الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفس الخيار لا يورث، وخيار التعيين يثبت للوارث ابتداء لاختلاط ملكه بملك الغير، لا أن يورث الخيار. قال: ومن
اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره
فأيهما أجاز جاز الخيار، وأيهما نقض انتقض
ــ
[البناية]
نفس الخيار لا يورث) ش: لأنه لا يتصور انتقاله كما ذكرناه فلا يجري فيه الإرث م: (وخيار التعيين) ش: هذا جواب عما قاسه الشافعي رضي الله عنه.
تقريره أن خيار التعيين م: (يثبت للوارث ابتداء) ش: لا بسبيل الإرث يعني أنه بطل ذلك الخيار الأول، ويجدد للوارث خيار آخر حكما م:(لاختلاط ملكه بملك الغير) ش: لأن ملك أحد العبدين مجهول؛ لأن ملكه أحدهما، وقد اختلف بملك صاحبه فثبت لهما التعيين بعلة مجهولة لملكه، فإما أن يكون ذلك بالإرث فلا م:(لا أن يورث الخيار) ش: كما مر غير مرة.
فإن قلت: المكاتب إذا مات وخلف ولدا ولد في الكتابة ينتقل إليه الكتاب مع الأجل والتنجيم.
قلت: انتقال الكتابة إلى الولد بسبيل السراية لا بسبيل الإرث؛ لأن المكاتب لا يورث ولا يلزم خيار الصفة وهو ما إذا اشترى على أنه له الخيار؛ لأن فيه معنى المال، ولا يلزم الرهن والكفالة والضمان حيث يورث هذه الأشياء؛ لأن فيه وثيقة ومعنى المال وكذلك القصاص يؤول إلى مال.
[اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره) ش: المراد من الغير هاهنا غير العاقدين حتى يأتي خلاف زفر رحمه الله م: (فأيهما أجاز) ش: أي من المشتري، ومن الشروط له الخيار م:(جاز الخيار وأيهما) ش: أي الاثنين المذكورين م: (نقض) ش: أي العقد م: (انتقض) ش: أي العقد.
وقال الكاكي: فإن قيل قوله: فأيهما أجاز إلى آخره جملة استفهامية لا تصلح خبرا للمبتدأ وهو قوله: ومن اشترى فيبقى المبتدأ بلا خبر، قلنا: في المبتدأ معنيان أحدهما الابتداء والثاني الشرطية فيقتضي الخبر، والجزاء هنا وقع موقع خبر فيكون الخبر محذوفا وهو قوله أجازه.
ويتحقق هذا المعنى في ضمن الخبر؛ لأنه لما جاز بالإجازة لا بد وأن يكون الاشتراط للغير جائزا كما في قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2](النور: الآية 2)، وقوله {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] لا يصلح خبرا لكونه طلبا، وفي ضمنه خبره وهو وجوب الجلد المستفاد منه تقديره: الزانية والزاني يجب عليهما الحد فاجلدوا.... انتهى.
واعترض عليه بعضهم بقوله: ما جواب هذا العامل زيد من أبوه ونحوه قوله، وقال
وأصل هذا أن اشتراط الخيار لغيره جائز استحسانا، وفي القياس لا يجوز، وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن الخيار من مواجب العقد وأحكامه فلا يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير المشتري. ولنا أن الخيار لغير العاقد قد لا يثبت إلا بطريق النيابة عن العاقد فيقدر الخيار له اقتضاء ثم يجعل هو نائبا عنه تصحيحا لتصرفه،
ــ
[البناية]
الأكمل: ومن اشترى وشرط الخيار لغيره تقدير كلامه من اشترى وشرط الخيار لغيره جاز حذفه لدلالة قوله فأيهما أجاز جاز.
قلت: هذا له وجه وهو أحسن من تطويل الكاكي على أن التقدير في الآية على ما تقتضيه القاعدة الزانية والزاني يقال فيه: فاجلدوا، وكذلك التقدير في قول المعترض بقوله زيد من أبوه؟ زيد يقال فيه: من أبوه؟.
وبقولنا فيه قال الشافعي رضي الله عنه في الأصح ومالك وأحمد رضي الله عنهما ولكن للشافعي رضي الله عنه فيه وجهان: أحدهما أنه يصح للغير وحده، والثاني يثبت له مع العاقد وعنه في قول لا يصح وبه قال زفر رحمه الله وفي فساد البيع وجهان: في وجه يفسد البيع، وفي وجه البيع صحيح والشرط فاسد.
م: (وأصل هذا) ش: أي أصل هذا المذكور من المسألة م: (أن اشتراط الخيار لغيره جائز استحسانا، وفي القياس لا يجوز، وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن الخيار من مواجب العقد) ش: أي من مقتضياته م: (وأحكامه، فلا يجوز اشتراطه لغيره) ش: لأنه خلاف ما يقتضيه العقد م: (كاشتراط الثمن على غير المشتري) ش: أو اشتراط تسليمه على غيره أو اشتراط الكل لغيره.
م: (ولنا أن الخيار لغير العاقد قد لا يثبت إلا بطريق النيابة عن العاقد) ش: إذ لا وجه لإثباته للغير أصالة م: (فيقدر الخيار له) ش: أي للعاقد م: (اقتضاء) ش: أي من حيث الاقتضاء تصحيحا لعرف العاقد على حسب الإمكان فيجعل كأنه شرط لنفسه.
م: (ثم يجعل هو) ش: أي يجعل من له الخيار م: (نائبا عنه تصحيحا لتصرفه) ش: أي لتصرف العاقد، فكان ثبوت الخيار للعاقد مقتضى صحة ثبوت الخيار للأجنبي وفيه بحث من وجهين: أحدهما: أن شرط الاقتضاء أن يكون المقتضي أو في منزلة من المقتضي ألا ترى أن من قال لعبد له حنث في يمينه كفر عن يمينك بالمال لا يكون ذلك تحريرا اقتضاء؛ لأن التحرير أقوى من تصريف التكفير لكونه أصلا فلا يثبت تبعا لفرعه، ولا خفاء أن العاقد أعلى مرتبة فكيف يثبت الخيار له اقتضاء؟
والثاني: بأن اشتراط الخيار لغيره لو جاز اقتضاء تصحيحا لجاز اشتراط وجوب الثمن
وعند ذلك يكون لكل واحد منهما الخيار فأيهما أجاز جاز وأيهما نقض انتقض. ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره، ولو خرج الكلامان منهما معا يعتبر تصرف العاقد في رواية وتصرف الفاسخ في أخرى. وجه الأول أن تصرف العاقد أقوى؛ لأن النائب يستفيد الولاية منه، وجه الثاني أن الفسخ أقوى؛ لأن المجاز يلحقه الفسخ، والمفسوخ لا تلحقه الإجازة
ــ
[البناية]
على الغير بطريق الكفالة بأن يجب الثمن على العاقد أولا ثم على الغير كفالة عنه كذلك.
وأجيب عن الأول: بأن الاعتبار للمقاصد والغير هو المقصود باشتراط الخيار فكان هو الأصل بطل إلى الخيار، والعاقد أصل من حيث التمليك لا من حيث الخيار فلا يلزمه ثبوت الأصل تبعية فرعه، وأما الحرية فإنه الأصل في وجوب الكفارة المالية فلا يثبت تبعا لفرعه.
وعن الثاني: بأن الدين لا يجب على الكفيل في الصحيح بدون التزام المطالبة، والمذكور هنا هو الثمن على الأجنبي وثبوت المقتضى لتصحيح المقتضي، ولو صحت الكفالة بطريق الاقتضاء كان مبطلا للمقتضي وعاد على موضوعه بالنقص فإن قيل: فليكن بطريق المحالة فإن عنها المطالبة بالدين فالجواب: أن المشتري أصل في وجوب الثمن عليه فلا يجوز أن يكون تابعا لفرعه وهو المحال عليه.
م: (وعند ذلك) ش: أي عند ثبوت الخيار لهما م: (يكون لكل واحد منهما الخيار) ش: أي للعاقد ولمن شرط له الخيار م: (فأيهما أجاز) ش: أي العقد م: (جاز وأيهما نقض انتقض، ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره، ولو خرج الكلامان منهما معا يعتبر تصرف العقد في رواية) ش: وهي رواية كتاب البيوع.
م: (وتصرف الفاسخ في أخرى) ش: أي ويعتبر تصرف الفاسخ وهو الذي فسخ العقد في رواية أخرى وهي رواية كتاب المأذون م: (وجه الأول) ش: أي وجه اعتبار تصرف العاقد م: (أن تصرف العقد أقوى؛ لأن النائب يستفيد الولاية منه، وجه الثاني) ش: أي وجه اعتبار تصرف الفسخ وهي رواية كتاب المأذون م: (أن الفسخ أقوى؛ لأن المجاز) ش: بضم الميم م: (يلحقه الفسخ) ش: كما لو أجاز البيع هلك عند البائع.
م: (والمفسوخ لا تلحقه الإجازة) ش: فإن العقد إذا انفسخ بهلاك المبيع عند البائع لا تلحقه الإجازة ونوقض بما إذا تراضيا على فسخ الفسخ وعلى إعادة العقد بينهما جاز وفسخ الفسخ ليس إلا هو إجازة البيع في المفسوخ.
وأجيب بأن هذا ليس بإجازة للفسخ بل هو بيع ابتداء.
ولما ملك كل واحد منهما التصرف رجحنا بحال التصرف، وقيل الأول قول محمد رحمه الله، والثاني قول: أبي يوسف رحمه الله واستخرج ذلك مما إذا باع الوكيل من رجل والموكل من غيره معا، فمحمد رحمه الله يعتبر فيه تصرف الموكل، وأبو يوسف رحمه الله يعتبرهما.
قال: ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد، فإن باع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز المبيع، والمسألة على أربعة أوجه: أحدها: أن لا يفصل الثمن ولا يعين الذي فيه الخيار وهو الوجه الأول في الكتاب، وفساده لجهالة الثمن والمبيع؛ لأن الذي فيه الخيار كالخارج عن العقد؛ إذ العقد مع
ــ
[البناية]
م: (ولما ملك كل واحد منهما التصرف) ش: هذا كأنه جواب عما يقال: إن كل واحد من الفاسخ والمخير يملك التصرف فأي تصرف من التصرفين يرجح على الآخر فذاك، ولما ملك كل واحد منهما التصرف من الإجازة والفسخ م:(رجحنا بحال التصرف) ش: لأن كل واحد منهما أصل العاقد من حيث التملك والأجنبي من حيث شرط الخيار، فلم يترجح الأمر إلا من حيث التصرف فرجحنا من حيث حال التصرف وهو فوقه والنقض يفسخ الإجازة، والإجازة لا تفسخ النقض، فكان النقض الأولى، لا يقال: النقض والإجازة من توابع الخيار فكان الخيار ترجيح تصرف من له الخيار؛ لأن جهة تملك العاقد عارضة في ذلك.
م: (وقيل الأول) هو أن تصرف العاقد أقوى م: (قول محمد رحمه الله والثاني) هو تصرف الفاسخ م: (قول أبي يوسف رحمه الله واستخرج) ش: على صيغة المجهول م: (ذلك) إشارة إلى الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- في ذلك أراد أن المنسوب إليهما ليس بمنقول عنهما وإنما استخرج م: (مما إذا باع الوكيل من رجل والموكل) أي باع الموكل م: (من غيره معا) أي في حالة واحدة م: (فمحمد رحمه الله يعتبر فيه تصرف الموكل، وأبو يوسف رحمه الله يعتبرهما) ش: أي يعتبر تصرفهما ويجعل البيع مشتركا بينهما بالنصف ويخير كل واحد من المشتركين إن شاء أخذ النصف بنصف الثمن وإن شاء نقض البيع.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ومن باع عبدين بألف درهم على أنه بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام فالبيع فاسد، فإن باع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز المبيع) ش: أي يختار الشرط في أحد العبدين معينا م: (والمسألة على أربعة أوجه: أحدها:) ش: أي أحد الأوجه م: (أن لا يفصل الثمن ولا يعين الذي فيه الخيار وهو الوجه الأول في الكتاب) ش: أي " الجامع الصغير ".
م: (وفساده) ش: أي فساد هذا الوجه م: (لجهالة الثمن والمبيع؛ لأن الذي فيه الخيار كالخارج عن العقد) ش: لأنه يشبه الاستثناء، إما؛ لأن العقد غير لازم في الذي لا خيار فيه م: (إذ العقد مع
الخيار لا ينعقد في حق الحكم فبقي الداخل فيه أحدهما وهو غير معلوم. والوجه الثاني: أن يفصل الثمن ويعين الذي فيه الخيار وهو المذكور ثانيا في الكتاب، وإنما جاز؛ لأن المبيع معلوم والثمن معلوم، وقبول العقد في الذي فيه الخيار وإن كان شرطا لانعقاد العقد في الآخر، ولكن هذا غير مفسد للعقد لكونه محلا للبيع كما إذا جمع بين قن ومدبر. والثالث: أن يفصل ولا يعين. والرابع: أن يعين ولا يفصل، والعقد فاسد في الوجهين، إما لجهالة المبيع أو لجهالة الثمن
ــ
[البناية]
الخيار لا ينعقد في حق الحكم) ش: أي وهو ثبوت الحكم م: (فبقي الداخل فيه أحدهما وهو غير معلوم) ش: وما هو كذلك فثمنه مثله فيفسد البيع كما في البيع بثمن بطريق الحصة ابتداء.
م: (والوجه الثاني:) ش: وهو أن يبيع كل واحد منهما بخمسمائة على أنه بالخيار في أحدهما، وهو معنى قوله م:(أن يفصل الثمن ويعين الذي فيه الخيار، وهو المذكور ثانيا في الكتاب) ش: أي " الجامع الصغير " م: (وإنما جاز) ش: أي البيع هنا م: (لأن المبيع معلوم والثمن معلوم) ش: فجاز لارتفاع الجهالة م: (وقبول العقد) ش: هذا جواب شبهة وهي أن يقال: ينبغي أن يفسد العقد في هذا أيضا لوجود المفسد.
وهو قبول العقد في الذي يدخل في العقد؛ لأن العبد الذي فيه الخيار غير داخل حكما، كما إذا جمع بين حر وقن فإنه لا يجوز العقد في القن وإن فصل الثمن لما أنه جعل قبول العقد في الحر شرطا لصحة العقد في القن، فأجاب بقوله وقبول العقد م:(في الذي فيه الخيار وإن كان شرطا لانعقاد العقد في الآخر) ش: أي في العبد الآخر.
م: (ولكن هذا غير مفسد للعقد لكونه) ش: أي لكون من فيه الخيار م: (محلا للبيع) ش: فكان داخلا في العقد وإن لم يدخل في الحكم فصار م: (كما إذا جمع بين قن ومدبر) ش: في البيع في أن المدبر محل البيع حتى إن القاضي لو قضى بجواز بيعه نقدا فلم يكن شرط قبول العقد فيه مفسدا للعقد في الآخر بخلاف ما إذا جمع بين حر وقن فإن الحر ليس بمحل للبيع أصلا فلم يكن داخلا لا في العقد ولا في الحكم.
فإن قلت: في الجملة هو شرط لا يقتضيه العقد فكان مفسدا. أجيب: بأنه ليس فيه نفع لأحد المتعاقدين ولا للمعقود عليه فلا يكون مفسدا.
م: (والثالث) ش: أي الوجه الثالث م: (أن يفصل) ش: أي الثمن م: (ولا يعين) ش: أي الذي فيه الخيار م: (والرابع) ش: أي الوجه الرابع م: (أن يعين) ش: أي الذي فيه الخيار م: (ولا يفصل) ش: أي الثمن م: (والعقد فاسد في الوجهين، إما لجهالة المبيع أو لجهالة الثمن) ش: وكل منهما مفسد للبيع.
قال ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز، وكذلك الثلاثة، فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد، والقياس أن يفسد البيع في الكل لجهالة المبيع، وهو قول زفر والشافعي. وجه الاستحسان أن شرع الخيار للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو الأرفق والأوفق، والحاجة إلى هذا النوع من البيع متحققة؛ لأنه يحتاج إلى اختيار من يثق به أو اختيار من يشتريه لأجله، ولا يمكنه البائع من الحمل إليه إلا بالبيع، فكان في معنى ما ورد به الشرع غير أن هذه الحاجة تندفع بالثلاث لوجود الجيد والوسط والرديء فيها والجهالة لا تفضي إلى المنازعة في الثلاث لتعيين من له الخيار، وكذا في الأربع إلا أن الحاجة
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن اشترى ثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بعشرة وهو بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز، وكذلك الثلاثة) ش: أي الأثواب الثلاثة م: (فإن كانت أربعة أثواب فالبيع فاسد، والقياس أن يفسد البيع في الكل لجهالة المبيع وهو قول زفر والشافعي. وجه الاستحسان أن شرع الخيار للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو الأرفق) ش: أي بالنظر إلى الثمن م: (والأوفق) ش: أي بحاله.
م: (والحاجة إلى هذا النوع من البيع) ش: أراد بهذا النوع أن يشتري أحد الثوبين أو أحد العبدين على أن يأخذ أيهما شاء بثمن معلوم م: (متحققة؛ لأنه) ش: ربما م: (يحتاج إلى اختيار من يثق به) ش: لخبرته م: (أو اختيار من يشتريه لأجله) ش: كامرأته وبنته م: (ولا يمكنه البائع) ش: بتشديد الكاف م: (من الحمل إليه) ش: أي إلى من يثق به أو إلى من يشتريه لأجله م: (إلا بالبيع فكان) ش: باعتبار الحاجة م: (في معنى ما ورد به الشرع) ش: وهو شرط الخيار ثلاثة أيام م: (غير أن هذه الحاجة تندفع بالثلاث) ش: أي بالثياب الثلاث م: (لوجود الجيد والوسط والرديء فيها) ش: أي الحاجة إلى الاختيار بالثلاث لاختلاف الأوصاف في الثياب وهي ثلاثة الجيد والوسط والرديء فيها أي في الثياب.
م: (والجهالة لا تفضي إلى المنازعة) ش: هذا جواب عما قال الإمام الشافعي رحمه الله وزفر رحمه الله، ومن الجهالة في وجه القياس تقريره أن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة م:(في الثلاث) ش: أي في الثياب الثلاث م: (لتعيين من له الخيار) ش: لأنه لما شرط الخيار لنفسه استبد بالتعيين فلم يبق له منازع، فكان علة جوازه من الحاجة وعدم كون الجهالة تفضي إلى المنازعة.
فأما عدم المنازعة فإنه ثابت باشتراط الخيار لنفسه سواء كانت الأثواب ثلاثة أو أكثر وأما الحاجة إنما تتحقق في الثلاثة لوجود الجيد والوسط والرديء.
م: (وكذا في الأربع) ش: أي في الثياب الأربع لا يفضي إلى المنازعة م: (إلا أن الحاجة
إليها غير متحققة، والرخصة ثبوتها بالحاجة، وكون الجهالة غير مفضية إلى المنازعة فلا تثبت بأحدهما، ثم قيل: يشترط أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين، وهو المذكور في "الجامع الصغير". وقيل: لا يشترط، وهو المذكور في الجامع الكبير، فيكون ذكره على هذا الاعتبار وفاقا لا شرطا. وإذا لم يذكر خيار الشرط لا بد من توقيت خيار التعيين بالثلاث عنده، وبمدة معلومة أيتها كانت عندهما
ــ
[البناية]
إليها) ش: أي الأربع م: (غير متحققة) ش: لوجود جميع الأوصاف المذكورة في الثلاث، ولأن في الأربعة قد يتفق ثوبان على صفة واحدة فيحتاج إلى اختيار آخر فتكثر الجهالة.
م: (والرخصة) ش: مبتدأ وقوله م: (ثبوتها) ش: مبتدأ آخر وقوله م: (بالحاجة) ش: خبره والجملة خبر المبتدأ الأول م: (وكون الجهالة غير مفضية إلى المنازعة فلا تثبت بأحدهما) ش: بالجر عطفا على قوله بالحاجة، حاصل المعنى جواز البيع مع الشرط رخصة وثبوتها مع الحاجة وقد انعدمت في الأربع، ولكن الرخصة إنما تكون بالحاجة وعدم الإفضاء إلى الجهالة م:(ثم قيل: يشترط أن يكون في هذا العقد خيار الشرط مع خيار التعيين) ش: أشار بهذا إلى بيان اختلاف المشايخ في اشتراط خيار الشرط مع خيار التعيين منهم من قال: يشترط وإليه مال الكرخي رحمه الله م: (وهو المذكور في الجامع الصغير، وقيل: لا يشترط، وهو المذكور في الجامع الكبير) ش: فإنه ذكر هذه المسألة ولم يذكر فيها خيار الشرط م: (فيكون ذكره) ش: أي ذكر خيار الشرط م: (على هذا الاعتبار) ش: أي على اعتبار " الجامع الكبير " م: (وفاقا لا شرطا) ش: أي على سبيل الاتفاق لا على سبيل الشرط، وقال فخر الإسلام رحمه الله في "جامعه ": والصحيح عندنا أنه ليس بشرط وهو قول محمد بن شجاع البلخي رحمه الله.
م: (وإذا لم يذكر خيار الشرط لا بد من توقيت خيار التعيين بالثلاث) ش: أي بثلاثة أيام م: (عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله م: (وبمدة معلومة) ش: أي لا بد من توقيت خيار التعيين بمدة معلومة م: (أيتها كانت) ش: أي المدة كانت زائدة على الثلاث أو غير زائدة بعد أن كانت معلومة م: (عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد كما في خيار الشرط. وقال شمس الأئمة في "جامعة ": وهو الصحيح، وهو قول الكرخي رحمه الله، وإن مات المشتري في الأيام الثلاثة يبطل خيار الشرط ويبقى خيار التعيين للوارث فلا يردهما الوارث، وله أن يعين أحدهما ويرد الآخر. وكذا في " جامع قاضي خان "، وفي " الذخيرة " هذا إذا كان الخيار للمشتري، فإن كان للبائع بأن قال: بعتك هذين الثوبين على أني بالخيار لأعين المبيع في أحدهما، لم يذكر محمد رحمه الله هذه المسألة في بيوع الأصل ولا في " الجامع الصغير ".
وذكر الكرخي رحمه الله في "مختصره ": أنه يجوز استحسانا لا قياسا؛ لأن هذا بيع يجوز مع خيار المشتري فكذا يجوز مع خيار البائع قياسا على خيار الشرط، وذكر في المجرد
ثم ذكر في بعض النسخ: اشترى ثوبين، وفي بعضها: اشترى أحد الثوبين، وهو الصحيح؛ لأن المبيع في الحقيقة أحدهما والآخر أمانة، والأول تجوز واستعارة، ولو هلك أحدهما أو تعيب لزم البيع فيه بثمنه وتعين الآخر للأمانة؛ لامتناع الرد بالتعيب، ولو هلكا جميعا معا يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما؛ لشيوع البيع والأمانة فيهما، ولو كان فيه خيار الشرط له أنه يردهما جميعا، ولو مات من له الخيار فلوارثه أن يرد أحدهما؛ لأن الباقي خيار التعيين للاختلاط، ولهذا لا يتوقت في حق الوارث
ــ
[البناية]
أنه لا يجوز؛ لأن هذا باعتبار الحاجة والبائع لا يحتاج إليها.
م: (ثم ذكر في بعض النسخ) ش: أي في بعض نسخ " الجامع الصغير " م: (اشترى ثوبين) ش: كما هو المذكور أولا م: (وفي بعضها اشترى أحد الثوبين) ش: فحاصله أن الرواية اختلفت في نسخ الجامع الصغير.
قال المصنف: م: (وهو الصحيح) ش: أي قوله: اشترى أحد الثوبين هو الصحيح م: (لأن المبيع في الحقيقة أحدهما والآخر أمانة، والأول) ش: هو قوله ثوبين م: (تجوز) ش: يعني مجاز؛ لأن المشترى أحد الثوبين فكان من قبيل إطلاق الكل على البعض م: (واستعارة، ولو هلك أحدهما) ش: أي أحد الثوبين م: (أو تعيب لزمه البيع فيه) ش: أي في الهالك أو المتعيب م: (بثمنه) ش: الذي وقع عليه العقد م: (وتعين الآخر) ش: أي الثوب الآخر م: (للأمانة) ش: لأنه إنما اشترى أحدهما لا غير وإنما قبض الآخر؛ ليرد على البائع إذا تعين أحدهما لا ليتملكه ولا على سوم الشراء.
وقد تعين أحدهما هنا فيبقى الآخر أمانة؛ لأنه قبضه بإذن البائع لا على حرمة البيع فلم يلزمه شيء بسببه م: (لامتناع الرد بالتعيب) ش: تعليل بقوله أو تعيب م: (ولو هلكا) ش: أي الثوبان م: (جميعا معا يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما لشيوع البيع والأمانة فيهما) ش: أي في الثوبين، وقيد بقوله: معا لما أنهما لو هلكا على المتعاقب يتعين الأول للبيع إذا علم السابق، وإذا لم يدر السابق لزمه ثمن نصف كل واحد منهما كما لو هلكا معا.
م: (ولو كان فيه) ش: أي في هذا البيع م: (خيار الشرط له أن يردهما جميعا) ش: لأنه أمين في أحدهما فيرده بحكم الأمانة، وفي الآخر مشتر بشرط الخيار فيتمكن من رده، كذا في " المبسوط " م:(ولو مات من له الخيار فلوارثه أن يرد أحدهما؛ لأن الباقي خيار التعيين) ش: لأن خيار الشرط بطل بموت من له الخيار م: (للاختلاط) ش: أي لأجل اختلاط ملكه بملك الغير م: (ولهذا) ش: ولأجل الباقي خيار التعيين م: (لا يتوقف في حق الوارث) ش: لأنه لم يثبت له بسبيل الإرث بل لاختلاط تملكه بملك الغير، فلو كان الباقي خيار الشرط لردهما الوارث جميعا.