الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ عَلَيْهِمَا إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ اهـ.
وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ فِي السَّفَرِ فَبَاعَهُ مِنْ مُقِيمٍ وَالْعَبْدُ كَانَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا حَتَّى لَوْ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ اهـ.
مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الصَّحِيحِ إنْ فُرِضَ عَدَمُ عِلْمِ الْعَبْدِ أَوْ عَلَى الْكُلِّ إنْ عَلِمَ أُطْلِقَ فِي تَبَعِيَّةِ الْمَرْأَةِ وَالْجُنْدِيِّ، وَقَيَّدُوهُ بِأَنْ تَسْتَوْفِيَ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا الْمُعَجَّلَ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ تَبَعًا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا عَنْ الزَّوْجِ لِلْمُعَجَّلِ دُونَ الْمُؤَجَّلِ وَلَا تَسْكُنُ حَيْثُ يَسْكُنُ هُوَ وَبِأَنْ يَكُونَ الْجُنْدِيُّ يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ رِزْقُهُ فِي مَالِهِ فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَأُطْلِقَ فِي الْعَبْدِ فَشَمَلَ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ تَبَعًا؛ لِأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَا يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ قَصْرَ التَّبَعِ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ هُوَ كُلُّ مَنْ كَانَ تَبَعًا لِإِنْسَانٍ وَيَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ فَيَدْخُلُ الْأَجِيرُ مَعَ مُسْتَأْجِرِهِ وَالْمَحْمُولُ مَعَ حَامِلِهِ وَالْغَرِيمُ مَعَ صَاحِبِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا مُفْلِسًا، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَالنِّيَّةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ فَيُقِيمُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ وَأَمَّا الْأَعْمَى مَعَ قَائِدِهِ، فَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ أَجِيرًا فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّةِ الْأَعْمَى، وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي قِيَادَةٍ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ إذَا سَافَرَ مَعَهُمَا ثُمَّ نَوَى أَحَدُهُمَا الْإِقَامَةَ قِيلَ لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مُقِيمًا لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي صَيْرُورَتِهِ مُقِيمًا فَيَبْقَى مُسَافِرًا وَقِيلَ يَصِيرُ مُقِيمًا تَرْجِيحًا لِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الْعِبَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فِي الْخِدْمَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْإِقَامَةِ وَإِذْ خَدَمَ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ يُصَلِّي صَلَاةَ السَّفَرِ، وَفِي نُسْخَةِ الْقَاضِي الْإِمَامِ الْعَبْدُ إذَا خَرَجَ مَعَ مَوْلَاهُ، وَلَا يَعْلَمُ سَيْرَ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَسْأَلُهُ إنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَسِيرَهُ مُدَّةُ السَّفَرِ صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ صَلَّى صَلَاةَ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُقِيمًا قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى صَلَاةَ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَبْلُ صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ اشْتَرَيَا عَبْدًا الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَبْدَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَدَخَلَ تَحْتَ الْجُنْدِيِّ الْأَمِيرُ مَعَ الْخَلِيفَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا
وَعَلَى هَذَا الْحُجَّاجُ إذَا وَصَلُوا بَغْدَادَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ صَلَّوْا صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُجَّاجَ تَبَعٌ لِأَمِيرِ الْقَافِلَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ بَلْ عِلَّتُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ الْقَافِلَةَ لَا تَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا نَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ نِيَّتِهِمْ الْإِقَامَةَ نِصْفَ شَهْرٍ كَمَا عُلِّلَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ، وَفِي الْمُحِيطِ مُسْلِمٌ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ إنْ كَانَ مَسِيرَةُ الْعَدُوِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يُتِمُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَسْأَلْ، كَمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ، وَلَوْ دَخَلَ مُسَافِرٌ مِصْرًا فَأَخَذَهُ غَرِيمُهُ فَحَبَسَهُ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قَصَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ، وَلَا يَحِلُّ لِلطَّالِبِ حَبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إنْ عَزَمَ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ شَيْئًا قَصَرَ، وَإِنْ عَزَمَ وَاعْتَقَدَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُ أَتَمَّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)
.
مُنَاسَبَتُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَنْصِيفُ الصَّلَاةِ لِعَارِضٍ إلَّا أَنَّ التَّنْصِيفَ هُنَا فِي خَاصٍّ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الظُّهْرُ وَفِيمَا قَبْلَهُ فِي كُلِّ رُبَاعِيَّةٍ وَتَقْدِيمُ الْعَامِّ هُوَ الْوَجْهُ وَلَسْنَا نَعْنِي أَنَّ الْجُمُعَةَ تَنْصِيفُ الظُّهْرِ بِعَيْنِهِ بَلْ هِيَ فَرْضٌ ابْتِدَاءً نِسْبَتُهُ النِّصْفُ مِنْهَا وَهِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَقَدْ أَطَالَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَيَانِ دَلَائِلِهَا ثُمَّ قَالَ، وَإِنَّمَا أَكْثَرْنَا فِيهِ نَوْعًا مِنْ الْإِكْثَارِ لِمَا نَسْمَعُ عَنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ أَنَّهُمْ يَنْسُبُونَ إلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَ افْتِرَاضِهَا وَمَنْشَأُ غَلَطِهِمْ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ، وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا عُذْرَ لَهُ كُرِهَ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَرُمَ عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الْأَجِيرُ مَعَ مُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ مُشَاهِرَةً أَوْ مُسَانَهَةً كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَالْمَحْمُولُ مَعَ حَامِلِهِ قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَالْقَائِدِ.
[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
(قَوْلُهُ وَلَسْنَا نَعْنِي إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ هَذَا يَجُرُّ إلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ صَلَاةُ ظُهْرٍ قُصِرَتْ لَا فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ تَرْخِيمُهُ اهـ.
وَصَحَّتْ الظُّهْرُ فَالْحُرْمَةُ لِتَرْكِ الْفَرْضِ، وَصِحَّةُ الظُّهْرِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهَا فَرْضٌ آكِدٌ مِنْ الظُّهْرِ وَبِإِكْفَارِ جَاحِدِهَا اهـ.
أَقُولُ:، وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ مِنْ جَهَلَةِ زَمَانِنَا أَيْضًا وَمُنْشَأُ جَهْلِهِمْ صَلَاةُ الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا وَضَعَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ رِوَايَةِ عَدَمِ تَعَدُّدِهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالْمُخْتَارَةِ، وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي اخْتِيَارَ صَلَاةِ الْأَرْبَعِ بَعْدَهَا مَرْوِيًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ حَتَّى وَقَعَ لِي أَنِّي أَفْتَيْت مِرَارًا بِعَدَمِ صَلَاتِهَا خَوْفًا عَلَى اعْتِقَادِ الْجَهَلَةِ بِأَنَّهَا الْفَرْضُ، وَأَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَسَنُوَضِّحُهُ مِنْ بَعْدُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَنَوْعَانِ شَرَائِطُ صِحَّةٍ وَشَرَائِطُ وُجُوبٍ فَالْأَوَّلُ سِتَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: الْمِصْرُ وَالسُّلْطَانُ وَالْوَقْتُ وَالْخُطْبَةُ وَالْجَمَاعَةُ وَالْأَذَانُ الْعَامُّ وَالثَّانِي سِتَّةٌ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا حَكَى ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَالْوَاحِدِيُّ مِنْ الِاجْتِمَاعِ كَالْفُرْقَةِ مِنْ الِافْتِرَاقِ أُضِيفَ إلَيْهَا الْيَوْمُ وَالصَّلَاةُ ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى حُذِفَ مِنْهَا الْمُضَافُ وَجُمِعَتْ فَقِيلَ: جُمُعَاتٌ وَجُمَعٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمَّى عَرُوبَةً بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَلَمَّا «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ أَقَامَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَادِي رَاتُونَا» فَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا عليه الصلاة والسلام بِالْمَدِينَةِ
(قَوْلُهُ شَرْطُ أَدَائِهَا الْمِصْرُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ تُؤَدَّى فِي مِصْرٍ حَتَّى لَا تَصِحَّ فِي قَرْيَةٍ، وَلَا مَفَازَةٍ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا صَلَاةَ فِطْرٍ، وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ أَوْ فِي مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَكَفَى بِقَوْلِهِ قُدْوَةً وَإِمَامًا، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْقَرَوِيُّ إذَا دَخَلَ الْمِصْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إنْ نَوَى أَنْ يَمْكُثَ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ الْمِصْرِ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا تَلْزَمُهُ وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ تَلْزَمُهُ قَالَ الْفَقِيهُ إنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لَا تَلْزَمُهُ. الْمِصْرِيُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْعُمْرَانِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْمُسَافِرُ إذَا قَدِمَ الْمِصْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَزْمِ أَنْ لَا يَخْرُجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ لَهُ أَمِيرٌ وَقَاضٍ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ) أَيْ حَدُّ الْمِصْرِ الْمَذْكُورِ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ وَيُشْتَرَطُ الْمُفْتِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي مُفْتِيًا وَأَسْقَطَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْأَمِيرَ فَقَالَ الْمِصْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُفْتٍ وَقَاضٍ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَبَلَغَتْ أَبْنِيَتُهُ أَبْنِيَةَ مِنًى اهـ.
وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ عَنْ الْمُحَكِّمِ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ قَاضِيَةً فَإِنَّهُمَا لَا يُقِيمَانِ الْحُدُودَ، وَإِنْ نَفَّذَ الْأَحْكَامَ وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْحُدُودِ عَنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ إقَامَتَهَا مَلَكَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَلْدَةَ إذَا كَانَ قَاضِيهَا أَوْ أَمِيرُهَا امْرَأَةً لَا يَكُونُ مِصْرًا فَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الْعَاقِلُ فَلَا تَصِحُّ مِنْهَا إقَامَةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْإِمَامَةِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْجُمُعَةِ أَوْلَى إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ سُلْطَانًا فَأَمَّرَتْ رَجُلًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ) وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ دُخُولِ بَدَلَ خُرُوجِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ خُرُوجٌ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ التَّعَرُّضُ لِلْمَسْأَلَةِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَإِلَّا فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِهَا لِزِيَادَةِ خَطَرِهَا وَاعْتُرِضَ الْأَوَّلُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْأَحْكَامِ إذَا كَانَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا عَهْدَ يُبْطِلُ مَا ذَكَرُوهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ بَلْ الْحَمْلُ عَلَيْهِ هُنَا أَوْلَى إذْ الْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ التَّغَايُرُ وَكَوْنُ الْأَصْلِ فِي لَامِ التَّعْرِيفِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْهُودُ الْحَمْلِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ الْعَهْدُ الذِّهْنِيُّ مُقَدَّمًا عِنْدَ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي بَلَدِهَا أَمِيرٌ وَقَاضٍ يُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ فَلَيْسَ بِنَصٍّ فِي الْمُدَّعِي فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَقَالَ فِي الشرنبلالية وَفِيمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ تَأَمَّلْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نَائِبِ السُّلْطَانِ إذَا كَانَ امْرَأَةً لَا فِي السُّلْطَانِ إذَا كَانَ امْرَأَةً اهـ.
قُلْت لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ قَوْلَ الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ سُلْطَانًا أَوْ قَاضِيَةً فِي الْجُمْلَةِ فَتَصِحُّ إنَابَتُهَا ظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْإِنَابَةِ إذَا كَانَتْ قَاضِيَةً فَتَكُونُ بَلْدَتُهَا
صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ سُلْطَانًا أَوْ قَاضِيَةً فِي الْجُمْلَةِ فَتَصِحُّ إنَابَتُهَا اهـ.
وَفِي حَدِّ الْمِصْرِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ اخْتَارُوا مِنْهَا قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا فِي الْمُخْتَصَرِ ثَانِيهِمَا مَا عَزَوْهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ بَلْدَةٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا سِكَكٌ وَأَسْوَاقٌ وَلَهَا رَسَاتِيقُ وَفِيهَا وَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إنْصَافِ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ بِحَشَمِهِ وَعِلْمِهِ أَوْ عِلْمِ غَيْرِهِ وَالنَّاسُ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فِي الْحَوَادِثِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ أَخُصُّ مِمَّا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَا إذَا اجْتَمَعُوا فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِمْ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَمْ يَسَعُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ أَبُو شُجَاعٍ هَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْخَلِيفَةُ إذَا سَافَرَ، وَهُوَ فِي الْقُرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَمِّعَ بِالنَّاسِ، وَلَوْ مَرَّ بِمِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ وِلَايَتِهِ فَجَمَّعَ بِهَا، وَهُوَ مُسَافِرٌ جَازَ (قَوْلُهُ أَوْ مُصَلَّاهُ) أَيْ مُصَلَّى الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ فَكَانَ فِي حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْمُصَلَّى بَلْ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ أَفْنِيَةِ الْمِصْرِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِ أَهْلِهِ وَالْفِنَاءُ فِي اللُّغَةِ سَعَةٌ أَمَامَ الْبُيُوتِ وَقِيلَ مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَاخْتَلَفُوهُ فِيمَا يَكُونُ مِنْ تَوَابِعِ الْمِصْرِ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِهِ فَاخْتَارَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ أَنَّهُ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ مُتَّصِلٌ بِهِ، وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي عُمْرَانِ الْمِصْرِ وَأَطْرَافِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَبَيْنَ عُمْرَانِ الْمِصْرِ فُرْجَةٌ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَبَيْنَ عُمْرَانِ الْمِصْرِ فُرْجَةٌ مِنْ مَزَارِعَ أَوْ مَرَاعٍ كَالْقَلْعِ بِبُخَارَى لَا جُمُعَةَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ وَالْغَلْوَةُ وَالْمِيلُ وَالْأَمْيَالُ لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ.
وَاخْتَارَ فِي الْبَدَائِعِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ وَيَبِيتَ بِأَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ وَهَذَا أَحْسَنُ اهـ.
وَاخْتَارَ فِي الْمُحِيطِ اعْتِبَارَ الْمِيلَيْنِ فَقَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ عَنْ الْمِصْرِ مَعَ أَهْلِهِ لِحَاجَةٍ مِقْدَارَ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ فِنَاءَ الْمِصْرِ بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حَوَائِجِ أَهْلِهِ وَأَدَاءُ الْجُمُعَةِ مِنْهَا اهـ.
وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى قَدْرُ الْفَرْسَخِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الْعَامَّةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ حُسَامُ الدِّينِ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاضِعِ الْقَرِيبَةِ إلَى الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ تَوَابِعُ الْعُمْرَانِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْأَذَانَ عَلَى الْمَنَارَةِ بِأَعْلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لُزُومًا وَإِيجَابًا اهـ.
فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى كَمَا رَأَيْت وَلَعَلَّ الْأَحْوَطَ مَا فِي الْبَدَائِعِ فَكَانَ أَوْلَى وَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ فِنَاءَ الْمِصْرِ مُلْحَقٌ بِهِ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ لَا فِي إتْمَامِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْحُجَّةِ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَرْضٌ عَلَى الْبَعْضِ وَوَاجِبٌ عَلَى الْبَعْضِ، وَسُنَّةٌ عَلَى الْبَعْضِ أَمَّا الْفَرْضُ فَعَلَى الْأَمْصَارِ وَأَمَّا الْوَاجِبُ فَعَلَى نَوَاحِيهَا، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَعَلَى الْقُرَى الْكَبِيرَةِ وَالْمُسْتَجْمَعَةِ لِلشَّرَائِطِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْأَمْصَارِ لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا وَأَمَّا الْقُرَى، فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهَا فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ أَرَادَ تَكَلُّفَهُمْ وَذَهَابَهُمْ إلَى الْمِصْرِ فَمُمْكِنٌ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ
ــ
[منحة الخالق]
مِصْرًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مَا إذَا اجْتَمَعُوا فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِمْ) يَعْنِي مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ لِإِسْكَانِهِ مُطْلَقًا كَذَا فِي الدُّرَرِ أَيْ لَا كُلُّ مَنْ سَكَنَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ صِبْيَانٍ وَنِسْوَانٍ وَعَبِيدٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْفِنَاءُ فِي اللُّغَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ أَهْلَ التَّرْجِيحِ أَطْلَقَ الْفِنَاءَ عَنْ تَقْدِيرِهِ بِمَسَافَةِ، وَكَذَا مُحَرِّرُ الْمَذْهَبِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٍ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِهَا، وَجُمْلَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي تَقْدِيرِهِ: ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ: غَلْوَةٌ، مِيلٌ، مِيلَانِ ثَلَاثَةٌ، فَرْسَخٌ، فَرْسَخَانِ، ثَلَاثَةٌ، سَمَاعُ الصَّوْتِ، سَمَاعُ الْأَذَانِ، وَالتَّعْرِيفُ أَحْسَنُ مِنْ التَّحْدِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مِصْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ كِبَرِ الْمِصْرِ وَصِغَرِهِ بَيَانُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِغَلْوَةٍ أَوْ مِيلٍ لَا يَصِحُّ فِي مِثْلِ مِصْرَ؛ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ وَالتُّرَبَ الَّتِي تَلِي بَابَ النَّصْرِ يَزِيدُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى فَرَاسِخَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ نَعَمْ هُوَ مُمْكِنٌ لِمِثْلِ بُولَاقِ فَالْقَوْلُ بِالتَّحْدِيدِ بِمَسَافَةٍ يُخَالِفُ التَّعْرِيفَ الْمُتَّفَقَ عَلَى مَا صَدَقَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ فَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْفِنَاءَ مَا أُعِدَّ لِدَفْنِ الْمَوْتَى وَحَوَائِجِ الْمَعْرَكَةِ وَكَرَكْضِ الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ وَجَمْعِ الْعَسَاكِرِ وَالْخُرُوجِ لَلرَّمْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
وَأَيُّ مَوْضِعٍ يُحَدُّ بِمَسَافَةٍ يَسَعُ عَسَاكِرَ مِصْرٍ وَيَصْلُحُ مَيْدَانًا لِلْخَيْلِ وَالْفُرْسَانِ وَرَمْيِ النَّبْلِ وَالْبُنْدُقِ وَالْبَارُودِ وَاخْتِبَارِ الْمَدَافِعِ وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى فَرَاسِخَ بِالضَّرُورَةِ، وَانْظُرْ إلَى سَعَةِ سَفْحِ الْجَبَلِ الْمُقَطَّمِ أَيُقَدَّرُ فِنَاءُ الْمِصْرِ مِنْهُ بِغَلْوَةٍ أَوْ فَرْسَخٍ مَعَ أَنَّهُ بَعْضُ فِنَاءِ مِصْرَ فَظَهَرَ أَنَّ التَّحْدِيدَ بِحَسَبِ الْأَمْصَارِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي لُزُومِ حُضُورِ الْمِصْرِ لِلْجُمُعَةِ عَلَى مُقِيمٍ بِقَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْمِصْرِ وَاخْتِيَارُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِأَدَائِهَا فَعُذْرُهُمْ أَسْقَطَ تَكْلِيفَهُمْ بِالْمَجِيءِ مِنْ قَرْيَتِهِمْ، وَلَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ النِّدَاءِ، وَلَا بِالْأَمْيَالِ وَلَا بِإِمْكَانِ الْعَوْدِ لِلْأَهْلِ، وَلَوْ صُحِّحَ لَا يُتَّبَعُ؛ لِأَنَّ نَصَّ الْحَدِيثِ وَالرِّوَايَةَ الظَّاهِرِيَّةِ عَنْ أَصْحَابِنَا يَنْفِيهِ اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ