الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَرَدَّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ تَعْلِيلَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النُّزُولَ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَالرُّكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْمُصَلِّي وَوُضِعَ عَلَى السَّرْجِ لَا يَبْنِي مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يُوجَدْ فَضْلًا عَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَالْفَرْقُ الصَّحِيحُ مَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ.
وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْبِنَاءِ فِيمَا إذَا نَزَلَ يُؤَدِّي إلَى بِنَاءِ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَالْمَرِيضِ إذَا صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ تَحَرُّزًا عَمَّا قُلْنَا
وَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِيمَاءَ مِنْ الْمَرِيضِ دُونَ الْإِيمَاءِ مِنْ الرَّاكِبِ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ مِنْ الْمَرِيضِ بَدَلٌ عَنْ الْأَرْكَانِ وَالْإِيمَاءَ مِنْ الرَّاكِبِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْهَا لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الْعِبَادَاتِ اسْمٌ لِمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ عَجْزِ غَيْرِهِ وَالْمَرِيضُ أَعْجَزَهُ مَرَضُهُ عَنْ الْأَرْكَانِ فَكَانَ الْإِيمَاءُ بَدَلًا عَنْهَا وَالرَّاكِبُ لَمْ يُعْجِزْهُ الرُّكُوبُ عَنْ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِانْتِصَابَ عَلَى الرِّكَابَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ قِيَامًا وَكَذَلِكَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَخِرَّ رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَمَعَ هَذَا أَطْلَقَ الشَّارِعُ فِي الْإِيمَاءِ فَلَا يَكُونُ الْإِيمَاءُ بَدَلًا فَكَانَ قَوِيًّا فِي نَفْسِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى بِنَاءِ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَفَرَّقَ فِي الْمُحِيطِ بِوَجْهٍ آخَرَ هُوَ أَنَّ فِي الْمَرِيضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلِذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ لَا يَبْنِي أَمَّا الرَّاكِبُ هُنَا لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَالنُّزُولُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قُلْتُ وَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ يَجِبُ أَنْ لَا يَبْنِيَ فِي الْمَكْتُوبَةِ فِيمَا إذَا افْتَتَحَهَا رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَهَا بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَلِذَلِكَ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْهِدَايَةِ بِالتَّطَوُّعِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْمَرِيضِ فِيمَا إذَا صَحَّ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ إنَّمَا كَانَ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَلَا رِوَايَةَ عَنْهُمْ فِي التَّطَوُّعِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ فَاحْتَمَلَ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَسْتَقْبِلُ أَيْضًا فِي التَّطَوُّعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّاهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ فِي رَمَضَانَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ بِجَمَاعَةٍ وَالْخَتْمُ مَرَّةً بِجِلْسَةٍ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ بِقَدْرِهَا) بَيَانٌ لِ
صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ
وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا مَعَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ قَبْلَ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ لِكَثْرَةِ شُعَبِهَا وَلِاخْتِصَاصِهَا بِحُكْمٍ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِجَمَاعَةٍ وَالتَّرَاوِيحُ جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاسْتِرَاحَةِ سُمِّيَتْ بِهِ الْأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ الْمَخْصُوصَةِ لِاسْتِلْزَامِهَا اسْتِرَاحَةً بَعْدَهَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ فِيهَا وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمَشَايِخَ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا سُنَّةً وَانْقَطَعَ الِاخْتِلَافُ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَذَكَرَ فِي الِاخْتِيَارِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْهَا وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فَقَالَ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَمْ، يَتَخَرَّجْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فَهِمَهُ فِي الْهِدَايَةِ عَنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاجْتِمَاعَ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّرَاوِيحَ مُسْتَحَبَّةٌ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَقَدْ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَدَبَنَا إلَيْهَا وَأَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي ثُمَّ تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تُكْتَبَ عَلَى أُمَّتِهِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ وَقَعَتْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم
كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي السُّنَنِ ثُمَّ مَا زَالَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ الصَّدْرِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى إقَامَتِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَكَيْفَ لَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ «صلى الله عليه وسلم عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَقَوْلُهُ عِشْرُونَ رَكْعَةً بَيَانٌ لِكَمِّيَّتِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ
ــ
[منحة الخالق]
أَيْ قَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ.
[صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]
(قَوْلُهُ فَشَمَلَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الرَّوَافِضِ مِنْ أَنَّهَا سُنَّةُ الرِّجَالِ فَقَطْ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَعَزَاهُ نُوحٌ أَفَنْدِي إلَى الْكَافِي ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلًا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ قَدْ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى شَرْعِيَّةِ التَّرَاوِيحِ وَجَوَازِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إلَّا الرَّوَافِضُ اهـ.
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً وَعَلَيْهِ عَمِلَ النَّاسُ شَرْقًا وَغَرْبًا لَكِنْ ذَكَرَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ مِنْ الْعِشْرِينَ مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا ثُمَّ تَرَكَهُ خَشْيَةَ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا وَالْبَاقِي مُسْتَحَبٌّ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمَسْنُونُ عَلَى أُصُولِ مَشَايِخِنَا ثَمَانِيَةٌ مِنْهَا وَالْمُسْتَحَبُّ اثْنَا عَشَرَ انْتَهَى
وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي كَوْنِهَا عِشْرِينَ أَنَّ السُّنَنَ شُرِعَتْ مُكَمِّلَاتٍ لِلْوَاجِبَاتِ وَهِيَ عِشْرُونَ بِالْوِتْرِ فَكَانَتْ التَّرَاوِيحُ كَذَلِكَ لِتَقَعَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْمُكَمِّلِ وَالْمُكَمِّلِ انْتَهَى وَأَرَادَ بِالْعِشْرِينِ أَنْ تَكُونَ بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ كَمَا هُوَ الْمُتَوَارَثُ يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَدَمُ الْفَسَادِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنُوبُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ أَوْ تَسْلِيمَتَيْنِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ تَنُوبُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ الْفَضْلِ تَنُوبُ عَنْ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي إذَا شَكُّوا أَنَّهُمْ صَلَّوْا تِسْعَ تَسْلِيمَاتٍ أَوْ عَشْرَ تَسْلِيمَاتٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِتَسْلِيمَةٍ أُخْرَى فُرَادَى وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ رَكْعَةٍ سَاهِيًا فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِهَا قَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى يَقْضِي الشَّفْعَ الْأَوَّلَ لَا غَيْرَ وَقَالَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْكُلِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ السَّلَامِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا مِمَّا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ كَلَامٍ أَمَّا إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ
فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا أَنَّهُ جَمَعَ الْمُتَفَرِّقَ وَاسْتَدَامَ التَّحْرِيمَةَ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ أَشَقُّ وَأَتْعَبُ لِلْبَدَنِ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُتَوَارَثَ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَانٍ فِي مُطْلَقِ التَّطَوُّعِ لَيْلًا فَلَأَنْ يَكْرَهَ هُنَا أَوْلَى فَلِهَذَا نَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ فِي النِّصَابِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى الصَّحِيحَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) أَيْ الْحَدِيثُ السَّابِقُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ وَفِيهِ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا مَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً سِوَى الْوِتْرِ» فَضَعِيفٌ بِأَبِي شَيْبَةَ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ جَدِّ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلصَّحِيحِ اهـ.
قُلْت: أَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلصَّحِيحِ فَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ مَا فِي الصَّحِيحِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا كَانَ لَيْلَتَيْنِ فَقَطْ ثُمَّ تَرَكَهُ عليه الصلاة والسلام فَلِذَا لَمْ تَذْكُرْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَأَمَّا تَضْعِيفُ الْحَدِيثِ بِمَنْ ذَكَرَ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ اعْتَضَدَ بِمَا مَرَّ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى سُنِّيَّتِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ رحمه الله إنَّ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه لَمْ يَتَخَرَّجْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعُهِدَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هـ فَتَأَمَّلْ مُنَصَّفًا
(قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
قُلْت: هَذَا فِي السَّهْوِ أَمَّا الْعَمْدُ فَسَيَأْتِي أَنَّ انْجِبَارَهُ بِالسُّجُودِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِكَرَاهَةِ الْإِمَامَةِ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ فَلِمَا احْتَمَلَ أَنَّهَا عَشْرَةٌ وَهَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا كَانَ الْأَفْضَلُ كَوْنَهَا فُرَادَى (قَوْلُهُ ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِهَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الشَّفْعَ (قَوْلُهُ يَقْضِي الشَّفْعَ الْأَوَّلَ لَا غَيْرَ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ بِشُرُوعِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَلَا يَفْسُدُ مَا بَعْدَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاؤُهُ
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْكُلِّ) أَيْ كُلُّ التَّرَاوِيحِ لِفَسَادِهَا كُلِّهَا لِأَنَّ ذَلِكَ السَّلَامَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ سَهْوًا فَإِذَا قَامَ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي صَحَّ شُرُوعُهُ فِيهِ وَكَانَ قُعُودُهُ فِيهِ عَلَى الثَّالِثَةِ فَإِذَا سَلَّمَ كَانَ سَلَامُهُ سَهْوًا بِنَاءً عَلَى السَّهْوِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّالِثِ وَحَصَلَ قُعُودُهُ وَسَلَامُهُ فِيهِ عَلَى الْخَامِسَةِ سَهْوًا وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْأَشْفَاعِ فَقَدْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْأَشْفَاعِ كُلِّهَا فَتَفْسُدُ بِأَسْرِهَا وَقَيَّدَ بِالسَّلَامِ سَاهِيًا لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَمْدًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ إجْمَاعًا وَفُهِمَ مِنْ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْحُكْمَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ سَلَّمَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَةِ إلَى أَنْ أَتَمَّ التَّرَاوِيحَ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ سَهَا وَسَلَّمَ عَلَى رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّ مَا صَلَّاهُ بَعْدَ الْعِلْمِ سِوَى رَكْعَتَيْنِ لِكَوْنِ سَلَامِهِ بَعْدَهُمَا عَمْدًا لَا سَهْوًا فَكَانَ مُخْرِجًا لَهُ عَنْ التَّحْرِيمَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى وِتْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ
أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ يُكْرَهُ فَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا فِي آخِرِهَا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَكَذَلِكَ هُنَا وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ بَيَانٌ لِوَقْتِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا اخْتَارَهُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ بُخَارَى أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتٌ لَهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ الثَّانِي مَا قَالَهُ عَامَّةُ مَشَايِخِ بُخَارَى وَقْتُهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى الْوِتْرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ
وَرَجَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ كَذَلِكَ وَكَانَ أُبَيٌّ رضي الله عنه يُصَلِّي بِهِمْ التَّرَاوِيحَ كَذَلِكَ الثَّالِثُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَزَاهُ فِي الْكَافِي إلَى الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ لِأَنَّهَا نَوَافِلُ سُنَّتْ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هِيَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ لَا وَفِيمَا إذَا صَلَّاهَا بَعْدَ الْوِتْرِ فَعَلَى الثَّانِي لَا وَعَلَى الثَّالِثِ نَعَمْ هِيَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ وَتَظْهَرُ فِيمَا إذَا فَاتَتْهُ تَرْوِيحَةٌ أَوْ تَرْوِيحَتَانِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِهَا يَفُوتُهُ الْوِتْرُ بِالْجَمَاعَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَشْتَغِلُ بِالْوِتْرِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا فَاتَهُ مِنْ التَّرَاوِيحِ وَعَلَى الثَّانِي يَشْتَغِلُ بِالتَّرْوِيحَةِ الْفَائِتَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بَعْدَ الْوِتْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ كَالثَّانِي كَمَا لَا يَخْفَى وَلَوْ فَاتَتْهُ تَرْوِيحَةٌ وَخَافَ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا تَفُوتُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فَمُتَابَعَةُ الْإِمَامِ أَوْلَى وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ تَسْلِيمَةً بَعْدَ الْوِتْرِ فَقِيلَ لَا يُصَلُّونَ بِجَمَاعَةٍ وَقِيلَ يُصَلُّونَ بِهَا كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّرَاوِيحِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْأَفْضَلُ اسْتِيعَابُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ بِالتَّرَاوِيحِ فَإِنْ أَخَّرُوهَا إلَى مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْضَى أَصْلًا فَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ كَانَ نَفْلًا مُسْتَحَبًّا لَا تَرَاوِيحَ كَسُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقَوْلُهُ بِجَمَاعَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ بَيَانٌ لِكَوْنِ الْجَمَاعَةِ سُنَّةً فِيهَا وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ سُنَّةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ حَتَّى أَنَّ مَنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُنْفَرِدًا فَقَدْ أَسَاءَ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَإِنْ صُلِّيَتْ فِي الْمَسَاجِدِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ لِصَلَاتِهِ عليه السلام إيَّاهَا بِالْجَمَاعَةِ وَبَيَانُ الْعُذْرِ فِي تَرْكِهَا الثَّانِي مَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ حَيْثُ قَالَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ فِي بَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا عَظِيمًا يُقْتَدَى بِهِ فَيَكُونُ فِي حُضُورِهِ تَرْغِيبٌ لِغَيْرِهِ
وَفِي امْتِنَاعِهِ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ مُسْتَدِلًّا بِحَدِيثِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْكَافِي الثَّالِثُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْخَانِيَّةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا فِي الْكَافِي إنَّ إقَامَتَهَا بِالْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ كُلُّهُمْ الْجَمَاعَةَ فَقَدْ أَسَاءُوا وَأَثِمُوا وَإِنْ أُقِيمَتْ التَّرَاوِيحُ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَخَلَّفَ عَنْهَا أَفْرَادُ النَّاسِ وَصَلَّى فِي بَيْتِهِ لَمْ يَكُنْ مُسِيئًا لِأَنَّ أَفْرَادَ الصَّحَابَةِ يُرْوَى عَنْهُمْ التَّخَلُّفُ كَابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ دَلِيلِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَدِيثِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ فِعْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ إذْ لَا يُخْتَارُ الْمَفْضُولُ وَيُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ فِي اجْتِهَادِهِ وَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ وَهُوَ اتِّفَاقُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى خِلَافِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ اتَّفَقَا عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْإِسَاءَةِ بِالتَّرْكِ مِنْ الْبَعْضِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَمَاعَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْمَسْجِدِ لِمَا فِي الْكَافِي
وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ فَضِيلَةً وَلِلْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَضِيلَةً أُخْرَى فَهُوَ حَازَ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ وَتَرَكَ الْفَضِيلَةَ الْأُخْرَى انْتَهَى وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا صَلَّى التَّرْوِيحَةَ الْوَاحِدَةَ إمَامَانِ كُلُّ إمَامٍ رَكْعَتَيْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَكِنْ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ كَالثَّانِي) صَوَابُهُ كَالْأَوَّلِ كَمَا رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُصَلَّحًا وَمَا بَحَثَهُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَيُبْتَنَى عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ الْوِتْرِ أَمْ لَا إنَّهُ إنْ فَاتَتْهُ إلَخْ ثُمَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ اللُّزُومُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّفْرِيعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بَعْدَ الْوِتْرِ أَمَّا إنْ أُرِيدَ الْأَوْلَوِيَّةُ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ الْإِتْيَانُ بِالْوِتْرِ بِالْجَمَاعَةِ أَمْ فِي الْمَنْزِلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى اللُّزُومِ فَهُوَ يُؤَكِّدُ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْعِبَارَةِ مَا قُلْنَا لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعًا عَلَى الْخِلَافِ فِي وَقْتِهَا فَمَنْ قَالَ لَا يُصَلُّونَ بِجَمَاعَةٍ يَكُونُ قَدْ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَمَنْ قَالَ يُصَلُّونَ بِهَا يَكُونُ قَدْ بَنَاهُ عَلَى الثَّالِثِ وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِيَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ قَالَ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي وَقْتِهَا وَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا نُكْتَةً اقْتِصَارُهُ عَلَى الثَّالِثِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ مَعَهُ الْأَوَّلَ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَصْحِيحِ
يُؤَدِّيهَا إمَامٌ وَاحِدٌ إمَامٌ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ كُلُّ مَسْجِدٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي التَّرَاوِيحِ وَهُوَ قَدْ صَلَّى مَرَّةً لَا بَأْسَ بِهِ وَيَكُونُ هَذَا اقْتِدَاءُ الْمُتَطَوِّعُ بِمَنْ يُصَلِّي السُّنَّةَ وَلَوْ صَلَّوْا التَّرَاوِيحَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا ثَانِيًا يُصَلُّونَ فُرَادَى انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَالْخَتْمُ مَرَّةً مَعْطُوفٌ عَلَى عِشْرُونَ بَيَانٌ لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ مَرَّةً فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ وَيُخْتَمُ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ لِكَثْرَةِ الْإِخْبَارِ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَمَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ عَشْرٍ مَرَّةً أَفْضَلُ كَذَا فِي الْكَافِي
وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ فِي زَمَانِنَا لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُهَا وَهَذَا حَسَنٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا اهـ.
وَفِي التَّجْنِيسِ ثُمَّ بَعْضُهُمْ اعْتَادُوا قِرَاءَةَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارُوا قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ وَهَذَا حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ عَدَدٌ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِحِفْظِهَا فَيَتَفَرَّغُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ اهـ.
وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْخَتْمُ وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا الْخَتْمُ لِأَنَّ جَمِيعَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ سِتُّمِائَةِ رَكْعَةٍ وَجَمِيعُ آيَاتِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ اهـ.
وَنَصَّ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ إمَامُ مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَخْتِمُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إلَى غَيْرِهِ فَالْحَاصِلُ أَنْ الْمُصَحَّحَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَتْمَ سُنَّةٌ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ تَرْكِهِ إذَا لَزِمَ مِنْهُ تَنْفِيرُ الْقَوْمِ وَتَعْطِيلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا فَالظَّاهِرُ اخْتِيَارُ الْأَخَفِّ عَلَى الْقَوْمِ كَمَا تَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ بُدَاءَتِهِمْ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ التَّكَاثُرِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَبِقِرَاءَتِهِمْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُمْ فِي الرَّكْعَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَ سُورَةَ تَبَّتْ وَفِي الْعِشْرِينَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ بِسَبَبِ الْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْفَرَائِضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ زَادَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ مِنْ فِعْلِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْكَرَاتٍ مِنْ هَذْرَمَةِ الْقِرَاءَةِ وَعَدَمِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَفِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى تَرْكِ الثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَفْعٍ وَتَرْكِ الِاسْتِرَاحَةِ فِيمَا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَفْضَلُ التَّعْدِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ بَيْنَ التَّسْلِيمَاتِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ فَضْلَ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ بِهِ أَمَّا التَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ إنَّ فَضْلَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَإِنَّ فَضْلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفَرْضِ الْإِمَامُ إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي التَّرَاوِيحِ إنْ عَلِمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ لَا تُثْقِلُ يَأْتِي بِالدَّعَوَاتِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُثْقِلُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُحْتَاطُ اهـ.
وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ وَلَا تُتْرَكُ السُّنَنُ لِلْجَمَاعَاتِ كَالتَّسْبِيحَاتِ اهـ.
وَقَوْلُهُ بِجِلْسَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ بَيَانٌ لِكَوْنِهِ سُنَّةً فِيهَا وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِاسْتِحْبَابِهِ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ وَبَيْنَ الْوِتْرِ لِعَادَةِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَاسْتَحْسَنَ الْبَعْضُ الِاسْتِرَاحَةَ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ.
وَفِي الْكَافِي وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ تُكْرَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ اهـ.
وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ تَرْكِ الِاسْتِرَاحَةِ مِقْدَارَ تَرْوِيحَةٍ عَلَى رَأْسِ سَائِرِ الْأَشْفَاعِ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ أَهْلِ زَمَانِنَا فِي الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ بِطَرِيقِ
ــ
[منحة الخالق]
أَحَدٍ لَهُ فَالظَّاهِرُ بِنَاءُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى الثَّالِثِ فَقَطْ وَإِنْ صَحَّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عِشْرُونَ) أَيْ فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَالْأَظْهَرُ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ لِيَكُونَ نَصًّا فِي سُنِّيَّةِ الْخَتْمِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهِ كَرَاهَةٌ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّرْوِيحَةِ الْأَخِيرَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لِقِرَاءَتِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهُ بِالنَّصْرِ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْهُ بِالْإِخْلَاصِ وَفِيهِ فَصْلٌ بِسُورَةِ تَبَّتْ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَدْبِهَا عَلَى رَأْسِ الْخَامِسَةِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
قُلْت إنْ أَرَادَ مِنْ الْخَامِسَةِ التَّسْلِيمَةَ الْخَامِسَةَ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ عَنْ الْكَافِي فَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الظُّهُورِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا تَعَرُّضَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَصْلًا وَإِنْ أَرَادَ مِنْهَا التَّرْوِيحَةَ الْخَامِسَةَ فَكَلَامُ الْخُلَاصَةِ لَيْسَ فِيهَا لِأَنَّ نَصَّ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ هَكَذَا وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ