الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْمُجْتَبَى: وَالْمَلَّاحُ مُسَافِرٌ إلَّا عِنْدَ الْحَسَنِ وَسَفِينَتُهُ أَيْضًا لَيْسَتْ بِوَطَنٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الْوَقْتِ صَحَّ وَأَتَمَّ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ لِلتَّبَعِيَّةِ كَمَا تَتَغَيَّرُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ لِاتِّصَالِ الْمُغَيَّرِ بِالسَّبَبِ، وَهُوَ الْوَقْتُ وَفَرْضُ الْمُسَافِرِ قَابِلٌ لِلتَّغَيُّرِ حَالَ قِيَامِ الْوَقْتِ كَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ التَّغْيِيرُ لِضَرُورَةِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ أَفْسَدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِزَوَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فِي فَرْضِهِ يَنْوِي النَّفَلَ حَيْثُ يُصَلِّي أَرْبَعًا إذَا أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَدَاءَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُنَا لَمْ يَقْصِدْ سِوَى إسْقَاطِ فَرْضِهِ غَيْرَ أَنَّهُ تَغَيَّرَ ضَرُورَةُ مُتَابَعَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَا لَوْ اقْتَدَى الْمُقِيمُ بِالْمُسَافِرِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ الْمُقِيمَ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُؤْتَمُّ خَلِيفَةً عَنْ الْمُسَافِرِ كَانَ الْمُسَافِرُ كَأَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ الْخَلِيفَةُ صِفَةَ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ ثُمَّ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ إذَا لَمْ يَجْلِسْ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَتَابَعَهُ الْمُسَافِرُ فَقَدْ قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ، وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ صَارَتْ أَرْبَعًا بِالتَّبَعِيَّةِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَصَحَّحَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّف إلَى أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلتَّبَعِيَّةِ فَلَوْ أَمَّ الْمُسَافِرُ مُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ فَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ تَكَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسَافِرِينَ أَوْ قَامَ فَذَهَبَ ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْمُسَافِرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا إلَى الْأَرْبَعِ وَصَلَاةُ مَنْ تَكَلَّمَ تَامَّةٌ فَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَزِمَهُ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ
(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْوَقْتِ لِانْقِضَاءِ السَّبَبِ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَيَكُونُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ التَّحْرِيمَةِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ التَّحْرِيمَةَ غَيْرَ الشَّارِحِ وَالْحَدَّادِيِّ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْقَعْدَةَ تَصِيرُ فَرْضًا فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ وَغَيْرَ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّفْلِ فِي عِبَارَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَاجِبُ فَإِنَّ الْقَعْدَةَ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَكَانَ الْإِمَامُ قَدْ قَرَأَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَالْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي نَافِلَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ صَلَّى الشَّفْعَ الْأَوَّلَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَمُقْتَضَى الْمُتُونِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لَا فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ، وَلَا الْقِرَاءَةِ
وَأَمَّا التَّحْرِيمَةُ فَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُ الْحَدَّادِيِّ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْفَرْضِ لَا غَيْرُ وَأَجَابَ فِي الْمُحِيطِ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَالْقَضَاءُ يَلْتَحِقُ بِمَحَلِّهِ فَلَا يَبْقَى لِلْأَخِرَيْنِ قِرَاءَةٌ اهـ.
يَعْنِي: فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقُيِّدَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ رُبَاعِيَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ ثُنَائِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ كَانَتْ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ مُؤَدَّاةً فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ يَرَى قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْإِمَامُ يَرَى قَوْلَهُمَا وَقَوْلَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَهُ فِي الظُّهْرِ بَعْدَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْمِثْلَيْنِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ. اهـ.
وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ كَوْنُهَا فَائِتَةً
ــ
[منحة الخالق]
[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) دَفَعَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَعْنَى اقْتَدَى نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الصِّحَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقِرَاءَةِ نَافِلَةً فِي الشَّفْعِ الثَّانِي إذَا قَرَأَ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ فَرْضًا فِيهِ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ الْتِحَاقُهَا بِالْأَوَّلِ فَيَكُونُ الثَّانِي خَالِيًا عَنْ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُحِيطِ وَلَكِنْ قَدَّمَ الْخِلَافَ فِي بَابِ السَّهْوِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ هَلْ هِيَ أَدَاءً أَمْ قَضَاءً، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُ الْحَدَّادِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَزَاهُ فِي السِّرَاجِ إلَى الْحَوَاشِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْفَرْضِ لَا غَيْرُ، وَإِنَّمَا زِيدَ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَفْلِيَّةِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَالْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي السِّرَاجِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابَ الْمُحِيطِ الْآتِي، ثُمَّ قَالَ وَأَقُولُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهَ الْفَسَادِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْأُولَيَيْنِ لِلْقِرَاءَةِ قَالَ: وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ الْفَسَادِ وَأَمَّا رِوَايَةُ الصِّحَّةِ فَلَا يَخْلُو مِنْ احْتِيَاجِهَا إلَى تَأَمُّلٍ
فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَائِتَةً فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَوْ لَا بِأَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ فَاقْتَدَى بِهِ مُسَافِرٌ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ فَائِتَةٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لَا فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ وَأَتَمَّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مُؤَثِّرٌ فِي الرُّبَاعِيِّ فَقَطْ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَا يَبْطُلُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَصَارَ تَبَعًا لَهُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ، وَإِنَّمَا يَتَأَكَّدُ وُجُوبُ الرَّكْعَتَيْنِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، وَلَوْ نَامَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَبَهَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا، وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
(قَوْلُهُ وَبِعَكْسِهِ صَحَّ فِيهِمَا) ، وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدَةٌ وَالْقِعْدَةُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ غَيْرُ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي وَبِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ جَائِزٌ، وَقَدْ «أَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسَافِرٌ أَهْلَ مَكَّةَ وَقَالَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» ، وَهُوَ جَمْعُ سَافِرٍ كَرَكْبٍ جَمْعُ رَاكِبٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ كُلُّ مُسَافِرٍ صَلَّى بِمُقِيمٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِمَامِ قَبْلَ ذَهَابِهِ فَيَحْكُمُ حِينَئِذٍ بِفَسَادِ صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إقَامَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إفْسَادِهِ بِسَلَامِهِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتَاوَى إذَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ لَا يَدْرِي أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ شَرْطُ الْأَدَاءِ بِجَمَاعَةٍ اهـ.
لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْقَوْمِ بِقَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَمُسَافِرٌ هُوَ أَمْ مُقِيمٌ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِيمِينَ أَمْ مُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ أَنَّهُ مُقِيمٌ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، فَإِنْ سَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مُسَافِرٌ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ لَا تَفْسُدُ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ بِالظَّاهِرِ فِي مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُعَرِّفًا صِحَّةَ سَلَامِهِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتِمُّوا ثُمَّ يَسْأَلُوهُ فَتَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَقُولُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ الْأَصَحُّ الثَّانِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَامَ الْمُقْتَدِي الْمُقِيمُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَنَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ قَبْلَ سُجُودِهِ رُفِضَ ذَلِكَ وَتَابَعَ الْإِمَامَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَ فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ خُرُوجُهُ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ بَقِيَ رَكْعَتَانِ عَلَى الْإِمَامِ بِوَاسِطَةِ التَّغَيُّرِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ فِيهِمَا فَإِذَا انْفَرَدَ فَسَدَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ بَعْدَمَا سَجَدَ الْمُقْتَدِي فَإِنَّهُ يُتِمُّ مُنْفَرِدًا فَلَوْ رَفَضَ وَتَابَعَ فَسَدَتْ لِاقْتِدَائِهِ حَيْثُ وَجَبَ الِانْفِرَادُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مُسَافِرٌ أَمَّ قَوْمًا مُقِيمِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَوَى الْإِقَامَةَ لَا لِتَحْقِيقِ الْإِقَامَةِ بَلْ لِيُتِمَّ صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا اهـ.
وَفِي الْعُمْدَةِ مُسَافِرٌ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَقَدَّمَ مُقِيمًا يُتِمُّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَيَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ مُسَافِرًا يُسَلِّمُ ثُمَّ يُتِمُّ الْمُقِيمُ صَلَاتَهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ مُسَافِرٌ أَمَّ مُسَافِرِينَ فَأَحْدَثَ فَقَدَّمَ مُسَافِرًا آخَرَ فَنَوَى الثَّانِي الْإِقَامَةَ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَوْمِ إنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا اهـ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِي الْتَزَمَ الْمُوَافَقَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْفَرِدُ فِي الْبَاقِي كَالْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لَا فِعْلًا وَالْفَرْضُ صَارَ مُؤَدًّى فَيَتْرُكُهَا احْتِيَاطًا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ فَلَمْ يَتَأَدَّ الْفَرْضُ فَكَانَ الْإِتْيَانُ أَوْلَى اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَقْضُونَ، وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِمْ إذَا سَهَوْا، وَلَا يَقْتَدِي أَحَدُهُمْ بِالْآخِرِ اهـ.
فَلَوْ اقْتَدَى أَحَدُهُمْ بِالْآخَرِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِانْفِرَادُ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا) أَيْ لَا وَاجِبًا (قَوْلُهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ اتَّبَعُوهُ حَتَّى لَوْ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ هَذَا اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَلَا يَصِحُّ اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوُوا مُفَارَقَتَهُ أَمَّا إذَا نَوَوْا مُفَارَقَتَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ وَافَقُوهُ فِي الْإِتْمَامِ صُورَةً إذْ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّةِ مُفَارَقَتِهِ بَعْدَ إتْمَامِ فَرْضِهِ، وَاتِّصَالُ النَّفْلِ مِنْهُ بِصَلَاتِهِ لَا يَمْنَعُهَا بِلَا شُبْهَةٍ، وَفِي قَوْلِهِ لَوْ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ مَعَهُ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَسُكُوتُ قَاضِي خان وَصَاحِبِ الْخُلَاصَةِ عَنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ رُبَّمَا يَكُونُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِمْ إذَا سَهْوًا) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ.
تَامَّةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْقُنْيَةِ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِمُسَافِرٍ فَتَرَكَ الْقِعْدَةَ مَعَ إمَامِهِ فَسَدَتْ فَالْقِعْدَتَانِ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ وَهِيَ نَفْلٌ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِمِثْلِهِ لَا السَّفَرِ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ بِمِثْلِهِ وَالسَّفَرِ وَالْأَصْلِيِّ) ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَبْطُلُ بِمَا هُوَ مِثْلُهُ لَا بِمَا هُوَ دُونَهُ فَلَا يَصْلُحُ مُبْطِلًا لَهُ وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه كَانَ حَاجًّا يُصَلِّي بِعَرَفَاتٍ أَرْبَعًا فَاتَّبَعُوهُ فَاعْتَذَرَ، وَقَالَ: إنِّي تَأَهَّلْت بِمَكَّةَ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَأَهَّلَ بِبَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْهَا» وَالْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ هُوَ وَطَنُ الْإِنْسَانِ فِي بَلْدَتِهِ أَوْ بَلْدَةٍ أُخْرَى اتَّخَذَهَا دَارًا وَتَوَطَّنَ بِهَا مَعَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِهِ الِارْتِحَالُ عَنْهَا بَلْ التَّعَيُّشُ بِهَا وَهَذَا الْوَطَنُ يَبْطُلُ بِمِثْلِهِ لَا غَيْرُ، وَهُوَ أَنْ يَتَوَطَّنَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَيَنْقُلَ الْأَهْلَ إلَيْهَا فَيَخْرُجَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا حَتَّى لَوْ دَخَلَهُ مُسَافِرًا لَا يُتِمُّ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ انْتَقَلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ بِهِمْ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْدَثَ أَهْلًا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْطُلْ وَيُتِمُّ فِيهِمَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارِهِ وَنَقَلَ عِيَالَهُ وَخَرَجَ يُرِيدُ أَنْ يَتَوَطَّنَ بَلْدَةً أُخْرَى ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَتَوَطَّنَ مَا قَصَدَهُ أَوَّلًا وَيَتَوَطَّنَ بَلْدَةً غَيْرَهَا فَمَرَّ بِبَلَدِهِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَطَّنْ غَيْرَهُ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِالْكُوفَةِ، وَأَهْلٌ بِالْبَصْرَةِ فَمَاتَ أَهْلُهُ بِالْبَصْرَةِ وَبَقِيَ لَهُ دُورٌ وَعَقَارٌ بِالْبَصْرَةِ قِيلَ الْبَصْرَةِ لَا تَبْقَى وَطَنًا لَهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ وَطَنًا بِالْأَهْلِ لَا بِالْعَقَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَأَهَّلَ بِبَلْدَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا عَقَارٌ صَارَتْ وَطَنًا لَهُ، وَقِيلَ تَبْقَى وَطَنًا لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَطَنًا لَهُ بِالْأَهْلِ وَالدَّارِ جَمِيعًا فَبِزَوَالِ أَحَدِهِمَا لَا يَرْتَفِعُ الْوَطَنُ كَوَطَنِ الْإِقَامَةِ يَبْقَى بِبَقَاءِ الثَّقَلِ وَإِنْ أَقَامَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى نَقْلُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا نَقَلَ أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ وَبَقِيَ لَهُ دُورٌ وَعَقَارٌ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا جَوَابُ وَاقِعَةٍ اُبْتُلِينَا بِهَا وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَطِّنِينَ فِي الْبِلَادِ، وَلَهُمْ دُورٌ وَعَقَارٌ فِي الْقُرَى الْبَعِيدَةِ مِنْهَا يُصَيِّفُونَ بِهَا بِأَهْلِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا أَنَّهُمَا وَطَنَانِ لَهُ لَا يَبْطُلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَقَوْلُهُ لَا السَّفَرُ أَيْ لَا يَبْطُلُ الْأَصْلِيُّ بِالسَّفَرِ حَتَّى يَصِيرَ مُقِيمًا بِالْعَوْدِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ، وَكَذَا لَا يَبْطُلُ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَأَمَّا وَطَنُ الْإِقَامَةِ فَهُوَ الْوَطَنُ الَّذِي يَقْصِدُ الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِيهِ، وَهُوَ صَالِحٌ لَهَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَهُوَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِالْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ وَبِمِثْلِهِ وَبِالسَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ أَطْلَقَهُ فَأَفَادَهُ أَنَّ تَقْدِيمَ السَّفَرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَوَطَنِ الْإِقَامَةِ فَالْأَصْلِيُّ بِالْإِجْمَاعِ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَفِي أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَصِيرُ الْوَطَنُ وَطَنَ إقَامَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ سَفَرٌ، وَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةُ سَفَرٍ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ لَا لِقَصْدِ السَّفَرِ فَوَصَلَ إلَى قَرْيَةٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَصِيرُ تِلْكَ الْقَرْيَةُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُدَّةُ سَفَرٍ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ السَّفَرِ، وَكَذَا إذَا قَصَدَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ وَخَرَجَ فَلَمَّا وَصَلَ إلَى قَرْيَةٍ مَسِيرَتُهَا مِنْ وَطَنِهِ دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَصِيرُ مُقِيمًا، وَلَا تَصِيرُ تِلْكَ الْقَرْيَةُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ مِثَالُهُ قَاهِرِيٌّ خَرَجَ إلَى بِلْبِيسَ فَنَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا، وَإِنْ قَصَدَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسَافَرَ بَطَلَ وَطَنُهُ بِبِلْبِيسَ حَتَّى لَوْ مَرَّ بِهِ فِي الْعَوْدِ لَا يُتِمُّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَخَرَجَ إلَى الصَّالِحِيَّةِ، فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا نِصْفَ شَهْرٍ أَتَمَّ بِهَا وَبَطَلَ وَطَنُهُ بِبِلْبِيسَ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ مُسَافِرًا لَا يُتِمُّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ بِهَا لَمْ يَبْطُلْ وَطَنُهُ بِبِلْبِيسَ حَتَّى يُتِمَّ إذَا دَخَلَهُ وَإِنْ عَادَ إلَى مِصْرَ بَطَلَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَبْطُلُ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَعُلِمَ السَّفَرُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ سَفَرٌ) عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نِيَّةُ سَفَرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا تَقَدُّمُ نِيَّةِ السَّفَرِ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ سَفَرٍ بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْشَأَ مِنْهُ السَّفَرَ وَبَيْنَ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْهُ أَيْ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ وَنَوَى فِيهِ الْإِقَامَةَ فَقَوْلُهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ تَفْرِيعٌ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَصَدَ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ السَّفَرِ) ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ قَصَدَ الرُّجُوعَ إلَى مِصْرِهِ وَمَرَّ بِتِلْكَ الْقَرْيَةِ يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مَسِيرَةَ السَّفَرِ وَلَيْسَتْ الْقَرْيَةُ وَطَنًا لَهُ (قَوْلُهُ مِثَالُهُ قَاهِرِيٌّ إلَخْ) أَيْ مِثَالُ بُطْلَانِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَقَوْلُهُ، فَإِنْ قَصَدَ إلَخْ فِيهِ بُطْلَانُهُ بِالسَّفَرِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ إلَخْ فِيهِ بُطْلَانُهُ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِلْبِيسَ وَالصَّالِحِيَّةِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا بَيْنَ بِلْبِيسَ وَالْقَاهِرَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ إلَى مِصْرَ فِيهِ بُطْلَانُهُ بِالْأَهْلِيِّ
(قَوْلُهُ حَتَّى يُتِمَّ إذَا دَخَلَهُ) يَعْنِي إذَا خَرَجَ مِنْ الصَّالِحِيَّةِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْقَاهِرَةِ وَمَرَّ بِبِلْبِيسَ يُتِمُّ؛ لِأَنَّ وَطَنَهُ بِهَا لَمْ يَبْطُلْ بِالْخُرُوجِ إلَى الصَّالِحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَطَنٍ مِثْلِهِ، وَلَا سَفَرَ مَعَهُ فَيَبْقَى وَطَنُهُ بِبِلْبِيسَ وَهَذَا التَّمْثِيلُ كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ السَّفَرِ لِثُبُوتِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَرِوَايَةِ الْحَسَنِ يَعْنِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ. تَبَيَّنَ أَنَّ السَّفَرَ النَّاقِضَ لِوَطَنِ الْإِقَامَةِ مَا لَيْسَ فِيهِ مُرُورٌ عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ أَوْ مَا يَكُونُ الْمُرُورُ فِيهِ بَعْدَ سَيْرِ مُدَّةِ السَّفَرِ اهـ.
وَلِهَذَا أَتَمَّ
الْوَطَنَانِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِمَا فِي سَفْرَةٍ أُخْرَى لَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله وَطَنَ السُّكْنَى، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَنْوِي أَنْ يُقِيمَ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ فَصَارَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ
وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ عَامَّتَهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ فِي رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ إلَى قَرْيَةٍ لِحَاجَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ السَّفَرَ، وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْقَرْيَةِ لَا لِلسَّفَرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُقِيمَ لَيْلَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَسَافَرَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ، وَلَوْ مَرَّ بِتِلْكَ الْقَرْيَةِ وَدَخَلَهَا أَتَمَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ مِمَّا هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلُهُ اهـ.
وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْمُجْمَعُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَلَوْ مَرَّ بِهَا أَتَمَّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ بَاقٍ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ، وَهُوَ مُبْطِلٌ لِوَطَنِ السُّكْنَى عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِهِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ فَكَيْفَ لَا يُبْطِلُ وَطَنَ السُّكْنَى فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ مَمْنُوعٌ.
(قَوْلُهُ وَفَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ تُقْضَى رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ أَيْ فَائِتَةُ السَّفَرِ تُقْضَى رَكْعَتَيْنِ وَفَائِتَةُ الْحَضَرِ تُقْضَى أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِحَسَبِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَاتَتْهُ فِي الْمَرَضِ فِي حَالَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَيْثُ يَقْضِيهَا فِي الصِّحَّةِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا أَوْ فَاتَتْهُ فِي الصِّحَّةِ حَيْثُ يَقْضِيهَا فِي الْمَرَضِ بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ إلَّا أَنَّهُمَا يَسْقُطَانِ عَنْهُ بِالْعَجْزِ فَإِذَا قَدَرَ أَتَى بِهِمَا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ كَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَعَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ
ــ
[منحة الخالق]
بِبِلْبِيسَ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ أَنَّ مَا بَيْنَ الصَّالِحِيَّةِ وَالْقَاهِرَةِ مُدَّةُ سَفَرٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرُورًا عَلَى وَطَنِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إنَّمَا يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ أَنْ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ مُسَافِرًا فَكَذَا وَطَنُ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ السَّفَرَ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ تَأَمَّلْ كَذَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ بَعْضِهِمْ اهـ.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَدَارِيُّ الْحَلَبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ شَيْخِهِ الْمُحَقِّقِ السَّيِّدِ عَلِيّ الضَّرِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ وَجِيهٌ فَإِنَّ مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَوْضِعٍ نِصْفَ شَهْرٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ لَا يُرِيدُ السَّفَرَ، ثُمَّ عَادَ مُرِيدًا سَفَرًا وَمَرَّ بِذَلِكَ أَتَمَّ مَعَ أَنَّهُ أَنْشَأَ سَفَرًا بَعْدَ اتِّخَاذِ هَذَا الْمَوْضِعِ دَارَ إقَامَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ إنْشَاءَ السَّفَرِ لَا يُبْطِلُ وَطَنَ الْإِقَامَةِ إلَّا إذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْهُ فَلْيَكُنْ وَطَنُ السُّكْنَى كَذَلِكَ فَمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ صَحِيحٌ وَمِنْ تَصْوِيرِهِ عَلِمْت أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ وَبَيْنَ وَطَنِ السُّكْنَى أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ، وَكَذَا بَيْنَ وَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنِ السُّكْنَى اهـ.
قُلْت: قَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ فَلْيَكُنْ وَطَنُ السُّكْنَى كَذَلِكَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِبَقَاءِ السَّفَرِ فِي وَطَنِ السُّكْنَى وَانْتِهَائِهِ فِي وَطَنِ الْإِقَامَةِ فَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ بَلْدَةً وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ بَقِيَ مُسَافِرًا فَيَقْصُرُ فَكَذَا إذَا مَرَّ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا نِصْفَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا؛ وَلِذَا يُتِمُّ مُدَّةَ إقَامَتِهِ بِهَا عَلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الْمُحَقِّقِينَ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ عَدَمِ الْإِتْمَامِ فِيمَا صَوَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ؛ وَلِذَا عَلَّلَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُمْ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهِيَ لَوْ خَرَجَ كُوفِيٌّ إلَى الْقَادِسِيَّةِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ مِنْهَا إلَى الْحِيرَةِ يُرِيدُ الشَّامَ حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْقَادِسِيَّةِ لِيَحْمِلَ ثَقَلَهُ مِنْهَا وَيَرْتَحِلَ إلَى الشَّامِ، وَلَا يَمُرَّ بِالْكُوفَةِ أَتَمَّ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ وَطَنَ السُّكْنَى، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِقَصْدِ الْحِيرَةِ وَطَنُ سُكْنَى آخَرُ مَا لَمْ يَدْخُلْهَا فَيَبْقَى وَطَنُهُ بِالْقَادِسِيَّةِ وَلَا يُنْتَقَضُ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. مُلَخَّصًا.
فَقَدْ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِيهِ تَأَمَّلْ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ سَفَرِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ حَتَّى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانِهَا إذَا أَرَادَ الْقَصْرَ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ حُكْمًا فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهَا قَبْلَ اسْتِحْكَامِ السَّفَرِ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا خَرَجَ مُسَافِرًا مِنْ بَلْدَةٍ، ثُمَّ تَذَكَّرَ حَاجَةً فَرَجَعَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ كَمَا يَأْتِي فَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ إتْمَامَهُ لِكَوْنِهِ وَطَنَ سُكْنَى لَكِنْ قَدْ يُقَالُ تَسْمِيَةُ السَّرَخْسِيِّ لَهُ وَطَنَ سُكْنَى دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِقَصْدِ الْحِيرَةِ وَطَنُ سُكْنَى آخَرُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي التَّوْفِيقِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَأَقَامَ فِي بَلَدٍ دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ لَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا الْوَطَنُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَقْصُرُ فِيهِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ يَقْصُرُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُحَقِّقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَعْتَبِرُوا وَطَنَ السُّكْنَى كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُمْ أَمَّا إذَا كَانَ مُقِيمًا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مِصْرِهِ إلَى قَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا دُونَ نِصْفِ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ تَصْوِيرُهُ عَنْ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ اعْتَبَرُوهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَبْلَ تَحَقُّقِ السَّفَرِ لَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِاعْتِبَارِهِ قَبْلَ تَحَقُّقِ السَّفَرِ كَمَا فِي صُورَةِ الزَّيْلَعِيِّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ بِاعْتِبَارِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ الْمُبِيحَةِ لِلْإِتْمَامِ فَإِنَّ أَقَلَّهَا نِصْفُ شَهْرٍ إذْ لَا يَقُولُ عَاقِلٌ إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا دَخَلَ بَلْدَةً وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا يَوْمًا مَثَلًا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنَّهُ يُتِمُّ مَا لَوْ يَنْوِ إقَامَةَ نِصْفِ شَهْرٍ وَبِهَذَا التَّوْفِيقِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ إلَّا أَنْ