الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ عَتَقَ إذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ عِنْدَهُ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَفِي الشَّهْرِ الْآتِي فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِنْدَهُمَا إذَا مَضَى لَيْلَةٌ مِنْهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ عَتَقَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ وَفِي الْمُحِيطِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ فَقِيهًا يَعْرِفُ الِاخْتِلَافَ وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَجَعَلَ مَذْهَبَهُمَا أَنَّهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ فَخَالَفَ مَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَدُورُ فِي السَّنَةِ وَقَدْ تَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ الْأَدِلَّةِ الْمُفِيدَةِ لِكَوْنِهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ لِرَمَضَانَ الَّذِي كَانَ عليه الصلاة والسلام الْتَمَسَهَا فِيهِ وَالسِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَنْ تَأَمَّلَ طُرُقَ الْأَحَادِيثِ وَأَلْفَاظَهَا كَقَوْلِهِ إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَك وَإِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا أَنَّهَا بَلْجَةٌ سَاكِنَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا قَارَّةٌ تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بِلَا شُعَاعٍ كَأَنَّهَا طَسْتٌ كَذَا قَالُوا وَإِنَّمَا أُخْفِيَتْ لِيَجْتَهِدَ فِي طَلَبِهَا فَيَنَالُ بِذَلِكَ أَجْرَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا أَخْفَى سُبْحَانَهُ السَّاعَةَ لِيَكُونُوا عَلَى وَجَلٍ مِنْ قِيَامِهَا بَغْتَةً وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْحَجِّ)
لَمَّا كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ الْمَالِ وَالْبَدَنِ وَكَانَ وَاجِبًا فِي الْعُمُرِ مَرَّةً أَخَّرَهُ وَلِمُرَاعَاةِ تَرْتِيبِ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَخَتَمَ بِالْحَجِّ» وَفِي رِوَايَةٍ خَتَمَ بِالصَّوْمِ وَعَلَيْهَا اعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ فِي تَقْدِيمِ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَبِهِمَا قُرِئَ فِي التَّنْزِيلِ الْقَصْدُ إلَى مُعَظَّمٍ لَا مُطْلَقُ الْقَصْدِ كَمَا ظَنَّهُ الشَّارِحُ وَجَعَلَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَفِي الْفِقْهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (هُوَ زِيَارَةُ مَكَان مَخْصُوصٍ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ) وَالْمُرَادُ بِالزِّيَارَةِ الطَّوَافُ وَالْوُقُوفُ وَالْمُرَادُ بِالْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ الْبَيْتُ الشَّرِيفُ وَالْجَبَلُ الْمُسَمَّى بِعَرَفَاتٍ وَالْمُرَادُ بِالزَّمَانِ الْمَخْصُوصِ فِي الطَّوَافِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى آخِرِ الْعُمُرِ وَفِي الْوُقُوفِ زَوَالُ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ الْحَجَّ اسْمٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ الطَّوَافِ الْفَرْضِ وَالْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِمَا مُحْرِمًا بِنِيَّةِ الْحَجِّ سَابِقًا كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ وَانْدَفَعَ بِهِ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ مِنْ فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ فِي الشَّرِيعَةِ جُعِلَ لِقَصْدٍ خَاصٍّ مَعَ زِيَادَةِ وَصْفٍ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَصْدِ وَإِنَّمَا عَرَفَهُ بِالزِّيَارَةِ وَهِيَ فِعْلٌ لَا قَصْدٌ بِدَلِيلِ مَا فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى إذَا حَلَفَ لَيَزُورَنَّ فُلَانًا غَدًا فَذَهَبَ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ وَرَجَعَ يَحْنَثُ. اهـ.
فَلَا بُدَّ مِنْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: عَتَقَ إذَا انْسَلَخَ الشَّهْرُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ حَلْفِهِ فِي هَذَا وَتَأَخَّرَتْ إلَى آخِرِ لَيْلَةٍ فِي ذَاكَ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ إلَّا بِانْسِلَاخِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي إنْ كَانَتْ هِيَ اللَّيْلَةَ الْأُولَى فَقَدْ عَتَقَ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْقَابِلِ وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ أَوْ الرَّابِعَةَ إلَخْ فَقَدْ وُجِدَتْ فِي الْمَاضِي فَتَحَقَّقَ وُجُودُهَا قَطْعًا بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْقَابِلِ.
[كِتَابُ الْحَجِّ]
(قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ مُرَكَّبًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِ لَا أَنَّهُ جُزْءُ مَفْهُومِهِ وَأَخَّرَهُ عَنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْعُ النَّفْسِ شَهَوَاتِهَا وَالْحَجُّ قَدْ يَكُونُ مُشْتَهًى لِاشْتِمَالِهِ عَلَى السَّفَرِ وَفِيهِ تَفْرِيجُ الْهُمُومِ ارْجِعْ إلَى النَّهْرِ (قَوْلُهُ لَا مُطْلَقُ الْقَصْدِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ كَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ اللُّغَةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِكَوْنِهِ إلَى مُعَظَّمٍ لَا مُطْلَقَهُ مُسْتَشْهِدًا بِقَوْلِهِ
وَأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُؤُولًا كَثِيرَةً
…
يَحُجُّونَ سَبَّ الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا
أَيْ يَقْصِدُونَهُ مُعَظِّمِينَ إيَّاهُ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ هَذَا مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ ثُمَّ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقَصْدِ إلَى مَكَّةَ لِلنُّسُكِ تَقُولُ حَجَجْت الْبَيْتَ أَحُجُّهُ حَجًّا فَأَنَا حَاجٌّ اهـ.
قُلْت حَيْثُ أَطْلَقَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ فَتَقْيِيدُهُ بِمَا فِي الْفَتْحِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَقْلٍ وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْقَصْدِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا أَفَادَ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ مَدْلُولَاتِهِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ الْحَجَّ اسْمٌ إلَخْ) هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْفَتْحِ فِي تَعْرِيفِهِ عَادِلًا عَنْ تَعْرِيفِهِمْ إيَّاهُ بِالْقَصْدِ الْخَاصِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْبَحْثِ وَلِمُوَافَقَتِهِ تَعْرِيفَ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ تَخْرِيجُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فِيهِ بَحْثٌ إذْ بِتَقْدِيرِهِ يَكُونُ قَوْلُهُ بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ حَشْوًا إذْ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا قَالُوا هُوَ الطَّوَافُ وَالْوُقُوفُ عَلَى أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِزِيَارَةٍ وَإِذَا فُسِّرَتْ بِالْفِعْلِ آلَ الْمَعْنَى إلَى أَنَّهُ فِعْلٌ بِفِعْلٍ وَفَسَادُهُ لَا يَخْفَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِحْرَامُ وَبِهِ يَصِيرُ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَفَسَّرُوا الزَّمَانَ الْمَخْصُوصَ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي إذْ الْوُقُوفُ الَّذِي هُوَ أَقْوَى أَرْكَانِهِ مُقَيَّدٌ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ فِي الشَّرِيعَةِ) أَيْ حَامِلًا لَهُ أَيْ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ
الذَّهَابِ مَعَ الِاسْتِئْذَانِ وَسَلِمَ مِنْ بَحْثِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ عَلَى الْمَشَايِخِ مِنْ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْقَصْدِ الْخَاصِّ تَعْرِيفٌ لَهُ بِشَرْطِهِ وَلِيُوَافِقَ تَعْرِيفَ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ اسْمٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ هِيَ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَالصَّوْمُ اسْمٌ لِلْإِمْسَاكِ الْخَاصِّ وَالزَّكَاةُ اسْمٌ لِلْإِيتَاءِ الْمَخْصُوصِ فَلْيَكُنْ الْحَجُّ اسْمًا لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَلَا يُرَادُ بِالزِّيَارَةِ الْبَيْتُ فَقَطْ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْحَجُّ اسْمًا لِلطَّوَافِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ رُكْنَهُ شَيْئَانِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوا إنَّ الْمَأْمُورَ بِالْحَجِّ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُجْزِئًا بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا وُجُودَ لِلْحَجِّ إلَّا بِوُجُودِ رُكْنَيْهِ وَلَمْ يُوجَدَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ الْآمِرُ سَوَاءٌ مَاتَ الْمَأْمُورُ أَوْ رَجَعَ وَسَبَبُهُ الْبَيْتُ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الْحَجُّ عَلَى الْمُكَلَّفِ وَشَرَائِطُهُ ثَلَاثَةٌ شَرَائِطُ وُجُوبٍ وَشَرَائِطُ وُجُوبِ أَدَاءً وَشَرَائِطُ صِحَّةٍ فَالْأُولَى ثَمَانِيَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْوَقْتُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْعِلْمُ بِكَوْنِ الْحَجِّ فَرْضًا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا سِتَّةً وَتَرَكَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ وَالْعُذْرُ لَهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ لِكُلِّ عِبَادَةٍ وَقَدْ يُقَالُ كَذَلِكَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يَثْبُتُ لِمَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِمُجَرَّدِ الْوُجُودِ فِيهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْفَرْضِيَّةِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَشَأَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِيهَا، أَوْ لَا فَيَكُونُ ذَلِكَ عِلْمًا حُكْمِيًّا وَلِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ وَعِنْدَهُمَا لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ الْخَمْسَةُ كَمَا عُرِفَ أُصُولًا وَفُرُوعًا وَالثَّانِيَةُ خَمْسَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَزَوَالُ الْمَوَانِعِ الْحِسِّيَّةِ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْحَجِّ وَأَمْنُ الطَّرِيقِ وَعَدَمُ قِيَامِ الْعِدَّةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَخُرُوجُ الزَّوْجِ، أَوْ الْمُحْرِمِ مَعَهَا وَالثَّالِثَةُ أَعْنِي شَرَائِطَ الصِّحَّةِ أَرْبَعَةٌ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ وَالْوَقْتُ الْمَخْصُوصُ وَالْمَكَانُ الْمَخْصُوصُ وَالْإِسْلَامُ وَمِنْهُمْ مَنْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَلِيُوَافِقَ) كَأَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ قَرَّرْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِكَذَا لِمَا مَرَّ وَلِيُوَافِقَ (قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ الْحَجُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَشَايِخَ ذَكَرُوا لَفْظَ الْقَصْدِ الْخَاصِّ وَقَالُوا مَعَ زِيَادَةِ وَصْفٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ وَلَا بُدَّ فِي الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ مَوْجُودًا فِي الْمَعَانِي الِاصْطِلَاحِيَّةِ، وَالِاصْطِلَاحِيُّ أَخَصُّ؛ فَلِذَا ذَكَرُوا اللَّفْظَ اللُّغَوِيَّ وَقَيَّدُوهُ بِالشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ لِيَكُونَ أَخَصَّ وَلَيْسَ غَيْرُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَذْكُورَةِ مَأْخُوذًا فِي مَعْنَاهُ النِّيَّةُ أَوْ الْقَصْدُ وَلِذَا عَرَّفُوا التَّيَمُّمَ بِأَنَّهُ الْقَصْدُ إلَى صَعِيدٍ مُطَهِّرٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوا إلَخْ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَوْتَ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَقَدْ أَتَى بِوُسْعِهِ مِنْ رُكْنٍ أَوْ رُكْنَيْنِ إنْ عُدَّ الْإِحْرَامُ رُكْنًا وَقَدْ وَرَدَ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ: وَشَرَائِطُهُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) زَادَ الْعَلَّامَةُ السِّنْدِيُّ تِلْمِيذُ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْهُمَامِ فِي مَنْسَكِهِ الْمُتَوَسِّطِ الْمُسَمَّى لُبَابَ الْمَنَاسِكِ قِسْمًا رَابِعًا وَهُوَ شَرَائِطُ وُقُوعِ الْحَجِّ عَنْ الْفَرْضِ وَهِيَ تِسْعَةٌ الْإِسْلَامُ وَبَقَاؤُهُ إلَى الْمَوْتِ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْأَدَاءُ بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ وَعَدَمُ نِيَّةِ النَّفْلِ وَعَدَمُ الْإِفْسَادِ وَعَدَمُ النِّيَّةِ عَنْ الْغَيْرِ فَلَا يَقَعُ حَجُّ الْكَافِرِ عَنْ الْفَرْضِ وَلَا عَنْ النَّفْلِ إذَا أَسْلَمَ وَلَا الْمُسْلِمِ إذَا ارْتَدَّ بَعْدَ الْحَجِّ وَإِنْ تَابَ وَلَا الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَإِنْ أَفَاقَ وَبَلَغَ وَعَتَقَ بَعْدَهُ وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ قَبْلَ الْعُذْرِ وَلَا بِنِيَّةِ النَّفْلِ أَوْ عَنْ الْغَيْرِ أَوْ مَعَ الْفَسَادِ فَهَؤُلَاءِ لَوْ حَجُّوا وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْفَرْضُ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ ثَانِيًا إذَا اسْتَطَاعُوا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ وَقْتَ الْحَجِّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي وَقْتِهِ الْمَخْصُوصِ فَكَانَ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ وَشَرْطًا لِلصِّحَّةِ تَأَمَّلْ اهـ.
وَفِي لُبَابِ الْمَنَاسِكِ السَّابِعُ الْوَقْتُ وَهُوَ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَوْ وَقْتُ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ إنْ كَانُوا يَخْرُجُونَ قَبْلَهَا فَلَا يَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ فِيهَا أَوْ فِي وَقْتِ خُرُوجِهِمْ فَإِنْ مَلَكَهُ أَيْ الْمَالَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَهُ صَرْفُهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَا حَجَّ عَلَيْهِ وَإِنْ مَلَكَهُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِ الْحَجِّ فَلَوْ صَرَفَهُ لَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ عَنْهُ وَلَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ وَبَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ قَبْلَ الْوَقْتِ فَخَافُوا الْمَوْتَ وَهُمْ مُوسِرُونَ قِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ الْإِيصَاءُ بِالْحَجِّ وَقِيلَ يَجِبُ فَإِنْ أَوْصُوا بِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ وَصَحَّ عَلَى الثَّانِي وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ شَرْطُ الْوُجُوبِ أَوْ الْأَدَاءِ قَوْلَانِ اهـ.
قَالَ شَارِحُهُ مُنْلَا عَلِيٌّ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَرَجَّحَ ابْنُ الْهُمَامِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَنَسَبَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ صِحَّةَ الْإِيصَاءِ إلَى الْإِمَامِ وَصَاحِبِهِ وَخِلَافَهَا إلَى زُفَرَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ الْوُجُوبِ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ إيصَاؤُهُمْ بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُمْ فِي وَقْتِهِ لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَحَضَرَهُ الْوَفَاةُ وَأَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ عِنْدَنَا وَيُحَجُّ فَجَعَلَ الْمَذْهَبَ الْجَوَازَ وَهُوَ لَا يُنَافِي جَعْلَ الْوَقْتِ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُرَجَّحِ خِلَافَ مَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ وَيَبْنِي عَلَيْهِ صِحَّةَ الْإِيصَاءِ وَعَدَمِهَا اهـ.
قُلْت فَعَلَى هَذَا فَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلْأَدَاءِ لَا تَظْهَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهَا وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الْإِيصَاءِ أَوْ الْإِحْجَاجِ عَنْهُ وَعَدَمِ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجِبُ عَلَى خِلَافِهِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ كَذَلِكَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) أَيْ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ لِكُلِّ عِبَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ مَعَهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ الْمَحْرَمَ شَرْطُ الْوُجُوبِ اهـ.
فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا