المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

قال: ومن‌

‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

فليس له

ــ

[البناية]

قلنا: عند الجهل به يرجع بجميع الثمن ولشبهه بالعيب.

قلنا: لا يرجع عند العلم بشيء لأنه إنما جعل هذا كالاستحقاق لدفع الضرر عن المشتري وقد اندفع حين علم به واشتراه وفي " شرح الطحاوي " إذا كان المشتري عالما، وقت العقد وقبل القبض صار راضيا بالعيب فلا يرجع على بائعه بشيء في قولهم جميعا.

وقال فخر الإسلام رحمه الله: والصحيح أن العلم والجهل سواء لأنه من قبيل الاستحقاق والعلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع، وقال الأكمل رحمه الله: قيل فيه نظر.

قلت: القائل بالنظر هو الأترازي رحمه الله حيث قال: لأنا نقول سلمنا أن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع، لكن لا نسلم أن العلم بالعيب لا يمنع الرجوع، وهذا عيب لأنه موجب لنقصان الثمن.

ولكنه أجري مجرى الاستحقاق عند أبي حنيفة -رحمة الله عليه - ونزل منزلته لا حقيقة لأن في حقيقة الاستحقاق سواء كان عالما بذلك أو جاهلا قبل القبض أو بعده يبطل البيع ويرجع بجميع الثمن في قولهم جميعا وبه صرح في " شرح الطحاوي " وهنا لا يبطل البيع، ولهذا لو أعتق المشتري قبل القتل أو القطع صح عند أبي حنيفة رحمه الله أيضا إلا أنه لا يرجع عند أبي حنيفة رحمه الله بشيء إذا قتل أو قطع بعد الإعتاق بسبب كان عند البائع لأن القتل أو القطع لم يفوت المالية لعدم المالية حينئذ، وعندهما يرجع بالعيب - أعني نقصان عيب السرقة ونقصان كونه حلال الدم - لأن الملك ينتهي ويتقرر بالإعتاق كالموت فلا يبطل الرجوع، هذا آخر كلام الأترازي.

والأكمل رحمه الله لم يذكر كلام الأترازي رحمه الله بكماله فأخذ بعضه ثم قال: قيل: فيه نظر ثم قال: والجواب أن كونها أصح أو صحيحا ويجوز أن يكون من حيث صحة النقل وشهرته فلا يرد السؤال ويجوز أن يكون من حيث الدليل.

وقوله في النظر: وهذا عيب ممنوع لأنهم صرحوا بأنه بمنزلة العيب أو أنه عيب من وجه، وإذا كان كذلك فلا يلزم أن يكون حكمه حكم العيب من كل وجه، وقد ترجح جانب الاستحقاق بالدلائل المتقدمة فأجري مجراه، وهذا آخر كلام الأكمل رحمه الله.

قلت: جوابه لا يخلو عن خدش على ما لا يخفى، وقوله في النظر: وهذا عيب ممنوع غير مسلم؛ لأن تعليله يدل على جواز القول بأنه عيب فليتأمل.

[باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب]

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ومن باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب فليس له

ص: 135

أن يرده بعيب، وإن لم يسم العيوب بعددها، وقال الشافعي: لا تصح البراءة، بناء على مذهبه أن الإبراء عن الحقوق المجهولة لا يصح، وهو يقول: إن في الإبراء معنى التمليك حتى يرتد بالرد،

ــ

[البناية]

أن يرده بعيب، وإن لم يسم العيوب بعددها) ش: وفي بعض النسخ فليس له أن يرده وإن لم يعدها أي العيوب.

قال الكاكي رحمه الله: وهو الصحيح قوله ليس له أن يرده بعيب لصحة الشرط والبيع، وقال زفر رحمه الله: البيع صحيح والشرط فاسد إذا كان مجهولا، وفي " المختلف " البيع باطل وعلى قوله فاسد إذا عد العيوب صحة البراءة أيضا.

م: (وقال الشافعي: لا تصح البراءة بناء على مذهبه أن الإبراء عن الحقوق المجهولة لا يصح) ش: للشافعي رحمه الله فيه طريقان أشهرهما وبه قال ابن شريح وابن الوكيل والإصطخري رحمه الله أن فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه يبرأ وبه قال علماؤنا: لقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم» .

ويروى ذلك عن ابن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.

وثانيها: أنه لا يبرأ عن عيب وبه قال أحمد رحمه الله في رواية، وعنه يبرأ عما لا يعلمه دون ما يعلمه.

وثالثها: وهو الأصح.

ويروى عن مالك رحمه الله أنه لا يبرأ في غير الحيوان ويبرأ في الحيوان عما لا يعلمه دون ما يعلمه لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما باع عبدا من زيد بن ثابت رضي الله عنه بشرط البراءة فوجد زيد به عيبا فأراد رده فلم يقبله ابن عمر، فترافعا إلى عثمان رضي الله عنه فقال عثمان لابن عمر رضي الله عنهما: تحلف أنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال: لا فرده عليه، فرق عثمان وزيد بين كون العلم معلوما وغير معلوم، والطريق الثاني وبه قال ابن خيران وأبو إسحاق رضي الله عنه القطع بالقول الثالث ونصه في " المختصر " كذا في " شرح الوجيز ".

وفي " الحلية " لو قلنا: الشرط باطل فهل يبطل البيع؟ فيه وجهان أظهرهما أنه يبطل م: (هو) ش: أي الشافعي رضي الله عنه م: (يقول: إن في الإبراء معنى التمليك حتى يرتد بالرد) ش: حتى إن رب الدين لو أبرأ المديون من دينه فرد المديون إبراءه لم يصح الإبراء وكذا لا يصح تعليق الإبراء بالحظر بأن قال: أبرأتك عن العيب أو الدين إن فعلت كذا لما فيه من معنى التمليك.

ص: 136

وتمليك المجهول لا يصح، ولنا أن الجهالة في الإسقاط لا تفضي إلى المنازعة، وإن كان في ضمنه التمليك لعدم الحاجة إلى التسليم فلا تكون مفسدة، ويدخل في هذه البراءة العيب الموجود، والحادث قبل القبض في قول أبي يوسف رحمه الله.

ــ

[البناية]

م: (وتمليك المجهول لا يصح) ش: كبيع شاة من قطيع غنم م: (ولنا أن الجهالة في الإسقاط لا تفضي إلى المنازعة) ش: والإبراء إسقاط لا تمليك حتى يتم بلا قبول لأنه لا يصح تمليك العين بهذه اللفظة، ويصح الإبراء بأسقطت عنك ديني، والجهالة فيه لا تفضي إلى المنازعة، لأن الجهالة إنما أبطلت التمليكات لفوت التسليم الواجب بالعقد وهو لا يتصور في الإسقاط فلا يكون مبطلا له، ولهذا جاز طلاق نسائه وإعتاق عبيده وهو لا يدري عددهم.

م: (وإن كان في ضمنه التمليك) ش: هذا جواب عن قوله: يرتد بالرد، وتقريره أن ذلك لما فيه من معنى التمليك ضمنا وهو لا يؤثر في فساد ما قلناه لأنا بينا أن محض التمليك لا يبطل بجهالة م:(لعدم الحاجة إلى التسليم) ش: لأن السقط الساقط مثلا م: (فلا تكون مفسدة) ش: كما إذا باع قفيزا من صبرة.

فإن قلت: في " الجامع الصغير " في كتاب الهبة إذا قال من له على آخر ألف درهم: إذا جاء غدا فأنت منها بريء فهو باطل فلا يصح تمليك المجهول.

قلت: إنما لا يصح التعليق فيه لأنه إنما يصح في الإسقاط المحض لا في إسقاط فيه معنى التمليك.

فإن قلت: إذا قال أبرأتك يصح، وإذا قال أبرأت أحدكما لا يصح فظهر الفرق بين المعلوم والمجهول. قلت: أبرأت أحدكما يصح أيضا عند بعض أصحابنا رحمه الله ويجيز على التعيين. كذا في " الأسرار "، ولئن سلمنا أنه لا يصح فنقول: إنما لم يصح لأن من له الحق مجهول لا لأن الحق مجهول، ألا ترى إلى من قال: لفلان علي شيء يصح، ولو قال لفلان علي ألف درهم لا يصح ولا يلزم على هذا ما إذا قال: لامرأته إحداكما طالق، لأن الطلاق بعد وقوعه يكون حقا لله تعالى وهو معلوم والدليل على أن الحق لله تعالى أنهما لو تراضيا على إسقاطه لا يصح.

م: (ويدخل في هذه البراءة) ش: إنما قال في هذه البراءة احترازا عن البراءة التي شرطها البائع في قوله بعته على أني بريء من كل عيب به فإنه لا يبرأ عن الحادث بالإجماع كذا في " الإيضاح " وغيره م: (العيب الموجود) ش: فيه وقت العقد م: (والحادث) ش: أي ويدخل العيب الحادث فيه م: (قبل القبض في قول أبي يوسف رحمه الله) ش: أي في ظاهر الرواية عنه وهو قول أبي حنيفة أيضا.

ص: 137

وقال محمد رحمه الله: لا يدخل فيه الحادث، وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن البراءة تتناول الثابت، ولأبي يوسف رحمه الله أن الغرض إلزام العقد بإسقاط حقه عن صفة السلامة، وذلك بالبراءة عن الموجود والحادث.

ــ

[البناية]

م: (وقال محمد رحمه الله: لا يدخل فيه الحادث، وهو قول زفر رحمه الله) ش: والحسن والشافعي ومالك وأبي يوسف رحمهم الله في رواية م: (لأن البراءة تتناول الثابت) ش: فتنصرف إلى الموجود عند العقد م: (ولأبي يوسف رحمه الله أن الغرض إلزام العقد) ش: أي أن المقصود من البراءة إلزام العقد م: (بإسقاط حقه) ش: أي حق المشتري م: (عن صفة السلامة) ش: أي سلامة البيع م: (وذلك) ش: أي التزام العقد يكون م: (بالبراءة عن الموجود والحادث) ش: جميعا.

وذكر الكرخي رحمه الله في "مختصره": فإن قال البائع: أبيعك على أني بريء من كل عيب به لم يدخل في البراءة العيب الحادث في جميع الروايات عن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ووجهه أنه لما قال به خص الموجود بالبراءة ولم يتجاوز غيره، وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه لو شرط في العقد البراءة من العيوب التي تحدث فسد البيع.

وفي الخلاصة ولو تبرأ البائع من كل عيب يدخل فيه العيوب والأدواء، فإن تبرأ من كل داء فهو على المرض ولا يدخل فيه الكمي ولا الأصبع الزائدة ولا أثر جرح قد برأ، وعن أبي حنيفة رحمه الله الداء هو المرض الذي في الجوف من طحال أو كبد أو نحو ذلك.

وفي " الخلاصة " أيضا رجل باع عبدا أو جارية وقال: أنا بريء من كل داء ولم يقل من كل عيب فإنه لا يبرأ عن العيوب لأن الداء يدخل في العيوب، أما العيب لا يدخل في الداء، ولو قال المشتري: الجارية برئت إليك من كل عيب بعينها، فإذا هي عوراء لا تبرأ، وكذا لو قال برئت إليك من كل عيب بيدها وهي مقطوعة اليد؛ لأن البراءة عن عيب اليد والمعين يكون حال قيام اليد والعين لا حال عدمها.

وفي " شرح الطحاوي " ولو اختلفا في العيب في أنه موجود وقت العقد أم لا فقال المشتري: هو حادث فلم يدخل في البراءة، وقال البائع: كان موجودا يدخل في البراءة. فعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا فائدة لهذا الاختلاف لأنه لا يبرأ عنهما جميعا عنده وإنما هو على قول محمد رحمه الله فعلى قوله القول قول البائع مع يمينه أنه حادث وعند زفر رحمه الله القول للمشتري.

ص: 138