الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ امْرَأَتَهُ وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ، وَلَا يُمْسِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَالَ لَهُ: ضَعْهُ حَيْثُ شِئْت لَهُ أَنْ يُمْسِكَ لِنَفْسِهِ اهـ
[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]
(قَوْلُهُ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى هَؤُلَاءِ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ أَصْلًا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَلِعَدَمِ تَمَامِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ؛ وَلِذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ مُكَاتَبِهِ لَمْ يَجُزْ بِمَنْزِلَةِ تَزَوُّجِهِ بِأَمَةِ نَفْسِهِ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ وَإِذَا كَانَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ قُدِّمَ أَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْغَيْرِ هُوَ الْمُرَادُ بِالرِّقَابِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ هُنَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مُعْتَقَ بَعْضِهِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَاخْتَارَ السَّاكِتُ الِاسْتِسْعَاءَ فَلِلْمُعْتَقِ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لِشَرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ وَلَدَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِمُكَاتَبِ الْوَلَدِ غَيْرُ جَائِزٍ كَالدَّفْعِ لِابْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَاخْتَارَ السَّاكِتُ تَضْمِينَهُ فَلِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُعْتَقِ الدَّفْعُ إذَا اخْتَارَ اسْتِسْعَاءَهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبُهُ لِمَا أَنَّهُ بِالضَّمَانِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إعْتَاقِ الْبَاقِي أَوْ الِاسْتِسْعَاءِ
[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]
(قَوْلُهُ: وَغَنِيٍّ يَمْلِكُ نِصَابًا) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَشْهُورِ «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ» أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ النِّصَابَ النَّامِيَ السَّالِمَ مِنْ الدَّيْنِ الْفَاضِلَ عَنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الْمُوجِبَ لِكُلِّ وَاجِبٍ مَالِيٍّ، وَالنِّصَابَ الَّذِي لَيْسَ بِنَامٍ الْفَارِعَ عَمَّا ذَكَرَ الْمُوجِبَ لِثَلَاثَةٍ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُحَرِّمٌ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْغَنِيُّ بِقُوتِ يَوْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا وَتَسْمِيَةُ الشَّارِحِينَ لَهُ نِصَابًا وَجَعْلُهُمْ النُّصُبِ ثَلَاثَةً مَجَازٌ؛ لِمَا فِي الصِّحَاحِ: النِّصَابُ مِنْ الْمَالِ الْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَهُ نَحْوَ مِائَتِي دِرْهَمٍ وَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ؛ إذْ لَيْسَ قُوتُ الْيَوْمِ مُقَدَّرًا لَكِنْ فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ نِصَابُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ، وَمِنْهُ النِّصَابُ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي إطْلَاقَ النِّصَابِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً؛ إذْ قُوتُ الْيَوْمِ أَصْلُ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ فَارِغًا عَنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا بِهَا حَلَّتْ لَهُ فَتَحِلُّ لِمَنْ مَلَكَ كُتُبًا تُسَاوِي نِصَابًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا لِلْحَاجَةِ لَا إنْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِهَا أَوْ كَانَ جَاهِلًا، وَالْفَقِيهُ غَنِيٌّ بِكُتُبِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْحَبْسِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَيَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دُورٌ وَحَوَانِيتُ تُسَاوِي نُصُبًا، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِغَلَّتِهَا لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَلِمَنْ عِنْدَهُ طَعَامُ سَنَةٍ تُسَاوِي نِصَابًا لِعِيَالِهِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ قُوتِهِ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْحَبْسِ وَحُلَّتْ لِمَنْ لَهُ نِصَابٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ مُنَقِّصٌ لِلنِّصَابِ وَحَلَّتْ لِمَنْ لَهُ كِسْوَةُ الشِّتَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّيْفِ، وَلِلْمَزَارِعِ إذَا كَانَ لَهُ ثَوْرَانِ لَا إنْ زَادَ وَبَلَغَ نِصَابًا، وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي نُصُبًا، وَالْفَاضِلُ عَنْ سُكْنَاهُ يَبْلُغُ نِصَابًا
وَقُيِّدَ بِمِلْكِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَا دُونَهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا إذَا كَانَ قِيمَتُهُ لَا تَبْلُغُ نِصَابًا، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تِسْعَةَ عَشْرَ دِينَارًا تُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافُهُ قَالَ: وَقَالَ هِشَامٌ: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ رَجُلٍ لَهُ تِسْعَةَ عَشْرَ دِينَارًا تُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ هَلْ يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ قَالَ نَعَمْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ، وَقُيِّدَ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ كَمَا لِلْهَاشِمِيِّ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْوَاجِبَةِ كَالْعُشْرِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا لِلْغَنِيِّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا تَحِلُّ صَدَقَةٌ لِغَنِيٍّ» خَرَجَ النَّفَلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا صَدَقَةُ الْوَقْفِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ إنْ سَمَّاهُمْ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا
وَفَرَّعُوا عَلَى مَنْعِ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِلْغَنِيِّ مَا لَوْ دَفَعَ قَوْمٌ زَكَاتَهُمْ إلَى مَنْ يَجْمَعُهَا لِفَقِيرٍ فَاجْتَمَعَ عِنْدَ الْآخِذِ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَ جَمْعُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ قَالُوا:
ــ
[منحة الخالق]
[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]
(قَوْلُهُ: وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي نُصُبًا إلَخْ) هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْبَقَّالِيِّ وَأَطْلَقَ فِي الْكَشْفِ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ بَاعَهَا وَاشْتَرَى بِأَلْفٍ لَوَسِعَهُ ذَلِكَ لَا آمُرُ بِبَيْعِهَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الصُّغْرَى إذَا كَانَ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ جَمِيعًا مُسْتَحَقَّةً لِحَاجَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَا يَسْكُنُ الْكُلَّ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: قَيَّدْنَا بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ قِيمَتُهُ أَيْ قِيمَةُ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا تُسَاوِي نِصَابًا
كُلُّ مَنْ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَا فِي يَدِ الْجَابِي مِائَتَيْنِ جَازَتْ زَكَاتُهُ، وَمَنْ دَفَعَ بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَقِيرُ مَدْيُونًا فَيُعْتَبَرُ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مِائَتَيْنِ تَفْضُلُ بَعْدَ دَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ الْكُلُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْفَقِيرِ فَمَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ يَمْلِكُهُ، وَفِي الثَّانِي وَكِيلُ الدَّافِعِينَ فَمَا اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مَلَكَهُمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِلْغَنِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ مِنْ الْفَقِيرِ وَيَأْكُلَهَا، وَكَذَا لَوْ وَهَبَهَا لَهُ عُلِمَ أَنَّ تَبَدُّلَ الْمِلْكِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَلَوْ أَبَاحَهَا لَهُ، وَلَمْ يَمْلِكْهَا مِنْهُ ذَكَرَ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ لِلْغَنِيِّ وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ يَحِلُّ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَوْ كَانَتْ كَافِيَةً لَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام فِي وَاقِعَةِ بَرِيرَةَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» كَمَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْهَاشِمِيِّ وَالْغَنِيِّ
وَإِنْ قِيلَ بِهِ فَصَحِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي حَقِّ الْهَاشِمِيِّ كَالْحَقِيقَةِ بِدَلِيلِ مَنْعِ الْهَاشِمِيِّ مِنْ الْعِمَالَةِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، وَدَخَلَ تَحْتَ النِّصَابِ النَّامِي الْمَذْكُورِ أَوَّلًا الْخُمُسُ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ فَإِنْ مَلَكَهَا أَوْ نِصَابًا مِنْ السَّوَائِمِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِي مِائَتِي دِرْهَمٍ أَوْ لَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَا يَطِيبُ لِلْآخِذِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الدَّفْعِ جَوَازُ الْأَخْذِ كَظَنِّ الْغَنِيِّ فَقِيرًا اهـ.
وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا لِمَنْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ كَمَا يَجُوزُ دَفْعُهَا نَعَمْ الْأَوْلَى عَدَمُ الْأَخْذِ لِمَنْ لَهُ سَدَادٌ مِنْ عَيْشٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ
(قَوْلُهُ وَعَبْدِهِ وَطِفْلِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لِعَبْدِ الْغَنِيِّ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْعَبْدِ يَقَعُ لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ كَذَا فِي الْكَافِي فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَبْدِ غَيْرُ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ لِمَا فِي يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ، وَأَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ دَفْعُهَا لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْمَوْلَى إكْسَابَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا عُرِفَ خِلَافًا لَهُمَا وَأَطْلَقَ الْعَبْدَ فَشَمِلَ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالزَّمِنَ الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ، وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا أَوْ كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَخِيرِ وَاخْتَارَهُ فِي الذَّخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي وُقُوعَ الْمِلْكِ لِمَوْلَاهُ بِهَذَا الْعَارِضِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ مَوْلَاهُ الْغَنِيِّ وَعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ لَا يَنْزِلُ عَنْ حَالِ ابْنِ السَّبِيلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمِلْكَ هُنَا يَقَعُ لِلْمَوْلَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ لَا) تَبِعَهُ عَلَى هَذِهِ أَخُوهُ وَتِلْمِيذُهُ فِي الْمِنَحِ وَجَزَمَ فِي الشرنبلالية بِأَنَّهُ وَهَمٌ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ خِلَافَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي فَنِّ الْمُعَايَاةِ فَقَدْ نَاقَضَ نَفْسَهُ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِمَا ادَّعَاهُ بَلْ عِبَارَتُهُمْ مُفِيدَةٌ خِلَافَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ الْعُرُوضِ اهـ.
فَأَوْهَمَ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْعِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ مُفِيدٌ تَفْسِيرَ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا لِمَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَ نِصَابُهَا إلَّا مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِقْدَارُ النِّصَابِ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ سَأَلَ، وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ فَقَدْ سَأَلَ النَّاسَ إلْحَافًا قِيلَ: وَمَا الَّذِي يُغْنِيهِ قَالَ: مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَوْ عَدْلُهَا» اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي الْمُحِيطِ فَقَدْ شَمِلَ الْحَدِيثُ اعْتِبَارَ السَّائِمَةِ بِالْقِيمَةِ لِإِطْلَاقِهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَةِ السَّوَائِمِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِي الْأَشْبَاهِ وَالسِّرَاجِ والوهبانية وَشَرْحِهَا لِلْمُصَنِّفِ وَلِابْنِ الشِّحْنَةِ وَالذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا أَظْهَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِصَابُ النَّقْدِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ اهـ.
مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ اهـ مَا فِي الشرنبلالية.
وَوَفَّقَ بَعْضُ مُحَشِّي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِحَمْلِ مَا مَرَّ عَنْ الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ الْمُحَرَّمِ الْوَزْنُ أَوْ الْقِيمَةُ فَمَا فِي الْمُحِيطِ الثَّانِي، وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اعْتِبَارَ الْوَزْنِ خَاصٌّ بِالْمَوْزُونِ لِتَأَتِّيهِ فِيهِ أَمَّا الْمَعْدُودُ كَالسَّائِمَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ بَدَلَ الْوَزْنِ فَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ مُرُورٌ عَلَى مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَا فِي الشرنبلالية عَلَى مَا فِي الْمُحِيطِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِ الْقَوْمِ اهـ مُلَخَّصًا قُلْت: هَذَا مُمْكِنٌ، وَلَكِنْ لَوْ وَرَدَ فِي كَلَامِهِمْ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ لَحَصَلَ التَّنَافِي أَمَّا مَعَ عَدَمِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعَدَمِ التَّنَافِي تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ الزَّمَنِ الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ، وَقَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ فِي الذَّخِيرَةِ حَكَاهُ بِقَوْلِهِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي اخْتِيَارَهُ وَمُجَرَّدُ الْحِكَايَةِ لِقَوْلٍ لَا يُفِيدُ اخْتِيَارَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ أَقُولُ: إنْ أُرِيدَ أَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ بِمَصْرِفٍ لِغِنَاهُ فَابْنُ السَّبِيلِ غَنِيٌّ، وَلَا صَدَقَةَ لِغَنِيٍّ أَوْ يُقَالُ الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ لَا يَنْزِلُ حَالُهُ عَنْ مَأْذُونِ مَدْيُونٍ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى كَسْبَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَجَازَ الصَّرْفُ إلَيْهِ فَلْيَجُزْ هَا هُنَا لِلضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ أَبُو يُوسُفَ أَصْلَهُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ اهـ.
وَهُوَ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ فَمَصْرِفٌ فَالْأَوْلَى الْإِطْلَاقُ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى مُكَاتَبِ الْغَنِيِّ جَائِزٌ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الدَّفْعِ لِطِفْلِ الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَاءِ أَبِيهِ كَذَا قَالُوا، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الدَّفْعَ لِوَلَدِ الْغَنِيَّةِ جَائِزٌ؛ إذْ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَاءِ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ وَأَطْلَقَ الطِّفْلَ فَشَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَوْ لَا عَلَى الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَقُيِّدَ بِالطِّفْلِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِوَلَدِ الْغَنِيِّ إذَا كَانَ كَبِيرًا جَائِزٌ مُطْلَقًا وَقُيِّدَ بِعَبْدِهِ وَطِفْلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى أَبِي الْغَنِيِّ وَزَوْجَتِهِ جَائِزٌ سَوَاءٌ فَرَضَ لَهَا نَفَقَةً أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ وَبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ) أَيْ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُمْ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «نَحْنُ - أَهْلَ بَيْتٍ - لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» وَلِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» قَدْ أَطْلَقَ فِي بَنِي هَاشِمٍ فَشَمِلَ مَنْ كَانَ نَاصِرًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ لَمْ يَكُنْ نَاصِرًا لَهُ مِنْهُمْ كَوَلَدِ أَبِي لَهَبٍ فَيَدْخُلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ لِكَوْنِهِ هَاشِمِيًّا، فَإِنَّ تَحْرِيمَ الصَّدَقَةِ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالْقَرَابَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَا بِالنُّصْرَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا بِآلِ عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ وَجَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ وَحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَصَرَّحَا بِإِخْرَاجِ أَبِي لَهَبٍ وَأَوْلَادِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّدَقَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ كَرَامَةٌ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - لَهُمْ وَلِذُرِّيَّتِهِمْ حَيْثُ نَصَرُوهُ عليه الصلاة والسلام فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَإِسْلَامِهِمْ، وَأَبُو لَهَبٍ كَانَ حَرِيصًا عَلَى أَذَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَسْتَحِقَّهَا بَنُوهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى وَرَوَى حَدِيثًا «لَا قَرَابَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي لَهَبٍ»
وَنَصَّ فِي الْبَدَائِعِ عَلَى أَنَّ الْكَرْخِيَّ قَيَّدَ بَنِي هَاشِمٍ بِالْخَمْسَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَكَانَ الْمَذْهَبُ التَّقْيِيدَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْكَرْخِيَّ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، وَقُيِّدَ بِبَنِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسُوا كَبَنِي هَاشِمٍ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ جَدُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَلِعَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةُ بَنِينَ هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَالْخَمْسَةُ الْمَذْكُورُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ؛ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ وَالْحَارِثَ عَمَّانِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَجَعْفَرٌ وَعَقِيلٌ أَخَوَانِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ عَمُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِأَبِي طَالِبٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ، وُلِدَ لَهُ طَالِبٌ فَمَاتَ، وَلَمْ يُعْقِبْ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقِيلٍ عَشْرُ سِنِينَ وَبَيْنَ عَقِيلٍ وَجَعْفَرٍ عَشْرُ سِنِينَ وَبَيْنَ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ عَشْرُ سِنِينَ، وَأُمُّهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَجَمْهَرَةِ النَّسَبِ
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: وَهَذَا فِي الْوَاجِبَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْعُشْرِ وَالْكَفَّارَةِ أَمَّا التَّطَوُّعُ وَالْوَقْفُ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ فِي الْوَاجِبِ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ فَيَتَدَنَّسُ الْمُؤَدَّى كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَفِي النَّفْلِ تَبَرُّعٌ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَنَّسُ بِهِ الْمُؤَدَّى كَمَنْ تَبَرَّدَ بِالْمَاءِ اهـ.
وَإِنَّمَا لَمْ تَلْحَقْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لَهُمْ بِالْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ فَيَتَدَنَّسُ بِهِ الْمُؤَدَّى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي عَدَمَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِهِ فِي الْمَاءِ لِلنَّصِّ الْوَارِدِ: الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ إذْ ازْدِيَادُ النُّورِ يَقْتَضِي زَوَالَ الظُّلْمَةِ بِقَدْرِهِ لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ مُخْتَصَرًا، وَفِيهَا عَنْ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ النَّفَلَ جَائِزٌ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ كَالنَّفْلِ لِلْغَنِيِّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمِعْرَاجِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَعَزَاهُ إلَى النَّوَادِرِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَاخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَمْ يَنْقُلْ غَيْرَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ
وَأَثْبَتَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الْخِلَافَ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الْحُرْمَةِ وَقَوَّاهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَدْ سَوَّى الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَقْفِ كَمَا سَمِعْت وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْحِلَّ مُقَيَّدٌ بِمَا سَمَّاهُمْ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِمْ فَلَا؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ وَرَدَّهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَابَ صَدَقَةِ الْوَقْفِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ كَبِيرًا) أَيْ بَالِغًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطِّفْلِ غَيْرُ الْبَالِغِ.