الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم كما يجوز السلم فيه عددا يجوز كيلا. وقال زفر رحمه الله: لا يجوز كيلا؛ لأنه عددي وليس بمكيل. وعنه أنه لا يجوز عددا أيضا للتفاوت. ولنا أن المقدار مرة يعرف بالعدد وتارة بالكيل، وإنما صار معدودا بالاصطلاح فيصير مكيلا باصطلاحهما. وكذا في الفلوس عددا. وقيل: هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد لا يجوز لأنها أثمان. ولهما أن الثمنية في حقهما باصطلاحهما فتبطل باصطلاحهما ولا تعود وزنيا، وقد ذكرناه من قبل.
ولا يجوز
السلم في الحيوان
، وقال الشافعي: يجوز
ــ
[البناية]
اختلف آحاده في القيمة واختلف أجناسه فلا يجوز السلم فيه وذلك كالدر والجواهر واللآلئ والأدم والجلود والخشب والرؤوس والأكارع والرمان والبطيخ والسفرجل ونحوها، إلا إذا بين من جنس الجلود والأدم والخشب والجذع شيئا معلوما وطولا معلوما وغليظا معلوما وأتى بجميع شرائط السلم والتحق بالمتقاربة يجوز، وكذا السلم في الجوالق والغدائر كذا في " التحفة ".
وقال الكاكي والحد الفاصل بين التفاوت والمتقارب أن ما كان مستهلكة بالمثل يكون متقاربا وبالقيمة يكون متفاوتا.
م: (ثم كما يجوز السلم فيه) ش: أي في العددي المتقارب م: (عددا) ش: أي من حيث العدد م: (يجوز كيلا) ش: أي من حيث الكيل م: (وقال زفر رحمه الله: لا يجوز كيلا؛ لأنه عددي وليس بمكيل. وعنه) ش: أي وعن زفر م: (أنه لا يجوز عددا أيضا للتفاوت) ش: في الآحاد.
م: (ولنا أن المقدار مرة يعرف بالعدد وتارة بالكيل، وإنما صار معدودا بالاصطلاح فيصير مكيلا باصطلاحهما) ش: أي باصطلاح المتعاقدين، فلا يفضي إلى المنازعة في التسليم والتسلم م:(وكذا) ش: أي كذا يجوز السلم م: (في الفلوس عددا) ش: أي من حيث العدد، وهو ظاهر الرواية م:(وقيل هذا) ش: أي الجواب م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد لا يجوز؛ لأنها أثمان) ش: والثمن في السلم لا يجوز.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن الثمنية في حقهما) ش: أي في حق المتعاقدين م: (باصطلاحهما) ش: لعدم ولاية الغير عليهما م: (فيبطل باصطلاحهما) ش: أي ولهما إبطال اصطلاحهما، فإذا بطلت الثمنية بقي مثمنا يتعين بالتعيين فجاز السلم م:(ولا تعود وزنيا) ش: هذا رد لقول محمد أنها بعد الكساد تعود وزنيا لأنها قطع صغار موزونة م: (وقد ذكرناه من قبل) ش: أي في باب الربا في مسألة بيع الفلس بالفلسين.
[السلم في الحيوان]
م: (ولا يجوز السلم في الحيوان) ش: سواء كان دابة أو رقيقا، وبه قال الثوري والأوزاعي م:(وقال الشافعي: يجوز) ش: وبه قال مالك وأحمد إلا في الخلفات، فإن الخلفة اسم لمجهول الحال
لأنه يصير معلوما ببيان الجنس والسن والنوع والصفة والتفاوت بعد ذلك يسير فأشبه الثياب. ولنا أن بعد ذكر ما ذكر يبقى فيه تفاوت فاحش في المالية باعتبار المعاني الباطنة فيفضي إلى المنازعة، بخلاف الثياب؛ لأنه مصنوع العباد، فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد،
ــ
[البناية]
ولمعاد الحيوان المطلق بلا صفة، فيجوز بالاتفاق.
قلت: الخلفة بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وبالفاء الحامل من النوق، ويجمع على خلفات وخلائف، وقد خلفت إذا حملت، وأخلفت إذا حالت م:(لأنه) ش: أي لأن الحيوان م: (يصير معلوما ببيان الجنس) ش: بأن قال إبل م: (والسن) ش: بأن قال: بنت مخاض أو جذع أو ثني م: (والنوع) ش: بأن قال بختي أو عربي م: (والصفة) ش: بأن قال: سمين أو هزال، يعني يضبط ماليته بهذه الأربعة، والموصوف بمنزلة المرئي م:(والتفاوت بعد ذلك) ش: أي بعد بيان هذه الأربعة م: (يسير) ش: لقلته م: (فأشبه الثياب) ش: في الجواز، وقد ثبت «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص أن يشتري بعيرا ببعيرين في تجهيز الجيش إلى أجل، وأنه عليه السلام استقرض بكرا وقضاه رباعيا» والسلم أقرب إلى الجواز من الاستقراض.
م: (ولنا أن بعد ذكر ما ذكر) ش: أي من الجنس والسن والنوع والصفة م: (يبقى فيه تفاوت فاحش في المالية باعتبار المعاني الباطنة) ش: كالصباحة والملاحة والخلق الحسن والذهن والكياسة وحسن الشهرة والهملجة في الدواب وهي معنى سهل وشدة العدو، فإنك ترى عبدين متفقين في الأوصاف المذكورة مع ذلك يساوي أحدهما ألفا والآخر ألفين، قال الشاعر:
الأدب فردا يعدل الألف زائدا
…
وألف تراهم لا يساوون واحدا
وهذه معاني لا تضبط بالوصف، فبقي جهالة م:(فيفضي إلى المنازعة) ش: فلا يجوز م: (بخلاف الثياب) ش: جوابا عن قياس الشافعي السلم في الحيوان على القياس في الثياب فأجاب بأن هذا القياس غير صحيح م: (لأنه) ش: أي لأن الثياب، وتذكير الضمير باعتبار المذكور م:(مصنوع العباد فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد) ش: لأن العبد إنما يصنع بآلة، فإذا اتحد الصانع والآلة اتحد المصنوع، ولا يتفاوت في المالية إلا يسيرا، ولا يعتبر بذلك القدر والحيوان صنع الله تعالى.
وذلك يكون على ما يريده تعالى، فقد كان على وجه لا يوجد له نظير، وفي مثله لا يجوز السلم بالاتفاق.
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن السلم في الحيوان» ، ويدخل فيه جميع أجناسه حتى العصافير
ــ
[البناية]
والجواب عن حديث عمرو بن العاص: أنه كان قبل نزول آية الربا، أو كان في دار الحرب ولا ربا بين المسلم والحربي فيها، وتجهيز الجيش وإن كان في دار الإسلام فنقل الآلات كان في دار الحرب لعزتها في دار الإسلام يومئذ.
والجواب عن الحديث الثاني: أنه لم يكن القرض ثابتا في ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أنه قضاه من إبل الصدقة والصدقة حرام عليه، فكيف يجوز أن يفعل ذلك.
م: (وقد صح «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلم في الحيوان» ش: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن إسحاق بن إبراهيم بن حربي حدثنا عبد الملك الزماري حدثنا سفيان الثوري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان» وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال ابن حبان: إسحاق بن إبراهيم منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بالموضوعات لا يحل كتب حديثه إلا على وجهة التعجب م: (ويدخل فيه) ش: أي في قوله في الحيوان م: (جميع أجناسه) ش: أي أجناس الحيوان م: (حتى العصافير) ش: أي حتى يدخل العصافير أيضا، لا يقال النهي عن الحيوان في الوصف والمتنازع فيه هو الموصوف منه فلا يتصل محل النزاع، لأنا نقول إن محمد بن الحسن قد فسر هذا الحديث في أول كتاب المضاربة أن ابن مسعود رضي الله عنه دفع مالا مضاربة إلى زيد بن خليدة فأسلمها زيد إلى عتريس بن عرقوب في قلائص معلومة.
وقال ابن مسعود: اردد مالنا، لا نسلم أموالنا في الحيوان، فعلم أن عدم جواز السلم في الحيوان لم يكن فيه باعتبار ترك الوصف، لأن القلائص كانت معلومة، فكان المنع لكونه حيوانا لا يقال في كلام المصنف تسامح، لأن الدليل المذكور بقوله: ولنا منقوض بالعصافير، لأن ذكر ذلك لم يكن من حيث الاستدلال على المطلوب، بل من حيث جواب الخصم، وأما الدليل على ذلك فهو السنة.
فإن قلت: السلم في الحيوان إنما لا يصح لتفاوت يعتبره الناس والتفاوت من العصافير غير معتبر، فينبغي أن يجوز السلم فيها.
قال: ولا في أطرافه كالرؤوس والأكارع للتفاوت فيها، إذ هو عددي متفاوت لا مقدار لها.
قال: ولا في الجلود عددا، ولا في الحطب حزما، ولا في الرطبة جرزا للتفاوت فيها، إلا إذا عرف ذلك
ــ
[البناية]
قلنا: العبرة في المنصوص لعين النص لا للمعنى، والنص لم يفصل بين حيوان وحيوان، كذا في " الكافي ".
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا في أطرافه) ش: أي ولا يجوز السلم أيضا في أطراف الحيوان م: (كالرؤوس والأكارع) ش: هو جمع كراع الشاة والبقر، ويجمع على كراع أيضا م:(للتفاوت فيها، إذ هو عددي متفاوت لا مقدار لها) ش: أي لا مقدر له لاختلافها بالصغر والكبر والسمنى والهزال، وتذكير الضمائر باعتبار المذكور، وبقولنا قال الشافعي في الأظهر.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا في الجلود عددا) ش: أي ولا يجوز السلم في الجلود أيضا من حيث العدد لأنها عددية، وفيها الصغير والكبير فيفضي السلم فيها إلى المنازعة ولا يتوهم أنه يجوز وزنا لقيده عددا، لأن معناه أنه عددي فحيث لم يجز عددا لم يجز وزنا بالطريق الأولى؛ لأنه لا يوزن عادة وبه قال الشافعي رحمه الله في الأظهر، وقال مالك وأحمد في قول يجوز السلم في الجلود والرؤوس والأكارع عددا أو وزنا.
وفي " الذخيرة ": ولو بين للجلود ضربا معلوما يجوز السلم فيه م: (ولا في الحطب حزما) ش: أي ولا يجوز السلم أيضا في الحطب من حيث الحزم وهو جمع حزمة، قال في " الجمهرة " كل شيء جمعته كالإضبارة فقد حزمته، ومنه سميت حزمة الحطب، وإنما لا يجوز لكونه مجهولا من حيث طوله وعرضه وغلظه، فإن عرف ذلك جاز، كذا في " المبسوط " م:(ولا في الرطبة جرزا) ش: أي ولا يجوز السلم أيضا في الرطبة من حيث الجرز بضم الجيم وفتح الراء بعدها الزاي، أي جمع جرزة وهي أي الحزمة والرطبة الاسفيست، والجمع رطاب قاله في " المغرب "، وهي التي تسميها أهل مصر برسيما.
وأهل البلاد الشمالية مسخا. وفي " الشامل ": لا خير في السلم في الرطبة لأنها تباع حزما ويجوز في القت لأنه يباع وزنا. وفي " المبسوط ": ولا يجوز أوقارا، أي أحمالا للجهالة م:(للتفاوت فيها) ش: أي لأجل التفاوت في عدد الجلود وحزم الحطب وجرز الرطبة. م: (إلا إذا عرف ذلك) ش: هذا الاستثناء متعلق بمسألة الرطبة جرزا، لأن ما بعده من كلام المصنف يدل على ذلك لا يخفى على المتأمل.
قوله: عرف يجوز فيه التخفيف والتشديد، فعلى التخفيف يكون على صيغة المجهول، ويكون قوله ذلك في محل الرفع، وهو إشارة إلى ما ذكر من الجرز. وأما على التشديد من