الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَاضِي لَهُمَا الْإِعَادَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى الْوَلِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدٌ بَعْدَهُ يَعْنِي سُلْطَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَقْدِيمِ حَقِّ الْوَلِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جُوِّزَ لَهُ الْإِعَادَةُ، وَلَمْ يُجَوَّزْ لِلسُّلْطَانِ إذَا صَلَّى الْوَلِيُّ فَافْهَمْ ذَلِكَ اهـ.
وَكَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى، وَقَدْ ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَ الْوَلِيُّ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ حَضَرَ فَالْحَقُّ لَهُ فَكَانَتْ صَلَاةُ الْوَلِيِّ تَعَدِّيًا، وَالثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُ الْوَلِيِّ فَصَلَّى الْوَلِيُّ ثُمَّ جَاءَ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِصَلَاةِ مَنْ لَهُ وِلَايَتُهَا - وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ - ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمُجْتَبَى مَا يُفِيدُهُ قَالَ: فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَحَدٌ بَعْدَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ حَقُّ الصَّلَاةِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَحْضُرْ السُّلْطَانُ، وَأَمَّا إذَا حَضَرَ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ يُعِيدُ السُّلْطَانُ اهـ. .
(قَوْلُهُ: فَإِنْ دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ مَا لَمْ يَتَفَسَّخْ) ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ» أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ مَدْفُونًا بَعْدَ الْغُسْلِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَكِنْ صُحِّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبِ التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِدُونِ الْغُسْلِ لَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَمْرًا حَرَامًا، وَهُوَ نَبْشُ الْقَبْرِ فَسَقَطَتْ الصَّلَاةُ اهـ.
وَقَيَّدَ بِالدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقُيِّدَ بِعَدَمِ التَّفَسُّخِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ التَّفَسُّخِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ شُرِعَتْ عَلَى بَدَنِ الْمَيِّتِ فَإِذَا تَفَسَّخَ لَمْ يَبْقَ بَدَنُهُ قَائِمًا، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِمُدَّةٍ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ تَفَسُّخُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَكْبَرُ الرَّأْيِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي تَفَسُّخِهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَذْكُورُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَيِّتِ فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَبِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَيُحَكَّمُ فِيهِ غَالِبُ الرَّأْيِ، فَإِنْ قِيلَ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةٍ» فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ دَعَا لَهُمْ قَالَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْفَتَاوَى) أَيْ مَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ وَفِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَاوَى هُوَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى السُّلْطَانُ وَنَحْوُهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ حَقُّ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُ، وَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ الْإِعَادَةَ إذَا صَلَّى الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ أَوْلَوِيَّةَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ لِوُجُوبِ تَعْظِيمِهِ وَلِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ ازْدِرَاءً بِهِ لَا لِكَوْنِ الْحَقِّ لَهُمْ بَلْ الْحَقُّ إنَّمَا هُوَ لِلْوَلِيِّ وَتَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ لِعَارِضٍ فَإِذَا صَلَّى صَاحِبُ الْحَقِّ، وَلَمْ يُرَاعِ حُرْمَتَهُمْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حَقُّ الْإِعَادَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الِابْنُ مَعَ الْأَبِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِلِابْنِ وَلَكِنَّهُ يُقَدِّمُ أَبَاهُ احْتِرَامًا لَهُ، وَلَا يَرِدُ إمَامُ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ كَتَقْدِيمِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ وَقَدْ ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلِمَتَهُمْ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلسُّلْطَانِ عِنْدَ عَدَمِ حُضُورِهِ وَقَدْ عَلِمْت ثُبُوتَ الْخِلَافِ مَعَ حُضُورِهِ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَمَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ كَلَامَيْ النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ عَلَى حَالَةِ حُضُورِهِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَيْسَ مِمَّا الْخِلَافُ فِيهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَوْلَوِيَّةَ السُّلْطَانِ إنْ حَضَرَ، وَعَلَيْهِ فَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِثْلُ مَا فِي النِّهَايَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كَلَامَ النِّهَايَةِ لَيْسَ خَاصًّا بِحَالَةِ حُضُورِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ عَنْ الْمَبْسُوطِ فِي الْجَوَابِ عَنْ دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى جَوَازِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ قَالَ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي حَضَرَ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ وِلَايَةُ إسْقَاطِ حَقِّهِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الْحَقَّ كَانَ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] ، وَهَكَذَا تَأْوِيلُ فِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ مَشْغُولًا بِتَسْوِيَةِ الْأُمُورِ وَتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ فَكَانُوا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُضُورِهِ وَكَانَ الْحَقُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَلِيفَةُ فَلَمَّا فَرَغَ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ بَعْدَهُ عَلَيْهِ. اهـ.
وَهَذَا يَشْكُلُ أَيْضًا عَلَى تَوْفِيقِ الْمُؤَلِّفِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ قَبْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الصَّلَاةِ بَلْ جَمِيعُ مَنْ صَلَّى كَانَ أَجْنَبِيًّا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِهِ قَبْلَ الصِّدِّيقِ، وَهُوَ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ ثُمَّ ظَاهِرُ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْمَبْسُوطِ يُؤْذِنُ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ قَبْلَ الْوَلِيِّ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِمَا فِي الْفَتْحِ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا» دَلِيلٌ عَلَى أَنْ إنْ لَمْ يُصَلِّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِنَا فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِادِّعَاءٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَصْلًا، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مِنْ الصَّحَابَةِ. اهـ.
قُلْت: بَلْ لَا يَصِحُّ هَذَا الِادِّعَاءُ أَصْلًا فِي صَلَاتِهِمْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[دُفِنَ الْمَيِّت بِلَا صَلَاةٍ]
(قَوْلُهُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً) لَعَلَّهُ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ ثُمَّ رَاجَعْت الْبَدَائِعَ فَرَأَيْته كَذَلِكَ فَمَا هُنَا تَحْرِيفٌ
اللَّهُ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] وَالصَّلَاةُ فِي الْآيَةِ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ وَقِيلَ إنَّهُمْ لَمْ تَتَفَرَّقْ أَعْضَاؤُهُمْ فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهُمْ وَجَدَهُمْ كَمَا دُفِنُوا فَتَرَكَهُمْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحُكْمُ صَلَاةِ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ أَصْلًا فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ مَا لَمْ يَتَمَزَّقْ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ بِثَنَاءٍ بَعْدَ الْأُولَى وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَدُعَاءٍ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَتَسْلِيمَتَيْنِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَثَبَتَ عَلَيْهَا حَتَّى تُوُفِّيَ» فَنُسِخَتْ مَا قَبْلَهَا وَالْبُدَاءَةُ بِالثَّنَاءِ ثُمَّ الصَّلَاةِ سُنَّةُ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَرْجَى لِلْقَبُولِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الثَّنَاءَ وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ، وَهُوَ الْأَوْلَى كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِيهَا بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ اهـ.
وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الدُّعَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ سِوَى أَنَّهُ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَإِنْ دَعَا بِالْمَأْثُورِ فَمَا أَحْسَنُهُ وَأَبْلَغُهُ وَمِنْ الْمَأْثُورِ حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ «صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَحَفِظْت مِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ قَالَ عَوْفٌ حَتَّى تَمَنَّيْت أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ الْفَضْلِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الدُّعَاءَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَدْعُوَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ دُعَاءَ الْمَغْفُورِ لَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ ثُمَّ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصِدُ مِنْهَا، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي رُكْنِيَّةَ الدُّعَاءِ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ التَّكْبِيرَات رَحْمَةٌ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتَسْلِيمَتَيْنِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ بَعْدَهَا غَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَقُولُ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً إلَى آخِرِهِ وَقِيلَ {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] إلَى آخِرِهِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالدُّعَاءِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَنْوِيَّ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ لِلِاخْتِلَافِ فَفِي التَّبْيِينِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ يَنْوِي بِهِمَا الْمَيِّتَ مَعَ الْقَوْمِ
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَنْوِي الْإِمَامُ الْمَيِّتَ فِي تَسْلِيمَتَيْ الْجِنَازَةِ بَلْ يَنْوِي مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ.
وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُخَاطَبُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهِ إذْ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَحُكْمُ صَلَاةِ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ أَصْلًا) قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ تَأَدَّى بِصَلَاةِ الْأَجْنَبِيِّ قُلْت لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي الْمُجْتَبَى، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ إذَا دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَمَزَّقْ. اهـ
وَهَذَا لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ الْمُرَادُ بِصَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ قَضَاءً لِحَقِّهِ وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ كَعَدَمِ الصَّلَاةِ أَيْ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ يَعْنِي أَنَّهَا مُعْتَدٌّ بِهَا لَكِنْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَلِّيَهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
(قَوْلُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ) قَدَّمْنَا قُبَيْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَحْمَدُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ إلَخْ) قُلْت وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ فَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ، وَكَذَا مُنْلَا عَلِيٌّ الْقَارِي مِنْ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِثُبُوتِ قِرَاءَتِهَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَأَنَّهُ قَالَ عَمْدًا فُعِلَتْ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بِفَرْضِيَّتِهَا مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ قَوْلِ الْقُنْيَةِ، وَلَوْ قَرَأَ فِيهَا {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] إلَى آخِرِ السُّورَةِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ سَاكِتًا تَجُوزُ صَلَاته لَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ قِرَاءَتُهَا عَلَى قَصْدِ الثَّنَاءِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ الْجَوَازِ الصِّحَّةُ بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَنْوِيَّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَفِي إكْمَالِ الدِّرَايَةِ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ لِلشُّمُنِّيِّ يَنْوِي فِيهِمَا مَا يَنْوِي فِي تَسْلِيمَتَيْ صَلَاتِهِ وَيَنْوِي الْمَيِّتَ بَدَلَ الْإِمَامِ. اهـ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَيَنْوِي بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا وَصَفْنَاهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيَنْوِي الْمَيِّتَ كَمَا يَنْوِي الْإِمَامَ. اهـ.
فَظَاهِرُ كَلَامِ الشُّمُنِّيِّ عَدَمُ نِيَّةِ الْإِمَامِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ مَا فِي التَّبْيِينِ إذْ لَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ هُنَا إذْ الْمَيِّت لَيْسَ أَهْلًا غَيْرَ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي مَا وَرَدَ فِي أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَتَعْلِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّلَامَ عَلَى الْمَوْتَى (قَوْلُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ اخْتَارُوا رَفْعَ الْيَدِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: رُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا اقْتَدَى بِالشَّافِعِيِّ فَالْأَوْلَى مُتَابَعَتُهُ فِي الرَّفْعِ، وَلَمْ أَرَهُ تَأَمَّلْ. اهـ.
أَقُولُ: وَجْهُ الِاسْتِفَادَةِ أَنَّ اخْتِيَارَ أَئِمَّةِ بَلْخٍ الرَّفْعَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَنْسُوخًا
اخْتَارُوا رَفْعَ الْيَدِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِيهَا، وَكَانَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَرْفَعُ تَارَةً، وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى وَلَا يَجْهَرُ بِمَا يَقْرَأُ عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْمُخَافَتَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِيهِ هَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَشْرُوعٌ عَقِبَ التَّكْبِيرِ بِلَا فَصْلٍ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ فِي زَمَانِنَا عَلَى خِلَافِهِ اهـ.
وَفِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ التَّكْبِيرَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَإِنَّهُ يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ فِي مَحَلِّهِ، وَهُوَ الْقِيَامُ فَيَكُونُ مَعْذُورًا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا رَجُلٌ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَكَبَّرَ يَنْوِيهِ وَنَوَى أَنْ لَا يُكَبِّرَ عَلَى الْأُولَى فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْأُولَى إلَى صَلَاةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي بِهَا عَلَيْهِمَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَبَّرَ يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ جَازَ عَنْ التَّطَوُّعِ اهـ. .
(قَوْلُهُ فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا لَمْ يُتْبَعْ) ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَا مُتَابَعَةَ فِيهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَاذَا يَصْنَعُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُسَلِّمُ لِلْحَالِ، وَلَا يَنْتَظِرُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَمْكُثُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ إذَا سَلَّمَ لِيَكُونَ مُتَابِعًا فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْبَقَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَيْسَ بِخَطَأٍ مُطْلَقًا إنَّمَا الْخَطَأُ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي الْخَامِسَةِ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا لَا يُتَابِعُهُ فِي الزَّوَائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ إذَا سَمِعَ مِنْ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا مِنْ الْمُبَلِّغِ فَيُتَابِعُهُ وَهَذَا حَسَنٌ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ اهـ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالُوا وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ لِجَوَازِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ لِلِافْتِتَاحِ الْآنَ وَأَخْطَأَ الْمُنَادِي وَقُيِّدَ بِتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعِيدِ لَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهَا حَتَّى لَوْ تَجَاوَزَ الْإِمَامُ فِي التَّكْبِيرِ حَدَّ الِاجْتِهَادِ لَا يُتَابَعُ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(قَوْلُهُ، وَلَا يَسْتَغْفِرُ لِصَبِيٍّ، وَلَا لِمَجْنُونٍ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَذُخْرًا وَاجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفَّعًا» ) كَذَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُمَا
ــ
[منحة الخالق]
وَلَا مَقْطُوعًا بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بَلْ هُوَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمَأْثُورَ كَمَا مَرَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَكَذَا يَتْبَعُ الشَّافِعِيَّ إذَا قَنَتَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَعَلَّلُوهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَلَا يُتَابِعُهُ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَنْسُوخٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ سُنَّةً ثُمَّ تُرِكَ أَوْ مَقْطُوعٌ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَانَ دُعَاءً عَلَى قَوْمٍ شَهْرًا وَعَدَّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ كَقُنُوتِ فَجْرٍ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِنَسْخِهِ، وَلَا بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ عُلَمَائِنَا فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْبَدَائِعِ عَلَى وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فِي الْعِيدِ مَا لَمْ يُكَبِّرْ تَكْبِيرًا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ وَتَرْكُ رَأْيِهِ بِرَأْيِ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ عليه السلام «تَابِعْ إمَامَك عَلَى أَيِّ حَالٍ وَجَدْته» فَمَا لَمْ يَظْهَرْ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ كَانَ اتِّبَاعُهُ وَاجِبًا إلَخْ لَكِنْ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ الْكَيْدَانِيَّةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْجَلَّابِيِّ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُ إمَامَهُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْجِنَازَةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَالُوا وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مَا زَادَ عَلَى الرَّابِعَةِ فَهَلْ يُكَبِّرُ بَعْدَ سُكُوتِ الْمُنَادِي شَيْئًا أَمْ لَا وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ يَنْوِي بِذَلِكَ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ بِثَلَاثٍ لِتَتِمَّ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ نِيَّةَ الِافْتِتَاحِ لِلِاحْتِيَاطِ فَلَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ تَامَّةً بِدُونِ زِيَادَةٍ لَكِنْ لَوْ كَبَّرَ الْمُنَادِي خَمْسًا وَقُلْنَا إنَّهُ يَنْوِي بِالْخَامِسَةِ الِافْتِتَاحَ يَكُونُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِلِافْتِتَاحِ فِي الْخَامِسَةِ لَا تُفِيدُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بَعْدَهَا بِثَلَاثٍ أُخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْوِي الِافْتِتَاحَ بِجَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ الَّتِي أَتَى بِهَا فَفِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ بَعْدَ الْمَنْوِيِّ بَلْ مَعَهُ وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ الْمُقْتَدِي أَنَّ الْمُنَادِيَ يَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى يَنْوِيَ الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ كَبَّرَهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْإِمَامِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ تَكْبِيرَهُ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُنَادِي يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ الِافْتِتَاحَ لِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ فِي الْأُولَى وَأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الصَّوَابُ أَوْ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَأَنَّ الثَّالِثَةَ هِيَ الصَّوَابُ، وَهَكَذَا فَيَنْوِي بِالْكُلِّ الِافْتِتَاحَ لِيَكُنْ هَذَا مَعَ بُعْدِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فَائِدَةُ هَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ خَطَأً مِنْ الْمُنَادِي سَبَقَ بِهَا الْإِمَامُ كَانَتْ الثَّالِثَةُ هِيَ الصَّوَابُ، وَكَذَا الرَّابِعَةُ فَيَلْزَمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ، وَلَا تَصِحُّ بِدُونِ الْأَرْبَعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ
وَالْفَرَطُ بِفَتْحَتَيْنِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْإِنْسَانَ مِنْ وَلَدِهِ يُقَالُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا أَيْ أَجْرًا مُتَقَدِّمًا وَالْفَرَطُ الْفَارِطُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْبِقُ الْوُرَّادَ إلَى الْمَاءِ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» أَيْ أَتَقَدَّمُكُمْ إلَيْهِ كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ وَالْأَنْسَبُ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي هُنَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَالذُّخْرُ بِضَمِّ الذَّالِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الذَّخِيرَةُ وَالْمُشَفَّعُ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَقْبُولُ الشَّفَاعَةِ وَذَكَرَ الْيَمَنِيُّ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ فِي بَحْثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَنَّ الثَّوَابَ هُوَ الْحَاصِلُ بِأُصُولِ الشَّرْعِ.
وَالْحَاصِلُ بِالْمُكَمِّلَاتِ يُسَمَّى أَجْرًا؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ لُغَةً بَدَلُ الْعَيْنِ وَالْأَجْرُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَالْمَنْفَعَةُ تَابِعَةٌ لِلْعَيْنِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْأَجْرُ وَيُرَادُ بِهِ الثَّوَابُ وَبِالْعَكْسِ اهـ.
وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَدْعُو لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا كَمَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ وَيَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ لِيُكَبِّرَ مَعَهُ لَا مَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي حَالَةِ التَّحْرِيمَةِ) أَيْ وَيَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ لِيُكَبِّرَ مَعَ الْإِمَامِ لِلِافْتِتَاحِ فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَةً أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا يُكَبِّرُ الْآتِي حَتَّى يُكَبِّرَ الْأُخْرَى بَعْدَ حُضُورِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكَبِّرُ حِينَ يَحْضُرُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِلِافْتِتَاحِ وَالْمَسْبُوقُ يَأْتِي بِهِ، وَلَهُمَا أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ رَكْعَةٍ وَالْمَسْبُوقُ لَا يَبْتَدِئُ بِمَا فَاتَهُ إذْ هُوَ مَنْسُوخٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعَ أَرْكَانٌ وَلَيْسَتْ الْأُولَى شَرْطًا كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ كَبَّرَ كَمَا حَضَرَ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ لَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمَا لَكِنْ مَا أَدَّاهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَمَا كَبَّرَ الرَّابِعَةَ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ بِغَيْرِ دُعَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَضَى الدُّعَاءَ رُفِعَ الْمَيِّتُ فَيَفُوتُ لَهُ التَّكْبِيرُ وَإِذَا رُفِعَ الْمَيِّتُ قُطِعَ التَّكْبِيرُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا مَيِّتَ يُتَصَوَّرُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي، وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا لَا يَنْتَظِرُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا حَالَةَ التَّحْرِيمَةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُدْرِكِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ
ــ
[منحة الخالق]
وَلَا يُسْتَغْفَرُ لِصَبِيٍّ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْحَدِيثِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ لِلصَّغِيرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْفَرُ لِلصَّبِيِّ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ قَوْلَهُ، وَلَا يُسْتَغْفَرُ لِصَغِيرٍ، وَأَمَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارَ لِلصَّغِيرِ بَلْ الْمُرَادُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لِعُمُومِ الدَّاعِينَ فَالْمُرَادُ تَأْكِيدُ التَّعْمِيمِ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِي الْمُفِيدِ وَيَدْعُو لِوَالِدَيْ الطِّفْلِ وَقِيلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أَجْرَهُمَا وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ فِي كَلَامِهِ هُنَا الصَّبِيُّ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فِيهَا كَمَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ لَعَلَّهُ كَمَا يَدْعُو لِأَبَوَيْ الْمَيِّتِ يَعْنِي الصَّغِيرَ وَوَجْهُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَبَوَيْهِ فَإِذَا دَعَا لِأَبَوَيْهِ الْمُسْلِمَيْنِ فَبِالْأَوْلَى الدُّعَاءُ لِسَيِّدِهِ الْمُسْلِمِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ مُطْلَقًا فَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ بِالدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ فَكَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ بَلْ يَدْعُو لَهُ كَمَا يَدْعُو لِلْحُرِّ الْكَبِيرِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَبْدِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ الصَّغِيرَ يَدْعُو لِأَبَوَيْهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الصَّغِيرُ فَالْغَالِبُ كَوْنُ أَبَوَيْهِ كَافِرَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ لِسَيِّدِهِ بَدَلَ أَبَوَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الدُّعَاءَ لِأَبَوَيْ الْحُرِّ الصَّغِيرِ حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ وَيُجْعَلُ سَيِّدُهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَوَيْنِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ الْعَبْدُ الْكَبِيرُ لَكِنَّ الدَّاعِيَ لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ مُطْلَقًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَتَبِعَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا أَدَّاهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَتَفْسُدُ التَّكْبِيرَةُ مَعَ أَنَّ الْمَسْطُورَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ يَكُونُ شَارِعًا، وَعَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ مَا أَدَّاهُ وَهَذَا لَمْ أَرَ مَنْ أَفْصَحَ عَنْهُ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ عَدَمُ شُرُوعِهِ، وَلَا مِنْ اعْتِبَارِ شُرُوعِهِ اعْتِبَارُ مَا أَدَّاهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ صَحَّ شُرُوعُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا أَدَّاهُ مِنْ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ بَلْ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْقُنْيَةِ. اهـ. وَهُوَ حَسَنٌ.
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ حَاضِرًا حَالَةَ التَّحْرِيمَةِ) قَيَّدَ الْحُضُورَ فِي الدُّرَرِ بِكَوْنِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ صَدْرَ عِبَارَةِ الْمُجْتَبَى الْآتِيَةِ رَجُلٌ وَاقِفٌ حَيْثُ يُجْزِئُهُ الدُّخُولُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، فَإِنْ رُفِعَتْ عَلَى الْأَيْدِي، وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ كَبَّرَ فِي الظَّاهِرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَكْتَافِ، وَإِنْ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ كَبَّرَ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ فِي الْفَتْحِ لَوْ رُفِعَتْ قَطَعَ التَّكْبِيرَ إذَا رُفِعَتْ عَلَى الْأَكْتَافِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ لَا إذَا كَانَ إلَى الْأَكْتَافِ أَقْرَبَ
الِافْتِتَاحِ بَعْدَ الْإِمَامِ يَقَعُ أَدَاءً لَا قَضَاءً أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلثَّانِيَةِ أَوْ لَمْ يُكَبِّرْ، فَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ كَبَّرَ الْحَاضِرُ لِلْأُولَى لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ الْحَاضِرُ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ كَبَّرَ مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَقَضَى الْأُولَى لِلْحَالِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَكَذَا إنْ لَمْ يُكَبِّرْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يُكَبِّرُ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ لِلْحَالِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَرْبَعًا وَالرَّجُلُ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ وَيَقْضِي الثَّلَاثَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ، وَقَدْ فَاتَتْهُ اهـ.
فَمَا فِي الْحَقَائِقِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاضِرِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَقَدْ صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ مَسْبُوقٌ وَحُضُورُهُ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لَا يَجْعَلُهُ مُدْرِكًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْوَاقِعَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ الْحَاضِرُ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ ثِنْتَيْنِ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُكَبِّرْ الْأُولَى حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى ذَهَبَ مَحَلُّهَا فَكَانَ قَضَاءً وَالْمَسْبُوقُ لَا يَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ الْأُولَى لِلْحَالِ قَضَاءً، وَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ أَوْلَى قُيِّدَ بِالْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ اللَّاحِقَ فِيهَا كَاللَّاحِقِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَذَكَرَ فِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى، وَلَمْ يُكَبِّرْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ يُكَبِّرُهُمَا أَوَّلًا ثُمَّ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ مَا بَقِيَ اهـ. وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُجْتَبَى فِي اللَّاحِقِ.
(قَوْلُهُ وَيَقُومُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْقَلْبِ وَفِيهِ نُورُ الْإِيمَانِ فَيَكُونُ الْقِيَامُ عِنْدَهُ إشَارَةٌ إلَى الشَّفَاعَةِ لِإِيمَانِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ بَيَانُ الِاسْتِحْبَابِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا
ــ
[منحة الخالق]
وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ حَتَّى تَبَاعَدَ. اهـ.
وَلَا يُخَالِفُهُ مَا سَنَذْكُرُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى أَيْدِي النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الشرنبلالية (قَوْلُهُ كَبَّرَ الْحَاضِرُ لِلْأُولَى لِلْحَالِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضَى الْأُولَى لِلْحَالِ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَسَيُنَبِّهُ الْمُؤَلِّفُ عَلَى خِلَافِهِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ، وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْمُنْتَقَى بِالْقَافِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي النَّهْرِ يُكَبِّرُ مَا زَادَ عَلَى التَّحْرِيمَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ نَسَقًا إنْ خَشِيَ رَفْعَ الْمَيِّتِ عَلَى الْأَعْنَاقِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ عَلَى الْأَيْدِي كَبَّرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُدْرِكِ وَاللَّاحِقِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ فَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ الْكُلُّ لِلْحَالِ شَاذٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَرْبَعًا وَالرَّجُلُ حَاضِرٌ) أَيْ حَاضِرٌ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرَاتِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ بَقِيَ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ التَّحْرِيمَةِ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ حُضُورِهِ هَلْ يُنْتَظَرُ أَوْ لَا ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ لَا مَنْ كَانَ حَاضِرًا فِي حَالَةِ التَّحْرِيمَةِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَاضِرًا وَقْتَهَا فَهُوَ مَسْبُوقٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاضِرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْحَاضِرِ لَا خِلَافَ فِيهَا فَأَنَّى يُنْسَبُ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَحْدَهُ لِذَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ غَيْرُ مَعْزُوَّةٍ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَعَنْ الْحَسَنِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ مَحَلُّ وِفَاقٍ لَا عَلَى قَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُحِيطِ وَمَحَلُّ الْإِيهَامِ فِيمَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْحَقَائِقِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ لَا الْحَاضِرِ، وَقَدْ نُقِلَ فِي الشرنبلالية عَنْ التَّجْنِيسِ والولوالجية أَنَّ الْفَتْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. اهـ.
وَفِي الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الصَّحِيحَ قَوْلُهُمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) أَيْ أَنَّهُ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الرَّابِعَةَ، وَهُوَ حَاضِرٌ كَمَا إذَا حَضَرَ بَعْدَمَا كَبَّرَهَا الْإِمَامُ فَإِنَّهَا تَفُوتُهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَبَيْنَ الْغَائِبِ الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُحِيطِ وَالرَّجُلُ حَاضِرٌ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْغَائِبِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنَّ مَنْ كَانَ حَاضِرًا وَقْتَهَا لَا يَكُونُ مَسْبُوقًا إذَا كَبَّرَ الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يُكَبِّرْهَا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَسْبُوقًا بِالْأُولَى وَحَاضِرًا فِي الثَّانِيَةِ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا وَيَقْضِي الْأُولَى كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْوَاقِعَاتِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ حَضَرَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ بِلَا انْتِظَارٍ إلَى تَكْبِيرِ الْإِمَامِ بَعْدَهُ سَوَاءً كَانَ فِي ذَلِكَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ الْأُولَى ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ وَالرَّجُلُ حَاضِرٌ كَانَ مُدْرِكًا لِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ أَنْ يُكَبِّرَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ الثَّالِثَةَ وَيَكُونُ مَسْبُوقًا بِوَاحِدَةٍ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَكَذَا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَهُوَ حَاضِرٌ يَكُونُ مُدْرِكًا لِأُخْرَاهَا فَيُكَبِّرُهَا وَمَسْبُوقًا بِمَا قَبْلَهَا فَيَقْضِيهَا، وَكَذَا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الْأَرْبَعَ، وَهُوَ حَاضِرٌ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّابِعَةِ فَيُكَبِّرُهَا وَيَقْضِي الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ مَحَلُّهَا فَيَكُونُ مَسْبُوقًا بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ مَسْبُوقًا بِالرَّابِعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَاقٍ مَا لَمْ يُسَلِّمْ