المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل استقبال القبلة بالفرج في الخلاء واستدبارها] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٢

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[الدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تشميت العاطس فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْقِرَاءَة مِنْ مُصْحَفٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْعَبَثُ بِالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّخَصُّرُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[عَقْصُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌ نَقْشُ الْمَسْجِدِ

- ‌[أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌[الْقُنُوت فِي غَيْرِ الْوِتْرِ]

- ‌[الصَّلَاة الْمَسْنُونَة كُلّ يَوْم]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا]

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ رَاكِبًا]

- ‌صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ

- ‌[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد بَعْد الْأَذَان]

- ‌[خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ]

- ‌[قَضَاء سُنَّةُ الْفَجْرِ]

- ‌[قَضَاء السَّنَة الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ]

- ‌ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ

- ‌[فَضْلَ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ]

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيبُ بَيْنَ صَلَاة الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ]

- ‌[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌ سُجُودَ السَّهْوِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ

- ‌[مَحَلُّ سُجُود السَّهْو]

- ‌[سَبَبُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ صَلَاةٍ

- ‌[ترك قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ]

- ‌[الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ]

- ‌[السَّهْوُ عَنْ السَّلَامِ]

- ‌[تَرَكَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا]

- ‌[سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ

- ‌ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ

- ‌ تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ]

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الْقُعُودُ فِي الصَّلَاةُ]

- ‌[لَمْ يَقْدِرْ المصلي الْمَرِيض عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ]

- ‌[صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ تَعِبَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[أَرْكَان سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[مَوَاضِع سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[تَأْخِيرُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[قَضَاء فَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[صَلَاة الْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ]

- ‌ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَة]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَة]

- ‌[أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌[السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌(بَابُ الْعِيدَيْنِ)

- ‌[الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْم الْعِيدِ]

- ‌[التَّكْبِير يَوْم الْعِيد]

- ‌[مَا يَفْعَلهُ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]

- ‌[الْأَكْلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيد]

- ‌[خُطْبَة الْعِيد]

- ‌[الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيد]

- ‌[وُقُوفُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَاتٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاة الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[دُعَاء وَاسْتِغْفَار الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِز]

- ‌[أَرْكَانُ وسنن صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[بَابُ صَلَاة الْخَوْفِ]

- ‌ حُضُورُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ

- ‌[مَا يُصْنَعُ بِالْمُحْتَضَرِ]

- ‌[تلقين الشَّهَادَةَ لِلْمُحْتَضِرِ]

- ‌ غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌[تَكْفِين الْمَيِّت]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌[حُكْم صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[شُرُوط صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[دُفِنَ الْمَيِّت بِلَا صَلَاةٍ]

- ‌[الصَّلَاة عَلَيَّ الْمَيِّت فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌(بَابُ الشَّهِيدِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

- ‌[شُرُوط أَدَاء الزَّكَاة]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْغَنَمِ]

- ‌[زَكَاة الْخَيْلِ]

- ‌[زَكَاة الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ التِّجَارَة]

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌[زَكَاة الْخَمْر وَالْخِنْزِير]

- ‌ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌ حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاة]

- ‌[دُفَعُ الزَّكَاةُ إلَى ذِمِّيٍّ]

- ‌[بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَكْفِينِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَشِرَاءِ قِنٍّ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةَ لَبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ]

- ‌[دَفَعَ الزَّكَاة بِتَحَرٍّ فَبَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌[حُكْم صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب صَدَقَةِ الْفِطْر]

- ‌[عَنْ مِنْ تَخْرُجْ صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[مِقْدَار صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[وَقْتِ وُجُوبِ أَدَاء صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌[شُرُوط الصِّيَامِ]

- ‌[أَقْسَام الصَّوْمِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُت شَهْر رَمَضَان]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي عَوَارِضِ الْفِطْر فِي رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَقَلُّ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[أعتكاف الْمَرْأَةُ]

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[وَاجِبَاتُ الْحَجِّ]

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌ مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ

- ‌[قَتْلُ الصَّيْدِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْقَبَاءِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[الِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ الْحَمَّامِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ]

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

الفصل: ‌[فصل استقبال القبلة بالفرج في الخلاء واستدبارها]

وَأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَنَفْيِ الْفَضِيلَةِ حَتَّى لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ يَفُوتُهُ يُصَلِّي لِأَنَّ الْأَدَاءَ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ قَلِيلٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا لَوْ تَرَوَّحَ عَلَى نَفْسِهِ بِمِرْوَحَةٍ أَوْ كُمِّهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْكَرَاهَةِ فِي الصَّلَاةِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا خَارِجَهَا مِمَّا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ كُرِهَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا) وَالْخَلَاءُ بِالْمَدِّ بَيْتُ التَّغَوُّطِ وَأَمَّا بِالْقَصْرِ فَهُوَ النَّبْتُ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ لِمَا أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرَّبُوا» وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ كَرَاهَةَ الِاسْتِدْبَارِ كَالِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْفَضَاءَ وَالْبُنْيَانَ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ نَسِيَ فَجَلَسَ مُسْتَقْبِلًا فَذَكَرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِانْحِرَافُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ لِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مَرْفُوعًا «مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَانْحَرَفَ عَنْهَا إجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ» وَكَمَا يُكْرَهُ لِلْبَالِغِ ذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَمْسِكَ الصَّبِيَّ نَحْوَهَا لِيَبُولَ وَقَالُوا يُكْرَهُ أَنْ يَمُدَّ رِجْلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ كُتُبِ الْفِقْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ الْمُحَاذَاةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَغَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114] وَالْإِغْلَاقُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ فَيُكْرَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ اهـ.

وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَالْمَدَارُ خَشْيَةُ الضَّرَرِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي زَمَانِنَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ثَبَتَ كَذَلِكَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَلَا أَوْ فِي بَعْضِهَا فَفِي بَعْضِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْعِنَايَةِ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْغَلْقِ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَإِنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَجَعَلُوهُ مُتَوَلِّيًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَوَلِّيًا اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَكَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ يَكْرَهُونَ شَدَّ الْمَصَاحِفِ وَاتِّخَاذَ الْمُشِدَّةِ لَهَا كَيْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمَنْعِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ فَوْقَهُ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ اهـ.

وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ جَهْلُ بَعْضِ مُدَرِّسِي زَمَانِنَا مِنْ مَنْعِهِمْ مَنْ يَدْرُسُ فِي مَسْجِدٍ تَقَرَّرَ فِي تَدْرِيسِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِمْ لِذَلِكَ زَاعِمِينَ الِاخْتِصَاصَ بِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ حَتَّى سَمِعْت مِنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُضِيفُهَا إلَى نَفْسِهِ وَيَقُولُ هَذِهِ مَدْرَسَتِي أَوْ لَا تَدْرُسْ فِي مَدْرَسَتِي وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا غَضِبَ عَلَى شَخْصٍ يَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ خُصُوصًا بِسَبَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَهَذَا كُلُّهُ جَهْلٌ عَظِيمٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] وَمَا تَلَوْنَاهُ مِنْ الْآيَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا أَنْ يَمْنَعَ مُؤْمِنًا مِنْ عِبَادَةٍ يَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ إلَّا لَهَا مِنْ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَذِكْرٍ شَرْعِيٍّ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَتَعَلُّمِهِ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ مَخْصُوصٌ لِأَحَدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْمُدَرِّسِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يُدَرِّسُ فِيهِ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ إزْعَاجُهُ وَإِقَامَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْعَصْرِ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ شَغَلَهُ غَيْرُهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَهُ أَنْ يُزْعِجَهُ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا اهـ.

وَمِنْ الْفُرُوعِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مُدَرِّسَ الْمَسْجِدِ كَغَيْرِهِ مَا قَالَهُ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا لَيْسَ لِلْمُدَرِّسِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ بَيْتِهِ بَابًا إلَى الْمَسْجِدِ وَإِنْ فَعَلَ أَدَّى ضَمَانَ نُقْصَانِ الْجِدَارِ إنْ وَقَعَ فِيهِ اهـ.

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ مُدَرِّسِي الْأَرْوَامِ يَعْتَقِدُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَهُ مُدَرِّسٌ أَنَّهُ مَدْرَسَةٌ وَلَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَتَّى يَنْتَهِكَ حُرْمَتَهُ بِالْمَشْيِ فِيهِ بِنَعْلِهِ الْمُتَنَجِّسِ مَعَ تَصْرِيحِ الْوَاقِفِ بِجَعْلِهِ مَسْجِدًا وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الْمَسْجِدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْوَقْفِ

[الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ]

(قَوْلُهُ وَالْوَطْءُ فَوْقَهُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي) أَيْ وَكُرِهَ الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَكَذَا الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ لِأَنَّ سَطْحَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ مِنْهُ بِمَنْ تَحْتَهُ وَلَا

ــ

[منحة الخالق]

[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

فَصْلٌ (قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِانْحِرَافُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهَا فَانْحَرَفَ عَنْهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ

ص: 36

يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالصُّعُودِ إلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْجُنُبِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ الْآيَةَ ظَنِّيَّةُ الدَّلَالَةِ لِأَنَّهَا مُحْتَمِلَةٌ كَوْنَ التَّحْرِيمِ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَبِمِثْلِهَا لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ وَلِأَنَّ تَطْهِيرَهُ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] وَلِمَا أَخْرَجَهُ الْمُنْذِرِيُّ مَرْفُوعًا «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ» اهـ.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَرَاهِيَةِ إخْرَاجِ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فَلِذَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الدُّهْنَ الْمُتَنَجِّسَ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّجْنِيسِ وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَتَعَاهَدَ النَّعْلَ وَالْخُفَّ عَنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ قِيلَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ يَكْرَهُ خَلْعَ النَّعْلَيْنِ وَيَرَى الصَّلَاةَ مَعَهَا أَفْضَلَ لِحَدِيثِ خَلْعِ النِّعَالِ وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ لَهُ زَوْجَانِ مِنْ نَعْلٍ إذَا تَوَضَّأَ انْتَعَلَ بِأَحَدِهِمَا إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَخْلَعُهُ وَيَنْتَعِلُ بِالْآخَرِ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَى مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَلِهَذَا قَالُوا إنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النِّعَالِ وَالْخِفَافِ الطَّاهِرَةِ أَقْرَبُ إلَى حُسْنِ الْأَدَبِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ وَالْمَضْمَضَةُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعٌ فِيهِ اُتُّخِذَ لِلْوُضُوءِ وَلَا يُصَلَّى فِيهِ زَادَ فِي التَّجْنِيسِ لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَقْتَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ وَجَدَ الطَّرِيقَ انْصَرَفَ وَتَوَضَّأَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ يَجْلِسُ وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَإِنْ وَجَدَ مَاءً فِي الْمَسْجِدِ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَقَعَ الْمَاءُ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ بِحَيْثُ لَا يُنَجِّسُ الْمَسْجِدَ وَيَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ عَلَى التَّقْدِيرِ ثُمَّ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا وَيُكْرَهُ مَسْحُ الرَّجُلِ مِنْ الطِّينِ وَالرَّدْغَةِ بِأُسْطُوَانَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَإِنْ مَسَحَ بِبُرْدَيْ الْمَسْجِدِ أَوْ بِقِطْعَةِ حَصِيرٍ مُلْقَاةٍ فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَيْسَ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَلَا لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَهَكَذَا قَالُوا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَإِنْ مَسَحَ بِتُرَابٍ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ مَجْمُوعًا لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ مُنْبَسِطًا يُكْرَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الْأَرْضِ فَكَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنْ مَسَحَ بِخَشَبَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذِهِ الْخَشَبَةِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلَا يَكُونُ لَهَا حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَكَذَا إذَا مَسَحَ بِحَشِيشٍ مُجْتَمِعٍ أَوْ حَصِيرٍ مُخَرَّقٍ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ إنَّمَا الْحُرْمَةُ لِلْمَسْجِدِ. اهـ.

وَلِكَوْنِ الْمَسْجِدِ يُصَانُ عَنْ الْقَاذُورَاتِ وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً يُكْرَهُ الْبُصَاقُ فِيهِ وَلَا يُلْقَى لَا فَوْقَ الْبَوَارِي وَلَا تَحْتَهَا لِلْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «إنَّ الْمَسْجِدَ لَيَنْزَوِي مِنْ النُّخَامَةِ كَمَا يَنْزَوِي الْجِلْدُ مِنْ النَّارِ» وَيَأْخُذُ النُّخَامَةَ بِكُمِّهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَانَ الْبُصَاقُ فَوْقَ الْبَوَارِي خَيْرًا مِنْ الْبُصَاقِ تَحْتَهَا لِأَنَّ الْبَوَارِيَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ حَقِيقَةً وَلَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ

فَإِذَا اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بَوَارٍ يَدْفِنُهَا فِي التُّرَابِ وَلَا يَدَعُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَالُوا إذَا نُزِحَ الْمَاءُ النَّجِسُ مِنْ الْبِئْرِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَبُلَّ بِهِ الطِّينَ فَيُطَيِّنُ بِهِ الْمَسْجِدَ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ نَجَاسَةَ الطِّينِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَيُكْرَهُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْبِيعَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ نَفْعٌ لِلْمَسْجِدِ كَأَنْ يَكُونَ ذَا نَزٍّ أَوْ أُسْطُوَانِيَّةٌ لَا تَسْتَقِرُّ فَيَغْرِسُ لِيَجْذِبَ عُرُوقَ الْأَشْجَارِ ذَلِكَ النَّزُّ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّمَا جَوَّزَ مَشَايِخُنَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِبُخَارَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ قَالُوا وَلَا يُتَّخَذُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرُ مَاءِ لِأَنَّهُ يُخِلُّ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَإِنْ حَفَرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ ذَا نَزٍّ) أَيْ صَاحِبَ نَزٍّ بِالنُّونِ وَالزَّايِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ النَّزُّ وَالنِّزُّ مَا يَتَحَلَّبُ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ الْمَاءِ وَقَدْ نَزَّتْ الْأَرْضُ صَارَتْ ذَاتَ نَزٍّ وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ الْغَرْسِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا إبْقَاؤُهُ فِيهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْعُذْرِ وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا كَمَسْجِدِ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِغْلَالَ لِلْمَسْجِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَجْوِيزِ إحْدَاثِ دُكَّانٍ فِيهِ أَوْ بَيْتٍ لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ تَجْوِيزِ إبْقَاءِ ذَلِكَ بَعْدَ إحْدَاثِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ بِلَا ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ مَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ لِأَجْلِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَدْ رَأَيْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ الْحَلَبِيِّ أَلَّفَهَا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَرَأَيْت فِي آخِرِهَا بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ.

ص: 37

فَهُوَ ضَامِنٌ بِمَا حَفَرَ إلَّا أَنَّ مَا كَانَ قَدِيمًا فَيُتْرَكُ كَبِئْرِ زَمْزَمَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِ عُشِّ الْخُفَّاشِ وَالْحَمَامِ لِأَنَّ فِيهِ تَنْقِيَةَ الْمَسْجِدِ مِنْ زُرْقِهَا وَقَالُوا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعْمَلَ فِيهِ الصَّنَائِعُ لِأَنَّهُ مُخْلَصٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْخَيَّاطِ إذَا جَلَسَ فِيهِ لِمَصْلَحَتِهِ مِنْ دَفْعِ الصِّبْيَانِ وَصِيَانَةِ الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ بِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَدُقُّ الثَّوْبَ عِنْدَ طَيِّهِ دَقًّا عَنِيفًا وَاَلَّذِي يُكْتَبُ إنْ كَانَ بِأَجْرٍ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَا يُكْرَهُ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا إذَا كَتَبَ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ لِأَنَّهُ فِي عِبَادَةٍ

أَمَّا هَؤُلَاءِ الْمُكْتِبُونَ الَّذِينَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ الصِّبْيَانُ وَاللَّغَطُ فَلَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَغَطٌ لِأَنَّهُمْ فِي صِنَاعَةٍ لَا عِبَادَةٍ إذْ هُمْ يَقْصِدُونَ الْإِجَارَةَ لَيْسَ هُوَ لِلَّهِ بَلْ لِلِارْتِزَاقِ وَمُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ كَالْكَاتِبِ إنْ كَانَ لِأَجْرٍ لَا وَحِسْبَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَّخِذُهُ طَرِيقًا إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ وَبِعُذْرٍ يَجُوزُ ثُمَّ إذَا جَازَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَرَّةً اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ يَعْتَادُ الْمُرُورَ فِي الْجَامِعِ يَأْثَمُ وَيَفْسُقُ وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ قِيلَ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ وَقِيلَ يُصَلِّي ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ وَقِيلَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْدَامًا لِمَا جَنَى وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ مَكَان فِي الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ

أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامِ ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ الْجَوَامِعُ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ مَرْتَبَةً حَتَّى لَا يَعْتَكِفُ فِيهَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ وَإِذَا قَسَّمَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْمَسْجِدَ وَضَرَبُوا فِيهِ حَائِطًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ إمَامٌ عَلَى حِدَةٍ وَمُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مُؤَذِّنٌ كَمَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَ الْوَاحِدَ مَسْجِدَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسْجِدَيْنِ وَاحِدًا لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَاتِ أَمَّا لِلتَّدْرِيسِ أَوْ لِلتَّذْكِيرِ فَلَا لِأَنَّهُ مَا بُنِيَ لَهُ وَإِنْ جَازَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيمُ فِي دُكَّانٍ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ اهـ.

مَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ تَدْبِيرُهُ وَعِمَارَتُهُ وَإِصْلَاحُهُ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ فَلِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْجَامِعَ مَسْجِدَيْنِ بِضَرْبِ حَائِطٍ وَنَحْوِهِ كَمَا لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ. وَلَا بُدَّ أَنْ نَذْكُرَ أَحْكَامَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فَنَقُولُ هِيَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَحِيَّةِ رَبِّ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إلَى الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ فَإِنَّمَا يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى سُنِّيَّتِهَا غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَنَا يَكْرَهُونَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ تَقْدِيمًا لِعُمُومِ الْحَاظِرِ عَلَى عُمُومِ الْمُبِيحِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ رَكْعَتَانِ لَهَا فِي الْيَوْمِ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْحَاكِمِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْحُكْمِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ عِنْدَنَا إنْ شَاءَ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ دُخُولِهِ وَإِنْ شَاءَ صَلَّاهَا عِنْدَ انْصِرَافِهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْجُلُوسِ لِأَنَّهَا لِتَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَحُرْمَتِهِ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ صَلَّاهَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ التَّحِيَّةِ أَنَّهُ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي أَوْ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا يُصَلِّي كُلَّمَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ. اهـ.

قُلْت وَيَشْهَدُ لِقَوْلِ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» وَإِنَّمَا قُلْنَا بِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِالْجُلُوسِ لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ دَخَلْت الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا فَقُمْت فَرَكَعْتُهُمَا» اهـ.

وَقَدْ قَالُوا إنَّ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا عِنْدَ دُخُولِهِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً فَإِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ نَوَى التَّحِيَّةَ مَعَ الْفَرْضِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 38