المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط صحة السلم] - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌[شروط صحة السلم]

ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة لا بأس به على ما قالوا كالخشمراني ببخارى والبساخي بفرغانة.

قال: ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط: جنس معلوم كقولنا: حنطة أو شعير، ونوع معلوم كقولنا: سقية أو بخسية،

ــ

[البناية]

أرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك؟» ! ولم يعرف ورود هذا الحديث في السلم.

وقال الأترازي: وقال في " شرح الطحاوي ": ولا يجوز السلم في طعام من موضع بعينه؛ لأنه ورد فيه الخبر وهو ما روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن السلم في ثمر فلان فقال: أما من ثمر حائط فلان فلا، أرأيت لو أذهبت الله ثمره فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟» فنهى عن ذلك، انتهى. ولم يبين من الذي رواه من الصحابة ومن الذي استخرجه من أصحاب الصحاح أو السنن، أفيرضى الخصم بذلك؟!

فإن قلت: في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه» فهل يؤخذ بإطلاق هذا اللفظ فيدخل فيه السلم أيضا.

قلت: الظاهر أنه يصرف إلى البيع ولا يؤخذ منه السلم، لأن الروايتين أعني الأولى التي رواها حميد وهذه الرواية حديث واحد وروده في البيع. قوله: أرأيت معناه أخبرني.

م: (ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة) ش: أي لبيان أن صفة تلك الحنطة التي هي المسلم فيه مثل صفة حنطة تلك القرية المعينة لا لتعيين المكان، لأن المراد الجودة م:(لا بأس به على ما قالوا) ش: أي على ما قال المشايخ م: (كالخشمراني) ش: أي كالحنطة المنسوبة إلى الخشمران بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وضم الميم وبالراء وفي آخره نون، وهي قرية من قرى بخارى، ونبه عليه المصنف بقوله م:(ببخارى) ش: وبخارى مدينة مشهورة بما وراء النهر م: (والبساخي) ش: أي وكالحنطة المنسوبة إلى بساخ بكسر الباء الموحدة وبالسين المهملة وبعد الألف خاء معجمة، وهي قرية من قرى فرغانة نبه عليه بقوله م:(بفرغانة) ش: بفتح الفاء، وسكون الراء وبالغين المعجمة وبعد الألف نون مفتوحة وهاء، هي بلدة وراء الشاش، وشاش بالمعجمتين مدينة وراء جيحون.

[شروط صحة السلم]

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط) ش: وفي بعض النسخ بسبعة، والأصح هو الأول م:(جنس معلوم كقولنا حنطة أو شعير) ش: والثاني م: (ونوع معلوم كقولنا سقية) ش: أي سقيته. وفي " المغرب " السقية ما يسقى سحا م: (أو بخسيه) ش: بفتح الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة وكسر السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالهاء، وهي الحنطة المنسوبة إلى البخس، وهي الأرض التي تسقيها السماء لأنها مبخوسة الحظ من الماء.

ص: 346

وصفة معلومة كقولنا جيد أو رديء، ومقدار معلوم كقولنا: كذا كيلا بمكيال معروف، أو كذا وزنا، وأجل معلوم. والأصل فيه ما روينا، والفقه فيه ما بينا. ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره كالمكيل والموزون والمعدود، وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤنة. وقالا: لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا، ولا

ــ

[البناية]

والثالث: هو ما ذكره بقوله م: (وصفة معلومة كقولنا جيد أو رديء) ش: وأشار إلى الرابع بقوله م: (ومقدار معلوم كقولنا كذا كيلا بمكيال معروف، أو كذا وزنا) ش: وأشار إلى الخامس بقوله م: (وأجل معلوم) ش: وهذه خمسة متفق عليها، فلذلك ذكرها مقتصرا عليها ولم يذكر السادس والسابع عقيب هذه الخمسة للاختلاف فيهما، وذكرهما بعد بعض ألفاظ وبين الخلاف فيهما.

م: (والأصل فيه) ش: أي في اشتراط الشرائط المذكورة م: (ما روينا) ش: وهو قوله عليه السلام "من أسلم منكم"

الحديث وقد مضى م: (والفقه فيه ما بينا) ش: أي الجهالة فيه مفضية إلى النزاع م: (ومعرفة مقدار رأس المال) ش: هذا هو الشرط السادس من الشروط السبعة التي شرطها أبو حنيفة وهو عطف على قوله: وأجل معلوم.

وقوله والأصل فيه ما رويناه: الفقه ما بينا، جمل معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وقيد بقوله م:(إذا كان) ش: أي رأس المال م: (يتعلق العقد على مقداره) ش: احترازا عما لا يتعلق العقد بمقداره كالمذروعات، فإنه يجب فيه بيان مقداره عند أبي حنيفة وعندهما أيضا، وهو قول مالك وأحمد أيضا، وبه قال الشافعي في قول، وبين قوله إذا كان العقد يتعلق بمقداره بقوله م:(كالمكيل) ش: من المكيلات م: (والموزون) ش: من الموزونات م: (والمعدود) ش: من المعدودات، ووجب في كل منهما إعلام مقداره وإن كان مشارا إليه، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في قول، وهو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وقول الفقيه من الصحابة رضي الله عنه مقدم على القياس.

م: (وتسمية المكان) ش: وهو الشرط السابع وهو عطف على قوله: ومعرفة مقدار رأس المال م: (الذي يوفيه) ش: أي المسلم م: (فيه) ش: أي في المكان م: (إذا كان له حمل) ش: بالفتح ذكره في المغرب وهو مصدر حمل الشيء يعنون به ما له ثقل يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال م: (ومؤنة) ش: أي كلفة، وهذان الشرطان من السبعة عند أبي حنيفة، وبه قال الشافعي رحمه الله في وجه.

م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا) ش: أي إذا كان مشارا إليه لا يحتاج إلى تسمية قدره م: (ولا) ش: أي ولا يحتاج أيضا

ص: 347

إلى مكان التسليم ويسلمه في موضع العقد، فهاتان مسألتان. ولهما في الأولى أن المقصود يحصل بالإشارة فأشبه الثمن والأجرة، فصار كالثوب. وله أنه ربما يوجد بعضها زيوفا ولا يستبدل في المجلس، فلو لم يعلم قدره لا يدري في كم بقي، أو ربما لا يقدر على تحصيل المسلم فيه فيحتاج إلى رد رأس المال،

ــ

[البناية]

م: (إلى مكان التسليم) ش: أي إلى بيان مكان تسليم المسلم فيه م: (ويسلمه) ش: أي المسلم إليه المسلم فيه م: (في موضع العقد) ش: وبه قال أبو حنيفة أولا والشافعي رحمهم الله في الأصح واختاره المزني. وقال أحمد: لا يجب ذكر بيان مكان الإيفاء ولو ذكره فهل يبطل المسلم عنه روايتان م: (فهاتان مسألتان) ش: أي المسألتان اللتان فيهما اختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه.

م: (ولهما) ش: أي ولأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (في الأولى) ش: أي في المسألة الأولى، وهي إعلام مقدار رأس المال م:(أن المقصود) ش: أي من إعلام مقدار رأس المال القدرة على التسليم وهي م: (يحصل بالإشارة) ش: إلى العين، فيغني ذلك عن الإعلام بالقدر م:(فأشبه الثمن) ش: يعني في البيع م: (والأجرة) ش: يعني في الإجارة يعني إذا جعل المكيل والموزون ثمن المبيع أو أجرة في الإجارة، وأشار إليهما جاز، وإن لم يعرف مقدارهما فكذا ينبغي أن يكتفي بالإشارة في رأس المال بجامع كونه بدلا م:(وصار كالثوب) ش: أي وصار هذا كما إذا كان رأس المال ثوبا فإن الإشارة فيه تكفي اتفاقا وإن لم يعرف ذرعانه.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أنه ربما يوجد بعضها زيوفا) ش: ثابت لفظ بعضها ليس له وجه، لأن المراد إذا وجد بعض رأس المال زيوفا م:(ولا يستبدل في المجلس) ش: أي في مجلس الرد م: (فلو لم يعلم قدره) ش: وفي بعض النسخ فلو لم يعرف قدره، أي قدر رأس المال م:(لا يدري في كم بقي) ش: بعد إخراج الزيوف وإذا كان معلوما بوزن الزيوف، فيعلم في كم انتقص، وتحقيقه أن جهالة قدر رأس المال تستلزم جهالة المسلم فيه، لأن المسلم إليه يتفق رأس المال شيئا فشيئا وربما يجد بعض ذلك زيوفا، ولا يستبدل له في مجلس الرد فيبطل العقد بقدر ما رده.

فإذا لم يكن مقدار قدر رأس المال معلوما لا يعلم في كم انتقص السلم، وفي كم بقي فجهالة المسلم فيه مفسدة بالاتفاق، فكذا ما يستلزمها، وهكذا إذا استحق بعض رأس المال ينفسخ العقد بقدره م:(أو ربما) ش: إشارة إلى وجه آخر لفساده م: (لا يقدر) ش: أي المسلم إليه م: (على تحصيل المسلم فيه، فيحتاج إلى رد رأس المال) ش: لأنه ليس لرب السلم حينئذ إلا رأس ماله، وإذا كان مجهول المقدار تعذر ذلك. فإن قيل: ذلك أمر موهوم لا معتبر به فيما بني على الرخص.

ص: 348

والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه مع المنافي، بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا، لأن الذرع وصف فيه لا يتعلق العقد على مقداره.

ومن فروعه إذا أسلم في جنسين ولم يبين رأس مال كل واحد منهما أو أسلم جنسين ولم يبين مقدار أحدهما. ولهما في الثانية أن مكان العقد يتعين لوجود العقد الموجب للتسليم فيه،

ــ

[البناية]

أجاب المصنف رحمه الله عن ذلك بقوله م: (والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه) ش: أي لشرع السلم م: (مع المنافي) ش: إذ القياس يخالفه، ألا ترى أنه إذا أسلم بمكيال رجل بعنيه لم يجز، لتوهم هلاك ذلك المكيال وجوده إلى الجهالة.

فإن قيل: هذا اعتبار لشبهة الشبهة، وذلك أن وجود بعض رأس المال زيوفا فيه شبهة واحتمال؛ لأنه يحتمل أن لا يجد زيوفا وهو الظاهر، وبعد وجود الرد محتمل وبعد الرد ترك الاستبدال في مجلس الرد محتمل، والمعتبر الشبهة دون النازلة عنها وهي شبهة الشبهة.

قلنا: هذا شبهة واحدة لأن كلا منهما مبني على وجوده زيوفا فكان شبهة واحدة فيعتبر.

م: (بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا) ش: هذا جواب عما قاسه عليه من الثوب وتقريره أن الثوب الذي جعل رأس المال الذي قاسا المتنازع فيه عليه لا يصح م: (لأن الذرع وصف فيه) ش: أي في الثوب المعين م: (لا يتعلق العقد على مقداره) ش: ولهذا لو وجده زائدا على المسمى سلم له الزيادة مجانا، ولو وجده ناقصا لم يحط شيئا من الثمن وليس كلامنا في ذلك، وإنما هو فيما يتعلق العقد على مقداره فكان قياسا بالفارق ولم تجب على الثمن والأجرة أن الدليل تضمن ذلك، فإن البيع والإجارة لا ينفسخان برد الثمن والأجرة وترك الاستبدال في مجلس الرد.

م: (ومن فروعه) ش: أي ومن فروع الاختلاف في معرفة مقدار رأس المال م: (إذا أسلم في جنسين) ش: بأن قال: أسلمت إليك عشرة دراهم في كر حنطة وكر شعير، أو في ثوبين مختلفين م: ولم يبين رأس مال كل واحد منهما) ش: فعنده لا يجوز، وعندهما يجوز م:(أو أسلم جنسين) ش: بأن فال: أسلمت إليك هذه الدراهم العشرة وهذه الدنانير أو على العكس م: (ولم يبين مقدار أحدهما) ش: أي الدنانير أو الدراهم العشرة وهكذا، فعند أبي حنيفة لا يجوز، وعندهما يجوز لما أن إعلام رأس المال شرط عنده والمالية تنقسم على الحنطة والشعير باعتبار القيمة وطريق معرفة الحرز فلا يكون مقدار رأس المال كل واحد منهما معلوما، وكذلك في المسألة الثانية، كذا في " المبسوط ".

م: (ولهما) ش: أي ولأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (في الثانية) ش: أي في المسألة الثانية م: (أن مكان العقد يتعين) ش: أي للإيفاء، لأن مكان العقد مكان الإلزام متعين لإيفاء ما التزمه في ذمته لوضع الاستقراض والاستهلاك م:(لوجود العقد الموجب للتسليم فيه) ش: أي في

ص: 349

ولأنه لا يزاحمه مكان آخر فيه، فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر، وصار كالقرض والغصب. ولأبي حنيفة أن التسليم غير واجب في الحال فلا يتعين، بخلاف القرض والغصب، وإذا لم يتعين فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان، فلا بد من البيان، فصار كجهالة الصفة،

ــ

[البناية]

مكان العقد، وما كان كذلك يتعين كما في بيع الحنطة بعينها، فإن التسليم يجب في موضع العقد م:(ولأنه) ش: أي ولأن مكان العقد م: (لا يزاحمه مكان آخر فيه) ش: لعدم ما يوجبه ما هو كذلك م: (فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر) ش: لأن الجزء الأول يتعين للسببية لعدم ما يزاحمه، وهذا على قول الكرخي في الأمر المطلق، فإنه يتعين وجوب الأداء في أول أوقات المكنة عند م:(وصار كالقرض والغصب) ش: فإنه يتعين مكان القرض والغصب للتسليم بالإجماع. قال الأكمل رحمه الله: ونوقض بما إذا باع طعاما وهو في السواد.

فإنه روي عن محمد: أن المشتري إن كان يعلم مكان الطعام فلا خيار له، وإن لم يعلم فله الخيار، ولو تعين مكان البيع للتسليم لما كان له الخيار وعورض بأن مكان العقد لو تعين لبطل العقد ببيان مكان آخر كما في بيع العين، فإن من اشترى كر حنطة وشرط على البائع الحمل إلى منزله يفسد عقده، سواء اشتراها في المصر أو خارجه بجنسه أو بخلاف جنسه.

والجواب على النقص: أن مكان البيع يتعين للتسليم إذا كان المبيع حاضرا والبيع في السلم حاضر لأنه في ذمة المسلم إليه وهو خاص في مكان العقد، فيكون المبيع حاضرا بحضوره، وفيه نظر، لأن فيه قيدا لم يذكر في التعليل، ومثله بعد انقطاعا، وعن المعارضة بأن التعيين بالدلالة، فإذا جاء صريح يخالفها يبطلها، وإنما فسد في بيع العين؛ لأنه قابل الثمن بالمبيع والحمل فيصير صفقة في صفقة.

م: (ولأبي حنيفة أن التسليم) ش: أي تسليم السلم فيه م: (غير واجب في الحال) ش: لاشتراط الأجل بالاتفاق وكل ما هو تسليمه غير واجب في الحال م: (فلا يتعين) ش: مكان العقد فيه للتسليم م: (بخلاف القرض والغصب) ش: والاستهلاك، فإن تسليمها يستحق بنفس الالتزام فيتعين موضعه م:(وإذا لم يتعين) ش: أي مكان العقد للإيفاء بقي مكان الإيفاء مجهولا م: (فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان) ش: ورب السلم يطالبه في موضع يكثر فيه الثمن والمسلم إليه يسلمه في اختلاف القيم ذلك م: (فلا بد من البيان) ش: دفعا للمنازعة م: (فصار كجهالة الصفة) ش: يعني خلال أن اختلاف الصفة في المسلم فيه تختلف القيمة، فكذلك باختلاف المكان تختلف أيضا، ثم مع جهالة الصفة لا يجوز السلم فكذلك لا يجوز مع جهالة المكان لهذا المعنى فلا بد من البيان.

ص: 350