الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب كفالة العبد وعنه
ومن
ضمن عن عبد مالا
لا يجب عليه حتى يعتق ولم يسم حالا ولا غيره فهو حال؛ لأن المال حال عليه لوجود السبب وقبول الذمة، إلا أنه لا يطالب به لعسرته، إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض بتعلقه به، والكفيل غير معسر، فصار كما إذا كفل عن غائب أو مفلس، بخلاف الدين المؤجل لأنه متأخر بمؤخر، ثم إذا أدى رجع على العبد بعد العتق؛ لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق، فكذا الكفيل لقيامه مقامه. قال: ومن ادعى على عبد مالا وكفل له رجل
ــ
[البناية]
[باب كفالة العبد وعنه]
[ضمن عن عبد مالا]
م: (باب كفالة العبد وعنه) ش: أي هذا باب في بيان كفالة العبد عن الآخر وكفالة الآخر عن العبد، وأخر هذا الباب لأن الحر مقدم على العبد لشرفه.
م: (ومن ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق) ش: لا يجب عليه صفة لقوله: مالا لا يجب، جواب المسألة، إذ هي جملة فعلية وقعت صفة للنكرة، وجواب المسألة هو قوله فهو حال، صورة المسألة في " الجامع الصغير ": محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في العبد الذي يستهلك المال الذي لا يجب عليه حتى يعتق فضمنه رجل ولم يسم حالا ولا غير حال، وهو معنى قوله: م: (ولم يسم حالا ولا غيره فهو حال) ش: أي الضمان على الكفيل حال م: (لأن المال حال عليه) ش: أي على العبد م: (لوجود السبب وقبول الذمة، إلا أنه) ش: أي أن العبد م: (لا يطالب به لعسرته، إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض) ش: أي المولي م: (بتعلقه به) ش: أي بتعلق الدين بالعبد.
م: (والكفيل غير معسر فضار كما إذا كفل عن غائب) ش: فإن الكفيل يؤخذ به في الحال إن عجز الطالب عن مطالبة الأصيل م: (أو مفلس) ش: بتشديد اللام المفتوحة، أي فصار أيضا كما إذا كفل عن مفلس فإنه يؤاخذ به في الحال.
م: (بخلاف الدين المؤجل) ش: حيث يؤخذ الكفيل به بعد الأجل م: (لأنه) ش: أي لأن الدين م: (متأخر بمؤخر) ش: بكسر الخاء المشددة، أراد أن الدين المؤجل إذا كفل بواحد لا يطالب قبل حلول الأجل، لأن الدين ثمة أخر بمؤخر وقد التزم الكفيل ذلك فلزمه كذلك مؤجلا م:(ثم إذا أدى) ش: أي الكفيل عن العبد المكفول م: (رجع على العبد بعد العتق؛ لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق فكذا الكفيل) ش: لا يرجع عليه إلا بعد العتق م: (لقيامه مقامه) ش: أي لقيام الكفيل مقام الطالب في المطالبة.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن ادعى على عبد مالا وكفل له رجل
بنفسه فمات العبد برئ الكفيل لبراءة الأصيل، كما إذا كان المكفول بنفسه حرا. قال: فإن ادعى رقبة العبد فكفل به رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته؛ لأن على المولى ردها على وجه تخلفها قيمتها، وقد التزم الكفيل ذلك، وبعد الموت تبقي القيمة واجبة على الأصيل، فكذا على الكفيل بخلاف الأولى. قال: وإذا كفل العبد عن مولاه بأمره فعتق فأداه، لو كان المولى كفيلا عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه. وقال
ــ
[البناية]
بنفسه فمات العبد برئ الكفيل لبراءة الأصيل) ش: لأنه كفل عن العبد بتسليم نفسه فسقط التسليم عن الأصيل بموته فيسقط عن الكفيل أيضا، لأن براءة الأصيل توجب براءة الكفيل م:(كما إذا كان المكفول بنفسه حرا) ش: حيث يبرأ الكفيل ببراءة الأصيل هنا أيضا، والحاصل أن الكفالة بالنفس لا تتفاوت بين ما إذا كان المكفول بنفسه حرا أو عبد. وقال الكاكي: وهذا الحكم لا يختلف إلا أنه ذكر العبد هاهنا ليبني المسألة الثانية عليها ويفرق بينهما م: (قال: فإن ادعى رقبة العبد فكفل به) ش: أي بالعبد م: (رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته) ش: قبل إثبات ذلك بالبينة لأنه لو ثبت ملك المدعي بإقرار ذي اليد أو بنكوله عند التحليف وقد مات العبد في يد ذي اليد، قضى بقيمة العبد على المدعى عليه ولا يلزم على الكفيل شيء، لأن إقراره غير حجة على الكفيل إلا إذا أقر الكفيل بما أقر به الأصيل.
وقال التمرتاشي: لا يصدق ذو اليد في موت العبد ويحبس هو والكفيل، فإن طال الحبس ضمناه القيمة، وكذا الوديعة المجحودة م:(لأن على المولى ردها) ش: أي رد الرقبة على ذي اليد م: (على وجه تخلفها قيمتها) ش: أي تخلف نفس العبد قيمة نفس العبد عند العجز عن ردها م: (وقد التزم الكفيل ذلك) ش: لأن الكفالة تحمل الضمان عن المغير م: (وبعد الموت تبقي القيمة واجبة على الأصيل فكذا على الكفيل) ش: لأن ضمان القيمة وجب على الأصيل ووجب على الكفيل أيضا؛ لأنه التزم المطالبة بما على الأصيل، وقد انتقل الضمان في حق الأصيل إلى القيمة فينتقل في حق الكفيل أيضا م:(بخلاف الأولى) ش: أي المسألة الأولى حيث لم يجب الضمان على المولى فلا يجب على الكفيل أيضا، وفي بعض النسخ بخلاف الأول، قال الأكمل: أي بخلاف الضمان الأول لأن محل ما التزمه وهو العبد قد مات، ويسقط عن العبد تسليم نفسه، فكذا عن كفيله.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كفل العبد عن مولاه بأمره) ش: قيد بالأمر، إذ كفالة العبد بغير إذن سيده لا يجوز بإجماع الفقهاء، إلا عند الشافعي في وجه، وبإذن سيده يجوز إلا في المأذون المستغرق بالدين، لا تجوز الكفالة، وبه قال مالك م:(فعتق فأداه لو كان المولى كفيلا عنه فأداه) ش: أي المال المكفول به م: (بعد العتق) ش: أي بعد أن أعتقه مولاه م: (لم يرجع) ش: جواب المسألتين م: (واحد منهما) ش: أي من المولى والعبد م: (على صاحبه. وقال
زفر: يرجع، ومعنى الوجه الأول أن لا يكون على العبد دين حتى تصح كفالته بالمال على المولى إذا كان بأمره، أما كفالته عن العبد فتصح على كل حال. له أنه تحقق الموجب للرجوع وهو الكفالة بأمره والمانع وهو الرق قد زال. ولنا: أنها وقعت غير موجبة للرجوع؛ لأن المولى لا يستوجب على عبده دينا، وكذا العبد على مولاه فلا تنقلب موجبة أبدا كمن كفل عن غيره بغير أمره فأجازه. ولا تجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به أو عبد؛ لأنه دين ثبت مع المنافي فلا يظهر في حق صحة الكفالة.
ــ
[البناية]
زفر: يرجع) ش: أي كل واحد منهما م: (ومعنى الوجه الأول) ش: وهو كفالة العبد عن مولاه بأمره م: (أن لا يكون على العبد دين حتى تصح كفالته بالمال عن المولى إذا كان بأمره) ش: وفي بعض النسخ أن يكون على العبد دين، وهذا كان مصححا بخط الثقات وهو الأصح، لأنه لو كان على العبد دين مستغرق لم تصح كفالة لحق الغرماء، وإن كان بإذن السيد م:(أما كفالته) ش: أي كفالة المولى م: (عن العبد فتصح على كل حال) ش: يعني سواء كانت الكفالة بالمال أو بالنفس أو على العبد دين أو لا.
م: (له) ش: أي لزفر، وبه قال الشافعي م:(أنه) ش: أي أن الشأن م: (تحقق الموجب) ش: بكسر الجيم م: (للرجوع وهو الكفالة بأمره والمانع وهو الرق قد زال) ش: يعني امتناع الكفالة كان المانع الرق، لأن العبد لا يستوجب على مولاه دينا وقد زال المانع فيرجع.
م: (ولنا أنها) ش: أي أن الكفالة م: (وقعت) ش: حال كونها م: (غير موجبة للرجوع، لأن المولى لا يستوجب على عبده دينا) ش: أي لا يستحق م: (وكذا العبد) ش: لا يستوجب م: (على مولاه فلا تنقلب) ش: أي الكفالة م: (موجبة أبدا كمن كفل عن غيره بغير أمره فأجازه) ش: أي الغير أو جاز ذلك لا يرجع، فكذا هذا.
م: (ولا تجوز الكفالة بمال الكتابة حر تكفل به) ش: أي بمال الكتابة م: (أو عبد) ش: أي أبو العبد تكفل به م: (لأنه دين) ش: أي لأن مال الكتابة دين غير مستقر، لأنه م:(ثبت مع المنافي) ش: وهو الرق م: (فلا يظهر) ش: أي دين بدل الكتابة م: (في حق صحة الكفالة) ش: وبه قال أكثر أهل العلم. وعن أحمد في رواية: تصح؛ لأنه دين كسائر الديون، والأصح عنده أيضا لأن الكفالة به غير جائزة.
وفي " النهاية ": التخصيص بمال الكتابة غير مفيد، فإنه كما لا تجوز الكفالة بمال الكتابة عن المكاتب للمولى لا تجوز بدين آخر للمولى سوى مال الكتابة على المكاتب، ذكره في " المبسوط ". ولو كان للمكاتب دين على مولاه ولم يكن ذلك الدين من جنس الكفالة فكفل به رجل للمكاتب عن المولي صح، لأن الأصيل مطلوب بهذا المال مطلقا فتصح الكفالة.
ولأنه لو عجز نفسه سقط، ولا يمكن إثباته على هذا الوجه في ذمة الكفيل، وإثباته مطلقا ينافي معنى الضم، لأن من شرطه الاتحاد. وبدل السعاية كمال الكتابة عند أبي حنيفة، لأنه كالمكاتب عنده.
ــ
[البناية]
وأما العبد التاجر إذا ادَّان مولاه دينا ولا دين على العبد وأخذ منه كفيلا بذلك فالكفالة باطلة وإن كان العبد مديونا صحت الكفالة، لأن كسبه حق الغرماء فكان الدين واجبا في ذمته كما في ذمة غيره فصحت الكفالة، والكفالة بالنفس مثل ذلك، فإن العبد إن كان لا دين عليه لا يصح، وإن كان عليه دين صح.
م: (ولأنه) ش: دليل آخر على عدم استقرار مال الكتابة، أي ولأن المكاتب م:(لو عجز نفسه سقط) ش: أي بدل الكتاب م: (ولا يمكن إثباته على الوجه في ذمة الكفيل) ش: دليل آخر على المدعي وهو عدم صحة الكفالة ببدل الكتابة، ويدل على هذا الوجه، أي إثبات عقد الكفالة مع سقوط بدل الكتابة بتعجيز النفس في ذمة الكفيل لا يمكن م:(وإثباته مطلقا) ش: أي وإثبات دين الكتابة مطلقا م: (ينافي معنى الضم) ش: الذي هو ركن الكفالة.
وفي " المبسوط ": ولو أثبتناه مطلقا على الكفيل كنا أوجبناه في ذمة الكفيل أكثر ما هو واجب في ذمة الأصيل، وذا لا يجوز إذ يجب على الكفيل بالصفة التي تجب على الأصيل تحقيقا لمعنى الضم م:(لأن من شرطه) ش: أي من شرط الضم م: (الاتحاد) ش: في صفة الواجب بالكفالة تحقيقا لمعنى الضم والمطلق غير المقيد.
م: (وبدل السعاية كمال الكتابة عند أبي حنيفة) ش: يعني أن الكفالة ببدل الكتابة لا تجوز، فكذلك لا تجوز ببدل السعاية م:(لأنه) ش: أي لأن المستسعى، م:(كالمكاتب عنده) ش: أي عند أبي حنيفة في عدم قبول الشهادة وتزوج المرأتين والحدود وغيرها، لكن على اعتبار النكتة الأولى، وهو قوله: لأنه ثبت مع المنافي
…
إلى آخره، لا على اعتبار النكتة الثانية؛ لأن المستسعى لا يسقط عنه بدل السعاية بتعجيز النفس، والله أعلم.