الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ، وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةُ التَّضْحِيَةُ بِالدِّيكِ أَوْ الدَّجَاجِ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّنْ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ لِعُسْرَتِهِ بِطَرِيقِ التَّشْبِيهِ بِالْمُضَحِّينَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ رُسُومِ الْمَجُوسِ اهـ. .
(قَوْلُهُ وَسُنَّ بَعْدَ فَجْرِ عَرَفَةَ إلَى ثَمَانِ مَرَّةٍ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِهِ بِشَرْطِ إقَامَةٍ وَمِصْرٍ وَمَكْتُوبَةٍ وَجَمَاعَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ) بَيَانٌ لِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ أَيْ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ التَّشْرِيقُ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ لَا يُسَمَّى تَشْرِيقًا إلَّا إذَا كَانَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَخْصُوصَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ وَقَعَتْ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.
فَإِنَّ التَّكْبِيرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْخَاصِّ يُسَمَّى تَشْرِيقًا فَإِذَا صَارَ عَلَمًا عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ إفَادَتِهِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ مَعَ أَنَّهُ إنْ رُوعِيَ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ مُتَفَرِّعًا عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِيهِ، وَمَا فِي الْحَقَائِقِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى التَّشْرِيقِ مَعَ أَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ فِي غَيْرِهَا لِمَا أَنَّ أَكْثَرَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ يَئُولُ إلَى أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ أَيَّامَ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ وَيَمْضِي ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لِلنَّحْرِ خَاصَّةً وَالثَّالِثَ عَشَرَ لِلتَّشْرِيقِ خَاصَّةً وَالْيَوْمَانِ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِلنَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ جَمِيعًا اهـ.
فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُمْ يُشَرِّقُونَ اللَّحْمَ فِي أَيَّامٍ مَخْصُوصَةٍ لَا بَيَانٌ لِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ يُكَبَّرُ فِيهِ ثُمَّ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ التَّشْرِيقَ فِي اللُّغَةِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى إلْقَاءِ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ بِالْمُشَرِّقَةِ يُطْلَقُ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ قَالَهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ؛ وَلِذَا اسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ لِوُجُوبِ التَّكْبِيرِ بِقَوْلِ عَلِيٍّ لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا فِطْرَ، وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ فَحِينَئِذٍ ظَهَرَ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ ثُمَّ سَمَّاهُ فِي الْكِتَابِ سُنَّةً تَبَعًا لِلْكَرْخِيِّ مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِلْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقِيلَ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ
وَقِيلَ: الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ فِي الْمَعْدُودَاتِ بِالذِّكْرِ مُطْلَقًا، وَفِي الْمَعْلُومَاتِ الذِّكْرُ {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28] وَهِيَ الذَّبَائِحُ وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ وَإِطْلَاقُ اسْمِ السُّنَّةِ عَلَى الْوَاجِبِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّرِيقَةِ الْمَرْضِيَّةِ أَوْ السِّيرَةِ الْحَسَنَةِ وَكُلُّ وَاجِبٍ هَذَا صِفَتُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَجَازٌ عُرْفًا فَيَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَإِلَّا انْصَرَفَ إلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ فَصَرَّحَ بِالْوُجُوبِ بِالِاقْتِدَاءِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ وَاجِبٌ لَمَا وَجَبَ بِالِاقْتِدَاءِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ يُفِيدُ الِافْتِرَاضَ؛ لِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صَارِفٍ مِنْهُ إلَى الْوُجُوبِ وَالْحَقُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا أَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ وَالْوَاجِبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي الرُّتْبَةِ فَلِذَا تَارَةً يُصَرِّحُونَ فِي الشَّيْءِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَيُصَرِّحُونَ فِيهِ بِعَيْنِهِ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِثْمِ بِتَرْكِهِ وَبَيْنَ وَقْتِهِ فَأَفَادَ أَنَّ أَوَّلَهُ عَقِبَ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَالْمُرَادُ بِبَعْدَ عَقِبَ فِي عِبَارَتِهِ، وَلَا
ــ
[منحة الخالق]
[وُقُوفُ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَاتٍ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِهَا]
(قَوْلُهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِمَا أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ التَّضْحِيَةِ كَوْنُهَا مِنْ رُسُومِ الْمَجُوسِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَامِعَ التَّشَبُّهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ التَّشَبُّهَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُحَقِّقِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ، وَفِي النَّهْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَاتِهِمْ نَاطِقَةٌ بِتَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ وَشُذُوذِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) يُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِمَّا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ سُنَّةٌ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَدَلِيلُ السُّنَّةِ أَنْهَضُ وَهُوَ مُوَاظَبَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] فَالظَّاهِرُ مِنْهَا ذِكْرُ اسْمِهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ نَسْخًا لِذِكْرِهِمْ عَلَيْهَا غَيْرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِدَلِيلِ {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28] بَلْ قَدْ قِيلَ إنَّ الذِّكْرَ كِنَايَةٌ عَنْ نَفْسِ الذَّبْحِ. اهـ.
إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِالْفَرْضِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا إلَخْ) أَيْ الْحَقُّ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَمَّاهُ سُنَّةً لَا فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ فَقَدْ يُقَالُ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْقِيلِ إلَى مَا بَعْدَ الْجَوَابِ هَذَا، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ مِرَارًا أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي أَصْلِ الْإِثْمِ بِتَرْكِهِمَا إلَّا أَنَّهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ الْإِثْمُ فِيهِمَا مُتَفَاوِتٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِيمَا صَدَقَا عَلَيْهِ كَالْإِنْسَانِ وَالْبَشَرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا شَاعَ بَيْنَهُمْ وَحَرَّرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْوِتْرِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ وَتَرْجِيحُهُمْ قَوْلَ الْإِمَامِ بِوُجُوبِهِ فَلَوْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ لَمَا سَاغَ ذَلِكَ
خِلَافَ فِيهِ وَأَفَادَ آخِرَهُ بِقَوْلِهِ إلَى ثَمَانِ أَيْ مَعَ ثَمَانِ صَلَوَاتٍ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْغَايَاتِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا كَذَا فِي الْمُصَفَّى وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَالتَّكْبِيرُ عِنْدَهُ عَقِبَ ثَمَانِ صَلَوَاتٍ فَيَنْتَهِي بِالتَّكْبِيرِ عَقِبَ الْعَصْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَعِنْدَهُمَا يَنْتَهِي بِالتَّكْبِيرِ عَقِبَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَرَجَّحَاهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ فِي الْعِبَادَاتِ وَرَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ بِالتَّكْبِيرِ بِدْعَةٌ فَكَانَ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ أَوْلَى احْتِيَاطًا
وَقَدْ ذَكَرُوا فِي مَسَائِلِ السَّجَدَاتِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ بِدْعَةٍ وَوَاجِبٍ فَإِنَّهُ يُؤْتَى بِهِ احْتِيَاطًا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ بِدْعَةٍ وَسُنَّةٍ يُتْرَكُ احْتِيَاطًا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْعَمَلُ وَالْفَتْوَى فِي عَامَّةِ الْأَمْصَارِ وَكَافَّةِ الْأَعْصَارِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقُوَّةِ الدَّلِيلِ كَمَا فِي آخِرِ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مَرْوِيٌّ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي أَيْضًا وَإِلَّا فَكَيْفَ يُفْتَى بِغَيْرِ قَوْلِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ تَرْجِيحِ قَوْلِهِ هُنَا وَرَدَّ فَتْوَى الْمَشَايِخِ بِقَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بِالْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ السَّجَدَاتِ الْفَرْضَ وَيَلْتَزِمُ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ بِدْعَةٍ وَوَاجِبٍ اصْطِلَاحِيٍّ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ كَالسُّنَّةِ فَيَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِ مَرَّةٍ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكَرِّرُ التَّكْبِيرَ ثَلَاثًا وَقَوْلُ: اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِهِ بَيَانٌ لِأَلْفَاظِهِ، وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ الْخَلِيلِ عليه السلام وَأَصْلُهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام لَمَّا جَاءَ بِالْفِدَاءِ خَافَ الْعَجَلَةَ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا رَآهُ إبْرَاهِيمُ عليه السلام قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا عَلَّمَ إسْمَاعِيلُ الْفِدَاءَ قَالَ إسْمَاعِيلُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْكُتُبِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الذَّبِيحَ إسْمَاعِيلُ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَطَائِفَةٌ قَالُوا بِهِ، وَطَائِفَةٌ قَالُوا بِأَنَّهُ إِسْحَاقُ وَالْحَنَفِيَّةِ مَائِلُونَ إلَى الْأُولَى وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي الْبُسْتَانِ بِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قِصَّةِ الذَّبْحِ {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} [الصافات: 112] الْآيَةَ وَأَمَّا الْخَبَرُ فَمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام «أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ» يَعْنِي أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ وَإِسْمَاعِيلَ وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَقَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ كَانَ إِسْحَاقَ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فِيهَا آمَنَّا بِهِ اهـ.
وَأَمَّا مَحَلُّ أَدَائِهِ فَدُبُرُ الصَّلَاةِ وَفَوْرُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَ مَا يَقْطَعُ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ قَهْقَهَةً أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ جَاوَزَ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ خَصَائِصِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا يُؤْتَى بِهِ إلَّا عَقِبَ الصَّلَاةِ فَيُرَاعَى لِإِتْيَانِهِ حُرْمَتَهَا وَهَذِهِ الْعَوَارِضُ تَقْطَعُ حُرْمَتَهَا، وَلَوْ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ أَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ بَاقِيَةٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقْطَعُ الْبِنَاءَ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ وَمَا لَا فَلَا وَإِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَإِنْ شَاءَ ذَهَبَ وَتَوَضَّأَ وَرَجَعَ فَكَبَّرَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ مِنْ غَيْرِ تَطْهِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدَّى فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يُكَبِّرُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لَمَّا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الطَّهَارَةِ كَانَ خُرُوجُهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ قَاطِعًا لِفَوْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّكْبِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُكَبِّرُ لِلْحَالِ جَزْمًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ الْإِقَامَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُسَافِرِ فَلَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَلَّى الْمُسَافِرُونَ فِي الْمِصْرِ جَمَاعَةً عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَقُيِّدَ بِالْمِصْرِ احْتِرَازًا عَنْ أَهْلِ الْقُرَى وَقُيِّدَ بِالْمَكْتُوبِ احْتِرَازًا عَنْ الْوَاجِبِ كَصَلَاةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِيهِ) كَذَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْوَاجِبِ الْمَذْكُورَ إلَخْ) يُبْعِدُهُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِيمَنْ شَكَّ فِي الْوِتْرِ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ أَوْ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ يَقْنُتُ فِيهِمَا وَعَلَّلُوهُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ أَنَّ الْقُنُوتَ غَيْرُ فَرْضٍ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يُكَبِّرُ) ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ فِي الشرنبلالية وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَإِنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ تَوَضَّأَ وَكَبَّرَ عَلَى الصَّحِيحِ
الْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَنْ النَّافِلَةِ فَلَا تَكْبِيرَ عَقِبَهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْبَلْخِيُّونَ يُكَبِّرُونَ عَقِبَ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَأَشْبَهَ الْجُمُعَةَ اهـ.
وَفِي مَبْسُوطِ أَبِي اللَّيْثِ، وَلَوْ كَبَّرَ عَلَى إثْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ تَوَارَثُوا هَكَذَا فَوَجَبَ أَنْ يُتَّبَعَ تَوَارُثُ الْمُسْلِمِينَ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَّ مَشَايِخَنَا كَانُوا يَرَوْنَ التَّكْبِيرَ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْأَيَّامِ الْعَشْرِ اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تُمْنَعُ الْعَامَّةُ عَنْهُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَتَدْخُلُ الْجُمُعَةُ فِي الْمَكْتُوبَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَأَرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَا تَكْبِيرَ عَقِبَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً وَقُيِّدَ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا تَكْبِيرَ عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَقُيِّدَ بِكَوْنِهَا مُسْتَحَبَّةً احْتِرَازًا عَنْ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَالْعُرَاةِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ أَمَّ الْعَبْدُ قَوْمًا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمْ التَّكْبِيرُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ غَيْرُ الْخُطْبَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْحُرِّيَّةِ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَيْسَ الْوَقْتُ وَالْإِذْنُ الْعَامُّ مِنْ شُرُوطِهِ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ، وَلَا فِطْرَ، وَلَا أَضْحَى إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْرِيقِ التَّكْبِيرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ تَشْرِيقَ اللَّحْمِ لَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْقَرَوِيِّ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي آخِرِ وَقْتِهِ وَفِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّكْبِيرِ عَقِبَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فَشَمَلَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ لَا تَكْبِيرَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا الْأُولَى فَاتَتْهُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِيهَا ثَانِيهَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ ثَالِثُهَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا مِنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَلَا تَكْبِيرَ فِي الْأُولَيَيْنِ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّالِثَةِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالتَّكْبِيرُ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّابِعَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فَاتَتْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِقِيَامِ وَقْتِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ ثُمَّ الَّذِي يُؤَدَّى عَقِبَ الصَّلَاة ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: سُجُودُ السَّهْوِ وَتَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ وَالتَّلْبِيَةُ إلَّا أَنَّ السَّهْوَ يُؤَدَّى فِي تَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ حَتَّى صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِالسَّاهِي بَعْدَ سَلَامِهِ وَالتَّكْبِيرُ يُؤَدَّى فِي حُرْمَتِهَا لَا فِي تَحْرِيمَتِهَا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةُ لَا تُؤَدَّى فِي شَيْءٍ مِنْهَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَيَبْدَأُ الْإِمَامُ بِسُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ لَوْ بَدَأَ بِالتَّلْبِيَةِ سَقَطَ السُّجُودُ وَالتَّكْبِيرُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مُؤَدًّى فِي تَحْرِيمَتِهَا لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَأْتُوا بِهِ كَسَامِعِ السَّجْدَةِ مَعَ تَالِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ قَالَ يَعْقُوبُ صَلَّيْتُ بِهِمْ الْمَغْرِبَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَهَوْتُ أَنْ أُكَبِّرَ بِهِمْ فَكَبَّرَ بِهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَدْ اسْتَنْبَطَ مِنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَشْيَاءَ مِنْهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمِنْهَا أَنَّ تَعْظِيمَ الْأُسْتَاذِ فِي إطَاعَتِهِ لَا فِيمَا يَظُنُّهُ طَاعَةً؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَقَدَّمَ بِأَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْأُسْتَاذِ إذَا تَفَرَّسَ فِي بَعْضِ أَصْحَابِهِ الْخَيْرَ أَنْ يُقَدِّمَهُ وَيُعَظِّمَهُ عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى يُعَظِّمُوهُ وَمِنْهَا أَنَّ التِّلْمِيذَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْسَى حُرْمَةَ أُسْتَاذِهِ، وَإِنْ قَدَّمَهُ أُسْتَاذُهُ وَعَظَّمَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا يُوسُفَ شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّكْبِيرِ حَتَّى سَهَا.
(قَوْلُهُ وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ) أَيْ بِاقْتِدَائِهِمَا بِمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَالْمَرْأَةُ تُخَافِتُ بِالتَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لَكِنْ لَا يُكَبِّرُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُكَبِّرُ بَعْدَ مَا قَضَى مَا فَاتَهُ، وَفِي الْأَصْلِ، وَلَوْ تَابَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَفِي التَّلْبِيَةِ تَفْسُدُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَاصِلَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ إذْ مِنْ شَرَائِطِهِ الْوَقْتُ أَعْنِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ حَتَّى لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي أَيَّامِهِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِهِ مِنْ الْقَابِلِ لَا يُكَبِّرُ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْإِذْنِ الْعَامِّ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا بِذِكْرِ السُّلْطَانِ عَنْهُ عَلَى أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِذْنَ الْعَامَّ لَمْ يُذْكَرْ فِي الظَّاهِرِ نَعَمْ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ مِنْ شَرَائِطِهَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي هِيَ جَمْعٌ وَالْوَاحِدُ هُنَا مَعَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْجُمُعَةِ. اهـ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاشْتِرَاكُ فِي اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا انْتَقَصَ مَا أَجَابَ بِهِ أَوَّلًا فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي الْجُمُعَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ فَالِاشْتِرَاكُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَقْتِ فِيهِمَا مُطْلَقًا فَكَذَا الْجَمَاعَةُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَقَضَاهَا فِيهَا) أَيْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ سَهَا) أَيْ حَيْثُ نَسِيَ مَا لَا يُنْسَى عَادَةً حِينَ عَلِمَهُ خَلْفَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ إنَّمَا هُوَ نِسْيَانُ التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْكَائِنُ عَقِيبَ فَجْرِ عَرَفَةَ فَأَمَّا بَعْدَ تَوَالِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ فَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِنِسْيَانِهِ لِعَدَمِ بُعْدِ الْعَهْدِ بِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ