الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو لم يعلم مقدار ما فيه لا يجوز لاحتمال الربا، والشبهة فيه كالحقيقة، والجوز بدهنه، واللبن بسمنه، والعنب بعصيره، والتمر بدبسه على هذا الاعتبار.
واختلفوا في القطن بغزله، والكرباس بالقطن يجوز كيفما كان بالإجماع. قال: ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا، ومراده لحم الإبل والبقر والغنم، فأما البقر والجواميس فجنس واحد، وكذا المعز مع الضأن، وكذا العراب مع البخاتي.
ــ
[البناية]
م: (ولو لم يعلم مقدار ما فيه) ش: أي ما في الموزون م: (لا يجوز لاحتمال الربا) ش: لتوهم الفضل الذي كالمتحقق في هذا الباب، وهو معنى قوله م:(والشبهة فيه كالحقيقة) ش: للاحتياط م: (والجوز بدهنه) ش: كلام إضافي مبتدأ، وقوله م:(واللبن بسمنه، والعنب بعصيره، والتمر بدبسه) ش: معطوفات على المبتدأ. وقوله م: (على هذا الاعتبار) ش: خبره، يعني أن الدهن الخالص ينبغي أن يكون أكثر، حتى يجوز، بيانه إذا كان الدهن الخالص أكثر من الدهن الذي في الجوز والسمن الخالص أكثر مما في اللبن والعصير الخالص أكثر مما في العنب والدبس الخالص أكثر مما في التمر جاز، وإلا فلا.
[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]
م: (واختلفوا) ش: أي المشايخ رحمهم الله م: (في القطن بغزله) ش: أي في بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا. قال بعضهم: يجوز، لأن أصلها واحد، وكلاهما موزون. وقال بعضهم: لا يجوز، وإليه ذهب صاحب خلاصة الفتاوى، لأن القطن ينقص إذا غزل، فصار كالحنطة مع الدقيق، واتفقوا في بيع القطن بالقطن أنه جائز، وبيع المحلوج بالقطن إذا كان يعلم أن الخالص أكثر جاز وإلا فلا. وفي " الإيضاح " و" الذخيرة ": بيع غزل القطن بالقطن لا يجوز متساويا. وفي " فتاوي قاضي خان ": لا يجوز إلا متساويا، ولو خرجا أو أحدهما من الموزون فلا بأس ببيعهما متفاضلا، وبيع الغزل بالثوب جائز على كل حال. وعن محمد رحمه الله: بيع القطن بالثوب لا يجوز متفاضلا، وعندنا: لا يجوز مطلقا، وفي " جمع العلوم ": بيع الجوزقة بالغزل جائز كيفما كان على الأصح، وقيل: إنما يجوز بالاعتبار.
م: (والكرباس) ش: أي وبيع الكرباس م: (بالقطن يجوز كيفما كان) ش: يعني متساويا أو غير متساو م: (بالإجماع) ش: لاختلافهما من كل وجه لأن الكرباس بالصنعة صار شيئا آخر.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويجوز بيع اللحمان المختلفة بعضها ببعض متفاضلا) ش: وعن الشافعي رضي الله عنه لا يجوز بيع اللحوم المختلفة متفاضلا. وفي الوجيز: وفي لحوم الحيوانات قولان، أصحهما أنها مختلفة م:(ومراده) ش: أي مراد القدوري من قوله م: (لحم الإبل والبقر والغنم، فأما البقر والجواميس فجنس واحد، وكذا المعز مع الضأن، وكذا العراب مع البخاتي) ش: يعني جنس واحد، وقال الجوهري: الإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين.
قال: وكذلك ألبان البقر والغنم. وعن الشافعي لا يجوز لأنهما جنس واحد لاتحاد المقصود. ولنا أن الأصول مختلفة حتى لا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة، فكذا أجزاؤها إذا لم تتبدل بالصنعة.
ــ
[البناية]
وفي " المغرب ": يقال فرس عربي، وخيل عراب، وفرقه في الجمع بين الأناسي والبخاتي والبهائم جمع بختي منسوب إلى بخت نصر؛ لأنه أول من جمعه بين العربي والعجمي. وقال الجوهري: البخت من الإبل معرب، وبعضهم يقول: هو عربي الواحد بختي، والأنثى بختية، وجمعه بخاتي غير مصروف لأنه بزنة جمع الجمع، ولك أن تخفف الياء.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وكذلك ألبان البقر والغنم) ش: يعني يصح بيع بعضها بالبعض متفاضلا م: (وعن الشافعي: لا يجوز لأنهما) ش: أي اللحمان والألبان م: (جنس واحد لاتحاد المقصود) ش: أي من اللحم، وهو التغذي والتقوي وائتلاف المقاصد بعد ذلك يرجع إلى الوصف. وفي كتبهم: اللحمان احتباس، وهو ظاهر المذهب، وهو اختيار المزني، انتهى.
وقال مالك: اللحوم ثلاثة أجناس: الطيور، والدواب أهليها ووحشيها، والجريات. وبه قال أحمد رحمه الله في إحدى روايتيه كقول الشافعي رضي الله عنه: وفي رواية كقولنا.
وفي " شرح الطحاوي ": ولو باع لحوم الشاة بشحمها أو بأليتها أو لحمها بصوفها يجوز ذلك كيفما كان، ولا يجوز نسيئة، لأن الوزن يجمعهما. وأما صوف الشاة مع شعر البقر جنسان يختلفان، ولو باع بعضها ببعض متفاضلا يجوز، ولا يجوز نسيئة، لأن الوزن يجمعها، وأما الرؤوس والأكارع والجلود يجوز يدا بيد كيفما كان، ولا يجوز نسيئة لأنه لم يضبط بالوصف.
ولو باع لحم الإبل بلحم الغنم أو بلحم البقر أو لبنها بلبن الغنم أو بلبن البقر يجوز كيفما كان، ولا يجوز نسيئة، لأن الوزن يجمعهما، وفي " الإيضاح ": روي عن أبي يوسف أنه يجوز بيع لحم الطير بعضه ببعض متفاضلا، وإن كان من نوع واحد لأنه لا يوزن في العادة.
م: (ولنا أن الأصول) ش: أي أصول اللحمان م: (مختلفة) ش: فكانت فروعها أجناسا، والدليل على أن أصولها مختلفة قوله: م: (حتى لا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة) ش: يعني لا تكمل نصاب البقر بالإبل وبالغنم م: (فكذا أجزاؤها) ش: أي أجزاء الأصول م: (إذا لم تتبدل بالصنعة) ش: فإذا تبدلت تصير جنسين بسبب تبدلهما بالصنعة.
وإن كان أصلهما واحدا كالنذبنجي مع الودراي والهروي مع المروي، قال الأكمل: فيه نظر، لأن كلامه في اختلاف الأصول لا في اتحادها، فكأنه يقول: اختلاف الأصول يوجب
قال: وكذا خل الدقل بخل العنب للاختلاف بين أصليهما، فكذا بين ماءيهما، ولهذا كان عصيراهما جنسين، وشعر المعز وصوف الغنم جنسان لاختلاف المقاصد. قال: وكذا شحم البطن بالألية أو باللحم؛ لأنها أجناس مختلفة لاختلاف الصور والمعاني والمنافع اختلافا فاحشا.
ــ
[البناية]
اختلاف الأجزاء إذا لم يتبدل بالصنعة، وأما إذا تبدلت فلا توجبه، وإنما توجب الاتحاد، فإن الصنعة كما تؤثر في تغيير الأجناس مع اتحاد الأصل كالهروي مع المروي مع اتحادهما في الأصل وهو القطن.
كذلك يؤثر في اتحادهما مع اختلاف الأصل كالدراهم المغشوشة المختلفة الغش مثل الحديد والرصاص إذا كانت الفضة غالبة. فإنها متحدة في الحكم بالصنعة مع اختلاف الأصول.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وكذا خل الدقل بخل العنب) ش: يعني يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد، والدقل بالفتحتين رديء التمر م:(للاختلاف بين أصليهما) ش: لأن الدقل غير العنب م: (فكذا بين ماءيهما) ش: أي فكذا الاختلاف بين ماءيهما م: (ولهذا) ش: أي ولأجل الاختلاف بين ماءيهما م: (كان عصيراهما جنسين) ش: بإجماع الأئمة الأربعة.
فإن قلت: لم خص خل الدقل والحكم في خل كل تمر كذلك.
قلت: إجراء الكلام مجرى العادة لأنهم اعتادوا اتخاذ الخل من الدقل.
م: (وشعر المعز وصوف الغنم جنسان، لاختلاف المقاصد) ش: فإن الحبال الصلبة والمسوح إنما تتخذ من شعر المعز أو اللفافة، واللبد تتخذ من صوف الغنم.
فإن قلت: الشاة والمعز جنس واحد، ولهذا يملك نصاف أحدهما بالآخر، فينبغي أن تكون أجزاؤهما كذلك.
قلت: لما اختلفت المقاصد في الأجزاء جعلت مختلفة كألية الشاة مع لحمها، ألا ترى أن أحدهما يصلح لما لا يصلح الآخر، كما ذكرنا م:(قال: وكذا شحم البطن بالألية) ش: يعني يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا م: (أو باللحم) ش: أي أو شحم البطن باللحم فكذلك يجوز م: (لأنها) ش: أي لأن الشحم والألية واللحم م: (أجناس مختلفة لاختلاف الصور) ش: جمع صورة، واختلافها ظاهر، لأن الصور ما يحصل منه في الذهن عند تصوره.
ولا شك في ذلك عند تصور هذه الأشياء م: (والمعاني) ش: أي واختلاف المعاني، فلأن حقيقة كل واحد من هذه الأشياء تخالف حقيقة الآخر، ولهذا يقع على أحدهما اسم الشحم، وعلى الآخر اسم الألية، وعلى الآخر اسم اللحم م:(والمنافع اختلافا فاحشا) ش: أي واختلاف المنافع اختلافا فاحشا بحسب اختلاف اللحوم والشحوم والأليات.