الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا، ولهذا لم تجز المرابحة فيما أخذ بالصلح بشبهة الحطيطة، فيصير كأنه اشترى خمسة وثوبا بعشرة، فيطرح خمسة بخلاف ما إذا تخلل ثالث؛ لأن التأكد حصل بغيره.
قال: وإذا
اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته
فباعه من المولى بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على عشرة، وكذلك إن كان المولى اشتراه فباعه من العبد؛ لأن في هذا العقد شبهة العدم، لجوازه مع المنافي، فاعتبر عدما
ــ
[البناية]
م: (والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا) ش: أي لأجل الاحتياط م: (ولهذا) ش: أي ولأجل ذلك م: (لم تجز المرابحة فيما أخذ بالصلح) ش: صورة الصلح ادعى على رجل ألف درهم فصالحه على ثوب أو عبد، فإنه لا يبيعها مرابحة على ألف لأن الصلح بناه على التجوز والحطيطة، ولو وجد حقيقة ما جاز المبيع مرابحة فكذا م:(بشبهة الحطيطة) ش: وهي ما يحط من ثمن السلعة م: (فيصير كأنه اشترى خمسة وثوبا بعشرة فطرح خمسة) ش: يعني إذا كان شبه حصول الربح ثابتة، يصير كأنه اشترى بالعقد الثاني خمسة دراهم وثوبا بعشرة، فالخمسة بإزاء الخمسة، والثوب بخمسة فيبيعه مرابحة على خمسة، وعورض بأنه لو كان كذلك لما جاز الشراء بعشرة فيما إذا باعه بعشرين، لأنه يصير في الشراء الثاني كأنه اشترى ثوبا وعشرة بعشرة فكان ثمنه شبهة الربا وهو حصول الثوب بلا عوض.
وأجيب: بأن التأكيد له شبهة الإيجاب في حق العباد واحترازا عن الخيانة لا في حق الشرع، وشرعية جواز المرابحة لمعنى راجع إلى العباد فيؤثر التأكيد في المرابحة، وأما جواز البيع وعدمه في شبهة الربا فحق الشرع فلا يكون التأكيد فيه شبهة الإيجاب، كذا نقل من " فوائد الإمام العلامة حميد الدين" رحمه الله م:(بخلاف ما إذا تخلل ثالث) ش: أي بينهما م: (لأن التأكيد) ش: أي تأكيد الربح م: (حصل بغيره) ش: وهو الثالث فلم يستفد ربح المشتري الأول بالشراء الثاني، فانتفت الشبهة.
[اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته]
م م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته) ش: أي والحال أنه مديون بدين يحيط برقبته، وفي " النهاية " إنما قيد به لأنه لو لم يكن على العبد دين وباع من المولى لم يصح، لأن هذا البيع لا يفيد للمولى شيئا لم يكن له قبل البيع لا يملك الرقبة ولا يملك التصرف م:(فباعه من المولى بخمسة عشر فإنه) ش: أي فإن المولى م: (يبيعه مرابحة على عشرة، وكذلك إن كان المولى) ش: هو العقد الذي م: (اشتراه فباعه من العبد) ش: بخمسة عشر، باعه العبد مرابحة على عشرة م:(لأن في هذا العقد) ش: أي بيع العبد من المولى وعكسه م: (شبهة العدم) ش: أي شبهة عدم الجواز لا حقيقة عدم الجواز م: (لجوازه مع المنافي) ش: أي لجواز العقد، لقيام الدين مع وجود المنافي للجواز وهو كون العبد ملكا للمولى فصار كأنه باع ملك نفسه من نفسه وكذا في الشراء م:(فاعتبر عدما) ش: أي فاعتبر
في حكم المرابحة وبقي الاعتبار للأول، فيصير كأن العبد اشتراه للمولى بعشرة في الفصل الأول، وكأنه يبيعه للمولى في الفصل الثاني، فيعتبر الثمن الأول.
قال: وإذا كان مع المضارب عشرة دراهم بالنصف، فاشترى ثوبا بعشرة، وباعه من رب المال بخمسة عشر، فإنه يبيعه مرابحة باثني عشر ونصف؛
ــ
[البناية]
العقد كأن لم يكن م: (في حكم المرابحة) ش: لوجوب الاحتراز فيها عن شبهة الجناية.
وإذا عدم البيع الثاني م: (وبقي الاعتبار الأول) ش: أي العقد الأول م: (فيصير كأن العبد اشتراه للمولى بعشرة في الفصل الأول) ش: أي فيما إذا باعه من مولاه م: (وكأنه يبيعه للمولى في الفصل الثاني) ش: أي فيما إذا باعه المولى من عبده م: (فيعتبر الثمن الأول) ش: أي الثمن المذكور في الفصل الأول فلا يبيعه مرابحة على الثمن المذكور فيه وإنما يبيعه على الثمن المذكور في الأول.
وقال الكاكي: ذكر هذه المسألة وأخواتها في " المبسوط " من غير ذكر دين العبد فقال: وإذا اشترى شيئا من أبيه، أو أمه، أو ولده، أو مكاتبه، أو عبده، أو اشترى العبد، أو المكاتب من مولاه أشياء بثمن قد قام على البائع بأقل من ثمنه، لم يكن له أن يبيعه مرابحة إلا بالذي قام على البائع من العبد والمكاتب بالاتفاق، لأن بيع المرابحة على ما يتقين بخروجه عن ملكه، لأن كسب العبد لمولاه، وما حصل من مكاتبه من وجه كان له أيضا.
وللمولى في حق الملك في كسب المكاتب وينقلب ذلك حقيقة الملك عند عجزه، فأما في غير المماليك من الآباء والأولاد والأزواج فكذلك الجواب عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وبه قال أحمد والشافعي - رحمهما الله - في وجه.
وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رضي الله عنهم في قول: له أن يبيعه مرابحة بما اشتراه لتباين الأملاك بينهما.
وقال الأترازي: قد اختلف نسخ شروح " الجامع الصغير "، فقد قيد فخر الإسلام دين العبد المستغرق.
وقال الصدر الشهيد: بعبد مأذون عليه دين محيط برقبته أو غير محيط. وقاضي خان قيد بالمحيط أيضا، والعتابي قيد بالمأذون فحسب، ولم يذكر الدين أصلا، وقال في " شرح الطحاوي ": لو اشترى من مماليكه ومكاتبه وعبده المأذون الذي عليه دين أو لا دين عليه فإنه يبيعه مرابحة على أقل الضمانين إلا أن يبين الأمر على وجه.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا كان مع المضارب عشرة دراهم بالنصف، فاشترى ثوبا بعشرة، وباعه من رب المال بخمسة عشر فإنه) ش: أي فإن رب المال م: (يبيعه مرابحة باثني عشر ونصف) ش: لأن بيع المرابحة بيع أمانة يحترز فيها عن الخيانة وعن شبهتها
لأن هذا البيع، وإن قضى بجوازه عندنا عند عدم الربح خلافا لزفر، مع أنه اشترى ماله بماله لما فيه من استفادة ولاية التصرف، وهو مقصود، والانعقاد يتبع الفائدة ففيه شبهة العدم، ألا ترى أنه وكيل عنه في البيع الأول من وجه فاعتبر البيع الثاني عدما في حق نصف الربح.
قال: ومن
ــ
[البناية]
م: (لأن هذا البيع، وإن قضى بجوازه عندنا عند عدم الربح خلافا لزفر) ش: فإن عنده لا يجوز بيع رب المال من المضارب، ولا بيع المضارب من رب المال، إذا لم يكن في المال ربح م:(مع أنه اشترى ماله بماله) ش: أي مع أن رب المال يشتري مال نفسه بمال نفسه، لأن رقبة المال له م:(لما فيه) ش: دليل قوله: قضى بجوازه وذلك أن ولاية التصرف انقطعت عن رب المال بتسليم المال إلى المضارب، ثم لما اشترى من المضارب استفاد ولاية التصرف وهو معنى قوله: لما فيه، أي لما في هذا العقد.
م: (من استفاد ولاية التصرف) ش: أي ملك اليد، لأن رب المال بالتسليم إلى المضارب قطع ولاية التصرف عن ماله، وبالشراء عن المضارب يحصل له ولاية التصرف، ولهذا لو صار مال المضارب جارية لا يحل لرب المال وطؤها وإن لم يكن فيها ربح، ذكره الإمام التمرتاشي رحمه الله.
وللمضارب حق التصرف، ولهذا لا يملك رب المال منع المضارب عن التصرف، ذكره في الإيضاح م:(وهو مقصود) ش: أي حصول ولاية التصرف هو المقصود م: (والانعقاد يتبع الفائدة) ش: أي انعقاد العقد يتبع الفائدة، ولهذا إذا جمع بين عبده وعبد غيره، واشتراهما صفقة واحدة جاز، ودخل عبده في الشراء لحصول الفائدة في حق انقسام الثمن ثم يخرج.
فكذا فيما نحن فيه، لأن المال كالمملوك للمضارب في حق التصرف، وكغير المملوك لرب المال في حق التصرف، ولا يملك رب المال إبطال هذا الملك للمضارب إلا بالشراء فجاز ذلك لحصول الفائدة.
م: (ففيه شبهة لعدم) ش: جواب قوله: وإن قضى بجوازه، أي عدم الجواز، ثم أوضح المصنف رحمه الله ذلك بقوله: م: (ألا ترى أنه) ش: أي أن المضارب م: (وكيل عنه) ش: أي عن رب المال م: (في البيع الأول من وجه) ش: لأنه يعمل لنفسه ولرب المال، ولهذا يكون الربح لهما بخلاف الوكيل لأنه يعمل للموكل، ولهذا يكون الربح له م:(فاعتبر البيع الثاني) ش: يعني لما كان فيه شبهة العدم اعتبر البيع الثاني م: (عدما في حق نصف الربح) ش: لأن ذلك حق رب المال.
وقال تاج الشريعة: في حق نصف الربح وهو نصف حق الربح الذي بحصته ولا يعمل في حق نصف الربح يستحقه المضارب إذ لا شبهة في هذا النصف أصلا.
م: (قال) ش: أي محمد -
اشترى جارية فأعورت أو وطئها وهي ثيب يبيعها مرابحة ولا يبين؛ لأنه لم يحتبس عنده شيء يقابله بمقابلة الثمن، لأن الأوصاف تابعة لا يقابلها الثمن، ولهذا لو فاتت قبل التسليم لا يسقط شيء من الثمن. وكذا منافع البضع لا يقابلها الثمن، والمسألة فيما إذا لم ينقصها الوطء.
ــ
[البناية]
رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ومن اشترى جارية فأعورت) ش: أي بآفة سماوية أو ثوبا أو طعاما، فأصابه عيب عند المشتري بغير فعل أحد م:(أو وطئها وهي ثيب يبيعها مرابحة، ولا يبين) ش: أي لا يقول: إنها سليمة فأعورت في يدي م: (لأنه لم يحتبس عنده) ش: أي عند المشتري.
وفي بعض النسخ لأنه لم يحتبس بفعله أي بفعل المشتري م: (شيء يقابله بمقابلة الثمن؛ لأن الأوصاف تابعة) ش: والغاية وصف م: (لا يقابلها الثمن) ش: أي فلا يقابلها شيء من البدل إذا جاءت بغير صنع أحد، وإنما البدل كله مقابلة الأصل وهو باق على حاله فيبيعه مرابحة بلا بيان.
م: (ولهذا) ش: توضيح لقوله: لأنه لم يحتبس عنده شيء بمقابلة الثمن م: (لو فاتت) ش: أي العين م: (قبل التسليم) ش: إلى المشتري م: (لا يسقط شيء من الثمن، وكذا منافع البضع لا يقابلها الثمن) ش: لأنها ليست بمال، فإن قيل: يشكل على قول الغاية وصف لا يقابله شيء من الثمن الآجل، فإنه وصف وعليه أن يبيعه إذا اشتراه بالأجل.
قلنا: يعطي في مقابلة الأجل شيء عادة فيكون في مقابلة شيء من الثمن، فيكون كالجزء فيلزمه البيان، فإن قيل: المستوفى من منافع البضع بمنزلة الجزء والجزاء إذا قصد إتلافه كان له قسط من الثمن، بدليل أنه لو اشترى جارية فوطئها، ثم وجد بها عيبا لم يتمكن من الرد، وإن كانت هي ثيبا وقت الشراء، وذلك باعتبار أن المستوفي بالوطء بمنزلة إحباس جزء من البيع عند المشتري.
قلنا: عدم جواز الرد باعتبار ما ذكرت غير مسلم، بل لمعنى آخر، وهو لا يخلو: إما أن يردها مع العقد ولا وجه إليه، لأن العقد ما ورد على الزيادة، أو يردها بغير عقد ولا وجه إليه أيضا؛ لأنها تعود إلى قديم ملكه فيكون وطء المشتري بلا ملك وذا لا يجوز م:(والمسألة فيما إذا لم ينقصها الوطء) ش: لأنها إذا نقصها فات الوصف بفعل قصدي، هذا في الثيب لأن الوطء لا ينقصها فإنه يبيعها، مرابحة قبل البيان، بخلاف البكر، فإنه إذا وطئها، فأزال لعذرتها لا يبيعها مرابحة قبل البيان لأنه حبس جزء من العين كما يجيء عن قريب.
وفي الثيب المستوفى ليس بمال فلا يقابله البدل، فكان كالاستخدام، ولهذا لو حدث بالمبيع عيب قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن غير أن المشتري يخير بين أخذه بكل الثمن وتركه.
وفي قول زفر إذا أعورت بآفة سماوية لا يبيعها مرابحة من غير بيان لأنها قد تغير عن حالها التي اشتراها به.
وعن أبي يوسف في الفصل الأول أنه لا يبيع من غير بيان كما إذا احتبس بفعله، وهو قول الشافعي، فأما إذا فقأ عينها بنفسه، أو فقأها أجنبي فأخذ أرشها لم يبعها مرابحة حتى يبين؛ لأنه صار مقصودا بالإتلاف فيقابلها شيء من الثمن، وكذا إذا وطئها وهي بكر لأن العذرة جزء من العين، فيقابلها الثمن وقد حبسها. ولو اشترى ثوبا فأصابه قرض فأر، أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان، ولو تكسر بنشره وطيه لا يبيعه حتى يبين، والمعنى ما بيناه.
ــ
[البناية]
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: وقول زفر أحوط، ثم قال: وبه نأخذ.
م: (وعن أبي يوسف في الفصل الأول) ش: وهو ما إذا اشترى جارية فأعورت م: (أنه لا يبيع من غير بيان كما إذا احتبس بفعله) ش: أي كما إذا احتبس الشيء الغائب بفعل المشتري م: (وهو قول الشافعي) ش: وهو زفر رحمه الله أيضا، لكنهما اختلفا في التخريج، فعند زفر يجب البيان باعتبار أنه لو علم المشتري أنه اشتراه غير معيب بما سمى من البدل لم يلزم له ربحا على ذلك ما لم يعين بعد ما تعيب.
وأما الشافعي رحمه الله فيقول وجب البيان بناء على مذهبه أن للأوصاف حصة من الثمن، وأن التعيب بآفة سماوية، ويضع العباد سواء عنده م:(فأما إذا فقأ عينها) ش: وفي بعض النسخ قلنا: إن فقأ عينها، وفي بعضها: وأما إذا فقأ.
قال الأترازي رحمه الله: هو الأصح، وقال الأكمل: وفي بعض النسخ، قلنا فيكون جوابا لقول أبي يوسف، والشافعي - رحمهما الله -، يعني إذا فقأ المشتري عين الجارية م:(بنفسه أو فقأها أجنبي فأخذ أرشها لم يبعها مرابحة حتى يبين؛ لأنه صار مقصودا بالإتلاف فيقابلها شيء من الثمن) ش: وعبارة المصنف رحمه الله تدل بالتنصيص عل أخذ أرشها وهو المذكور في لفظ محمد رحمه الله في أصل " الجامع الصغير "، وقال في " النهاية ": كان ذكر الأرش وقع اتفاقا، لأنه لما فقأ الأجنبي وجب عليه ضمان الأرش، وجوب ضمان الأرش سبب لأخذ الأرش فأخذ حكمه.
ثم قال: والدليل على هذا الإطلاق ما ذكره في " المبسوط " من غير تعرض لأخذ الأرش، وذكر نقل " المبسوط " كذلك م:(وكذا إذا وطئها وهي بكر) ش: لا يبيعها مرابحة إلا بالبيان م: (لأن العذرة جزء من العين، فيقابلها الثمن وقد حبسها) ش: فلا بد من البيان، ولو فقأت عين نفسها بنفسها فهو كالأعور إذ لا يلزمه البيان كذا في " المبسوط " م:(ولو اشترى ثوبا فأصابه قرض فأر) ش: بالقاف، من قرض الثوب بالمقراض إذا قطعه. ونص أبو اليسر على أنه بالفاء م:(أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان) ش: لأن الأوصاف تابعة لا يقابلها الثمن م: (ولو تكسر بنشره وطيه لا يبيعه حتى يبين) ش: لأنه صار مقصودا بالإتلاف م: (والمعنى ما بيناه) ش: يعني في الدليلين،