الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن
شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه
لزمه إحضاره إذا طالبه في ذلك الوقت وفاء بما التزمه. فإن أحضره وإلا حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء حق مستحق عليه، ولكن لا يحبسه أول مرة فلعله ما درى لماذا يدعى. ولو غاب المكفول بنفسه أمهله الحاكم مدة ذهابه ومجيئه، فإن مضت ولم يحضره يحبسه لتحقق امتناعه عن إيفاء الحق.
ــ
[البناية]
[شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه]
م: (فإن شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه لزمه إحضاره إذا طالبه به في ذلك الوقت وفاء بما التزمه) ش: أي لأجل وفاء ما التزمه في الوقت المعين، والأصل فيه أن الكفالة بالنفس نوع ضمان، فيصح التأجيل فيها كالكفالة بالمال، فإذا حل الأجل يجب الإحضار م:(فإن أحضره) ش: فلا كلام فيه م: (وإلا) ش: أي وإن لم يحضره بأن امتنع عن إحضاره م: (حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء حق مستحق عليه) ش: لأنه يصير ظالما والحبس جزاؤه.
م: (ولكن لا يحبسه أول مرة) ش: لأن الحبس عقوبة على الظالم ولا يظهر في أول الوهلة م: (فلعله ما درى لماذا يدعى) ش: على صيغة المجهول.
م: (ولو غاب المكفول بنفسه) ش: أي المدعى عليه م: (أمهله الحاكم مدة ذهابه ومجيئه) ش: هذا إذا علم مكان المكفول به، أما إذا لم يعلم سقطت المطالبة عن الكفيل للحال لعجزه.
وفي " الذخيرة ": ولو كان الكفيل يعرف مكانه أمهله قدر ذهابه ومجيئه، فإن لم يعلم سقطت المطالبة. ولو وقع الاختلاف فقال الطالب: تعرف مكانه.
وقال الكفيل: لا أعرف، فإن كان له خرجة معروفة تخرج إلى موضع معلوم للتجارة في كل وقت فالقول للطالب ويؤمر الكفيل بالذهاب إليه، لأن الظاهر شاهد له.
وإن لم يكن ذلك معروفا منه فالقول للكفيل، لأنه متمسك بالأصل وهو الجهل ومنكر لزوم المطالبة فإن أقام الطالب البينة أنه في موضع كذا يؤمر الكفيل بالذهاب إليه.
وقال الكاكي: وفي بعض النسخ: وكذا إذا ارتد ولحق بدار الحرب، وهذه المسألة ليست في بعض النسخ إلى قوله: وإذا أحضره وسلمه، ثم معنى قوله: وكذا إذا ارتد ولحق بدار الحرب يعني يمهله الحاكم مدة ذهابه إلى دار الحرب ومجيئه، وينبغي أن يبرأ الكفيل كما في الموت، لأن إلحاق المرتد موت حكمي.
والفرق أن اللحاق موت حكمي في قسمة ماله بين ورثته دون الحقوق الثابتة في ذمته. م: (فإن مضت) ش: المدة م: (ولم يحضره يحبسه لتحقق امتناعه عن إيفاء الحق) ش: مع إمكانه وبيان مطله.
قال: وإذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه، مثل أن يكون في مصر برئ الكفيل من الكفالة؛ لأنه أتى بما التزمه وحصل المقصود به، وهذا لأنه ما التزم التسليم إلا مرة. وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ لحصول المقصود.
وقيل في زماننا: لا يبرأ؛ لأن الظاهر المعاونة على الامتناع لا على الإحضار، فكان التقييد مفيدا. وإن سلمه في برية لم يبرأ؛ لأنه لا يقدر على المخاصمة فيها فلم يحصل المقصود، وكذا إذا سلمه في السواد لعدم قاض يفصل الحكم فيه. ولو سلم في مصر آخر غير المصر الذي كفل فيه برئ عند أبي حنيفة للقدرة على المخاصمة فيه، وعندهما لا يبرأ لأنه قد يكون شهوده فيما عينه
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وكذا إذا أحضره وسلمه في مكان يقدر المكفول له أن يخاصمه فيه مثل أن يكون في مصر برئ الكفيل من الكفالة؛ لأنه أتى بما التزمه وحصل المقصود به، وهذا) ش: يعني ما ذكرنا من إتيانه بما التزمه. م: (لأنه ما التزم التسليم إلا مرة) ش: فحصل التسليم.
م: (وإذا كفل على أن يسلمه في مجلس القاضي فسلمه في السوق برئ لحصول المقصود) ش: وهو القدرة على المحاكمة م: (وقيل في زماننا لا يبرأ؛ لأن الظاهر المعاونة على الامتناع لا على الإحضار، فكان التقييد مفيدا) ش: وقال الأئمة الثلاثة: إذا عين مكانا وفي تسليمه في غيره ضرر يتعين ذلك المكان.
وفي " الشامل " شرط على الكفيل أن يسلمه في المسجد الأعظم فسلمه في السوق برئ، لأن المصر كبقعة واحدة، ثم قال فيه: عن أبي يوسف أنه لا يبرأ، لأن الناس لا يعينونه للإحضار، ثم قال: ويجب أن يكون الفتوى على هذا اليوم.
م: (وإن سلمه في برية لم يبرأ لأنه لا يقدر على المخاصمة فيها فلم يحصل المقصود، وكذا إذا سلمه في السواد لعدم قاض يفصل الحكم فيه) ش: قال الجوهري: سواد الكوفة، والبصرة قرى، والمفهوم من كلام المصنف أن السواد هي القرى التي ليس فيها قضاة، وأما إذا كان فيها قضاة ينبغي أن يبرأ لقدرته على المخاصمة.
م: (ولو سلم في مصر آخر غير المصر الذي كفل فيه برئ -عند أبي حنيفة - للقدرة على المخاصمة فيه) ش: لأن المحاكمة تحقق عنه كل قاض، فصار التسليم في البلدين سواء م:(وعندهما لا يبرأ) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لأنه قد يكون شهوده فيما عينه) ش: فيتعسر عليه إقامة البينة في بلد آخر.
فقيل: هذا اختلاف عصر وزمان، لا اختلاف حجة وبرهان. فأبو حنيفة رحمه الله في القرن الثالث والغلبة لأهل الصلاح والقضاة لا يرغبون في الميل إلى الرشوة وتغير الحال في
ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ لأنه يقدر على المخاصمة فيه. قال: وإذا مات المكفول به برئ الكفيل بالنفس من الكفالة؛ لأنه عجز عن إحضاره، ولأنه سقط الحضور عن الأصيل فيسقط الإحضار عن الكفيل، وكذا إذا مات الكفيل لأنه لم يبق قادرا على تسليم المكفول بنفسه، وماله لا يصلح لإيفاء هذا الواجب بخلاف الكفيل بالمال.
ــ
[البناية]
زمانهما فظهر الفساد والميل إلى الرشوة وعامل كل مصر لا ينقاد لأمر الخليفة فيفيد التقييد.
م: (ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب) ش: أي والحال أن القاضي قد حبسه لأجل غير الطب م: (لا يبرأ لأنه لا يقدر على المخاصمة فيه) ش: وعند مالك يبرأ، وعند أحمد: إن كان في سجن القاضي الذي يرجع الحكم إليه يبرأ وإلا فلا.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا مات المكفول به) ش: وهو المدعى عليه م: (برئ الكفيل بالنفس من الكفالة) ش: وبه قال الشافعي في وجه وأحمد. وقال في أصح الوجهين: يطالب بإحضار الميت ما لم يدفن إذا أراد المكفول إقامة الشهادة على مورثه كما لو تكفل ابتداء ببدن الميت، وعلل المصنف ما ذهب إليه أصحابنا بوجهين: الأول: هو قوله م: (لأنه عجز عن إحضاره) ش: أي إحضار المكفول به وهو المدعى عليه. والثاني: هو قوله م: (ولأنه سقط الحضور عن الأصيل فيسقط الإحضار عن الكفيل) ش: لأن الكفيل الأصيل من الحق المضمون يوجب براءة الكفيل.
م: (وكذا) ش: أي وكذا تسقط الكفالة م: (إذا مات الكفيل لأنه لم يبق قادرا على تسليم المكفول) ش: إلا بإحضار النفس وقد سقط الحضور عن الأصيل، فكذا عن الكفيل، لأن براءة المكفول. م:(بنفسه وماله) ش: أي ومال الكفيل م: (لا يصلح لإيفاء هذا الواجب) ش: وهو الإحضار وتسليم المكفول به.
حاصله: أنه لا يؤدي ما على المكفول به من تركه الكفيل، لأنه ما التزم بأداء المال، وإنما التزم بتسليم النفس، والمال لا يصلح وفاء لهذا الواجب، وبه قال أحمد والشعبي وشريح وحماد بن أبي سليمان والشافعي في أصح الوجهين وقال مالك والليث: يلزمه ما عليه، وبه قال ابن شريح من أصحاب الشافعي.
م: (بخلاف الكفيل بالمال) ش: إذا مات حيث يُؤدى المال من تركه، إذ المقصود هنا إيفاء حق المكفول له في الحال والمآل، والكفيل صالح له فلا تبطل الكفالة فتؤخذ من تركته ويرجع ورثته على المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره كما في حال الحياة.
ولو كان الدين مؤجلا ومات الكفيل قبل الأجل يؤخذ من تركته حالا، ولكن ورثته ترجع على الذي عليه الأصل بعد حلول الأجل، لأنه باق في حق الأصيل لبقاء حاجته، أما الكفيل
ولو مات المكفول له فللوصي أن يطالب الكفيل، وإن لم يكن فلوارثه لقيامه مقام الميت. قال: ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء، لأنه موجب التصرف فيثبت بدون التنصيص عليه. ولا يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين. ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح لأنه مطالب بالخصومة فكان له ولاية الدفع.
ــ
[البناية]
فقد استغنى عن الأجل بالموت. كذا في " المبسوط "، وبقولنا قال الشافعي وأحمد. وعن زفر: أن للورثة مطالبته حالا لأنه أدخله في ذلك مع علمه أنه يحل بموته.
قلنا: إنه دين مؤجل فلا يجوز قبل الأجل.
م: (ولو مات المكفول له فللوصي أن يطالب الكفيل) ش: لقيامه مقام المكفول له م: (وإن لم يكن) ش: أي للوصي م: (فلوارثه) ش: المطالبة م: (لقيامه) ش: أي لقيام الوارث م: (مقام الميت) ش: ويجوز أن يكون الضمير في لقيامه راجعا إلى كل واحد من الوصي والوارث لأن كلا منهما يقوم مقام الميت.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن كفل بنفس آخر) ش: بالإضافة م: (ولم يقل) ش: أي والحال أنه لم يقل م: (إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء لأنه) ش: أي لأن دفع المكفول به إلى الطالب، كذا قاله الكاكي.
وقال الأكمل: لأنه يعني البراءة وذكره لتذكير الخير وهو الموجب م: (موجب التصرف فيثبت) ش: أي الموجب م: (بدون التنصيص عليه) ش: كثبوت الملك بالشراء وإن لم يصرح به وكحل الاستمتاع يثبت بمجرد النكاح الصحيح فإنه موجبه.
وكذا في سائر الموجبات م: (ولا يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين) ش: إذا سلمه الغاصب إذا رد المغصوب على المالك، والبائع إذا سلم المبيع إلى المشتري، وبه قال مالك وأحمد.
وقال الشافعي رحمه الله: لزمه القبول. ولو امتنع من القبول، قال بعض أصحابه: يرفع الأمر إلى القاضي ويسلمه حتى يبرأ، فإن لم يجدها أو امتنع أحضر شاهدين ليشهدوا على امتناعه، وبه قال بعض أصحاب أحمد، رحمه الله.
م: (ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح) ش: هذه من مسائل " المبسوط " ذكرها تفريعا على ما تقدم م: (لأنه) ش: أي لأن المكفول به م: (مطالب بالخصومة) ش: أي بخصومة المدعي أو مرض من الكفيل، قال شيخنا م:(فكان له ولاية الدفع) ش: أي دفع الخصومة. وفي بعض النسخ: لأنه يطالب بالخصومة. وقال الأترازي: مطالب صح بفتح اللام سماعا، قلت: وكذا قال شيخنا
وكذا إذا سلمه إليه وكيل الكفيل أو رسوله لقيامهما مقامه. قال: فإن تكفل بنفسه على أنه إن لم يواف به إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه، وهو ألف فلم يحضره إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال؛ لأن الكفالة بالمال معلقة بشرط عدم الموافاة، وهذا التعليق صحيح. فإذا وجد الشرط لزمه المال، ولا يبرأ عن الكفالة بالنفس، لأن وجوب المال عليه بالكفالة لا ينافي الكفالة بنفسه، إذ كل واحد منهما للتوثيق. وقال الشافعي: لا تصح هذه الكفالة؛ لأنه
ــ
[البناية]
العلاء بفتح اللام م: (وكذا) ش: أي وكذا صح م: (إذا سلمه إليه) ش: إذا سلم الكفيل إلى المكفول له م: (وكيل الكفيل أو رسوله) ش: أي أو أسلمه إليه رسول الكفيل م: (لقيامهما) ش: أي لقيام وكيل الكفيل ورسوله م: (مقامه) ش: أي مقام الكفيل.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن تكفل بنفسه على أنه لم يواف به) ش: أي إن لم يأت به وهو من الموافاة، وهو مفاعلة من الوفاء م:(إلى وقت كذا فهو ضامن لما عليه وهو ألف) ش: وقال الكاكي: والتقييد بما عليه مقيد؛ لأنه إذا لم يقل لما عليه لا يلزمه شيء عند عدم الموافاة خلافا لأبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمد رحمه الله لا تصح الكفالة، وسيجيء بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الكاكي أيضا: والتقييد بقوله: وهو ألف غير مفيد، لأنه إذا قال: ما عليه ولم يسم كم هو جاز، لأن جهالة المكفول به لا تمنع صحتها لأنها مبنية على التوسع كضمان الدرك وضمان الشجة، فإنه يصح مع أنه مجهول لا يعلم أنها تسري إلى النفس أم لا. م:(فلم يحضره) ش: أي الألف م: (إلى ذلك الوقت لزمه ضمان المال؛ لأن الكفالة بالمال معلقة بشرط عدم الموافاة، وهذا التعليق صحيح) ش: لأنه متعارف بين الناس وإن كان القياس يأباه، كما لو اشترى نعلا على أن يحذوه البائع.
م: (فإذا وجد الشرط لزم المال، ولا يبرأ عن الكفالة بالنفس، لأن وجوب المال عليه بالكفالة لا ينافي الكفالة بنفسه، إذ كل واحد منهما) ش: أي لأن كل واحد من الكفالتين شرع م: (للتوثيق) ش: فيجوز أن يدعي عليه دينا آخر.
م: (وقال الشافعي: لا تصح) ش: ذكر في " المبسوط " موضع الشافعي رحمه الله وقال ابن أبي ليلى م: (هذه الكفالة) ش: إنما قيد بقوله: هذه الكفالة للاحتراز عن سائر الكفالات بالمال بدون النفس بالشرط لا للاحتراز عن الكفالة بالمال، فإن عنده كلتيهما باطلتين، كذا ذكره قاضي خان والمرغيناني.
وقال الكاكي على قوله المنصوص بصحة الكفالة بالنص: وتبطل الكفالة بالمال فقط، ويفهم ذلك من كتبهم، وتعليل الكتاب أيضا يدل عليه م:(لأنه) ش: أي لأن هذا التعليق. وفي
تعليق سبب وجوب المال بالخطر فأشبه البيع. ولنا: أنه يشبه البيع ويشبه النذر من حيث إنه التزام، فقلنا: لا يصح تعليقه بمطلق الشرط كهبوب الريح ونحوه، ويصح بشرط متعارف عملا بالشبهين والتعليق بعدم الموافاة متعارف. ومن كفل بنفس رجل، وقال: إن لم يواف به غدا فعليه المال، فإن مات المكفول عنه ضمن المال لتحقق الشرط، وهو عدم الموافاة
ــ
[البناية]
بعض النسخ هذه الكفالة؛ لأنها م: (تعليق سبب وجوب المال بالخطر) ش: أراد بالسبب الكفالة بالمال؛ لأنها سبب وجوب المال، فيكون تعليقها بالشرط تعليق سبب وجوب المال فلا يصح، لأن المال لا يحتمل التعليق بالخطر لإفضائه إلى معنى القمار م:(فأشبه البيع) ش: أي تعليق البيع بالمال وصار كما إذا قال: إن دخلت الدار فأنا كفيل بمالك على فلان.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن عقد الكفالة م: (يشبه البيع) ش: أي انتهاء من حيث إن الكفيل يرجع على الأصيل إذا كان يأمره م: (ويشبه النذر من حيث إنه التزام) ش: يعني التزام شيء غير لازم، فعملنا بالشبهين. م:(فقلنا: لا يصح تعليقه بمطلق الشرط) ش: عملا بشبه البيع. م: (كهبوب الريح ونحوه) ش: أراد به دخول الدار ومجيء المطر م: (ويصح بشرط متعارف) ش: عملا بشبه النذر م: (عملا بالشبهين، والتعليق بعدم الموافاة متعارف) ش: وبدخول الدار غير متعارف.
م: (ومن كفل بنفس رجل، وقال: إن لم يواف به غدا فعليه المال، فإن مات المكفول عنه ضمن المال لتحقق الشرط وهو عدم الموافاة) ش: لأنه علق الكفالة بالمال بشرط عدم الموافاة بالمكفول به، وقد تحقق الشرط فيوجب المال.
فإن قيل: هذه المسألة عين الأولى غير أن في الأولى لم يذكر موت المكفول به وهاهنا ذكره وبه لا يقع الفرق، إذ لزوم المال بموته وعدم موته لا يتفاوت.
قلنا: بل بينهما فرق، وهو أنه لم يذكر في بعض النسخ " الجامع " لفظ الغد في هذه المسألة، فكان تعليق الكفالة بالمال بعدم الموافاة مطلقًا وهنا مقيدا، فكان بينهما فرق، إذا المطلق غير المقيد.
وقال الأترازي: والفرق بين هذه المسألة ومسألة القدوري التي تقدمت أن في هذه لم يذكر لفظ الغد في أكثر نسخ الجامع الصغير، ولهذا لم يذكره فخر الإسلام والصدر الشهيد وقاضي خان، وإنما ذكر بعضهم فكانت مسألة القدوري مقيدة بوقت وهذه مطلقة عنه فحصل الفرق.
والوجه الثاني من الفرق: أن المكفول به هنا مات قبل الغد وفي مسألة القدوري هو حي، ولكن الكفيل لم يواف به في ذلك الوقت فذكر مسألة " الجامع الصغير " إزاحة لوهم بعض الناس أنه ربما يكون فرق بين عدم الموافاة وهو حي وعدم الموافاة وهو ميت، فقال: لا فرق بينهما، بل يجب المال إذا وجد الشرط وهو عدم الموافاة في الوقت.
قال: ومن ادعى على آخر مائة دينار، بينها أو لم يبينها، حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه المائة، فإن لم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، وقال محمد: إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثم ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه؛ لأنه علق مالا مطلقا بحظر، ألا يرى أنه لم ينسبه إلى ما عليه، ولا تصح الكفالة على هذا الوجه وإن بينها ولأنه لم تصح الدعوى من غير بيان فلا يجب إحضار النفس، وإذا لم يجب لا تصح الكفالة بالنفس فلا تصح بالمال؛ لأنه بناء عليه، بخلاف ما إذا بين. ولهما أن المال ذكر معرفا فينصرف إلى ما عليه، والعادة جرت بالإجمال في الدعاوي
ــ
[البناية]
م: (قال: ومن ادعى على آخر مائة دينار بينها) ش: أي بين صفة مائة دينار أنها جيدة أو رديئة أو خليقة أو ركينة. م: (أو لم يبينها حتى تكفل بنفسه رجل على أنه إن لم يواف به غدا فعليه المائة، فإن لم يواف به غدا فعليه المائة عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: وبه قال أحمد م: (وقال محمد: إن لم يبينها حتى تكفل به رجل ثم ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه) ش: أي إلى دعوى الطالب، وبه قال الشافعي م:(لأنه) ش: أي لأن الكفيل م: (علق مالا مطلقا) ش: أراد بإطلاقه عدم نسبة المائة إلى المال المدعى به حيث لم يقل: تكفلت بمالك عليه م: (بحظر) ش: أي بتردد وهو شرط عدم الموافاة م: (ألا يرى) ش: توضيح لما قبله م: (أنه لم ينسبه إلى ما عليه) ش: حيث لم يقل التي لك على فلان.
م: (ولا تصح الكفالة على هذا الوجه وإن بينها) ش: أي لا تصح الكفالة على وجه تعليق المال مطلقا بحظر، وإن بين صفة المائة من الجودة والرداءة والوسط، وذلك لاحتمال أن يلتزم المائة على وجه الرشوة للمدعي حتى يترك المدعى عليه في الحال، هكذا ذكر الماتريدي.
م: (ولأنه لم تصح الدعوى) ش: هذا وجه آخر منسوب إلى الشيخ الإمام أبي الحسن الكرخي م: (من غير بيان فلا يجب إحضار النفس) ش: إلى مجلس القاضي لفساد الدعوى بجهالة المدعى به م: (وإذا لم يجب لا تصح الكفالة بالنفس فلا تصح بالمال لأنه بناء عليه) ش: أي لأن عقد الكفالة بالمال بناء على عقد الكفالة بالنفس، وهذا يوجب أن تصح الكفالة بالنفس إذا بين المال، وهو معنى قوله م:(بخلاف ما إذا بين) ش: أي المال، حيث تصح الكفالة بالنفس.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- م: (أن المال ذكر معرفا فينصرف إلى ما عليه) ش: يعني أن المال في قول الكفيل ذكر معرفا، حيث قال: إن لم يواف به غدا فعليه المال فينصرف إلى ما على الأصيل لأنه هو المعهود م: (والعادة جرت بالإجمال في الدعاوي) ش: أي العادة جرت بين الناس أنهم يحملون الدعوى أولا في غير مجلس القاضي، وبينوه عند القاضي دفعا لحيل الخصوم وصرفا لكلامهم إلى وقت الحاجة.