الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضُّحَى يَوْمَ الْعِيدِ صَلَّيْنَ بَعْدَمَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي الْجَبَّانَةِ اهـ.
وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ حَالِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا الْعَوَامُّ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَكْبِيرٍ قَبْلَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الْعَامَّةُ مِنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرَاتِ اهـ.
وَكَذَا فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا قَالَ فِي التَّجْنِيسِ سُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ كَسَالَى الْعَوَامّ يُصَلُّونَ الْفَجْرَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَفَنَزْجُرهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لَا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا مُنِعُوا عَنْ ذَلِكَ تَرَكُوهَا أَصْلًا وَأَدَاؤُهَا مَعَ تَجْوِيزِ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَهَا أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا أَصْلًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا) أَمَّا الِابْتِدَاءُ فَلِأَنَّهُ «عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَ وَالشَّمْسُ عَلَى قِيدِ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ» ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ بِمَعْنَى قَدْرٍ وَأَمَّا الِانْتِهَاءُ فَلِمَا فِي السُّنَنِ «أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَإِذَا أَصْبَحُوا يَغْدُونَ إلَى مُصَلَّاهُمْ» ، وَلَوْ جَازَ فِعْلُهَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّأْخِيرِ إلَى الْغَدِ مَعْنًى وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ بِمَعْنَى لَا تَكُونُ صَلَاةَ عِيدٍ بَلْ نَفْلٌ مُحَرَّمٌ، وَلَوْ زَالَتْ الشَّمْسُ، وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا فَسَدَتْ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي إدْخَالُهُ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ لِمَا أَنَّهَا كَالْجُمُعَةِ، وَقَدْ أَغْفَلُوهَا عَنْ ذِكْرِهَا وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْأَضْحَى لِتَعْجِيلِ الْأَضَاحِيّ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ قَدْرِ رُمْحٍ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى انْتِظَارِ الْقَوْمِ، وَفِي عِيدِ الْفِطْرِ يُؤَخَّرُ الْخُرُوجُ قَلِيلًا «كَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَجِّلْ الْأَضْحَى وَأَخِّرْ الْفِطْرَ» قِيلَ لِيُؤَدِّيَ الْفِطْرَةَ وَيُعَجِّلَ الْأُضْحِيَّةَ.
(قَوْلُهُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُثْنِيًّا قَبْلَ الزَّوَائِدِ) أَمَّا كَوْنُهَا رَكْعَتَيْنِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُ الثَّنَاءِ قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ فَلِأَنَّهُ شُرِعَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَالْأَذْكَارِ (قَوْلُهُ وَهِيَ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) أَيْ الزَّوَائِدُ ثَلَاثُ تَكْبِيرَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَبِهِ أَخَذَ أَئِمَّتُنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَأَمَّا مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما خَمْسٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ أَرْبَعٌ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا يُكَبِّرُونَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ الْخُلَفَاءَ شَرَطُوا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اهـ.
فَلَيْسَ مَذْهَبًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِ هَارُونَ الرَّشِيدِ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَمَّا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى بَنِي الْعَبَّاسِ أَمَرُوا النَّاسَ بِالْعَمَلِ فِي التَّكْبِيرَاتِ بِقَوْلِ جَدِّهِمْ وَكَتَبُوا ذَلِكَ فِي مَنَاشِيرِهِمْ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَخَلْفَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ فَكَبَّرَ تَكْبِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَارُونَ أَمَرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَ جَدِّهِ فَفَعَلَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَأَمَّا مَذْهَبُهُ فَهُوَ عَلَى تَكْبِيرِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ وَرَفْعَ الْأَيْدِي خِلَافُ الْمَعْهُودِ فَكَانَ الْأَخْذُ فِيهِ بِالْأَقَلِّ أَوْلَى اهـ.
وَكَذَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ لَا مَذْهَبًا، وَلَا اعْتِقَادًا وَذُكِرَ فِي الْمُجْتَبَى ثُمَّ يَأْخُذُ بِأَيِّ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ شَاءَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَاتِ فَمَا أَخَذْت بِهِ فَحَسَنٌ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ لَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَوْلَى بِمَعْرِفَتِهِ لِقَدَمِهِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَقِيلَ الْآخَرُ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ وَالْأَخْذُ بِتَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْلَى اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَكْثَرَ مِنْ تَكْبِيرِ ابْنِ مَسْعُودٍ اتَّبَعَهُ مَا لَمْ يُكَبِّرْ أَكْثَرَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْآثَارُ؛ لِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ إلَى سِتَّةَ عَشْرَ، فَإِنْ زَادَ لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْطِئٌ بِيَقِينٍ، وَلَوْ سَمِعَ التَّكْبِيرَاتِ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ يَأْتِي بِالْكُلِّ احْتِيَاطًا، وَإِنْ كَثُرَ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ؛ وَلِهَذَا قِيلَ يَنْوِي بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ الِافْتِتَاحَ
ــ
[منحة الخالق]
[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]
قَوْلُ الْمُصَنِّفُ وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ) قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِالِارْتِفَاعِ أَنْ تَبْيَضَّ.
(قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ) ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ الْإِمَامِ فِيمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَاجِبَةٍ وَهَذَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَاَلَّذِي ذَكَرُوا مِنْ عَمَلِ الْعَامَّةِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَمْرٍ بَيَّنَهُ الْخُلَفَاءُ بِذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَقَدْ زَالَ إذْ لَا خَلِيفَةَ الْآنَ وَاَلَّذِي يَكُونُ بِمِصْرَ فَهُوَ خَلِيفَةٌ اسْمًا لَا مَعْنًى لِانْتِفَاءِ بَعْضِ شُرُوطِ الْخِلَافَةِ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ بِشُرُوطِهَا، فَالْعَمَلُ الْآنَ بِمَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا لَكِنْ حَيْثُ لَا يَقَعُ الِالْتِبَاسُ عَلَى النَّاسِ. اهـ.
أَقُولُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَمْرَ الْخَلِيفَةِ بِشَيْءٍ لَا يَبْقَى حُكْمُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَزْلِهِ إذْ لَوْ بَقِيَ الْعَمَلُ بِأَمْرِهِ وَاجِبًا لَوَجَبَ عَلَيْنَا إلَى الْيَوْمِ الْعَمَلُ بِمَا أَمَرَ بِهِ هَارُونُ أَبَا يُوسُفَ وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ أَوَامِرِ سَلَاطِينِ بَنِي عُثْمَانَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ؛ وَلِهَذَا قِيلَ يَنْوِي بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ الِافْتِتَاحَ إلَخْ) أَقُولُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْوِي بِمَا زَادَ عَلَى السِّتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ احْتِمَالُ الْغَلَطِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا زَادَ عَلَى الْمَأْثُورِ احْتَمَلَ خَطَأَ الْمُكَبِّرِينَ بِأَنَّهُمْ زَادُوا تَكْبِيرَةً مَثَلًا وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّائِدَةُ هِيَ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ تَقَدَّمُوا بِهَا عَلَى الْإِمَامِ فَلَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فَلِذَا يَنْوِي بِمَا زَادَهُ الِافْتِتَاحَ
لِاحْتِمَالِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ اهـ.
ثُمَّ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَتْبَعُ رَأْيَ نَفْسِهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَالْمُقْتَدِي يَتْبَعُ رَأْيَ إمَامِهِ، وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَخَشِيَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ يَرْكَعُ وَيُكَبِّرُ فِي رُكُوعِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقِيَامِ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى رَكَعَ لَا يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ، وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ لِيُكَبِّرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْ فَاتَتْهُ أَوَّلُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ يُكَبِّرُ فِي الْحَالِ وَيُكَبِّرُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ) اقْتِدَاءً بِابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَلِتَكُونَ التَّكْبِيرَاتُ مُجْتَمِعَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَعْلَامِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ وَجَبَ الْجَهْرُ بِهَا وَالْجَمْعُ يُحَقِّقُ مَعْنَى الشَّعَائِرِ وَالْإِعْلَامِ هَذَا إلَّا أَنَّ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَخَلَّلَتْ الزَّوَائِدُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَوَجَبَ الضَّمُّ إلَى إحْدَاهُمَا وَالضَّمُّ إلَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْأَصْلُ فِيهِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ لَا غَيْرُهُ فَوَجَبَ الضَّمُّ إلَيْهَا ضَرُورَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْهِدَايَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ فِي عِبَارَتِهِمَا الثُّبُوتُ لَا الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ ثُمَّ الْمَسْبُوقُ بِرَكْعَةٍ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ يَصِيرُ مُوَالِيًا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ يَصِيرُ فِعْلُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ عَلِيٍّ فَكَانَ أَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْأَذْكَارِ وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي الْمُجْتَبَى الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ أَوَ أَخَّرَ الْمُقَدَّمِ سَاهِيًا أَوْ اجْتِهَادًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْرُغْ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ يُعِيدُ، وَإِنْ فَرَغَ لَا يَعُودُ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ إنْ بَدَأَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ سَهْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ إلَّا الْفَاتِحَةَ كَبَّرَ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إذَا لَمْ تَتِمَّ كَانَ امْتِنَاعًا عَنْ الْإِتْمَامِ لَا رَفْضًا لِلْفَرْضِ، وَلَوْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً وَكَبَّرَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، فَإِنْ تَحَوَّلَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَمَا كَبَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ إنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ مَا بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرَاتِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ مَا بَقِيَ، وَلَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ.
(قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ) تَوْضِيحٌ لِمَا أَبْهَمَهُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ، وَلَا يَرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي " فقعس صمعج " فَإِنَّ الْعَيْنَ الْأُولَى لِلْإِشَارَةِ إلَى الْعِيدَيْنِ فَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالزَّوَائِدِ دُونَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَإِنَّ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ لَمَّا أُلْحِقَتْ بِالزَّوَائِدِ فِي كَوْنِهِمَا وَاجِبَتَيْنِ حَتَّى يَجِبَ السَّهْوُ بِتَرْكِهِمَا سَاهِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّهُمَا الْتَحَقَتَا بِهِمَا فِي الرَّفْعِ أَيْضًا فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِالزَّوَائِدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَبَّرَ رَاكِعًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَقِيلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ عِنْدَنَا؛ وَلِهَذَا يُرْسِلُ يَدَيْهِ عِنْدَنَا وَقَدْرُهُ مِقْدَارُ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لِزَوَالِ الِاشْتِبَاهِ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ الزِّحَامِ وَقِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ الِاشْتِبَاهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ لِمَا عُلِمَ سَابِقًا فِي فَضْلِ الْقِرَاءَةِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا كَمَا يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَلَا يُوَافِقُ الْإِمَامَ فِي التَّرْكِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ)
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْوِتْرِ، وَالنَّوَافِلِ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ وَذَكَرَ هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ حَيْثُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي مَحْضِ الْقِيَامِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُكَبِّرُ وَتَكَلَّفَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَشْكَلُ أَكْثَرَ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى مَا هُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، وَمَا هُنَا صَرَّحَ بِمِثْلِهِ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُكَبِّرُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ، وَهُوَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُكَبِّرُ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ، وَلَا يُعِيدُ فِي الْفَصْلَيْنِ الْقِرَاءَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَاجِبٌ يَجِبُ بِتَرْكِهِ سُجُودُ السَّهْوِ، وَهَكَذَا فَهِمَهُ فِي الشرنبلالية مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ الْكَمَالَ صَرَّحَ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِتَرْكِ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. اهـ.
قُلْتُ وَالْمُؤَلِّفُ أَيْضًا صَرَّحَ بِذَلِكَ هُنَاكَ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ التَّكْبِيرَتَانِ فِي رُكُوعَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاتَيْ الْعِيدَيْنِ وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ بُعْدٍ لَكِنَّهُ يُرْتَكَبُ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامَيْهِ