المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

وعن هذا من قال من المشايخ: إن الاختلاف فيه عنده يوجب التحالف كما في الصفة. وقيل على عكسه لأن تعين المكان قضية العقد عندهما. وعلى هذا الخلاف الثمن والأجرة

والقسمة. وصورتها إذا‌

‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

. وقيل: لا يشترط ذلك في الثمن، والصحيح أنه يشترط إذا كان مؤجلا، وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي. وعندهما يتعين مكان الدار ومكان تسليم الدابة للإيفاء. قال: وما لم يكن له حمل ومؤنة لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء بالإجماع؛

ــ

[البناية]

م: (وعن هذا) ش: أي عن هذا الذي قلنا، وهو اختلاف المكان كجهالة الصفة م:(قال من قال من المشايخ: إن الاختلاف فيه) ش: أي في مكان الإيفاء م: (عنده) ش: أي عند أبي حنيفة م: (يوجب التحالف كما في الصفة) ش: أي كما إذا اختلفا في صفة الجودة والرداءة في أحد بدلي السلم م: (وقيل على عكسه) ش: أي لا يوجب التحالف عنده بل القول قول المسلم إليه، وعندهما يتحالفان هكذا ذكر الخلاف القدوري وصاحب " الإيضاح " وصاحب " الكفاية "، لأن المكان يتعين عندهما وهو معنى قوله م:(لأن تعين المكان قضية العقد) ش: أي مقتضاه م: (عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد، فكان الاختلاف في المكان كالاختلاف في نفس العقد، وعنده لما لم يكن من مقتضيات العقد صار بمنزلة الأجل، والاختلاف فيه لا يوجب التحالف.

م: (وعلى هذا الخلاف) ش: وهو أنه هل يشترط بين مكان إيفاء الثمن في بيع العين إذا كان له حمل ومؤنة م: (الثمن) ش: صورته جعل المكيل أو الموزون دينا في الذمة ثمنا في البيع يشترط بيان مكان الإيفاء عند أبي حنيفة، خلافا لهما م:(والأجرة) ش: صورته منصوص في كتاب الإجارات إذا كان الشيء الذي جعل أجرا دينا ولحمله مؤمنة عند أبي حنيفة لا يصح إلا بتعيين مكان الإيفاء.

وعندهما يجوز من غير تعيين كما يجيء الآن

[اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة]

م: (والقسمة، وصورتها إذا اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة) ش: يشترط بيان مكان الإيفاء عند أبي حنيفة، وعندهما لا يشترط ويتعين مكان القسمة م:(وقيل: لا يشترط ذلك) ش: أي بيان مكان الإيفاء م: (في الثمن) ش: عند الكل م: (والصحيح أنه) ش: أي أن بيان مكان الإيفاء م: (يشترط إذا كان مؤجلا) ش: عند أبي حنيفة م: (وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي) ش: وبه قال الشافعي.

م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد م: (يتعين مكان الدار) ش: أي في إجارة الدار م: (ومكان تسليم الدابة) ش: في إجارة الدابة م: (للإيفاء) ش: أي لأجل إيفاء الأجرة.

م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (وما لم يكن له حمل ومؤنة) ش: كالمسك والكافور والزعفران وصغار اللؤلؤ م: (لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء بالإجماع) ش:

ص: 351

لأنه لا يختلف قيمته ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه. قال رضي الله عنه: وهذا رواية " الجامع الصغير " والبيوع، وذكر في الإجارات أنه يوفيه في أي مكان شاء وهو الأصح؛ لأن الأماكن كلها سواء ولا وجوب في الحال، ولو عينا مكانا قيل لا يتعين لأنه لا يفيد. وقيل: يتعين لأنه يفيد سقوط خطر الطريق.

ولو عين المصر فيما له حمل ومؤنة فيكتفى به لأنه مع تباين أطرافه كبقعة واحدة فيما ذكرنا.

ــ

[البناية]

أي بإجماع الأئمة الأربعة وأصحابهم م: (لأنه) ش: أي لأن ما ليس له حمل ومؤنة م: (لا يختلف قيمته) ش: لأن الأماكن كلها سواء والمال لا يختلف باختلاف الأماكن فيما لا حمل ولا مؤنة، وإنما تختلف بعبرة الوجود وكثرة رغبات الناس وقلتها.

وقيل: ما لم يكن له حمل ومؤنة هو الذي لو أمر إنسانا بحمله إلى مجلس القضاء مجانا وقيل: وهو ما يمكن رفعه بيد واحدة م: (ويوفيه) ش: أي يوفي المسلم إليه المسلم فيه م: (في المكان الذي أسلم فيه) ش: لأنهم اتفقوا على أن بيان مكان الإيفاء فيه ليس بشرط لصحة السلم لعدم اختلاف القيمة، ولكن هل يتعين مكان العقد للإيفاء فيه روايتان.

أشار المصنف إليهما بقوله: م: (قال رضي الله عنه) ش: أي المصنف رحمه الله م: (وهذا) ش: أي قوله: ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه م: (رواية " الجامع الصغير " والبيوع) ش: أي بيوع الأصل وهو " المبسوط " م: (وذكر في الإجارات) ش: أي في كتاب "الإجارات" م: (أنه يوفيه في أي مكان شاء) ش: أي المسلم إليه م: (وهو الأصح) ش: أي المذكور في الإجارات هو الأصح، وبه قال الشافعي في الأصح م:(لأن الأماكن كلها سواء) ش: وقد ذكرناه الآن م: (ولا وجوب في الحال) ش: جواب عن سؤال، وهو أن يقال: يجوز أن يتعين مكان العقد ضرورة وجوب التسليم، فقال: لا يجب التسليم في الحال ليتعين ضرورة اعتباره م: (ولو عينا مكانا) ش: أي فيما لا حمل له ولا مؤنة م: (قيل لا يتعين لأنه) ش: أي لأن التعيين م: (لا يفيد) ش: حيث لا يلزم بثقله مؤنة م: (وقيل: يتعين لأنه يفيد سقوط خطر الطريق) ش: لرب السلم.

م: (ولو عين المصر) ش: أي رب السلم م: (فيما له حمل ومؤنة فيكتفى به) ش: وفي بعض النسخ يكتفى به، أي يتعين المصر م:(لأنه) ش: أي لأن المصر م: (مع تباين أطرافه كبقعة واحدة) ش: أي كمكان واحد، لأن القيمة لا تختلف باختلاف المصر عادة، حتى قيل هذا إذا لم يكن المصر عظيما، فلو كان بين نواحيه فرسخ ولم يبين ناحيته منه لا يجوز، لأن هذه جهالة مفضية إلى المنازعة، كذا في " المحيط " م:(فيما ذكرنا) ش: قال الكاكي: أي في اختلاف القيمة.

وقال الأترازي: قوله فيما ذكرنا، أي المصر مع تباين أطرافه كبقعة واحدة في القيمة، حيث لا تختلف باختلاف الحال، وهذا لو دفع المال مضاربة ليعمل بالكوفة كان له أن يعمل في

ص: 352

قال: ولا يصح السلم حتى يقبض رأس المال قبل أن يفارقه فيه، أما إذا كان من النقود فلأنه افتراق عن دين بدين، وقد «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وإن كان عينا» فلأن السلم أخذ عاجل بآجل، إذ الإسلام والإسلاف يبنيان عن التعجيل فلا بد من قبض أحد العوضين ليتحقق معنى الاسم. ولأنه لا بد من تسليم رأس المال ليتقلب المسلم إليه فيه فيقدر على التسليم،

ــ

[البناية]

أي مكان شاء منها، وقال الأكمل: ومما ذكرنا من أنه لا يختلف قيمته باختلاف المحلة. وقيل فيما ذكرنا من المسائل وهي الثمن والأجرة والقسمة.

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يصح السلم حتى يقبض رأس المال قبل أن يفارقه فيه) ش: أي في المجلس، والمراد منه المفارقة بالأبدان، ألا ترى إلى ما قال في "شرح الطحاوي ": تسليم رأس المال ليس بشرط في مجلس العقد، وإنما تسليمه جعل إلى المسلم إليه شرطا قبل الافتراق بالأبدان.

ألا ترى أنهما لو تعاقدا عقد السلم ومكثا بعد ذلك يوما إلى الليل ولم يغب أحدهما عن صاحبه، ثم أسلم رأس المال وافترقا صح السلم. واعلم أن تسليم رأس المال قبل المفارقة شرط.

م: (أما إذا كان من النقود) ش: مثل الدراهم والدنانير وافترقا قبل قبض رأس المال السلم فإنه لا يصح م: (فلأنه افتراق عن دين بدين) ش: وذلك لا يجوز م: (وقد «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ» ش: وهذا الحديث قد تقدم أي النسيئة بالنسيئة م: (وإن كان) ش: أي رأس المال م: (عينا) ش: كالتبر والمصوغ والثوب والحيوان م: (فلأن السلم أخذ عاجل بآجل) ش: لأنه عقد يثبت الملك في الثمن عاجلا، وفي الثمن آجلا، فاشترط تعجيل رأس المال ليستحق به المعنى الذي وضع له الاسم م:(إذ الإسلام والإسلاف يبنيان عن التعجيل) ش: لأن السلم أخذ عاجل بآجل، والسلم فيه آجل، فيجب أن يكون رأس المال عاجلا ليكون حكمه على وقف ما يقتضيه اسمه كما في الصرف والحوالة والكفالة.

فإن هذه العقود تثبت أحكامها بمقتضيات أساميها لغة، كذا في " المبسوط "، فإذا كان الاسم كذلك م:(فلا بد من قبض أحد العوضين ليتحقق معنى الاسم) ش: أي اسم السلم أو السلف.

م: (ولأنه لا بد من تسليم رأس المال ليتقلب) ش: أي ليتصرف م: (السلم إليه فيه) ش: أي في رأس المال م: (فيقدر) ش: بالنصب عطفا على ليتقلب م: (على التسليم) ش: إذا كان فيه الشرط

ص: 353

ولهذا قلنا: لا يصح السلم إذا كان فيه خيار الشرط لهما أو لأحدهما؛ لأنه يمنع تمام القبض لكونه مانعا من الانعقاد في حق الحكم، وكذا لا يثبت فيه خيار الرؤية لأنه غير مفيد،

بخلاف خيار العيب لأنه لا يمنع تمام القبض. ولو أسقط خيار الشرط قبل الافتراق ورأس المال قائم جاز، خلافا لزفر وقد مر نظيره، وجملة الشروط جمعوها

ــ

[البناية]

لهما م: (ولهذا) ش: إيضاح لاشتراط قبض رأس مال السلم م: (قلنا: لا يصح السلم إذا كان فيه خيار الشرط لهما) ش: أي للمتعاقدين م: (أو لأحدهما) ش: أي أو كان خيار الشرط لأحدهما م: (لأنه) ش: أي لأن خيار الشرط م: (يمنع تمام القبض لكنه مانعا من الانعقاد في حق الحكم) ش: وهو ثبوت الملك م: (وكذا لا يثبت فيه) ش: أي في السلم م: (خيار الرؤية لأنه غير مفيد) ش: إذ فائدة الخيار رد المبيع والمسلم فيه دين في الذمة.

فإذا رد المقبوض عاد دينا كما كان؛ لأنه لم يرد عين ما تناوله العقد، لأن العقد لم يتناول هذا المقبوض، وإنما تناول مثله دينا في الذمة فلا ينفسخ العقد برده، بل يعود حقه في مثله، فإذا لم يفد فائدته لا يثبت بخلاف بيع العين، فإنه لو رد العين بخيار الرؤية ينفسخ العقد؛ لأنه رد عين ما تناوله العقد فينفسخ العقد برده، كذا ذكره شيخ الإسلام خواهر زاده رحمه الله.

وقال الأترازي: قوله: وكذا لا يثبت فيه خيار الرؤية فيه إشكال، لأن الضمير في قوله: فيه إما أن يراد به رأس المال، أو المسلم فيه، فلا يجوز الأول لأن خيار الرؤية ثابت في رأس المال، وبه صرح في " التحفة "، ولا يجوز الثاني أيضا لأنه لا يرتبط به الكلام، لأن سوق كلامه أن تسليم رأس المال شرط قبل المفارقة، وأوضح ذلك بعدم صحة السلم بخيار الشرط، ويبقى قوله: وكذا لا يثبت خيار الرؤية فيه أجنبيا، انتهى. وقال الأكمل: إنه يعود إلى المسلم فيه، وذكره استطرادا ويجوز أن يعود إلى رأس المال.

م: (بخلاف خيار العيب؛ لأنه لا يمنع تمام القبض) ش: لأن تمام العقد يتعلق بتمام الصفقة وتمام الصفقة يتعلق بتمام الرضا، والرضا تام وقت العقد، كذا في " المبسوط "، م:(ولو أسقط) ش: أي رب السلم م: (خيار الشرط قبل الافتراق ورأس المال قائم) ش: أي والحال أن رأس المال قائم في يد المسلم إليه م: (خيار الشرط قبل الافتراق ورأس المال قائم) ش: أي والحال أن رأس المال قائم في يد المسلم إليه م: (جاز) ش: أي السلم عندنا، إنما قيد بكون رأس المال قائما؛ لأنه إذا أسقط خياره بعد هلاك رأس المال في يد المسلم إليه وإنفاقه لا يعود السلم جائزا بالإجماع م:(خلافا لزفر) ش: والشافعي ومالك أيضا م: (وقد مر نظيره) ش: أي مر نظير هذا في باب البيع الفاسد وهو أنه إذا باع لأجل مجهول كالحصاد والدياس ونحوهما ثم تراضيا بإسقاط الأجل قبل الأجل جاز عندنا خلافا لهم.

م: (وجملة الشروط) ش: أي جملة شروط السلم م: (جمعوها) ش: أي جمعها المشايخ م:

ص: 354

في قولهم: إعلام رأس المال وتعجيله، وإعلام المسلم فيه وتأجيله، وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله.

فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة، مائة منها دين على المسلم إليه ومائة نقدا، فالسلم في حصة الدين باطل لفوات القبض، ويجوز في حصة النقد لاستجماع شرائطه، ولا يشيع الفساد؛ لأن الفساد طارئ إذ السلم وقع صحيحا، ولهذا لو نقد رأس المال قبل الافتراق صح، إلا أنه يبطل بالافتراق لما بينا، وهذا لأن الدين لا يتعين في البيع، ألا ترى أنهما لو تبايعا عينا بدين، ثم تصادقا أن لا دين، لا يبطل البيع، فينعقد صحيحا.

ــ

[البناية]

(في قولهم: إعلام رأس المال) ش: هو مشتمل على بيان جنسه وقدره وصفته م: (وتعجيله) ش: المراد به التسليم قبل الافتراق م: (وإعلام المسلم فيه) ش: أي وفي إعلام المسلم فيه، وهو مشتمل على بيان الجنس والنوع والصفة والقدر م:(وتأجيله) ش: يعني أجل معلوم م: (وبيان مكان الإيفاء) ش: أي وفي بيان مكان إيفاء المسلم فيه م: (والقدرة على تحصيله) ش: أي وفي القدرة على تحصيل المسلم فيه، وهو أن لا ينقطع، وهذه الشروط مر بيانها جميعا عند قوله: ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط.

م: (فإن أسلم) ش: وفي نسخة تاج الشريعة، ومن أسلم م: مائتي درهم في كر حنطة) ش: قال الأترازي: الكر ستون قفيزا، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف، وفي " الجامع الصغير " جاء الكر اسم لأربعين قفيزا كذا في " المغرب "، م:(مائة منها دين على المسلم إليه، ومائة نقدا، فالسلم في حصة الدين باطل) ش: وبه قال الشافعي رضي الله عنه م: (لفوات القبض) ش: في قدر الدين، إذ العقد لا يتعلق بالدين المضاف إليه، وإنما ينعقد بمثله، وهو غير مقبوض م:(ويجوز في حصة النقد لاستجماع شرائطه) ش: أي شرائط السلم م: (ولا يشيع الفساد) ش: جواب عن قول زفر، فإنه يقول: يشيع الفساد ويبطل العقد في حصة النقد أيضا، لأن هذا فساد قوي تمكن في صلب العقد فيفسد به الكل.

وقال المصنف: ما يشيع الفساد م: (لأن الفساد طارئ) ش: لأنه ما اقترن بأصل العقد، لأن كونه دينا عفو في المجلس، ألا ترى أنهما لو أخرا التسلم والتسليم إلى آخر المجلس يكون العقد صحيحا م:(إذ السلم وقع صحيحا، ولهذا لو نقد رأس المال قبل الافتراق صح) ش: السلم م: (إلا أنه يبطل بالافتراق لما بينا) ش: إشارة إلى قوله: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ م: (وهذا) ش: إشارة إلى قوله: إذ المسلم وقع صحيحا م: (لأن الدين لا يتعين في البيع) ش: لأن النقود لا تتعين في المعقود إذا كانت عينا، فكذا إذا كانت دينا، فصار الإطلاق والتقييد سواء.

م: (ألا ترى أنهما لو تبايعا عينا بدين، ثم تصادقا أن لا دين، لا يبطل البيع، فينعقد صحيحا) ش: ويستدل بهذه المسألة على أن الدين لا يتعين بإضافة العقد إليه، فيكون الإطلاق والتقييد فيه سواء. وفي " النهاية ": وإنما قيد بقوله: مائة منها على المسلم إليه؛ لأنه لو كان دينا على

ص: 355