعْبُدُهَا الْمَجُوسُ إذَا كَانَتْ فِي الْكَانُونِ وَفِيهَا الْجَمْرُ أَوْ فِي التَّنُّورِ فَلَا يُكْرَهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي التَّوَجُّهِ إلَى الشَّمْعِ أَوْ السِّرَاجِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّمْعُ عَلَى جَانِبَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي مِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ لِلتَّرَاوِيحِ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَدَبِ الْكَاتِبِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِيهِ لُغَتَانِ اسْتَعْمَلَ النَّاسُ أَضْعَفَهُمَا الشَّمْعُ بِالسُّكُونِ وَالْأَوْجَهُ فَتْحُ الْمِيمِ اهـ
(قَوْلُهُ وَعَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يُكْرَهُ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَفْهُومَهُ وَمَا فِي الْأَصْلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَسْتَوْفِ ذِكْرَ الْمَكْرُوهَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَمِنْهَا أَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ تَرَكَهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي مِنْ قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ إذَا سَجَدُ وَرَفْعُهُمَا قَبْلَهُمَا إذَا قَامَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ أَوْ يُنَكِّسَهُ فِي الرُّكُوعِ وَأَنْ يَجْهَرَ بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ وَأَنْ لَا يَضَعَ يَدَيْهِ فِي مَوْضِعِهِمَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَأَنْ يَتْرُكَ التَّسْبِيحَاتِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنْ يُنْقِصَ مِنْ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الِانْتِقَالَاتِ بَعْدَ تَمَامِ الِانْتِقَالِ وَفِيهِ خَلَلَانِ تَرْكُهَا فِي مَوْضِعِهَا وَتَحْصِيلُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ذَكَرَهُ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ السُّنَّةَ إذَا كَانَتْ مُؤَكَّدَةً قَوِيَّةً لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَتَرْكِ الْوَاجِبِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ فَتَرْكُهَا مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا كَمَا فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُسْتَحَبًّا أَوْ مَنْدُوبًا وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ كَمَا هُوَ عَلَى اصْطِلَاحِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ تَرْكُهُ مَكْرُوهًا أَصْلًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْأَضْحَى أَنْ لَا يَأْكُلَ أَوَّلًا إلَّا مِنْ أُضْحِيَّتِهِ قَالُوا وَلَوْ أَكَلَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ ثُبُوتُ كَرَاهَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ تَنْزِيهًا مَرْجِعُهُ إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَلَا شَكَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحُوا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الثَّالِثَ صَارَ كَالْفَاصِلِ كَمَا فِي النَّهْرِ قَالَ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ هُوَ عَلَى مَكَان عَالٍ يَنْظُرُهُ إذَا قَامَ لَا إذَا قَعَدَ لَا يُكْرَهُ وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْحَلَبِيِّ وَمُقْتَضَاهُ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِ الظَّهْرِ سُتْرَةً تَقْيِيدُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي مُتَوَجِّهًا إلَى مَا بَيْنَ الْقَاعِدِينَ فِي الصُّفُوفِ مِنْ الْفُرَجِ لَا إلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْت وَهَذَا الْجَوَابُ مَعَ مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ يُنَافِيهِ بَقِيَّةُ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَجْهُهُ مُقَابِلَ وَجْهِ الْإِمَامِ فِي حَالِ قِيَامِهِ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا صُفُوفٌ اهـ.
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فُرَجٌ لَمْ يَكُنْ لِتَقْيِيدِ الْمُقَابَلَةِ بِحَالِ الْقِيَامِ فَائِدَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ حِينَئِذٍ مَوْجُودَةٌ فِي حَالِ قُعُودِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الْمُوَاجَهَةُ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ وَقَدْ أَجَابَ الرَّمْلِيُّ بِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الْحَلَبِيُّ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي حَقِّ الْمُسْتَقْبِلِ فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ اهـ.
وَقَدْ يُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ عَلَى صُورَةٍ لَا تَحْصُلُ بِهَا الْمُوَاجَهَةُ بِأَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَالْمُصَلِّي مِثْلَهُ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا مَرَّ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْقَوْمِ فَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُمْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا وَهُوَ الْمُقَابِلُ لَهَا فَتَلْحَقُهُ الْكَرَاهَةُ عَلَى الْقُوَيْلَةِ الضَّعِيفَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْمُخْتَارَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَرَفْعُهُمَا قَبْلَهُمَا) أَيْ رَفْعُ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ لَا يَبْعُدُ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَذَانِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْمُحِيطِ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ وَالْقَوْلَ بِسُنِّيَّتِهِ مُتَقَارِبَانِ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ فِي حَقِّ لُحُوقِ الْإِثْمِ لِتَارِكِهِمَا. اهـ. .
(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ الْمَنْفِيَّةَ التَّحْرِيمِيَّةُ فَلَا يُنَافِي ثُبُوتَ التَّنْزِيهِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَفِي تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْمَنْدُوبِ كَرَاهَةٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ دُونَ كَرَاهَةِ تَرْكِ السُّنَّةِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْإِثْمَ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ دُونَهُ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ وَأَنَّهُ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ
أَنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ والولوالجية وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ آخِرَ سُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ آخِرَ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ السُّورَةِ إنْ كَانَ الْآخِرُ أَكْثَرَ آيَةً اهـ.
وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَهُ وَمِنْهَا الِانْتِقَالُ مِنْ آيَةٍ مِنْ سُورَةٍ إلَى آيَةٍ أُخْرَى مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ آيَةٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ بَيْنَهُمَا آيَاتٌ وَكَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ أَوْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مَكْرُوهٌ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ طَوِيلَةً لَا يُكْرَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا سُورَتَانِ قَصِيرَتَانِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى سُورَةً وَفِي رَكْعَةٍ أُخْرَى سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ وَقَعَ هَذَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِأَنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ هَذِهِ السُّورَةُ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ أَمَّا فِي النَّوَافِلِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْهَا مَا إذَا افْتَتَحَ سُورَةً وَقَصْدُهُ سُورَةٌ أُخْرَى فَلَمَّا قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ تِلْكَ السُّورَةَ وَيَفْتَتِحَ الَّتِي أَرَادَهَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ وَإِنْ كَانَ حَرْفًا وَمِنْهَا أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ وَاحْتَجَّ لَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ أَرَأَيْتُك لَوْ كُنْتُ أَرْسَلْتُك إلَى بَعْضِ النَّاسِ أَكُنْت تَمُرُّ فِي ثِيَابِك هَذِهِ فَقَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ» وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ وَفَسَّرَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ بِمَا يَلْبَسُهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَذْهَبُ بِهِ إلَى الْأَكَابِرِ وَمِنْهَا أَنْ يَحْمِلَ صَبِيًّا فِي صَلَاتِهِ وَأَمَّا «حَمْلُهُ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ فِي الصَّلَاةِ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَمِنْهَا أَنْ يَضَعَ فِي فِيهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِحَيْثُ لَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ مَنَعَهُ عَنْ أَدَاءِ الْحُرُوفِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ يَقْرَأَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ وَمِنْهَا أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقُومَ فِي خِلَالِ الصُّفُوفِ فَيُصَلِّي فَيُخَالِفَهُمْ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَمِنْهَا أَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ وَعَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا فِي الْحَمَّامِ لَيْسَ فِيهِ تِمْثَالٌ وَصَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا فِي الْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَ فِيهَا مَوْضِعٌ آخَرُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَبْرٌ وَلَا نَجَاسَةٌ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ وَمِنْهَا
وَيُكْرَهُ أَنْ يَمْكُثَ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ فِي صَلَاةٍ بَعْدَهَا سُنَّةٌ إلَّا قَدْرَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَمِنْهَا أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَخَذَهُ غَائِطٌ أَوْ بَوْلٌ وَإِنْ كَانَ الِاهْتِمَامُ يَشْغَلُهُ يَقْطَعُهَا وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَجَعَلَ الشَّارِحُ مُدَافَعَةَ الرِّيحِ كَالْأَخْبَثَيْنِ
ــ
[منحة الخالق]
وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَا نَصُّهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَصْلُ السُّنَّةِ بِالْمَكْتُوبَةِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَشَدُّ حَتَّى يُؤَدِّيَ تَأْخِيرُهُ إلَى الْكَرَاهَةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي وَالْمُنْفَرِدِ وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِمُسَافِرٍ وَلِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَعُلِمَ أَنَّ مَرَاتِبَ الِاسْتِحْبَابِ مُتَفَاوِتَةٌ كَمَرَاتِب السُّنَّةِ وَالْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَاقَانِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَعْضُ الْمُسْتَحَبَّاتِ تَرْكُهَا مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا وَبَعْضُهَا غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَمِنْهُ الْأَكْلُ يَوْمَ الْأَضْحَى فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ أَصْلًا خِلَافًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِيدِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ تَنْزِيهًا الَّذِي ثَبَتَتْ كَرَاهَتُهُ بِالدَّلِيلِ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ خِلَافَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى أَعَمُّ مِنْ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى دَائِمًا لَا مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا دَائِمًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إلَخْ) وَقِيلَ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفَيْضِ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَزْعِ الثِّيَابِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي النَّهْرِ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مُعَلَّلَةٌ بِالتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ حَلَبِيٌّ