الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة لا بأس به على ما قالوا كالخشمراني ببخارى والبساخي بفرغانة.
قال: ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط: جنس معلوم كقولنا: حنطة أو شعير، ونوع معلوم كقولنا: سقية أو بخسية،
ــ
[البناية]
أرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك؟» ! ولم يعرف ورود هذا الحديث في السلم.
وقال الأترازي: وقال في " شرح الطحاوي ": ولا يجوز السلم في طعام من موضع بعينه؛ لأنه ورد فيه الخبر وهو ما روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن السلم في ثمر فلان فقال: أما من ثمر حائط فلان فلا، أرأيت لو أذهبت الله ثمره فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟» فنهى عن ذلك، انتهى. ولم يبين من الذي رواه من الصحابة ومن الذي استخرجه من أصحاب الصحاح أو السنن، أفيرضى الخصم بذلك؟!
فإن قلت: في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه» فهل يؤخذ بإطلاق هذا اللفظ فيدخل فيه السلم أيضا.
قلت: الظاهر أنه يصرف إلى البيع ولا يؤخذ منه السلم، لأن الروايتين أعني الأولى التي رواها حميد وهذه الرواية حديث واحد وروده في البيع. قوله: أرأيت معناه أخبرني.
م: (ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة) ش: أي لبيان أن صفة تلك الحنطة التي هي المسلم فيه مثل صفة حنطة تلك القرية المعينة لا لتعيين المكان، لأن المراد الجودة م:(لا بأس به على ما قالوا) ش: أي على ما قال المشايخ م: (كالخشمراني) ش: أي كالحنطة المنسوبة إلى الخشمران بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وضم الميم وبالراء وفي آخره نون، وهي قرية من قرى بخارى، ونبه عليه المصنف بقوله م:(ببخارى) ش: وبخارى مدينة مشهورة بما وراء النهر م: (والبساخي) ش: أي وكالحنطة المنسوبة إلى بساخ بكسر الباء الموحدة وبالسين المهملة وبعد الألف خاء معجمة، وهي قرية من قرى فرغانة نبه عليه بقوله م:(بفرغانة) ش: بفتح الفاء، وسكون الراء وبالغين المعجمة وبعد الألف نون مفتوحة وهاء، هي بلدة وراء الشاش، وشاش بالمعجمتين مدينة وراء جيحون.
[شروط صحة السلم]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط) ش: وفي بعض النسخ بسبعة، والأصح هو الأول م:(جنس معلوم كقولنا حنطة أو شعير) ش: والثاني م: (ونوع معلوم كقولنا سقية) ش: أي سقيته. وفي " المغرب " السقية ما يسقى سحا م: (أو بخسيه) ش: بفتح الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة وكسر السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالهاء، وهي الحنطة المنسوبة إلى البخس، وهي الأرض التي تسقيها السماء لأنها مبخوسة الحظ من الماء.
وصفة معلومة كقولنا جيد أو رديء، ومقدار معلوم كقولنا: كذا كيلا بمكيال معروف، أو كذا وزنا، وأجل معلوم. والأصل فيه ما روينا، والفقه فيه ما بينا. ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره كالمكيل والموزون والمعدود، وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤنة. وقالا: لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا، ولا
ــ
[البناية]
والثالث: هو ما ذكره بقوله م: (وصفة معلومة كقولنا جيد أو رديء) ش: وأشار إلى الرابع بقوله م: (ومقدار معلوم كقولنا كذا كيلا بمكيال معروف، أو كذا وزنا) ش: وأشار إلى الخامس بقوله م: (وأجل معلوم) ش: وهذه خمسة متفق عليها، فلذلك ذكرها مقتصرا عليها ولم يذكر السادس والسابع عقيب هذه الخمسة للاختلاف فيهما، وذكرهما بعد بعض ألفاظ وبين الخلاف فيهما.
م: (والأصل فيه) ش: أي في اشتراط الشرائط المذكورة م: (ما روينا) ش: وهو قوله عليه السلام "من أسلم منكم"
…
الحديث وقد مضى م: (والفقه فيه ما بينا) ش: أي الجهالة فيه مفضية إلى النزاع م: (ومعرفة مقدار رأس المال) ش: هذا هو الشرط السادس من الشروط السبعة التي شرطها أبو حنيفة وهو عطف على قوله: وأجل معلوم.
وقوله والأصل فيه ما رويناه: الفقه ما بينا، جمل معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، وقيد بقوله م:(إذا كان) ش: أي رأس المال م: (يتعلق العقد على مقداره) ش: احترازا عما لا يتعلق العقد بمقداره كالمذروعات، فإنه يجب فيه بيان مقداره عند أبي حنيفة وعندهما أيضا، وهو قول مالك وأحمد أيضا، وبه قال الشافعي في قول، وبين قوله إذا كان العقد يتعلق بمقداره بقوله م:(كالمكيل) ش: من المكيلات م: (والموزون) ش: من الموزونات م: (والمعدود) ش: من المعدودات، ووجب في كل منهما إعلام مقداره وإن كان مشارا إليه، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في قول، وهو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وقول الفقيه من الصحابة رضي الله عنه مقدم على القياس.
م: (وتسمية المكان) ش: وهو الشرط السابع وهو عطف على قوله: ومعرفة مقدار رأس المال م: (الذي يوفيه) ش: أي المسلم م: (فيه) ش: أي في المكان م: (إذا كان له حمل) ش: بالفتح ذكره في المغرب وهو مصدر حمل الشيء يعنون به ما له ثقل يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال م: (ومؤنة) ش: أي كلفة، وهذان الشرطان من السبعة عند أبي حنيفة، وبه قال الشافعي رحمه الله في وجه.
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا) ش: أي إذا كان مشارا إليه لا يحتاج إلى تسمية قدره م: (ولا) ش: أي ولا يحتاج أيضا
إلى مكان التسليم ويسلمه في موضع العقد، فهاتان مسألتان. ولهما في الأولى أن المقصود يحصل بالإشارة فأشبه الثمن والأجرة، فصار كالثوب. وله أنه ربما يوجد بعضها زيوفا ولا يستبدل في المجلس، فلو لم يعلم قدره لا يدري في كم بقي، أو ربما لا يقدر على تحصيل المسلم فيه فيحتاج إلى رد رأس المال،
ــ
[البناية]
م: (إلى مكان التسليم) ش: أي إلى بيان مكان تسليم المسلم فيه م: (ويسلمه) ش: أي المسلم إليه المسلم فيه م: (في موضع العقد) ش: وبه قال أبو حنيفة أولا والشافعي رحمهم الله في الأصح واختاره المزني. وقال أحمد: لا يجب ذكر بيان مكان الإيفاء ولو ذكره فهل يبطل المسلم عنه روايتان م: (فهاتان مسألتان) ش: أي المسألتان اللتان فيهما اختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (في الأولى) ش: أي في المسألة الأولى، وهي إعلام مقدار رأس المال م:(أن المقصود) ش: أي من إعلام مقدار رأس المال القدرة على التسليم وهي م: (يحصل بالإشارة) ش: إلى العين، فيغني ذلك عن الإعلام بالقدر م:(فأشبه الثمن) ش: يعني في البيع م: (والأجرة) ش: يعني في الإجارة يعني إذا جعل المكيل والموزون ثمن المبيع أو أجرة في الإجارة، وأشار إليهما جاز، وإن لم يعرف مقدارهما فكذا ينبغي أن يكتفي بالإشارة في رأس المال بجامع كونه بدلا م:(وصار كالثوب) ش: أي وصار هذا كما إذا كان رأس المال ثوبا فإن الإشارة فيه تكفي اتفاقا وإن لم يعرف ذرعانه.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أنه ربما يوجد بعضها زيوفا) ش: ثابت لفظ بعضها ليس له وجه، لأن المراد إذا وجد بعض رأس المال زيوفا م:(ولا يستبدل في المجلس) ش: أي في مجلس الرد م: (فلو لم يعلم قدره) ش: وفي بعض النسخ فلو لم يعرف قدره، أي قدر رأس المال م:(لا يدري في كم بقي) ش: بعد إخراج الزيوف وإذا كان معلوما بوزن الزيوف، فيعلم في كم انتقص، وتحقيقه أن جهالة قدر رأس المال تستلزم جهالة المسلم فيه، لأن المسلم إليه يتفق رأس المال شيئا فشيئا وربما يجد بعض ذلك زيوفا، ولا يستبدل له في مجلس الرد فيبطل العقد بقدر ما رده.
فإذا لم يكن مقدار قدر رأس المال معلوما لا يعلم في كم انتقص السلم، وفي كم بقي فجهالة المسلم فيه مفسدة بالاتفاق، فكذا ما يستلزمها، وهكذا إذا استحق بعض رأس المال ينفسخ العقد بقدره م:(أو ربما) ش: إشارة إلى وجه آخر لفساده م: (لا يقدر) ش: أي المسلم إليه م: (على تحصيل المسلم فيه، فيحتاج إلى رد رأس المال) ش: لأنه ليس لرب السلم حينئذ إلا رأس ماله، وإذا كان مجهول المقدار تعذر ذلك. فإن قيل: ذلك أمر موهوم لا معتبر به فيما بني على الرخص.
والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه مع المنافي، بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا، لأن الذرع وصف فيه لا يتعلق العقد على مقداره.
ومن فروعه إذا أسلم في جنسين ولم يبين رأس مال كل واحد منهما أو أسلم جنسين ولم يبين مقدار أحدهما. ولهما في الثانية أن مكان العقد يتعين لوجود العقد الموجب للتسليم فيه،
ــ
[البناية]
أجاب المصنف رحمه الله عن ذلك بقوله م: (والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه) ش: أي لشرع السلم م: (مع المنافي) ش: إذ القياس يخالفه، ألا ترى أنه إذا أسلم بمكيال رجل بعنيه لم يجز، لتوهم هلاك ذلك المكيال وجوده إلى الجهالة.
فإن قيل: هذا اعتبار لشبهة الشبهة، وذلك أن وجود بعض رأس المال زيوفا فيه شبهة واحتمال؛ لأنه يحتمل أن لا يجد زيوفا وهو الظاهر، وبعد وجود الرد محتمل وبعد الرد ترك الاستبدال في مجلس الرد محتمل، والمعتبر الشبهة دون النازلة عنها وهي شبهة الشبهة.
قلنا: هذا شبهة واحدة لأن كلا منهما مبني على وجوده زيوفا فكان شبهة واحدة فيعتبر.
م: (بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا) ش: هذا جواب عما قاسه عليه من الثوب وتقريره أن الثوب الذي جعل رأس المال الذي قاسا المتنازع فيه عليه لا يصح م: (لأن الذرع وصف فيه) ش: أي في الثوب المعين م: (لا يتعلق العقد على مقداره) ش: ولهذا لو وجده زائدا على المسمى سلم له الزيادة مجانا، ولو وجده ناقصا لم يحط شيئا من الثمن وليس كلامنا في ذلك، وإنما هو فيما يتعلق العقد على مقداره فكان قياسا بالفارق ولم تجب على الثمن والأجرة أن الدليل تضمن ذلك، فإن البيع والإجارة لا ينفسخان برد الثمن والأجرة وترك الاستبدال في مجلس الرد.
م: (ومن فروعه) ش: أي ومن فروع الاختلاف في معرفة مقدار رأس المال م: (إذا أسلم في جنسين) ش: بأن قال: أسلمت إليك عشرة دراهم في كر حنطة وكر شعير، أو في ثوبين مختلفين م: ولم يبين رأس مال كل واحد منهما) ش: فعنده لا يجوز، وعندهما يجوز م:(أو أسلم جنسين) ش: بأن فال: أسلمت إليك هذه الدراهم العشرة وهذه الدنانير أو على العكس م: (ولم يبين مقدار أحدهما) ش: أي الدنانير أو الدراهم العشرة وهكذا، فعند أبي حنيفة لا يجوز، وعندهما يجوز لما أن إعلام رأس المال شرط عنده والمالية تنقسم على الحنطة والشعير باعتبار القيمة وطريق معرفة الحرز فلا يكون مقدار رأس المال كل واحد منهما معلوما، وكذلك في المسألة الثانية، كذا في " المبسوط ".
م: (ولهما) ش: أي ولأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (في الثانية) ش: أي في المسألة الثانية م: (أن مكان العقد يتعين) ش: أي للإيفاء، لأن مكان العقد مكان الإلزام متعين لإيفاء ما التزمه في ذمته لوضع الاستقراض والاستهلاك م:(لوجود العقد الموجب للتسليم فيه) ش: أي في
ولأنه لا يزاحمه مكان آخر فيه، فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر، وصار كالقرض والغصب. ولأبي حنيفة أن التسليم غير واجب في الحال فلا يتعين، بخلاف القرض والغصب، وإذا لم يتعين فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان، فلا بد من البيان، فصار كجهالة الصفة،
ــ
[البناية]
مكان العقد، وما كان كذلك يتعين كما في بيع الحنطة بعينها، فإن التسليم يجب في موضع العقد م:(ولأنه) ش: أي ولأن مكان العقد م: (لا يزاحمه مكان آخر فيه) ش: لعدم ما يوجبه ما هو كذلك م: (فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر) ش: لأن الجزء الأول يتعين للسببية لعدم ما يزاحمه، وهذا على قول الكرخي في الأمر المطلق، فإنه يتعين وجوب الأداء في أول أوقات المكنة عند م:(وصار كالقرض والغصب) ش: فإنه يتعين مكان القرض والغصب للتسليم بالإجماع. قال الأكمل رحمه الله: ونوقض بما إذا باع طعاما وهو في السواد.
فإنه روي عن محمد: أن المشتري إن كان يعلم مكان الطعام فلا خيار له، وإن لم يعلم فله الخيار، ولو تعين مكان البيع للتسليم لما كان له الخيار وعورض بأن مكان العقد لو تعين لبطل العقد ببيان مكان آخر كما في بيع العين، فإن من اشترى كر حنطة وشرط على البائع الحمل إلى منزله يفسد عقده، سواء اشتراها في المصر أو خارجه بجنسه أو بخلاف جنسه.
والجواب على النقص: أن مكان البيع يتعين للتسليم إذا كان المبيع حاضرا والبيع في السلم حاضر لأنه في ذمة المسلم إليه وهو خاص في مكان العقد، فيكون المبيع حاضرا بحضوره، وفيه نظر، لأن فيه قيدا لم يذكر في التعليل، ومثله بعد انقطاعا، وعن المعارضة بأن التعيين بالدلالة، فإذا جاء صريح يخالفها يبطلها، وإنما فسد في بيع العين؛ لأنه قابل الثمن بالمبيع والحمل فيصير صفقة في صفقة.
م: (ولأبي حنيفة أن التسليم) ش: أي تسليم السلم فيه م: (غير واجب في الحال) ش: لاشتراط الأجل بالاتفاق وكل ما هو تسليمه غير واجب في الحال م: (فلا يتعين) ش: مكان العقد فيه للتسليم م: (بخلاف القرض والغصب) ش: والاستهلاك، فإن تسليمها يستحق بنفس الالتزام فيتعين موضعه م:(وإذا لم يتعين) ش: أي مكان العقد للإيفاء بقي مكان الإيفاء مجهولا م: (فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان) ش: ورب السلم يطالبه في موضع يكثر فيه الثمن والمسلم إليه يسلمه في اختلاف القيم ذلك م: (فلا بد من البيان) ش: دفعا للمنازعة م: (فصار كجهالة الصفة) ش: يعني خلال أن اختلاف الصفة في المسلم فيه تختلف القيمة، فكذلك باختلاف المكان تختلف أيضا، ثم مع جهالة الصفة لا يجوز السلم فكذلك لا يجوز مع جهالة المكان لهذا المعنى فلا بد من البيان.