الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي هُرَيْرَةَ «سُبْحَانَ اللَّهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» ، فَإِنْ صَحَّتْ وَجَبَ تَرْجِيحُ أَنَّهَا لِلْحَدَثِ اهـ.
وَاتَّفَقُوا أَنَّ حُكْمَهُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا الطَّهَارَةُ؛ وَلِذَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ إنَّمَا مَنَعُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ نَجَاسَتِهِ خَطَأً وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ، وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَكَفَنُهُ سُنَّةً: إزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ» وَسَحُولُ بِفَتْحِ السِّينِ قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ وَالْإِزَارُ وَاللِّفَافَةُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ وَالْقَرْنُ هُنَا بِمَعْنَى الشَّعْرِ وَاللِّفَافَةُ هِيَ الرِّدَاءُ طُولًا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُخْتَارِ أَنَّ الْإِزَارَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْقَدَمِ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ وَبَحَثَ فِيهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إزَارُ الْمَيِّتِ كَإِزَارِ الْحَيِّ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّهُ «عليه السلام أَعْطَى اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ حَقْوَةً» ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْإِزَارُ لِلْمُجَاوَرَةِ وَالْقَمِيصُ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْقَدَمِ بِلَا دَخَارِيصَ؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي قَمِيصِ الْحَيِّ لِيَتْبَعَ أَسْفَلَهُ لِلْمَشْيِ وَبِلَا جَيْبٍ، وَلَا كُمَّيْنِ، وَلَا يُكَفُّ أَطْرَافُهُ، وَلَوْ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ قُطِعَ جَيْبُهُ وَلَبَتُّهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُرَادُ بِالْجَيْبِ الشِّقُّ النَّازِلُ عَلَى الصَّدْرِ، وَفِي الْعِنَايَةِ التَّكْفِينُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ هُوَ السُّنَّةُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ أَصْلُ التَّكْفِينِ وَاجِبًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْعِمَامَةَ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى وَتُكْرَهُ الْعِمَامَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاسْتَحْسَنَهَا بَعْضُهُمْ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُعَمِّمُهُ وَيَجْعَلُ الْعَذَبَةَ عَلَى وَجْهِهِ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ اسْتَحْسَنَهَا بَعْضُهُمْ لِلْعُلَمَاءِ وَالْأَشْرَافِ فَقَطْ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ لِلرَّجُلِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَصَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى بِكَرَاهَتِهَا وَاسْتَثْنَى فِي رَوْضَةِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ مَا إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كُفِّنَ كَفَنًا وَسَطًا اهـ.
وَلَمْ يُبَيِّنْ لَوْنَ الْأَكْفَانِ لِجَوَازِ كُلِّ لَوْنٍ لَكِنَّ أَحَبَّهَا الْبَيَاضُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهَا لِجَوَازِ الْكُلِّ لَا مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ حَالَ الْحَيَاةِ كَالْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَقَدْ قَالُوا فِي بَابِ الشَّهِيدِ إنَّهُ يُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوَةُ مُعَلِّلِينَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّكْفِينُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ الْمَسْنُونِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَفَنِ سَتْرُهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِهِمَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْجَدِيدُ وَالْخَلَقُ فِيهِ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ نَظِيفًا مِنْ الْوَسَخِ وَالْحَدَثِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُكَفَّنُ الْمَيِّتُ كَفَنَ مِثْلِهِ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى ثِيَابِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِخُرُوجِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَذَلِكَ كَفَنُ مِثْلِهِ وَتُحَسَّنُ الْأَكْفَانُ لِلْحَدِيثِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ الْمَوْتَى؛ لِأَنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَتَفَاخَرُونَ بِحُسْنِ أَكْفَانِهِمْ» اهـ.
(قَوْلُهُ وَكِفَايَةً: إزَارٌ وَلِفَافَةٌ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» وَاخْتُلِفَ فِيهِمَا فَقِيلَ قَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ وَصَحَّحَ الشَّارِحُ مَا فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّخْصِيصِ بِالْإِزَارِ وَاللِّفَافَةِ؛ لِأَنَّ كَفَنَ الْكِفَايَةِ مُعْتَبَرٌ بِأَدْنَى مَا يَلْبَسُهُ الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ ثَوْبَانِ كَمَا عُلِّلَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ قَالُوا: وَيُكْرَهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالُوا إذَا كَانَ بِالْمَالِ قِلَّةٌ وَبِالْوَرَثَةِ كَثْرَةٌ فَكَفَنُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى، وَعَلَى الْقَلْبِ كَفَنُ السُّنَّةِ أَوْلَى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُبَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ حَتَّى تُرِكَ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَ كَثْرَتِهِمْ فَالدَّيْنُ أَوْلَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَحَّتْ وَجَبَ تَرْجِيحُ أَنَّهَا لِلْحَدَثِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ يُخَالِفُهُ، فَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ وَجَبَ تَأْوِيلُهَا، وَهُوَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ أَيْ بِالْحَدَثِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ جَنَابَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْ لَا يَصِيرُ نَجِسًا بِالْجَنَابَةِ كَالنَّجَاسَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي إبْعَادُهَا عَنْ الْمُحْتَرَمِ كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا وَالْإِجْمَاعُ بِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ إذَا أَصَابَتْهُ. اهـ.
لَكِنْ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ حَيًّا، وَلَا مَيِّتًا» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَيَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَدَثٌ اهـ.
[تَكْفِين الْمَيِّت]
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى بِكَرَاهَتِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْمَذْكُورُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْخُنْثَى فَالِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّلَاثِ لِنَفْيِ كَوْنِ الْأَقَلِّ مَسْنُونًا (قَوْلُهُ كَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْمُرَادُ بِالثَّوْبَيْنِ فِي كَلَامِ الْبَدَائِعِ الْإِزَارُ وَالرِّدَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَدْنَى مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَلِأَنَّ أَدْنَى مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثَوْبَانِ اهـ.
نَعَمْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقَمِيصَ مَعَ الْإِزَارِ كِفَايَةٌ. اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَقُولُ: وَهُوَ الْمَطْلُوبُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّخْصِيصِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِمَا فِي كَلَامِهِ ذَلِكَ فَكَلَامُ الْبَحْرِ بِالنَّظَرِ إلَى التَّعْلِيلِ لَا الْمُعَلَّلِ
مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهَا لِلدَّيْنِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ إذَا أَفْلَسَ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، وَهُوَ لَابِسُهَا وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ لِيُبَاعَ (قَوْلُهُ وَضَرُورَةً: مَا يُوجَدُ) ثَابِتٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَقَدْ شَرَحَ عَلَيْهِ مِسْكِينٌ وَبَاكِيرُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ فَأَنْكَرَهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ «بِحَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إلَّا نَمِرَةٌ فَكَانَتْ إذَا وُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا وُضِعَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُغَطَّى رَأْسُهُ وَيُجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْإِذْخِرِ» وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَحْدَهَا لَا يَكْفِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَلُفَّ مِنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَمِينِهِ) أَيْ لُفَّ الْكَفَنُ مِنْ يَسَارِ الْمَيِّتِ ثُمَّ يَمِينِهِ وَكَيْفِيَّتُهُ: أَنْ تُبْسَطَ اللِّفَافَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْإِزَارُ فَوْقَهَا وَيُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِمَا مُقَمَّصًا ثُمَّ يُعْطَفَ عَلَيْهِ الْإِزَارُ وَحْدَهُ مِنْ قِبَلِ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ لِيَكُونَ الْأَيْمَنُ فَوْقَ الْأَيْسَرِ ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، وَفِي الْبَدَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْإِزَارُ طَوِيلًا حَتَّى يُعْطَفَ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ فَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَعُقِدَ إنْ خِيفَ انْتِشَارُهُ) صِيَانَةً عَنْ الْكَشْفِ.
(قَوْلُهُ وَكَفَنُهَا سُنَّةً: دِرْعٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ وَخِرْقَةٌ تُرْبَطُ بِهَا ثَدْيَاهَا) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ» وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهَا زَيْنَبُ، وَفِي أَبِي دَاوُد أَنَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْقَمِيصَ لَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الدِّرْعَ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِلِاخْتِلَافِ فِي الدِّرْعِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ دِرْعُ الْمَرْأَةِ مَا تَلْبَسُهُ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَعَنْ الْحَلْوَانِيِّ مَا جَيْبُهُ إلَى الصَّدْرِ وَالْقَمِيصُ مَا شِقُّهُ إلَى الْمَنْكِبِ، وَلَمْ أَجِدْهُ أَنَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ اهـ.
وَاخْتُلِفَ فِي عَرْضِ الْخِرْقَةِ فَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى السُّرَّةِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى الرُّكْبَةِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ الْكَفَنُ بِالْفَخِذَيْنِ وَقْتَ الْمَشْيِ (قَوْلُهُ وَكِفَايَةً: إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ) اعْتِبَارًا بِلُبْسِهَا حَالَ حَيَاتِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَيُكْرَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْخُلَاصَةِ كَفَنُ الْكِفَايَةِ لَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ فَلَمْ يَذْكُرْ الْخِمَارَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمَا فِي الْكِتَاب مِنْ عَدِّ الْخِمَارِ أَوْلَى، لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْهِدَايَةِ مَا عَدَا الْخِمَارَ بَلْ قَالَ: ثَوْبَانِ وَخِمَارٌ فَفَسَّرَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْقَمِيصِ وَاللِّفَافَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَدَمُ التَّعْيِينِ بَلْ إمَّا قَمِيصٌ وَإِزَارٌ أَوْ إزَارَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَلَا يَبْعُدُ الْجَوَابُ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَعَلَّهُ كَوْنُ التَّعْبِيرِ بِالْأَوْلَى لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. اهـ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَخْذِ مِنْ الْحَيِّ لِاحْتِيَاجِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَيِّتُ. اهـ.
لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْكَالَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ فَأَنَّى يَصِحُّ هَذَا الْجَوَابُ وَكَتَبَ الرَّمْلِيُّ هُنَا أَقُولُ: قَالَ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ يُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْكِفَايَةِ وَيُقْضَى بِالْبَاقِي الدَّيْنُ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ يُمْكِنُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا يَبِيعُ الْقَاضِي وَيَقْضِي الدَّيْنَ وَيَشْتَرِيَ بِالْبَاقِي ثَوْبًا يَكْفِيهِ فَكَذَا فِي الْمَيِّتِ الْمَدْيُونِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْمِنَحِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَمْنَعُوا عَنْ كَفَنِ الْمِثْلِ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ صَرَّحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ شَرْحِ فَرَائِضِ مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّصْحِيحِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ خِلَافُ الصَّحِيحِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَيُّ لَا يُمْكِنُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا وَعَلَى كُلٍّ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَةِ الزَّيْلَعِيِّ فَأَنْكَرَهَا) الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتِي وُجُودَهَا، وَلَمْ أَجِدْ إنْكَارَهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُر الدِّرْعَ، وَهُوَ الْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَى قَمِيصِ الْمَرْأَةِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الْقَامُوسِ، وَعَلَى مَا تَلْبَسُهُ فَوْقَ الْقَمِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُغْرِبِ فَكَانَ ذِكْرُ الْقَمِيصِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الدِّرْعِ، وَفِي ذِكْرِ الدِّرْعِ إيهَامُ الْمَعْنَى الثَّانِي لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّى يُتَوَهَّمُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ وَتَلْبَسُ الدِّرْعَ أَوَّلًا اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِيهَامَ يَحْصُلُ أَوَّلًا ثُمَّ يَرْتَفِعُ بَعْدُ فَمَا لَا إيهَامَ فِيهِ أَصْلًا أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُذَكَّرٌ) أَيْ بِخِلَافِ الدِّرْعِ الْحَدِيدِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ قَالَ تَعَالَى {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] قَالَ فِي الْقَامُوسِ، وَقَدْ يُذَكَّرُ (قَوْلُهُ مِنْ عَدِّ الْخِمَارِ أَوْلَى) قَالَ فَإِنَّ بِهَذَا يَكُونُ جَمِيعُ عَوْرَتِهَا مَسْتُورَةً بِخِلَافِ تَرْكِ الْخِمَارِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَنْبَعِ وَالتَّنْوِيرِ وَمِثْلَ مَا فِي الْمَتْنِ عَنْ الْعُيُونِ وَالنُّقَايَةِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْمُشْكِلَاتِ وَالْمِفْتَاحِ وَالْمُلْتَقَى وَالْحَاوِي وَالْإِيضَاحِ وَمِثْلَ مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْكَفَافِيِّ وَالتَّاجِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِثْلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُبْتَغَى وَالْفَيْضِ وَعَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ وَقَالَ يُؤَيِّدُ مَا اسْتَظْهَرَهُ اخْتِلَافُ عِبَارَاتِهِمْ كَمَا نَقَلْنَاهُ فِي تَأْدِيَةِ الْكِفَايَةِ لَهَا لَكِنَّنَا لَمْ نَجِدْ ذِكْرَ الْإِزَارَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَلَعَلَّهُمْ لَاحَظُوا فِي تَرْكِ ذِكْرِهِ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْمَسْنُونِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا. اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ هُوَ دَاخِلٌ
وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْكُلِّ لَكِنْ جَعْلُهُمَا إزَارَيْنِ زِيَادَةٌ فِي سَتْرِ الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي التَّبْيِينِ، وَمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ كَفَنُ الضَّرُورَةِ فِي حَقِّهَا.
(قَوْلُهُ وَتُلْبَسُ الدِّرْعَ أَوَّلًا ثُمَّ يُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا ثُمَّ الْخِمَارُ فَوْقَهُ تَحْتَ اللِّفَافَةِ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ ثُمَّ اللِّفَافَةُ) كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ الْخِرْقَةُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ
، وَفِي الْجَوْهَرَةِ تُوضَعُ الْخِرْقَةُ تَحْتَ اللِّفَافَةِ وَفَوْقَ الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ
(قَوْلُهُ وَتُجَمَّرُ الْأَكْفَانُ أَوَّلًا وِتْرًا) ؛ لِأَنَّهُ «عليه السلام أَمَرَ بِإِجْمَارِ أَكْفَانِ امْرَأَتِهِ» وَالْمُرَادُ بِهِ التَّطَيُّبُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ فِيهَا الْمَيِّتُ وَجَمِيعُ مَا يُجَمَّرُ فِيهِ الْمَيِّتُ ثَلَاثُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَعِنْدَ غُسْلِهِ وَعِنْدَ تَكْفِينِهِ، وَلَا يُجَمَّرُ خَلْفُهُ، وَلَا فِي الْقَبْرِ، وَفِي الْمُجْتَبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالتَّجْمِيرِ جَمْعَهَا وِتْرًا قَبْلَ الْغُسْلِ يُقَالُ أَجْمَرَ كَذَا إذَا جَمَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ التَّطَيُّبَ بِعُودٍ يُحْرَقُ فِي مِجْمَرَةٍ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي تَجْمِيرِهَا عَلَى خَمْسٍ، وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُكَفَّنُونَ اثْنَا عَشَرَ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَا، وَالثَّالِثُ الْمُرَاهِقُ الْمُشْتَهَى، وَهُوَ كَالْبَالِغِ وَالرَّابِعُ الْمُرَاهِقَةُ الَّتِي تُشْتَهَى، وَهِيَ كَالْمَرْأَةِ وَالْخَامِسُ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُرَاهِقْ فَيُكَفَّنُ فِي خِرْقَتَيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي وَاحِدٍ أَجْزَأَ وَالسَّادِسُ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُرَاهِقْ فَعَنْ مُحَمَّدٍ كَفَنُهَا ثَلَاثَةٌ وَهَذَا أَكْثَرُ وَالسَّابِعُ السِّقْطُ فَيُلَفُّ، وَلَا يُكَفَّنُ كَالْعُضْوِ مِنْ الْمَيِّتِ وَالثَّامِنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُكَفَّنُ كَتَكْفِينِ الْجَارِيَةِ وَيُنْعَشُ وَيُسَجَّى قَبْرُهُ وَالتَّاسِعُ الشَّهِيدُ وَسَيَأْتِي وَالْعَاشِرُ الْمُحْرِمُ، وَهُوَ كَالْحَلَالِ عِنْدَنَا، وَالْحَادِيَ عَشَرَ الْمَنْبُوشُ الطَّرِيُّ فَيُكَفَّنُ كَاَلَّذِي لَمْ يُدْفَنْ وَالثَّانِي عَشَرَ الْمَنْبُوشُ الْمُتَفَسِّخُ فَيُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَنُ، وَهُوَ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ إلَى قَدْرِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَلَوْ نُبِشَ عَلَيْهِ وَسُرِقَ كَفَنُهُ، وَقَدْ قُسِمَ الْمِيرَاثُ أَجْبَرَ الْقَاضِي الْوَرَثَةَ عَلَى أَنْ يُكَفِّنُوهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْغُرَمَاءُ بَدَأَ بِالْكَفَنِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَالْكَفَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانُوا قَبَضُوا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ عَيْنُ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ حُكْمًا؛ وَلِهَذَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَصَارَ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ قَائِمًا بِبَقَاءِ خَلَفِهِ، وَاسْتَثْنَى أَبُو يُوسُفَ الزَّوْجَةَ فَإِنَّ كَفَنَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَكِنْ اخْتَلَفَتْ الْعِبَارَاتُ فِي تَحْرِيرِ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ الْكَفَنُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
وَكَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَزَادَ، وَلَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لَوَجَبَ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ وَهُوَ قَدْ كَانَ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهَا فَرَجَحَ عَلَى سَائِرِ الْأَجَانِبِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ تَجْهِيزُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَيَّدَ شَارِحُ الْمَجْمَعِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا فِي مَالِهَا اتِّفَاقًا
وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا وَالْكِسْوَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ غَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ فَقِيرَةً غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَصَحَّحَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ النَّفَقَاتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ فَكَفَنُهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَفَنُ الْعَبْدِ
ــ
[منحة الخالق]
فِي إطْلَاقِ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ وَجْهِ أَوْلَوِيَّةِ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ يُرَجِّحُ أَنَّ الْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُجْتَبَى يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبَعْدَهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ إلَّا فِي حَالِ كَوْنِهِ وِتْرًا فَيُخْرَجُ مِنْهُ كَفَنُ الْكِفَايَةِ لِلرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ (قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ إلَخْ) كَانَ حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ لَهُ مَالٌ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا اتِّفَاقًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنِّفِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ، وَلَا مَالَ لَهَا فَتَجْهِيزُهَا وَتَكْفِينُهَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُوسِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَفَنُهَا؛ لِأَنَّ كِسْوَتَهَا فِي حَيَاتِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَالَةَ الْمَوْتِ مِنْ نُشُوزٍ أَوْ صِغَرٍ مَعَ كِبَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ النَّفَقَاتِ) أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نَفَقَاتِ الْوَلْوَالِجيَّةِ هَكَذَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَا مَالَ لَهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى كَفَنِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْعَبْدِ مَعَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى كَفَنِهَا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى تَكْفِينِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوْلَى بِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِإِيجَابِ الْكَفَنِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا. اهـ.