المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيع الطريق وهبته - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌بيع الطريق وهبته

حظ من الماء ولهذا يضمن بالإتلاف وله قسط من الثمن على ما نذكره في كتاب الشرب.

قال: و‌

‌بيع الطريق وهبته

جائز، وبيع مسيل الماء وهبته باطل، والمسألة تحتمل وجهين: بيع رقبة الطريق والمسيل، وبيع حق المرور والتسئيل، فإن كان الأول فوجه الفرق بين المسألتين أن الطريق معلوم لأن له طولا وعرضا معلوما، وأما المسيل فمجهول لأنه لا يدرى قدر ما يشغله من الماء،

ــ

[البناية]

ش: أي لأن الشرب م: (حظ من الماء) ش: والماء عين فكان بيع الشرب بيع العين أو بيع شيء يتعلق بالعين، فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز إذا كان الماء معدوما في الأرض. أجيب: بأنما جوز للضرورة أو بعرضية وجوده كما في السلم والاستصناع.

م: (ولهذا) ش: ولكون الشرب حظا من الماء م: (يضمن بالإتلاف) ش: بأن سقى رجل أرضه بشرب غيره يضمن، وهو رواية البزدوي رحمه الله وعلى رواية شيخ الإسلام رحمه الله لا يضمن وقيل: يضمن إذا جمع الماء ثم أتلفه ولا يضمن قبل الجمع.

وقيل: في المسألة روايتان ونقل عن الإمام جمال الدين ابن المصنف - رحمهما الله - قال: والإتلاف أن يكون بأن يشهد به الآخر ثم رجع بعد القضاء ولا وجه للقول بالضمان بالإتلاف سوى هذه الصورة لأنه لو ضمن بغيرها إما أن يضمن بالسقي أو يمنع حق الشرب ولا وجه إلى الأول لأن الماء مشترك بين الناس بالحديث، ولا وجه إلى الثاني لأنه منع حق الغير ليس بسبب الضمان بل السبب منع الغير ولم يوجد م:(وله) ش: أي للشرب م: (قسط من الثمن) ش: يعني إذا بيعت أرض وفيها نهر يقع الثمن عليهما م: (على ما نذكره في كتاب الشرب) ش: قال الأترازي رحمه الله أي في " المبسوط ".

قلت: هذا على النسخة التي فيها على ما ذكره، وفي بعض النسخ على ما نذكره بصيغة الجمع، فإن صحت هذه النسخة يكون المراد من قوله في كتاب الشرب مسائل الشرب التي ذكرها في كبرى الأنهار في كتاب إحياء الموات.

[بيع الطريق وهبته]

م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وبيع الطريق وهبته جائز، وبيع مسيل الماء وهبته باطل) ش: هذا لفظ محمد رحمه الله قال المصنف رحمه الله: م: (والمسألة تحتمل وجهين: بيع رقبة الطريق والمسيل، وبيع حق المرور والتسئيل، فإن كان الأول) ش: وهو بيع رقبة الطريق والمسيل م: (فوجه الفرق بين المسألتين) ش: وهما بيع رقبة الطريق وبيع مسيل الماء م: (أن الطريق معلوم لأن له) ش: أي للطريق م: (طولا وعرضا معلوما) ش: فإن عرضه مقدار باب الدار وطوله إلى السكة النافذة غالبا فيجوز البيع م: (وأما المسيل) ش: أي مسيل الماء م: (فمجهول لأنه لا يدرى قدر ما يشغله من الماء) ش: أي قدر ما يشغل المسيل لأنه يختلف بقلة الماء وكثرته، حتى لو باع رقبة الأرض بمسيل الماء وبين موضعه وحدوده جاز.

ص: 169

وإن كان الثاني ففي بيع حق المرور روايتان، ووجه الفرق على إحداهما بينه وبين حق التسئيل أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم وهو الطريق. أما المسيل على السطح فهو نظير حق التعلي، وعلى الأرض مجهول لجهالة محله، ووجه الفرق بين حق المرور وحق التعلي -على إحدى الروايتين -، أن حق التعلي يتعلق بعين لا تبقى وهو البناء فأشبه المنافع، أما حق المرور يتعلق بعين تبقى وهو الأرض فأشبه الأعيان.

قال: ومن باع جارية فإذا هو غلام فلا بيع بينهما

ــ

[البناية]

م: (وإن كان الثاني) ش: وهو حق المرور وحق مسيل الماء م: (ففي بيع حق المرور روايتان) ش: إحداهما رواية الزيادات لا يجوز وبه أخذ الكرخي رحمه الله لجهالته، والأخرى رواية كتاب القسمة يجوز وبه أخذ عامة المشايخ رحمهم الله م:(ووجه الفرق على إحداهما) ش: أي على إحدى الروايتين م: (بينه) ش: أي بين حق المرور حيث جاز بيعه على هذه الرواية م: (وبين حق التسئيل) ش: حيث لم يجز بيعه أصلا م: (أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم وهو الطريق) ش: لأنه معلوم القدر م: (أما المسيل على السطح) .

ش: أي أما حق المسيل على السطح م: (فهو نظير حق التعلي) ش: وبيع حق التعلي لا يجوز باتفاق الروايات م: (وعلى الأرض) ش: أي وحق المسيل إن كان على الأرض م: (مجهول لجهالة محله) ش: أي لجهالة قدر ما يشغله الماء م: (ووجه الفرق بين حق المرور) ش: حيث جاز بيعه على هذه الرواية م: (وحق التعلي) ش: أي وبين حق التعلي حيث لم يجز أصلا م: (على إحدى الروايتين) ش: متعلق بحق المرور لأن حق التعلي لا يجوز بيعه في جميع الروايات م: (أن حق التعلي يتعلق بعين لا تبقى وهو البناء) ش: فأخذ حكم ما لا يبقى م: (فأشبه المنافع) ش: لأنها لا بقاء لها م: (أما حق المرور يتعلق بعين تبقى وهي الأرض فأشبه الأعيان) ش: لأن لها بقاء.

م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن باع جارية فإذا هو غلام) ش: ذكر الضمير باعتبار تذكير الخبر وعكسه، فإن اشترى عبدا فإذا هو جارية م:(فلا بيع بينهما) ش: أي لا يجوز البيع وإنما ذكر هذه العبارة لأنه لم يغير لفظ محمد رحمه الله في " الجامع "، وعند زفر رحمه الله يجوز فصار كأنه اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو لم يكن فصح البيع وثبت له الخيار.

وهو قياس مذهب الشافعي رضي الله عنه بفوات الوصف المرغوب فيه، وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه أثبت له الخيار في مثل هذا ثم اختلف المشايخ رحمهم الله في قول محمد رحمه الله فلا بيع بينهما، أنه إما باطل أو فاسد، وقال صاحب " الإيضاح ": باطل يتعلق العقد بالمسمى وهو معدوم وبيع المعدوم باطل، وقال بعضهم: إنه فاسد، وهو اختيار الكرخي رحمه الله ونقل الأترازي هذا - بعد أن قال بعضهم في شرحه - ثم قال: هذا اختلاف عجيب، ونقل هذا عن الكرخي رحمه الله عجيب.

ص: 170

بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير، والفرق يبتنى على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله، وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل لانعدامه، وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده، ويتخير لفوات الوصف، كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب، وفي مسألتنا

ــ

[البناية]

أما الأول: فلأن محمدا رحمه الله قال: لا بيع بينهما فهو تنصيص على البطلان، لأن مثل هذا النفي يدل على الباطل لا الفاسد.

أما الثاني: فإن الكرخي رحمه الله صرح في مختصره، بأن اختلاف الصفة إذا أوجب اختلافا فاحشا كان ذلك بمنزلة الاختلاف في الجنس، ثم في اختلاف الجنس كما إذا باع فضة على أنه ياقوت فكان زجاجا، أو باع هذا الثوب على أنه خزفا فإذا هو مرغزي، قال: فالبيع باطل.

قلت: الذي قال هذا هو قول السغناقي رحمه الله وكذا نقله الكاكي رحمه الله في شرحه.

قلت: قوله وتنصيص على البطلان غير مسلم لأن البيع الذي وقع بعد كلمة النفي أعم من الباطل والفاسد، ودعوى التعيين تحكم، وأما الكرخي رحمه الله فإنه يحتمل أن يكون عنه فيه روايتان م:(بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ويتخير) ش: أي المشتري م: (والفرق) ش: يعني بين المسألتين م: (يبتنى على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله) ش: وذلك الأصل متفق عليه.

ولكن ذكر في كتاب النكاح في وجه قول محمد رحمه الله في مسألة التزوج على دن من الخل، إلا أن ذلك الأصل عند محمد رحمه الله ولهذا لم يقع الاختلاف بينهم في هذه المسألة.

م: (وهو) ش: أي الأصل م: (أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى) ش: لأن التسمية أبلغ في التعريف من الإشارة لأن الإشارة لتعريف الذات، فإنه إذا قال هذا صار الذات معينا، والتسمية إعلام الماهية وإنه أمر زائد على أصل الذات فكانت أبلغ في التعريف؛ فلذلك تعلق الحكم بالمسمى لا بالمشار إليه.

م: (ويبطل لانعدامه) ش: أي ويبطل العقد لانعدام المسمى م: (وفي متحدي الجنس يتعلق) ش: أي العقد م: (بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير) ش: أي المشتري م: (لفوات الوصف) ش: المرغوب فيه م: (كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب) ش: حيث ينعقد العقد ويتخير المشتري م: (وفي مسألتنا) ش: أراد بها المسألة المصدرة وهي قوله ومن باع جارية فإذا هو غلام فلا بيع بينهما.

ص: 171

الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض. وفي الحيوانات جنس واحد لقلة التفاوت فيها، وهو المعتبر في هذا دون الأصل كالخل والدبس جنسان، والوذاري والزندنيجي - على ما قالوا - جنسان مع اتحاد أصلهما.

قال: ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن لا يجوز البيع الثاني، وقال الشافعي رحمه الله: يجوز؛ لأن الملك قد تم فيها بالقبض، فصار البيع من البائع ومن غيره سواء، وصار كما لو باع بمثل الثمن الأول أو بالزيادة

ــ

[البناية]

م: (الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض) ش: لأن المطلوب من العبد الاستخدام خارج الدار ومن الأمة الاستخدام داخل الدار كالطبخ والكنس والاستفراش والاستيلاد، والغلام لا يصلح للاستفراش والاستيلاد فكان التفاوت بينهما فاحشا.

م: (وفي الحيوانات جنس واحد لقلة التفاوت فيها) ش: أي في الأغراض م: (وهو المعتبر) ش: أي التفاوت هو المعتبر م: (في هذا) ش: أي في كونهما جنسين متحدين أو مختلفين م: (دون الأصل) ش: أي أصل المادة والماهية م: (كالخل والدبس جنسان) ش: مع اتحاد أصليهما وهو العنب م: (والوذاري) ش: بكسر الواو وفتحها وبالذال المعجمة، وهو ثوب منسوب إلى وذار وهي قرية بسمرقند م:(والزندنيجي) ش: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وبالياء آخر الحروف الساكنة وبالجيم ثوب منسوب إلى زندنة على خلاف القياس. وهي من أشهر قصبات بخارى م: (على ما قالوا جنسان) ش: أي على ما قال المشايخ رحمهم الله في شروح الجامع الصغير أنهما جنسان م: (مع اتحاد أصلهما) ش: يعني مع أن أصلهما متحد.

وقالت الحكماء: الذكر والأنثى من بني آدم جنس واحد لاتحادهما في الحقيقة والجنس مقول على كثيرين مختلفين بالحقيقة، وأهل الحق جعلوهما جنسين لتفاوت المقاصد، والحق معهم لأن اختلاف الحقائق يعرف باختلاف الخواص لا بأصل المادة لكونه لو اعتبر أصل المادة ينبغي أن لا يكون الفرس والإنسان جنسين لاتحاد مادتهما وهو النطفة.

م: (قال ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة، فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن لا يجوز البيع الثاني) ش: وبه قال مالك وأحمد رحمهم الله: واعلم أن شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن لا يجوز عندنا.

م: (وقال الشافعي: يجوز) ش: وبعد نقد الثمن يجوز عندنا أيضا وبالمثل أو الأكثر يجوز بالإجماع سواء كان قبل نقد الثمن أو بعده، وكذا يجوز قبل نقد الثمن إذا اشترى بعرض قيمته أقل منه م:(لأن الملك) ش: أي ملك المشتري م: (قد تم فيها) ش: أي في الجارية م: (بالقبض، فصار البيع من البائع ومن غيره سواء، وصار) ش: أي حكم هذا م: (كما لو باع بمثل الثمن الأول أو بالزيادة)

ص: 172

أو بالعرض، ولنا قول عائشة رضي الله عنها لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة بئس ما شريت واشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب.

ــ

[البناية]

ش: من الثمن الأول م: (أو بالعرض) ش: يعني باعها منه بالعرض قبل نقد الثمن وقيمة العرض أقل من قيمة الألف يجوز بالإجماع وقيد بالعرض لأنه لو باعها منه بالدنانير وقيمة الدنانير أقل من الألف لا يجوز عندنا استحسانا ويجوز قياسا، وهو قول زفر رحمه الله وقال الكاكي رحمه الله: وفي بعض الحواشي مال كثير من مشايخنا رحمهم الله كالكرخي والزعفراني رحمهم الله والصفار إلى قول الشافعي رحمه الله في هذه المسألة، والقياس ما قاله، ولكن ما وجدته في كتب عندي.

م: (ولنا قول عائشة رضي الله عنها لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة بئس ما شريت واشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب) .

ش: هذا أخرجه عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه، أخبرنا معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها في نسوة فسألت امرأة فقالت: يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء ثم ابتعتها منه بستمائة فنقدت له الستمائة وكتبت عليه بثمانمائة.

فقالت عائشة: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، فقالت المرأة لعائشة رضي الله عنها أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل فقالت:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275](البقرة: الآية 275) .

وأخرجه الدارقطني رحمه الله ثم البيهقي رحمه الله في سننهما عن يونس بن أبي إسحاق الهمذاني رحمه الله عن أمه العالية، قالت: كنت قاعدة عند عائشة - رضي الله

ص: 173

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

عنها - فأتتها أم محبة فقالت: إني بعت زيد بن أرقم جارية إلى عطاء فذكر بنحوه، وقال الدارقطني: أم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما.

قلت: بل أم العالية امرأة معروفة جليلة القدر ذكرها ابن سعد رحمه الله في الطبقات، فقال: أم العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي رحمه الله سمعت من عائشة رضي الله عنها وأم محبة بضم الميم وكسر الحاء كذا ضبطه الدارقطني رحمه الله في كتاب " المؤتلف والمختلف ".

ورواه أبو حنيفة رحمه الله في مسنده عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأة أبي إسحاق - رحمهما الله - سألت عائشة رضي الله عنها فقالت: إن زيد بن أرقم باعني جارية بثمانمائة واشتراها مني بستمائة فقالت: أبلغي عني زيد بن أرقم أن الله عز وجل قد أبطل جهاده إن لم يتب.

وجه الاستدلال: أنها جعلت جزاء مباشرة هذا العقد بطلان الحج والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب وأجزية الجرائم لا تعلم بالرأي فكان مسموعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعقد الصحيح لا يجازى بذلك فكان فاسدا، وأن زيدا اعتذر إليها وهو دليل على كونه مسموعا لأنه في المجتهد إن كان بعضهم يخالف بعضا وما كان أحدهما يعتذر إلى صاحبه.

فإن قلت: يجوز أن يكون إلحاق الوعيد لكون البيع إلى العطاء وهو أجل مجهول.

قلت: ثبت من مذهب عائشة رضي الله عنها جواز البيع إلى العطاء وهو مذهب علي رضي الله عنه وابن أبي ليلى رحمه الله وآخرين فلم يكن كذلك.

فإن قلت: لم كرهت العقد الأول مع أن الفساد من الثاني؟

قلت: لأنه تطرق به إلى الثاني كالسفر يكون محظورا إذا كان لقطع الطريق وإن كان السفر مباحا في نفسه.

فإن قلت: القبض غير مذكور في الحديث فيمكن أن يكون الوعيد للتصرف في المبيع قبل القبض.

قلت: تلاوتها آية الربا دليل على أنه للربا لا لعدم القبض.

فإن قلت: الوعيد قد لا يستلزم الفساد كما في تفريق الولد عن الوالد بالبيع فإنه جائز مع وجود الوعيد.

ص: 174