الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب خيار العيب
وإذا
اطلع المشتري على عيب في المبيع
فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده؛ لأن مطلق العقد يقتضي وصف السلامة، فعند فواته يتخير كيلا يتضرر بلزوم ما لا يرضى به، وليس له أن يمسكه ويأخذ النقصان؛ لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن في مجرد العقد
ــ
[البناية]
[باب خيار العيب]
[اطلع المشتري على عيب في المبيع]
م: (باب خيار العيب) ش: أي هذا باب في بيان أحكام خيار العيب وإضافة الخيار إلى العيب من قبيل إضافة الشيء إلى سببه، وقال الجوهري رحمه الله: العيب والعيبة والعاب في معنى واحد نقول عاب المباع أي صار ذا عيب وعبته أنا يتعدى ولا يتعدى فهو معيب ومعيوب أيضا على الأصل ويقول: ما به معابة ومعاب أي عيب، وفي " المبسوط ": العيب ما تخلو عنه أصل الفطرة السليمة.
م: (وإذا اطلع المشتري على عيب في المبيع فهو بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده؛ لأن مطلق العقد يقتضي وصف السلامة) ش: أي سلامة المعقود عليه م: (فعند فواته) ش: أي فوات وصف السلامة م: (يتخير) ش: أي المشتري م: (كيلا يتضرر بلزوم مالا يرضى به) ش: والضرر مدفوع شرعا.
م: (وليس له) ش: أي للمشتري م: (أن يمسكه) ش: أي المبيع الذي اطلع فيه على عيب م: (ويأخذ النقصان) ش: أي نقصان العيب، وبه قال الشافعي رضي الله عنه، وقال أحمد رحمه الله: له أحد الأمرين؛ لأنه حقه، ونقصان العيب إما الثمن أو الإرث، وليس له ذلك؛ لأن العائب وصف؛ لأن العيب إما أن يكون بما يوجب فوات جزء من المبيع أو تغيره من حيث الظاهر كالعمى والعور والشلل والزمانة والسن الساقطة.
وإما أن يكون بما يوجب النقصان معنى لا صورة كالسعال القديم وارتفاع الحيض في زمانه، والزنا والدفر، والبخر في الجارية، وفي ذلك كله فوات وصف فلا يصح أن يأخذ النقصان.
م: (لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن) ش: لأن الثمن إما أن يقابل بالوصف، والأصل أو بالأول دون الثاني أو بالعكس لا سبيل إلى الأول، والثاني كيلا يؤدي إلى مزاحمة التبع الأصل فتعين الثالث، وإنما قال: م: (في مجرد العقد) ش: احتراز عما إذا كانت الأوصاف مقصودة بالتناول كما إذا ضربت الدابة فاعورت، أو صارت معيبا، أو قطع البائع يد المبيع قبل القبض فإنه يسقط نصف الثمن؛ لأنه صار مقصودا بالتناول، أو حكما بأن يمتنع الرد بحق البائع بالعيب أو بحق الشرع بالجناية فإن لها قسطا من الثمن حينئذ.
ولأنه لم يرض بزواله عن ملكه بأقل من المسمى فيتضرر به، ودفع الضرر عن المشتري ممكن بالرد بدون تضرره، والمراد به عيب كان عند البائع، ولم يره المشتري عند البيع ولا عند القبض؛ لأن ذلك رضا به.
ــ
[البناية]
وعن هذا قلنا: إن من اشترى شاة أو بقرة فحلبها وشرب لبنها، ثم علم بعيبها لا يردها بالعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب عندنا، وقال الشافعي رضي الله عنه: يردها بالعيب بجميع الثمن، ولكن ذكر في كتبهم أن الشافعي رضي الله عنه قال في القديم: يثبت له الرد، وقال في الجديد: لا يثبت له الرد.
م: (ولأنه) ش: دليل آخر على عدم جواز إمساكه يأخذ النقصان، أي ولأن البائع م:(لم يرض بزواله عن ملكه بأقل من المسمى) ش: في العقد م: (فيتضرر به) ش: بزوال ملكه بأقل من المسمى م: (ودفع الضرر) ش: جواب عما يقال: إن المشتري أيضا يتضرر حيث يأخذ المبيع المعيب، فأجاب بقوله: ودفع الضرر م: (عن المشتري ممكن بالرد) ش: أي برد المبيع م: (بدون تضرره) ش: أي تضرر البائع، فإن قيل: البائع إذا باع معيبا فإذا هو سليم البائع يتضرر، لما أن الظاهر أنه نقص الثمن على ظن أنه معيب، ولا خيار له، وعلى هذا فالواجب إما شمول الخيار لهما، أو عدمه لهما. أجيب: بأن المبيع كان في يد البائع وتصرفه وممارسته طول زمانه، تراجع فأنزل عالما بصفة ملكه، فلا يكون له الخيار وإن ظهر بخلافه.
وأما المشتري فإنه ما رأى المبيع فلو ألزمنا العقد مع العيب تضرر من غير علم حصل له فيثبت له الخيار م: (والمراد به عيب كان عند البائع) ش: هذا كلام المصنف رحمه الله يوضح به قول القدوري رحمه الله وإذا اطلع المشتري على عيب
…
إلى آخر هذا من كلام القدوري رحمه الله فقال المصنف رحمه الله: والمراد به أي بالعيب الذي ذكره القدوري رحمه الله عيب كان عند البائع.
م: (ولم يره المشتري عند البيع ولا عند القبض؛ لأن ذلك) ش: أي رؤية العيب عند إحدى الحالتين م: (رضا به) ش: أي بالعيب دلالة، والأصل في هذا الباب ما قاله البخاري رحمه الله ويذكر «عن العداء بن خالد رضي الله عنه قال: كتب لي النبي صلى الله عليه وسلم: هذا ما اشترى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من العداء بن خالد رضي الله عنه بيع المسلم المسلم لا داء ولا خبثة ولا غائلة» . ثم قال في الصحيح: قال قتادة رضي الله عنه: الغائلة الزنا والسرقة والإباق، والمشتري هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ترى.
روى ابن شاهين في معجمه عن أبيه قال: حدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي قال: حدثنا عباد بن ليث قال: حدثنا عبد الحميد بن وهب أبو وهب قال: «قال لي العداء بن خالد بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
هوذة رضي الله عنه: ألا أقرئك كتابا كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا أو أمة؛ لأداء ولا غائلة ولا خبثة بيع المسلم المسلم.» والمشتري: هو العداء كما ترى، وأثبت في الفائق كما في المعجم. وفي " المغرب ": الصحيح أن المشتري كان العداء والبائع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال تاج الشريعة رحمه الله: المشتري رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره في شروط الخصاف، وشروط الطحاوي رحمه الله وتابعهما في ذلك الحاكم السمرقندي رحمه الله.
قلت: رواية ابن شاهين رحمه الله تدل على أن المشتري هو العداء.
وكذلك رواه الترمذي رحمه الله بلفظ: «هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة رضي الله عنه من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى منه»
…
الحديث.
وكذلك رواه النسائي وابن ماجه رحمهم الله وكلهم اتفقوا على أن البائع هو النبي صلى الله عليه وسلم، والمشتري العداء رضي الله عنه، ووقع عند البخاري بالعكس، فقيل: إن الذي وقع عنده مقلوب وقيل: هو صواب وهو من الرواية بالمعنى؛ لأن اشترى وباع بمعنى واحد، ولزم من ذلك تقديم اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم على اسم العداء: وشرحه ابن المعرافي على ما وقع في الترمذي رحمه الله فقال فيه: البداءة باسم المفضول في الشروط إذا كان هو المشتري، والعداء بفتح العين وتشديد الدال المهملتين ممدود، وكان إسلامه بعد الفتح وبعد حنين، وبقي إلى زمن يزيد بن المهلب وكان يسكن البادية، وقد استقصينا الكلام فيه في شرحنا للبخاري، وقال الخطابي: الداء ما يكون بالرقيق من الأدواء التي يرد بها، كالجنون والجذام والبرص ونحوها من الآفات، والخبثة ما كان خبيث الأصل، مثل أن يسبى من له عهد، ومعنى " الغائلة ": ما يغتال حقك من حيلة، وما يدلس عليك في المبيع من عيب، وقال الزمخشري رحمه الله في الفائق: الغائلة الخصلة التي تغول المال، أي تهلكه من إباق أو غيره
…
انتهى.
وتفسير " الداء " فيما رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله: المرض في الجوف والكبد والرئة، فإن المرض ما يكون في سائر البدن، والداء ما يكون في الجوف من الكبد والرئة، وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: الداء المرض، والغائلة ما يكون من قبل الأفعال كالإباق والسرقة، والخبثة: هي الاستحقاق، وقيل: هي الجنون، كذا في " المبسوط "، والخبثة بكسر الخاء المعجمة، وسكون الباء الموحدة، وفتح الثاء المثلثة.
وقال ابن التين رحمه الله أحد شراح البخاري: ضبطناه في أكثر الكتب بضم الخاء وكذلك سمعناه، وضبط في بعضها بالكسر، وقال الخطابي: خبثة على وزن خبزة، قيل: أراد بها