الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل منثورة
قال: ويجوز
بيع الكلب والفهد والسباع
، المعلم وغير المعلم في ذلك سواء. وعن أبي يوسف أنه لا يجوز بيع الكلب العقور لأنه غير منتفع به.
ــ
[البناية]
[مسائل منثورة]
[بيع الكلب والفهد والسباع]
م: (مسائل منثورة)
ش: مسائل مرفوعة على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي هذه مسائل، ومنثورة صفتها من نثرت الدراهم، والتقدير هذه مسائل من كتاب البيوع نثرت عن أبوابها ولم تذكر ثمة، فاستدركت بذكرها هاهنا.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع) ش: مثل الأسد والدب ونحوهما، فالقدوري أطلق بيع الكلب وما ذكر معه ليتناول م:(المعلم وغير المعلم) ش: وأوضحه المصنف بقوله: وغير المعلم م: (في ذلك سواء) ش: أي المعلم وغير المعلم منها من الكلب والفهد والسباع من المذكور في جواز البيع سواء.
وفي " الإيضاح ": بيع كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير جائز معلما كان أو غير معلم في رواية الأصل، أما الكلب المعلم فلا شك في جواز بيعه لأنه آلة الحراسة والاصطياد فيكون محلا للبيع منتفعا به حقيقة وشرعا، فيكون مالا.
وأما غير المعلم فلأنه يمكن أن ينتفع به بغير الاصطياد فإن كل كلب يحفظ بيت صاحبه ويمنع الأجانب عن الدخول فيه ويخبر عن الجاني بنباحه عليه فساوى المعلم في الانتفاع به.
م: (وعن أبي يوسف أنه لا يجوز بيع الكلب العقور لأنه غير منتفع به) ش: وفي " شرح الإرشاد ": يجب قتله ويحرم اقتناؤه فلا يجوز بيعه كما في الخنزير، وقال شمس الأئمة السرخسي: ولو كان الكلب العقور بحال يقبل التعليم يجوز بيعه في الصحيح من المذهب، ولا يجوز الذي لا يقبل التعليم.
ونقل الناطفي في " الأجناس " عن مسائل الفضل بن غانم: قال أبو يوسف رحمه الله: أجيز بيع كلب الصيد والماشية ولا أجيز بيع الكلب العقور، وقال محمد في " نوادر هشام ": يجوز بيع الكلب العقور. وفي الكيسانيات قال محمد: ومن قتله ضمن قيمته، إلى هنا لفظ " الأجناس ".
ونقل في " الأجناس " أيضا عن شرح اختلاف زفر: روى ابن أبي مالك عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز بيع الأسد حيا ويجوز أن يكون مذبوحا. وجاز بيع الفهد، وفي البيوع للحسن: جاز بيع القرد. وذكر في الأجناس قال أبو يوسف:
وقال الشافعي: لا يجوز بيع الكلب؛ لقوله عليه السلام: "إن من السحت مهر البغي وثمن الكلب".
ــ
[البناية]
أكره بيع المهر لأنه لا منفعة به، وإنما هو للهو.
م: (وقال الشافعي: لا يجوز بيع الكلب) ش: مطلقا؛ لأنه لا منفعة به، وبه قال أحمد، وبعض أصحاب مالك يجوز بيع المأذون بإمساكه ويكره، وجوز الشافعي إجارة الكلب المعلم في أصح الوجهين: أما اقتناء الكب للصيد والزرع والبيوت والمواشي فيجوز بالإجماع م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «إن من السحت مهر البغي وثمن الكلب» ش: هذا الحديث بغير هذا اللفظ رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من السحت مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام» . وأخرجه الدارقطني أيضا، ولفظه:«ثلاث كلهن سحت أجر الحجام ومهر البغي وثمن الكلب» . وقال الأترازي: وجه قول الشافعي ما وري في صحيح البخاري والسنن مسندا إلى أبي مسعود الأنصاري «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن» وذكر أحاديث أخر من هذا الباب، ولكن هذا غير مناسب للحديث الذي ذكره المصنف، ورعاية المناسبة من التناسب.
السحت: الحرام المحض الخالص، وقيل: السحت الحرام المتأصل، من سحته وأسحته أي استأصله، سمي الحرام سحتا لأنه مستأصل دين الآكل ومهر البغي أجرة الزانية، يقال: بغت المرأة بغاء بالكسر، والتي زنت فهي بغي أي زانية، ومن حقه أن يقال: بغية؛ لأنه فعيل بمعنى فاعل، والحكم فيه أن يفرق بين المذكر والمؤنث، إلا أنه قد يشبه فعيلا بمعنى مفعول، فلا يفرق كما في قولهم: ملحفة جديد.
قوله: وثمن الكلب، سماه ثمنا باعتبار صورة البيع، وحلوان الكاهن أجرته من الحلاوة
ولأنه نجس العين، والنجاسة تشعر بهوان المحل، وجواز البيع بإعزازه فكان منتفيا. ولنا أنه عليه السلام «نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية» ،
ــ
[البناية]
وهو الذي يخبر عن الأشياء بإلقاء الشيطان إليه.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الكلب م: (نجس العين) ش: بدلالة نجاسة سؤره، فإنه متولد من اللحم وما كان كذلك لا يجوز بيعه م:(والنجاسة تشعر بهوان المحل) ش: أي بذلته م: (وجواز البيع بإعزازه) ش: أي تشعر بإعزازه م: (فكان منتفيا) ش: أي فكان جواز البيع منتفيا وإلا يلزم اجتماع المتنافيين فلا يجوز.
م: (ولنا أنه عليه السلام) ش: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم م: «نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية» ش: هذا الحديث غريب بهذا اللفظ، ولكن روى الترمذي عن أبي هريرة قال «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد» ثم قال: لا يصح إلا من هذا الوجه، وروى النسائي عن جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكب والسنور إلا كلب الصيد» وقال: حديث منكر، وقال مرة: ليس بصحيح، وقال الكاكي: المدعي جواز بيع جميع الكلب، وهذا الحديث يقتضي جواز بيع كلب الصيد والماشية. قلنا: المقصود من إيراد الحديث إبطال مذهب الخصم، فإنه يدعي شمول عدم الجواز في الكل، أما إثبات المدعي والمذهب بما ذكر في " الأسرار " حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه قال:«قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلب بأربعين درهما» فذكره مطلقا من غير تخصيص في أنواع الكلب بالتضمين وتضمين المتلف دليل على تقومه وماليته.
أو نقول: ثبت جواز بيع الكلب المعلم بقوله: إلا كلب صيد، وجواز بيع الكلب الغير المعلم سوى العقور بقوله أو ماشية، فإن كل كلب يصلح لحراسة الماشية إذ من عادته النباح عند
ولأنه منتفع به حراسة واصطيادا، فكان مالا فيجوز بيعه، بخلاف الهوام المؤذية؛ لأنه لا ينتفع بها، والحديث محمول على الابتداء
ــ
[البناية]
حضور الذئب، أو السارق فبقي العقور تحت المستثنى منه، كذا في " الأسرار ".
قلت: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح مرسلا، حيث قال: وقد روي في ذلك عن من بعد النبي صلى الله عليه وسلم أي من الصحابة والتابعين، ثم قال: حديث يونس قال حدثنا ابن وهب قال سمعت ابن جريج يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهما، وقضى في كلب ماشية بكبش.
وأخرج ابن أبي شيبة عنه أنه قال: في كلب الصيد أربعون درهما وفي كلب الماشية شاة من الغنم، وفي كلب الحرث فرق من طعام، وفي كلب الدار فرق من تراب حق على الذي أصابه أن يعطيه، وحق على صاحب الكلب أن يقبله.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الكلب م: (منتفع به حراسة واصطيادا) ش: حقيقة وشرعا م: (فكان مالا فيجوز بيعه) ش: لأن المال غير الآدمي خلق لمصالح للآدمي، فيكون محلا للبيع.
فإن قيل: الكلب يمسك للانتفاع بمنافعه لا لعينه كالآدمي فإنه ينتفع بمنافعه إجارة وغيرها، ولا يدل على أن عينه مال.
قلنا: الانتفاع بمنفعة الكلب يقع تبعا لملك العين لا قصدا في المنفعة إلا أنه يورث والمنفعة وحدها لا تورث، فيجري مجرى الانتفاع بمنافع العبد والأمة والثوب، ولا يقال شعر الخنزير ينتفع به للخرز ولا يجوز بيعه، لأنا نقول: إن الخنزير محرم العين شرعا، لا يباح إمساكه لمنفعة بوجه، فيثبت الحرمة في كل جزء منه وسقطت القيمة، ثم الإباحة لضرورة الخرز لا يدل على رفع الحرمة عن أصله فيما عدا الضرورة كإباحة لحمه حال الضرورة لا يدل على صحة أكله وجواز بيعه، فأما الكلب فما ثبت فيه تحريم مطلق وإباحة للضرورة فيبقى ما وراءها على التحريم، كذا في " الأسرار ".
م: (بخلاف الهوام المؤذية) ش: من الحيات والعقارب والوزغ والقنافذ والضب وهوام الأرض جميعا م: (لأنه) ش: أي لأن المذكور من الهوام المؤذية م: (لا ينتفع بها) ش: بل هي مضرة قطعا، والهوام جمع هامة بتشديد الميم، وفي " المغرب " الهامة من الدواب ما يقتل من ذوات السموم كالعقارب والحيات م:(والحديث) ش: أي الحديث المذكور الذي استدل به الشافعي رحمه الله م: (محمول على الابتداء) ش: أي حاله ابتداء الإسلام وتقريره ما روي عن إبراهيم أنه قال: روي عن «النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص في ثمن كلب الصيد» وذلك دليل على تقديم