الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك بقيام المعقود عليه. وفي السلم المعقود عليه إنما هو المسلم فيه فصحت الإقالة حال بقائه. وإذا جاز ابتداء أولى أن يبقى انتهاء؛ لأن البقاء أسهل، وإذا انفسخ العقد في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا فيجب عليه ردها وقد عجز فيجب عليه رد قيمتها،
ولو
اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري
بطلت الإقالة، ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة؛ لأن المعقود عليه في البيع إنما هو الجارية، فلا يبقى العقد بعد هلاكها، فلا تصح الإقالة ابتداء فلا تبقى انتهاء لانعدام محله، وهذا
ــ
[البناية]
ش: وفي بعض النسخ: يعتمد قيام العقد م: (وذلك) ش: أي بقاء العقد م: (بقيام المعقود عليه، وفي السلم المعقود عليه إنما هو المسلم فيه فصحت الإقالة حال بقائه) ش: أي حال بقاء المعقود عليه م: (وإذا جاز) ش: أي التقايل بعد موتها م: (ابتداء أولى أن يبقى) ش: بعد موتها م: (انتهاء، لأن البقاء أسهل) ش: من الابتداء.
فإن قيل: ينبغي أن لا تصح الإقالة بعد هلاك الجارية لأنها بعد الهلاك بمنزلة المسلم فيه من حيث وجوب قيمتها دينا في الذمة والمسلم فيه قد سقط أيضا بالإقالة، فصار بمنزلة العوضين في بيع المقايضة، فإنه إذا هلك أحد العوضين في المقايضة ثم تقايلا ثم هلك العوض الآخر تبطل الإقالة، فكذا هنا ينبغي أن يمتنع التقايل بهلاك العوضين.
قلنا: في بيع المقايضة ثم الرد واجب بعد الإقالة، وهلاك المبيع قبل القبض يوجب فسخ العقد. وفي المسلم قامت قيمة الجارية مقامها، فلم يكن رد عين الجارية واجبا، فكان قيام القيمة بمنزلة قيام الجارية.
م: (وإذا انفسخ العقد في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا) ش: يعني تبعا لانفساخ العقد في المسلم فيه وإن لم يصح الفسخ في الجارية بعد هلاكها، هكذا قدره شيخي العلاء. وقال تاج الشريعة. هذا جواب من يقول: إن الانفساخ في حق الجارية الميتة كيف يتحقق، وإنه ليس بمحل لذلك.
قال: الانفساخ بطريق التبعية وكم من شيء يثبت تبعا ولا يثبت قصدا م: (فيجب عليه ردها) ش: أي رد الجارية على المسلم إليه م: (وقد عجز) ش: أي والحال أن المسلم إليه قد عجز عن رد الجارية بسبب موتها م: (فيجب عليه رد قيمتها) ش: وقامت القيمة مقام الجارية.
[اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري]
م: (ولو اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الإقالة، ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة) ش: أيضا م: (لأن المعقود عليه في البيع إنما هو الجارية، فلا يبقى العقد بعد هلاكها، لا تصح الإقالة ابتداء، فلا تبقى انتهاء لانعدام محله) ش: أي محل البيع، لأن الإقالة فسخ العقد ولا قيام لها إلا بقيام العقد ولا قيام العقد إلا بقيام المبيع لأنه هو الأصل وقد فات م:(وهذا)
بخلاف بيع المقايضة حيث تصح الإقالة وتبقى بعد هلاك أحد العوضين، لأن كل واحد منهما مبيع فيه.
قال: ومن أسلم إلى رجل دراهم في كر حنطة فقال المسلم إليه: شرطت رديئا، وقال رب السلم: لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم إليه؛ لأن رب السلم متعنت في إنكاره الصحة؛ لأن المسلم فيه يربو على رأس المال في العادة
ــ
[البناية]
ش: أي هذا الذي ذكرناه. م: (بخلاف بيع المقايضة حيث تصح الإقالة وتبقى) ش: أي الإقالة م: (بعد هلاك أحد العوضين، لأن كل واحد منهما مبيع فيه) ش: أي في بيع المقايضة.
والحاصل أنه أشار بهذا الكلام إلى الفرق بين السلم حيث تصح الإقالة فيه بعد هلاك الجارية في يد المسلم إليه قبل الرد إلى رب السلم، سواء ماتت قبل الإقالة أو بعدها وبين البيع حيث لا تصح الإقالة إذا هلكت الجارية سواء كانت الإقالة قبل هلاكها أو بعد هلاكها، وقد أوضحنا هذا في السؤال والجواب اللذين ذكرناهما الآن.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير " م: (ومن أسلم إلى رجل دراهم في كر حنطة فقال المسلم إليه: شرطت رديئا) ش: أي طعاما رديئا م: (وقال رب السلم: لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم إليه) ش: بالاتفاق، وبه قال الشافعي رضي الله عنه.
وفي " الكافي ": كلام المتعنت مردود فبقي قول صاحبه بلا معارض م: (لأن رب السلم متعنت في إنكاره الصحة) ش: التعنت في اللغة من يطلب العنت، وهو الوقوع فيما لا يستطيع الإنسان الخروج عنه، والمراد بالتعنت شرعا من ينكر ما ينفعه ويريد الإضرار بغيره، وبالمخاصم من ينكر ما يضره، كذا في الفوائد الظهيرية م:(لأن المسلم فيه يربو) ش: يزيد م: (على رأس المال في العادة) ش: هذا دليل على قوله: إن رب السلم متعنت لرب المسلم فيه على رأس المال عادة، فكان الخير له في صحة العقد، فإذا أنكر صحته فقد كان متعنتا.
فإن قيل: لا نسلم أن المسلم فيه يربو، بل رأس المال خير وإن قل من المسلم فيه، وإن جل، لما أن رأس المال نقد، والمسلم فيه نسيئة، وفي المثل السائر: النقد خير من النسيئة.
قلنا: بلى كذلك، إلا أن ذلك متروك بالعرف والعادة، فإن الناس مع وفور عقولهم يقدمون في عقد السلم وما ذاك إلا لفائدة زائدة رأوها، فكان النقد بمقابلة زيادة فائدة مع كونه نسيئة، وإنما ذكروا ربا المسلم فيه لإثبات المعادلة بينه وبين رأس المال، لأن المسلم فيه وإن كان أكثر مالية عادة إلا أنه آجل، ورأس المال وإن قلت ماليته عاجل والعاجل خير من الآجل، فيخير قصور كل واحد منهما بوفور كل واحد منهما فيتعادلان.
وذكر الإمام السرخسي: أن القول قول المسلم إليه لأنه هو الذي يلتزم الطعام بعقد السلم فالقول قوله في بيان صفة ما التزم، ثم اتفاقهما على أصل العقد اتفاق على ما هو شرط جواز
وفي عكسه قالوا: يجب أن يكون القول لرب السلم عند أبي حنيفة لأنه يدعي الصحة، وإن كان صاحبه منكرا. وعندهما القول للمسلم إليه لأنه منكر وإن أنكر الصحة، وسنقرره من بعد إن شاء الله تعالى. ولو قال المسلم إليه: لم يكن له أجل، وقال رب السلم: بل كان له أجل فالقول قول رب السلم؛ لأن المسلم إليه متعنت في إنكاره حقا له وهو الأجل، والفساد لعدم الأجل غير متيقن
ــ
[البناية]
العقد، ومن شرط جوازه بيان صفة الطعام، فقول رب السلم: لم يسلم صفة الطعام يكون رجوعا عما أقر به وسعيا منه في نقض ما تم من جهته.
م: (وفي عكسه) ش: أي وفي عكس الحكم المذكور، والحكم المذكور هو قول المسلم إليه: شرطت لك رديئا، وقال رب السلم لم تشترط شيئا، وعكسه أن يقول رب السلم: شرطت لي رديئا، ويقول المسلم إليه: لم أشترط لك شيئا.
وقال الفقيه أبو الليث: لم يذكر محمد رحمه الله هذا الأصل في الكتاب، يعني في " الجامع الصغير ". وقال المصنف رحمه الله م:(قالوا) ش: أي قال المتأخرون في شروح " الجامع الصغير " مثل فخر الإسلام وغيره: م: (يجب أن يكون القول لرب السلم عند أبي حنيفة) ش: وبه قال الشافعي م: (لأنه يدعي الصحة وإن كان صاحبه منكرا) ش: لأن الظاهر شاهد له، لأن العقد الفاسد معصية، والظاهر من حال المسلم التحادي عن المعصية.
م: (وعندهما) ش: أي وعند أبي يوسف ومحمد م: (القول للمسلم إليه؛ لأنه منكر وإن أنكر الصحة) ش: كلمة إن واصلة بما قبلها، وكذلك إن التي قبلها م:(وسنقرره) ش: أي وسنقرر أصل هذا الخلاف م: (من بعد إن شاء الله تعالى) ش: قال الأترازي رحمه الله: أي في المسألة التي تلي هذه عند قوله: القول لرب السلم عندهما.
وفي عبارته تسامح لأنها تستعمل للبعد، أي لأن السين كذلك، والمطابق نقرره يعني بدون السين م:(ولو قال المسلم إليه: لم يكن له أجل) ش: أي لم يكن للسلم أجل م: (وقال رب السلم: بل كان له أجل، فالقول قول رب السلم) ش: أي بالاتفاق، وبه قال الشافعي م:(لأن المسلم إليه متعنت في إنكاره حقا له) ش: أي لرب السلم م: (وهو) ش: أي الحق هو م: (الأجل) ش: حاصله أن الكلام إذا خرج مخرج التعنت لا مخرج الخصومة بطل وكان القول لمدعي الصحة، لأن كلام المتعنت مردود، فإذا رد بقي كلام الآخر بلا معارض، فكان القول قوله.
م: (والفساد لعدم الأجل غير متيقن) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو أن يقال: ينبغي أن لا يكون المسلم إليه متعنتا في إنكاره الأجل؛ لأنه يرد رأس المال لفساد العقد بعدم الأجل، وبرد رأس المال يبقى له المسلم فيه والمسلم فيه خير من رأس المال وارتفع منه.
لمكان الاجتهاد، فلا يعتبر النفع في رد رأس المال، بخلاف عدم الوصف، وفي عكسه القول لرب السلم عندهما؛ لأنه ينكر حقا عليه فيكون القول قوله، وإن أنكر الصحة
ــ
[البناية]
وتقرير الجواب: أن فساد العقد لعدم الأجل غير متقين م: (لمكان الاجتهاد) ش: فإن السلم الحال جائز عند الشافعي رضي الله عنه وإذا لم يكن متعنتا بعدمه لم يلزم من إنكاره رد رأس المال م: (فلا يعتبر النفع في رد رأس المال) ش: يعني ولا يعتبر جهة كونه منتفعا بهذا الإنكار معارضا لجهة التعنت والتضرر به، إذ الظني لا يعارض القطعي.
م: (بخلاف عدم الوصف) ش: قال صاحب النهاية: أي لو قال المسلم إليه: شرطت رديئا، وقال رب السلم: لم تشترط شيئا، وهي المسألة الأولى، كان القول قول المسلم إليه، لأن فساد السلم بسبب ترك الوصف متقين غير مجتهد فيه، فقال رب السلم هناك متعنتا، وقال غيره: فإن الفساد فيه قطعي.
وقال الأكمل: وفيه نظر، لأن بناء المسألة على خلاف مخالف لم يوجد عند وضعها غير صحيح، فالأولى أن يقال: إن الاختلاف كان ثابتا بين الصحابة إن ثبت ذلك وليس مطابقا لما ذكره صاحب " النهاية " وغيره.
م: (وفي عكسه) ش: يعني فيما إذا ادعى المسلم إليه الأجل وأنكره رب السلم م: (القول لرب السلم عندهما؛ لأنه ينكر حقا عليه فيكون القول قوله، وإن أنكر الصحة) ش: كلمة إن واصلة بما قبله. واعلم أن الاختلاف في الأصل على ثلاثة أوجه:
أحدها: في أصل الأجل، ففيه القول قول المدعي للأجل مع يمينه، طالبا كان أو مطلوبا، وعندهما: القول قول الطالب سواء كان مدعيا للأجل أو منكرا.
والثاني: في مقدار الأجل مثل أن يدعي أحدهما أنه شهر، وقال الآخر: إنه شهران ففيه القول قول الطالب مع يمينه؛ لأنه ينكر الزيادة، وإن قامت بينته لأحدهما يقضي ببينته، وإن قامت لهما يقضي ببينة المطلوب؛ لأنه يثبت الزيادة.
والثالث: في مضي الأجل فإن قال الطالب: كان الأجل شهرا، وقد مضى، وقال المطلوب: كان شهرا ولم يمض فالقول قول المطلوب مع يمينه لأنه ينكر توجه المطالبة، فإن أقام أحدهما البينة يقضي ببينة المطلوب؛ لأنها تثبت زيادة الأجل، ثم ينبغي لك أن تعرف أن الاختلاف في قدر الأجل لا يوجب التحالف عندنا خلافا لزفر رحمه الله لأن التحالف في البيع ثبت بخلاف القياس، عند اختلاف المتبايعين في المعقود عليه أو بدله، والأجل بمعزل من ذلك.
بخلاف ما إذا اختلفا في الوصف فإنهما يتحالفان، لأن الوصف جار مجرى الأصل،
كرب المال إذا قال للمضارب: شرطت لك نصف الربح إلا عشرة، وقال المضارب: لا بل شرطت لي نصف الربح فالقول لرب المال؛ لأنه ينكر استحقاق الربح، وإن أنكر الصحة. وعند أبي حنيفة رحمه الله القول للمسلم إليه؛ لأنه يدعي الصحة، وقد اتفقا على عقد واحد فكانا متفقين على الصحة ظاهرا، بخلاف مسألة المضاربة؛ لأنه ليس بلازم
ــ
[البناية]
لأن الدين يعرف به ويختلف أصله باختلافه ما إذا اختلفا، وليس كذلك الأجل.
>
م: (كرب المال إذا قال للمضارب) ش: نظير المسألة المذكورة بمسألة رب المال إذا قال للمضارب: م: شرطت لك نصف الربح إلا عشرة) ش: قال الكاكي: وفي بعض النسخ شرطت لك نصف الربح وزياة عشرة، وهذه النسخة ليست بصحيحة؛ لأنه على ذلك التقدير القول للمضارب بالإجماع، والصحيح النسخة الأولى؛ لأنه على ذلك التقدير كان القول لرب المال م:(وقال المضارب) ش: أي وقال المضارب ليس الأمر كما ذكرت م: (لا بل شرطت لي نصف الربح فالقول لرب المال؛ لأنه ينكر استحقاق الربح وإن أنكر الصحة) ش: أي صحة العقد.
م: (وعند أبي حنيفة رحمه الله القول للمسلم إليه لأنه يدعي الصحة، وقد اتفقا على عقد واحد) ش: لأن السلم عقد واحد إذ السلم الحال فاسد، وليس بعقد آخر م:(فكانا متفقين على الصحة ظاهرا) ش: أي بحسب الظاهر لوجهين:
أحدهما: أن الظاهر من حالهما مباشرة العقد بوصف الصحة.
والثاني: أن الإقدام على العقد التزام لشرائطه، والأجل من شرائط السلم فكان اتفاقهما على العقد إقرار بالصحة، فالمنكر بعده ساع في نقض ما تم به، وإنكاره إنكار بعد الإقرار وهو مردود وبقول أبي حنيفة رحمه الله قال الشافعي.
م: (بخلاف مسألة المضاربة) ش: جواب عن قياسهما المسألة المذكورة على مسألة المضاربة فإنه قياس غير صحيح، وقال الأكمل: فإنهما إذا اختلفا فيها، أي في المضاربة تنوع محل الاختلاف، فإنها إذا فسدت صار إجارة، وإذا صحت كانت شركة، فإذا اختلفا فالمدعي للصحة مدع لعقد، والمدعي للفساد مدع لعقد آخر خلافه، ووحدة العقد عند الاختلاف في الجواز والفساد يستلزم اعتبار الاختلاف الموجب للتناقض المردود لوحدة المحل، وعدم وحدته يستلزم عدم اعتبار الاختلاف لاختلاف المحل.
وأما المضاربة فهي ليست بعقد واحد عند الاختلاف، فكان المحل مختلفا فلا تناقض في ذلك، فلم يكن الاختلاف معتبرا، فكان المضارب يدعي استحقاق شيء في مال رب المال وهو ينكر، فالقول قول المنكر.
م: (لأنه) ش: أي لأن عقد المضاربة م: (ليس بلازم) ش: ولهذا يتمكن رب المال من عزله قبل