الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضٌ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ اهـ فَيَدْخُلُ الْحَيَوَانُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا أُسِيمَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ زَكَاةِ السَّوَائِمِ وَالْعُرْضُ بِالضَّمِّ الْجَانِبُ مِنْهُ، وَمِنْهُ أَوْصَى بِعُرْضِ مَالِهِ أَيْ جَانِبٍ مِنْهُ بِلَا تَعْيِينٍ، وَالْعِرْضُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَا يُحْمَدُ الرَّجُلُ وَيُذَمُّ عِنْدَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قُيِّدَ بِكَوْنِهَا لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْغَلَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُبَايَعَةِ
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ نَاوِيًا بَيْعَهُ إنْ وَجَدَ رِبْحًا لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ فِي الْعَرْضِ مَانِعٌ مِنْ نِيَّةِ التِّجَارَةِ كَأَنْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ نَاوِيًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ وَزَرَعَهَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الثِّنَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَجَوَابُ مُنْلَا خُسْرو بِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مِنْ الْعُرُوضِ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدٍ إيَّاهَا بِمَا لَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ، وَلَا وَزْنٌ، وَلَا يَكُونُ عَقَارًا، وَلَا حَيَوَانًا مَرْدُودٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ تَفْسِيرُهَا هُنَا بِمَا لَيْسَ بِنَقْدٍ وَلِذَا لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَذْرَهُ فِي الْأَرْضِ أَبْطَلَ كَوْنَهُ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ نَوَى الْخِدْمَةَ فِي عَبْدِ التِّجَارَةِ أَسْقَطَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ التَّصَرُّفُ الْأَقْوَى أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَزْرَعْهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الزَّيْلَعِيِّ كَمَا لَا يَخْفَى، وَاعْلَمْ أَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ فِي الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ ثَابِتَةً فِي بَدَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَخْصُهَا فِيهِ، وَهُوَ مَا قُوبِضَ بِهِ مَالُ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْبَدَلِ حُكْمُ الْأَصْلِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِلتِّجَارَةِ فَقَتَلَهُ عَبْدٌ خَطَأً، وَدُفِعَ بِهِ فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ عَمْدًا، وَأُجْرَةُ دَارِ التِّجَارَةِ وَعَبْدِ التِّجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ ثَمَنِ مَالِ التِّجَارَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ
وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَلَوْ ابْتَاعَ مُضَارِبٌ عَبْدًا وَثَوْبًا لَهُ وَطَعَامًا وَحَمُولَةً وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ قَصَدَ غَيْرَ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ إلَّا لِلتِّجَارَةِ بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُزَكِّي الثَّوْبَ وَالْحَمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُحْمَلُ عَدَمُ تَزْكِيَةِ الثَّوْبِ لِرَبِّ الْمَالِ مَا دَامَ لَمْ يَقْصِدْ بَيْعَهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ النَّخَّاسُ إذَا بَاعَ دَوَابَّ لِلْبَيْعِ وَاشْتَرَى لَهَا جِلَالًا وَمَقَاوِدَ فَإِنْ كَانَ لَا يَدْفَعُ ذَلِكَ مَعَ الدَّابَّةِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُهَا مَعَهَا وَجَبَ فِيهَا وَكَذَا الْعَطَّارُ إذَا اشْتَرَى قَوَارِيرَ اهـ.
وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ ثَوْبَ الْعَبْدِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ بِلَا ذِكْرٍ تَبَعًا حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا أَصْلًا فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ بِخِلَافِ جُلِّ الدَّوَابِّ وَالْقَوَارِيرِ فَإِنَّهُ مَبِيعٌ قَصْدًا وَلِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَبِيعِ بِلَا ذِكْرٍ، وَإِنَّمَا قَالَ نِصَابُ وَرِقٍ، وَلَمْ يَقُلْ نِصَابُ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّ الْوَرِقَ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمٌ لِلْمَضْرُوبِ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَبْلُغَ الْعُرُوض قِيمَةَ نِصَابٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقَوُّمِ، وَالْعُرْفُ أَنْ تُقَوَّمَ بِالْمَصْكُوكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ إلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَوَّمَهَا بِالْفِضَّةِ، وَإِنْ شَاءَ بِالذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَيْنِ فِي تَقْدِيرِ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ بِهِمَا سَوَاءٌ، وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ كَانَ تَقْوِيمُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ يُتِمُّ النِّصَابَ وَبِالْآخِرِ لَا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهُ بِمَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا مَا يُفِيدُ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ فَقَدْ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ إنْ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ قُوِّمَ بِالدَّنَانِيرِ تَجِبُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُقَوَّمُ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ وَسَدًّا لَخَلَّتِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُقَوَّمُ بِمَا اشْتَرَى فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ يُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ تَخْيِيرُهُ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ بِأَحَدِهِمَا نِصَابًا تَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ يُقَوَّمُ بِالْأَنْفَعِ وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَتَفْسِيرُ الْأَنْفَعِ أَنْ يُقَوِّمَهَا بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَيُقَوَّمُ الْعَرْضُ بِالْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَعَثَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُقَوَّمُ فِي ذَلِكَ الَّذِي
ــ
[منحة الخالق]
[زَكَاة عُرُوضِ التِّجَارَة]
(قَوْلُهُ: وَجَوَابُ مُنْلَا خُسْرو) أَيْ مِنْ اعْتِرَاضِ الزَّيْلَعِيِّ وَنَظَرَ فِي النَّهْرِ فِي كَلَامِ مُنْلَا خُسْرو بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمَا صَحَّتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِيهَا مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الْمُؤَدِّي إلَى الثِّنَى (قَوْلُهُ فَلَأَنْ يَسْقُطَ التَّصَرُّفُ الْأَقْوَى أَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْخِدْمَةِ فِي عَبْدِ التِّجَارَةِ مُسْقِطًا وُجُوبَ الزَّكَاةِ فَلَأَنْ يُسْقِطَ الْوُجُوبَ أَيْضًا التَّصَرُّفُ الْأَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ، وَهُوَ الزِّرَاعَةُ أَوْلَى، وَهَذَا الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ الزَّيْلَعِيِّ لِمُنْلَا خُسْرو أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ الزَّيْلَعِيِّ) أَيْ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَرِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: هَذَا الْحَمْلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الْمَالِكَ كَمَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِلتِّجَارَةِ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِلنَّفَقَةِ وَالْبِذْلَةِ يَعْنِي فَلَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِذَا قَصَدَ حِينَ شِرَائِهِ بَيْعَهُ مَعَهُ فَقَدْ نَوَى التِّجَارَةَ بِهِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ لِمَا قَدْ عَلِمْت، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ قَصْدِهِ مَقْصُودَ التَّبَعِيَّةِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ يَصِحُّ قَصْدُهُ بِهِمَا، وَإِنْ دَخَلَ تَبَعًا عَلَى أَنَّ دُخُولَ الثَّوْبِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ بَلْ ثِيَابُ الْمِهْنَةِ ثَمَّ مَعَ الدُّخُولِ لَا تَتَعَيَّنُ بَلْ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَعْطَى غَيْرَهَا مِمَّا هُوَ كِسْوَةُ مِثْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ
فِيهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمْصَارِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ يُقَوَّمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوُجُوبِ، وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الْأَدَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
(قَوْلُهُ وَنُقْصَانُ النِّصَابِ فِي الْحَوْلِ لَا يَضُرُّ إنْ كَمُلَ فِي طَرَفَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ اعْتِبَارُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَائِهِ إمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ابْتِدَائِهِ لِلِانْعِقَادِ وَتَحْقِيقِ الْغِنَاءِ، وَفِي انْتِهَائِهِ لِلْوُجُوبِ، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْبَقَاءِ قُيِّدَ بِنُقْصَانِ النِّصَابِ أَيْ قَدْرِهِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ وَصْفِهِ كَهَلَاكِ الْكُلِّ كَمَا إذَا جَعَلَ السَّائِمَةَ عَلُوفَةً؛ لِأَنَّ الْعَلُوفَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ أَمَّا بَعْدَ فَوَاتِ بَعْضِ النِّصَابِ بَقِيَ بَعْضُ الْمَحَلِّ صَالِحًا لِبَقَاءِ الْحَوْلِ وَشُرِطَ الْكَمَالُ فِي الطَّرَفَيْنِ لِنُقْصَانِهِ فِي الْحَوْلِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ زَكَاةٌ مَا بَقِيَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا، وَقَالَ زُفَرُ: يَقْطَعُ اهـ.
وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ لَهُ غَنَمٌ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي نِصَابًا فَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَسَلَخَهَا وَدَبَغَ جِلْدَهَا فَتَمَّ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا وَلَوْ كَانَ لَهُ عَصِيرٌ لِلتِّجَارَةِ فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا فَتَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهَا قَالُوا: لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى الْجِلْدِ مُتَقَوِّمٌ فَيَبْقَى الْحَوْلُ بِبَقَائِهِ، وَفِي الثَّانِي بَطَلَ تَقَوُّمَ الْكُلِّ بِالْخَمْرِيَّةِ فَهَلَكَ كُلُّ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى عَصِيرًا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَخَمَّرَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا مَضَى سَبْعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا صَارَ خَلًّا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَمَّتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا كَانَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ وَالذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْوُجُوبَ فِي الْكُلِّ بِاعْتِبَارِ التِّجَارَةِ، وَإِنْ افْتَرَقَتْ جِهَةُ الْإِعْدَادِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ صَارَ سَبَبًا، وَضَمُّ إحْدَى النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ قِيمَةً مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا الضَّمُّ بِالْأَجْزَاءِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ حَتَّى إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا هُمَا يَقُولَانِ الْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْقَدْرُ دُونَ الْقِيمَةِ حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي مَصُوغٍ وَزْنُهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقِيمَتُهُ فَوْقَهُمَا، وَهُوَ يَقُولُ الضَّمُّ لِلْمُجَانَسَةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ دُونَ الصُّورَةِ فَيُضَمُّ بِهَا،
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَكْمِيلُ نِصَابِ الدَّرَاهِمِ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَمْكَنَ تَكْمِيلُ نِصَابِ الدَّنَانِيرِ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَبْلُغُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتَكْمُلُ احْتِيَاطًا لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ اهـ.
وَبِهَذَا ظَهَرَ بَحْثُ الزَّيْلَعِيِّ مَنْقُولًا، وَضَعَّفَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْقِيمَةَ لَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ عِنْدَهُ كَمِائَةٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ إيجَابَ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ بَلْ الْإِيجَابُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُ الْمُحِيطِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ مِنْ جِهَةِ كُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ لَا مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ يَتِمُّ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ فَكَيْفَ يَكُونُ تَعْلِيلًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْآخَرِ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ تُسَاوِي مِائَةً وَثَمَانِينَ فَإِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا خَمْسَةٌ وَالظَّاهِرُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ إلَخْ) تَقَدَّمَ خِلَافُهُ أَوَّلَ كِتَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِلْكُ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٌ عَنْ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ حَتَّى إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ وُجُوبَ الضَّمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا تَامًّا وَلَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَيْهِ لَا يَجِبُ الضَّمُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ زَكَاتَهُ وَلَوْ ضَمَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ رَوَاجًا، وَإِلَّا فَيُؤَدِّي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعَ عُشْرِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النِّصَابَيْنِ زِيَادَةٌ فَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ ضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ بِحِسَابِهَا، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَيَنْظُرُ إنْ بَلَغَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا يَجِبُ ضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لِتُتِمَّ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْكُسُورِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ) عَزَاهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى الْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ مَنْفَعَةُ الْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْفِضَّةُ بِالذَّهَبِ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا بِدِينَارٍ. اهـ.