الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما على ظاهر الرواية ينبغي أن يجوز؛ لأن الأصل أن ما يجوز إيراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه من العقد، وبيع قفيز من صبرة جائز، فكذا استثناؤه بخلاف استثناء الحمل وأطراف الحيوان؛ لأنه لا يجوز بيعه فكذا استثناؤه.
ويجوز
بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره
، وكذا الأرز والسمسم. وقال الشافعي: لا يجوز بيع الباقلاء الأخضر، وكذا اللوز والفستق، والجوز في قشره الأول عنده، وله في بيع السنبلة قولان، وعندنا يجوز ذلك كله، له أن المعقود عليه مستور بما لا منفعة له فيه، فأشبه تراب الصاغة إذا بيع بجنسه
ــ
[البناية]
أيضا م: (أما على ظاهر الرواية ينبغي أن يجوز) ش: يريد به على ظاهر قياس الرواية.
فإن حكم هذه المسألة لم يذكر في ظاهر الرواية صريحا، ولهذا قال: ينبغي أن يجوز م: (لأن الأصل أن ما يجوز إيراد العقد عليه بانفراده يجوز استثناؤه من العقد وبيع قفيز من صبرة جائز، فكذا استثناؤه) ش:.
وينعكس إلى أن ما لا يجوز إيراد العقد عليه بانفراده لا يجوز استثناؤه م: (بخلاف استثناء الحمل وأطراف الحيوان؛ لأنه لا يجوز بيعه فكذا استثناؤه) ش: صورة استثنائه الحمل أن يقول: بعتك هذه الشاة إلا حملها، وصورة استثناء أطراف الحيوان بأن يقول: بعتك هذه الشاة إلا جلدها أو غيره، فإنه لا يجوز لا في حضر ولا في سفر.
وبه قال الشافعي رحمه الله وقال أحمد: يجوز ذلك في الرأس والأكارع؛ لعدم الإفضاء إلى المنازعة غالبا، وتوقف في استثناء الشحم، وعن مالك أنه يجوز ذلك في السفر دون الحضر للضرورة فيه.
[بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره]
م: (ويحوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره، وكذا الأرز والسمسم) ش: يعني يجوز في قشرها، والحاصل أن بيع الشيء في خلافه لا يجوز إلا الحبوب مثل هذه المذكورة.
م: (وقال الشافعي: لا يجوز بيع الباقلاء الأخضر، وكذا اللوز والفستق والجوز في قشره الأول عنده) ش: أي عند الشافعي رضي الله عنه م: (وله) ش: أي وللشافعي رضي الله عنه م: (في بيع السنبلة قولان) ش: في قوله القديم يجوز، وفي قوله الجديد لا يجوز، وله أيضا وجهان في الباقلاء الأخضر، والمنصوص عليه أنه لا يجوز وهو ظاهر مذهبه. وقال الإصطخري وكثير من أصحابه: يجوز كقولنا. وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله- م: (وعندنا يجوز ذلك كله) ش: أي بيع المذكور في الحبوب كله يجوز عندنا م: (له) ش: أي للشافعي رضي الله عنه م: (أن المعقود عليه مستور بما لا منفعة له فيه) ش: أي للمشتري في المعقود عليه م: (فأشبه تراب الصاغة إذا بيع بجنسه) ش: يعني لا يجوز لاحتمال الربا.
ولا ينصرف إلى خلاف الجنس تحريا للجواز كما في بيع الدرهم والدينارين بدرهمين
ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهى، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» ولأنه حب منتفع به فيجوز بيعه في سنبله كالشعير، والجامع كونه مالا متقوما بخلاف تراب الصاغة؛ لأنه إنما يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا، حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز، وفي مسألتنا لو باعه بجنسه لا يجوز أيضا، لشبهة الربا؛ لأنه لا يدري قدر ما في السنابل.
ــ
[البناية]
ودينار؛ لأن التراب ليس بمال يتقوم، وتراب الصاغة هو التراب الذي فيه برادة الذهب والفضة، والصاغة: جمع صائغ، ووجه المشابهة بينهما استتاره بما لا منفعة فيه.
م: (ولنا ما روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهى، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» ش: هذا الحديث رواه الأئمة الستة غير البخاري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخيل» .... إلى آخره نحوه، ولا آخره نحوه نهى البائع والمشتري، قوله: حتى يزهى أي يحمر أو يصفر.
وقال أبو زيد والكسائي: زهى يزهو وأزهى يزهى بمعنى، أي احمر الثمر أو اصفر، وقال أبو عبيد: أنكر الأصمعي أزهى ونقل الزمخشري في فائقه عن كتاب العبن يزهو خطأ، إنما هو، يزهى، قوله: العاهة أي الآفة.
م: (ولأنه) ش: أي وبمعنى المذكور من الحبوب م: (حب منتفع به) ش: وهذا كأنه جواب عن قوله: إن المعقود عليه مستور بما لا نفع فيه، وتقريره لا نسلم أنه لا منفعة له بل هو حب منتفع به، ومن أكل الفوائت يشهد بذلك، وأن الحبوب المذكورة تدخر في قشرها، قال الله تعالى:{فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} [يوسف: 47] وهو الانتفاع لا محالة م: (فيجوز بيعه في سنبله كالشعير) ش: في سنبله، فإنه يجوز بالاتفاق م:(والجامع) ش: يعني في تشبيه بيع الحنطة في قشرها، وبيع الشعير في سنبله م:(كونه) ش: أي كون كل واحد منهما م: (مالا متقوما، بخلاف تراب الصاغة؛ لأنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا، حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز) ش: لعدم ذلك الاحتمال، وقال محمد في الأصل: فإن كان تراب ذهب بتراب فضة فهو جائز، وكل واحد منهما بالخيار إذا رأى ما فيه.
واعلم أن بيع تراب الصاغة بخلاف الجنس إنما يجوز إذا وجد فيه الذهب أو الفضة وإذا لم يوجد فلا، ألا ترى إلى ما قال في الفتاوي الولوالجي: رجل اشترى تراب الصواغين بعرض فهذا على وجهين: إن وجد فيها ذهبا أو فضة جاز البيع؛ لأنه تبين أنه اشترى الذهب والفضة بالعروض وإن لم يجد فيها ذهبا أو فضة لا يجوز.
م: (وفي مسألتنا) ش: المتنازع فيها م: (لو باعه بجنسه) ش: أي لو باع حب الحنطة في السنبل بالحنطة م: (لا يجوز أيضا لشبهة الربا؛ لأنه لا يدري قدر ما في السنابل) .
ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح أغلاقها؛ لأنه يدخل فيه الأغلاق؛ لأنها مركبة فيها للبقاء، والمفتاح يدخل في بيع الغلق من غير تسميته؛ لأنه بمنزلة بعض منه إذ لا ينتفع به بدونه.
ــ
[البناية]
ش: فإن قيل: ما الفرق بين مسألتنا وبين ما إذا باع حب قطن بعينه أو نوى تمرٍ في تمر بعينه، وهما شيئان في كون المبيع متلفا، أجيب: بأن الغالب في السنبلة الحنطة يقال: هذه حنطة وهي في سنبلها، ولا يقال: هذا حب وهو في القطن، وإنما يقال: هذا قطن، وكذلك في التمر، إليه أشار أبو يوسف رحمه الله.
فإن قلت: استدل الشافعي رحمه الله أيضا فيما ذهب إليه، «فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر» وهذا الذي ذكرتم منه لا يدرى قدر الحب في السنابل، واستدل أيضا «بأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الطعام حتى يفرك» .
قلت: حديث النهي عن بيع الغرر محمول على بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء؛ لأن الغرر ما له عاقبة مستورة، كذا ذكره في " الصحاح "، أو يحمل على بيعه قبل أن يشتد، وحديث الفرك رواه ابن حبان في رواية عوضا عن قوله عليه الصلاة والسلام:«وعن بيع الحب حتى يشتد» . أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة.
وقوله: حتى يفرك أي حتى يصير بحال يتأتى فيه الفرك، والحمل عليه أولى توفيقا بينه وبين ما روينا فافهم.
م: (ومن باع دارا دخل في البيع مفاتيح أغلاقها) ش: الأغلاق بفتح الهمزة جمع غلق بفتحتين وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح م: (لأنه يدخل فيه) ش: أي في البيع م: (الأغلاق؛ لأنها مركبة فيها) ش: في الدار م: (للبقاء) ش: لا للانفصال م: (والمفتاح يدخل في بيع الغلق من غير تسميته؛ لأنه) ش: أي؛ لأن المفتاح م: (بمنزلة بعض منه) ش: أي من الغلق م: (إذ لا ينتفع به) ش: أي بالغلق م: (بدونه) ش: أي ما بالغلق بالمفتاح وفي بعض النسخ إذ لا ينتفع به بدونه، أي بدون المفتاح، وفي " الفوائد الظهيرية ": هذا إذا كانت الأغلاق مركبة في حيطان الدار، أما إذا كانت منفصلة فلا تدخل بدون الذكر.
فإن قلت: يرد على هذا التعليل الطريق، حيث لا يدخل في بيع الدار مع أن الدار لا ينتفع إلا بها.
قلت: إنما لا يدخل الطريق؛ لأن المقصود من شراء الدار ربما يكون نفس الملك لا الانتفاع بها بأن يكون مراد المشتري بها أخذ دار يجنبها لسبيل الشفعة، حتى إذا كان المقصود الانتفاع بها يدخل الطريق أيضا، كما في الإجارة والقسمة والصدقة الموقوفة.
قال: وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع، أما الكيل فلا بد منه للتسليم وهو على البائع، ومعنى هذا إذا بيع مكايلة، وكذا أجرة الوزان والذراع والعداد، وأما النقد فالمذكور رواية ابن رستم عن محمد؛ لأن النقد يكون بعد التسليم، ألا ترى أنه يكون بعد الوزن والبائع هو المحتاج إليه؛ ليميز ما تعلق به حقه من غيره، أو ليعرف المعيب ليرده. وفي رواية ابن سماعة عنه: على المشتري؛ لأنه يحتاج إلى التسليم الجيد المقدر، والجودة تعرف بالنقد كما يعرف القدر بالوزن فيكون عليه. قال: وأجرة وزان الثمن على المشتري؛ لما بينا أنه هو المحتاج إلى تسليم الثمن وبالوزن يتحقق التسليم. قال: ومن باع سلعة بثمن قيل للمشتري ادفع الثمن أولا؛ لأن حق المشتري تعين في المبيع فيقدم دفع الثمن ليتعين حق البائع بالقبض، لما أنه لا يتعين بالتعيين تحقيقا
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وأجرة الكيال وناقد الثمن على البائع، أما الكيل فلا بد منه للتسليم وهو) ش: أي التسليم م: (على البائع، ومعنى هذا إذا بيع مكايلة، وكذا أجرة الوزان والذراع والعداد) ش: قيد به؛ لأنه لو بيع مجازفة لا يجب أجرة هؤلاء على البائع إذا باع بشرط الوزن والذرع والعدد؛ لأن تحقق الإبقاء بذلك م: (وأما النقد) ش: أي وأما أجرة ناقد الثمن م: (فالمذكور) ش: أي في القدوري أنه على البائع.
م: (رواية ابن رستم عن محمد؛ لأن النقد يكون بعد التسليم، ألا ترى أنه) ش: أي التسليم م: (يكون بعد الوزن) ش: أي بعد وزن الثمن م: (والبائع هو المحتاج إليه ليميز ما تعلق به حقه من غيره) ش: أي من غير حقه من الرديء م: (أو ليعرف) ش: أي البائع م: (المعيب) ش: إذا وجده معيبا م: (ليرده) ش: على المشتري.
م: (وفي رواية ابن سماعة عنه) ش: أي عن محمد أجرة النقاد م: (على المشتري؛ لأنه يحتاج إلى التسليم الجيد المقدر) ش: لأن حق البائع في القدر والجودة جميعا م: (والجودة تعرف بالنقد كما يعرف القدر بالوزن فيكون عليه) ش: أي على المشتري، وقال الفقيه أبو الليث "في العيون ": أجرة وزان الثمن والناقد على المشتري؛ لأن عليه أن يوفيه الوزن، وفي " الخلاصة ": والصحيح أنها على المشتري.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وأجرة وزان الثمن على المشتري لما بينا أنه) ش: أي أن المشتري م: (هو المحتاج إلى تسليم الثمن، وبالوزن يتحقق التسليم) ش: فيكون الوزان على المشتري.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن باع سلعة بثمن) ش: أي بالدراهم والدنانير م: (قيل للمشتري: ادفع الثمن أولا؛ لأن حق المشتري تعين في المبيع فيقدم دفع الثمن ليتعين حق البائع بالقبض، لما أنه) ش: أي أن الثمن، قال الشافعي في قول: وبه قال مالك: م: (لا يتعين بالتعيين تحقيقا