الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَارِجُ هُوَ عِنْدَنَا دَاعٍ لَا مَانِعٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَتِمُّ إذْ يَحْصُلُ بِاسْتِفْرَاغِ مَا فِي الْبَاطِنِ تَمَامُ النَّظَافَةِ وَالْأَمَانِ مِنْ تَلْوِيثِ الْكَفَنِ عِنْدَ حَرَكَةِ الْحَامِلِينَ لَهُ فَعِنْدَنَا الْمَاءُ الْحَارُّ أَفْضَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْحُرْضُ أُشْنَانٌ غَيْرُ مَطْحُونٍ وَالْمَغْلِيُّ مِنْ الْإِغْلَاءِ لَا مِنْ الْغَلْيِ وَالْغَلَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَرَاحُ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ مَا ذُكِرَ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْخَالِصُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الطَّهَارَةُ وَيَحْصُلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَغَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اسْتِخْلَاصِ الْوَسَخِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالصَّابُونِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ نَبْتٌ يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ الْفَتْحَ لَا غَيْرُ. وَالْمُرَادُ بِهِ خِطْمِيٍّ الْعِرَاقِ.
(قَوْلُهُ وَأُضْجِعَ عَلَى يَسَارِهِ فَيُغَسَّلُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْبُدَاءَةُ مِنْ الْمَيَامِنِ وَالْمُرَادُ بِمَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ الْجَنْبَ الْمُتَّصِلَ بِالتَّخْتِ وَالتَّخْتُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يُوهِمُ أَنَّ غَسْلَ مَا يَلِي التَّحْتَ مِنْ الْجَنْبِ لَا الْجَنْبَ الْمُتَّصِلَ بِالتَّخْتِ أَمَّا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ يُفْهَمُ الْجَنْبُ الْمُتَّصِلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ مِنْ جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ أُجْلِسَ مُسْنَدًا إلَيْهِ وَمُسِحَ بَطْنُهُ رَفِيقًا، وَمَا خَرَجَ مِنْهُ غَسَلَهُ) تَنْظِيفًا لَهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ غُسْلَهُ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ وَأُضْجِعَ عَلَى يَسَارِهِ فَيُغَسَّلُ الثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْغَسْلَةَ الثَّالِثَةَ تَمَامَ السُّنَّةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ بَعْدَ إقْعَادِهِ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَغْسِلُهُ؛ لِأَنَّ التَّثْلِيثَ مَسْنُونٌ فِي غُسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا فِي
غُسْلِ الْمَيِّتِ
، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ وَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ مَغْلِيٌّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ غَسْلَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِهِمَا قَبْلَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ إجْمَالِيٌّ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمَاءِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ غَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ مِنْ غَيْرِ تَسْرِيحٍ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَغْسِلُهُ وَهَذِهِ مَرَّةٌ ثُمَّ عَلَى الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَهَذِهِ ثَانِيَةٌ ثُمَّ يُقْعِدُهُ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ يُضْجِعُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ فَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ لَكِنْ ذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ فِيهِ سِدْرٌ أَوْ حُرْضٌ، وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي مِيَاهِ الْغَسَلَاتِ بَيْنَ الْقَرَاحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاكِمِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَغْسِلَ الْأُولَيَانِ بِالسِّدْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ كَمِّيَّةَ الصَّبَّاتِ، وَفِي الْمُجْتَبَى يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ إضْجَاعٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ جَازَ.
(قَوْلُهُ، وَلَمْ يُعِدْ غُسْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ، وَقَدْ حَصَلَ مَرَّةً، وَكَذَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَيْسَ بِحَدَثٍ
؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَدَثٌ كَالْخَارِجِ فَلَمَّا لَمْ يُؤَثِّرْ الْمَوْتُ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ لَمْ يُؤَثِّرْ الْخَارِجُ وَضَبَطَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ الْغُسْلَ هُنَا بِالضَّمِّ وَفِي الْعِنَايَةِ يَجُوزُ فِيهِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ بَحْثِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَغَسْلِ الثَّوْبِ قَالَ وَالضَّابِطُ أَنَّكَ إذَا أَضَفْتَ إلَى الْمَغْسُولِ فَتَحْتَ وَإِذَا أَضَفْتَ إلَى غَيْرِ الْمَغْسُولِ ضَمَمْتَ
(قَوْلُهُ وَنُشِّفَ فِي ثَوْبٍ) كَيْ لَا يَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْمِنْدِيلُ الَّذِي يُمْسَحُ بِهِ الْمَيِّتُ بَعْدَ الْغُسْلِ كَالْمِنْدِيلِ الَّذِي يُمْسَحُ بِهِ الْحَيُّ اهـ. يَعْنِي أَنَّهُ طَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْحَنُوطَ عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ سُنَّةٌ، وَذَكَرَ الرَّازِيّ أَنَّ هَذَا الْجَعْلَ مُسْتَحَبٌّ وَالْحَنُوطُ عِطْرٌ مُرَكَّبٌ مِنْ أَشْيَاءَ طَيِّبَةٍ، وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الطِّيبِ غَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ اعْتِبَارًا بِالْحَيَاةِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْمُزَعْفَرِ لِلرِّجَالِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ جَهْلُ مَنْ يَجْعَلُ الزَّعْفَرَانَ فِي الْكَفَنِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ فِي زَمَانِنَا.
(قَوْلُهُ وَالْكَافُورَ عَلَى مَسَاجِدِهِ) زِيَادَةٌ فِي تَكْرِمَتِهَا
ــ
[منحة الخالق]
[غَسَلَ الْمَيِّت]
(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ يَقُلْ وَلِحْيَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ شَعْرٍ فِيهَا حَتَّى لَوْ كَانَ أَمْرَدَ أَوْ أَجْرَدَ لَا يُفْعَلُ
(قَوْلُهُ تَنْظِيفًا لَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لَا شَرْطَ حَتَّى لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلِهِ جَازَ لِمَا يَأْتِي؛ وَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا وَكَوْنُهُ مَغْسُولًا وَهَذَا مِمَّا لَا يُتَوَقَّفُ فِيهِ تَأَمَّلْ. اهـ.
أَقُولُ: بَلْ فِيهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا شَرْطِيَّةَ غُسْلِهِ بِكَوْنِهِ إمَامًا مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ طَهَارَتِهِ وَلِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَمْ يُغَسَّلْ، وَلَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَسَيَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ " وَشَرْطُهَا إسْلَامُ الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ " أَنَّ طَهَارَةَ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَالْبَدَنِ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ جَمِيعًا (قَوْلُهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ) عَبَّرَ فِي الْمِعْرَاجِ بِقَوْلِهِ فَبَعِيدٌ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الْغَسْلَاتِ مُرَتَّبَةً كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُفَصِّلْ فِي مِيَاهِهَا بَيْنَ الْقَرَاحِ وَغَيْرِهِ
وَصِيَانَةً لِلْمَيِّتِ عَنْ سُرْعَةِ الْفَسَادِ، وَهِيَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ جَمْعُ مَسْجِدٍ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهَا الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهَا الْجَبْهَةُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَنْفَ وَالْقَدَمَيْنِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي الْغُسْلِ اسْتِعْمَالَ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْقُطْنُ الْمَحْلُوجُ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفَمِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي صِمَاخَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي دُبُرِهِ أَيْضًا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاسْتَقْبَحَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَلَا يَقُصُّ ظُفْرَهُ وَشَعْرَهُ) ؛ لِأَنَّهَا لِلزِّينَةِ، وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ أَمَّا التَّزَيُّنُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَالِامْتِشَاطُ وَقَطْعُ الشَّعْرِ لَا يَجُوزُ وَالطِّيبُ يَجُوزُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرَاهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ الْمَيِّتِ وَذَكَرَ اللِّحْيَةَ مَعَ الشَّعْرِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ اهْتِمَامًا بِمَنْعِ تَسْرِيحِهَا، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّكْرَارِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الشَّارِحُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ تَكَسَّرَ ظُفْرُ الْمَيِّتِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الْغُسْلِ، وَمَنْ يَغْسِلُ وَالْغَاسِلَ وَحُكْمَ الْمَيِّتِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهَا قُوتِلُوا، وَلَوْ صَلَّوْا عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُسْلِ أَعَادُوا الصَّلَاةَ، وَكَذَا إذَا ذَكَرُوا قَبْلَ أَنْ يُهَالَ عَلَيْهِ التُّرَابُ يُنْزَعُ اللَّبَنُ وَيُخْرَجُ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ أَهَالُوهُ لَمْ يُنْبَشْ، وَلَمْ تُعَدْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ عُضْوٌ فَذَكَرُوهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالتَّكْفِينِ يُغَسَّلُ ذَلِكَ الْعُضْوُ وَيُعَادُ، فَإِنْ بَقِيَ أُصْبُعٌ وَنَحْوُهَا بَعْدَ التَّكْفِينِ لَا يُغَسَّلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُغَسَّلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْقُنْيَةِ وَجَدَ رَأْسَ آدَمِيٍّ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَوْ غُسِّلَ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَلَوْ مَاتَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا نَرْضَى بِغُسْلِهِ فِيهِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ فِي بَيْتِهِ مِنْ حَوَائِجِهِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ مَجَّانًا، فَإِنْ ابْتَغَى الْغَاسِلُ الْأَجْرَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأَجْرِ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِئْجَارِ الْخَيَّاطِ لِخِيَاطَةِ الْكَفَنِ وَأُجْرَةِ الْحَامِلِينَ وَالْحَفَّارِ وَالدَّفَّانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا جَرَى الْمَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ وَجَرَيَانُ الْمَاءِ وَإِصَابَةُ الْمَطَرِ لَيْسَ بِغُسْلٍ وَالْغَرِيقُ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا نَوَى الْغُسْلَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْمَاءِ يُغَسَّلُ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَةٍ يُغَسَّلُ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِيهِ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ لَا لِتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ هُوَ وَشَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَيِّتٌ غَسَلَهُ أَهْلُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ اهـ.
وَاخْتَارَهُ فِي الْغَايَةِ والإسبيجابي؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْحَيِّ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ يُغَسَّلُ مَرَّةً وَاحِدَةً) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْفَتْحِ كَانَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ ذَكَرَ فِيهَا الْقَدْرَ الْوَاجِبَ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ إلَخْ) كَانَ نُكْتَةً ذَكَرَهُ ذَلِكَ بَعْدَ كَلَامِ الْفَتْحِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ قَوْلَ قَاضِي خَانْ أَجْزَأَهُمْ وَإِطْلَاقُ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْغَايَةِ والإسبيجابي رُبَّمَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْحَلَبِيَّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَحَثَ مَعَ الْفَتْحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُفِيدُ أَنَّ الْفَرْضَ فِعْلُ الْغُسْلِ لَهُ مِنَّا حَتَّى لَوْ غَسَّلَهُ لِتَعْلِيمِ الْغَيْرِ كَفَى، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ لِإِسْقَاطِ الْوُجُوبِ بِحَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ بِتَرْكِهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مَا وَجَبَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لَا إيجَادُهُ كَالسَّعْيِ وَالطَّهَارَةِ نَعَمْ لَا يُنَالُ ثَوَابُ الْعِبَادَةِ بِدُونِهَا. اهـ.
وَنَقَلَ كَلَامَهُ الْبَاقَانِيُّ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِمَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ وُجِدَ الْمَيِّتُ فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَى بَنِي آدَمَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ فِعْلٌ. اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إسْقَاطِ الْوَاجِبِ مِنْ الْفِعْلِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَشَرْطٌ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ؛ وَلِذَا صَحَّ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ شُرُوطِهَا الْإِسْلَامُ فَظَهَرَ أَنَّ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْفَتْحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْغَايَةِ والإسبيجابي ثُمَّ الظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ الشَّرْطَ حُصُولُ الْفِعْلِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُكَلَّفِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ قِصَّةِ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِفِعْلِ صَبِيٍّ يَعْقِلُ أَيْضًا كَمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ رَدُّ السَّلَامِ بِفِعْلِهِ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ وَفِيهِمْ صَبِيٌّ فَرَدَّ السَّلَامَ وَكَمَا تَصِحُّ ذَبِيحَتُهُ مَعَ أَنَّ شَرْطَ حِلِّهَا التَّسْمِيَةُ فَهُوَ أَهْلٌ لِفِعْلِ الْوَاجِبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ الْوُجُوبُ بِحَمْلِهِ الْمَيِّتَ وَدَفْنِهِ وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ، وَأَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَهَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ فَقَالُوا يَسْقُطُ كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي بَعْضِهَا فَقَالُوا لَا وَيُؤَيِّدُ النُّسْخَةَ الْأُولَى مَا قَدَّمْنَاهُ
فَكَذَا غُسْلُ الْمَيِّتِ وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَوْتَى ضَرْبَانِ مَنْ يُغَسَّلُ وَمَنْ لَا يُغَسَّلُ وَالْأَوَّلُ ضَرْبَانِ مَنْ يُغَسَّلُ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَمِنْ يُغَسَّلُ لَا لِلصَّلَاةِ فَالْأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَلَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَالثَّانِي الْجَنِينُ الْمَيِّتُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَكَذَا الْكَافِرُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ إذَا مَاتَ، وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي وَالثَّانِي ضَرْبَانِ مَنْ لَا يُغَسَّلُ إهَانَةً وَعُقُوبَةً كَقَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْحَرْبِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَضَرْبٌ لَا يُغَسَّلُ إكْرَامًا وَفَضِيلَةً كَالشُّهَدَاءِ
وَلَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ يُغَسَّلُونَ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ لَا يُدْرَى أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟ إنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي بِقَاعِ دِيَارِ الْإِسْلَامِ يُغَسَّلُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ النِّصْفُ مَعَ الرَّأْسِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الْغَاسِلُ فَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَحِلَّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْمَغْسُولِ فَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، وَلَا الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَالْمَجْبُوبَ وَالْخَصِيَّ فَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ إذَا مَاتَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُيَمَّمُ وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الرِّجَالِ يُيَمِّمُهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفَّ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً ثُمَّ يُيَمِّمُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً يُيَمِّمُهَا الْأَجْنَبِيُّ بِغَيْرِ ثَوْبٍ، وَكَذَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ النِّسَاءِ تُيَمِّمُهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَغَيْرُهُنَّ بِثَوْبٍ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُشْتَهَى وَالصَّبِيَّةُ كَذَلِكَ غَسَّلَهُمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَالزَّوْجَةُ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا بِشَرْطِ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ الْغُسْلِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُبَانَةً بِالطَّلَاقِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مُحَرَّمَةً بِرِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لَمْ تُغَسِّلْهُ، وَلَمْ يُغَسِّلْ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ، وَكَذَا مُدَبَّرَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْكُلُّ فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِمَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِجَوَازِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُطَلَّقَةٌ، وَلَهُمَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهِمَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ
وَلَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ تُغَسِّلْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْمَسُّ حَالَ حَيَاتِهِ فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِخِلَافِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ قَائِمٌ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَأُخْتِهَا مِنْهُ فِي عِدَّتِهِ لَمْ تُغَسِّلْهُ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ لِمَا قُلْنَا اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا ارْتَدَّتْ الْمَنْكُوحَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَهُ لَا تُغَسِّلُهُ، وَكَذَا إذَا وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُنَافِي النِّكَاحَ وَتُحَرِّمُ الْمَسَّ، وَفِيهَا إذَا كَانَ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ مَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةٌ ذِمِّيَّةٌ يَعْلَمَانِ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِغُسْلِهِ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي إلَى السُّنَّةِ فَيُعَلَّمُ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ لَا تُغَسِّلُهُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْغُسْلَ فَأَهْلُ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَعِ لِلْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ الْغَاسِلُ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ كَافِرًا جَازَ وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي غُسْلِ زَوْجِهَا لَكِنَّهُ أَقْبَحُ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا غُسْلٌ، وَلَا وُضُوءٌ اهـ.
وَأَمَّا حُكْمُهُ قَبْلَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ مُحْدَثٌ، وَهُوَ سَبَبُ وُجُوبِهِ لَا لِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ بِهِ إنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ لِعَدَمِ الْحَرَجِ وَقِيلَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ قَبْلَ الْغُسْلِ نَجَّسَهُ، وَلَوْ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ لِلْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ فَيَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِالْغُسْلِ شَرْعًا كَرَامَةً لَهُ وَشَرَفًا اهـ.
وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُشْتَهَى وَالصَّبِيَّةُ كَذَلِكَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قَدَّرَهُ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ لَوْ مَاتَ مَنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ لَمْ تُغَسِّلْهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ إلَخْ) صُورَتُهَا وَطِئَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ بِشُبْهَةٍ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ فَمَاتَ فَانْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافُ زُفَرَ قَالَ فِي الْفَتْحِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي حِلِّهِ عِنْدَنَا حَالَةَ الْغُسْلِ وَعِنْدَهُ حَالَةَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي إلَخْ) أَقُولُ: تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَفِي تَطْهِيرِ النَّجَاسَاتِ أَنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ غُسَالَةَ الْمَيِّتِ نَجِسَةٌ وَأَطْلَقَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَالْمَاءُ مُسْتَعْمَلٌ لَا نَجِسٌ وَأَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ غُسَالَتَهُ لَا تَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا. اهـ.
فَهَذَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيِّتِ لِلْحَدَثِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْعَيْنِ يُخَالِفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ جَعَلَهُمَا دَلِيلًا وَالدَّلِيلُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسَلَّمًا عِنْدَ الْخَصْمِ فَمُفَادُهُ تَصْحِيحُ إطْلَاقِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ
وَقَدْ يُقَالُ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُخَصَّصُ بِمَا خُصِّصَ بِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ أَيْ يَنْجُسُ الْمَاءُ، وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ حَامِلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا فَلَوْ عُلِمَ عَدَمُ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ وَتَجُوزُ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَبِهِ يَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَدَثٌ