الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإقالة
الإقالة جائزة في البيع بمثل الثمن الأول لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة» . ولأن العقد حقهما فيملكان رفعه دفعا لحاجتهما، فإن شرط أكثر منه أو أقل
ــ
[البناية]
[باب الإقالة]
[تعريف الإقالة]
م: (باب الإقالة)
ش: أي هذا باب في بيان أحكام الإقالة، قيل: الإقالة مشتق من القول والهمزة للسلب كأشكى يعني أزال القول السابق [....
....] .
والجوهري ذكرها في " الصحاح " في القاف مع الياء وأقلته البيع إقالة وهو فسخه ورفعه، وذكر في " مجموع اللغة " قال: أقال البيع قيلا وإقالة فسخ، والمناسبة بين هذا الباب وبين الذي قبله هي أن الخلاص من حيث البيع فاسد والمكروه لما كان بالفسخ كان للإقالة تعلقا خاصا بها فذكر عقبها.
[حكم الإقالة]
م: (الإقالة جائزة في البيع بمثل الثمن الأول) ش: لا خلاف للأئمة الأربعة رحمهم الله في جواز الإقالة ولكن خلافهم أنها فسخ أو بيع على ما يأتي، والدليل على جوازها الحديث الذي يأتي ولأن الإقالة رفع العقد والعقد حق المتعاقدين وقد انعقد بتراضيهما فكان لهما رفعه دفعا للحاجة م:(لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي عليه الصلاة والسلام م: م: «من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة» ش: هذا الحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أقال مسلما ببيعته أقال الله عثرته» ، زاد ابن ماجه يوم القيامة، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال ابن حبان فيه: يوم القيامة دون الحاكم ونادما عند البيهقي.
م: (ولأن العقد) ش: أي عقد البيع م: (حقهما فيملكان رفعه) ش: أي رفع العقد الذي وقع بينهما م: (دفعا) ش: أي لأجل الدفع م: (لحاجتهما) ش: لأن كل من كان له حق يملك رفعه م: (فإن شرط أكثر منه) ش: أي من الثمن الأول م: (أو أقل) ش: أي أو شرط الأقل من الثمن الأول م:
فالشرط باطل ويرد مثل الثمن الأول، والأصل أن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما، إلا أنه لا يمكن جعله فسخا فتبطل، وهذا عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف رحمه الله هو بيع إلا أنه لا يمكن جعله بيعا فيجعل فسخا، إلا أنه لا يمكن فتبطل. وعند محمد رحمه الله هو فسخ إلا إذا تعذر جعله فسخا فيجعل بيعا، إلا أنه لا يمكن فتبطل.
ــ
[البناية]
م: (فالشرط باطل) ش: ولا يسقط رد الثمن من البائع، وعند الشافعي رضي الله عنه الإقالة فاسدة والثمن على حال، وإذا كان الشرط المذكور باطلا م:(ويرد) ش: أي البائع م: (مثل الثمن الأول) ش: الذي وقع العقد عليه.
م: (والأصل) ش: أي في هذا الباب م: (أن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين) ش: في جميع الأحوال منقولا كان المبيع أو غير منقول، مقبوض أو غير مقبوض م:(بيع جديد) ش: أي الإقالة بيع م: (في حق غيرهما) ش: ولهذا تجب الشفعة للشفيع فيما إذا باع دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم تقايلا وعاد المبيع إلى ملك البائع، ولو كانت الإقالة بيعا لما جاز لكونه قبل القبض بل هي جديد في حق غيرهما م:(إلا أنه لا يمكن جعله فسخا فتبطل) ش: أي الإقالة كما إذا ولدت المبيعة بعد القبض ولدا فإن الزيادة المنفصلة تمنع فسخ العقد حقا للشرع.
م: (وهذا) ش: أي المذكور كله م: (عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف رحمه الله هو بيع) ش: أي الإقالة بيع، وإنما ذكر الضمير باعتبار المذكور أو بالنظر إلى أن لفظ الإقالة في الأصل مصدر م:(إلا أنه لا يمكن جعله بيعا) ش: كما إذا تقايلا في المنقول قبل القبض م: (فيجعل فسخا إلا أنه لا يمكن) ش: أي جعله فسخا م: (فتبطل) ش: أي الإقالة كما إذا تقايل في العروض المبيعة بالدراهم بعد هلاكها، أو تقايلا في المنقول قبل القبض على خلاف جنس الثمن الأول، لأن بيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز والفسخ يكون بالثمن الأول وقد سميا ثمنا آخر.
م: (وعند محمد رحمه الله هو فسخ، إلا إذا تعذر جعله فسخا) ش: أي إلا إذا تعذر جعل عقد الإقالة فسخا، بأن تقايلا بعد القبض بالثمن الأول بعد الزيادة المنفصلة أو تقايلا بعد القبض بخلاف جنس الثمن الأول، م:(فيجعل بيعا إلا أنه لا يمكن) ش: أي جعله بيعا كما في صورة بيع العروض بالدراهم بعد هلاكها م: (فتبطل) ش: أي الإقالة ويبقى العقد على حاله.
وفي " الذخيرة ": هذا الخلاف بينهم فيما إذا حصل الفسخ بلفظ الإقالة، أما إذا جعل بلفظ المفاسخة والمبادلة أو الرد فإنها لا تجعل بيعا وإن أمكن أن تجعل بيعا، وفي " شرح الوجيز ": إذا كانت الإقالة بلفظ الإقالة فيه قولان فسخ أو بيع، أما إذا قالا تفاسخنا فهو فسخ لا محالة، وفي " شرح الأقطع ": وعن أبي حنيفة رحمه الله رواية أخرى أن الإقالة بيع بعد القبض وفسخ قبله.
لمحمد رحمه الله أن اللفظ للفسخ والرفع، ومنه يقال أقلني عثرتي فيوفر عليه قضيته، وإذا تعذر يحمل على محتمله وهو البيع، ألا ترى أنه بيع في حق الثالث، ولأبي يوسف أنه مبادلة المال بالمال بالتراضي، وهذا هو حد البيع، ولهذا تبطل بهلاك السلعة وترد بالعيب وتثبت به الشفعة وهذه أحكام البيع. ولأبي حنيفة رحمه الله أن اللفظ ينبئ عن الرفع والفسخ كما قلنا، والأصل إعمال الألفاظ في مقتضياتها الحقيقية، ولا يحتمل ابتداء العقد ليحمل عليه عند تعذره لأنه ضده، واللفظ لا يحتمل ضده فتعين البطلان، وكونه بيعا في حق الثالث
ــ
[البناية]
وفي " شرح الطحاوي ": وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: الإقالة بيع على كل حال حتى إنه أبطل الإقالة في المنقول قبل القبض لأنه لا يجوز بيعه م: (لمحمد رحمه الله أن اللفظ) ش: أي لفظ الإقالة م: (للفسخ والرفع) ش: يعني في اللغة م: (ومنه يقال: أقلني عثرتي) ش: أي ارفعها م: (فيوفر عليه) ش: أي على اللفظ م: (قضيته) ش: أي ما اقتضاه من موضوعه اللغوي.
م: (وإذا تعذر) ش: أي الفسخ م: (يحمل على محتمله وهو البيع) ش: بطريق المجاز، ولهذا كانت بيعا في حق الثالث، وإنما يحمل على البيع صيانة لكلام العاقل عن الإلغاء، وقوله: م: (ألا ترى) ش: توضح لكون الإقالة بيعا عند تعذر الفسخ بطريق المجاز وهو احتمال اللفظ إياه م: (أنه) ش: أي أن الإقالة م: (بيع في حق الثالث) ش: وهو الشفيع م: (ولأبي يوسف أنه) ش: أي أن الإقالة م: (مبادلة المال بالمال بالتراضي وهذا) ش: أي المذكور وهو مبادلة المال بالمال بالتراضي م: (هو حد البيع) ش: وإن تلفظا بلفظ الإقالة لأن العبرة للمعاني لا للألفاظ، ولهذا تجعل الكفالة بشرط براءة الأصل حوالة والحوالة بشرط عدم البراءة كفالة.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون الإقالة مبادلة المال بالمال بالتراضي الذي هو حد البيع م: (تبطل) ش: أي الإقالة م: (بهلاك السلعة وترد بالعيب) ش: كما في البيع م: (وتثبت به الشفعة، وهذه أحكام البيع) ش: فتكون الإقالة بيعا إلا أن المنقول قبل القبض لو حملت على البيع كان فاسدا فحملت على الفسخ حملا لكلامهما على الصحة.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن اللفظ) ش: أي لفظ الإقالة م: (ينبئ عن الرفع والفسخ كما قلنا) ش: أشار به إلى قوله: إن اللفظ للفسخ والرفع م: (والأصل إعمال الألفاظ في مقتضياتها الحقيقية) ش: فإذا تعذر صير إلى المجاز إن أمكن وإلا بطل م: (ولا يحتمل) ش: أي الإقالة م: (ابتداء العقد ليحمل عليه) ش: أي على العقد مجازا م: (عند تعذره لأنه) ش: لأن العقد م: (ضده) ش: أي ضد الرفع م: (واللفظ لا يحتمل ضده) ش: واستعارة أحد الضدين للآخر لا يجوز كما عرف في موضعه، فإذا كان كذلك م:(فتعين البطلان) ش: أي بطلان الإقالة.
م: (وكونه بيعا في حق الثالث) ش: جواب عما يقال: الإقالة بيع جديد في حق الثالث، ولو
أمر ضروري؛ لأنه يثبت به مثل حكم البيع وهو الملك لا مقتضى الصيغة، إذ لا ولاية لهما على غيرهما، إذا ثبت هذا نقول: إذا شرط الأكثر فالإقالة على الثمن الأول، لتعذر الفسخ على الزيادة؛ إذ رفع ما لم يكن ثابتا محال فيبطل الشرط؛ لأن الإقالة لا تبطل بالشروط الفاسدة بخلاف البيع، لأن الزيادة يمكن إثباتها في العقد فيتحقق الربا، أما لا يمكن إثباتها في الرفع،
ــ
[البناية]
لم يحتمل البيع لم يكن ذلك، تقرير الجواب أن كون الإقالة بيعا في حق الثالث الذي هو الشفيع م:(أمر ضروري) ش: يعني ثبوته بيعا بطريق الضرورة، والمحكم لا باعتبار اللفظ وليس بطريق المجاز إذ الثابت بالمجاز ثابت تقتضيه الصيغة، وهذا ليس كذلك م:(لأنه يثبت به مثل حكم البيع وهو الملك) ش: للبائع ببدل ظهر موجبه في حق ثالث دونهما لامتناع ثبوت الضدين في محل واحد فإذا كان كذلك اعتبر الحكم في الثالث لا الصيغة يعني لا تعتبر الصيغة وهو معنى قوله: م: (لا مقتضى الصيغة) ش: لأن البيع وضع لإثبات الملك قصدا وزوال الملك من ضروراته والإقالة وضعت لإزالة الملك وإبطاله وثبوت الملك من ضروراته فيثبت لكل واحد منهما الملك فيما كان لصاحبه كما ثبت في المبايعة فاعتبر موجب الصيغة في حق المتعاقدين، لأن لهما ولاية على أنفسهما، واعتبر الحكم في حق غيرهما، ولا ولاية لهما في حق غيرهما وهو معنى قوله: م: (إذ لا ولاية لهما) ش: أي للمتعاقدين م: (على غيرهما) ش: بأن يجعلا هذا المبيع فسخا في حق غيرهما، لكون الفسخ إضرارا في حق الغير، وجواب المصنف رحمه الله في الحقيقة....
…
إلخ.
وقال الأكمل رحمه الله: وجواب إخوان المدعي أن كون الإقالة بيعا جديدا في حق ثالث ليس مقتضى الصيغة.
لأن كونها فسخا مقتضاها فلو كان كونها بيعا كذلك لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز م: (إذا ثبت هذا) ش: أي ما ذكر من الأصل م: (نقول: إذا شرط الأكثر فالإقالة على الثمن الأول) ش: الذي وقع عليه العقد م: (لتعذر الفسخ على الزيادة) ش: لأن فسخ العقد عبارة عن رفعه على الوصف الذي كان قبله، والفسخ على الزيادة ليس كذلك م:(إذ رفع ما لم يكن ثابتا محال فيبطل الشرط) ش: والإقالة لا تبطل م: (لأن الإقالة لا تبطل بالشروط الفاسدة بخلاف البيع) ش: حيث يبطل بالشروط الفاسدة م: (لأن الزيادة يمكن إثباتها في العقد فيتحقق الربا) ش: لأن في الشرط شبهة الربا.
لأن فيه منفعة لأحد المتعاقدين وهو مستحق بعقد المعاوضة خال عن العوض.
م: (أما لا يمكن إثباتها) ش: أي إثبات الزيادة م: (في الرفع) ش: أي في رفع العقد لأن الإقالة تشبه البيع من حيث المعنى فكان الشرط الفاسد فيها شبهة الشبهة، فلا يؤثر في صحة الإقالة كما لا يؤثر في صحة البيع بخلاف البيع لأن الزيادة فيه إثبات ما لم يكن بالعقد فيتحقق الربا.
وكذا إذا شرط الأقل لما بيناه، إلا أن يحدث في المبيع عيب فحينئذ جازت الإقالة بالأقل؛ لأن الحط يجعل بإزاء ما فات بالعيب. وعندهما في شرط الزيادة يكون بيعا، لأن الأصل هو البيع، عند أبي يوسف، وعند محمد جعله بيعا ممكن، فإذا زاد كان قاصدا بهذا البيع، وكذا في شرط الأقل عند أبي يوسف رحمه الله؛ لأنه هو الأصل عنده، وعند محمد رحمه الله هو فسخ بالثمن الأول لأنه سكوت عن بعض الثمن الأول، ولو سكت عن الكل وأقال يكون فسخا، فهذا أولى بخلاف ما إذا زاد، وإذا دخله عيب فهو فسخ بالأقل لما بيناه. ولو أقال بغير جنس الثمن الأول فهو فسخ بالثمن الأول عند أبي حنيفة رحمه الله ويجعل التسمية لغوا، وعندهما بيع لما بينا، ولو ولدت المبيعة ولدا ثم
ــ
[البناية]
م: (وكذا إذا شرط الأقل) ش: أي من الثمن الأول م: (لما بيناه) ش: من قوله: إذ رفع ما لم يكن ثابتا محال، وقال الأترازي رحمه الله: إشارة إلى قوله: لتعذر الفسخ م: (إلا أن يحدث في المبيع عيب فحينئذ جازت الإقالة بالأقل؛ لأن الحط يجعل بإزاء ما فات بالعيب) ش: وقال تاج الشريعة رحمه الله: هذا إذا كانت حصة العيب مقدار المحطوط أو زائدا أو أنقص بقدر ما يتغابن الناس فيه م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (في شرط الزيادة يكون بيعا؛ لأن الأصل هو البيع عند أبي يوسف، وعند محمد جعله بيعا ممكن) ش: يعني وإن كانت الإقالة عنده فسخا، لكنها في الزيادة غير ممكن، وجعله بيعا ممكن م:(فإذا زاد كان قاصدا بهذا البيع) ش: لأن في الزيادة تعذر العمل بالحقيقة فيصار إلى المجاز صونا لكلام العاقل عن الإلغاء، ولا فرق عند أبي يوسف رحمه الله في الزيادة والنقصان، لأن الأصل عنده هو البيع، وعند محمد رحمه الله هو الفسخ.
م: (وكذا في شرط الأقل عند أبي يوسف رحمه الله) ش: أي بيع عنده م: (لأنه) ش: أي لأن البيع م: (هو الأصل عنده، وعند محمد رحمه الله هو فسخ بالثمن الأول لأنه سكوت عن بعض الثمن الأول، ولو سكت عن الكل) ش: أي عن جميع الثمن م: (وأقال يكون فسخا، فهذا أولى بخلاف ما إذا زاد) ش: حيث يجعل بيعا عند محمد رحمه الله واعترض بأن كونه فسخا إذا سكت عن كل الثمن إما أن يكون على مذهبه خاصة أو على الاتفاق والأول رد المختلف على المختلف، والثاني غير ناهض، لأن أبا يوسف رحمه الله إنما يجعله فسخا لامتناع جعله بيعا لانتفاء ذكر الثمن بخلاف صورة النقصان، فإن فيها ما يصلح ثمنا.
م: (وإذا دخله عيب فهو فسخ بالأقل لما بيناه) ش: أن الحط يجعل بإزاء ما فاته بالعيب م: (ولو أقال بغير جنس الثمن الأول فهو فسخ بالثمن الأول عند أبي حنيفة رحمه الله ويجعل التسمية لغوا، وعندهما بيع لما بينا) ش: يعني وجه كل واحد منهما في فضل الزيادة م: (ولو ولدت المبيعة ولدا ثم