المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ استعمال الطيب في بدنه قبيل الإحرام - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٢

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[الدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تشميت العاطس فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْقِرَاءَة مِنْ مُصْحَفٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْعَبَثُ بِالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[التَّخَصُّرُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْإِقْعَاءُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[عَقْصُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌ نَقْشُ الْمَسْجِدِ

- ‌[أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌[الْقُنُوت فِي غَيْرِ الْوِتْرِ]

- ‌[الصَّلَاة الْمَسْنُونَة كُلّ يَوْم]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا]

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ]

- ‌[التَّنَفُّلُ رَاكِبًا]

- ‌صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ

- ‌[بَابُ إدْرَاكِ فَرِيضَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد بَعْد الْأَذَان]

- ‌[خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ]

- ‌[قَضَاء سُنَّةُ الْفَجْرِ]

- ‌[قَضَاء السَّنَة الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ]

- ‌ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ

- ‌[فَضْلَ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ]

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيبُ بَيْنَ صَلَاة الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ]

- ‌[سُقُوط التَّرْتِيب بَيْن صَلَاةِ الْفَائِتَةِ]

- ‌[صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌ سُجُودَ السَّهْوِ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ

- ‌[مَحَلُّ سُجُود السَّهْو]

- ‌[سَبَبُ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ صَلَاةٍ

- ‌[ترك قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ]

- ‌[الْإِمَامِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ]

- ‌[السَّهْوُ عَنْ السَّلَامِ]

- ‌[تَرَكَ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا]

- ‌[سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ

- ‌ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ

- ‌ تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ)

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ]

- ‌[تَعَذَّرَ عَلَيَّ الْمَرِيضِ الْقُعُودُ فِي الصَّلَاةُ]

- ‌[لَمْ يَقْدِرْ المصلي الْمَرِيض عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ]

- ‌[صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ تَعِبَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[أَرْكَان سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[مَوَاضِع سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ]

- ‌[تَأْخِيرُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عَنْ وَقْتِ الْقِرَاءَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

- ‌[اقْتِدَاء مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[قَضَاء فَائِتَةُ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[صَلَاة الْجُمُعَةُ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ]

- ‌ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَة]

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَة]

- ‌[أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الصَّلَاةَ وَالْكَلَامَ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌[السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌(بَابُ الْعِيدَيْنِ)

- ‌[الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْم الْعِيدِ]

- ‌[التَّكْبِير يَوْم الْعِيد]

- ‌[مَا يَفْعَلهُ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]

- ‌[الْأَكْلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيد]

- ‌[خُطْبَة الْعِيد]

- ‌[الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيد]

- ‌[وُقُوفُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَاتٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاة الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[دُعَاء وَاسْتِغْفَار الِاسْتِسْقَاء]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِز]

- ‌[أَرْكَانُ وسنن صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[بَابُ صَلَاة الْخَوْفِ]

- ‌ حُضُورُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ

- ‌[مَا يُصْنَعُ بِالْمُحْتَضَرِ]

- ‌[تلقين الشَّهَادَةَ لِلْمُحْتَضِرِ]

- ‌ غُسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌[تَكْفِين الْمَيِّت]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌[حُكْم صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[شُرُوط صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[دُفِنَ الْمَيِّت بِلَا صَلَاةٍ]

- ‌[الصَّلَاة عَلَيَّ الْمَيِّت فِي الْمَسْجِدِ]

- ‌(بَابُ الشَّهِيدِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[شُرُوط وُجُوب الزَّكَاة]

- ‌[شُرُوط أَدَاء الزَّكَاة]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاة الْغَنَمِ]

- ‌[زَكَاة الْخَيْلِ]

- ‌[زَكَاة الْحُمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌[زَكَاة عُرُوضِ التِّجَارَة]

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌[زَكَاة الْخَمْر وَالْخِنْزِير]

- ‌ لَا يُخَمَّسُ رِكَازٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌ حُكْمَ تَعْجِيلِ الْعُشْرِ

- ‌[بَابُ مَصْرِفِ الزَّكَاة]

- ‌[دُفَعُ الزَّكَاةُ إلَى ذِمِّيٍّ]

- ‌[بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَتَكْفِينِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَشِرَاءِ قِنٍّ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةِ لَغَنِيّ يَمْلِكُ نِصَابًا]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاة إلَى الْأَب وَالْجَدّ أَوْ الو لَدِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ]

- ‌[دَفْعُ الزَّكَاةَ لَبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ]

- ‌[دَفَعَ الزَّكَاة بِتَحَرٍّ فَبَانَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ]

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ)

- ‌[حُكْم صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوب صَدَقَةِ الْفِطْر]

- ‌[عَنْ مِنْ تَخْرُجْ صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[مِقْدَار صَدَقَة الْفِطْر]

- ‌[وَقْتِ وُجُوبِ أَدَاء صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌[شُرُوط الصِّيَامِ]

- ‌[أَقْسَام الصَّوْمِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُت شَهْر رَمَضَان]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌[فَصْلٌ فِي عَوَارِضِ الْفِطْر فِي رَمَضَان]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[أَقَلُّ الِاعْتِكَافُ]

- ‌[أعتكاف الْمَرْأَةُ]

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[وَاجِبَاتُ الْحَجِّ]

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَوَاقِيتِ

- ‌ مِيقَاتُ الْمَكِّيِّ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ

- ‌[قَتْلُ الصَّيْدِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْقَبَاءِ وَالْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[الِاغْتِسَالُ وَدُخُولُ الْحَمَّامِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ]

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

الفصل: ‌ استعمال الطيب في بدنه قبيل الإحرام

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَهُ كَمَالُ التَّنْظِيفِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ وَحَلْقِ الْإِبْطَيْنِ وَالْعَانَةِ وَالرَّأْسِ لِمَنْ اعْتَادَهُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ أَرَادَهُ، وَإِلَّا فَتَسْرِيحُهُ وَإِزَالَةُ الشَّعَثِ وَالْوَسَخِ عَنْهُ وَعَنْ بَدَنِهِ بِغَسْلِهِ بِالْخِطْمِيِّ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ إرَادَتِهِ جِمَاعَ زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ إنْ كَانَتْ مَعَهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ.

(قَوْلُهُ وَالْبَسْ إزَارًا وَرِدَاءً جَدِيدَيْنِ أَوْ غَسِيلَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام لَبِسَهُمَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَا بُدَّ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَذَلِكَ فِيمَا عَيَّنَّاهُ وَالْإِزَارُ مِنْ السُّرَّةِ إلَى مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ، وَالرِّدَاءُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ وَالصَّدْرِ وَيَشُدُّهُ فَوْقَ السُّرَّةِ، وَإِنْ غَرَزَ طَرَفَيْهِ فِي إزَارِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ خَلَّلَهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ أَوْ شَدَّهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحَبْلٍ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَا فِي الْكِتَابِ بَيَانٌ لِلسُّنَّةِ، وَإِلَّا فَسَاتِرُ الْعَوْرَةِ كَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ.

وَأَشَارَ بِتَقْدِيمِ الْجَدِيدِ إلَى أَفْضَلِيَّتِهِ، وَكَوْنُهُ أَبْيَضَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ كَالتَّكْفِينِ وَفِي عَدَمِ غَسْلِ الثَّوْبِ الْعَتِيقِ تَرْكٌ لِلْمُسْتَحَبِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ.

(قَوْلُهُ وَتَطَيَّبْ) أَيْ يُسَنُّ لَهُ‌

‌ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ

أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا تَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدَهُ كَالْمِسْكِ وَالْغَالِيَةِ، وَمَا لَا تَبْقَى لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ» ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ» وَهُوَ الْبَرِيقُ وَاللَّمَعَانُ، وَكَرِهَهُ مُحَمَّدٌ بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَقَيَّدْنَا بِالْبَدَنِ إذْ لَا يَجُوزُ التَّطَيُّبُ فِي الثَّوْبِ بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ عَلَى أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا. قَالُوا وَبِهِ نَأْخُذُ وَالْفَرْقُ لَهُمَا بَيْنَهُمَا أَنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي الْبَدَنِ تَابِعًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُتَّصِلُ بِالثَّوْبِ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ تَابِعًا وَالْمَقْصُودُ مِنْ اسْتِنَانِهِ حُصُولُ الِارْتِفَاقِ بِهِ حَالَةَ الْمَنْعِ مِنْهُ كَالسَّحُورِ لِلصَّوْمِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا فِي الْبَدَنِ فَأَغْنَى عَنْ تَجْوِيزِهِ فِي الثَّوْبِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ كَمَالَ الِارْتِفَاقِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ «الْحَاجَّ الشَّعِثُ التَّفِلُ» ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ مَا عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَأَنَّ مَشْهُورَ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِهِمَا (قَوْلُهُ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ بَعْدَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام صَلَّاهُمَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، وَتُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَنْوِي بِقَلْبِهِ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ، وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ مُطَابِقًا لِجَنَانِهِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي؛ لِأَنِّي مُحْتَاجٌ فِي أَدَاءِ أَرْكَانِهِ إلَى تَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ فَيَطْلُبُ التَّيْسِيرَ وَالْقَبُولَ اقْتِدَاءً بِالْخَلِيلِ وَوَلَدِهِ عليهما السلام حَيْثُ قَالَا {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] وَلَمْ يُؤْمَرْ بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ سُؤَالَ التَّيْسِيرِ يَكُونُ فِي

ــ

[منحة الخالق]

عَدَمِ اعْتِبَارِ التَّيَمُّمِ بَيْنَ الْكُلِّ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْبَسْ إزَارًا أَوْ رِدَاءً إلَخْ) وَيُدْخِلُ الرِّدَاءَ تَحْتَ الْيَدِ الْيُمْنَى وَيُلْقِيهِ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَيُبْقِي كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ مَكْشُوفًا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ ذَكَرَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَهُوَ مُوهِمٌ أَنَّ الِاضْطِبَاعَ يُسْتَحَبُّ مِنْ أَوَّلِ أَحْوَالِ الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ الْعَوَامُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَحَلَّ الِاضْطِبَاعِ الْمَسْنُونِ إنَّمَا يَكُونُ قُبَيْلَ الطَّوَافِ إلَى انْتِهَائِهِ لَا غَيْرُ كَذَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ لِمُنْلَا عَلِيٍّ الْقَارِي، وَقَالَ الْمُرْشِدِيُّ فِي شَرْحِ مَنَاسِكِ الْكَنْزِ وَفِي الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ هُوَ السُّنَّةُ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ السِّنْدِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْغَايَةِ وَمَنَاسِكِ الطَّرَابُلْسِيِّ وَالْفَتْحِ، وَقَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَكْثَرَ كُتُبِ الْمَذْهَبِ نَاطِقَةٌ بِأَنَّ الِاضْطِبَاعَ يُسَنُّ فِي الطَّوَافِ لَا قَبْلَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ

كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَاتِرُ الْعَوْرَةِ كَافٍ) فَيَجُوزُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَفِي أَسْوَدَيْنِ أَوْ قَطْعِ خِرَقٍ مَخِيطَةٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمَا خِيَاطَةٌ اهـ. لُبَابُ الْمَنَاسِكِ.

[اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ قُبَيْلَ الْإِحْرَامِ]

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَبَرُّكًا بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَفْضَلُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الشَّيْخُ الْوَاعِظُ الْإِسْكَنْدَرِيُّ إنَّ كَثِيرًا مِنْ عُلَمَائِنَا يَقْرَءُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سُورَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] الْآيَةَ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] . (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ) صَرَّحَ بِالسُّنِّيَّةِ فِي السِّرَاجِ وَفِي النَّهْرِ هَذَا الْأَمْرُ أَيْ قَوْلُهُ وَصَلِّ لِلنَّدْبِ وَفِي الْغَايَةِ السُّنَّةُ. اهـ.

لَكِنْ قَدْ يُقَالُ يُنَافِي كَوْنَهَا سُنَّةً إجْزَاءُ الْمَكْتُوبَةِ عَنْهَا فَلِذَا مَشَى فِي النَّهْرِ عَلَى النَّدْبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُجْزِئُهُ الْمَكْتُوبَةُ) كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي اللُّبَابِ قَالَ شَارِحُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا تَنُوبُ الْفَرِيضَةُ مَنَابَهَا بِخِلَافِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَشُكْرِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ كَمَا حَقَّقَهُ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ فَتَتَأَدَّى فِي ضِمْنِ غَيْرِهَا أَيْضًا، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَنْسَكِ الْكَبِيرِ وَتُجْزِئُ الْمَكْتُوبَةُ عَنْهَا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.

لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ أَنَّهُ رَدَّهُ الْمُرْشِدِيُّ.

ص: 345

الْعَسِيرِ لَا فِي الْيَسِيرِ، وَأَدَاؤُهَا يَسِيرٌ عَادَةً كَذَا فِي الْكَافِي وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي بَحْثِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ وَلَبِّ دُبُرَ الصَّلَاةِ تَنْوِي بِهَا الْحَجَّ) أَيْ لَبِّ عَقِبَهَا نَاوِيًا بِالتَّلْبِيَةِ الْحَجَّ وَالدُّبُرُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا آخِرُ الشَّيْءِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَإِنَّمَا يُلَبِّي لِمَا صَحَّ عَنْهُ عليه السلام مِنْ تَلْبِيَتِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَفِي قَوْلِهِ تَنْوِي بِهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ إلَى آخِرِهِ لَيْسَ مُحَصِّلًا لِلنِّيَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الرُّوَاةِ لِنُسُكِهِ رَوَى أَنَّهُ سَمِعَهُ عليه السلام يَقُولُ نَوَيْت الْعُمْرَةَ وَلَا الْحَجَّ، وَلِهَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا إنَّ الذِّكْرَ بِاللِّسَانِ حَسَنٌ لِيُطَابِقَ الْقَلْبَ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَحْسُنُ إذَا لَمْ تَجْتَمِعْ عَزِيمَتُهُ وَإِلَّا فَلَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَفُّظَ بِاللِّسَانِ بِالنِّيَّةِ بِدْعَةٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَلَبِّ، وَقَوْلُهُ تَنْوِي الْحَجَّ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْحَجُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَإِذَا أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا أَحْرَمَ بِهِ جَازَ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْأَفْعَالِ، وَالْأَصْلُ حَدِيثُ «عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَهُ» فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَطَافَ شَوْطًا كَانَ لِلْعُمْرَةِ، وَكَذَا إذَا أُحْصِرَ قَبْلَ الْأَفْعَالِ فَتَحَلَّلَ بِدَمٍ تَعَيَّنَ لِلْعُمْرَةِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا قَضَاءَ حِجَّةٍ، وَكَذَا إذَا جَامَعَ فَأَفْسَدَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي عُمْرَةٍ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ اهـ.

وَالْمَنْقُولُ فِي الْأُصُولِ أَنَّهَا لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَتَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْتَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِعْيَارِيَّةِ وَشُبْهَةُ الظَّرْفِيَّةِ فَالْأَوَّلُ لِلثَّانِي وَالثَّانِي لِلْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) هَكَذَا رَوَى أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ تَلْبِيَتَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَفْظُهَا مَصْدَرٌ مُثَنًّى تَثْنِيَةً يُرَادُ بِهَا التَّكْثِيرُ، وَهُوَ مَلْزُومُ النَّصْبِ وَالْإِضَافَةِ، وَالنَّاصِبُ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ تَقْدِيرُهُ أَجَبْتُ إجَابَتَكَ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَكَأَنَّهُ مِنْ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ فَهُوَ مَصْدَرٌ مَحْذُوفُ الزَّوَائِدِ، وَالْقِيَاسُ إلْبَابٌ وَمُفْرَدُ لَبَّيْكَ لَبَّ، وَاخْتُلِفَ فِي الدَّاعِي فَقِيلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عليه السلام وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَقَالَ إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ رَسُولُنَا صلى الله عليه وسلم وَاخْتُلِفَ فِي هَمْزِ إنَّ الْحَمْدَ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَاخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْأَوْجَهَ الْكَسْرُ عَلَى اسْتِئْنَافِ الثَّنَاءِ، وَتَكُونُ التَّلْبِيَةُ لِلذَّاتِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ الْفَتْحُ أَحْسَنُ عَلَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلتَّلْبِيَةِ أَيْ لَبَّيْكَ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِجَابَةِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا بِالذَّاتِ أَوْلَى مِنْهُ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ هَذَا، وَإِنْ كَانَ اسْتِئْنَافُ الثَّنَاءِ لَا يَتَعَيَّنُ مَعَ الْكَسْرِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ تَعْلِيلًا مُسْتَأْنَفًا كَمَا فِي قَوْلِكَ عَلِّمْ ابْنَكَ الْعِلْمَ إنَّ الْعِلْمَ نَافِعُهُ قَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] وَهَذَا مُقَرَّرٌ فِي مَسَالِكِ الْعِلَّةِ مِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ لَكِنْ لَمَّا جَازَ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَوْلَوِيَّتِهِ وَلِأَكْثَرِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْفَتْحِ، لَيْسَ فِيهِ سِوَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ.

(قَوْلُهُ وَزِدْ فِيهَا وَلَا تَنْقُصْ) أَيْ فِي التَّلْبِيَةِ وَلَا تَنْقُصْ مِنْهَا، وَالزِّيَادَةُ مِثْلُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إلَيْكَ وَالْعَمَلُ لَبَّيْكَ إلَهَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ نَاوِيًا بِالتَّلْبِيَةِ الْحَجَّ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ تَنْوِي بِهَا لَيْسَ بِإِضْمَارٍ قَبْلَ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَبِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَبِّ وَلِهَذَا قَالَ وَلَبِّ بَعْدَ وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي. (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ إلَخْ) قَالَ فِي لُبَابِ الْمَنَاسِكِ وَتَعْيِينُ النُّسُكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَصَحَّ مُبْهَمًا وَبِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْغَيْرُ، ثُمَّ قَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ أَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ مُبْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ حِجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَقَيَّدَهُ شَارِحُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْحَجُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَفْعَالِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْحَجُّ بَلْ هُوَ عُمْرَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ لَاحِقِهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا فَهُوَ فَرْضٌ أَيْ فَيَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ اسْتِحْسَانًا بِالِاتِّفَاقِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يَقَعُ نَفْلًا وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ عَنْ الْغَيْرِ أَوْ النَّذْرَ أَوْ النَّفَلَ كَانَ عَمَّا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ لِلْفَرْضِ أَيْ لِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْقُولُ الصَّرِيحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَدَّى الْفَرْضُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ نَوَى لِلْمَنْذُورِ وَالنَّفَلِ مَعًا قِيلَ هُوَ نَفْلٌ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ نَذْرٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَحْوَطُ وَالثَّانِي أَوْسَعُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى فَرْضًا وَنَفْلًا فَهُوَ فَرْضٌ اهـ.

مَتْنًا وَشَرْحًا مُلَخَّصًا وَفِي مَتْنِهِ أَحْرَمَ بِشَيْءٍ ثُمَّ نَسِيَهُ لَزِمَهُ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ يُقَدِّمُ أَفْعَالَهَا عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ هَدْيُ الْقِرَانِ.

(قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ لِلثَّانِي) أَيْ عَدَمُ تَأَدِّيهَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ لِشُبْهَةِ الظَّرْفِيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَالثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَيْ وَتَأَدِّيهَا بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ لِشُبْهَةِ الْمِعْيَارِيَّةِ كَالصَّوْمِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَزِدْ فِيهَا) أَيْ زِدْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَا شِئْت كَذَا فِي الشَّرْحِ قَالَ فِي النَّهْرِ فَالظَّرْفُ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا لَا فِي خِلَالِهَا كَمَا فِي السِّرَاجِ

ص: 346

الْخَلْقِ غَفَّارَ الذُّنُوبِ لَبَّيْكَ ذَا النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَسَنَةٌ كَالتَّكْرَارِ، وَصَرَّحَ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ بِاسْتِحْبَابِهَا عِنْدَنَا، وَأَمَّا النَّقْصُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّهُ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ لِمَا أَنَّ التَّلْبِيَةَ إنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَارِسِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَخُصُوصُ التَّلْبِيَةِ سُنَّةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا أَصْلًا ارْتَكَبَ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً فَإِذَا نَقَصَ عَنْهَا فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَجُوزُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ التَّلْبِيَةَ شَرْطٌ مُرَادُهُ ذِكْرٌ يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ لَا خُصُوصُهَا، قَيَّدْنَا بِالزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَذَانِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ وَلَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ وَفِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ كَتَكْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى الْوَارِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرَ فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا لَبَّيْتَ نَاوِيًا فَقَدْ أَحْرَمْت) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إلَّا بِهِمَا فَإِذَا أَتَى بِهِمَا فَقَدْ دَخَلَ فِي حُرُمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَهُمَا عَيْنُ الْإِحْرَامِ شَرْعًا، وَذَكَرَ حُسَامُ الدِّينِ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ لَا بِالتَّلْبِيَةِ كَمَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّكْبِيرِ لَا بِالتَّكْبِيرِ وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا عِبَادَةُ كَفٍّ عَنْ الْمَحْظُورَاتِ وَقِيَاسُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ أَفْعَالٍ كَالصَّلَاةِ لَا مُجَرَّدُ كَفٍّ بَلْ الْتِزَامُ الْكَفِّ شَرْطٌ فَكَانَ بِالصَّلَاةِ أَشْبَهَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّلْبِيَةِ شَرْطٌ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النُّسُكِ سَوَاءٌ كَانَ تَلْبِيَةً أَوْ ذِكْرًا يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ أَوْ سَوْقُ الْهَدْيِ أَوْ تَقْلِيدُ الْبُدْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ سَاقَ هَدْيًا قَاصِدًا إلَى مَكَّة صَارَ مُحْرِمًا بِالسَّوْقِ نَوَى الْإِحْرَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ` تَعَالَى ثُمَّ إذَا أَحْرَمَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَقِبَ إحْرَامِهِ سِرًّا وَهَكَذَا يَفْعَلُ عَقِبَ التَّلْبِيَةِ وَدَعَا بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَأْثُورِ فَهُوَ حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ فَاتَّقِ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ وَالْجِدَالَ) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وَهَذَا نَهْيٌ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهُوَ آكَدُ مَا يَكُونُ مِنْ النَّهْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ فَلَا يَكُونَنَّ رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ وَلَا جِدَالٌ فِي الْحَجِّ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ إخْبَارًا لَتَطَرَّقَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِصُدُورِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْبَعْضِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ وُجُوبَ انْتِفَائِهَا، وَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ بِأَنْ لَا تَكُونَ كَذَا فِي الْكَافِي وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] وَقِيلَ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِيهِ فَيَحْرُمُ كَالْجِمَاعِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ رَفَثًا بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَنْشُدُ فِي إحْرَامِهِ:

وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسًا

إنْ يَصْدُقُ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسًا

فَقِيلَ لَهُ أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ فَقَالَ إنَّمَا الرَّفَثُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَالضَّمِيرُ فِي هُنَّ لِلْإِبِلِ وَالْهَمِيسُ صَوْتُ نَقْلِ إخْفَافِهَا، وَقِيلَ الْمَشْيُ الْخَفِيُّ وَلَمِيسٌ اسْمُ جَارِيَةٍ وَالْمَعْنَى نَفْعَلُ بِهَا مَا نُرِيدُ إنْ صَدَقَ الْفَالُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْإِحْرَامِ أَشَدُّ كَلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّطْرِيبِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَالْجِدَالُ الْخُصُومَةُ مَعَ الرُّفَقَاءِ وَالْخَدَمِ وَالْمَكَّارِينَ وَمَنْ ذَكَرَ مِنْ الشَّارِحِينَ أَنَّ الْمُرَادَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَإِذَا نَقَصَ عَنْهَا فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْفَتْحِ التَّلْبِيَةُ مَرَّةً شَرْطٌ وَالزِّيَادَةُ سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمُحِيطِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْإِسَاءَةُ بِتَرْكِهَا، ثُمَّ قَالَ إنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا سُنَّةٌ فَإِنْ تَرَكَهُ كَانَ مُسِيئًا اهـ.

فَالنَّقْصُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْلَى اهـ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَيُسْتَحَبُّ فِي التَّلْبِيَةِ كُلِّهَا رَفْعُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغَ الْجَهْدَ فِي ذَلِكَ كَيْ لَا يَضْعُفَ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْإِسَاءَةَ دُونَ الْكَرَاهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إلَّا بِهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا عِنْدَ النِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ، أَمَّا أَنَّ الْإِحْرَامَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِشَرْطِ ذِكْرِ الْآخَرِ فَلَا وَذَكَرَ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ لَا بِهَا كَشُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّكْبِيرِ لَا بِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالتَّلْبِيَةِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ الشَّهِيدِ عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ غَيَّرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعِبَارَةَ فَقَالَ إذَا نَوَى مُلَبِّيًا فَقَدْ أَحْرَمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ هُوَ النِّيَّةُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُفَادُ إنَّمَا هُوَ صَيْرُورَتُهُ مُحْرِمًا عِنْدَهُمَا فَالْعِبَارَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَاتَّقِ الرَّفَثَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ أَيْ إذَا أَحْرَمْتَ فَاتَّقِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يُرْفَثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حَاجًّا قَبْلَهُ.

ص: 347