الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى لِلْإِلْزَامِ وَلِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْإِيمَانِ يَرْفَعُهُ «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا: وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَامْتَنَعْتُ فَلِي النَّارُ» وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَكِيمَ إذَا حَكَى عَنْ غَيْرِ الْحَكِيمِ كَلَامًا، وَلَمْ يُعْقِبْهُ بِالْإِنْكَارِ كَانَ دَلِيلَ صِحَّتِهِ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ مِنْ أَنَّ آيَ السَّجْدَةِ تُفِيدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ فِيهِ الْأَمْرُ الصَّرِيحُ بِهِ وَقِسْمٌ تَضَمَّنَ حِكَايَةَ اسْتِنْكَافِ الْكَفَرَةِ حَيْثُ أُمِرُوا بِهِ وَقِسْمٌ فِيهِ حِكَايَةُ فِعْلِ الْأَنْبِيَاءِ السُّجُودَ، وَكُلٌّ مِنْ الِامْتِثَالِ وَالِاقْتِدَاءِ وَمُخَالَفَةِ الْكَفَرَةِ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ فِي مُعَيَّنٍ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ لَكِنْ دَلَالَتُهَا فِيهِ ظَنِّيَّةٌ فَكَانَ الثَّابِتُ الْوُجُوبُ لَا الْفَرْضُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَهَا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ مُقَيَّدٌ بِالتِّلَاوَةِ لَا مُطْلَقًا فَلَزِمَ كَذَلِكَ ثُمَّ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي إنْ لَمْ تَكُنْ صَلَاتِيَّةً؛ لِأَنَّ دَلَائِلَ الْوُجُوبِ مُطْلَقَةٌ عَنْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ فَيَجِبُ فِي جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ غَيْرِ عَيْنٍ وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بِتَعْيِينِهِ فِعْلًا، وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ الْمُوَسَّعَةِ وَأَمَّا الْمَتْلُوَّةُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ التَّضْيِيقِ لِقِيَامِ دَلِيلِ التَّضْيِيقِ، وَهُوَ أَنَّهَا وَجَبَتْ بِمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ فَالْتَحَقَتْ بِأَقْوَالِهَا وَصَارَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهَا؛ وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ، وَلَمْ يَسْجُدْ، وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ رَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ لَمْ تَجُزْ، وَكَذَا إذَا نَوَاهَا فِي السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا، وَالدَّيْنُ يُقْضَى بِمَا لَهُ لَا بِمَا عَلَيْهِ.
وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إمَّا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً فَهُوَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ السَّجْدَةِ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَا فَلَا؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا أَهْلِيَّةُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى كَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ قَرَءُوا أَوْ سَمِعُوا، وَتَجِبُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ، وَكَذَا تَجِبُ عَلَى السَّامِعِ بِتِلَاوَةِ هَؤُلَاءِ إلَّا الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِانْعِدَامِ التَّمْيِيزِ كَالسَّمَاعِ مِنْ الصَّدَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالصَّدَى مَا يُعَارِضُ الصَّوْتَ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَضَرِ الْإِيصَاءُ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَقِيلَ يَجِبُ، وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ فِي السَّجَدَاتِ اهـ. .
وَفِي التَّجْنِيسِ وَهَلْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ فَتَأْخِيرُهَا مَكْرُوهٌ، وَإِنْ قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
وَهِيَ كَرَاهَةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْرِيمِيَّةً لَكَانَ وُجُوبُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مِنْهَا: أُولَى " الْحَجِّ " وَ " ص ") ذَكَرَهُمَا لِلِاخْتِلَافِ فِيهِمَا فَقَدْ نَفَى الشَّافِعِيُّ السُّجُودَ فِي " ص "، وَلَمْ يَخُصَّ الْأُولَى مِنْ " الْحَجِّ " بَلْ قَالَ إنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهَا أَيْضًا فَهِيَ عِنْدَهُ أَيْضًا أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً وَنَفَى مَالِكٌ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ وَبَيَانُ الْحُجَجِ مَعْلُومٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَلَنَا إلَّا بِصَدَدِ تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ غَالِبًا، وَفِي التَّجْنِيسِ التَّالِي وَالسَّامِعُ يَنْظُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى اعْتِقَادِ نَفْسِهِ كَالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ لَيْسَ بِمَوْضِعِ السَّجْدَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ مَوْضِعُ السَّجْدَةِ
ــ
[منحة الخالق]
النِّهَايَةِ قَالَ جَعَلَ هَذَا اللَّفْظَ فِي سَائِرِ النُّسَخِ مِنْ الْمَبْسُوطَيْنِ وَالْأَسْرَارِ وَالْمُحِيطِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّحَابَةِ لَا مِنْ الْحَدِيثِ، وَأَقُولُ: لَمْ يَكُنْ الْمُصَنِّفُ مِمَّنْ لَمْ يُطَالِعْ الْكُتُبَ الْمَذْكُورَةَ فَلَوْلَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ كَوْنُهُ حَدِيثًا لَمَا نَقَلَهُ حَدِيثًا فَإِنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَعْظَمُ دِيَانَةً مِمَّنْ يُتَوَهَّمُ بِهِ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ فَمَنْ سَجَدَ كَانَ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى الْفَوْرِ اهـ.
وَنُقِلَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْعِنَايَةِ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ، وَفِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بَعْدَ صَلَاةٍ كَانَ مُؤَدِّيًا اتِّفَاقًا لَا قَاضِيًا اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْعِنَايَةِ وَلِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ لَوْ أُخِّرَتْ عَنْ مَحَلِّهَا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ تَكُونُ قَضَاءً فَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ إذْ لَا فَارِقَ نَعَمْ مَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ لَهُ نَظَائِرُ كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَتْلُوَّةُ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ الصَّلَاتِيَّةُ مُوَسَّعًا بِالنِّسْبَةِ لِمَحَلِّهَا كَمَا لَوْ تَلَا فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَسَجَدَهَا فِي آخِرِهَا اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بَلْ تَصِيرُ قَضَاءً وَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَسَيُصَرِّحُ بِهِ عَنْ الْبَدَائِعِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَلَمْ تُقْضَ الصَّلَاتِيَّةُ خَارِجَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَوْ تَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَهَذَا عَيْنُ التَّضْيِيقِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُوَسَّعًا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ التَّضْيِيقِ فِي الصَّلَاتِيَّةِ وَالتَّضْيِيقِ فِي غَيْرِهَا عِنْدَ آخِرِ الْعُمُرِ بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى يُمْكِنُ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ مَا دَامَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ فِيهِ نَوْعُ تَوْسِعَةٍ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يُسَوِّغُ إطْلَاقَ أَنَّ الْوُجُوبَ فِيهَا مُوَسَّعٌ فَتَدَبَّرْ.
[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ) قَالَ فِي النَّهْرِ هُوَ بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ.
[تَأْخِيرُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ]
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْرِيمِيَّةً) فِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ لِمَا عَلِمْت
؛ لِأَنَّ السَّامِعَ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلتَّالِي تَحْقِيقًا حَتَّى يَلْزَمَهُ الْعَمَلُ بِرَأْيِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شِرْكَةَ بَيْنَهُمَا اهـ.
ثُمَّ فِي سُورَةِ حم السَّجْدَةِ عِنْدَنَا السَّجْدَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]، وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَوَائِلِ بْنِ حُجْرٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَمَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَرَجَّحَ أَئِمَّتُنَا الْأَوَّلَ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ عِنْدَ اخْتِلَافِ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّ السَّجْدَةَ لَوْ وَجَبَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] فَالتَّأْخِيرُ إلَى قَوْلِهِ {لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] لَا يَضُرُّ وَيَخْرُجُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَلَوْ وَجَبَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ {لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] لَكَانَتْ السَّجْدَةُ الْمُؤَدَّاةُ قَبْلَهُ حَاصِلَةً قَبْلَ وُجُوبِهَا وَوُجُودُ سَبَبِ وُجُوبِهَا فَيُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الصَّلَاةِ لَوْ كَانَتْ صَلَاتِيَّةً، وَلَا نَقْصَ فِيمَا قُلْنَا أَصْلًا وَهَذَا هُوَ أَمَارَةُ التَّبَحُّرِ فِي الْفِقْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تَلَا، وَلَوْ إمَامًا أَوْ سَمِعَ، وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ أَوْ مُؤْتَمًّا لَا بِتِلَاوَتِهِ) بَيَانٌ لِسَبَبِهَا، وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ: التِّلَاوَةُ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ السَّمَاعُ كَتِلَاوَةِ الْأَصَمِّ وَالسَّمَاعُ بِتِلَاوَةٍ غَيْرِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ تَلَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمَأْمُومُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ بِأَنْ قَرَأَ الْإِمَامُ سِرًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَاقْتَدَى بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا؛ وَلِذَا قَالُوا إنَّ الْأَبْكَمَ إذَا رَأَى قَوْمًا يَسْجُدُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ، وَلَمْ يَسْمَعْ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ الْمُؤْتَمَّ مَعْطُوفًا عَلَى غَيْرِ قَاصِدٍ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ يَلْزَمُهُ بِسَمَاعِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِاقْتِدَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اقْتَدَى مَعْطُوفًا عَلَى تَلَا لَكَانَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى فَقَدْ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى الْمُوجِبُ لَهَا أَحَدُ ثَلَاثَةٍ: التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَالِائْتِمَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَلَوْ إمَامًا لِمَا أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْبَدَائِعِ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتْلُوَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي صَلَاةِ يُخَافِتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ مَكْرُوهٍ مِنْ تَرْكِ السَّجْدَةِ إنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوْ التَّلْبِيسِ عَلَى الْقَوْمِ إنْ سَجَدَ اهـ.
وَكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْإِمَامِ فَصَرَّحَ بِهِ نَفْيًا لَهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَرَائِطَ الْوُجُوبِ عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي أَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ السَّامِعِ التِّلَاوَةُ، وَالسَّمَاعُ شَرْطٌ وَسَنُحَقِّقُهُ مِنْ بَعْدُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَأُطْلِقَ فِي التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَتْ التِّلَاوَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْفَارِسِيَّةِ، وَهُوَ فِي التَّالِي بِالِاتِّفَاقِ فَهِمَ أَوْ لَمْ يَفْهَمْ وَفِي السَّامِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ أَنَّهَا آيَةُ السَّجْدَةِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ السَّامِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَعَلَيْهِ السَّجْدَةُ وَإِلَّا فَلَا
وَفِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ جَعَلَا الْفَارِسِيَّةَ قُرْآنًا لَزِمَ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا كَالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلَاهَا قُرْآنًا لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ فُهِمَ وَأُطْلِقَ فِي السَّمَاعِ فَشَمَلَ السَّامِعَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَوَّلًا إلَّا الْمَجْنُونَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَكَذَا الطَّيْرُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْ نَائِمٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْوُجُوبُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ قَرَأَهَا السَّكْرَانُ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ اُعْتُبِرَ ثَابِتًا زَجْرًا لَهُ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا بِتِلَاوَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِتِلَاوَتِهِ، وَلَا عَلَى السَّامِعِ مِنْهُ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ عَدَمَ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ
ــ
[منحة الخالق]
مِنْ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْرَؤُهَا فِي السِّرِّيَّةِ بَلْ فِي الْجَهْرِيَّةِ فَجَعَلَ الْمُؤْتَمَّ سَامِعًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ سَمَاعُ الْجَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعُهُ لَهَا شَرْطًا (قَوْلُهُ لِمَا أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ فِي السِّرِّيَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ السَّجْدَةُ آخِرَ السُّورَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا يَأْتِي شَيْئًا مِنْ التَّحْقِيقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِوَى قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي صُورَةٍ مَا إذَا اخْتَلَفَ مَجْلِسُ التَّالِي دُونَ السَّامِعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَى السَّامِعِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ السَّمَاعُ، وَلَمْ يَتَبَدَّلْ مَجْلِسُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفِي السَّامِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ فِي سَمَاعِ التِّلَاوَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأَمَّا بِالْعَرَبِيَّةِ فَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَهْمُ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَعْجَمِيِّ مَا لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنْ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا
(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ السَّامِعُ يَعْلَمُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا أَنَّهُ فِي السِّرَاجِ حَكَى رُجُوعَ الْإِمَامِ إلَى قَوْلِهِمَا قَالَ: وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى السَّامِعِ مِنْهُ) فِي إطْلَاقِهِ السَّامِعَ إيهَامٌ وَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ أَيْ لَا يَجِبُ بِتِلَاوَةِ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْ الْمُصَلِّينَ بِصَلَاةِ إمَامِهِ اهـ.
فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْوُجُوبَ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي أَصْلًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ، وَعَلَى الْمُصَلِّي مِنْ إمَامٍ غَيْرِ إمَامِهِ وَمُقْتَدٍ بِهِ وَمُنْفَرِدٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي، وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِهِ سَجَدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ الْمُصَلِّي يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ إمَامًا أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مُصَلِّيًا أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ وَقَيَّدَ قَوْلَهُ مُصَلِّيًا بِقَوْلِهِ يَعْنِي وَلَيْسَ إمَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَاقَانِيُّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَلَوْ تَلَاهَا الْمُؤْتَمُّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَتَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ مِمَّنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْحَجْرِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ
وَبَعْدَ الْفَرَاغِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْجُدُونَهَا إذَا فَرَغُوا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَقَرَّرَ وَلَا مَانِعَ بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ لَوْ تَابَعَهُ الْإِمَامُ أَوْ التِّلَاوَةِ لَوْ تَابَعَهُ الْمُؤْتَمُّ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ مَحْجُورٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفُ الْمَحْجُورِ لَا حُكْمَ لَهُ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْهِيَّانِ عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ بِتِلَاوَتِهَا كَمَا لَا يَجِبُ بِسَمَاعِهَا لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَشَمَلَ أَيْضًا مَنْ سَمِعَهَا مِنْ الْمُؤْتَمِّ، وَلَيْسَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَعْدُوهُمْ، وَتَعَقَّبَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِعَدَمِ وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى السَّامِعِ خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مِنْ أُصُولِنَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَحْجُورِ، وَلَا حُكْمَ لَهُ اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَحْجُورِ لِغَيْرِهِ صَحِيحٌ كَالصَّبِيِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ لِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ، وَلَوْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ لَا يَلْزَمُ السُّجُودُ لِلْحَجْرِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهَا تَجِبُ وَتَتَأَدَّى فِيهِ اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَجِبُ بِهِ السَّجْدَةُ مُبَاحٌ لَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ دُونَ الْمُقْتَدِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِهِ سَجَدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) لِتَحَقُّقِ سَبَبِهَا، وَهُوَ السَّمَاعُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْجُدُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ هَذِهِ السَّجْدَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ إدْخَالُهَا فِيهَا مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّي عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَانَ مَأْمُورًا بِإِتْمَامِ رُكْنٍ هُوَ فِيهِ أَوْ بِانْتِقَالٍ إلَى رُكْنٍ آخَرَ فَيَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْ هَذِهِ السَّجْدَةِ، فَإِنْ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَسْجُدَهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ السَّمَاعُ، وَهُوَ وُجِدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قُلْنَا نَعَمْ وُجِدَ فِيهَا لَكِنَّهُ حَصَلَ بِنَاءً عَلَى التِّلَاوَةِ، وَالتِّلَاوَةُ حَصَلَتْ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَتُؤَدَّى خَارِجَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَجَدَ فِيهَا أَعَادَهَا لَا الصَّلَاةَ) أَيْ أَعَادَ السَّجْدَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِلنَّهْيِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهَا الْكَامِلُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذِهِ التِّلَاوَةِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا تَصِيرُ سَبَبًا إلَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلَاهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ حَيْثُ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ لِلْحَالِ وَمَحَلُّ إعَادَتِهَا مَا إذَا لَمْ يَقْرَأْهَا الْمُصَلِّي السَّامِعُ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ وَأَمَّا إنْ قَرَأَهَا وَسَجَدَ لَهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ كَانَتْ تِلَاوَتُهَا سَابِقَةً عَلَى سَمَاعِهَا فَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ الْأُولَى مِنْ أَفْعَالِ صَلَاتِهِ وَالثَّانِيَةَ لَا فَحَصَلَتْ الثَّانِيَةُ تَكْرَارَ الْأُولَى مِنْ حَيْثُ الْأَصْلِ وَالْأُولَى بَاقِيَةٌ فَجُعِلَ وَصْفُ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ فَصَارَتْ مِنْ الصَّلَاةِ فَيُكْتَفَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ سَمِعَهَا أَوَّلًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ تَلَاهَا الْمُصَلِّي وَسَجَدَ لَهَا فِيهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَجَزَمَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَا يُعِيدُهَا
وَلَوْ تَلَاهَا وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَانِهِ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ قَرَأَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ تِلْكَ الْآيَةَ فَعَلَى هَذَا الْمُصَلِّي أَنْ يَسْجُدَهَا إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَحَوَّلَ عَنْ مَكَانِهِ فَسَمِعَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَا تَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ، وَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ وَقَرَأَ مَرَّةً أُخْرَى لَا تَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ، وَإِنْ قَرَأَ الثَّانِيَةَ بَعْدَمَا تَبَدَّلَ الْمَكَانُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْمَكَانُ قَدْ تَبَدَّلَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا أَمَّا الْحَقِيقَةُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلِأَنَّ السَّمَاعَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ لَا يُفْسِدُهَا وَقَيَّدَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمُجْتَبَى والولوالجية بِأَنْ لَا يُتَابِعَ الْمُصَلِّي السَّامِعَ الْقَارِئَ، فَإِنْ سَجَدَ الْقَارِئُ فَتَابَعَهُ الْمُصَلِّي فِيهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا تُجْزِئُهُ السَّجْدَةُ عَمَّا سَمِعَ اهـ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ زِيَادَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بِنِيَّةِ الْمُتَابَعَةِ لِغَيْرِ إمَامِهِ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاتِهِ، وَفِي النَّوَادِرِ، وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ
ــ
[منحة الخالق]
إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمَحْجُورِ مَنْ كَانَ فِي صَلَاةِ السَّامِعِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ تَصْرِيحُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِمْدَادِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي بِالسَّمَاعِ مِنْ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ السَّامِعِ أَوْ بِإِمَامٍ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذِهِ التِّلَاوَةِ) تَبِعَ فِيهِ الزَّيْلَعِيَّ وَاقْتَصَرَ فِي النَّهْرِ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ: إنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ مَمْنُوعٌ.
السَّجْدَةَ فَسَجَدَ فَظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّهُ رَكَعَ فَبَعْضُهُمْ رَكَعَ وَبَعْضُهُمْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَبَعْضُهُمْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَمَنْ رَكَعَ، وَلَمْ يَسْجُدْ يُرْفَضُ رُكُوعُهُ وَيَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ، وَمَنْ رَكَعَ وَسَجَدَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَسَجْدَتُهُ تُجْزِئُهُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَمَنْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَامَّةٍ اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هُوَ الصَّحِيحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ سَاهِيًا أَوْ سَجْدَتَيْنِ لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يُفْسِدُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمِعَ مِنْ إمَامٍ فَائْتَمَّ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ مَعَهُ وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ لَوْ ائْتَمَّ بِهِ بَعْدَ أَنْ سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْجُدُهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ تَابِعٌ لَهُ فَيَسْجُدُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَفِي الثَّانِي صَارَ مُدْرِكًا لَهَا بِإِدْرَاكِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ ثَالِثَةِ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ سَجَدَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ، وَإِنْ سَمِعَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ سَجَدَهَا فِي الصَّلَاةِ وَحْدَهُ صَارَ مُخَالِفَ إمَامِهِ، وَإِنْ سَجَدَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهِيَ صَلَاتِيَّةٌ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ لَا فَشَمَلَ مَا إذَا دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فِيهِ اخْتِلَافٌ وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَسْجُدَ لَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةَ التِّلَاوَةِ لَمْ يَصِرْ مُدْرِكًا لَهَا وَلَيْسَتْ صَلَاتِيَّةً فَيَقْضِي خَارِجَهَا وَقِيلَ هِيَ صَلَاتِيَّةٌ فَلَا تُقْضَى خَارِجَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ سَجَدَهَا) لِتَقَرُّرِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُقْضَ الصَّلَاتِيَّةُ خَارِجَهَا) أَيْ خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ الْمَتْلُوَّةَ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا فَلَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْكَامِلَ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَفْسُدْ الصَّلَاةُ أَمَّا إنْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ فَعَلَيْهِ السَّجْدَةُ خَارِجَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا فَسَدَتْ بَقِيَ مُجَرَّدُ تِلَاوَةٍ فَلَمْ تَكُنْ صَلَاتِيَّةً، وَلَوْ أَدَّاهَا فِيهَا ثُمَّ فَسَدَتْ لَا يُعِيدُ السَّجْدَةَ؛ لِأَنَّ بِالْمُفْسَدِ لَا يَفْسُدُ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْجُزْءُ الْمُقَارِنُ فَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ فَسَادِهَا مَا إذَا فَسَدَتْ بِالْحَيْضِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: الْمَرْأَةُ إذَا قَرَأَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي صَلَاتِهَا فَلَمْ تَسْجُدْ حَتَّى حَاضَتْ تَسْقُطُ عَنْهَا السَّجْدَةُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ صَوَابُ النِّسْبَةِ فِيهِ صَلَوِيَّةٌ بِرَدِّ أَلِفِهِ وَاوًا وَحَذْفِ التَّاءِ، وَإِذَا كَانُوا قَدْ حَذَفُوهَا فِي نِسْبَةِ الْمُذَكَّرِ إلَى الْمُؤَنَّثِ كَنِسْبَةِ الرَّجُلِ إلَى بَصْرَةَ مَثَلًا فَقَالُوا بَصْرِيٌّ لَا بَصْرَتِيٌّ كَيْ لَا يَجْتَمِعَ تَاءَانِ فِي نِسْبَةِ الْمُؤَنَّثِ فَيَقُولُونَ بَصْرَتِيَّةٌ فَكَيْفَ بِنِسْبَةِ الْمُؤَنَّثِ إلَى الْمُؤَنَّثِ،. اهـ.
وَفِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ خَطَأٌ مُسْتَعْمَلٌ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ خَيْرٌ مِنْ صَوَابٍ نَادِرٍ انْتَهَى.
ثُمَّ مُقْتَضَى قَوَاعِدِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى فَرَغَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ، وَلَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَهَذَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الَّذِي إذَا فَاتَ وَقْتُهُ تَقَرَّرَ الْإِثْمُ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَالْمَخْرَجُ لَهُ عَنْهُ التَّوْبَةُ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِسُقُوطِهَا عَدَمَ الْإِثْمِ فَإِنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ كَمَا رَأَيْت بَعْضَهُمْ يَقَعُ فِيهِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ قَالَ وَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْإِثْمُ وَمَحَلُّ سُقُوطِهَا مَا إذَا لَمْ يَرْكَعْ لِصَلَاتِهِ، وَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا صُلْبِيَّةً أَمَّا إنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ صُلْبِيَّةً فَإِنَّهُ يَنُوبُ عَنْهَا إذَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله، وَحَاصِلُهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ أَنَّ الرُّكُوعَ يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ قِيَاسًا لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْخُضُوعِ، وَلَا يَنُوبُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَقُدِّمَ الْقِيَاسُ هُنَا عَلَى الِاسْتِحْسَانِ لِقُوَّةِ أَثَرِهِ الْبَاطِنِ وَعَكْسُهُ فِي الْمُجْتَبَى فَقَالَ: تَلَاهَا وَرَكَعَ لِلتِّلَاوَةِ مَكَانَ السُّجُودِ يُجْزِئُهُ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا وَبِهِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا اهـ.
وَوَجْهُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَمْرُ الظَّاهِرُ بِالسُّجُودِ، وَالرُّكُوعُ خِلَافُ السُّجُودِ وَلَكِنَّ الْحَقَّ الْأَوَّلُ لِتَصْرِيحِ مُحَمَّدٍ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ أَرَادَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّاهَا فِيهَا ثُمَّ فَسَدَتْ لَا يُعِيدُ السَّجْدَةَ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ تَلَاهَا فِي نَافِلَةٍ فَأَفْسَدَهَا وَجَبَ قَضَاؤُهَا دُونَ السَّجْدَةِ وَهَذَا بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهَا بِالْإِفْسَادِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهَا صَلَاتِيَّةً وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ اسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِ الْبَحْرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ فَسَادِهَا مَا إذَا فَسَدَتْ بِالْحَيْضِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ سُجُودِهَا اهـ.
أَقُولُ: كَلَامُ الْخَانِيَّةِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَنَصُّهُ: مُصَلِّي التَّطَوُّعِ إذَا قَرَأَ آيَةً وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا، وَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ تِلْكَ السَّجْدَةِ
أَنْ يَرْكَعَ بِالسَّجْدَةِ نَفْسِهَا هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ قَالَ أَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَالرُّكُوعُ فِي ذَلِكَ، وَالسَّجْدَةُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صَلَاةٌ وَأَمَّا فِي الِاسْتِحْسَانِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْجُدَ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا أَنَّ الْمَتْلُوَّةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ تُؤَدَّى عَلَى نَعْتِ سَجَدَاتِ الصَّلَاةِ الْمَتْلُوَّةِ فِي الصَّلَاةِ، الْأَفْضَلُ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا ثُمَّ إذَا سَجَدَ وَقَامَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ كَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ آيَةُ السَّجْدَةِ فِي وَسَطِ السُّورَةِ أَوْ عِنْدَ خَتْمِهَا، وَبَقِيَ بَعْدَهَا إلَى الْخَتْمِ قَدْرُ آيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ ثُمَّ يَرْكَعَ فَيَنْظُرَ إنْ كَانَتْ الْآيَةُ فِي الْوَسَطِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتِمَهَا ثُمَّ يَرْكَعَ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ الْخَتْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ آيَاتٍ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى ثُمَّ يَرْكَعَ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَ إلَى الْخَتْمِ قَدْرُ آيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ كَمَا فِي بَنِي إسْرَائِيلَ وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ بَقِيَّةَ السُّورَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ، فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا سُورَةً أُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِنَّمَا رَكَعَ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ وَالتَّفَاوُتُ مَا بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الْمَعَانِي فَقِيَاسٌ، وَمَا خَفِيَ فَاسْتِحْسَانٌ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْخَفِيِّ لِخَفَائِهِ وَلَا لِلظَّاهِرِ لِظُهُورِهِ فَيُرْجَعُ إلَى طَلَبِ الرُّجْحَانِ إلَى مَا اقْتَرَنَ بِهِمَا مِنْ الْمَعَانِي فَمَتَى قَوِيَ الْخَفِيُّ أَخَذُوا بِهِ وَمَتَى قَوِيَ الظَّاهِرُ أَخَذُوا بِهِ وَهَاهُنَا قَوِيَ دَلِيلُ الْقِيَاسِ فَأَخَذُوا بِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا أَجَازَا أَنْ يَرْكَعَ عَنْ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْ غَيْرِهِمَا خِلَافُهُ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فَذَكَرَ الْعَامَّةُ أَنَّهُ فِي إقَامَةِ الرُّكُوعِ مَقَامَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ خَارِجُ الصَّلَاةِ بِأَنْ تَلَاهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَرَكَعَ، وَلَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ بَلْ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْعَلْ قُرْبَةً فَلَا يَنُوبُ مَنَابَ الْقُرْبَةِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ السَّجْدَةَ الصُّلْبِيَّةَ هِيَ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا الرُّكُوعِ وَيَرُدُّهُ مَا صَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ نَوَاهُ عَنْ السَّجْدَةِ، وَكَذَا السَّجْدَةُ الصُّلْبِيَّةُ لَا تَنُوبُ عَنْهَا إذَا طَالَتْ الْقِرَاءَةُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا لِوُجُوبِهَا مُضَيِّقًا وَالدَّيْنُ يُقْضَى بِمَا لَهُ لَا بِمَا عَلَيْهِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الدَّيْنُ وَإِذَا لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ لَا يَحْتَاجُ الرُّكُوعُ أَوْ السَّجْدَةُ الصُّلْبِيَّةُ فِي إقَامَتِهَا عَنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ إلَى النِّيَّةِ فَالْفَرْضُ يَنُوبُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يُنْوَ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ مِنْهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِئُهُ، وَلَوْ نَوَى فِي الرُّكُوعِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لَمْ يُقَدِّرُوا لِطُولِ الْقِرَاءَةِ شَيْئًا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فَوَّضُوا ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ لَمْ تَطُلْ وَإِنْ قَرَأَ ثَلَاثًا طَالَتْ وَصَارَتْ بِمَحَلِّ الْقَضَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تُعْدِمُ الْفَوْرَ اهـ.
وَاخْتَارَ قَاضِي خان أَنَّ الرُّكُوعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَنُوبُ عَنْهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى، وَإِنَّمَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنْهَا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا النِّيَّةُ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالرُّكُوعِ ثَلَاثُ آيَاتٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ مِنْ آخَرِ السُّورَةِ كَبَنِي إسْرَائِيلَ وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ اهـ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا رَكَعَ عَلَى الْفَوْرِ لِلصَّلَاةِ وَسَجَدَ هَلْ الْمُجْزِئُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ فَقِيلَ الرُّكُوعُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَقِيلَ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ بِدُونِ النِّيَّةِ لَا يُجْزِئُ، وَفِي السُّجُودِ اخْتِلَافٌ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَلَا الْفَاتِحَةَ وَعِشْرِينَ آيَةً مَثَلًا، آخِرُهَا آيَةُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ بِإِجْمَاعِ الَّذِينَ شَرَطُوا النِّيَّةَ فِي نِيَابَتِهِ عَنْهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ قَاضِي خان إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَالْمَرْوِيُّ فِي الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ.
لَكِنْ فِي نُسْخَتَيْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ، وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ إنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِهِ فَإِنَّهُ قَالَ رُوِيَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ هَلْ الْمُجْزِي عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ) أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الرُّكُوعُ مَعَ النِّيَّةِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَعَيُّنُ أَنَّ الْمُجْزِي هُوَ السُّجُودُ، يَدُلُّ هَلْ مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ هَذَا التَّرْدِيدَ ثُمَّ ذَكَرَ عَقِبَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَنُوبُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي السُّجُودِ تَأَمَّلْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَفِي السُّجُودِ اخْتِلَافٌ) أَيْ اخْتِلَافٌ فِي أَجْزَائِهِ بِدُونِ النِّيَّةِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ لَا يَنُوبُ مَا لَمْ يَنْوِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا النِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَنُوبُ بِدُونِ النِّيَّةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُحِيطِ لَكِنْ قَدْ مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ أَجْمَعُوا أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَتَأَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّلَاوَةَ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّكُوعِ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْبَدَائِعِ الْإِجْمَاعُ عَلَى إجْزَاءِ الصُّلْبِيَّةِ بِدُونِ نِيَّةٍ فَتَوَافَقَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَدَائِعِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلَيْنِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ عِبَارَةَ الْبَدَائِعِ بِطُولِهَا، وَفِي آخِرِهَا التَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي إيقَاعِ الصُّلْبِيَّةِ عَنْ التِّلَاوَةِ فِيمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ الصُّورَةِ ثُمَّ قَالَ فَلَمْ يَصِحَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا اهـ.
السَّجْدَةِ وَرَكَعَ عَقِبَهَا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مَثَلًا ثُمَّ سَجَدَ، وَلَمْ يَكُنْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا سَجَدَ عَقِبَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ لَا مَحَالَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَنْوِ اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ عَقِبَ التِّلَاوَةِ، وَلَمْ يَنْوِهَا الْمُقْتَدِي لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَيُعِيدُ الْقَعْدَةَ، وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ السُّجُودُ أَوْلَى مِنْ الرُّكُوعِ لَهَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ دُونَ الْمُخَافَتَةِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِهَا لَا تُقْضَى خَارِجَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهَا مِنْ رَكْعَةٍ إلَى رَكْعَةٍ فَإِنَّهَا تُقْضَى مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ جَوَازُ التَّأْخِيرِ بَلْ الْمُرَادُ الْإِجْزَاءُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّهُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ تَصِيرُ قَضَاءً وَيَأْثَمُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ صَارَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مُلْحَقَةً بِنَفْسِ التِّلَاوَةِ؛ وَلِذَا فُعِلَتْ فِيهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَلْ زَائِدَةً بِخِلَافِ غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَجَدَ وَأَعَادَهَا فِيهَا) أَيْ أَعَادَ تِلَاوَتَهَا فِي الصَّلَاةِ (سَجَدَ أُخْرَى) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ أَقْوَى فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ) وَهِيَ صَلَاتِيَّةٌ تَنُوبُ عَنْهَا وَعَنْ الْخَارِجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُتَّحِدٌ وَالصَّلَاتِيَّةُ أَقْوَى فَصَارَتْ الْأُولَى تَبَعًا لَهَا فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الصَّلَاةِ سَقَطَتَا؛ لِأَنَّ الْخَارِجِيَّةَ أَخَذَتْ حُكْمَ الصَّلَاتِيَّةِ فَسَقَطَتْ تَبَعًا لَهَا أَرَادَ بِالِاكْتِفَاءِ أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التِّلَاوَةِ مَعَ مَجْلِسِ الصَّلَاةِ فَلِكُلٍّ سَجْدَةٌ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ لَا فِي مَجْلِسَيْنِ لِمُخَالَفَتِهَا لَهَا فِي أَنَّهُ إذَا سَجَدَ لِلْخَارِجِيَّةِ لَا تَكْفِي عَنْ الصَّلَاتِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ صَلَاتِيَّةً وَسَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ أَعَادَهَا فَإِنَّ السَّجْدَةَ السَّابِقَةَ تَكْفِي.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّدَاخُلُ فِي هَذِهِ عَلَى وَجْهٍ تَكُونُ الثَّانِيَةُ مُسْتَتْبِعَةً لِلْأُولَى إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ يُوجِبُ التَّدَاخُلَ، وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ قَوِيَّةً مَنَعَ مِنْ جَعْلِ الْأُولَى مُسْتَتْبِعَةً إذْ اسْتِتْبَاعُ الضَّعِيفِ لِلْقَوِيِّ عَكْسُ الْمَعْقُولِ وَنَقْضٌ لِلْأُصُولِ فَوَجَبَ التَّدَاخُلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَلَاهَا الْمُصَلِّي بَعْدَمَا سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْأُولَى تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ فَأَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَتْلُوَّةَ فِي الصَّلَاةِ لَا وُجُودَ لَهَا لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا وَالْمَوْجُودُ هُوَ الَّذِي يَسْتَتْبِعُ دُونَ الْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى خَارِجَةً وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ بَعْدَ التِّلَاوَةِ حُكْمًا وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ وَأَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْجَهْرِيَّةِ اهـ.
قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مَا يَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْضًا أَنَّ الرُّكُوعَ أَوْلَى فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَعَلَّلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ الْأَمْرُ عَلَى الْقَوْمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَوْمَ نِيَّتُهَا فِي الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِتِلَاوَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ عَلَيْهِمْ الْتِبَاسٌ بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَا يَنُوبُ السُّجُودُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا الرُّكُوعِ عَنْ السَّجْدَةِ التِّلَاوِيَّةِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى الْإِمَامُ الرُّكُوعَ تَعَيَّنَ لَهُ فَلَا يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوِيَّةِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي، وَإِنْ نَوَاهُ، فَإِنْ قُلْت مِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ الْمُقْتَدِي أَنَّ إمَامَهُ نَوَاهُ فِي الرُّكُوعِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُخْبِرَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَأْتِيَ بِهِ.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فَقَالَ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَذَا قَالَ فِي الدُّرَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُ مَا فِي الْبَحْرِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالنِّهَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا فَظَاهِرٌ مَا فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ مَا فِي الْبَحْرِ تَأَمَّلْ اهـ.
قُلْت ذَكَرَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا تَكْفِيهِ الْوَاحِدَةُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ بِالصَّلَاةِ يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ أَوْ لَا اهـ.
أَيْ هَلْ يَتَبَدَّلُ حُكْمًا أَمْ لَا يَتَبَدَّلُ أَصْلًا كَمَا بَسَطَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ ثُمَّ قَالَ وَأَفْرَدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ أَخُوهُ هُنَا وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي النَّهْرِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَعْمِيمَهُ أَوَّلًا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ مَنْشَأٌ لِلْخِلَافِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَكِنْ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ لِكِفَايَةِ الْوَاحِدَةِ بِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ كَمَا عَلَّلَ الْمُؤَلِّفُ، وَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الشرنبلالية مَا يُفِيدُ الْجَوَابَ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ الدُّرَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ الْوَجْهِ لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَجْلِسَ يَتَبَدَّلُ بِالصَّلَاةِ حُكْمًا وَإِلَّا فَعَلَى الظَّاهِرِ فَهُوَ مُتَّحِدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي النَّهْرِ عَلَى هَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا خِلَافَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ سَلَّمَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي ثُمَّ سَلَّمَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا فِيهَا فَلَوْ سَجَدَ لَهَا فِيهَا وَأَعَادَهَا فِي مَكَانِهِ لَا تَلْزَمُهُ أُخْرَى كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِمْ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ، وَعَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ أَنَّ التَّدَاخُلَ فِيهَا فِي الْحُكْمِ لَا فِي السَّبَبِ تَلْزَمُهُ أُخْرَى اهـ.
وَفِيهِ
لَا يَلْزَمُهُ
وَوَفَّقَ الزَّاهِدُ السَّرَخْسِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأُولَى عَلَى مَا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ الْكَلَامِ وَحَمْلِ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى سَجَدَهَا الْآنَ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَجْزَأَهُ هَاهُنَا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ كَرَّرَهَا فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ إذْ لَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ بِالْكَلَامِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَصَحَّحَ التَّوْفِيقُ فِي الْمُحِيطِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ تُقْضَى بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ لِحُرْمَتِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُمْ الصَّلَاتِيَّةُ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا بِهَذَا وَأَنْ يُرَادَ بِالْخَارِجِ الْخَارِجُ عَنْ حُرْمَتِهَا (قَوْلُهُ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ لَا فِي مَجْلِسَيْنِ) فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ وَاحِدَةٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنْ «أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ فَيَقْرَأُ آيَةَ السَّجْدَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ كَانَ يَسْمَعُ وَيَتَلَقَّنُ ثُمَّ يَقْرَأُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَكَانَ لَا يَسْجُدُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً» ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ الْمَجْلِسَ جَامِعُ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَلِأَنَّ فِي إيجَابِ السَّجْدَةِ لِكُلِّ تِلَاوَةٍ حَرَجًا خُصُوصًا لِلْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ بِالنَّصِّ قُيِّدَ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ سَمِعَهُ أَوْ ذَكَرَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِرَارًا فِيهَا اخْتِلَافٌ فَبَعْضُهُمْ قَاسَهَا عَلَيْهَا وَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ وَأَوْجَبَهَا لِكُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَلَا تَدَاخُلَ فِيهَا، وَهُوَ جَفَاءٌ لَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَقَدَّمْنَا تَرْجِيحَهُ وَأَمَّا تَشْمِيتُ مَنْ عَطَسَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِرَارًا فَأَوْجَبَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّ مَرَّةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا يُشَمِّتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلْعَاطِسِ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ قُمْ فَانْتَثَرَ فَإِنَّك مَزْكُومٌ
وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْظِيمِ اسْمِهِ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا تَلَا مِرَارًا ثُمَّ سَجَدُوا مَا إذَا تَلَا وَسَجَدَ ثُمَّ تَلَا بَعْدَهُ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ التِّلَاوَةَ الْمُتَعَدِّدَةَ كَتِلَاوَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا سَبَبًا وَالْبَاقِي تَبَعٌ لَهَا وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعِبَادَاتِ إذْ السَّبَبُ مَتَى تَحَقَّقَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ حُكْمِهِ؛ وَلِهَذَا يُحْكَمُ بِوُجُوبِهَا فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ وَالتَّدَاخُلُ فِي الْحُكْمِ أَلْيَقُ فِي الْعُقُوبَاتِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ فَهُوَ يَنْزَجِرُ بِوَاحِدَةٍ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الثَّانِيَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّدَاخُلَ فِي السَّبَبِ يَنُوبُ فِيهِ الْوَاحِدَةُ عَمَّا قَبْلَهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا، وَفِي التَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ لَا تَنُوبُ إلَّا عَمَّا قَبْلَهَا حَتَّى لَوْ زَنَى ثُمَّ زَنَى فِي الْمَجْلِسِ يُحَدُّ ثَانِيًا بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ إذَا أُقِيمَ مَرَّةً ثُمَّ قَذَفَهُ مِرَارًا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْعَارَ قَدْ انْدَفَعَ بِالْأَوَّلِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْآيَةِ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ لَا يَجْعَلُ الْكَلِمَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ وَاحِدٍ كَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلِعَبْدِهِ بِالْعِتْقِ لَا يَجْعَلُ الْمَجْلِسُ الْوَاحِدُ الْكُلَّ إقْرَارًا وَاحِدًا، وَكَذَا الْحَرَجُ مُنْتَفٍ وَأَطْلَقَ فِي الْمَجْلِسِ فَشَمَلَ مَا إذَا طَالَ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَدَّلُ بِهِ حَتَّى لَوْ تَلَاهَا فِي الْجَامِعِ فِي زَاوِيَةٍ ثُمَّ تَلَاهَا فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ حُكْمُ السَّمَاعِ وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ وَالْمَحْمِلُ وَالسَّفِينَةُ فِي حُكْمِ التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ سَوَاءٌ كَانَتْ السَّفِينَةُ وَاقِفَةً أَوْ جَارِيَةً وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَلَا بِخُطْوَةٍ وَخُطْوَتَيْنِ وَكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ، وَلَا بِلُقْمَةٍ أَوْ لُقْمَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَثِيرًا وَبِخِلَافِ مَا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ بَاعَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ
وَكَذَا لَوْ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا وَكُلُّ عَمَلٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ قَطْعٌ لِلْمَجْلِسِ بِخِلَافِ التَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَاطِعٍ كَالنَّوْمِ قَاعِدًا وَفِي الدَّوْسِ وَتَسْدِيَةِ الثَّوْبِ وَرَحَا الطَّحْنِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ وَالسَّبْحِ فِي نَهْرٍ أَوْ حَوْضٍ يَتَكَرَّرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَرَّرَهَا رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ يَتَكَرَّرُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ
ــ
[منحة الخالق]
نَظَرٌ بَلْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا سَجَدَ لَهَا فِيهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالنَّهْرِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ سَجَدَ لَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْهَا فِي الصَّلَاةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: وَلَمْ يَأْتِ بِحَذْفٍ إنْ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يُرَادَ بِالْخَارِجِ مِنْ حُرْمَتِهَا الظَّاهِرُ عَطَفَهُ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ أَيْ إنَّ قَوْلَهُمْ: الصَّلَاتِيَّةُ لَا تُقْضَى خَارِجَهَا إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ تَخْصِيصٌ مِنْهُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِخَارِجِهَا خَارِجَ حُرْمَتِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ) قَالَ فِي النَّهْرِ إلَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا كَدَارِ السُّلْطَانِ
لِلْأَمَاكِنِ إذْ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ دَلِيلُ اتِّحَادِ الْمَكَانِ قَالُوا إذَا كَانَ مَعَهُ غُلَامٌ يَمْشِي، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ رَاكِبًا وَكَرَّرَهَا تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَى الْغُلَامِ دُونَ الرَّاكِبِ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ كَرَّرَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَكْفِيَهُ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَلْزَمَهُ لِكُلِّ تِلَاوَةٍ سَجْدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الَّتِي رَجَعَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ عَنْ الِاسْتِحْسَانِ إلَى الْقِيَاسِ إحْدَاهَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّهْنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثَةُ إذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَاخْتَارَ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ أَنْ يُخَيَّرَ الْمَوْلَى ثَانِيًا، وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُخَيَّرُ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَقَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي الرَّاكِبُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ سَارَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ سَمِعَهَا ثَانِيًا عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ، وَلَوْ سَارَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ نَزَلَ فَتَلَاهَا أُخْرَى يَلْزَمُهُ أُخْرَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَكْرَارَ الْوُجُوبِ فِي التَّسْدِيَةِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَادِ فِي بِلَادِهِمْ مِنْ أَنَّهَا أَنْ يَغْرِسَ الْحَائِكُ خَشَبَاتٍ يُسَوِّي فِيهَا السَّدَى ذَاهِبًا وَآيِبًا أَمَّا عَلَى مَا هِيَ بِبِلَادِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَغَيْرِهَا بِأَنْ يُدَبِّرَهَا عَلَى دَائِرَةٍ عُظْمَى، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ حَقِيقِيٌّ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ، وَحُكْمِيٌّ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلِ، وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ دُونَ التَّالِي تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَى السَّامِعِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَكْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَى السَّامِعِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ السَّمَاعُ، وَلَمْ يَتَبَدَّلْ مَجْلِسُهُ فِيهِ، وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ شَرْطٌ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَى السَّبَبِ لَا الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَعَ اتِّحَادِ مَجْلِسِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَبْطَلَ تَعَدُّدَ التِّلَاوَةِ الْمُتَكَرِّرَةِ فِي حَقِّ التَّالِي حُكْمًا لِاتِّحَادِ مَجْلِسِهِ لَا حَقِيقَةً فَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ فِي حَقِّ السَّامِعُ فَاعْتُبِرَتْ حَقِيقَةُ التَّعَدُّدِ فَتَكَرَّرَ الْوُجُوبُ فَعَلَى هَذَا يَتَكَرَّرُ عَلَى السَّامِعِ إمَّا بِتَبَدُّلِ مَجْلِسِهِ أَوْ بِتَبَدُّلِ مَجْلِسِ التَّالِي، وَفِي الْقُنْيَةِ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ وَيُرِيدُ أَنْ يُكَرِّرَهَا لِلتَّعْلِيمِ فِي الْمَجْلِسِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَادِرَ فَيَسْجُدَ ثُمَّ يُكَرِّرَ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَرِّرَهَا ثُمَّ يَسْجُدَ آخِرًا لِمَا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنَّ التَّدَاخُلَ فِي الْحُكْمِ لَا فِي السَّبَبِ حَتَّى لَوْ سَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ أَعَادَهَا لَزِمَتْهُ أُخْرَى كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى فَالِاحْتِيَاطُ عَلَى هَذَا التَّأْخِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا، وَلَوْ صَلَّيَا عَلَى الدَّابَّةِ فَقَرَأَ أَحَدُهُمَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً، وَالْآخَرُ فِي صَلَاتِهِ مَرَّتَيْنِ وَسَمِعَ كِلَاهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَعَلَى مَنْ تَلَاهَا مَرَّتَيْنِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَرَّرَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ الثَّانِي هِيَ وَاحِدَةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الِانْتِقَالُ مِنْ رَكْعَةٍ إلَى أُخْرَى يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّدَاخُلِ يُؤَدِّي إلَى إخْلَاءِ إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَتَفْسُدُ قُلْنَا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الِاتِّحَادِ بُطْلَانُ الْعَدَدِ فِي حَقِّ حُكْمٍ آخَرَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ قَوْلِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ فِي السِّرَاجِ جَعَلَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا صَلَّى بِغَيْرِ الْإِيمَاءِ أَمَّا بِهِ فَإِنْ لِمَرَضٍ فَلَا وَإِنْ لِكَوْنِهِ عَلَى الدَّابَّةِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَكَرَّرُ وَآخَرُونَ لَا، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ مَا عُلِّلَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ يُفِيدُ تَقْيِيدَ الصَّلَاةِ بِالنَّفْلِ وَالْوِتْرِ مُطْلَقًا، وَفِي الْفَرْضِ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَمَّا بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكْفِيَهُ وَاحِدَةٌ إذْ الْمَانِعُ مِنْ التَّدَاخُلِ مُنْتَفٍ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي وَهَذَا الْبَحْثُ مَنْقُولٌ فَفِي السِّرَاجِ لَوْ أَعَادَهَا فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَكْفِيَهُ وَاحِدَةٌ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ حَقِيقِيٌّ إلَخْ) ، وَكَذَا اتِّحَادُهُ حَقِيقِيٌّ كَالْبَيْتِ وَنَحْوِهِ وَحُكْمِيٌّ كَمَا لَوْ أَكَلَ لُقْمَتَيْنِ أَوْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ كَمَا فِي النَّهْرِ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الْمُبَادَرَةُ أَوْلَى فِي الْعِبَادَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُ الْبَعْضِ لِضَعْفِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الظَّاهِرِ تَأَمَّلْ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَقَالَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ مُحْتَمَلُ الذَّهَابِ قَبْلَ التَّمَامِ كَمَا يُتَّفَقُ فِي الدُّرُوسِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا لَا يَأْتِي بِهَا، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ لِعَدَمِ سُجُودِ الْمُعَلِّمِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالِاحْتِيَاطُ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَادِرَ (قَوْلُهُ فَعَلَى مَنْ تَلَاهَا مَرَّتَيْنِ سَجْدَةً وَاحِدَةً إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ غَيْرُ السَّجْدَةِ الصَّلَاتِيَّةِ إذْ لَا كَلَامَ فِي وُجُوبِهَا وَقَوْلُهُ: وَعَلَى صَاحِبِهِ سَجْدَتَانِ أَيْ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ سَجَدَاتٍ وَهَذِهِ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَكَلَامُ هَذَا الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ سَجْدَةٌ خَارِجِيَّةٌ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
قُلْت: وَهَذَا الْحَمْلُ يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْبِيرُ قَاضِي خان حَيْثُ فَصَّلَ بَيْنَ مَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ، وَمَا يَجِبُ خَارِجَهَا وَقَدْ اخْتَارَ خِلَافَ مَا فِي الْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَلْزَمُهُ بِقِرَاءَةِ صَاحِبِهِ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ؛ لِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى مَكَانِ السَّامِعِ