الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لُزُومُ سَبْعَةٍ اعْتِبَارًا لِلْقِيمَةِ أَخْذًا مِنْ دَلِيلِهِ مِنْ أَنَّ الضَّمَّ لَيْسَ إلَّا لِلْمُجَانَسَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، وَهُوَ الْقِيمَةُ لَا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجِبُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ نِصَابٌ تَامٌّ نِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ فَيَجِبُ فِي كُلِّ نِصْفٍ رُبْعُ عُشْرِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ تَجِبُ الزَّكَاةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةٌ، وَقِيمَتُهُ لِصِنَاعَتِهِ مِائَتَانِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَ انْفِرَادِهَا، وَلَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهَا اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَقِيمَةُ الدَّنَانِيرِ لَا تُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَهُ، وَيُضَمُّ الْأَقَلُّ إلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ فَلَا يَكْمُلُ النِّصَابُ بِهِ،
وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُضَمُّ الْأَكْثَرُ إلَى الْأَقَلِّ اهـ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ قِيمَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمِّ الْأَقَلِّ إلَى الْأَكْثَرِ أَوْ عَكْسِهِ
(بَابُ الْعَاشِرِ)
أَخَّرَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِتَمَحُّضِ مَا قَبْلَهُ زَكَاةً بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ عَشَرْتُهُ أَعْشُرُهُ عُشْرًا بِالضَّمِّ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ فِي مُتَعَلَّقِ أَخْذِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ أَوْ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَهُوَ أَخْذُهُ الْعُشْرَ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَالْإِدْوَارُ مُرَكَّبٌ فَيَتَعَسَّرُ التَّلَفُّظُ بِهِ وَالْعُشْرُ مُنْفَرِدٌ فَلَا يَتَعَسَّرُ (قَوْلُهُ هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ) أَيْ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ مِنْ التُّجَّارِ الْمَارِّينَ بِأَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِ قَالُوا: وَإِنَّمَا يُنَصَّبُ لِيَأْمَنَ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّ الْجِبَايَةَ بِالْحِمَايَةِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْآيَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا هَاشِمِيًّا لِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الزَّكَاةِ اهـ.
بِلَفْظِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْيَهُودِ فِي زَمَانِنَا عَلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ، وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ أَيْضًا قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نُصِّبَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ السَّاعِي، وَهُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي الْقَبَائِلِ لِيَأْخُذَ صَدَقَةَ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا وَالْمُصَدِّقُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ اسْمُ جِنْسٍ لَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَالً الزَّكَاةِ نَوْعَانِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ الْمَوَاشِي، وَالْمَالُ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ، وَبَاطِنٌ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَأَمْوَالُ التِّجَارَةِ فِي مَوَاضِعِهَا أَمَّا الظَّاهِرُ فَلِلْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ، وَهُمْ الْمُصَدِّقُونَ مِنْ السُّعَاةِ وَالْعُشَّارِ وِلَايَةُ الْأَخْذِ لِلْآيَةِ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَلِجَعْلِهِ لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا حَقًّا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَتُهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ، وَلَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ بَعْثِهِ عليه الصلاة والسلام لِلْقَبَائِلِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ حَتَّى قَاتَلَ الصِّدِّيقُ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّوَائِمَ تَحْتَاجُ إلَى الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْبَرَارِي بِحِمَايَةِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ إذَا أَخْرَجَهُ فِي السَّفَرِ احْتَاجَ إلَى الْحِمَايَةِ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا مَالِكُهَا مِنْ الْمِصْرِ لِفَقْدِ هَذَا الْمَعْنَى
وَفِي الْبَدَائِعِ: وَشَرْطُ وِلَايَةِ الْأَخْذِ وُجُودُ الْحِمَايَةِ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ لَوْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ الصَّدَقَاتِ، وَمِنْهَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ زَكَاةٌ فَيُرَاعَى شَرَائِطُهَا كُلُّهَا، وَمِنْهَا ظُهُورُ الْمَالِ وَحُضُورُ الْمَالِكِ فَلَوْ حَضَرَ وَأَخْبَرَ بِمَا فِي بَيْتِهِ أَوْ حَضَرَ مَالُهُ مَعَ
ــ
[منحة الخالق]
[بَابُ الْعَاشِرِ]
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ إلَخْ) بَيَانُهُ مَا فِي النِّهَايَةِ الْعَاشِرُ لُغَةً مِنْ عَشَرْت الْقَوْمَ أَعْشُرُهُمْ بِالضَّمِّ عُشْرًا مَضْمُومَةً إذَا أَخَذْت مِنْهُمْ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ فَعَلَى هَذَا تَسْمِيَةُ الْعَاشِرِ الَّذِي يَأْخُذُ الْعُشْرَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعَشْرِ، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ عَلَى مَا يَجِيءُ وَلَكِنْ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ فَجَازَ إطْلَاقُ اسْمِ الْعَاشِرِ عَلَيْهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ إلَخْ جَوَابٌ آخَرُ لِصَاحِبِ الْعِنَايَةِ، وَفِي النَّهْرِ عَنْ السَّعْدِيَّةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْعُشْرُ عَلَمٌ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ عُشْرًا لُغَوِيًّا أَوْ رُبْعَهُ أَوْ نِصْفَهُ
مُسْتَبْضِعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا أَخْذَ، وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ مَشْرُوعٌ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّ الْعَشَّارِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ ظُلْمًا كَمَا تَفْعَلُهُ الظَّلَمَةُ الْيَوْمَ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ فَقَالَ لَهُ: أَتَسْتَعْمِلُنِي عَلَى الْمَكْسِ مِنْ عَمَلِك فَقَالَ: أَلَا تَرْضَى أَنْ أُقَلِّدَك مَا قَلَّدَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ مَنْ قَسَّمَ الْجِبَايَاتِ وَالْمُؤَنَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى السَّوِيَّةِ يَكُونُ مَأْجُورًا. اهـ.
(قَوْلُهُ فَمَنْ قَالَ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ أَوْ عَلَيَّ دَيْنٌ أَوْ أَدَّيْتُ أَنَا أَوْ إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَحَلَفَ صُدِّقَ إلَّا فِي السَّوَائِمِ فِي دَفْعِهِ بِنَفْسِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَلِإِنْكَارِهِ الْوُجُوبَ وَقَدَّمْنَا أَنَّ شَرْطَ وِلَايَةِ الْأَخْذِ وُجُودُ الزَّكَاةِ فَكُلُّ مَا وُجُودُهُ مُسْقَطٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا ادَّعَاهُ، وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ تَمَامِ الْحَوْلِ نَفْيُهُ عَمَّا فِي يَدِهِ، وَمَا فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَالٌ آخَرُ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَمَا مَرَّ بِهِ لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ فَإِنَّ الْعَاشِرَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِوُجُوبِ الضَّمِّ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ إلَّا لِمَانِعٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَيَّدَ فِي الْمِعْرَاجِ الدَّيْنَ بِدَيْنِ الْعِبَادِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مِنْهُ دَيْنَ الزَّكَاةِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّيْنِ فَشَمِلَ الْمُسْتَغْرِقَ لِلْمَالِ وَالْمُنْقِصَ لِلنِّصَابِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُحِيطِ لِمَالِهِ وَانْدَفَعَ مَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَاشِرَ يَسْأَلُهُ عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ يُصَدِّقُهُ، وَإِلَّا لَا يُصَدِّقُهُ. اهـ.
لِأَنَّ الْمُنْقِصَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمَارَّ إذَا قَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْمَالِ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ النَّفْيِ
وَفِيهِ أَيْضًا إذَا أَخْبَرَ التَّاجِرُ الْعَاشِرَ أَنَّ مَتَاعَهُ مَرْوِيٌّ أَوْ هَرَوِيٌّ وَاتَّهَمَهُ الْعَاشِرُ فِيهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ حَلَّفَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِضْرَارِ بِهِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ: وَلَا تُفَتِّشُوا عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّهُ ادَّعَى وَضْعَ الْأَمَانَةِ مَوْضِعَهَا، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرٌ آخَرُ، وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِيَقِينٍ، وَمُرَادُهُ أَيْضًا مَا إذَا أَدَّى بِنَفْسِهِ فِي الْمِصْرِ إلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فِيهِ وَوِلَايَةُ الْأَخْذِ بِالْمُرُورِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْحِمَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ بِنَفْسِهِ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِصْرِ لَا يُقْبَلُ، وَإِنَّمَا لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَدَّيْتُ بِنَفْسِي صَدَقَةَ السَّوَائِمِ إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِلسُّلْطَانِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ثُمَّ قِيلَ الزَّكَاةُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي سِيَاسَةٌ وَقِيلَ هُوَ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ يَنْقَلِبُ نَفْلًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْإِمَامُ لِعِلْمِهِ بِأَدَائِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ تَبْرَأُ دِيَانَةً، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ لَوْ أَجَازَ الْإِمَامُ إعْطَاءَهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يُعْطِيَ إلَى الْفُقَرَاءِ بِنَفْسِهِ جَازَ فَكَذَا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ اهـ.
وَإِنَّمَا حَلَفَ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَادَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا بِلَا تَحْلِيفٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ، وَهُوَ الْعَاشِرُ فِي الْأَخْذِ، وَهُوَ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ فَيَحْلِفُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ مُتَعَذِّرٌ فِي الْحُدُودِ عَلَى مَا عُرِفَ وَبِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا مُكَذِّبَ لَهُ فِيهَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْحَلِفِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إخْرَاجُ الْبَرَاءَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى عَاشِرٍ آخَرَ تَبَعًا لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَلَمْ يُعْتَبَرُ عَلَامَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرَطَهُ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى وَلِصِدْقِ دَعْوَاهُ عَلَامَةً فَيَجِبُ إبْرَازُهَا، وَفِي الْمِعْرَاجِ ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَشْتَرِطُ إخْرَاجَ الْبَرَاءَةِ هَلْ يَشْتَرِطُ الْيَمِينَ مَعَهَا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا أَتَى بِالْبَرَاءَةِ عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْمُصَدِّقِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَكَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ دَلِيلُ كَذِبِهِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ذَكَرَ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَإِنْ جَازَ تَرْكُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمَنْطُوقِ بِالْمَفْهُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِمَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ بِمَا يَنْقُلُهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ، وَهُوَ صَرِيحٌ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْخَبَّازِيَّةِ هَكَذَا، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ زَكَاةً حَتَّى شُرِطَتْ فِيهِ شَرَائِطُ الزَّكَاةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لِلْقُدُورِيِّ اهـ.
إنَّهَا عِبَادَةٌ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَحْضَةِ، وَفِي الْمُحِيطِ حَلَفَ أَنَّهُ أَدَّى الصَّدَقَةَ إلَى مُصَدِّقٍ آخَرَ وَظَهَرَ كَذِبُهُ أَخَذَهُ بِهَا، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ سِنِينَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ ثَابِتٌ فَلَا يَسْقُطُ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِيهِ الْمُسْلِمُ صُدِّقَ فِيهِ الذِّمِّيُّ) لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الزَّكَاةِ تَحْقِيقًا لِلتَّضْعِيفِ، وَفِي التَّبْيِينِ لَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ، وَفِي الْجِزْيَةِ لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتُهَا أَنَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا بِمَصَارِفَ لِهَذَا الْحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ اهـ.
وَقَوْلُهُمْ: مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةً أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُهَا مِنْ كَوْنِهِ يُصْرَفُ مَصَارِفَهَا لَا أَنَّهُ جِزْيَةٌ حَتَّى لَا تَسْقُطَ جِزْيَةُ رَأْسِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَاسْتَثْنَى فِي الْبَدَائِعِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ صَالَحَهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ فَإِذَا أَخَذَ الْعَاشِرُ مِنْهُمْ ذَلِكَ سَقَطَتْ الْجِزْيَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَا الْحَرْبِيُّ إلَّا فِي أُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي جَارِيَةٍ فِي يَدِهِ قَالَ هِيَ أُمُّ وَلَدِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَكَذَا فِي الْجَوَارِي؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْحِمَايَةِ لَا زَكَاةً، وَلَا ضِعْفَهَا فَلَا يُرَاعَى فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ؛ وَلِذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى كَلَامِهِ أَوْ لَا يُتْرَكُ الْأَخْذُ مِنْهُ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ دُونَ أَنْ يُقَالَ: وَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَافِرِينَ مَعَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَخَذَ مِنْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعُمُومِ مَا إذَا قَالَ الْحَرْبِيُّ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَثَمَّةَ عَاشِرٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِئْصَالِ جَزَمَ بِهِ مُنْلَا شَيْخٌ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا وَتَبِعَهُ فِي التَّبْيِينِ
وَأَشَارَ بِاسْتِثْنَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي حَقِّ غُلَامٍ مَعَهُ هَذَا وَلَدِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يُعَشَّرُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا يَثْبُتُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِلنَّسَبِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُعَشَّرُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ اهـ.
وَقُيِّدَ بِأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِتَدْبِيرِ عَبْدِهِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَصِحُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ مَرَّ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ فَإِنْ كَانُوا يَدِينُونَ أَنَّهَا مَالٌ أَخَذَ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْ مَالٍ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنَّا رُبْعُ الْعُشْرِ، وَمِنْ الذِّمِّيِّ ضِعْفُهُ، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرُ بِشَرْطِ نِصَابٍ، وَأَخْذِهِمْ مِنَّا) بِذَلِكَ أَمَرَ عُمَرَ رضي الله عنه سُعَاتَهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمُسْلِمِ زَكَاةٌ، وَمِنْ الذِّمِّيِّ صَدَقَةٌ مُضَاعَفَةٌ تُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ، وَلَيْسَتْ بِجِزْيَةٍ حَقِيقَةً، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ بِطَرِيقِ الْحِمَايَةِ، وَتُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ بِشَرْطِ نِصَابٍ بِالثَّلَاثَةِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَأَمَّا فِي الْحَرْبِيِّ فَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ إذَا مَرَّ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا مِنْ مِثْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ، وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ لَا نَأْخُذُ مِنْ الْقَلِيلِ وَإِنْ كَانُوا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِي الْجِزْيَةِ لَا يُصَدَّقُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: فَلَوْ ثَبَتَ أَخْذُهَا مِنْهُ لَمْ تُؤْخَذْ ثَانِيًا إذَا كَانَ الْآخِذُ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ: مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ إلَخْ) أَقُولُ: صَرَّحَ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ بِأَنَّهُ جِزْيَةٌ حَقِيقَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِهَا بِأَنَّهَا جِزْيَةٌ تُؤْخَذُ عَلَى مَالِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ سُقُوطُ جِزْيَةِ رَأْسِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْجِزْيَةُ نَوْعَانِ جِزْيَةُ رَأْسٍ، وَجِزْيَةُ مَالٍ، وَسُمِّيَ الْمَأْخُوذُ عَلَى مَالِهِ جِزْيَةً كَمَا سَمَّى عُمَرُ رضي الله عنه الْمَأْخُوذَ مِنْ مَالِ بَنِي تَغْلِبَ جِزْيَةً، وَإِنْ كَانَ ضِعْفَ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ جِزْيَةً أَوْلَى مِنْ تَسْمِيَتُهُ صَدَقَةً لِكَوْنِهِمْ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا إلَّا أَنَّهُمْ لَيْسَ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ جِزْيَةٌ لِرُءُوسِهِمْ غَيْرَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعُمُومِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى حَصْرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَدَّيْتُ إلَى عَاشِرٍ، وَثَمَّةَ عَاشِرٌ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ السُّرُوجِيُّ: وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِئْصَالِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْعَيْنِيُّ، وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَارْتَضَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَحَقُّ مَا إلَيْهِ يَذْهَبُ اهـ.
(قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ مُنْلَا شَيْخٌ) هُوَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِغُرَرِ الْأَفْكَارِ فِي شَرْحِ دُرَرَ الْبِحَارِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إلْيَاسَ الْقُونَوِيِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُنْلَا خُسْرو، وَهُوَ تَحْرِيفٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ كَعِبَارَةِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ: وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِلنَّسَبِ) أَيْ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيُدَارُ الْأَمْرُ عَلَى دِيَانَتِهِمْ فَإِذَا دَانُوا ذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوْ مَرَّ بِجَلْدِ الْمَيْتَةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى النِّهَايَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ مَرَّ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ إلَخْ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي بَلْ التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْ مَالٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَبِهِ يُعْلَمُ حُرْمُهُ مَا يَفْعَلُهُ