الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ وَقَدْ سَجَدَ لِلسُّنَّةِ أَوَّلًا فَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ كَبَّرَ وَنَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ نَاقِلًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ إتْمَامَهَا وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَحَسِبَ أَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ فَسَدَتْ وَقَامَ وَكَبَّرَ لِلْمَغْرِبِ ثَانِيًا وَصَلَّى ثَلَاثًا إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَهُ الْمَغْرِبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمَغْرِبِ ثَانِيًا لَا تَصِحُّ بَقِيَ مُجَرَّدُ التَّكْبِيرِ وَذَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الصَّلَاةِ اهـ.
وَمَسَائِلُ السَّجَدَاتِ مَعْلُومَةٌ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا فَلَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)
ذَكَرَهَا عَقِبَ سُجُودِ السَّهْوِ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ مَوْقِعًا لِشُمُولِهِ الْمَرِيضَ وَالصَّحِيحَ فَكَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى بَيَانِهِ أَمَسُّ فَقَدَّمَهُ وَتَصَوُّرُ مَفْهُومِ الْمَرَضِ ضَرُورِيٌّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ الْمَرَضِ أَجْلَى مِنْ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِنَا مَعْنًى يَزُولُ بِحُلُولِهِ فِي بَدَنِ الْحَيِّ اعْتِدَالُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ بَلْ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى وَعَرَّفَهُ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ بِأَنَّهُ حَالَةٌ لِلْبَدَنِ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَقِيَامِ زَيْدٍ أَوْ إلَى مَحَلِّهِ كَتَحْرِيكِ الْخَشَبِ (قَوْلُهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ أَوْ خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ أَيْ قِيَامًا إنْ قَدَرُوا وَقُعُودًا إنْ عَجَزُوا عَنْهُ وَعَلَى جُنُوبِهِمْ إنْ عَجَزُوا عَنْ الْقُعُودِ وَلِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ حُصَيْنٍ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا «قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِك» زَادَ النَّسَائِيُّ «فَإِنْ لَمْ تَسْطِيعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» ثُمَّ الْمُصَنِّفُ رحمه الله أَرَادَ بِالتَّعَذُّرِ التَّعَذُّرَ الْحَقِيقِيَّ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ سَقَطَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ التَّعَذُّرَ الْحُكْمِيَّ وَهُوَ خَوْفُ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعَذُّرِ فَقِيلَ مَا يُبِيحُ الْإِفْطَارَ وَقِيلَ التَّيَمُّمَ وَقِيلَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ سَقَطَ وَقِيلَ مَا يُعْجِزُهُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ بِالْقِيَامِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُجْتَبَى وَغَيْرِهِمَا وَإِذَا كَانَ التَّعَذُّرُ أَعَمَّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ التَّعَذُّرِ بِمَعْنَى التَّعَسُّرِ وَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بِهِ عَدَمَ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَفِي الْمُجْتَبَى حَدُّ الْمَرَضِ الْمُسْقِطِ لِلْقِيَامِ وَالْجُمُعَةِ وَالْمُبِيحِ لِلْإِفْطَارِ وَالتَّيَمُّمِ زِيَادَةُ الْعِلَّةِ أَوْ امْتِدَادُ الْمَرَضِ أَوْ اشْتِدَادُهُ أَوْ يَجِدُ بِهِ وَجَعًا اهـ.
قَيَّدَ بِتَعَذُّرِ الْقِيَامِ أَيْ جَمِيعِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ مُتَّكِئًا أَوْ مُتَعَمِّدًا عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا كَذَلِكَ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَجْعَلَانِ قُدْرَةَ الْغَيْرِ قُدْرَةً لَهُ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ يَقُومُ ذَلِكَ وَلَوْ قَدْرَ آيَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ يَقْعُدُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ خِفْت أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يُرْوَى عَنْ أَصْحَابِنَا خِلَافُهُ وَكَذَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ وَقَدَرَ عَلَى الِاتِّكَاءِ وَالِاسْتِنَادِ إلَى إنْسَانٍ أَوْ إلَى حَائِطٍ أَوْ إلَى وِسَادَةٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا كَذَلِكَ وَلَوْ اسْتَلْقَى لَا يُجْزِئُهُ وَدَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ مَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ صَلَّى قَائِمًا يَصُومُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا وَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَمَا لَوْ صَلَّى قَائِمًا سَلِسَ بَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا لَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ سَالَ بَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَلْقَى لَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَلَا يَسْتَلْقِي لِأَنَّهَا مُسْتَلْقِيًا لَا تَجُوزُ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ بِحَالٍ كَمَا لَا تَجُوزُ مَعَ الْحَدَثِ فَاسْتَوَيَا وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ وَمَا لَوْ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَأَخْرَجَتْ
ــ
[منحة الخالق]
[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ التَّعَذُّرُ أَعَمَّ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: حَيْثُ أَرَادَ بِهِ الْحَقِيقِيَّ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ التَّعَسُّرُ لِمَا قَدْ عَلِمْت. اهـ.
قُلْت وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَنْ أُرِيدَ بِهِ حَقِيقَتَهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْكَافِي أَيْ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ سَقَطَ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّعَسُّرُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُ بِمَشَقَّةٍ وَعَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مَا لَا يُمْكِنُ أَصْلًا فَهُوَ غَيْرُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرَ مَا أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ أَعْنِي الْأَعَمَّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِ بِمَعْنَى التَّعَسُّرِ كَمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ أُرِيدَ مِنْهُ مَا هُوَ الْأَصَحُّ أَيْ بِأَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ بِالْقِيَامِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّعَسُّرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُتَّكِئًا) أَيْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قُلْت وَيُشْكِلُ هَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ بِالْغَيْرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئَهُ وَلَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ غَيْرُهَا لَا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَنَقَلَ عَنْ التَّجْنِيسِ هُنَاكَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ وَجَدَ قَوْمًا يَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي الْإِقَامَةِ وَالثَّبَاتِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ قَاعِدًا أَنَّهُ يَخَافُ عَلَى الْمَرِيضِ زِيَادَةَ الْوَجَعِ فِي قِيَامِهِ وَلَا يَلْحَقُهُ زِيَادَةُ الْوَجَعِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْغَيْرِ غَيْرَ الْخَادِمِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ تَأَمَّلْ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مَا يُوَضِّحُهُ فَرَاجِعْهُ.
إحْدَى يَدَيْهِ وَتَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ تُصَلِّي بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدَ ضَرَرٌ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْوَلَدِ مُمْكِنٌ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَمَا لَوْ خَافَ مِنْ الْعَدُوِّ إنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي خِبَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فِيهِ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ الطِّينِ وَالْمَطَرِ أَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا وَمَنْ بِهِ أَدْنَى عِلَّةٍ وَهُوَ فِي طَرِيقٍ فَخَافَ إنْ نَزَلَ عَنْ الْمَحْمَلِ لِلصَّلَاةِ بَقِيَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ عَلَى مَحْمَلِهِ وَكَذَا الْمَرِيضُ الرَّاكِبُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ وَلَا عَلَى مَنْ يُنْزِلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى مَنْ يُنْزِلُهُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا إذَا كَانَ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَلَوْ خَرَجَ إلَى الْجَمَاعَةِ يَعْجَزُ عَنْ الْقِيَامِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ إلَى الْجَمَاعَةِ وَيُصَلِّي قَاعِدًا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ وَمُومِيًا إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ يُصَلِّي مُومِيًا وَهُوَ قَاعِدٌ إنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَقَدْ كَانَ كَيْفِيَّةُ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُشْتَبِهًا عَلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ بَعْضُ الِانْحِنَاءِ أَمْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْمُومِيَ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا ثُمَّ لِلسُّجُودِ جَازَ وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَائِدَ وَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهَا وَوَجَدَ أَدْنَى الِانْحِنَاءِ جَازَ عَنْ الْإِيمَاءِ وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ وَهَذَا نَصٌّ فِي بَابِهِ اهـ.
ثُمَّ إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ كَيْفَ يَقْعُدُ أَمَّا فِي حَالِ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَحَالِ الرُّكُوعِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجْلِسُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا وَإِنْ شَاءَ مُتَرَبِّعًا وَإِنْ شَاءَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ
وَقَالَ زُفَرُ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عُذْرَ الْمَرَضِ أَسْقَطَ عَنْهُ الْأَرْكَانَ فَلَأَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ والولوالجية الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْسَرَ عَلَى الْمَرِيضِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ بَلْ الْأَيْسَرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ مِنْ جَرْحٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَمَنْ صَلَّى وَبِجَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَجْزِهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ لَمْ يَجْزِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ بِحَلْقِهِ جِرَاحٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ وَيَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَذُّرَ أَحَدِهِمَا كَافٍ لِلْإِيمَاءِ بِهِمَا وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الرُّكُوعَ يَسْقُطُ عَمَّنْ يَسْقُطُ عَنْهُ السُّجُودُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الرُّكُوعِ اهـ.
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ دُونَ السُّجُودِ وَكَأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ وَفِي الْقُنْيَةِ أَخَذَتْهُ شَقِيقَةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ يُومِئُ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ) أَيْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا فَأَخَذَ حُكْمَهُمَا وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ «إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ» وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ فَلْيَجْعَلْ سُجُودَهُ رُكُوعًا وَرُكُوعَهُ إيمَاءً وَالرُّكُوعَ أَخْفَضَ مِنْ الْإِيمَاءِ» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ جَعْلُ السُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ حَتَّى لَوْ سَوَّاهُمَا لَا يَصِحُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَلَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ رَأْسَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي حَقِّهِ الْإِيمَاءُ وَلَمْ يُوجَدْ فَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ فَهُوَ حَرَامٌ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَأَمَّا نَفْسُ الرَّفْعِ الْمَذْكُورِ فَمَكْرُوهٌ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ فَقَالَ إنْ قَدَرْتَ أَنْ تَسْجُدَ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .