المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

قال: وكل ما ينسب إلى الرطل فهو وزني، معناه ما يباع بالأواقي لأنها قدرت بطريق الوزن حتى يحتسب ما يباع بها وزنا، بخلاف سائر المكاييل، وإذا كان موزونا فلو‌

‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

؛

لا

ــ

[البناية]

إنما المعتبر هو الإعلام على وجه ينفي المنازعة في التسليم، وذلك كما يحصل بالكيل يحصل بذكر الوزن، ذكر في " التتمة " أنه ذكر في " المجرد " عن أصحابنا أنه لا يجوز فكان في المسألة روايتان.

[بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله]

م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وكل ما ينسب إلى الرطل) ش: بكسر الراء وفتحها. قال الجوهري رحمه الله: الرطل نصف منا مقصور، ثم قال: هو الذي يوزن به، وقال في كتاب يوحنا بن سرافيون: الرطل اثنتا عشرة أوقية، وقال أيضا: الرطل عشرون أستارا والأستار ستة دراهم ودانقان، أو قال: أربعة مثاقيل فعلى هذا فيما قيل إن الأوقية أربعون درهما نظر.

وقال أبو عبيد: وزن الرطل مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وزن سبعة، وفي " المغرب ": الرطل الذي يوزن به أو يكال به م: (فهو وزني) ش: خبر المبتدأ أعني قوله، وكلما دخلت الفاء فيه لتضمنه الشرط قال المصنف رحمه الله م:(معناه ما يباع بالأواقي) ش: وكذا قال فخر الدين قاضي خان رحمه الله.

تفسيره أن ما يباع بالأواقي فهو وزني م: (لأنها) ش: أي لأن الأواقي م: (قدرت بطريق الوزن حتى يحتسب ما يباع بها وزنا) ش: حتى لو بيع شيء منها بجنسه متساويا كيلا يجوز لجواز التفضيل في الوزن، وهذا لأنه يشق وزن الدهن بالأمناء والسنجات لأنه لا يتمسك إلا في وعاء، وفي وزن كل وعاء نوع خرج فاتخذ الرطل لذلك.

" والأواقي " جمع أوقية بالتشديد وهي أربعون درهما وهي أفعولة من الوقاية لأنها تقي صاحبها من الضرر، وعند الأطباء: الأوقية وزن عشرة مثاقيل وخمسة أسباع درهم، وهو أستار وثلثا أستار.

وفي " كتاب العين ": الأوقية وزن من أوزان الدهن وهي سبعة مثاقيل م: (بخلاف سائر المكاييل) ش: متصلا بقوله: لأنها قدرت يعني أن سائر المكاييل لم تقدر بالوزن فلا يكون للوزن فيه اعتبار.

وقال تاج الشريعة رحمه الله: قوله: بخلاف سائر المكاييل يعني أن هاهنا القدر بالوزن فيجوز البيع بالأوقية، وإن كانت الأوقية كيلا لأنها قدرت بالوزن م:(وإذا كان موزونا) ش: يعني إذا ثبت أن ما ينسب إلى الرطل وزني م: (فلو بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله لا

ص: 276

يجوز لتوهم الفضل في الوزن، بمنزلة المجازفة. قال: وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس لقوله عليه السلام: «الفضة بالفضة هاء وهاء» ، معنا يدا بيد، وسنبين الفضة في الصرف إن شاء الله تعالى. قال: وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر فيه التقابض، خلافا للشافعي رضي الله عنه في بيع الطعام بالطعام. له قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف:"يدا بيد".

ــ

[البناية]

يجوز) ش: ولو كان سواء بسواء م: (لتوهم الفضل في الوزن بمنزلة المجازفة) ش: إنما قيد بقوله: لا يعرف وزنه بمكيال مثله لأنه إذا عرف وزنه جاز م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في "مختصره" م: (وعقد الصرف ما وقع على جنس الأثمان) ش: وهي النقود.

وقوله: وعقد الصرف كلام إضافي مبتدأ، وقوله: ما وقع خبره، وقوله م:(يعتبر) ش: خبرا بعد خبر أي يجيب م: (فيه قبض عوضيه في المجلس لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «الفضة بالفضة هاء وهاء» ش: هذا الحديث أخرجه محمد بن الحسن في الأصل عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة إلا هاء وهاء فمن زاد فقد أربى» .

وروى الجماعة في كتبهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالورق ربا، والبر بالبر إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء» .

قوله: هاء ممدود على وزن هاع ومعناه خذ، أي كل واحد من المتعاقدين يقول لصاحبه فيتقابضان، وفسر المصنف بقوله م:(معناه يدا بيد) ش: وكذا قال الترمذي رحمه الله بعد أن روى حديث عمر رضي الله عنه: معنى قوله: إلا هاء وهاء بقول: يدا بيد، وقال تاج الشريعة رضي الله عنه: قوله يدا بيد أي قبضا بقبض كنى باليد عنه لكونه آلة القبض، ويقال: معنى يدا بيد عينا بعين، وكذا وقع في حديث مسلم عن عبادة وفيه: إلا سواء بسواء وعينا بعين م: (وسنبين الفقه في الصرف إن شاء الله تعالى) ش: هذه حوالة رابحة تأتي في باب المصرف.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وما سواه مما فيه الربا) ش: أي ما سوى عقد الصرف مما يجري فيه ربا كالمكيلات والموزونات غير الذهب والفضة م: (يعتبر فيه التعيين ولا يعتبر فيه التقابض) ش: أي قبل التفرق بالأبدان م: (خلافا للشافعي رضي الله عنه في بيع الطعام بالطعام) ش: فإن عنده التقابض في المجلس شرط فيه إن اتحد المجلس أو لم يتحد، كأن باع كر حنطة بكر حنطة أو بثمن فافترقا من غير قبض فإنه لا يجوز عنده، وبه قال مالك م:(له) ش: أي للشافعي رضي الله عنه م: (قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف: يدا بيد) ش: سواء

ص: 277

ولأنه إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض، وللنقد مزية فتتحقق شبهة الربا. ولنا أنه مبيع متعين فلا يشترط فيه القبض كالثوب، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف، ويترتب ذلك على التعيين، بخلاف الصرف لأن القبض فيه ليتعين به، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم:«يدا بيد عينا بعين» كذا رواه عبادة بن الصامت.

ــ

[البناية]

بسواء م: (ولأنه إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض وللنقد مزية) ش: على غيرها م: (فتتحقق شبهة الربا) ش: وهي كالحقيقة في باب الربا.

م: (ولنا أنه) ش: أن ما سوى عقد الصرف مما يجري فيه الربا م: (مبيع متعين) ش: وكل ما هو متعين قد تعين بالتعيين م: (فلا يشترط فيه القبض كالثوب) ش: والعبد والدابة وغيرها م: (وهذا) ش: أي عدم اشتراط القبض فيما يتعين م: (لأن الفائدة المطلوبة) ش: بالعقد م: (إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين) ش: فلا يحتاج إلى القبض م: (بخلاف الصرف) ش: جواب عما يقال: لو كان الأمر كما قلتم لما وجب القبض في الصرف؟ فأجاب بقوله: بخلاف الصرف حيث يشترط فيه القبض م: (لأن القبض فيه) ش: أي في الصرف م: (ليتعين به) ش: أي بالقبض لأن النقود لا تتعين.

م: ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم) ش: هذا جواب عن استدلال الخصم بالحديث، أي معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم م:«يدا بيد عينا بعين» ش: تقريره أن المعنى إذا كان عينا بعين يعني معينا بعين يدل على أن المراد منه التعيين، إلا أن التعيين في الصرف لا يتحقق قبل التقابض فلأجل هذا اشترط التقابض.

م: (كذا رواه) ش: أي كذا روى عينا بعين م: (عبادة بن الصامت) ش: حاصله أن الروايتين أعني يدا بيد وعينا بعين كلتيهما وقعتا في حديث عبادة رضي الله عنه غير أن رواية عينا بعين وقعت في رواية مسلم عنه وقد مضى كما ينبغي، ثم اشتراط التعيين والتقابض جميعا المدلول عليهما بالروايتين منتف بالإجماع المركب، أما عندنا فلأن الشرط هو التعيين لا القبض، وأما عند الشافعي رضي الله عنه فبالعكس فحينئذ لا بد من حمل أحدهما على الآخر.

وقوله: يدا بيد يحتمل أن يكون المراد به القبض لأن اليد آلته، ويحتمل أن يكون المراد التعيين لأنه إنما يكون بالإشارة باليد.

وقوله: عينا بعين محكم لا يحتمل غيره فيحمل المحتمل على الحكم.

فإن قيل: يلزمكم على هذا العمل بعموم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز لأنكم جعلتم يدا بيد بمعنى القبض في الصرف، وبمعنى التعيين في بيع الطعام.

قلنا: لا نسلم ذلك لأن المراد في كلتا الصورتين التعيين، إلا أن التعيين في كل موضع

ص: 278

وتعاقب القبض لا يعتبر تفاوتا في المال عرفا بخلاف النقد والمؤجل. قال: ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين لانعدام المعيار، فلا يتحقق الربا

ــ

[البناية]

يختلف بحسب حاله ففي الدراهم والدنانير التعيين لا يكون إلا بالقبض إذ هما لا يتعينان في المعقود والفسخ فكان القبض هناك في ضرورة وجوب التعيين.

أما الطعام فما يتعين بالتعيين ثمنا كان أو مثمنا فلم يحتج في تعيينه إلى القبض.

فإن قيل: يشكل بما إذا باع إبريق فضة بجنسه فإنه يشترط القبض مع أنه يتعين بالتعيين.

قلنا: التعيين في الإبريق بعارض الصفة فاعتبر فيما يرجع إلى الاحتياط الأصل وهو الثمنية وعدم التعيين، والشبهة في الربا كالحقيقة فاشترط القبض دفعا لها.

وقال الأكمل رضي الله عنه: واعترض بأن ما ذكرتم إنما هو على طريقتكم في أن الأثمان لا تتعين، وأما الشافعي رضي الله عنه فليس بقائل به فلا يكون ملزما. والجواب: أنه ذكره بطريق البادي هاهنا لثبوته بالدلائل الملزمة على ما عرف في موضعه، وقال تاج الشريعة رضي الله عنه:

فإن قلت: روي أيضا في رواية في حديث عبادة رضي الله عنه قبضا بقبض وهذا صريح في الباب.

قلت: هذه رواية شاذة فلا يترك الحديث المشهور، وهو قوله: الحنطة بالحنطة، مثلا بمثل عينا بعين بهذه الرواية.

م: (وتعاقب القبض) ش: جواب عن قوله: إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض فأجاب بقوله: وتعاقب القبض بوجهيه أن تعاقب القبض المانع الذي يعد تفاوتا في المالية وهاهنا ليس كذلك لأن التعاقب هاهنا م: (لا يعتبر تفاوتا في المال عرفا) ش: فإن التجار لا يفصلون بين المقبوض وغيره بعد أن يكون حالا فلا يتحقق فضل أحدهما فيجوز م: (بخلاف النقد) ش: أي الحال م: (والمؤجل) ش: فإن فيهما التعاقب يعد تفاوتا لأنهم يفصلون فيهما.

م: (قال) ش: أي محمد رضي الله عنه في " الجامع الصغير " م: (ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين) ش: قال الأترازي رحمه الله: إنما كرر هذه المسألة لأنها من مسائل " الجامع الصغير "، وقد علم حكمها قبل ذلك، وكان القياس أن يذكرها عند قوله: ويجوز بيع الحفنة بالحفنتين والتفاحة بالتفاحتين م: (لانعدام المعيار) ش: وهو الكيل م: (فلا يتحقق الربا) ش: يعني حكم النص وجوب التساوي بين البدلين فلا يشرع إلا في محل قابل له وهذا المحل لا يقبله فلم يشترط التساوي فيه فبقي على الأصل وهو الإباحة.

ص: 279

والشافعي رحمه الله يخالفنا فيه لوجود الطعم على ما مر. قال: ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -: وقال محمد رحمه الله: لا يجوز لأن الثمنية ثبت باصطلاح الكل فلا تبطل باصطلاحهما، وإذا بقيت أثمانا لا تتعين، فصار كما إذا كانا بغير أعيانهما، وكبيع الدرهم بالدرهمين

ــ

[البناية]

وقال الإمام التمرتاشي رحمه الله: هذا إذا كان البدلين نقدين، أما إذا كان كلاهما أو أحدهما نسيئة لا يجوز لأن الجنس بانفراده يحرم النساء.

فإن قيل: الجوز والبيض في ضمان المستهلكات مثليين فينبغي أن لا يجوز بيع الواحد بالاثنين لشبهة الربا.

قلنا: لا مماثلة بينهما حقيقة للتفاوت صغرا وكبرا إلا أن الناس اصطلحوا على إهدار التفاوت في حق ضمان العددان فيعمل ذلك في حقهم دون الربا الذي هو حق الشرع، كذا في " الذخيرة ".

م: (والشافعي رحمه الله يخالفنا فيه) ش: أي في بيع البيضة بالبيضتين ونحوها م: (لوجود الطعم على ما مر) ش: من أصله أن علة الربا عنده في المطعومات الطعم، وفي " شرح الطحاوي ": لو باع بطيخة ببطيختين أو تفاحة بتفاحتين أو بيضة ببيضتين أو جوزة بجوزتين أو حفنة من الحنطة بحفنتين يجوز عندنا لعدم الكيل، وعند الشافعي رضي الله عنه لا يجوز لوجود الطعم.

وكذلك إذا باع حفنة بحفنة أو حبة بحبة أو تفاحة بتفاحة يجوز عندنا وعنده لا يجوز م (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما) ش: قيد بأعيانهما احترازا عما إذا باع بغير عين أحدهما أو كلاهما فإنه لا يجوز بالاتفاق لأن غير المعين إن كان كلا البدلين يلزم بيع الكالئ بالكالئ.

وإن كان أحدهما يلزم النساء. والجنس بانفراده يحرم النساء م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: استحسانا وبه قال الشافعي رضي الله عنه في قول م: (وقال محمد رحمه الله: لا يجوز) ش: وبه قال الشافعي رضي الله عنه في وجه م: (لأن الثمنية) ش: في الفلوس م: (ثبت باصطلاح الكل) ش: أي كل الناس م: (فلا تبطل باصطلاحهما) ش: لعدم ولايتهما على غيرهما م: (وإذا بقيت أثمانا لا تتعين) ش: بالاتفاق م: (فصار) ش: حكمه م: (كما إذا كانا بغير أعيانهما) ش: حيث لا يجوز بالاتفاق م: (وكبيع الدرهم بالدرهمين) ش: أي وصار أيضا حكمه كحكم بيع الدرهم بالدرهمين حيث لا يجوز بالاتفاق.

ولهذا تبين أن الفلوس الرائجة ما دامت رائجة لا تتعين بالتعيين حتى لو قوبلت بخلاف

ص: 280