الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)
أَيْ زَكَاتُهَا قَالُوا حَيْثُ أُطْلِقَتْ الصَّدَقَةُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَالْمُرَادُ بِهَا الزَّكَاةُ وَبَدَأَ أَكْثَرُهُمْ بِبَيَانِ السَّوَائِمِ اقْتِدَاءً بِكُتُبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهَا كَانَتْ مُفْتَتَحَةً بِهَا وَلِكَوْنِهَا أَعَزَّ أَمْوَالِ الْعَرَبِ وَالسَّوَائِمُ جَمْعُ سَائِمَةٍ وَلَهَا مَعْنَيَانِ لُغَوِيٌّ وَفِقْهِيٌّ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ سَامَتْ الْمَاشِيَةُ رَعَتْ سَوْمًا وَأَسَامَهَا صَاحِبُهَا إسَامَةً وَالسَّائِمَةُ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ كُلُّ إبِلٍ تُرْسَلُ تَرْعَى، وَلَا تُعْلَفُ فِي الْأَهْلِ اهـ وَفِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ: السَّائِمَةُ الْمَالُ الرَّاعِي (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ) بَيَانٌ لِلسَّائِمَةِ بِالْمَعْنَى الْفِقْهِيِّ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّائِمَةِ لَا يَزُولُ بِالْعَلَفِ الْيَسِيرِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَيَّدَ بِالْأَكْثَرِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ سَائِمَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إنَّمَا صَارَ سَبَبًا بِوَصْفِ الْإِسَامَةِ فَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ مَعَ الشَّكِّ اعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ تَفْسِيرُ السَّائِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فَهِيَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ إذْ بَقِيَ قُيِّدَ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَرَضِ النَّسْلِ وَالدَّرِّ وَالتَّسْمِينِ وَإِلَّا فَيَشْمَلُ الْإِسَامَةَ لِغَرَضِ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا هَذَا الْقَيْدَ لِتَصْرِيحِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا كَانَ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْعُرُوضَ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ يَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَقَالُوا: إنَّ الْعَرَضَ خِلَافُ النَّقْدِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْحَيَوَانَاتُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ أَوْ لِلرُّكُوبِ فَلَا زَكَاةَ أَصْلًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ أَوْ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ جَعَلَهَا سَائِمَةً يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الْجَعْلِ لِأَنَّ حَوْلَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ يَبْطُلُ بِجَعْلِهَا لِلسَّوْمِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ السَّوَائِمِ وَزَكَاةَ التِّجَارَةِ مُخْتَلِفَانِ قَدْرًا وَسَبَبًا فَلَا يُبْنَى حَوْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ قُلْت قَدْ اقْتَصَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الَّتِي تُسَامُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَيُفِيدُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا كُلِّهَا إنَاثًا أَوْ كَوْنِهَا كُلِّهَا ذُكُورًا أَوْ بَعْضِهَا ذُكُورًا وَبَعْضِهَا إنَاثًا قُلْت الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ نَفْيُ كَوْنِ الْإِسَامَةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ لَا اشْتِرَاطُ أَنْ تَكُونَ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَلِذَا زَادَ فِي الْمُحِيطِ أَنْ تُسَامَ لِقَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالزِّيَادَةِ وَالسِّمَنِ فَالذُّكُورُ فَقَطْ تُسَامُ لِلزِّيَادَةِ وَالسِّمَنِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَسَامَهَا لِلَّحْمِ لَا زَكَاةَ فِيهَا كَالْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ
وَفِي الْقُنْيَةِ: لَهُ إبِلٌ عَوَامِلُ يَعْمَلُ بِهَا فِي السَّنَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَيُسَمِّنُهَا فِي الْبَاقِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ فِيهَا الزَّكَاةُ اهـ.
وَالرَّعْيُ مَصْدَرُ رَعَتْ الْمَاشِيَةُ الْكَلَأَ، وَالرِّعْيُ بِالْكَسْرِ الْكَلَأُ نَفْسُهُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا ضَبْطُهُ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ السَّائِمَةَ فِي الْفِقْهِ هِيَ الَّتِي تَرْعَى، وَلَا تُعْلَفُ فِي الْأَهْلِ لِقَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَلَوْ حُمِلَ الْكَلَأُ إلَيْهَا فِي الْبَيْتِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً فَلَوْ ضُبِطَ الرَّعْيُ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا بِالْكَسْرِ
ــ
[منحة الخالق]
[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا غَيْرُ دَافِعٍ؛ إذْ التَّعْرِيفُ بِالْأَعَمِّ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمَيْنِ بَعْدَهُ اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ مُلَاحَظٌ فِي التَّعْرِيفِ وَاكْتَفَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ هُنَا لِعِلْمِهِ مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ تَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ عَدَمَ التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ اصْطِلَاحٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ، وَإِلَّا فَالْمُتَقَدِّمُونَ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى جَوَازِهِ (قَوْلُهُ قُلْت الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَصْدِ مَا فِي تُحْفَةِ الْمُلُوكِ مِنْ أَنَّ السَّائِمَةَ الرَّاعِيَةُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ لَا لِلرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ اهـ.
لَكِنْ نَظَرَ فِي هَذَا الْجَوَابِ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ نَفْيَ الْإِسَامَةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ قَدْ يَحْصُلُ بِدُونِ قَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا أَصْلًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ أَيْضًا. اهـ.
قُلْت: لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مُحَصَّلَ جَوَابِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَجَازٌ مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ كَمَا فِي قَوْلِك نَطَقَتْ الْحَالُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمَذْكُورِ بَلْ مَا أُطْلِقَ هُوَ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ اللَّازِمُ أَعْنِي نَفْيَ كَوْنِهَا لِلْحَمْلِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النُّطْقِ الدَّلَالَةُ فَقَدْ آلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التُّحْفَةِ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ تَوَجُّهِ النَّظَرِ عَلَيْهِ فَكَذَا مَا آلَ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ وَرِثَ سَائِمَةً كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُسَمِّنُهَا فِي الْبَاقِي) الَّذِي رَأَيْته فِي الْقُنْيَةِ وَيُسِيمُهَا مِنْ الْإِسَامَةِ لَا مِنْ التَّسْمِينِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ ضُبِطَ الرِّعْيُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: الْكَسْرُ هُوَ الْمُتَدَاوَلُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ سَائِمَةً إلَّا لَوْ أَطْلَقَ الْكَلَأَ عَلَى الْمُنْفَصِلِ وَلِقَائِلٍ مَنْعُهُ بَلْ ظَاهِرُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْرِبِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: هُوَ كُلُّ مَا رَعَتْهُ الدَّوَابُّ مِنْ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ يُفِيدُ اخْتِصَاصَهُ بِالْقَائِمِ فِي مَعْدِنِهِ، وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُ سَائِمَةً؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِالْحَوْزِ فَتَدَبَّرْهُ
لَكَانَتْ سَائِمَةً، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْكَلَأُ الَّذِي تَرْعَاهُ مُبَاحًا كَمَا قَيَّدَهُ الشُّمُنِّيُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا رَعَتْ الدَّوَابُّ مِنْ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فَيَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُ الْمُبَاحِ.
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إبِلًا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِيمَا دُونَهُ فِي كُلٍّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) بِهَذَا اشْتَهَرَتْ كُتُبُ الصَّدَقَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْإِبِلُ لَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهَا وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا إبَلِيٌّ بِفَتْحِ الْبَاءِ كَقَوْلِهِمْ فِي النِّسْبَةِ إلَى سَلَمَةَ سُلَمِيٌّ بِالْفَتْحِ لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ مَعَ الْيَاءِ وَالْمَخَاضُ النُّوقُ الْحَوَامِلُ وَابْنُ الْمَخَاضِ هُوَ الْفَصِيلُ الَّذِي حَمَلَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ابْنِ اللَّبُونِ بِسَنَةٍ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ الْمَخَاضِ، وَالْمَخَاضُ أَيْضًا: وَجَعُ الْوِلَادَةِ قَالَ - تَعَالَى - {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 23] وَشَاةٌ لَبُونً ذَاتُ لَبَنٍ وَابْنُ اللَّبُونِ الَّذِي اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ، وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَالْحَقُّ مِنْ الْإِبِلِ مَا اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ، وَالْحِقَّةُ الْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ حِقَاقٌ وَالْجَذَعُ مِنْ الْبَهَائِمِ قَبْلَ الثَّنِيِّ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْإِبِلِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ: وَالْمُرَادُ بِبِنْتِ الْمَخَاضِ مَا تَمَّ لَهَا سَنَةٌ، وَبِنْتُ اللَّبُونِ مَا تَمَّ لَهَا سَنَتَانِ، وَبِالْحِقَّةِ مَا تَمَّ لَهَا ثَلَاثٌ وَبِالْجَذَعَةِ مَا تَمَّ لَهَا أَرْبَعٌ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي فَصْلِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النِّكَاحِ أَنَّ قَيْدَ كَوْنِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ أَوْ بِنْتَ لَبُونٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ لَا مَخْرَجَ الشَّرْطِ، فَالْمُرَادُ السِّنُّ لَا أَنْ تَكُونَ أُمُّهَا مَخَاضًا أَوْ لَبُونًا اهـ.
وَاقْتَصَرَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذِهِ الْأَسْنَانِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهَا لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الزَّكَاةِ كَالثَّنِيِّ وَالسَّدِيسِ وَالْبَازِلِ تَيْسِيرًا عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ بِهَذِهِ الْأَسْنَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا الثَّنِيُّ، وَلَا يَجُوزُ الْجَذَعُ إلَّا مِنْ الضَّأْنِ
وَقَالُوا: هَذِهِ الْأَسْنَانُ الْأَرْبَعَةُ نِهَايَةُ الْإِبِلِ فِي الْحُسْنِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالْقُوَّةِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ رُجُوعٌ كَالْكِبَرِ وَالْهَرَمِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ تَوْقِيفِيٌّ، وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِمَّا يُفِيدُ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ إيجَابَ الشَّاةِ فِي خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ رُبْعُ الْعُشْرِ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هَاتُوا رُبْعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» ، وَالشَّاةُ تَقْرُبُ مِنْ رُبْعِ عُشْرٍ فَإِنَّ الشَّاةَ كَانَتْ تُقَوَّمُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ هُنَاكَ، وَابْنَةُ مَخَاضٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِيجَابُ الشَّاةِ فِي الْخَمْسِ كَإِيجَابِهَا فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ فَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضَعُ الْعَشَرَةَ مَوْضِعَ الشَّاةِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِخِلَافِهِ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ السِّنَّ الْوَاجِبَ فِي الْإِبِلِ بِالْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهَا دَفْعُ الذُّكُورِ كَابْنِ الْمَخَاضِ إلَّا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ لِلْإِنَاثِ إلَّا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِاسْمِ الشَّاةِ فَإِنَّهَا تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي السِّنِّ الْوَاجِبِ فِيهِمَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ مِنْ التَّبِيعِ وَالْمُسِنِّ، وَفِي الْبَدَائِعِ
وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي الْإِبِلِ فَشَمِلَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِنِصَابِهَا بِاسْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَاسْمُ الْجِنْسِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ كَاسْمِ الْحَيَوَانِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْأَهْلِيَّيْنِ أَوْ مِنْ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْأُمُّ أَهْلِيَّةً كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الشَّاةِ وَالظَّبْيِ إذَا كَانَ أُمُّهُ شَاةً وَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْبَقَرِ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ إذَا كَانَ أُمُّهُ أَهْلِيَّةً فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَمِلَ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْكُلُّ صِغَارًا لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالصِّغَارُ تَبَعٌ لِلْكِبَارِ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ وَشَمِلَ الْأَعْمَى وَالْمَرِيضَ وَالْأَعْرَجَ فِي الْعَدَدِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَشَمِلَ السِّمَانَ وَالْعِجَافَ لَكِنْ قَالُوا: إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ مَهَازِيلُ وَجَبَ فِيهَا شَاةٌ بِقَدْرِهِنَّ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الشَّاةِ الْوَسَطِ كَمْ هِيَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ الْوَسَطِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَسَطٍ خَمْسِينَ، وَقِيمَةُ الشَّاةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: لَوْ قَالَ إلَّا فِي الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِيهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَصْوَبَ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقَدْ وَجَبَتْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ الَّذِي هُوَ دُونِ الْخَمْسَةِ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ تَأَمَّلْ