المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط وجوب الزكاة] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٢

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[الدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تشميت العاطس فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْقِرَاءَة مِنْ مُصْحَفٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْعَبَثُ بِالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّخَصُّرُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[عَقْصُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌ نَقْشُ الْمَسْجِدِ

- ‌[أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌[الْقُنُوت فِي غَيْرِ الْوِتْرِ]

- ‌[الصَّلَاة الْمَسْنُونَة كُلّ يَوْم]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا]

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ رَاكِبًا]

- ‌صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ

- ‌[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد بَعْد الْأَذَان]

- ‌[خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ]

- ‌[قَضَاء سُنَّةُ الْفَجْرِ]

- ‌[قَضَاء السَّنَة الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ]

- ‌ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ

- ‌[فَضْلَ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ]

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيبُ بَيْنَ صَلَاة الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ]

- ‌[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌ سُجُودَ السَّهْوِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ

- ‌[مَحَلُّ سُجُود السَّهْو]

- ‌[سَبَبُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ صَلَاةٍ

- ‌[ترك قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ]

- ‌[الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ]

- ‌[السَّهْوُ عَنْ السَّلَامِ]

- ‌[تَرَكَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا]

- ‌[سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ

- ‌ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ

- ‌ تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ]

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الْقُعُودُ فِي الصَّلَاةُ]

- ‌[لَمْ يَقْدِرْ المصلي الْمَرِيض عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ]

- ‌[صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ تَعِبَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[أَرْكَان سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[مَوَاضِع سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[تَأْخِيرُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[قَضَاء فَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[صَلَاة الْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ]

- ‌ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَة]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَة]

- ‌[أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌[السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌(بَابُ الْعِيدَيْنِ)

- ‌[الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْم الْعِيدِ]

- ‌[التَّكْبِير يَوْم الْعِيد]

- ‌[مَا يَفْعَلهُ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]

- ‌[الْأَكْلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيد]

- ‌[خُطْبَة الْعِيد]

- ‌[الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيد]

- ‌[وُقُوفُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَاتٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاة الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[دُعَاء وَاسْتِغْفَار الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِز]

- ‌[أَرْكَانُ وسنن صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[بَابُ صَلَاة الْخَوْفِ]

- ‌ حُضُورُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ

- ‌[مَا يُصْنَعُ بِالْمُحْتَضَرِ]

- ‌[تلقين الشَّهَادَةَ لِلْمُحْتَضِرِ]

- ‌ غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌[تَكْفِين الْمَيِّت]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌[حُكْم صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[شُرُوط صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[دُفِنَ الْمَيِّت بِلَا صَلَاةٍ]

- ‌[الصَّلَاة عَلَيَّ الْمَيِّت فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌(بَابُ الشَّهِيدِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

- ‌[شُرُوط أَدَاء الزَّكَاة]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْغَنَمِ]

- ‌[زَكَاة الْخَيْلِ]

- ‌[زَكَاة الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ التِّجَارَة]

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌[زَكَاة الْخَمْر وَالْخِنْزِير]

- ‌ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌ حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاة]

- ‌[دُفَعُ الزَّكَاةُ إلَى ذِمِّيٍّ]

- ‌[بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَكْفِينِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَشِرَاءِ قِنٍّ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةَ لَبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ]

- ‌[دَفَعَ الزَّكَاة بِتَحَرٍّ فَبَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌[حُكْم صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب صَدَقَةِ الْفِطْر]

- ‌[عَنْ مِنْ تَخْرُجْ صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[مِقْدَار صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[وَقْتِ وُجُوبِ أَدَاء صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌[شُرُوط الصِّيَامِ]

- ‌[أَقْسَام الصَّوْمِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُت شَهْر رَمَضَان]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي عَوَارِضِ الْفِطْر فِي رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَقَلُّ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[أعتكاف الْمَرْأَةُ]

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[وَاجِبَاتُ الْحَجِّ]

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌ مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ

- ‌[قَتْلُ الصَّيْدِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْقَبَاءِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[الِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ الْحَمَّامِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ]

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

الفصل: ‌[شروط وجوب الزكاة]

حُكْمَ الْمَعْتُوهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالِاخْتِلَافَ فِيهِ وَخَرَجَ الْكَافِرُ لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْفُرُوعِ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَلَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ لَا يُخَاطَبُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَيَّامَ رِدَّتِهِ ثُمَّ كَمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ

وَقَيَّدَ بِالْحُرِّيَّةِ احْتِرَازًا عَنْ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَصْلًا فِيمَا عَدَا الْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَسْعَى، وَلِعَدَمِ تَمَامِهِ فِيهِمَا، وَلَوْ حَذَفَ الْحُرِّيَّةَ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْمِلْكِ؛ إذْ الْعَبْدُ لَا مِلْكَ لَهُ وَزَادَ فِي الْمِلْكِ قَيْدَ التَّمَامِ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا لِيُخْرِجَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُشْتَرِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي لَكَانَ أَوْجَزَ وَأَتَمَّ وَعِنْدَهُمَا الْمُسْتَسْعَى حُرٌّ مَدْيُونٌ فَإِنْ مَلَكَ بَعْدَ قَضَاءِ سِعَايَتِهِ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا كَامِلًا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْبَدَائِعِ وَالْجُنُونِ نَوْعَانِ أَصْلِيٌّ وَعَارِضٌ أَمَّا الْأَصْلِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مَجْنُونًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ عَلَى النِّصَابِ حَتَّى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى مِنْ الْأَحْوَالِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءَ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْبُلُوغِ، وَأَمَّا الطَّارِئُ، فَإِنْ دَامَ سَنَةً كَامِلَةً فَهُوَ فِي حُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ ثُمَّ أَفَاقَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ وُجُوبُهَا وَإِنْ أَفَاقَ سَاعَةً، وَعَنْهُ إنْ أَفَاقَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى

(قَوْلُهُ وَمِلْكُ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٍ عَنْ الدَّيْنِ وَحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ سَبَبَهَا مِلْكُ مَالٍ مُعَدٍّ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَاضِلٍ عَنْ الْحَاجَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ لِمَا أَنَّ السَّبَبَ وَالشَّرْطَ قَدْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُضَافُ إلَيْهِ الْوُجُودُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْثِيرِ فَخَرَجَ الْعِلَّةُ وَيَتَمَيَّزُ السَّبَبُ عَنْ الشَّرْطِ بِإِضَافَةِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ أَيْضًا دُونَ الشَّرْطِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ وَأَطْلَقَ الْمِلْكَ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَا عَلَى الْمَوْلَى فِي عَبْدِهِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ لِعَدَمِ الْيَدِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ، وَلَا الْمَجْحُودِ إذَا عَادَ إلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ابْنُ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ يَدَ نَائِبِهِ كَيَدِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَمِنْ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ الرَّهْنُ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَدِ بِخِلَافِ الْعُشْرِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَأَمَّا كَسْبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِلَّا فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ، وَعَلَى الْمَوْلَى زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمِعْرَاجِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا تَمَّ الْحَوْلُ، وَهُوَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَيُزَكِّي الْمَوْلَى مَتَى أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ الزَّكَاةِ

وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى كَالْوَدِيعَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَجَرَّدَ عَنْ يَدِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ يَدُ أَصَالَةٍ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَدُ نِيَابَةٍ عَنْ الْمَوْلَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ إثْبَاتًا وَإِزَالَةً فَلَمْ تَكُنْ يَدُ الْمَوْلَى ثَابِتَةً عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ كَالدُّيُونِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ

ــ

[منحة الخالق]

[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَلَكَ بَعْدَ قَضَاءِ سِعَايَتِهِ) الْأَظْهَرُ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ: إنْ فَضَلَ عَنْ سِعَايَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَعَنْ مُحَمَّدٍ وُجُوبُهَا إلَخْ) الَّذِي فِي الْبَدَائِعِ هَكَذَا، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً مِنْ الْحَوْلِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ يَجِبُ زَكَاةُ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْهُ إنْ أَفَاقَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَفَاقَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ إفَاقَتِهِ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فِي الصَّوْمِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ اهـ.

وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ حَيْثُ أَرْجَعَ ضَمِيرَ، وَعَنْهُ إلَى مُحَمَّدٍ مَعَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَبِي يُوسُفَ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ إلَخْ) أَقُولُ: حَاصِلُ جَوَابِهِ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الشَّرْطَ عَلَى السَّبَبِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إضَافَةِ الْوُجُودِ إلَيْهِمَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَوْلُهُ مِلْكُ نِصَابٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ فَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلنِّصَابِ الْحَوْلِيِّ، وَأَمَّا النِّصَابُ نَفْسُهُ فَهُوَ السَّبَبُ، وَقَوْلُ الْمُحِيطِ: إنَّ سَبَبَهَا مِلْكُ مَالٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ مَالٍ مَمْلُوكٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا سَبَبُ فَرَضِيَتْهَا فَهُوَ الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ وَلِذَا تُضَافُ إلَيْهِ يُقَالُ: زَكَاةُ الْمَالِ، وَالْإِضَافَةُ فِي مِثْلِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَوْمِ الشَّهْرِ وَحَجِّ الْبَيْتِ اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ الْحَوْلِيُّ سَبَبٌ وَمِلْكُهُ شَرْطٌ؛ وَلِذَا عَدَّ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ الْمَمْلُوكُ رَقَبَةً وَيَدًا، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ النَّهْرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ احْتِيَاجِهِ إلَى قَيْدِ التَّمَامِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيَجِبُ لِمَا مَضَى كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ

ص: 218

مَعْزِيًّا إلَى الْجَامِعِ رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا عَشْرَ سِنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةٌ فَدَفَعَ الْأَلْفَ، وَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى مَضَتْ السُّنُونَ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآجِرِ زَكَّى الْآجِرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى عَنْ تِسْعِمِائَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ إلَّا زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ يُسْقِطُ لِكُلِّ سَنَةٍ زَكَاةَ مِائَةٍ أُخْرَى، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأَلْفَ بِالتَّعْجِيلِ كُلَّهَا فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الدَّارَ إلَيْهِ سَنَةً انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَزَالَ عَنْ مِلْكِهِ مِائَةٌ، وَصَارَ مَصْرُوفًا إلَى الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ حَوْلٍ انْتَقَصَ مِائَة وَيَصِيرُ مِائَةً دَيْنًا عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ ذَلِكَ مِنْ النِّصَابِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُزَكِّي لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ سَبْعَمِائَةٍ وَسِتِّينَ، وَعِنْدَهُمَا سَبْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْكُسُورِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا فِيهِ زَكَاةٌ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لِنُقْصَانِ نِصَابِهِ فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ تَمَامِ الْحَوْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَكِّي فِي الثَّالِثَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةً أُخْرَى وَمَا اسْتَفَادَ قَبْلَهَا إلَّا أَنَّهُ يَرْفَعُ عَنْهُ زَكَاةَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ حَوْلِيًّا أَنْ يَتِمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي مِلْكِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» قَالَ فِي الْغَايَةِ: سُمِّيَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ تَحُولُ فِيهِ، وَفِي الْقُنْيَةِ الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ، وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَدَفَعَ إلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَمَةٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عِنْدَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَرُدَّ الْأَلْفُ عَلَى الزَّوْجِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ، وَدَفَعَ الدِّيَةَ إلَيْهِ، وَحَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ وَرُدَّتْ الدِّيَةُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ تَصَادَقَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفًا وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتَرَدَّ الْأَلْفَ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ.

وَظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي حَقٍّ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ، وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ هَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ مُسْقِطٌ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَإِلَّا فَتَحْتَاجُ الْمُتُونُ إلَى إصْلَاحٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ

وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا عَلَى الْبَائِعِ فَلِأَنَّهُ مَلَكَ الثَّمَنَ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَبِمَوْتِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَالْمُشْتَرِي أَخَذَ عِوَضَ الْعَبْدِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً كَانَ عَلَى الْبَائِعِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ لِأَنَّهُ مَلَكَ الثَّمَنَ وَمَضَى عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَبِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْمِائَتَيْنِ حَوْلًا كَامِلًا وَبِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ اسْتَفَادَ الْمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ اهـ.

وَشَرَطَ فَرَاغَهُ عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ مَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَاعْتُبِرَ مَعْدُومًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَطَشِ، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَحِلُّ مَعَ ثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى مَالِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَالْمُكَاتَبِ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ يُوجِبُ نُقْصَانَ الْمِلْكِ؛ وَلِذَا يَأْخُذُهُ الْغَرِيمُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَلَا رِضًا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْحَالَّ وَالْمُؤَجَّلَ، وَلَوْ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ الْمُؤَجَّلَ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَقِيلَ الْمَهْرُ الْمُؤَجَّلُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الْمُعَجَّلِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَلَى عَزْمِ الْأَدَاءِ مَنَعَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ دَيْنًا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ إذَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ إمَّا بِالصُّلْحِ أَوْ بِالْقَضَاءِ وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ إذَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ إمَّا بِالصُّلْحِ أَوْ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَقَيَّدَ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ فِي الْبَدَائِعِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إلَّا زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى) ، وَهِيَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَنِصْفُ فَتْحٌ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِلَّا فَعَلَى قَوْلِهِ يُزَكِّي فِي الْأُولَى عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ، وَلَا زَكَاةَ فِي الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا دُونَ الْخُمُسِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَيَكُونُ الْبَاقِي مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ سَبْعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ فَيُزَكِّي عَنْ سَبْعِمِائَةٍ وَسِتِّينَ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي

ص: 219

بِقَيْدٍ آخَرَ، وَهُوَ قَلِيلُ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْمُدَّةَ إذَا كَانَتْ طَوِيلَةً فَإِنَّهَا تَسْقُطُ، وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ كُلَّ دَيْنٍ

وَفِي الْهِدَايَةِ: وَالْمُرَادُ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حَتَّى لَا يَمْنَعُ دَيْنُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِصُ بِهِ النِّصَابُ، وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا وَلِأَبِي يُوسُفَ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ لَهُ مُطَالِبًا، وَهُوَ الْإِمَامُ فِي السَّوَائِمِ، وَنُوَّابُهُ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ كَانَ الْمُلَّاكُ نُوَّابَهُ اهـ.

وَكَذَا لَا يَمْنَعُ دَيْنُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَوُجُوبُ الْحَجِّ وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَدَيْنُ النَّذْرِ لَا يَمْنَعُ وَمَتَى اُسْتُحِقَّ بِجِهَةِ الزَّكَاةِ بَطَلَ النَّذْرُ فِيهِ بَيَانُهُ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ نَذَرَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهَا، وَحَالَ الْحَوْلُ سَقَطَ النَّذْرُ بِقَدْرِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَتَصَدَّقُ لِلنَّذْرِ بِسَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَنِصْفٍ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهَا لِلنَّذْرِ يَقَعُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ بِتَعْيِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يَبْطُلُ بِتَعْيِينِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَذَرَ بِمِائَةٍ مُطْلَقَةٍ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْذُورِ بِهِ الذِّمَّةُ فَلَوْ تَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهَا لِلنَّذْرِ يَقَعُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ لِلزَّكَاةِ، وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهَا عَنْ النَّذْرِ اهـ.

فَلَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ حَوْلَانِ، وَلَمْ يُزَكِّهِ فِيهِمَا لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يُزَكِّهَا حَوْلَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلِلْحَوْلِ الثَّانِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَمْ يُزَكِّهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ اسْتَفَادَ غَيْرَهُ، وَحَالَ عَلَى النِّصَابِ الْمُسْتَفَادِ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِاشْتِغَالِ خَمْسَةٍ مِنْهُ بِدَيْنِ الْمُسْتَهْلِكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يُسْتَهْلَكْ بَلْ هَلَكَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي الْمُسْتَفَادِ لِسُقُوطِ زَكَاةِ الْأَوَّلِ بِالْهَلَاكِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُهْلِكَ قَبْلَ الْحَوْلِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَمِنْ فُرُوعِهِ مَا إذَا بَاعَ نِصَابَ السَّائِمَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ بِسَائِمَةٍ مِثْلِهَا أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ يُرِيدُ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الصَّدَقَةِ، أَوْ لَا يُرِيدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي الْبَدَلِ إلَّا بِحَوْلٍ جَدِيدٍ أَوْ يَكُونُ لَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ فِي صُورَةِ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِبْدَالَهُ السَّائِمَةَ بِغَيْرِهَا مُطْلَقًا اسْتِهْلَاكٌ بِخِلَافِ غَيْرِ السَّائِمَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَقَالُوا دَيْنُ الْخَرَاجِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ، وَكَذَا إذَا صَارَ الْعُشْرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ أَتْلَفَ الطَّعَامَ الْعُشْرِيَّ صَاحِبُهُ فَأَمَّا وُجُوبُ الْعُشْرِ فَلَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّعَامِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ لِلْمَدْيُونِ نُصُبٌ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى الْأَيْسَرِ قَضَاءً فَيَصْرِفُ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ثُمَّ إلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ ثُمَّ إلَى السَّوَائِمِ، فَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا صَرَفَ إلَى أَقَلِّهَا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ صَرَفَ إلَى الْغَنَمِ أَوْ إلَى الْإِبِلِ دُونَ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّ التَّبِيعَ فَوْقَ الشَّاةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا خُيِّرَ كَأَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَقِيلَ: يَصْرِفُ إلَى الْغَنَمِ لِتَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ هَكَذَا أَطْلَقُوا

وَقَيَّدَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنْ يُحْضِرَ الْمُصَدِّقَ أَيْ السَّاعِيَ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ فَالْخِيَارُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ إنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى السَّائِمَةِ وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الدَّرَاهِمِ وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ هُمَا سَوَاءٌ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ: وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُعْتَرِضُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِمَنْزِلَةِ هَلَاكِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: لَا يَمْنَعُ بِمَنْزِلَةِ نُقْصَانِهِ اهـ.

وَتَقْدِيمُهُمْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَبْرَأَهُ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا جَدِيدًا إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا

وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَعَلَى هَذَا مَنْ ضَمِنَ دَرَكًا فِي بَيْعٍ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الدَّيْنَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَبِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ اسْتَقْرَضَ أَلْفًا فَكَفَلَ عَنْهُ عَشَرَةٌ وَلِكُلٍّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُمْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ) سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ آخِرَ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا قَوْلُ زُفَرَ حَيْثُ قَالَ: وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنَ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا وَقَالَ زُفَرُ يَقْطَعُ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ الْقَطْعِ أَيْ عَدَمَ مَنْعِهِ وُجُوبَ الزَّكَاةِ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافَ مَا هُنَا فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ فَلَعَلَّهُ يُفِيدُ التَّوْفِيقَ

ص: 220

أَلْفٍ فِي بَيْتِهِ، وَحَالَ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِشَغْلِهِ بِدَيْنِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمْ شَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ أَلْفٌ وَغَصَبَ أَلْفًا، وَغَصَبَهَا مِنْهُ آخَرُ لَهُ أَلْفٌ، وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ الْغَاصِبَيْنِ ثُمَّ أَبْرَأَهُمَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَلْفَهُ، وَالْغَاصِبُ الثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ لَوْ ضَمِنَ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي، وَالثَّانِي لَوْ ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَكَانَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَصَارَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ مَانِعًا اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبْرِئْهُمَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ النِّصَابِ الْمَذْكُورِ مَا مُلِكَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ؛ وَلِذَا قَالُوا: لَوْ أَنَّ سُلْطَانًا غَصَبَ مَالًا وَخَلَطَهُ صَارَ مِلْكًا لَهُ حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَوُرِثَ عَنْهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ خَلْطَ دَرَاهِمِهِ بِدَرَاهِمِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ اسْتِهْلَاكٌ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا فَلَا يَضْمَنُ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الضَّمَانِ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ فَإِنَّمَا يُورَثُ حِصَّةُ الْمَيِّتِ مِنْهُ

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَوْلُهُ: أَرْفَقُ بِالنَّاسِ؛ إذْ قَلَّمَا يَخْلُو مَالٌ عَنْ غَصْبٍ اهـ.

هَكَذَا ذَكَرُوا، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْخَلْطِ فَهُوَ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ وَالشَّرْطُ الْفَرَاغُ عَنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا وَلِذَا شَرَطَ فِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ أَنْ يُبْرِئَهُ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِشَغْلِهِ بِدَيْنِ الْكَفَالَةِ) أَقُولُ: إنَّمَا يَتَحَقَّقُ الشَّغْلُ فِي مَالِ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الزَّكَاةُ فِي مَالٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْأَخْذِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ مَشْغُولًا لَكِنْ بَعْدَ تَعْيِينِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِلْأَخْذِ ظَهَرَ شَغْلُ مَالِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ وَظَهَرَ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَدَمُ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لُزُومُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِمْ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الشَّغْلِ تَأَمَّلْ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْ أَحَدِهِمْ كَانَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مُسْتَحَقًّا لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا مَضَى الْحَوْلُ كَذَلِكَ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَالْغَاصِبُ الثَّانِي لَا) أَيْ لَا يُزَكِّي أَلْفَهُ لِمَا يَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ إقْرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الثَّانِي الْأَلْفَ؛ إذْ لَوْ بَقِيَتْ مَعَهُ يُزَكِّي أَلْفَهُ؛ لِأَنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا غَصَبَهُ

(قَوْلُهُ وَلِذَا قَالُوا: لَوْ أَنَّ سُلْطَانًا غَصَبَ مَالًا وَخَلَطَهُ إلَخْ) أَيْ خَلَطَهُ بِمَالِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَغَصَبَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَخَلَطَهَا بِبَعْضِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ كَانَ الْخَبِيثُ نِصَابًا لَا يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ وَاجِبُ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ فَلَا يُفِيدُ إيجَابَ التَّصَدُّقِ بِبَعْضِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الشرنبلالية وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ بِرَدِّهِ إلَى أَرْبَابِهِ إنْ عُلِمُوا وَإِلَّا إلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ يُوَفِّي مِنْهُ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ فَإِنْ كَانَ زَكَّى مَا قَدَرَ عَلَى وَفَائِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ: مَحْمِلُ مَا ذَكَرُوهُ مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا اسْتَهْلَكَهُ بِالْخَلْطِ يَفْضُلُ عَنْهُ فَلَا يُحِيطُ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، وَهَذَا طَبَّقَ مَا فَهِمْته، وَلِلَّهِ - تَعَالَى - الْمِنَّةُ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ رَأَيْت مَا يُفِيدُهُ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ عَنْ فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَمَنْ مَلَكَ أَمْوَالًا غَيْرَ طَيِّبَةٍ أَوْ غَصَبَ أَمْوَالًا وَخَلَطَهَا مَلَكَهَا بِالْخَلْطِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا نِصَابٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ، وَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ مَدْيُونٌ، وَمَالُ الْمَدْيُونِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا اهـ.

وَذَكَرَ فِي الشرنبلالية مِثْلَ مَا فِي السَّعْدِيَّةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَوُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُوَفِّي دَيْنَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نِصَابٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُوَفِّي دَيْنَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مَشْغُولًا بِالدَّيْنِ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُزَكِّي مَا زَادَ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ السَّعْدِيَّةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ النَّهْرِ وَعَلَى هَذَا فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا غَصَبَهُ بَلْ زَكَاةُ مَالِهِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ فَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ لَا يُقَالُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِ الزَّكَاةِ كَدُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا كَانَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِمَّا غَصَبَهُ وَخَلَطَهُ صَارَ مِلْكَهُ وَلَهُ جِهَةُ وَفَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَا كَانَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا فَلَوْ كَانَ مَدْيُونًا بِمَا يُسَاوِي حَوَائِجَهُ الْأَصْلِيَّةَ، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ لَزِمَ إيجَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الْفَقِيرِ الَّذِي يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ الدَّيْنَ يُصْرَفُ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ مَالُ الزَّكَاةِ وَغَيْرُهُ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَادِمٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَخَادِمٍ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى الْمِائَتَيْنِ دُونَ الْخَادِمِ خِلَافًا لِزُفَرَ

صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَدَائِعِ فَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ تَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِأَنَّ مَا غَصَبَهُ السُّلْطَانُ وَخَلَطَهُ بِمَالِهِ إنْ كَانَ أَصْحَابُهُ مَعْلُومِينَ فَلَا كَلَامَ فِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَهُمْ، وَعَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ قَبْلَ أَدَاءِ ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَعْلُومِينَ أَيْ لَا هُمْ، وَلَا وَرَثَتُهُمْ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكَهُ بِالْخَلْطِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَتْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً بِقَدْرِهِ

ص: 221

وُجُوبَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَيَمْنَعُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ مِنْ بَحْثِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى أَلْفِهِ زَكَّاهَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الْحَالِ لِجَوَازِ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهَا التَّصَدُّقَ اهـ.

وَشَرَطَ فَرَاغَهُ عَنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَشْغُولَ بِهَا كَالْمَعْدُومِ وَفَسَّرَهَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ بِمَا يَدْفَعُ الْهَلَاكَ عَنْ الْإِنْسَانِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَالثَّانِي كَالدَّيْنِ وَالْأَوَّلُ كَالنَّفَقَةِ وَدُورِ السُّكْنَى وَآلَاتِ الْحَرْبِ وَالثِّيَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا لِدَفْعِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَكَآلَاتِ الْحِرْفَةِ وَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا فَإِذَا كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ مُسْتَحَقَّةٌ لِيَصْرِفَهَا إلَى تِلْكَ الْحَوَائِجِ صَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَحَقَّ لِصَرْفِهِ إلَى الْعَطَشِ كَانَ كَالْمَعْدُومِ وَجَازَ عِنْدَهُ التَّيَمُّمُ اهـ.

فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ مَعَهُ دَرَاهِمُ وَأَمْسَكَهَا بِنِيَّةِ صَرْفِهَا إلَى حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَهِيَ عِنْدَهُ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي فَصْلِ زَكَاةِ الْعُرُوضِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي النَّقْدِ كَيْفَمَا أَمْسَكَهُ لِلنَّمَاءِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ اهـ.

وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي بَحْثِ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ، وَمِنْ آلَات الْحِرْفَةِ الصَّابُونُ وَالْحُرْضُ لِلْغَسَّالِ لَا لِلْبَقَّالِ بِخِلَافِ الْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ لِلصَّبَّاغِ وَالدُّهْنِ وَالْعَفْصِ لِلدَّبَّاغِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ وَقَوَارِيرُ الْعَطَّارِينَ وَلُجُمُ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ وَمَقَاوِدُهَا وَجِلَالُهَا إنْ كَانَ مِنْ غَرَضِ الْمُشْتَرِي بَيْعُهَا بِهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْأَهْلِ فِي الْكُتُبِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ لِمَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَلَيْسَتْ هِيَ لِلتِّجَارَةِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِنْ كَثُرَتْ لِعَدَمِ النَّمَاءِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ ذِكْرُ الْأَهْلِ فِي حَقِّ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ فَإِذَا كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا لِلتَّدْرِيسِ وَغَيْرِهِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، وَهِيَ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ اهـ.

فَغَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكُتُبَ لِغَيْرِ الْأَهْلِ لَيْسَتْ مِنْهَا، وَهُوَ تَقْيِيدٌ مُفِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ نَامِيًا وَالنَّمَاءُ فِي اللُّغَةِ بِالْمَدِّ الزِّيَادَةُ، وَالْقَصْرُ بِالْهَمْزِ خَطَأٌ يُقَالُ نَمَا الْمَالُ يَنْمِي نَمَاءً وَيَنْمُو نُمُوًّا وَأَنْمَاهُ اللَّهُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ

وَفِي الشَّرْعِ هُوَ نَوْعَانِ حَقِيقِيٌّ وَتَقْدِيرِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ الزِّيَادَةُ بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَاتِ، وَالتَّقْدِيرِيُّ تَمَكُّنُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ نَائِبِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهَا فِي مَالِهِ كَمَالِ الضِّمَارِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُرْجَى فَإِذَا رُجِيَ فَلَيْسَ بِضِمَارٍ، وَأَصْلُهُ الْإِضْمَارُ، وَهُوَ التَّغْيِيبُ وَالْإِخْفَاءُ، وَمِنْهُ أَضْمَرَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا، وَفِي الشَّرْعِ كُلُّ مَالٍ غَيْرِ مَقْدُورِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ قِيَامِ أَصْلِ الْمِلْكِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ مَهْرَ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَمَةٌ، وَدِيَةَ اللِّحْيَةِ الَّتِي تَنْبُتُ بَعْدَ حَلْقِهَا، وَالْمَالَ الْمُتَصَادَقَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَالْهِبَةَ الَّتِي رَجَعَ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ

ــ

[منحة الخالق]

لَكِنْ هَذَا دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فِي الدُّنْيَا فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ زَكَاةِ الْغَنَمِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الظَّلَمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْغَارِمِينَ وَالْفُقَرَاءِ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يَجُوزُ دَفْعُ الصَّدَقَةِ لِوَالِي خُرَاسَانَ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ سَقَطَ اهـ.

فَكَوْنُهُ فَقِيرًا يَجُوزُ دَفْعُ الصَّدَقَةِ إلَيْهِ يُنَافِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ نَعَمْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَصْرِفِ تَحْقِيقُ مَسْأَلَةِ مَنْ لَهُ نِصَابُ سَائِمَةٍ لَا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مَعَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِهِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَقْيِيدٌ مُفِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى) قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي شَرَائِطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ الَّتِي مِنْهَا الْفَرَاغُ عَنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَمُقْتَضَى الْقَيْدِ وُجُوبُهَا عَلَى غَيْرِ الْأَهْلِ لِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فِي حَقِّهِمْ، وَلَيْسَ بِالْوَاقِعِ لِفَقْدِ شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فَالْأَهْلُ وَغَيْرُ الْأَهْلِ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ. اهـ.

قُلْت: لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ: إنَّهُ تَقْيِيدٌ مُفِيدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِغَيْرِ الْأَهْلِ لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لَا أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَحَوَائِجُهُ الْأَصْلِيَّةُ لَا يَشْمَلُ الْكُتُبَ إلَّا لِمَنْ هُوَ أَهْلُهَا فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَأَمَّا لِمَنْ هُوَ غَيْرُ أَهْلِهَا فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ هُنَا ثُمَّ يُسْتَفَادُ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ: نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا التِّجَارَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عَلَيْهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ هَكَذَا، وَعَلَى هَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا، وَآلَاتُ الْمُحْتَرَفِينَ لِمَا قُلْنَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ يَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَامِيَةٍ وَأُورِدَ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ الْمَارُّ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ عَلَى تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لِمَا قُلْنَا بِمَا ذَكَرَهُ الِاعْتِرَاضُ وَارِدٌ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ إلَخْ فَلَا يَرِدُ قَوْلُهُ: إنَّ قَوْلَهُ لِأَهْلِهَا غَيْرُ مُفِيدٍ هَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ فِي الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ الْإِشَارَةِ إلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ ثُمَّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ اهـ وَهَذَا مَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ وَمُشْعِرٌ بِمَا قُلْنَا

ص: 222

مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الضِّمَارِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الْمَالُ فِي الْحَوْلِ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ ضِمَارًا فِي حَقِّهِ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ؛ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ ظَاهِرًا فِي الْحَوْلِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي التَّعْلِيلِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْهَالِكِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَمَالُ الضِّمَارِ هُوَ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ وَالْمَغْصُوبُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إلَّا فِي غَصْبِ السَّائِمَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ بَابِ الْمَصْرِفِ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إنَّمَا لَا يَكُونُ نِصَابًا إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي وَحَلَفَ، أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ يَكُونُ نِصَابًا حَتَّى لَوْ قَبَضَ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ اهـ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُقْبَلُ، وَالْقَاضِي قَدْ لَا يَعْدِلُ، وَقَدْ لَا يَظْهَرُ بِالْخُصُومَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمَانِعٍ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ، وَصَحَّحَهُ فِي التُّحْفَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ إلَى السَّرَخْسِيِّ، وَمِنْهُ الْمَفْقُودُ وَالْآبِقُ وَالْمَأْخُوذُ مُصَادَرَةً، وَالْمَالُ السَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ، وَالْمَدْفُونُ فِي الصَّحْرَاءِ الْمَنْسِيُّ مَكَانُهُ، فَلَوْ صَارَ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ جَدِيدٍ لِعَدَمِ الشَّرْطِ، وَهُوَ النُّمُوُّ، وَأَمَّا الْمَدْفُونُ فِي حِرْزٍ، وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ إذَا نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنْهُ فَيَكُونُ نِصَابًا، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْمَدْفُونِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ كَرْمٍ فَقِيلَ بِالْوُجُوبِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ حِرْزٍ، وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَهُ وَنَسِيَ الْمُودَعَ، قَالُوا: إنْ كَانَ الْمُودَعُ مِنْ الْأَجَانِبِ فَهُوَ ضِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لِتَفْرِيطِهِ بِالنِّسْيَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ

وَقَيَّدْنَا الدَّيْنَ بِالْمَجْحُودِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ أَوْ مُعْسِرٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ بِوَاسِطَةِ التَّحْصِيلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ مُفْلِسٍ فَهُوَ نِصَابٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ تَفْلِيسَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجِبُ لِتَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ عِنْدَهُ بِالتَّفْلِيسِ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي تَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ، وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الدَّيْنَ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهُوَ غَيْرُ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّيْنِ وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ فَنَقُولُ: قَسَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قَوِيٌّ، وَهُوَ بَدَلُ الْقَرْضِ، وَمَالُ التِّجَارَةِ، وَمُتَوَسِّطٌ، وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَثَمَنِ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَارِ السُّكْنَى، وَضَعِيفٌ، وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ، وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ، وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالسِّعَايَةِ فَفِي الْقَوِيِّ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، وَيَتَرَاخَى الْقَضَاءُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَفِيهَا دِرْهَمٌ، وَكَذَا فِيمَا زَادَ بِحِسَابِهِ، وَفِي الْمُتَوَسِّطِ لَا تَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا، وَيُعْتَبَرُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ فِي صَحِيحِ الرِّوَايَةِ، وَفِي الضَّعِيفِ لَا تَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا وَيَحُولُ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَثَمَنُ السَّائِمَةِ كَثَمَنِ عَبْدِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ وَرِثَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَهُوَ كَالدَّيْنِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا) قَالَ فِي النَّهْرِ: فِيهِ بَحْثٌ، فَإِنَّ تَعْلِيلَ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْرَ مَرْجُوٍّ الْقُدْرَةُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ كَوْنَهُ ضِمَارًا يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ نَعَمْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ كَالْهَالِكِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَتَدَبَّرْهُ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ، وَالْمَأْخُوذُ فِي مَفْهُومِ الضِّمَارِ غَيْبَتُهُ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ لَا مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ فَأَنَّى يَكُونُ ضِمَارًا بِدُونِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ إسْمَاعِيلَ اعْتَرَضَ عَلَى النَّهْرِ فَقَالَ فِيهِ: إنَّ تَعْلِيلَ الْفَتْحِ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ ضِمَارًا لَوْ كَانَ مِلْكًا لِمَنْ غَابَ عَنْهُ إذْ ذَاكَ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ ظَاهِرًا فِي الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ اهـ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَقْبِضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) أَيْ الْأَدَاءُ بِالتَّرَاخِي إلَى قَبْضِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: فَفِيهَا دِرْهَمٌ) لِأَنَّ مَا دُونَ الْخُمُسِ مِنْ النِّصَابِ عَفْوٌ لَا زَكَاةَ فِيهِ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِيمَا زَادَ بِحِسَابِهِ) أَيْ وَكُلَّمَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّ الْكُسُورَ الَّتِي دُونَ الْخُمُسِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ لِمَا مَضَى إلَخْ) أَيْ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ بَلْ يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ، وَهِيَ خِلَافُ الْأَصَحِّ

قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَدَاءِ مَا لَمْ يَقْبِضْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا قَبَضَهَا زَكَّى لِمَا مَضَى، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمِائَتَيْنِ وَيَحُولُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ اهـ.

وَكَذَا صَرَّحَ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَثَمَنُ السَّائِمَةِ كَثَمَنِ عَبْدِ الْخِدْمَةِ) أَيْ هُوَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُتَوَسِّطِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَدَلُ مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ وَجَعَلَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْقَوِيِّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ مَالٍ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ عَنْ مَالٍ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَهُوَ الدَّيْنُ الْقَوِيُّ وَالْآخَرُ مَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَهَذَا هُوَ الدَّيْنُ الْمُتَوَسِّطُ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ تَعْرِيفِ الدُّيُونِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ تَأَمَّلْ يَقُولُ الْفَقِيرُ مَحْمُودٌ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ: مُجَرِّدُ هَذِهِ الْحَوَاشِي، وَرَأَيْت هُنَا عَلَى هَامِشِ الْبَحْرِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا صُورَتُهُ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: ثُمَّ الدَّيْنُ إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ

ص: 223

الْوَسَطِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَالضَّعِيفِ وَعِنْدَهُمَا الدُّيُونُ كُلُّهَا سَوَاءٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكُلَّمَا قَبَضَ شَيْئًا زَكَّاهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إلَّا دَيْنَ الْكِتَابَةِ وَالسِّعَايَةِ

وَفِي رِوَايَةٍ أَخْرَجَا الدِّيَةَ أَيْضًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا وَأَرْشَ الْجِرَاحَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ فَلِذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ مِنْ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بِطَرِيقِ الصِّلَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: الْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَبَّبَاتِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ، وَلَوْ آجَرَ عَبْدَهُ أَوْ دَارِهِ بِنِصَابٍ إنْ لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ لَا تَجِبُ مَا لَمْ يَحُلْ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْقَوِيِّ؛ لِأَنَّ أُجْرَةَ مَالِ التِّجَارَةِ كَثَمَنِ مَالِ التِّجَارَةِ فِي صَحِيحِ الرِّوَايَةِ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَبْدًا مُشْتَرَكًا، وَاخْتَارَ الْمَوْلَى تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ لِلتِّجَارَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ دَيْنِ الْوَسَطِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الدَّيْنِ الضَّعِيفِ اهـ.

وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَحُكْمُ هَذَا الدَّيْنِ حُكْمُ الدَّيْنِ الْقَوِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَلَعَلَّهُ لَيْسَ بَدَلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَوْلَى مُخَيَّرٌ ثُمَّ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ آخَرُ لِلتِّجَارَةِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ آخَرُ لِلتِّجَارَةِ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ الضَّعِيفِ مَضْمُومًا إلَى مَا عِنْدَهُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِيهِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَاسْتَفَادَ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمُسْتَفَادَ إلَى الدَّيْنِ فِي حَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مِنْ الْمُسْتَفَادِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا سَقَطَ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُسْتَفَادِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ مَضْمُومًا إلَى الدَّيْنِ تَبَعًا لَهُ فَسَقَطَ

ــ

[منحة الخالق]

فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ وَبَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَبَدَلِ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبَدَنِ فَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى

وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا قَبَضَ الْمِائَتَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ كَبَدَلِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي نِصَابِ الْأَدَاءِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يُقَدَّرُ ذَلِكَ بِأَرْبَعِينَ، وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ فِي قَلِيلِ الْمَقْبُوضِ وَكَثِيرِهِ إلَّا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَدَلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُمَا اشْتَرَطَا فِيهِمَا حَوَلَانَ الْحَوْلِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ الدُّيُونِ صَحِيحَةٌ سِوَى هَذَيْنِ ثُمَّ الدُّيُونُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ مُعْتَرَفٍ بِهِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَجَبَ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ لَنَا، أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ التَّعْجِيلُ لَلَزِمَ إخْرَاجُ الْكَامِلِ عَنْ النَّاقِصِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَإِخْرَاجِ الْبِيضِ عَنْ السُّودِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَنْقَصُ مِنْ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَكُلَّمَا قَبَضَ شَيْئًا زَكَّاهُ) أَيْ وَكُلَّمَا قَبَضَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ قَلَّ الْمَقْبُوضُ أَوْ كَثُرَ اهـ مَا رَأَيْته (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْقَوِيِّ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ حَيْثُ قَالَ: وَفِي أُجْرَةِ مَالِ التِّجَارَةِ، أَوْ عَبْدِ التِّجَارَةِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ حَقِيقَةً فَصَارَ كَالْمَهْرِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَيَجِبُ الْأَدَاءُ إذَا قَبَضَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ مَالٍ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَالٌ حَقِيقَةً لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى سَنَةً اهـ.

قُلْت: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْ الدَّيْنِ الضَّعِيفِ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لَا مِنْ الْقَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ مَالَ زَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَالًا حَقِيقَةً تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ إلَخْ) يَقُولُ: مُجَرِّدُ هَذِهِ الْحَوَاشِي رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَلَى هَامِشِ الْبَحْرِ هُنَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ مَا نَصُّهُ: وَقَالَ قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ الْحَوْلُ إلَّا شَهْرًا ثُمَّ اسْتَفَادَ أَلْفًا فَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَلْفِ مَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الدَّيْنِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ عَنْ الْأَصْلِ لَا يَجِبُ عَنْ الْفَائِدَةِ اهـ.

وَرَأَيْت أَيْضًا بِخَطِّهِ هُنَا عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ بِالضَّمِّ صَارَ كَالْمَوْجُودِ إلَخْ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمَا بِقَوْلِهِ صَارَ كَالْمَوْجُودِ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ يُعْطِي أَنَّ النَّقْدَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ غَيْرَ مُسْتَفَادٍ فِي أَثْنَائِهِ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَكُونُ النَّقْدُ نِصَابًا بِضَمِّهِ إلَى الدَّيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَهُ مِائَةٌ نَقْدٌ وَمِائَةٌ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ يَجِبُ الزَّكَاةُ وَكَمُلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ اهـ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي يَدِهِ، وَمِائَةٌ أُخْرَى دَيْنًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ ذَكَرَ عِصَامٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ مَالِ التِّجَارَةِ، وَيَكُونُ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا مُقِرًّا بِالدَّيْنِ اهـ. مَا رَأَيْته

ص: 224

بِسُقُوطِهِ، وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ لِأَنَّهُ بِالضَّمِّ صَارَ كَالْمَوْجُودِ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الدَّيْنِ أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، قِيلَ: لَا يَكُونُ نِصَابًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ نَاقِصٌ بِافْتِقَادِ الْيَدِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ مَالٍ كَانَتْ يَدُهُ ثَابِتَةً عَلَيْهِ، وَقَدْ أَمْكَنَهُ احْتِوَاءُ الْيَدِ عَلَى الْعِوَضِ فَتُعْتَبَرُ يَدُهُ بَاقِيَةً عَلَى النِّصَابِ بِاعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ شَرْعًا اهـ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعْنَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ

وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ فِيمَا مَضَى كَالدَّيْنِ الْقَوِيِّ، وَفِي الْمُحِيطِ: رَجُلٌ وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلِ وَوَكَّلَ بِقَبْضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَبْضِ صَاحِبِ الْمَالِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبْرِئْ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْهُ أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمَدْيُونَ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعِ أَوْ قَرْضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِكَوْنِ الْمَدْيُونِ مُعْسِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَهُوَ اسْتِهْلَاكٌ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ، وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلنَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا قِسْمَانِ خِلْقِيٌّ وَفِعْلِيٌّ فَالْخِلْقِيُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِلِانْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهَا فِي دَفْعِ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِعْدَادِ مِنْ الْعَبْدِ لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ؛ إذْ النِّيَّةُ لِلتَّعْيِينِ، وَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ لِلتِّجَارَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا نَوَى التِّجَارَةَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا، أَوْ نَوَى النَّفَقَةَ، وَالْفِعْلِيُّ مَا سِوَاهُمَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِعْدَادُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ إذَا كَانَتْ عُرُوضًا، وَكَذَا فِي الْمَوَاشِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ الْإِسَامَةِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا تَصْلُحُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ تَصْلُحُ لِلْحَمْلِ وَلِلرُّكُوبِ ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ وَالْإِسَامَةِ لَا تُعْتَبَرُ مَا لَمْ تَتَّصِلْ بِفِعْلِ التِّجَارَةِ وَالْإِسَامَةِ ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ قَدْ تَكُونُ صَرِيحًا، وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ بِهِ لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ شِرَاءً أَوْ إجَارَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَوْ نَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْبِذْلَةِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ، فَخَرَجَ مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْمِيرَاثِ فَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ

وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ نَوَى، أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا دَخَلَ مِنْ أَرْضِهِ حِنْطَةٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا قِيمَةَ نِصَابٍ، وَنَوَى أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَبِيعَهَا وَأَمْسَكَهَا حَوْلًا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ، وَزَرَعَهَا فِي أَرْضِ عُشْرٍ اسْتَأْجَرَهَا كَانَ فِيهَا الْعُشْرُ لَا غَيْرُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ إنَّمَا عَلَيْهِ حَقُّ الْأَرْضِ مِنْ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ، وَخَرَجَ مَا مَلَكَهُ بِعَقْدٍ لَيْسَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ أَصْلًا كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ كَالْمَهْرِ، وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَبَدَلِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ كَسْبُ الْمَالِ بِبَدَلٍ هُوَ مَالٌ، وَالْقَبُولُ هُنَا اكْتِسَابُ الْمَالِ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَصْلًا فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ فَلَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِعَمَلِ التِّجَارَةِ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَقَيَّدْنَا بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لِلتِّجَارَةِ إذَا قَتَلَهُ عَبْدٌ خَطَأً، وَدُفَعَ بِهِ فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ عُرُوضًا، وَنَوَى أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَى عُرُوضًا لِلْبِذْلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْإِطْلَاقِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الضَّعِيفِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

أَيْ لِأَنَّ الضَّعِيفَ لَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَا لَمْ يَمْضِ حَوْلٌ فَيَكُونُ إبْرَاءُ الْمُوسِرِ اسْتِهْلَاكًا قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ) نَصُّ عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ: وَلَوْ اسْتَقْرَضَ عُرُوضًا، وَنَوَى أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يَنْقَلِبُ مُعَاوَضَةَ الْمَالِ بِالْمَالِ فِي الْعَاقِبَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَاسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ قَبْلَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ الْأَقْفِزَةَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَيَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ دُونَ الْجِنْسِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالِ الزَّكَاةِ فَقَوْلُهُ: اسْتَقْرَضَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْرَضَ لِلتِّجَارَةِ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ، وَهُوَ تَبَرُّعٌ لَا تِجَارَةٌ فَلَمْ تُوجَدْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ مُقَارِنَةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ اهـ. كَلَامُ الْبَدَائِعِ

فَعَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْجَامِعِ إذَا نَوَى التِّجَارَةَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا اسْتَقْرَضَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مَشْغُولٌ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَنْصَرِفُ إلَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي يَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ حَتَّى لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْأَقْفِزَةِ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا يَضُمُّ مَا زَادَ فِي قِيمَتِهَا إلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ الَّتِي فِي يَدِهِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَزِدْ صُرِفَ الْقَرْضُ إلَيْهَا، وَإِنْ لَزِمَ نَقْصُهَا عَنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهَا تُضَمُّ إلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَيُزَكِّي عَنْهُمَا جَمِيعًا إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ خِلَافُ الْأَصَحِّ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ

ص: 225

وَالْمِهْنَةِ ثُمَّ نَوَى أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ مَا لَمْ يَبِعْهَا فَيَكُونُ بَدَلُهَا لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ عَمَلٌ فَلَا تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَى أَنْ تَكُونَ لِلْبِذْلَةِ خَرَجَ عَنْ التِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ؛ لِأَنَّهَا تَرْكُ الْعَمَلِ فَتَتِمُّ بِهَا قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَنَظِيرُهُ الْمُقِيمُ وَالصَّائِمُ وَالْكَافِرُ وَالْعَلُوفَةُ وَالسَّائِمَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا، وَلَا مُفْطِرًا، وَلَا مُسْلِمًا، وَلَا سَائِمَةً، وَلَا عَلُوفَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَيَكُونُ مُقِيمًا وَصَائِمًا وَكَافِرًا بِالنِّيَّةِ اهـ.

فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْعَلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ، وَالْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْعَلُوفَةَ لَا تَصِيرُ سَائِمَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالسَّائِمَةُ تَصِيرُ عَلُوفَةً بِمُجَرَّدِهَا، وَقَدْ ظَهَرَ لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَى أَنْ تَكُونَ السَّائِمَةُ عَلُوفَةً، وَهِيَ فِي الْمَرْعَى، وَلَمْ يُخْرِجْهَا بَعْدُ فَإِنَّهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ لَا تَكُونُ عَلُوفَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ، وَهُوَ إخْرَاجُهَا مِنْ الْمَرْعَى، وَلَمْ يُرِدْ بِالْعَمَلِ أَنْ يَعْلِفَهَا، وَكَلَامُ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَى أَنْ تَكُونَ عَلُوفَةً بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَرْعَى، وَهَذَا التَّوْفِيقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي النِّهَايَةِ فِي تَعْرِيفِ السَّائِمَةِ فَلْيُرَاجَعْ

وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ بِعَرَضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَيَصِيرَ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ صَرِيحًا لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ الِاخْتِلَافَ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدَّةٍ لِلتِّجَارَةِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ كَانُوا يُصَحِّحُونَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ لَكِنْ قَدْ يَقْصِدُ بِبَدَلِ مَنَافِعِهَا الْمَنْفَعَةَ فَيُؤَاجِرُ الدَّابَّةَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا وَالدَّارَ لِلْعِمَارَةِ فَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ مَعَ التَّرَدُّدِ إلَّا بِالنِّيَّةِ اهـ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ لِلْوُجُوبِ مَا يَشْتَرِيهِ الْمُضَارِبُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا أَوْ نَوَى الشِّرَاءَ لِلنَّفَقَةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبِيدًا بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى لَهُمْ كِسْوَةً وَطَعَامًا لِلنَّفَقَةِ كَانَ الْكُلُّ لِلتِّجَارَةِ، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا الشِّرَاءَ لِلتِّجَارَةِ بِمَالِهَا، وَإِنْ نَصَّ عَلَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اشْتَرَى عَبِيدًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ اشْتَرَى لَهُمْ طَعَامًا وَثِيَابًا لِلنَّفَقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَدْخُلُ فِي نِيَّةِ التِّجَارَةِ مَا يَشْتَرِيهِ الصَّبَّاغُ بِنِيَّةِ أَنْ يَصْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ بِالْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، وَضَابِطُهُ أَنَّ مَا يَبْقَى أَثَرُهُ فِي الْعَيْنِ فَهُوَ مَالُ التِّجَارَةِ، وَمَا لَا يَبْقَى أَثَرُهُ فِيهَا فَلَيْسَ مِنْهُ كَصَابُونِ الْغَسَّالِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ الْعِلْمَ بِهِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِالْكَوْنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ ذَكَرَ الشُّرُوطَ الْعَامَّةَ هُنَا كَالْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ فَيَنْبَغِي ذِكْرُهُ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَشَرْطُ أَدَائِهَا نِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ لِلْأَدَاءِ أَوْ لِعَزْلِ مَا وَجَبَ أَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ) بَيَانٌ لِشَرْطِ الصِّحَّةِ فَإِنَّ شَرَائِطَهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: شَرَائِطُ وُجُوبٍ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ إلَّا الْحَوْلَ، فَإِنَّهُ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاء بِدَلِيلِ جَوَازِ التَّعْجِيلِ قَبْلَهُ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَهِيَ شَرْطُ الصِّحَّةِ لِكُلِّ عِبَادَةٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ تَفَاصِيلِهَا، وَالْأَصْلُ اقْتِرَانُهَا بِالْأَدَاءِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ إلَّا أَنَّ الدَّفْعَ يَتَفَرَّقُ فَيَخْرُجُ بِاسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلِّ دَفْعٍ فَاكْتَفَى بِوُجُودِهَا حَالَةَ الْعَزْلِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ بِلَا نِيَّةٍ فِيمَا إذَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْهُ، وَقَدْ وَصَلَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِدَفْعِ الْمُزَاحِمِ فَلَمَّا أَدَّى الْكُلَّ زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ، أَطْلَقَ الْمُقَارَنَةَ فَشَمِلَ الْمُقَارَنَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْحُكْمِيَّةَ كَمَا إذَا دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ حَضَرَتْهُ النِّيَّةُ وَالْمَالُ قَائِمٌ فِي يَدِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى بَعْدَ هَلَاكِهِ وَكَمَا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِدَفْعِ زَكَاةِ مَالِهِ وَنَوَى الْمَالِكُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَدَفَعَ الْوَكِيلُ بِلَا نِيَّةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَدِّي حَقِيقَةً، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى ذِمِّيٍّ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْآمِرِ وَلَوْ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ فَأَجَازَ لَمْ

ــ

[منحة الخالق]

نَحْوَ عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ الْمَارَّةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَيْ نِيَّةَ التِّجَارَةِ فِي الْقَرْضِ لَا تَعْمَلُ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ بِمَعْنَى الْعَارِيَّةُ، وَنِيَّةُ الْعَوَارِيِّ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً لِغَيْرِ التِّجَارَةِ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً كَانَتْ عِنْدَ الْمُقْرِضِ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَادَتْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، وَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ الْمُقْرِضِ لِلتِّجَارَةِ، فَإِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَادَتْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: فِي الدِّرَايَةِ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ السَّائِمَةَ أَوْ يَسْتَعْمِلَهَا أَوْ يَعْلِفَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْعَمَلَ، وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَمْ يَنْعَدِمْ بِهِ وَصْفُ الْإِسَامَةِ، وَلَوْ نَوَى فِي الْعَلُوفَةِ صَارَتْ سَائِمَةً؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِسَامَةِ يَثْبُتُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ، وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخُلَاصَةِ، وَهَذَا يُخَالِفُ النَّقْلَيْنِ فَتَدَبَّرْهُ

ص: 226