الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصار كما إذا كان ثوبا فقطعه، ولو وجد البعض فاسدا وهو قليل جاز البيع استحسانا؛ لأنه لا يخلو عن قليل فاسد، والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة كالواحد والاثنين في المائة، وإن كان الفاسد كثيرا لا يجوز ويرجع بكل الثمن؛ لأنه جمع بين المال وغيره فصار كالجمع بين الحر وعبده.
قال: ومن
باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب
، فإن قبل بقضاء القاضي بإقرار، أو بينة، أو بإباء يمين
ــ
[البناية]
لم يبق ملكه فلم يكن التسليط إلا في ملك المشتري وذلك هدر لعدم ولايته عليه م: (فصار كما إذا كان) ش: المبيع م: (ثوبا فقطعه) ش: ثم وجده معيبا فإنه يرجع بالنقصان بالإجماع، وإن حصل التسليط منه لكونه هدرا، هذا إذا وجد الكل فاسدا م:(ولو وجد البعض فاسدا) ش: والبعض صحيحا م: (وهو قليل) ش: أي الفاسد قليل م: (جاز البيع استحسانا؛ لأنه) ش: أي أن الكثير من الجوز م: (لا يخلو عن قليل فاسد) ش: فهو كالتراب في الحنطة، فلو فسد البيع باعتبار فات بيعه عادة، وفي القياس يجوز؛ لأنه كالخمر والميتة بضم إلى المال.
ثم بين القليل من الكثير بقوله م: (والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة، كالواحد والاثنين في المائة) ش: وجعل الفقيه أبو الليث في " شرح الجامع الصغير ": في الجوز الخمسة أو الستة أو نحو ذلك في المائة تعفوا، وفي " الذخيرة ": اشترى مائة بيضة فوجد فيها واحدا أو اثنين أو ثلاثة مذرة لا يرجع بشيء وجعل الثلاثة في المائة قليلا، ولو اشترى عشرة جوزا فوجد فيها خمسة خاوية اختلف المشايخ فيه.
قيل: يجوز العقد في الخمسة التي فيها لب بنصف الثمن بالإجماع، وقيل: يفسد في الكل بالإجماع؛ لأن الثمن لم يفصل، وقيل: العقد فاسد في الكل عند أبي حنيفة رضي الله عنه؛ لأنه يصير كالجمع بين الحي والميت في البيع وعندهما يصح في الخمسة التي فيها لب بنصف الثمن وهو الأصح؛ لأن هذا بمعنى الثمن المفصل عندهما، فإن الثمن ينقسم على الأجزاء لا على القيمة.
م: (وإن كان الفاسد كثيرا لا يجوز) ش: أي في الكل م: (ويرجع بكل الثمن؛ لأنه جمع بين المال وغيره) ش: وذلك مفسد للعقد م: (فصار كالجمع بين الحر وعبده) ش: حيث يفسد في الكل.
[باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ومن باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه) ش: أي على المشتري م: (بعيب) ش: كان قبله.
م: (فإن قبل) ش: أي الرد م: (بقضاء القاضي بإقرار) ش: منه بالعيب م: (أو بينة) ش: قامت عليه عند القاضي من جهة المشتري الثاني لما أنكر المشتري الأول قبوله بالرد م: (أو بإباء يمين) ش: أي وبامتناعه عن اليمين يعني لما عجز الخصم عن إقامة البنية وتوجه على المشتري الثاني اليمين فأبى عن اليمين وحكم القاضي عليه بالنكول.
له أن يرده على بائعه؛ لأنه فسخ من الأصل فجعل البيع كأن لم يكن، غاية الأمر أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبا شرعا بالقضاء، ومعنى القضاء بالإقرار أنه أنكر الإقرار فأثبت بالبينة،
ــ
[البناية]
ففي هذه الصور الثلاثة م: (له) ش: أي للمشتري الأول م: (أن يرده) ش: أي المبيع بالعيب م: (على بائعه؛ لأنه) ش: أي؛ لأن المبيع م: (فسخ من الأصل) ش: أي فسخ من كل وجه؛ لأنه تعذر اعتباره.
م: (فجعل البيع كأن لم يكن) ش: أي فجعل البيع الثاني كالمعدوم، والبيع الأول قائم فله الخصومة والرد بالعيب م:(غاية الأمر) ش: هذا جواب عما يقال من جهة زفر أنه لما أنكر العيب لم يكن له حق الخصومة؛ لأنه متناقض في كلامه، تقرير الجواب أن غاية أمر المشتري م:(أنه أنكر قيام العيب) ش: أي أنكر الإقرار بقيام العيب م: (لكنه صار مكذبا شرعا) ش: أي من حيث الشرع م: (بالقضاء) ش: أي بقضاء القاضي، ولما صار مكذبا بالقضاء ارتفعت المناقضة وصار كمن اشترى شيئا واقتران البائع باع ملك نفسه ثم جاء إنسان واستحقه بالبينة لا يبطل حقه في الرجوع على البائع بالثمن.
م: (ومعنى القضاء بالإقرار) ش: هذا تأويل من المصنف رحمه الله لمعنى قول محمد رحمه الله في " الجامع الصغير "، فإن قبله بقضاء القاضي بإقرار وهذا في القدوري أيضا ولكن لفظه: فإن قبله بقضاء القاضي فقط، وليس فيه بإقرار، وقال المصنف رحمه الله معناه م:(أنه أنكر الإقرار فأثبت بالبينة) ش: وإنما احتاج إلى هذا التأويل؛ لأنه إذا لم ينكر إقراره بعد الإقرار لا يحتاج إلى القضاء بل يرد عليه بإقراره بالعيب وحينئذ ليس له أن يرده على بائعه؛ لأنه أقاله.
وفي " الفوائد " قال بعض مشايخنا: الجواب في فضل البينة، والنكول محمول على ما إذا كان المشتري ساكتا فإن البينة على الساكت مسموعة، والساكت يستحلف أيضا؛ لأنه يترك منكرا.
أما إذا أنكر المشتري الأول أن يكون هذا العيب عنده ثم كان بالبينة أو النكول فعلى قول محمد رحمه الله ليس له أن يخاصم بائعه لمكان التناقض، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله له ذلك لتكذيب القاضي إياه بالبينة وعامتهم قالوا: إن سبق منه جحود نصا بأن قال وما بها هذا العيب وإنما حدث عندك ثم أقر به ذلك وأبى القبول، فالقاضي له جبره على القبول ولم يكن له أن يخاصم بائعه.
وفي " الكافي ": قال زفر رحمه الله: لا يعتبر فسخا في حق البائع الأول حتى لا يرد عليه؛ لأن القاضي مضطر إلى القضاء، وهذا الاضطرار جاء بإقراره أو بنكوله فانتقل فعل
وهذا بخلاف الوكيل بالبيع إذا رد عليه بعيب بالبينة حيث يكون ردا على الموكل؛ لأن البيع هناك واحد والموجود هاهنا بيعان، فيفسخ الثاني ولا ينفسخ الأول. وإن قبل بغير قضاء القاضي ليس له أن يرده؛ لأنه بيع جديد في حق ثالث، وإن كان فسخا في حقهما والأول ثالثهما.
ــ
[البناية]
القاضي إليه؛ لأن فعل المكره ينتقل إلى المكره بكسر الراء وإذا انتقل صار كأنه باشر بنفسه.
قلنا: فعل المكره إنما ينتقل إذا صلح آلة للمكره كما في القتل فإنه يمكنه أن يأخذه ويضربه عليه والقاضي لا يصلح آلة له في حق القضاء بالفسخ؛ لأن الفسخ يكون بالكلام، والكلام لا ينتقل إلى المكره؛ لأن التكلم بلسان الغير لا يتصور.
م: (وهذا) ش: إشارة إلى قوله: أن يرده من حيث المعنى إذ تقديره والبيع الأول قائم بنفسه فلم ينفسخ بفسخ بيع الثاني م: (بخلاف الوكيل بالبيع) ش: بان جواب عما يقال: إذا رد المبيع بعيب على الوكيل بالبينة كان ذلك ردا على الموكل، وفيما نحن فيه على المشتري ليس ردا على البائع تقريره أن هذا بخلاف الوكيل بالبيع وكل شخصا ببيع عبده مثلا فإنه م:(إذا رد عليه بعيب بالبينة) ش: أي إذا رد على الوكيل بعيب بالبينة أو بالنكول م: (حيث يكون ردا على الموكل؛ لأن البيع هناك) ش: أي في مسألة الوكيل م: (واحد) ش: أي بيع واحد، فكان القضاء عليه بالرد ردا على الموكل. م:(والموجود هاهنا) ش: أي في مسألة بيع المشتري.
م: (بيعان فيفسخ الثاني) ش: أي فيفسخ البيع الثاني م: (ولا ينفسخ الأول) ش: أي البيع الأول، فلأجل هذا لم يكن الرد على المشتري الأول ردا على بائعه م:(وإن قبل بغير قضاء القاضي) ش: عطف على قوله فإن قبل بقضاء القاضي أي فإن قبل المشتري الأول بغير قضاء القاضي بل قبل برضا م: (ليس له أن يرده) ش: على بائعه م: (لأنه) ش: أي لأن الرد بالتراضي م: (بيع جديد في حق ثالث) ش: وهو إقالته م: (وإن كان فسخا في حقهما والأول) ش: أي البائع الأول م: (ثالثهما) ش: أي ثالث اثنين وهما المشتري الأول الذي هو البائع الثاني والمشتري الثاني.
ولهذا يتحدد الشفيع حق الشفعة؛ لأنه ثالثهما فصار كأن المشتري الأول اشتراه ثانيا ما باع فلا يكون له حق الخصومة، لا في الرد ولا في حق الرجوع بالنقصان. كذا في " الكافي ".
وقال الشافعي رضي الله عنه: يرده كما في الرد بالقضاء، فإن قلت: هذا يشكل بمسألة ذكرها في " المحيط ": وهو من اشترى دينارا بدرهم وقبض الدينار وباعه من ثالث ووجد به عيبا فرده على المشتري الأول بغير قضاء كان له أن يرده على بائعه.
قلت: لا يشبه الصرف العروض؛ لأن الرد في العروض جعل بيعا جديدا في حق الثالث وهو البائع الأول وهاهنا لا يمكن أن يجعل بيعا جديدا؛ لأن النقود لا تتعين في المعقود، فكان