الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وهو جائز في المكيلات والموزونات لقوله عليه السلام: «من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» والمراد بالموزونات غير الدراهم والدنانير؛ لأنهما أثمان، والمسلم فيه لا بد أن يكون مثمنا، فلا يصح السلم فيها. ثم قيل: يكون باطلا.
ــ
[البناية]
فإنه يحتاج إليه الفقير والغني لأنه ربما لا يكون عنده عين مال يبيعها وينفق على نفسه فيحتاج إلى أخذ السلم والغني يحتاج إلى أن ينفق على نفسه وعياله، فيحتاج إلى الاسترباح والاسترباح يحصل بهذا الطريق أكثر مما يحصل بشراء الأعيان، لأن الأعيان تشترى بمثل والدين بأقل يأكل منه فجوز باعتبار الحاجة.
[السلم في الدراهم والدنانير]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وهو) ش: أي السلم م: جائز في المكيلات) ش: يعني في كل كيلي م: والموزونات) ش: يعني في كل وزني م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن المنهال قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما الحديث، وقد مضى الآن، ورواه أحمد في مسنده بلفظ «فلا يسلف إلا في كيل معلوم» .
قال البيهقي: قال الشافعي رضي الله عنه معناه إذا أسلف أحدكم في كيل فليسلف في كيل معلوم وإن أسلف فليسلف في وزن معلوم، وإذا سمى أجلا فليسلم أجلا معلوما.
م: (والمراد) ش: أي مراد القدوري في قوله م: (بالموزونات غير الدراهم والدنانير لأنهما أثمان، والمسلم فيه لا بد أن يكون مثمنا) ش: لكونه مبيعا م: (فلا يصح السلم فيهما) ش: أي في الدراهم والدنانير، صورته أن يسلم عشرة أذرع من الكرباس وغيره من المكيل والموزون في عشرة دراهم أو دنانير، أما لو أسلم عشرة دراهم في عشرة دنانير لا يجوز بالإجماع؛ لأنه ربا.
واختلف المشايخ في السلم في الدراهم والدنانير، أشار المصنف إلى بيانه بقوله م:(ثم قيل يكون باطلا) ش: أي يكون السلم باطلا، وهو قول عيسى بن أبان.
وقال الكاكي: هذا الاختلاف فيما إذا أسلم الحنطة أو غيرها من المعروض.
وفي " المبسوط " لو أسلم الحنطة في الذهب والفضة لا يجوز عندنا، وعند الشافعي في القدر يجوز، وبه قال مالك بناء على أن النقد يصلح أن يكون مبيعا عنده، ولكن ذكر في كتبهم أنه يصح مطلقا ويذكر ستة أوصاف، النوع واللون والجودة وأنه حديث أو عتيق وصغار أو كبار، وعندنا لا يصح.
وقيل: ينعقد بيعا بثمن مؤجل تحصيلا لمقصود المتعاقدين بحسب الإمكان، والعبرة في العقود للمعاني، والأول أصح لأن التصحيح إنما يجب في محل أوجبا العقد فيه ولا يمكن ذلك.
قال: وكذا في المذروعات؛ لأنه يمكن ضبطها بذكر الذرع والصفة والصنعة، ولا بد منها لترتفع الجهالة فيتحقق شرط صحة السلم،
ــ
[البناية]
م: (وقيل ينعقد بيعا) ش: وهو قول أبي بكر الأعمش فعنده ينعقد بيعا م: (بثمن مؤجل تحصيلا لمقصود المتعاقدين بحسب الإمكان، والعبرة في العقود للمعاني) ش: لا للألفاظ م: (والأول) ش: وهو قول عيسى بن أبان م: (أصح لأن التصحيح) ش: أي تصحيح العقد م: (إنما يجب في محل أوجبا) ش: أي البائع والمشتري م: (العقد فيه) ش: وهو الدراهم والدنانير م: (ولا يمكن ذلك) ش: أي تصحيحه في محل آخر؛ لأنهما لم يوجبا العقد فيه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وكذا) ش: أي يجوز م: (في المذروعات) ش: ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة م: (لأنه يمكن ضبطها بذكر الذرع) ش: أي طولا وعرضا م: (والصفة والصنعة، ولا بد منها) ش: أي من الصفات الثلاث م: (لترتفع الجهالة فيتحقق شرط صحة السلم) ش: والتفاوت اليسير بعدها غير معتبر لأنه لا يفضي إلى المنازعة المانعة من التسليم والتسلم.
وفي " المجتبى " والقياس أن لا يجوز السلم في المذروعات كالثياب والحصر والبواري لتعذر قبولها في الذمة، ولهذا لا يضمن بالمثل بالاستهلاك كالجواهر، لكن ترك ذلك بإجماع الفقهاء، انتهى.
وقيل ألحقت المذروعات بالمكيلات والموزونات بدلالة النص، لأن قوله عليه السلام: من أسلم منكم.. الحديث يقتضي الجواز في المكيلات والموزونات باعتبار التسوية في التسليم على ما وصف في المسلم فيه، والتسوية تتحقق في المذروعات فيجوز إلحاقها بهما بطريق الدلالة.
فإن قيل: إنما يجوز العمل بالدلالة إذا لم يعارضه عبارة النص، وهاهنا عبارة قوله عليه أفضل الصلاة والسلام:«لا تبع ما ليس عندك» نافية لإلحاقها بهما، لأن تلك العبارة لما خصصت بالكيلي والوزني بالحديث انحصر الجواز فيهما وبقي ما وراءهما تحت نفي عبارة قوله عليه السلام: لا تبع
…
الحديث، والمذروع فيما وراءهما فلا يصح العمل بالدلالة.
قلنا: هذا الذي ذكرته حجة عليك، لأن العام من الكتاب إذا خص منه البعض لا يبقى الباقي حجة أصلا عند الكرخي، فيكف في السنة؟!، وعلى القول المختار إن بقي حجة ولكن مرتبته دون مرتبة القياس وخبر الواحد ولا شك أن دلالة النص أقوى من القياس وخبر الواحد، فلم يكن ذلك العام معارضا للدلالة، فبقيت الدلالة سالمة عن المعارض فيجوز السلم في
وكذا في المعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض؛ لأن العددي المتقارب معلوم، مضبوط الوصف، مقدور التسليم، فيجوز السلم فيه، والصغير والكبير فيه سواء باصطلاح الناس على إهدار التفاوت،
بخلاف البطيخ والرمان؛ لأنه يتفاوت آحاده تفاوتا فاحشا، وتفاوت الآحاد في المالية يعرف العددي المتفاوت. وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز في بيض النعامة لأنه يتفاوت آحاده في المالية،
ــ
[البناية]
المذروعات والعدديات الثابت بها مساويا لما ثبت بالنص أو أقوى. وفي " الإيضاح " جواز السلم في الثياب بطريق الاستحسان؛ لأنها مصنوع العبد، والعبد يصنع بالآلة، فإذا اتخذ الآلة والصانع يتخذ المصنوع فلا يبقى بعد ذلك إلا قليل تفاوت، وذا يحتمل في المعاملات دون الاستهلاكات، ألا ترى أن الأب إذا باع مال ولده الصغير بغبن يسير كان متحملا، ولو استهلك شيئا يسيرا يجب عليه ضمانه.
م: (وكذا) ش: أي وكذا يجوز السلم م: (في المعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض؛ لأن العددي المتقارب) ش: وهو ما لا يتفاوت آحادها بالقيمة ويضمن بالمثل م: (معلوم مضبوط الوصف، مقدور التسليم، فيجوز السلم فيه، والصغير والكبير فيه سواء باصطلاح الناس على إهدار التفاوت) ش: فإن المسامحة تجري فيما بينهم في صغيره وكبيره، فإنك لا ترى جوزة بفلس وجوزة بفلسين، وإنما تفاوت إذا عد في المالية وذلك التفاوت يفوت بذكر النوع، ولهذا جوزوا السلم في الباذنجان والكاغد عددا، وبه قال الشافعي، وفي " شرح الطحاوي " صغير البيض وكبيره سواء بعد إن كان من جنس واحد.
وقال الشافعي: يجوز السلم في كل المعدودات المتقاربة والمتفاوت وزنا وهل يجوز كيلا له، فيه وجهان.
وقال في الجوز واللوز: يجوز وزنا ولا يجوز كيلا، وقال الأوزاعي: في العدديات المتفاوت وبه مثل مذهبنا واسمه عبد الرحمن بن عمرو. وفي " وجيز الشافعية " ولا يكفي العد في المعدودات، بل لا بد من ذكر الموزون.
م: (بخلاف البطيخ والرمان؛ لأنه يتفاوت آحاده تفاوتا فاحشا) ش: فإنك ترى بطيخا بدرهم وبطيخا بدرهمين، وبين الضابط في معرفة العددي المتفاوت عن المتفاوت بقوله م:(وتفاوت الآحاد في المالية يعرف العددي المتفاوت) ش: أي بتفاوت آحاد العددي في المالية دون الأنواع يعرف العددي المتفاوت وهو المروي عن أبي يوسف.
وأيد ذلك بقوله م: (وعن أبي حنيفة أنه) ش: أي أن السلم م: (لا يجوز في بيض النعامة لأنه يتفاوت آحاده في المالية) ش: وقال الأترازي: وتفسير العددي المتفاوت ما نقل عن أبي يوسف ما