الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْلَى اهـ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِرَاحَةَ لَمْ تُوجَدْ أَصْلًا فِي مَسْأَلَةِ الْكَافِي إلَّا عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ الِاسْتِرَاحَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ حُسَامُ الدَّيْنِ فِي تَأْلِيفٍ لَهُ خَاصٌّ بِالتَّرَاوِيحِ لِاسْتِرَاحَةٍ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ لَا تُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ اهـ.
بِخِلَافِ فِعْلِ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّ الِاسْتِرَاحَةَ قَدْ وُجِدَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَامَّةً فَكَيْفَ تَكُونُ مَكْرُوهَةً بِالْأَوْلَى وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِانْتِظَارٍ بَعْدَ كُلِّ تَرْوِيحَةٍ بَدَلَ قَوْلِهِ بِجِلْسَةٍ لَكَانَ أَوْلَى وَفِي الْخَانِيَّةِ يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّكَاسُلِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَبُّهَ بِالْمُنَافِقِينَ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فَفِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّ أَدَاءَ الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ وَفِي النِّهَايَةِ اخْتَارَ عُلَمَاؤُنَا أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ لَا بِجَمَاعَةٍ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّرَاوِيحِ لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِيهِ فِي رَمَضَانَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَانَ لَا يَؤُمُّهُمْ اهـ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوْتَرَ بِهِمْ ثُمَّ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَأَخُّرِهِ عَنْ مِثْلِ مَا صَنَعَ فِيمَا مَضَى فَالْوِتْرُ كَالتَّرَاوِيحِ فَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا سُنَّةٌ فَكَذَلِكَ فِي الْوِتْرِ وَلَوْ صَلَّوْا الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ صَحِيحٌ مَكْرُوهٌ كَالتَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ بِجَمَاعَةٍ وَقَيَّدَهُ فِي الْكَافِي بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي أَمَّا لَوْ اقْتَدَى وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا يُكْرَهُ وَإِذَا اقْتَدَى ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنْ اقْتَدَى أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كُرِهَ اتِّفَاقًا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ جَمَاعَةً لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْجَمَاعَةِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ التَّرَاوِيحَ جَمَاعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَمَنْ رَامَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ التَّرَاوِيحِ فَعَلَيْهِ بِمُؤَلَّفِ خَاصٍّ بِهَا لِلْإِمَامِ الْأَجَلِّ حُسَامِ الدِّينِ قَدْ اطَّلَعْت عَلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)
حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَكُلُّهُ مَسَائِلُ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَأُقِيمَ يُتِمُّ شَفْعًا وَيَقْتَدِي) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ نَقْضَ الْعِبَادَةِ قَصْدًا بِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَلِإِفْضَائِهِ إلَى السَّفَهِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ فَرْضًا وَأَنَّ النَّقْضَ لِلْإِكْمَالِ إكْمَالٌ مَعْنًى فَيَجُوزُ كَنَقْضِ الْمَسْجِدِ لِلْإِصْلَاحِ وَكَنَقْضِ الظُّهْرِ لِلْجُمُعَةِ وَكَمَنْ أَصَابَ جَبْهَتَهُ شَوْكٌ فِي سُجُودِهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إلَخْ) أَقُولُ: أَظُنُّ أَنَّ لَفْظَةَ تَرَكَ فِي عِبَارَةِ الْحَلَبِيِّ زَائِدَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ أَلْحَقَهَا اسْتِبْعَادًا لَأَنْ يَكُونَ شَأْنُ الْأَئِمَّةِ ذَلِكَ إذْ شَأْنُهُمْ الْمُسَاهَلَةُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَانِهِ وَإِنْ ثَبَتَ مَا قُلْنَا يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ عَنْ كَلَامِ هَذَا الْعَلَّامَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَلَامٌ مُتَهَافِتٌ يَبْعُدُ صُدُورُهُ مِنْ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالُوا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْحَلَبِيُّ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ مِنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مَعَ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ اهـ.
قُلْت: لَكِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرُ الْمَذْكُورَةِ هُنَا لِأَنَّ هَذِهِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَالْمَذْكُورَةُ هُنَا بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ.
(قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ إلَّا أَنَّ سُنِّيَّتَهَا لَيْسَتْ كَسُنِّيَّةِ جَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ اهـ.
وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّوْا الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَلَّلَ لَهُ فِي الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ بِأَنَّهَا نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهَا وَتُؤَدَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالنَّفَلُ بِالْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ وَلِأَنَّهُ لَمْ تَفْعَلْهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ وَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ تَأَمَّلْ.
[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]
(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)(قَوْلُهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ) كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَعَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ شُرُوعًا فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ بَيَانِ إدْرَاكِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالنَّوَافِلِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى إذْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُبَوِّبُونَ لِمَسَائِلَ شَتَّى بَابًا بَلْ يُتَرْجِمُونَ عَنْهَا بِشَتَّى أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَنْثُورَةً فَكَانَ هَذَا الدَّاعِي لِعُدُولِهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ إلَى مَا مَرَّ
فَرَفَعَ ثُمَّ وَضَعَ لَمْ يَجْعَلْ سَجْدَتَيْنِ وَلِلْجَمَاعَةِ مَزِيَّةٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا بِالْحَدِيثِ فَجَازَ نَقْضُ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا لِإِحْرَازِ الْجَمَاعَةِ وَلَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ شُبْهَةُ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا فَإِنْ ثَبَتَتْ شُبْهَتُهُ لَا يَنْقُضُهَا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهَا لَا تَقْبَلُ الْبُطْلَانَ إلَّا بِالرِّدَّةِ فَنَقُولُ إنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ يَضُمُّ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إحْرَازُ الْجَمَاعَةِ مَعَ إحْرَازِ النَّفْلِ بِإِضَافَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى إلَيْهَا إذْ التَّطَوُّعُ شُرِعَ شَفْعًا لَا وِتْرًا وَمَتَى أَمْكَنَ إدْرَاكُ الْعِبَادَتَيْنِ لَا يُصَارُ إلَى إبْطَالِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ الْكُلُّ هُنَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّ رَكْعَةً أُخْرَى صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَةً فَقَطْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لَا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَمَا تَوَهُّمُهُ بَعْضُ حَنَفِيَّةِ عَصْرِنَا فَإِنْ قِيلَ لَوْ ضَمَّ تَفُوتُهُ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ قُلْنَا ذَلِكَ أَيْسَرُ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ إذْ صِيَانَتُهُ عَنْ الْبُطْلَانِ وَاجِبَةٌ وَإِدْرَاكُهَا فَضِيلَةٌ وَجَازَ الْإِبْطَالُ لِمَا هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ إكْمَالٌ مَعْنًى كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْمَعَانِي أَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الصُّوَرِ كَمَنْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَرْفُضُهُ لِأَجْلِهَا مَعَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَهُوَ فَرْضٌ لِأَنَّ فِي رَفْضِهِ إقَامَتَهُ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ فَصَارَ حَسَنًا مَعَ أَنَّهُ إبْطَالٌ لِلْوَصْفِ فَقَطْ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ بُطْلَانُ الْوَصْفِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُضِيِّ كَمَا إذَا قَيَّدَ خَامِسَةَ الظُّهْرِ بِسَجْدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ قَعَدَ الْأَخِيرَةَ أَمَّا إذَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْمُضِيِّ لَكِنَّهُ أَذِنَ لَهُ الشَّرْعُ فِي عَدَمِهِ فَلَا يَبْطُلُ أَصْلُهَا بَلْ تَبْقَى نَفْلًا إذَا ضَمَّ الثَّانِيَةَ أَرَادَ بِالظُّهْرِ الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ وَأَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِيهِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ إذَا أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالسَّجْدَةِ بَلْ يُتِمُّهَا رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ أَوْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ الْفَرِيضَةُ لَا يَقْطَعُهَا مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَقَيَّدَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي تَتِمُّ بِالسَّجْدَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ وَالْقَطْعِ لِلْإِكْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَالْكَافِي هُوَ الْأَشْبَهُ وَقَيَّدَ بِالْفَرْضِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يُتِمُّهُ رَكْعَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي السُّنَّةِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ إذَا أُقِيمَتْ أَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْمُبْتَغَى وَالْمُحِيطِ ثُمَّ الشُّمُنِّيِّ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ الْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ بَلْ لِلْإِبْطَالِ صُورَةً وَمَعْنًى وَقِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا بِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَضَائِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمَاعِ وَالْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ اهـ.
وَالظَّاهِرُ مَا صَحَّحَهُ الْمَشَايِخُ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ إبْطَالَ وَصْفِ السُّنِّيَّةِ لَا لِإِكْمَالِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَشْهَدُ لَهُمْ إثْبَاتُ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَرْبَعِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَرَادَ مِنْ الظُّهْرِ الظُّهْرَ الْمُؤَدَّى لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ثُمَّ أُقِيمَتْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَةً فَقَطْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ) عَلَّلَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْبُتَيْرَاءَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا قُلْت لَكِنْ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبُتَيْرَاءَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّهْيَ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ الْبُطْلَانُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ حَنَفِيَّةِ عَصْرِنَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبُطْلَانُ هَذَا التَّوَهُّمِ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ أَرَادَ بِالظُّهْرِ الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَالْأَوْلَى الْإِلْحَاقُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ اهـ.
قُلْت: وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالظُّهْرِ لَهُ فَائِدَةٌ سَيُنَبِّهُ عَلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي لَا تَتِمُّ إلَّا بِالسَّجْدَةِ) يَعْنِي قَيَّدَ إتْمَامَ الشَّفْعِ بِمَا إذَا صَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً لِأَنَّهَا لَا تَسَمَّى رَكْعَةً إلَّا بِالسَّجْدَةِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَلِّ رَكْعَةً كَامِلَةً بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَتِمُّ شَفْعًا بَلْ يَقْطَعُ وَيَشْرَعُ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ فِي الشرنبلالية وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَيْهِ مَالَ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ مِنْ الظُّهْرِ الظُّهْرَ الْمُؤَدَّاةَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا أُقِيمَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِهَا فَوْتَ الْجَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ فِي وُجُوبِ الِابْتِدَاءِ بِالْفَائِتَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ فَلِكُلٍّ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالْفَائِتَةِ وَالصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ وَجْهٌ أَمَّا الْأَوَّلُ لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى حَسَبِ مَا وَجَبَ وَلْيَخْرُجْ مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ رحمه الله فَإِنَّ التَّرْتِيبَ عِنْدَهُ لَا يَسْقُطُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمُجْتَبَى وَأَمَّا الثَّانِي فَلِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي وَرَدَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ فِيهَا وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ وَعَدَمُ إمْكَانِ تَلَافِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا فَاتَتْ وَتَلَافِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ مَعَ تَقْدِيمِ أَدَاءِ الْحَاضِرَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ إشَارَةِ قَوْلِهِ لَوْ شَرَعَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ثُمَّ أُقِيمَتْ لَا يَقْطَعُ فَإِنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ أُقِيمَتْ قَبْلَ شُرُوعِهِ يُقَدِّمُ الْحَاضِرَةَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةُ هَذَا إذْ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْفَائِتَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَفْوِيتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْحَاضِرَةِ تَفْوِيتُ
لَا يَقْطَعُ كَالنَّفْلِ وَالْمَنْذُورَةِ كَالْفَائِتَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْإِبْطَالِ حَرَامًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَالْمَرْأَةِ إذَا فَارَ قِدْرُهَا وَالْمُسَافِرِ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَالْقَطْعِ لِإِنْجَاءِ غَرِيقٍ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَلَا يُجِيبُهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ لِأَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا خَافَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ تَحْرُقَهُ النَّارُ أَوْ يُغْرِقَهُ الْمَاءُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْفَرْضِ فَأَمَّا فِي النَّوَافِلِ إذَا نَادَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَادَاهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ لَا يُجِيبَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُجِيبُهُ اهـ.
وَمِنْ الْعُذْرِ مَا إذَا شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَحَضَرَتْ جِنَازَةٌ خَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا تَفُوتُهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيُصَلِّي عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعًا وَقَطْعُ النَّفْلِ مُعْقِبٌ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَوْ اخْتَارَ تَفْوِيتَهَا كَانَ لَا إلَى خُلْفٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَإِنَّمَا يَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّ مَا يُؤَدَّى مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةٌ يُدْرِكُ بِهَا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَصْرُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَدِي بَعْدَهَا لِمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَلِهَذَا قَيَّدَ بِالظُّهْرِ وَقَيَّدَ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا لِأَنَّهُ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ وَقَعَدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوطٌ لِلتَّحَلُّلِ وَهَذَا قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلٍ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ عَنْ الظُّهْرِ لَا يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَتَكْفِيهِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْقَطْعِ اهـ.
وَهَكَذَا صَحَّحَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا عَادَ هَلْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ قِيلَ نَعَمْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قُعُودَ خَتْمٍ وَقِيلَ يَكْفِيهِ ذَلِكَ التَّشَهُّدُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ ارْتَفَضَ ذَلِكَ الْقِيَامُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا أَنَّ التَّطَوُّعَ بِجَمَاعَةٍ مَكْرُوهٌ خَارِجَ رَمَضَانَ وَأُجِيبُ بِنَعَمْ إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُتَطَوِّعِينَ أَمَّا إذَا أَدَّى الْإِمَامُ الْفَرْضَ وَالْقَوْمُ النَّفَلَ فَلَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِلرَّجُلَيْنِ «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا صَلَاةَ قَوْمٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ وَاجْعَلَا صَلَاتَكُمَا مَعَهُمْ سُبْحَةً» أَيْ نَافِلَةً كَذَا فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى لَفَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لِوُجُودِ الْفَرَاغِ حَقِيقَةً فِي الْفَجْرِ أَوْ شَبَهِهِ فِي الْمَغْرِبِ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَقَيَّدَ بِالرَّكْعَةِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا قَيَّدَ الثَّانِيَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا وَيُتِمُّهَا وَلَا يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَّلَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّهُ إنْ وَافَقَ إمَامَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ بِالتَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ وَإِنْ وَافَقَ السُّنَّةَ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا خَالَفَ إمَامَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ فَإِنْ شَرَعَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَحْوَطُ إذْ فِيهِ زِيَادَةُ الرَّكْعَةِ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ أَحَقُّ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَسْبُوقِ فِيمَا يَقْضِي وَالْمُقْتَدِي إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ وَمُخَالَفَةُ السُّنَّةِ لَمْ تُشْرَعْ أَصْلًا كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالثَّلَاثِ مَكْرُوهٌ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ أَنَّهُ حَرَامٌ وَالظَّاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةُ لِأَنَّ الْمَشَايِخَ يَسْتَدِلُّونَ بِأَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ ظَنِّيِّ الثُّبُوتِ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ فَيُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ عَلَى أُصُولِنَا
ــ
[منحة الخالق]
ذَلِكَ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ فَعَسَى تَظْفَرُ بِالْمَنْقُولِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَفْضَلَ التَّرْتِيبُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَعَنْ الْإِسْنَوِيِّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ جَمَاعَةً ثُمَّ قَالَ فَانْظُرْ كَيْفَ اخْتَلَفَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْأَجِلَّاءِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَى ذَلِكَ فِي سَاقِطِ التَّرْتِيبِ فَإِنَّ مَذْهَبَنَا كَمَذْهَبِهِمْ فِيهِ اهـ.
وَيَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةُ مَا رَجَّحَهُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا أَوْ فِي حُكْمِ الْوَاجِبِ وَمُرَاعَاةُ خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُسْتَحَبَّةٌ فَلَا يَنْبَغِي تَفْوِيتُ الْوَاجِبِ لِأَجْلِ الْمُسْتَحَبِّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ) قَالَ أَيْ الرَّمْلِيُّ وُجُوبًا فَلَوْ قَطَعَ وَاقْتَدَى كَانَ آثِمًا اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فَرْضُهُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ فَالْحِيلَةُ أَنْ لَا يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي أَدَّاهَا وَحْدَهُ وَيُصَلِّي الْخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ وَيَصِيرُ ذَلِكَ نَفْلًا وَيَكُونُ فَرْضُهُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ أَيْضًا الْحِيلَةَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّابِعَةَ قَاعِدًا فَتَنْقَلِبُ هَذِهِ نَفْلًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ذَكَرَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ يُتِمُّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ بِحِيلَةٍ مِثْلُ أَنْ لَا يَقْعُدَ عَلَى الرَّابِعَةِ وَيُصَيِّرَهَا سِتًّا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَمِثْلُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّابِعَةَ قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ نَفْلًا لِأَنَّ الْإِتْمَامَ فَرْضٌ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَيَّدَ بِالظُّهْرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: هَذَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهْرِ الرُّبَاعِيَّةُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ شَبَهِهِ فِي الْمَغْرِبِ) عَلَّلَهُ فِي النَّهْرِ بِغَيْرِ هَذَا وَهُوَ لُزُومُ النَّفْلِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ.