المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تقديم الإحرام على المواقيت - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٢

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[الدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تشميت العاطس فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْقِرَاءَة مِنْ مُصْحَفٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْعَبَثُ بِالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّخَصُّرُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[عَقْصُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌ نَقْشُ الْمَسْجِدِ

- ‌[أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌[الْقُنُوت فِي غَيْرِ الْوِتْرِ]

- ‌[الصَّلَاة الْمَسْنُونَة كُلّ يَوْم]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا]

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ رَاكِبًا]

- ‌صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ

- ‌[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد بَعْد الْأَذَان]

- ‌[خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ]

- ‌[قَضَاء سُنَّةُ الْفَجْرِ]

- ‌[قَضَاء السَّنَة الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ]

- ‌ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ

- ‌[فَضْلَ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ]

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيبُ بَيْنَ صَلَاة الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ]

- ‌[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌ سُجُودَ السَّهْوِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ

- ‌[مَحَلُّ سُجُود السَّهْو]

- ‌[سَبَبُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ صَلَاةٍ

- ‌[ترك قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ]

- ‌[الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ]

- ‌[السَّهْوُ عَنْ السَّلَامِ]

- ‌[تَرَكَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا]

- ‌[سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ

- ‌ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ

- ‌ تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ]

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الْقُعُودُ فِي الصَّلَاةُ]

- ‌[لَمْ يَقْدِرْ المصلي الْمَرِيض عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ]

- ‌[صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ تَعِبَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[أَرْكَان سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[مَوَاضِع سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[تَأْخِيرُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[قَضَاء فَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[صَلَاة الْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ]

- ‌ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَة]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَة]

- ‌[أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌[السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌(بَابُ الْعِيدَيْنِ)

- ‌[الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْم الْعِيدِ]

- ‌[التَّكْبِير يَوْم الْعِيد]

- ‌[مَا يَفْعَلهُ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]

- ‌[الْأَكْلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيد]

- ‌[خُطْبَة الْعِيد]

- ‌[الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيد]

- ‌[وُقُوفُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَاتٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاة الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[دُعَاء وَاسْتِغْفَار الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِز]

- ‌[أَرْكَانُ وسنن صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[بَابُ صَلَاة الْخَوْفِ]

- ‌ حُضُورُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ

- ‌[مَا يُصْنَعُ بِالْمُحْتَضَرِ]

- ‌[تلقين الشَّهَادَةَ لِلْمُحْتَضِرِ]

- ‌ غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌[تَكْفِين الْمَيِّت]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌[حُكْم صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[شُرُوط صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[دُفِنَ الْمَيِّت بِلَا صَلَاةٍ]

- ‌[الصَّلَاة عَلَيَّ الْمَيِّت فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌(بَابُ الشَّهِيدِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

- ‌[شُرُوط أَدَاء الزَّكَاة]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْغَنَمِ]

- ‌[زَكَاة الْخَيْلِ]

- ‌[زَكَاة الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ التِّجَارَة]

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌[زَكَاة الْخَمْر وَالْخِنْزِير]

- ‌ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌ حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاة]

- ‌[دُفَعُ الزَّكَاةُ إلَى ذِمِّيٍّ]

- ‌[بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَكْفِينِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَشِرَاءِ قِنٍّ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةَ لَبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ]

- ‌[دَفَعَ الزَّكَاة بِتَحَرٍّ فَبَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌[حُكْم صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب صَدَقَةِ الْفِطْر]

- ‌[عَنْ مِنْ تَخْرُجْ صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[مِقْدَار صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[وَقْتِ وُجُوبِ أَدَاء صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌[شُرُوط الصِّيَامِ]

- ‌[أَقْسَام الصَّوْمِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُت شَهْر رَمَضَان]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي عَوَارِضِ الْفِطْر فِي رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَقَلُّ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[أعتكاف الْمَرْأَةُ]

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[وَاجِبَاتُ الْحَجِّ]

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌ مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ

- ‌[قَتْلُ الصَّيْدِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْقَبَاءِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[الِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ الْحَمَّامِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ]

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

الفصل: ‌ تقديم الإحرام على المواقيت

الْمَسْأَلَةُ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فِيمَنْ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْحَجِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي وَسَطِ السَّنَةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ الْبَنْدَرَ الْمَعْرُوفَ بِجُدَّةِ لِيَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَتَّى لَا يَطُولَ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِالْحَجِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا لَا عَكْسُهُ) أَيْ جَازَ‌

‌ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَفَسَّرَتْ الصَّحَابَةُ الْإِتْمَامَ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَمِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَاصِيَةِ وَقَالَ عليه السلام «مَنْ أَهَلَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِحِجَّةٍ، أَوْ بِعُمْرَةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَمْ يَتَكَلَّمُ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ وَعَدَمِهَا لِمَا أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ إذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَنْ لَا يَقَعَ فِي مَحْظُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَكْثَرُ فَكَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ بِقَدْرِ التَّعَبِ بِخِلَافِ التَّقْدِيمِ عَلَى الْأَشْهُرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ، أَوْ لَا كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَمَنْ فَصَّلَ كَصَاحِبِ الظَّهِيرِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُطْلَقًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ شَبَّهَهُ بِالرُّكْنِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَيُرَاعَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الشَّبَهِ احْتِيَاطًا، وَلَوْ كَانَ رُكْنًا حَقِيقَةً لَمْ يَصِحَّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ كَانَ شَبِيهًا بِهِ كُرِهَ قَبْلَهَا لِشَبَهِهِ وَقُرْبِهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَلِشَبَهِ الرُّكْنِ لَمْ يَجُزْ لِفَائِتِ الْحَجِّ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ لِيَقْضِيَ بِهِ مِنْ قَابِلٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا يُجَاوِزُ أَحَدٌ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا» وَفَائِدَةُ التَّأْقِيتِ بِالْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ الْمَنْعُ مِنْ التَّأْخِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَلِدَاخِلِهَا الْحِلُّ) أَيْ الْحِلُّ مِيقَاتُ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَالْحَرَمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الْمِيقَاتِ، أَوْ بَعْدَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي كُتُبِهِ وَقَوْلُ الْمُحَقِّقِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِيهَا نَفْسِهَا وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِلْمُصَنِّفِينَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْإِطْلَاقُ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا كَانَ الْحِلُّ مِيقَاتَهُ؛ لِأَنَّ خَارِجَ الْحَرَمِ كُلَّهُ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّهِ وَالْحَرَمُ حَدٌّ فِي حَقِّهِ كَالْمِيقَاتِ لِلْآفَاقِيِّ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ عِنْدَ قَصْدِ النُّسُكِ إلَّا مُحْرِمًا وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ هَذَا الْقَصْدِ فَلَهُ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ كَالْمَكِّيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ كَالْآفَاقِيِّ فَإِنْ جَاوَزَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آفَاقِيًّا.

(قَوْلُهُ: وَلِلْمَكِّيِّ الْحَرَمُ لِلْحَجِّ وَالْحِلُّ لِلْعُمْرَةِ) أَيْ‌

‌ مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ

الْحَرَمُ فَإِنْ أَحْرَمَ لَهُ مِنْ الْحِلِّ لَزِمَهُ دَمٌ وَإِذَا أَرَادَ الْعُمْرَةَ الْحِلُّ فَإِذَا أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْحَرَمِ

ــ

[منحة الخالق]

وَنَقَلَ فَتْوَاهُ فَرَاجِعْهَا اهـ.

مَا فِي الْحَاشِيَةِ مُلَخَّصًا أَقُولُ: وَفِي رَدِّهِ مَا ذَكَرَهُ السِّنْدِيُّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ وَالْمُقَلِّدُ مُتَّبِعٌ لِلْمُجْتَهِدِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُهُ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي قَوْلِهِمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ حَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ كَانَ مُخَالِفًا عِنْدَ الْعَامَّةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعُمْرَةِ فَاعْتَمَرَ أَوَّلًا ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَإِنْ حَجَّ أَوَّلًا ثُمَّ اعْتَمَرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ اهـ.

فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ جُعِلَ مُخَالِفًا لِكَوْنِهِ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِغَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ جَعَلَ سَفَرَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ إحْرَامِ الْمَأْمُورِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ أَوَّلًا نُسُكًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ قَاصِدًا الْبُسْتَانَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ عَنْ الْآمِرِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آفَاقِيًّا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ فَعَلَ نُسُكًا غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ عَنْ الْآمِرِ يَكُونُ مُخَالِفًا وَإِنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَتَأَمَّلْ.

[تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ]

(قَوْلُهُ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ إلَخْ) كَذَا نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْإِجْمَاعَ عَنْ التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ أَمِنَ مِنْ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورِ الْإِحْرَامِ لَا يُكْرَهُ وَفِي النَّظْمِ عَنْهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ عِنْدَ قَصْدِ النُّسُكِ إلَّا مُحْرِمًا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ فِي مَنْسَكِهِ وَمِمَّا يَجِبُ التَّيَقُّظُ لَهُ سُكَّانُ جُدَّةَ بِالْجِيمِ وَأَهْلُ حِدَّةَ بِالْمُهْمَلَةِ وَأَهْلُ الْأَوْدِيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ فِي الْأَغْلَبِ يَأْتُونَ إلَى مَكَّةَ فِي سَادِسِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ فِي السَّابِعِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَيُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّةَ لِلْحَجِّ فَعَلَى مَنْ كَانَ حَنَفِيًّا مِنْهُمْ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ لِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لَكِنْ لِلنَّظَرِ هُنَا مَجَالٌ إذَا أَحْرَمَ هَؤُلَاءِ مِنْ مَكَّةَ كَمَا هُوَ مُعْتَادُهُمْ وَتَوَجَّهُوا إلَى عَرَفَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُمْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ بِوُصُولِهِمْ إلَى أَوَّلِ الْحِلِّ مُلَبِّينَ؛ لِأَنَّهُ عَوْدٌ مِنْهُمْ إلَى مِيقَاتِهِمْ مَعَ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِدَمِ الْمُجَاوَزَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُعَدُّ هَذَا عَوْدًا مِنْهُمْ إلَى الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْعَوْدَ إلَيْهِ لِتَلَافِي مَا لَزِمَهُمْ بِالْمُجَاوَزَةِ بَلْ قَصَدُوا التَّوَجُّهَ إلَى عَرَفَةَ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ اهـ.

وَقَدْ نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْعَفِيفُ فِي شَرْحِهِ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْقَاضِي مُحَمَّدٌ عِيدٌ فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى الْمِيقَاتِ مَعَ التَّلْبِيَةِ مُسْقِطٌ سَوَاءٌ نَوَى الْعَوْدَ أَوْ لَمْ يَنْوِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ اهـ.

كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.

[مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ] .

ص: 343