الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر في " أدب القاضي " أن على قولهما لا يحبس في الحدود والقصاص بشهادة الواحد لحصول الاستيثاق بالكفالة. قال: والرهن والكفالة جائزان في الخراج؛ لأنه دين مطالب به ممكن الاستيفاء فيمكن ترتيب موجب العقد عليه فيهما.
قال: ومن
أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر
فهما كفيلان؛ لأن موجبه التزام المطالبة وهي متعددة؛
ــ
[البناية]
القتل، إذ الضرب والحبس نوع عقوبة، فجاز أن يعاقب به قبل ثبوت الحد والقصاص م:(وذكر في أدب القاضي) ش: ذكر على صيغة المجهول م: (أن على قولهما) ش: أي على قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (لا يحبس في الحدود والقصاص بشهادة الواحد لحصول الاستيثاق بالكفالة) ش: يعني أن عندهما لما كانت الكفالة ثابتة في الحدود والقصاص لم تقع الحاجة إلى الحبس، لأن الاستيثاق يحصل بالكفالة. وعند أبي حنيفة رحمه الله لا كفالة فيها جبرا فيحبس كي يشهد عليه الشهود العدول.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (والرهن والكفالة جائزان في الخراج لأنه) ش: أي لأن الخراج م: (دين مطالب به) ش: ألا ترى أنه يحبس به ويلازم لأجله ومنع وجوب الزكاة فيجوز الكفالة والرهن به كسائر الديون، كذا في " الفوائد الظهيرية ".
فإن قيل: يشكل على هذا الزكاة فإنه دين مطالب من جهة العباد في الأموال الظاهرة الإمام، وفي الباطنة نائبه وهو المالك كما مر في الزكاة، ولا يجوز الكفالة بدين الزكاة.
قلنا: قال التمرتاشي: إنما لا يصح لأن الزكاة ليست بدين بل هو تمليك المال، ولهذا لا يؤخذ من تركته عندنا بخلاف الخراج، فإنه يؤخذ من تركته.
م: (ممكن الاستيفاء) ش: راجع إلى الرهن، لأن الرهن توثيق لجانب الاستيفاء فهذا من باب اللف والنشر الغير مرتب، لأن قوله: دين يطالب به يرجع إلى الكفالة م: (فيمكن ترتيب موجب العقد عليه فيهما) ش: المراد بالعقد الكفالة والرهن وموجب الكفالة كونها مشروعة لتحمل المطالبة، وموجب الرهن كونه مشروعا بمضمون يمكن استيفاؤه من الرهن والضمير في "عليه" يرجع إلى الخراج، وفي "فيهما" يرجع إلى الرهن والكفالة.
[أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر فهما كفيلان) ش: أي ذهب الطالب وأخذ من المطلوب وهو المديون كفيلا آخر، فهما -أي الأول والثاني- كفيلان م:(لأن موجبه) ش: أي موجب عقد الكفالة م: (التزام المطالبة وهي متعددة) ش: ألا ترى أنهما لو كفلا جميعا بنفسه معا جاز، فكذا إذا كفلا على التعاقب ثم أسلم أحدهما نفس الأصيل إلى الطالب برئ هو دون الآخر وليس هذا كالدين، فإنه لو قضى أحد الكفيلين لدين واحد يبرآن، وفي " التفاريق ": والكفلاء الثلاثة في العقد الواحد
والمقصود التوثق، وبالثانية يزداد التوثق فلا يتنافيان. وأما الكفالة بالمال فجائزة، معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا، مثل أن يقول: تكفلت عنه بألف، أو بما لك عليه، أو بما يدركك في هذا البيع؛ لأن مبنى الكفالة على التوسع فيحتمل فيها الجهالة،
ــ
[البناية]
أيهم سلم الأصيل كتسليمهم.
وفي " الشافي ": ثلاثة كفلوا بألف طالب كل واحد بثلث الألف، وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالألف، كذا ذكره شمس الأئمة والمرغيناني والتمرتاشي، ومذهب الشافعي لا يتأتى هنا؛ لأن الكفالة بالنفس عنده لا تصح، كذا قاله الأترازي، وفي قول ابن أبي ليلى يرى الكفيل الأول م:(والمقصود) ش: من عقد الكفالة م: (التوثيق، وبالثانية) ش: أي وبالكفالة الثانية م: (يزداد التوثق فلا يتنافيان) ش: أي الكفالتان.
فإن قيل: لما أخذ الطالب والمطلوب وأخذ منه كفيلا فقد صار مستوفيا للنفس حين صارت في يده فلم لا يبرأ الكفيل الأول بمنزلة الكفيل بالدين إذا أخذ الطالب من المطلوب الدين برئ الكفيل.
قيل له: لأن الطالب إذا أخذ الدين لم يبق له حق، وهاهنا حقه باق وتسليم النفس إليه يحتاج إليه في كل وقت حتى يستخرج حقه، انتهى.
قلت: نفس السؤال دليل ابن أبي ليلى على قوله برئ الكفيل الأول، والجواب جواب عنه فافهم.
م: (وأما الكفالة بالمال) ش: لما قسم المصنف الكفالة على قسمين كفالة بالنفس وكفالة بالمال وبين الأول فشرع في بيان الثاني بقوله م: (فجائزة) ش: وهو جواب أما، وهذا لا خلاف فيه إذا كان المال معلوما، وأما إذا كان المال مجهولا فكذلك جائز عندنا، وهو معنى قوله م:(معلوما كان المكفول به أو مجهولا) ش: وقال الشافعي: لا يجوز إذا كان مجهولا، وصورة المعلوم مثل قوله تكفلت عنه بألف، وصورة المجهول مثل قوله: تكفلت عنه بمالك عليه. والآن بينه المصنف رحمه الله ولكن فيه شرط عندنا، أشار إليه بقوله م:(إذا كان دينا صحيحا) ش: احترز به عن بدل الكتابة، ويجيء الآن أيضا م:(مثل أن يقول: تكفلت عنه بألف) ش: هذا صورة المعلوم م: (أو بما لك عليه) ش: أي أو قال: تكفلت عنه بما لك عليه، وهذا هو صورة المجهول م:(أو بما يدركك في هذا البيع) ش: أي أو يقول: تكفلت عنه بما يدركك من العوارض في هذا البيع م: (لأن مبنى الكفالة على التوسع) ش: لأنها تبرع ابتداء فلا يمنع صحتها الجهالة المستدركة اليسيرة م: (فيحتمل فيها) ش: أي في الكفالة م: (الجهالة) ش: أي جهالة المكفول به، وبقولنا قال مالك وأحمد والشافعي في القديم. وقال في الجديد: لا يصح ضمان المجهول وهو قول الليث والثوري وابن
وعلى الكفالة بالدرك إجماع، وكفى به حجة، وصار كما إذا كفل لشجة صحت الكفالة وإن احتملت السراية أو الاقتصار. وشرط أن يكون دينا صحيحا، ومراده أن لا يكون بدل الكتابة، وسيأتيك في موضعه إن شاء الله تعالى. قال: والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل، وإن شاء طالب كفيله لأن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة، وذلك يقتضي قيام الأول لا البراءة عنه،
ــ
[البناية]
أبي ليلى وابن المنذر قالوا لأنه التزام، قال: فلم يصح مجهولا كالثمن في البيع. ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72](يوسف: الآية 72) . لأن حمل البعير يختلف باختلاف البعير، وعموم قوله عليه السلام:«الزعيم غارم» .
م: (وعلى الكفالة بالدرك إجماع) ش: إجماع مبتدأ وخبره هو قوله: مقدما على الكفالة بالدرك، وأراد به زيادة الإيضاح على صحة الكفالة بجهالة المكفول به فإنه يصح بالإجماع، وفي " الأقطع ": ونص الشافعي على جواز ضمان الدرك، وهو عبارة عن ضمان الاستحقاق وهو مجهول، وهو أن يقول للمشتري: أنا ضامن للثمن إن استحق المبيع أحد والدرك بتحريك الراء وتسكينها التبعة، يقال: ما لحقك من درك فعلي خلاصه.
فإن قيل: هذا ضمان مال مجهول فلا يصح كما لو قال: ضمنت لك بعض مالك على فلان. فقيل له: هذا يصح عندنا والخيار فيه إلى الضامن يبين أي مقدار شاء م: (وكفى به) ش: أي بالإجماع م: (حجة) ش: والإجماع من أقوى الحجج م: (وصار) ش: أي حكم هذا المذكور م: (كما إذا كفل لشجة) ش: أي خطأ م: (صحت الكفالة) ش: مع أن فيها جهالة.
م: (وإن احتملت السراية) ش: إلى النفس م: (أو الاقتصار) ش: عليه بدون السراية بخلاف الكفالة بشجة عمدا لأن فيها القصاص ولا تصح الكفالة بالقصاص م: (وشرط) ش: أي القدوري م: (أن يكون) ش: المكفول به م: (دينا صحيحا) ش: وذلك في قوله: وأما الكفالة بالمال فجائزة، معلوما كان المكفول به أو مجهولا إذا كان دينا صحيحا، وهذا لفظ القدوري في "مختصره" م:(ومراده) ش: أي مراد القدوري من قوله إذا كان دينا صحيحا م: (أن لا يكون بدل الكتابة) ش: لأن الكفالة ببدل الكتابة لا تصح، لأنه ليس بدين صحيح، لأن الدين الصحيح لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء فيسقط بدل الكتابة بدونهما بتعجيز النفس م:(وسيأتيك في موضعه إن شاء الله تعالى) ش: في كتاب المكاتب.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (والمكفول له بالخيار إن شاء طالب الذي عليه الأصل) ش: أي الدين م: (وإن شاء طالب كفيله؛ لأن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة، وذلك يقتضي قيام الأول) ش: أي الذمة الأولى م: (لا البراءة عنه) ش: أي لا يستدعي البراءة عنها خلافا لما يقول ابن