الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكْرُوهٌ فَإِنْ قَرَأَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْأُولَيَيْنِ كَانَ مُتَنَفِّلًا بِالْأَرْبَعِ أَوْ بِالْأُولَيَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَرْضَ أَوَّلًا وَإِذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَفْعٍ تَمَحَّضَ لِلْفَرْضِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَوْ لِلْفَسَادِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ صَلَّى الْفَرْضَ أَوَّلًا فَلَمْ يَكُنْ مُتَنَفِّلًا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَكِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَقُولَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ شَفْعٍ مِنْ الشَّفْعَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَيَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَفْعٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لِلْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْفَرْضِ فِي رَكْعَتَيْنِ غَيْرُ عَيْنٍ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّنَفُّلَ الْمَكْرُوهَ وَالْقَصْدِيَّ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا لَا يَخْفَى فَيَقْرَأُ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ فِي الْكُلِّ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لَوْ شَكَّ فِي إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّك لَا تَتِمُّ أَعَادَ وَبِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ اهـ.
وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مَقْبُولٌ فِي الدِّيَانَاتِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِيهِ إلْزَامًا مِنْ كُلٍّ فَشَابَهَ حُقُوقَ الْعِبَادِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِالْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَلْزَمُ الْغَيْرَ دُونَ الْمُخْبِرِ وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَا تُقْبَلُ اهـ.
فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فَقَوْلُ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فَإِطْلَاقُ الْحَاوِي لَيْسَ بِالْحَاوِي وَفِي الْحَاوِي أَيْضًا لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَضَى الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ اهـ.
وَوَجْهُهُ إنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُبْطِلُهَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إلَّا الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسَافِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ صَلَّى شَهْرًا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ عَشْرَ سَجَدَاتٍ مِنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ يَقْضِي صَلَوَاتِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَرَكَ كُلَّ سَجْدَةٍ فِي يَوْمٍ اهـ.
وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْعَشْرَ سَجَدَاتٍ تُجْعَلُ مُفَرَّقَةً عَلَى عَشْرِ صَلَوَاتٍ احْتِيَاطًا فَصَارَ كَأَنَّهُ تَرَكَ صَلَاةً مِنْ صَلَوَاتِ كُلِّ يَوْمٍ وَإِذَا تَرَكَ صَلَاةً وَلَمْ يَرِدْ تَعَيُّنَهَا يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ كَامِلٍ فَلَزِمَهُ قَضَاءُ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَفِي الْقُنْيَةِ صَبِيٌّ بَلَغَ وَقْتَ الْفَجْرِ وَلَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ وَصَلَّى الظُّهْرَ مَعَ تَذَكُّرِهِ يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بِهَذَا الْقَدْرِ اهـ.
وَهُوَ إنْ صَحَّ يَكُونُ مُخَصِّصًا لِلْمُتُونِ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ عِنْدِي لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ صَارَ مُكَلَّفًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِهِ فَيُعْذَرُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ مِنْ زَمَنِ الصِّبَا.
(قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ الْمُسْتَحَقُّ بِضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلْوَقْتِيَّةِ بِالْكِتَابِ وَوَقْتٌ لِلْفَائِتَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالْكِتَابُ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَكُنْ وَقْتُ كَرَاهَةٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا وَهُوَ لُزُومُ تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ وَهُوَ لَا يَعْدَم الْمَشْرُوعِيَّةَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالنَّهْيِ هُنَا فَقِيلَ نَهْيُ الشَّارِعِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَقِيلَ نَهْيُ الْإِجْمَاعِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ الْفَائِتَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا قُلْنَا صَحِيحَةً وَلَمْ نَقُلْ جَائِزَةً لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَرَامٌ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّافِلَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهَا مَعَ الْإِثْمِ وَتَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ لَا يَسَعُهُمَا مَعًا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ ظَنِّهِ حَتَّى لَوْ ظَنَّ ضِيقَهُ فَصَلَّى الْوَقْتِيَّةَ فَلَمَّا فَرَغَ ظَهَرَ أَنَّ فِيهِ سَعَةً بَطَلَ مَا أَدَّاهُ وَفِي الْمُجْتَبَى وَمَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ فَظَنَّ ضِيقَ وَقْتِ الْفَجْرِ فَصَلَّاهَا وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُكَرِّرُهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَفَرْضُهُ مَا يَلِي الطُّلُوعَ وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ وَلَوْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ عِنْدَ الشُّرُوعِ فَشَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فَلَمَّا فَرَغَ ضَاقَ الْوَقْتُ بَطَلَ مَا أَدَّاهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ يَسَعُ بَعْضَ الْفَوَائِتِ فَقَطْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَفِي الْمُجْتَبَى خِلَافُهُ فَإِنَّهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ أَرْبَعٌ وَالْوَقْتُ لَا يَسَعُ إلَّا الْفَائِتَتَيْنِ وَالْوَقْتِيَّةُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ. اهـ. .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ أَصْلِ الْوَقْتِ فِي الضِّيقِ لَا الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْمَشَايِخِ وَنَسَبَ الطَّحَاوِيُّ الْأَوَّلَ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالثَّانِيَ إلَى مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُفِيدَ لِذَلِكَ التَّقْيِيدِ بِالْإِمَامِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَشْمَلُ غَيْرَهُ أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ عِنْدِي إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا رَوَى الْحَسَنُ أَنَّ مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبِ يَلْحَقُ بِالنَّاسِي وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى كَمَا فِي الْبِنَايَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّبِيِّ يُرْشِدُ إلَيْهِ اهـ.
قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ الْمُجْتَبَى فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالنِّسْيَانِ.
[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]
(قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْفَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ وَقَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ بِلَا كَرَاهَةٍ تَفُوتُ الْوَقْتِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَالَ الْقِرَاءَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى خِلَافُهُ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيُّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ اهـ.
لَكِنَّ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ
فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالظُّهْرِ يَقَعُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَيَقَعُ الْعَصْرُ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ وَعَلَى الثَّانِي يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَهُ بِصِيغَةِ عِنْدَنَا وَفِي الْمَبْسُوطِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ هَاهُنَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ الثَّانِيَ فَقَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ حُكْمِ الْكِتَابِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْوَقْتِيَّةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ يَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَرَجَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِمَا فِي الْمُنْتَقَى مِنْ أَنَّهُ إذَا افْتَتَحَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهُوَ نَاسٍ لِلظُّهْرِ ثُمَّ احْمَرَّتْ الشَّمْسُ ثُمَّ ذَكَرَ الظُّهْرَ مَضَى فِي الْعَصْرِ قَالَ فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ اهـ.
فَحِينَئِذٍ انْقَطَعَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ لَمْ تُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَثَبَتَتْ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَفِي الْمُجْتَبَى إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ إلَّا مَعَ التَّخْفِيفِ فِي قَصْرِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْعَالِ فَيُرَتِّبُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ.
(قَوْلُهُ وَالنِّسْيَانُ) أَيْ وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ وَهُوَ عَدَمُ تَذَكُّرِ الشَّيْءِ وَقْتَ حَاجَتِهِ وَهُوَ عُذْرٌ سَمَاوِيٌّ مُسْقِطٌ لِلتَّكْلِيفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَلِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتٌ لِلْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ وَمَا لَمْ يَتَذَكَّرْ لَا يَكُونُ وَقْتًا لَهَا وَمِمَّا أُلْحِقَ بِالنِّسْيَانِ الظَّنُّ فَلَيْسَ مُسْقِطًا رَابِعًا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَهُوَ قِسْمَانِ مُعْتَبَرٌ وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِيهِ فَفِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا قَدْ ظَهَرَ عِنْدَهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَهُوَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ كَالنِّسْيَانِ وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَاكِرًا وَهُوَ غَيْرُ مُجْتَهِدٍ فَمُجَرَّدُ ظَنِّهِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ اهـ.
فَجَعَلَ الْمُعْتَبَرَ ظَنَّ الْمُجْتَهِدِ لَا غَيْرَهُ وَذَكَرَ شَارِحُو الْهِدَايَةِ كَصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ إنْ كَانَ قَوِيًّا كَعَدَمِ الطَّهَارَةِ اسْتَتْبَعَ الصَّلَاةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ قَاضِي خَانْ إلَخْ) أَقُولُ: عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَكَذَا رَجُلٌ صَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى فَضْلِ التَّرْتِيبِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَصْرِ لِمَعْرِفَةِ آخِرِ الْوَقْتِ فَعِنْدَنَا آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي حُكْمِ التَّرْتِيبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَفِي حُكْمِ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ بِغَيْرِ الشَّمْسِ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ فَعَلَى مَذْهَبِهِ إذَا كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاتَيْنِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ وَإِلَّا فَلَا وَعِنْدَنَا إذَا كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الظُّهْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ وَيَقَعُ كُلُّ الْعَصْرِ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ وَإِنْ كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاتَيْنِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَكِنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الظُّهْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ لَا يَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ لِأَنَّ أَدَاءَ شَيْءٍ مِنْ الظُّهْرِ لَا يَجُوزُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ وَمَا بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ لَيْسَ وَقْتًا لِأَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ انْقَطَعَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الطَّحَاوِيِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ بَلْ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا فَيُعِينُ تَرْجِيحَ كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ أَصْلَ الْوَقْتِ لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ كَوْنُهُ مُوَافِقًا لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ وَإِذَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فَالْعَمَلُ بِمَا وَافَقَ الْمُتُونَ أَوْلَى كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ تُعَدْ بِعَوْدِهَا إلَى الْقِلَّةِ الثَّانِي كَوْنُهُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْآخَرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ بِدَلِيلِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ أَيْ وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَصْلُ الْوَقْتِ لَا الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ الثَّالِثُ كَوْنُهُ قَدْ صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ الرَّابِعُ كَوْنُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعَمَلُ بِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ الْبِيرِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ الْخَامِسُ أَنَّ تَصْحِيحَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فِيمَا إذَا لَزِمَ وُقُوعَ الْعَصْرِ فِي وَقْتٍ نَاقِصٍ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ كَوْنِ الْمُرَادِ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ إذْ يَبْعُدُ غَايَةَ الْبَعْدِ أَنْ يُقَالَ بِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ إذَا فَاتَهُ صَلَوَاتٌ وَلَزِمَ مِنْ قَضَائِهَا تَأْخِيرُ ظُهْرِ الشِّتَاءِ أَوْ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ الْفَائِتَةَ وَالْخَطِيبُ يَخْطُبُ يَقُومُ وَيَقْضِيهَا وَإِنْ فَاتَهُ الِاسْتِمَاعُ الْوَاجِبُ فَكَيْفَ لَا يَقْضِيهَا إذَا لَزِمَ فَوَاتُ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ السَّادِسُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ مَا فِي الْمُنْتَقَى نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا فِي الْمُنْتَقَى لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَقْتِ فَلِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا تَقَعَ الْفَائِتَةُ فِي وَقْتِ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ لِأَنَّ تِلْكَ الْوَقْتَ لَا يَصِحُّ فِيهِ إلَّا عَصْرُ يَوْمِهِ كَمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هَاهُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَإِنْ تَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ حَتَّى الْعَلَائِيِّ شَارِحِ التَّنْوِيرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى مَا قُلْته فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ضَعِيفًا كَعَدَمِ التَّرْتِيبِ لَا يَسْتَتْبِعُ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ فَرْعَيْنِ أَحَدُهُمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْعَصْرِ لِأَنَّ فَسَادَ الظُّهْرِ قَوِيٌّ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ فَأَوْجَبَ فَسَادَ الْعَصْرِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ ثَانِيهِمَا لَوْ صَلَّى هَذِهِ الظُّهْرَ بَعْدَ هَذِهِ الْعَصْرِ وَلَمْ يُعِدْ الْعَصْرَ حَتَّى صَلَّى الْمَغْرِبَ ذَاكِرًا لَهَا فَالْمَغْرِبُ صَحِيحَةٌ إذَا ظَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ فَسَادَ الْعَصْرِ ضَعِيفٌ لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِعَدَمِهِ فَلَا يَسْتَتْبِعُ فَسَادَ الْمَغْرِبِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لَهُ أَصْلًا فَقَالَ إذَا صَلَّى وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ وَجَبَ إعَادَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ أَعَادَ الَّتِي صَلَّى وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَنَا وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْفَرْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَعَلَّلَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ لِلْفَرْعِ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ كَوْنُ الْفَائِتَةِ مَتْرُوكَةً بِيَقِينٍ فَلَمْ يَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ الْمُقْتَضِي لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَتْرُوكِ بِيَقِينٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا كَلَامَ فِيهَا أَصْلًا وَأَنَّ ظَنَّهُ مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْفَائِتَةُ وَجَبَ إعَادَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُهُ اجْتِهَادُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْعَصْرِ أَيْضًا
وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا لَيْسَ لَهُ مَذْهَبٌ مُعَيَّنٌ فَمَذْهَبُهُ فَتْوَى مُفْتِيهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنْ أَفْتَاهُ حَنَفِيٌّ أَعَادَ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَإِنْ أَفْتَاهُ شَافِعِيٌّ فَلَا يُعِيدُهُمَا وَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْتِ أَحَدًا وَصَادَفَ الصِّحَّةَ عَلَى مَذْهَبٍ مُجْتَهِدٍ أَجْزَأَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مُعَزِّيًا إلَى الْفَتَاوَى الصُّغْرَى رَجُلٌ يَرَى التَّيَمُّمَ إلَى الرُّسْغِ وَالْوِتْرَ رَكْعَةً ثُمَّ رَأَى التَّيَمُّمَ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى وَإِنْ فَعَلَ عَنْ جَهْلٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ثُمَّ سَأَلَ فَأَمَرَ بِالثَّلَاثِ يُعِيدُ مَا صَلَّى شَفْعَوِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا صَارَ حَنَفِيًّا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا كَلَامَ فِيهِ أَصْلًا) رَدَّ لِمَا فِي الْكَشْفِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا إلَخْ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَوْنُ هَذَا الظَّنِّ لَا عِبْرَةَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِرَأْيِ إمَامِهِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ وَكَيْفَ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ وَحِينَئِذٍ فَإِفْتَاءُ الْحَنَفِيِّ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ صِحَّةِ الْمَغْرِبِ حِينَ ظَنِّهِ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ مَذْهَبُ إمَامِهِ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَبَرَ ظَنَّهُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ فَالْإِفْتَاءُ بِعَدَمِهَا مُخَالِفٌ لَهُ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا هَذَا مَعْنَى كَلَامِ النَّهْرِ وَبِهِ سَقَطَ قَوْلُ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ النَّهْرِ فِيهِ كَلَامٌ إذْ الْفَرْضُ كَوْنُهُ مُقَلِّدًا وَعَمَلُهُ بِرَأْيِهِ خُرُوجٌ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ مِنْ التَّقْلِيدِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ مَعْنًى صَحِيحٌ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ.
إذْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَمَلَهُ قَدْ صَادَفَ رَأْيَ إمَامِهِ وَكَيْفَ يَصِحُّ الْإِفْتَاءُ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى عَدَمِهَا وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ مِنْ الْفَرْعَيْنِ تَفْرِيعًا بِرَأْيِهِمْ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ كَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ وَعَزَاهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى الْأَصْلِ وَقَالَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ أَعَادَ الظُّهْرَ وَحْدهَا ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْعَصْرَ لَهُ جَائِزٌ قَالَ يُجْزِئُهُ الْمَغْرِبُ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَصْرَ لَا يُجْزِئُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَغْرِبُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الطَّعْنُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْهُ مُصَوَّرًا بِصُورَةٍ مَعَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت وَقَدْ تَابَعَ الْمُؤَلِّفُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ لَكِنَّهُ قَالَ فَتَعَيَّنَ حَمْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى عَامِّيٍّ لَيْسَ لَهُ مَذْهَبٌ وَلَمْ يَسْتَفْتِ أَحَدًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِمُصَادِفَتِهَا مُجْتَهَدًا فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ مَنْ عَلِمَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْتَائِهِ اهـ.
وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَقْتَضِي أَنْ لَا تَفْسُدَ الْعَصْرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا لِمُصَادِفَتِهِ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مُقَلِّدٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ جَهِلَ هَذَا الْحُكْمَ ثُمَّ اسْتَفْتَى حَنَفِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ اعْتِبَارًا لِظَنِّهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الظَّنُّ مَتَى لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ وَقَعَ مُعْتَبَرًا وَإِنْ كَانَ خَطَأً وَالتَّرْتِيبُ لَا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَكَانَ ظَنُّهُ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ وَصَارَ كَمَا إذْ عَفَا أَحَدُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَظَنَّ صَاحِبُهُ أَنَّ عَفْوَ صَاحِبِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي حَقِّهِ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُتَأَوِّلًا وَمُجْتَهِدًا فِي ذَلِكَ الظَّنِّ مَانِعًا وُجُوبَ الْقِصَاصِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.
لَكِنَّ قَوْلَهُ الظَّنَّ مَتَى لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ إلَخْ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِيُنَاسِبَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ الظَّنِّ فِيهِ مِنْ الْجَاهِلِ بَلْ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ ابْتِدَاءً لَا يُعْتَبَرُ الظَّنُّ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الْمُجْتَهِدِ وَيَسْتَتْبِعُهُ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الظَّنُّ لِزِيَادَةِ الضَّعْفِ فَفَسَادُ الْعَصْرِ هُوَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَفَسَادُ الْمَغْرِبِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَاعْتُبِرَ اهـ.
وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ هَذَا الظَّنِّ وَعَدَمَهُ فِي الْجَاهِلِ لَا الْعَالِمِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْقُدُورِيِّ الْكَبِيرِ وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَقَالَ فِي الْبِنَايَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَقَدْ قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ مُشْكِلٌ
وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فِي وَقْتٍ كَانَ شَفْعَوِيًّا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَارَ حَنَفِيًّا يَقْضِي عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَالنَّاسِي وَهُوَ قَوْلُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ وَفِي الْقُدُورِيِّ الْكَبِيرِ تَرَكَ الظُّهْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ قَضَى الظُّهْرَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ إعَادَةِ الْعَصْرِ صَحَّ مَغْرِبُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ الْعَصْرِ لَمْ تَجُزْ مَغْرِبُهُ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا قَالَ رحمه الله وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ لَا يُوجِبُ التَّرْتِيبُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ هَذَا
وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَادِرِ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ يُعِيدُ الظُّهْرَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِي فِي حَقِّ الظُّهْرِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ اهـ.
وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُمْ لِأَنَّ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ ذَاكِرًا أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَفِي مَسْأَلَةِ النَّوَادِرِ التَّذَكُّرُ حَصَلَ بَعْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ.
(قَوْلُهُ وَصَيْرُورَتُهَا سِتًّا) أَيْ وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتَّ صَلَوَاتٍ لِدُخُولِهَا فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ الْمُفْضِيَةِ لِلْحَرَجِ لَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ وَالْكَثْرَةُ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ دُخُولُ السَّادِسَةِ وَانْدَفَعَ مَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَكَثِيرٌ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ دُخُولُ وَقْتِ السَّابِعَةِ لِتَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا إذْ لَا يَتَوَقَّفُ صَيْرُورَتُهَا سِتًّا عَلَى دُخُولِ السَّابِعَةِ كَمَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ يَوْمٍ كَامِلٍ وَفَجْرَ الْيَوْمِ الثَّانِي فَإِنَّ الْفَوَائِتَ صَارَتْ سِتَّةً بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ السَّابِعَةِ وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ فَائِدَةُ السُّقُوطِ صِحَّةُ الْوَقْتِيَّةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بِدُخُولِ وَقْتِ السَّابِعَةِ اُعْتُبِرَ وَقْتُ السَّابِعَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ فَائِدَةَ السُّقُوطِ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّابِعَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَالْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَا إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتِّ صَلَوَاتٍ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ ظَاهِرِهَا مِنْ كَوْنِ الْفَوَائِتِ سَبْعًا عَلَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَوْ تِسْعًا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَوَائِتِ الْأَوْقَاتُ مَجَازًا لِلِاشْتِبَاهِ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ دُخُولِ وَقْتِ السَّابِعَةِ وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَبِهِ انْدَفَعَ مَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ مُنْذُ فَاتَتْهُ سِتَّةَ أَوْقَاتٍ وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً بَعْدَ شَهْرٍ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى مَنْ جَهِلَ) نَقَلَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(قَوْلُهُ دُخُولُ السَّادِسَةِ) أَيْ دُخُولُ وَقْتِ السَّادِسَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِحُّ أَدَاؤُهَا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِ الْفَوَائِتِ سَبْعًا) أَيْ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ أَوْ تِسْعًا أَيْ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ عَلَى السِّينِ وَوَجْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ الْفَوَائِتَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالزَّائِدُ غَيْرُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ سِتٌّ وَالْفَوَائِتُ الزَّائِدَةُ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا أَدْنَى مَرَاتِبَ الْجَمْعِ فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ تِسْعَةً وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِك هَذِهِ الدَّرَاهِمُ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ إلَّا أَنَّ عَدَدَهَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمُرَادُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَخْ) قَالَ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ وَحَاصِلُهُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ بِفَوْتِ سِتِّ صَلَوَاتٍ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّابِعَةِ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ وَهَذَا مَا عِنْدِي مِنْ الْبَيَانِ اهـ.
وَرَدَّهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَالْحَقُّ أَنْ يُقَدِّرَ مُضَافًا وَتَقْدِيرُهُ إلَّا أَنْ تَزِيدَ أَوْقَاتُ سِتِّ صَلَوَاتٍ بِحَسَبِ دُخُولِ الْأَوْقَاتِ دُونَ خُرُوجِهَا وَرَدَّهُ فِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى أَوْقَاتِ سِتِّ صَلَوَاتٍ لَيْسَ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بَلْ عَلَى الْعَكْسِ حَيْثُ زَادَ عَلَى أَوْقَاتِ الْفَوَائِتِ السِّتَّةِ وَقْتَ صَلَاةٍ أُخْرَى وَاخْتَارَ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى الْقَلْبِ أَيْ إلَّا أَنْ تَزِيدَ الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى سِتِّ فَوَائِتَ قَالَ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَالْقَلْبُ فَنٌّ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْبَلَاغَةِ سِيَّمَا عِنْدَ صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ اهـ.
لَكِنَّ فِيهِ اعْتِبَارُ مُحَاوَرَاتِ الْبَلَاغَةِ فِي أَدَاءِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَا سِيَّمَا فِيمَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهِ الْحُكْمِ كَمَا هُنَا وَثَمَّ تَأْوِيلَاتٌ أُخَرُ (قَوْلُهُ لِلِاشْتِبَاهِ) تَعْلِيلٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَقَوْلُهُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجْهٌ آخَرُ لِلْأَوْلَوِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ) وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَتْهُ سِتَّةً وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا ذَكَرَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِانْدِفَاعِ لَكِنَّ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إلَخْ
الْفَوَائِتُ سِتًّا
وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ.
وَفِي التَّجْنِيسِ أَنَّ الْجَوَازَ مُخْتَارُ الطَّحَاوِيِّ وَالْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سِتِّ صَلَوَاتٍ اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمَشَايِخِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَصْحِيحِ الشَّارِحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ الْمُعْتَبَرُ صَيْرُورَةُ الْفَوَائِتِ سِتًّا فِي نَفْسِهَا وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ كَوْنَ الْأَوْقَاتِ الْمُتَخَلِّلَةِ سِتًّا وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفُرُوعِ وَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُ مَا وَافَقَ الْمُتُونَ مِنْ اعْتِبَارِ صَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا حَقِيقَةً وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ ثَمَرَةً لِلْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهَا أَوْلَى فَعَلَى اعْتِبَارِ الْأَوْقَاتِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ كَثِيرَةٌ فَيُصَلِّي ثَلَاثًا فَقَطْ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْفَوَائِتِ فِي نَفْسِهَا لَا يَسْقُطُ فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ.
فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَوْنُ الْمُتَخَلِّلَاتِ سِتَّ فَوَائِتَ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَدَّاةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً كَمَا سَيَأْتِي فَقَوْلُهُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً غَيْرَ مُتَصَوَّرٍ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ شَيْءٌ، الثَّانِي أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي لُزُومِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ لِتَحْقِيقِ فَوْتِ السِّتِّ حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى فَمَنْ أَوْجَبَ السَّبْعَ نَظَرَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ إلَّا ثَلَاثٌ فَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ فَيُعِيدُ مَا صَلَّى أَوَّلًا وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثِ نَظَرَ إلَى الثَّانِي لِأَنَّ بِإِيجَابِ السَّبْعِ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ تَصِيرُ الْفَوَائِتُ كَسَبْعٍ مَعْنًى فَإِذَا كَانَ التَّرْتِيبُ يَسْقُطُ بِسِتٍّ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِسَبْعٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَلَزِمَهُ قَضَاءُ سَبْعٍ وَهِيَ كَسَبْعِ فَوَائِتَ فَلِذَا أَسْقَطْنَا التَّرْتِيبَ
وَقَوْلُ مَنْ أَسْقَطَهُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالسِّتِّ وَهُوَ الدُّخُولُ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَرَجِ مَوْجُودٌ فِي إيجَابِ سَبْعٍ بِعَيْنِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّجْنِيسِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ الْخِلَافَ وَقَالَ إنَّ السُّقُوطَ هُوَ مُخْتَارُنَا وَغَيْرُهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ مَنْ أَوْجَبَ التَّرْتِيبَ فِيهِ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى التَّرْتِيبُ وَاجِبًا. اهـ.
وَصَحَّحَهُ فِي الْحَقَائِقِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ إعَادَةَ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتِ الْوَقْتِيَّةِ لِأَجْلٍ التَّرْتِيبِ مُسْتَقِيمٌ أَمَّا إيجَابُ سَبْعِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَسْتَقِيمُ لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْوَقْتِيَّةِ اهـ يَعْنِي: أَنَّهُ مَظِنَّةُ تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ شَيْءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ إذَا كَانَتْ الْفَوَائِتُ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ ثَلَاثٍ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ تَرَكَ مَعَ ذَلِكَ عِشَاءً مِنْ يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَرْبَعُ وَلَوْ تَرَكَ صُبْحًا آخَرَ لَزِمَهُ خَمْسٌ وَلَا يُعِيدُ شَيْئًا مِمَّا صَلَّاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُصَلِّي سَبْعًا لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا صَلَّاهُ أَوَّلًا هُوَ الْآخَرُ فَيُعِيدُهُ ثُمَّ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَغْرِبِ أَوَّلًا وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ يَقْضِي خَمْسَ عَشْرَةِ صَلَاةً السَّبْعَةَ الْأُولَى كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ السَّبْعَةَ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْعِشَاءُ هِيَ الْأُولَى وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ يَقْضِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ صَلَاةً الْخَمْسَةَ عَشْرَ الْأُولَى ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُعِيدُ الْخَمْسَةَ عَشْرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ هِيَ الْأُولَى وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْفَائِتِ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاتَانِ الظُّهْرُ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ وَهُوَ إمَّا ظُهْرٌ بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرٌ بَيْنَ ظُهْرَيْنِ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ أَوَّلًا إنْ كَانَ هُوَ الْمُؤَدَّى أَوَّلًا فَالْأَخِيرُ نَفْلٌ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ نَفْلٌ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ إلَخْ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَمَا فِي التَّجْنِيسِ والولوالجية مُوَافِقٌ لِتَصْحِيحِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ سَقَطَ التَّرْتِيبُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي بَيْنَ الْمَتْرُوكَاتِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَيْنَ الْمَتْرُوكَاتِ وَالْوَقْتِيَّةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاعْتِبَارَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ أَيْضًا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ عَلَى قَوْلِهِ) لِأَنَّهُ مَعَ دُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ ثَبَتَتْ الصِّحَّةُ فَلَا نَتَحَقَّقُ فَائِتًا سِوَى الْمَتْرُوكَةِ إذْ ذَاكَ وَالْمُسْقِطُ هُوَ سِتُّ فَوَائِتَ لَا مُجَرَّدُ أَوْقَاتٍ لَا فَوَائِتَ فِيهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا فَائِتَةٌ حُكْمًا وَلِذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةً وَصَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا ذَاكِرًا لَهَا سَقَطَ عَنْهُ التَّرْتِيبُ مَعَ أَنَّ الْفَائِتَ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي تَوْجِيهِ قَوْلِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ ثَلَاثًا ظُهْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَعَصْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَمَغْرِبٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي تَرْتِيبَهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يُصَلِّي سَبْعًا وَقَوْلُهُ
وَقَالَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا صَلَاتَانِ إلْحَاقًا لَهُ بِالنَّاسِي فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَلْحَقَهُ بِنَاسِي التَّعْيِينِ وَهُوَ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَا هِيَ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ طَرِيقٍ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ سُلُوكُهَا وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَرِّحُ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَهُ فَيَجِبُ الطَّرِيقُ الَّتِي يُعَيِّنُهَا لَا كَمَا قِيلَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُمْ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ تَخْفِيفٌ عَلَى النَّاسِ لِكَسَلِهِمْ وَإِلَّا فَدَلِيلُهُمَا لَا يَتَرَجَّحُ عَلَى دَلِيلِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصَحَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إلَّا بِقَدْرِ مَا تَرَكَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَتْرُوكُ صَلَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ أَفَادَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْفَوَائِتَ إذَا كَثُرَتْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ نَفْسِهَا كَمَا سَقَطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَعَلَّلَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ إذَا كَانَتْ مُسْقِطَةً لِلتَّرْتِيبِ فِي غَيْرِهَا كَانَتْ مُسْقِطَةً لَهُ فِي نَفْسِهَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعِلَّةَ إذَا كَانَ لَهَا أَثَرٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَلَأَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ فِي مَحَلِّهَا أَوْلَى. اهـ.
وَنَصَّ الزَّاهِدِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْفَوَائِتَ لَوْ كَثُرَتْ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فَإِنَّهُ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ فِي الْقَضَاءِ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَضَى فَائِتَةً ثُمَّ فَائِتَةً فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَوَائِتُ سِتٌّ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ سِتٍّ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الثَّانِيَةِ مَا لَمْ يَقْضِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ فِي الْفَوَائِتِ إذَا كَثُرَتْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ حَتَّى لَوْ قَضَى ثَلَاثِينَ فَجْرًا ثُمَّ قَضَى ثَلَاثِينَ ظُهْرًا ثُمَّ قَضَى ثَلَاثِينَ عَصْرًا جَازَ اهـ.
وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ فِسْقًا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ تَرَكَ فَائِتَةً حَادِثَةً فَإِنَّ الْوَقْتِيَّةَ جَائِزَةٌ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ الْحَادِثَةِ لِانْضِمَامِهَا إلَى الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ فَلَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ وَلِأَنَّ بِالْحَدِيثَةِ ازْدَادَتْ الْكَثْرَةُ فَيَتَأَكَّدُ السُّقُوطُ وَلِأَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَذِهِ الْفَائِتَةِ لَكَانَ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْكُلِّ تَفُوتُ الْوَقْتِيَّةُ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْمُسْقَطَ الْفَوَائِتُ الْحَدِيثَةُ وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا تَسْقُطُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ بِالصَّلَوَاتِ فَلَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِهَا وَصَحَّحَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَفِي التَّجْنِيسِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَفِي الْكَافِي وَالْمِعْرَاجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى كَمَا رَأَيْت وَالْعَمَلُ بِمَا وَافَقَ إطْلَاقَ الْمُتُونِ أَوْلَى خُصُوصًا أَنَّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُؤَدِّي إلَى التَّهَاوُنِ لَا إلَى زَجْرِهِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ اعْتَادَ تَفْوِيتَ الصَّلَوَاتِ لَوْ أَفْتَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ يُفَوِّتُ أُخْرَى ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى تَبْلُغَ الْحَدِيثَةُ حَدَّ الْكَثْرَةِ كَمَا فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ بِعَوْدِهَا إلَى الْقِلَّةِ) أَيْ لَمْ يُعِدْ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ إلَى الْقِلَّةِ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِكَثْرَتِهَا كَمَا إذَا تَرَكَ رَجُلٌ صَلَاةَ شَهْرٍ مَثَلًا ثُمَّ قَضَاهَا إلَّا صَلَاةً ثُمَّ صَلَّى الْوَقْتِيَّةَ ذَاكِرًا لَهَا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ لِأَنَّ السَّاقِطَ قَدْ تَلَاشَى فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَالْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا تَنَجَّسَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْجَارِي حَتَّى كَثُرَ وَسَالَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقِلَّةِ لَا يَعُودُ نَجَسًا وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ حَيْثُ قَالَا وَمَتَى سَقَطَ التَّرْتِيبُ لَمْ يُعِدْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ يَعُودُ التَّرْتِيبُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ عَوْدِ السَّاقِطِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ إذَا ثَبَتَ لِلْأُمِّ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَإِنَّهُ يَعُودُ لَهَا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَظْهَرُ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَجَعَلَ يَقْضِي مِنْ الْغَدِ مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍّ وَالْوَقْتِيَّاتُ فَاسِدَةٌ إنْ قَدَّمَهَا لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ
ــ
[منحة الخالق]
لِاحْتِمَالِ تَعْلِيلِ لِلتَّعْلِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ الثَّانِي.
وَإِنْ أَخَّرَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا اهـ.
وَرَدَّهُ فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ سَقَطَ لَجَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِفَسَادِ الْوَقْتِيَّةِ الَّتِي بَدَأَ بِهَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَمَا فَسَدَتْ الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ وَذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَارْتَضَاهُ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فَقَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَقْتَ السَّادِسَةِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ إلَّا أَنَّ سُقُوطَهُ يَتَقَرَّرُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ فَإِذَا أَدَّى وَقْتِيَّةٌ تَوَقَّفَ جَوَازُهَا عَلَى قَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا قُضِيَ دَخَلَتْ الْفَوَائِتُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ فَبَطَلَتْ الْوَقْتِيَّةُ لِأَنَّهَا أُدِّيَتْ عِنْدَ ذِكْرِ الْفَائِتَةِ وَلِذَا صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا قَضَى فَائِتَةً عَادَتْ الْفَوَائِتُ أَرْبَعًا وَفَسَدَتْ الْوَقْتِيَّةُ إلَّا الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ صَلَّاهَا وَعِنْدَهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ اهـ.
وَمَا أُجِيبَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ مَدَّ الْوَقْتِيَّةَ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ قَضَى الْفَائِتَةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّرُوعُ فِي سَعَةِ الْوَقْتِ إذْ لَوْ كَانَ عِنْدَ الضِّيقِ لَكَانَتْ الْوَقْتِيَّةُ صَحِيحَةً رُدَّ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ صَلَّى مَعَ كُلِّ فَائِتَةٍ وَقْتِيَّةٌ وَمَعَ لِلْقِرَانِ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إبْطَالَ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْمَدْلُولِ فَكَيْفَ بِالِاسْتِشْهَادِ وَحَاصِلُهُ بُطْلَانُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَصًّا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ لَكِنَّ الْوَجْهَ يُسَاعِدُهُ بِجَعْلِهِ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ كَانَ بِعِلَّةِ الْكَثْرَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْحَرَجِ أَوْ أَنَّهَا مَظِنَّةُ تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ فَمَا قُلْت زَالَتْ الْعِلَّةُ فَعَادَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلُ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا قَدْ نَقَلْنَا عَنْ الْإِمَامَيْنِ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَزْدَوِيِّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَ التَّرْتِيبُ لَمْ يُعِدْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْمُحِيطِ لَمْ يُعِدْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إذْ الرِّوَايَاتُ إنَّمَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِمْ لَا إلَى الْمَشَايِخِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ زَوَالِ الْمَانِعِ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّرْتِيبِ مَعَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ أَصْلًا وَلِذَا اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ مُتُونًا وَشُرُوحًا عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَصَرَّحَ الْكُلُّ بِالسُّقُوطِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ حَقِّ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ الْمُقْتَضِي لَهَا مَوْجُودٌ مَعَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ الْقَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةُ مَعَ صِغَرِ الْوَلَدِ وَقَدْ مَنَعَ التَّزَوُّجُ مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي فَإِذَا زَالَ التَّزَوُّجُ زَالَ الْمَانِعُ فَعَمَلُ الْمُقْتَضِي عَمَلُهُ فَالْفَارِقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وُجُودُ الْمُقْتَضِي وَعَدَمُهُ وَلِذَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةُ الْمَتْرُوكَاتِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَعُودَ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَضَى بَعْدَهَا فَائِتَةً حَتَّى عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ الْوَقْتِيَّةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا أَوْ أَخَّرَهَا وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ عِدَّةٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ أَعْنِي خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ إلَى الْخَمْسِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَاهِلًا أَمَّا لَوْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ كَانَتْ أَيْضًا فَاسِدَةً وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْفَرْضُ جَهْلَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي صِحَّةِ الْعِشَاءِ إذَا أَخَّرَهَا لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ فَلَا وَجْهَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ تَقْدِيمِهَا وَتَأْخِيرِهَا بَلْ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ قَدَّمَهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَائِتَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالْجَوَابُ يُعْلَمُ مِنْ جَوَابِهِمْ لِطَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَجَوَابِهَا وَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْعِشَاءَ فَفَسَادُهَا بِسَبَبِ فَسَادِ الْوَقْتِيَّاتِ وَفَسَادُ الْوَقْتِيَّاتِ هُوَ الْفَسَادُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ فَهُوَ نَظِيرُ الْعَصْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا قَدَّمَهَا فَفَسَادُهَا حِينَئِذٍ لِوُجُودِ الْفَائِتَةِ بِيَقِينٍ وَهِيَ آخِرُ الْمَتْرُوكَاتِ كَذَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ قَضَى فَائِتَةً قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بَقِيَتْ الْفَوَائِتُ أَرْبَعًا وَصَارَتْ خَمْسًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَكَانَ الْعَوْدُ مِنْ الْخَمْسِ إلَى الْأَرْبَعِ وَمِنْ الْأَرْبَعِ إلَى الْخَمْسِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْكَثْرَةُ (قَوْلُهُ وَمَا أُجِيبُ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ رُدَّ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إلَخْ) أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ هَذَا الرَّدَّ بِصُورَةِ سُؤَالٍ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ قِيلَ قَالَ فِي الْكِتَابِ صَلَّى مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً وَمَعَ لِلْقِرَانِ فَلَنَا أَنَّ الْقِرَانَ غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا فَإِنَّ الصَّلَاتَيْنِ لَا تُؤَدِّيَانِ مَعًا فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ فَائِتَةٍ تُقْضَى مَعَ مَا يُجَانِسُهَا مِنْ الْوَقْتِيَّةِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْبَيَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ فَذِكْرُهُ السُّؤَالَ بِدُونِ الْجَوَابِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَقَالَ إنَّ هَذَا الْجَوَابَ أَيْ الْمَذْكُورَ فِي الْمِعْرَاجِ أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ اهـ.
لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ شَيْخُنَا بِمَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ قَاسِمٍ مِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْفَائِتَةَ فِي وَقْتِ السَّادِسَةِ يَتَقَرَّرُ سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فَيَلْزَمُ صِحَّةُ الْوَقْتِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) أَيْ جَوَابًا عَمَّا ذَكَرَهُ سَابِقًا مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْكَافِي وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ بِالِاسْتِشْهَادِ) أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ اسْتِشْهَادٌ عَلَى مُدَّعَاهُ لَا اسْتِدْلَالٌ فَإِبْطَالُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْمُسْتَشْهَدِ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قُبَيْلِ زَوَالِ الْمَانِعِ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَى هَذِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ
إذَا فُرِكَ مِنْ الثَّوْبِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَاءٌ وَأَخَوَاتُهَا عَدَمُ عَوْدِ النَّجَاسَةِ كَمَا ذَكَرْنَا
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُعِدْ بِزَوَالِهَا لِيَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إلَى الثَّلَاثَةِ أَعْنِي ضِيقَ الْوَقْتِ وَالنِّسْيَانَ وَصَيْرُورَتُهَا سِتًّا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيهَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ وَاقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْعَصْرِ بِمُقِيمٍ شَرَعَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ سَقَطَ مَعَ النِّسْيَانِ ثُمَّ تَذَكَّرَ لَا يَعُودُ وَلَوْ نَسِيَ الظُّهْرَ وَافْتَتَحَ الْعَصْرَ ثُمَّ ذَكَرَهُ عِنْدَ احْمِرَارِ الشَّمْسِ يَمْضِي لِضِيقِ الْوَقْتِ وَكَذَا لَوْ غَرَبَتْ وَكَذَا لَوْ افْتَتَحَهَا عِنْدَ الِاصْفِرَارِ ذَاكِرًا ثُمَّ غَرَبَتْ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَاقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ يُنْتِجُهُ كَوْنُهُ مُؤَدِّيًا كَمَا لَا يَخْفَى وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ عَدَمِ عَوْدِهِ بِالتَّذَكُّرِ خَطًّا لِأَنَّ كَلِمَتَهُمْ اتَّفَقَتْ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ السَّابِقَةَ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَهُوَ يُصَلِّي فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقُعُودِ بَطَلَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ فَقَدْ حَكَمُوا بِعَوْدِهِ بِالتَّذَكُّرِ وَلِهَذَا قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ وَضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ وَإِنْ حَمَلَ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ مَحَلُّ الْخِلَافِ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِيمَا صَلَّاهُ حَالَةَ النِّسْيَانِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ فَبَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِسِيَاقِ كَلَامِهِ فِي ضِيقِ الْوَقْتِ لِتَصْرِيحِهِ فِيهِ بِعَدَمِ الْعَوْدِ وَلَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِهِ بَقِيَ هَاهُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِاسْتِحْقَاقِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ حَكَمَ بِسُقُوطِهِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَشَمِلَ النَّوْعَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ سُقُوطَهُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ
وَأَمَّا بِالنِّسْيَانِ فَالظَّاهِرُ شُمُولُهُ لَهُمَا وَأَمَّا بِضِيقِ الْوَقْتِ فَهُوَ خَاصٌّ بِالتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَتَّى لَوْ قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْ الْفَوَائِتِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْقِطٍ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْوَقْتِيَّةُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِقُوَّتِهَا مَعَ بَقَاءِ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً وَلَوْ وِتْرًا فَسَدَ فَرْضُهُ مَوْقُوفًا) أَيْ فَسَادُ هَذَا الْفَرْضِ مَوْقُوفٌ عَلَى قَضَاءِ الْفَائِتَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً مَعَ الْفَائِتَةِ فَإِنْ قَضَاهَا قَبْلَهُ فَسَدَ هَذَا الْفَرْضُ وَمَا صَلَّاهُ بَعْدَهُ مُتَذَكِّرًا وَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى صَارَتْ الْفَوَائِتُ مَعَ الْفَائِتَةِ سِتَّ صَلَوَاتٍ فَمَا صَلَّاهُ مُتَذَكِّرًا لَهَا صَحِيحٌ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ وَاحِدَةٌ تُصَحِّحُ خَمْسًا وَوَاحِدَةٌ تُفْسِدُ خَمْسًا فَالْوَاحِدَةُ الْمُصَحِّحَةُ لِلْخَمْسِ هِيَ السَّادِسَةُ قَبْلَ قَضَاءِ الْمَتْرُوكَةِ وَالْوَاحِدَةُ الْمُفْسِدَةُ لِلْخَمْسِ هِيَ الْمَتْرُوكَةُ تُقْضَى قَبْلَ السَّادِسَةِ اهـ.
وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْفَسَادُ مُتَحَتِّمٌ لَا يَزُولُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُعِدْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ فِي ذَلِكَ بَلْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْمُجْتَبَى لَمْ يَصِحَّ لِمَا سَتَعْلَمُهُ مِنْ جَعْلِهِ مَا فِي الْمُجْتَبَى خَطَأً (قَوْلُهُ يَمْضِي لِضِيقِ الْوَقْتِ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاءُ الظُّهْرِ فِي وَقْتِ الِاحْمِرَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَا يَصِحُّ فِيهِ إلَّا عَصْرُ يَوْمِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَاقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ نَتِيجَةُ كَوْنِهِ مُؤَدِّيًا) أَقُولُ: وَهُوَ نَتِيجَةُ كَوْنِهِ قَاضِيًا أَيْضًا لِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْمُسَافِرِ بَعْدَ الْوَقْتِ بِالْمُقِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ مُؤَدِّيًا أَمْ قَاضِيًا عَلَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلنَّتِيجَةِ وَلَا لِلْمُنْتِجِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَلَا مِسَاسَ لَهُ بِالْمَقَامِ أَصْلًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ إنَّ بَعْدَ الْحَمْلِ انْتَفَى الْخِلَافُ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ يَكُونُ مَعْنَى مَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُخَالِفُ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَوْدِهِ (قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ فَبَعِيدٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ قَوْلُهُ بَعِيدٌ هُوَ الْبَعِيدُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُجْتَبَى أَعْلَى مَقَامًا مِنْ أَنْ تَخْفَى عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْمُتُونِ حَتَّى يَجِيءَ مِثْلُك يُخَطِّئُهُ فِيهَا فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي كُلِّ مَقَامٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فَأَمَّا ضِيقُ الْوَقْتِ فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ زَالَ ضِيقُ الْوَقْتِ بِخُرُوجِهِ وَلَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ وَأَمَّا التَّذَكُّرُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ لِمَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ الصِّغَارِ فِي الِاثْنَى عَشْرِيَّةِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُمْكِنُ وَهُوَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ مَثَلًا فَصَلَّى الْمَغْرِبَ نَاسِيًا لَهُمَا ثُمَّ تَذَكَّرَهُمَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَلَا يُعِيدُهُمَا وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الشَّرْطِيَّةِ ذَلِكَ فَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْعِشَاءَ فَحَمْلُك كَلَامَ الْمُجْتَبَى عَلَى مَا يُوجِبُ الْخَطَأَ هُوَ الْخَطَأُ. اهـ.
قُلْت وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ الْإِفْهَامِ وَكَثْرَةُ التَّعْنِيفِ لَا تُرَوِّجُهُ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ وَقَدْ سَلَّمَ فِي النَّهْرِ مَا فَهِمَهُ الْمُحَقِّقُ لَكِنَّهُ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْكُمَ بِضَعْفِهِ وَإِنَّ مَنْ حَكَى الِاتِّفَاقَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ لِشُذُوذِهِ (قَوْلُهُ فَشَمِلَ النَّوْعَيْنِ) أَيْ نَوْعَيْ التَّرْتِيبِ وَهُمَا بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ نَفْسِهَا.