الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الثمن لم يدخل في ضمانه، فإذا وصل إليه المبيع ووقعت المقاصة بقي له فضل خمسمائة وذلك بلا عوض، بخلاف ما إذا باع بالعرض؛ لأن الفضل إنما يظهر عند المجانسة.
قال: ومن اشترى جارية بخمسمائة ثم باعها وأخرى معها من البائع قبل أن ينقد الثمن بخمسمائة، فالبيع جائز في التي لم يشترها من البائع، ويبطل في الأخرى؛
ــ
[البناية]
قلت: الوعيد ليس للبيع ثمة بل ليس التفريق حتى لو فرق بدون البيع كان الوعيد لاحقا.
م: (ولأن الثمن لم يدخل في ضمانه) ش: أي في ضمان البائع قبل القبض م: (فإذا وصل إليه المبيع ووقعت المقاصة) ش: أي بين الثمن في الأول وبين الثمن في البيع الثاني إذا عاد إليه الكل الذي زال عنه بعينه م: (بقي له فضل خمسمائة وذلك بلا عوض) ش: فهذا ربح حصل لا على ضمانه.
«ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن» م: (بخلاف ما إذا باع بالعرض لأن الفضل إنما يظهر عند المجانسة) ش: لأن الربح لا يظهر عند مخالفة الجنس.
وقال الكرخي رحمه الله في "مختصره": ولا يجوز أن يشتري ذلك أم وكيل البائع ولا عبد البائع مأذون له في التجارة في قولهم جميعا، وإن اشتراه والد البائع أو ولد ولده علا أو سفل أو من يجوز شهادته للبائع ولا شهادة البائع لم يجز عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله: ذلك جائز، ولذلك لا يجوز للمولى أن يشتري ما باعه مكاتبه ولا عبده المأذون ولا مضاربه بأقل من الثمن الذي باعوه.
فإن وكل البائع من يشتريه بأقل من الثمن الأول فاشتراه، فالشراء جائز عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله: الشراء لازم للوكيل ولا يلزم الأمر، وقال محمد رحمه الله: يلزم الأمر شراء فاسدا.
وقال في " شرح الطحاوي " إذا مات المشتري فاشتراه البائع من الوارث لا يجوز لأن الوارث يقوم مقام المورث، ولو مات البائع فاشترى وارثه من المشتري جاز الشراء إذا كان الوارث ممن يجوز شهادته للبائع في حال الحياة وقرابته من البائع لا تمنع بخلاف المشتري، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: لا يجوز شراء وارث البائع أيضا كوارث المشتري.
[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن اشترى جارية بخمسمائة ثم باعها وأخرى) ش: أي وجارية أخرى م: (معها من البائع قبل أن ينقد الثمن بخمسمائة، فالبيع جائز في التي لم يشترها) ش: أي في الجارية التي لم يشترها م: (من البائع ويبطل) ش: أي البيع م: (في الأخرى) ش: أي في الجارية الأخرى.
وهذه المسألة فروع المسألة المتقدمة لأنها مبنية على شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن
لأنه لا بد أن يجعل بعض الثمن بمقابلة التي لم يشترها منه، فيكون مشتريا للأخرى بأقل مما باع، وهو فاسد عندنا، ولم يوجد هذا المعنى في صاحبتها، ولا يشيع الفساد لأنه ضعيف فيها لكونه مجتهدا فيه، أو لأنه باعتبار شبهة الربا، أو لأنه
ــ
[البناية]
ولهذا لم يجز البيع في التي اشتراها من البائع، وبين ذلك بقوله م:(لأنه) ش: أي لأن المشتري لما باع الجاريتين بخمسمائة إحداهما هي التي اشتراها من البائع في المرة الأولى بخمسمائة والأخرى هي التي لم يشترها منه م: (لا بد أن يجعل بعض الثمن) ش: في البيع الثاني م: (بمقابلة التي) ش: أي بمقابلة الجارية التي م: (لم يشترها منه) ش:
فلا محالة أن يكون ثمن الجارية التي بيعت أولا أقل مما بيعت م: (فيكون مشتريا للأخرى بأقل مما باع، وهو فاسد عندنا) ش: كما في المسألة المتقدمة م: (ولم يوجد هذا المعنى) ش: وهو الشراء بأقل مما باع م: (في صاحبتها) ش: وهي الجارية التي ضمها إلى الجارية المبيعة؛ لأنه ما اشتراها منه حتى باع بأقل منه فيجوز لعدم المفسد م: (ولا يشيع الفساد لأنه ضعيف فيها) ش: أي لأن الفساد ضعيف في الجارية المشتراة، ولما ضعف الفساد لم يتعد إلى المضمومة إليها كما لو باع قنا ومدبرا حيث يصح في القن ولم يتعد فساد البيع في المدبر إلى القن لكون بيع المدبر مجتهدا فيه م:(لكونه) ش: أي لكون الشراء فساد ما باع بأقل مما باع م: (مجتهدا فيه) ش: فإن عند الشافعي رضي الله عنه يجوز بخلاف الجمع بين الحر والعبد في عقد واحد حيث يشيع الفساد في القن لأن الفساد في الحر قوي مجمع عليه.
فإن قلت: يشكل بما إذا أسلم حنطة في شعير وزيت وبين حصة كل واحد ودفع رأس المال إليه فإن السلم في الزيت لا يجوز، وإن كان الفساد في هذا العقد مجتهدا فيه، فإن أسلم الحنطة في الشعير جائز عن الشافعي رضي الله عنه.
قلت: مبنى عقد السلم على المضايقة لتوقف الجواز على شرائط لم يتوقف عليها مطلق البيع فلا يلزم من تأثير الضعيف فيه تأثيره فيما بني على التوسع.
م: (أو لأنه) ش: أي ولأن الفساد م: (باعتبار شبهة الربا) ش: فلو اعتبرنا تلك الشبهة في الجارية التي ضمت إلى المشتراة الكفارة اعتبرنا شبهة الشبهة، والمعتبر الشبهة لا شبهة الشبهة، وبيان ذلك ما ذكره الإمام قاضي خان رحمه الله وهو أن المسألة الأولى إنما لم يصح شراء ما باع بأقل مما باع لشبهة الربا، وذلك لأن الألف وإن وجب البائع بالعقد الأول لكنها على شرف السقوط لاحتمال أن يجد المشتري بها عيبا فيرده فيسقط الثمن عن المشتري، وبالبيع الثاني يقع الأمن عنه فيصير البائع بالعقد الثاني مشتريا ألفا بخمسمائة من هذا الوجه.
والشبهة ملحقة في الحقيقة في باب الربا احتياطا م: (أو لأنه) ش: أي أو لأن الفساد م:
طارئ لأنه يظهر بانقسام الثمن أو المقاصة فلا يسري إلى غيرها.
قال: ومن اشترى زيتا على أن يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا، فهو فاسد، وإن اشترى على أن يطرح عنه بوزن الظرف جاز، لأن الشرط الأول لا يقتضيه العقد والثاني يقتضيه
ــ
[البناية]
(طارئ) ش: فلا يتعدى إلى الآخر م: (لأنه) ش: أي لأن الفساد م: (يظهر بانقسام الثمن) ش: وحاصل الكلام أن لظهور الفساد في المشتراة وجهين:
أحدهما: انقسام الثمن.
والآخر: هو قوله م: (أو المقاصة) ش: أما بيان انقسام الثمن فيما قال تاج الشريعة رحمه الله أو لأنه طارئ يعني أن فساد العقد في البعض إنما يؤثر في الباقي إذا كان المفسد مقارنا، وهاهنا طارئا لأنه ما شرط في العقد أن يكون بإزاء ما باعه بأقل من الثمن الأول بل جعل كل الثمن بمقابلة الجاريتين، ثم ينقسم الثمن إذا وقعت المقاصة بين الثمن الثاني والأول ويبقى من الثمن الأول فضل يستحق الفساد، والمقاصة تقع عقيب وجوب الثمن على البائع الأول بالعقد الثاني فيكون طارئا. وأما بيان المقاصة فلأنه لما باعها بألف ثم اشتراها قبل نقد الثمن بخمسمائة فتقاصا خمسمائة بخمسمائة مثلها، بقي للبائع خمسمائة أخرى مع الجارية، والمقاصة تقع يجب عقيب وجوب الثمن على البائع بالعقد الثاني فيفسد عندها وذلك لا شك في طرفه م:(فلا يسري إلى غيرها) ش: أي فلا يسري الفساد إلى غير المشتراة، كما إذا باع عبدين وفي أحدهما أجل إلى الحصاد، أو جمع بين عبد ومدبر وباعهما فإن البيع لا يفسد في القن ولا في المدبر لأجل فيه. وقاله شمس الأئمة رحمه الله في "مبسوطه" في هذه المسألة.
فإن قيل: ينبغي أن يجعل مقابلة ما باع مثل الثمن الأول احتياطا لتصحيح العقد قلنا: هذا الوجه غير متعين فإنه وإن جعل بمقابلته أكثر من الثمن الأول يجوز العقد أيضا، وعند المقاصة لا يترجح البعض على البعض من غير دليل وفيه نوع تأمل.
فإن قيل: ينبغي أن يفسد العقد في الآخر لأن قبول العقد في ذلك شرط لقبول العقد في الآخر وهو شرط فاسد كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله في نظائرها.
قلنا: قبول العقد فيه ليس بشرط فاسد، ألا ترى أنه لو كان ثمنه مثل الثمن الأول أو خلاف جنس الثمن الأول كان صحيحا، وإنما الفساد لأجل الربح الحاصل لا على ضمانه، وهذا المعنى يقتصر على العبد الذي باعه ولا يتعدى إلى العقد في العبد الثاني.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن اشترى زيتا على أن يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا فهو فاسد، وإن اشترى على أن يطرح عنه) ش: أي يطرح البائع عن المشتري م: (بوزن الظرف جاز) ش: أي البيع م: (لأن الشرط الأول لا يقتضيه العقد) ش: فإن مقتضاه