الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أحكامه وإذا
قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد
بأمر البائع، وفي العقد عوضان كل واحد منهما مال، ملك المبيع ولزمته قيمته،
ــ
[البناية]
[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]
[قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد]
م: (فصل في أحكامه)
ش: أي هذا فصل في بيان أحكام البيع الفاسد م: (وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد) ش: إنما عبر بالفاسد، لأن الباطل لا يفيد شيئا م:(بأمر البائع) ش: أي بإذنه صريحا أو دلالة بأن يقبضه في المجلس بحضرته، فإن لم يقبضه بحضرة البائع لم يملكه، بخلاف الصريح فإنه يفيده مطلقا.
م: (وفي العقد عوضان كل واحد منهما) ش: يعني مالا قيد به لفائدة وهي أنه إذا كان أحد العوضين أو كلاهما غير مال فالبيع باطل، كالبيع بالميتة والدم، وبالحر والبيع بالخمر والخنزير فاسد، كما ذكره المصنف في أول باب البيع الفاسد، وفي هذا الفصل شرع في بيان حكمها وهو القبض، فقال: وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد إلى آخره.
ثم ذكر خلاف الشافعي رضي الله عنه بما يدل على أنه لا يفرق بين الفاسد والباطل على ما نقف عليه الآن إن شاء الله تعالى م: (مال ملك المبيع ولزمته قيمته) ش: أي قيمة المبيع وهو قول عامة المشايخ رحمهم الله سوى أهل العراق، فإنهم قالوا: إن المشتري في البيع الفاسد بالقبض يملك التصرف ولا يملك المبيع، استدلالا بما قال في كتاب البيوع: إن المشتري إذا أعتقه جاز عتقه، وكان الولاء له لا للبائع لأن البائع سلطه على ذلك، ولهذا لو كان المبيع جارية لا يجوز للمشتري وطئها.
ولو كان دارا لا يجوز فيها الشفعة للشفيع، وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله وهذا ليس بصحيح، بل المشتري يملك عين المبيع في قول علمائنا، بدليل أن المبيع لو كان دارا فقبضها فبيعت دار أخرى بجنبها، فللمشتري أن يأخذ الدار بالشفعة.
ولو لم يملك عين الدار لم يجب له الشفعة، ولو كان المبيع جارية فقبضها ثم ردها على البائع وجب الاستبراء، وإنما لم يجز للمشتري أن يطأها لأنه وجب عليه ردها لئلا يكون مصرا على المعصية، فاستعماله بالوطء إعراض عن الرد، فلهذا المعنى لم يجز لا لعدم الملك، وإنما لم يجب فيها الشفعة لأن حق البائع لم ينقطع عنها.
وقال في " شرح الطحاوي ": والأصل في البيع الفاسد أن كل ما يملك بالبيع الجائز يملك بالبيع الفاسد إذا اتصل به القبض بإذن البائع، وكل ما لا يملك بالبيع الجائز لا يملك بالبيع الفاسد، بيانه: من اشترى من رجل عبدا بخمر أو خنزير وتقابضا وهما مسلمان ملك المشتري
وقال الشافعي: لا يملكه، وإن قبضه، لأنه محظور فلا ينال به نعمة الملك، ولأن النهي نسخ للمشروعية للتضاد، ولهذا لا يفيده قبل القبض، وصار كما إذا باع بالميتة أو باع الخمر بالدراهم. ولنا أن ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى محله فوجب القول بانعقاده، ولا خفاء في الأهلية والمحلية. وركنه مبادلة المال بالمال، وفيه الكلام، والنهي يقرر المشروعية عندنا لاقتضائه التصور، فنفس البيع مشروع وبه تنال نعمة الملك.
ــ
[البناية]
العبد إذا قبضه بإذن البائع، ولا يملك الآخر الخمر والخنزير.
وكذلك لو اشترى من رجل عبدا بمدبر أو مكاتب أو بأم ولد، وتقابضا ملك المشتري إذا قبضه بإذن البائع، ومشتري المدبر والمكاتب وأم الولد لا يملك، وإن قبض بإذن البائع، وكذلك لو اشترى من رجل عبده بمال الغير بغير إذن صاحبه وتقابضا ملك مشتري العبد، ولا يملك الآخر ما قبض حتى يجيز ماله البيع فيه.
م: (وقال الشافعي: لا يملكه، وإن قبضه) ش: وبه قال مالك وأحمد رضي الله عنهما م: (لأنه محظور) ش: أي حرام م: (فلا ينال به نعمة الملك، ولأن النهي نسخ للمشروعية للتضاد) ش: أي بين النهي والمشروعية، إذ النهي يقتضي القبح، والمشروعية تقتضي الحسن وبينهما منافاة م:(ولهذا) ش: أي ولأجل ذلك م: (لا يفيده) ش: أي الملك م: (قبل القبض، وصار كما إذا باع بالميتة أو باع الخمر بالدراهم) ش: وقبضها المشتري فإنه لا يفيد الملك.
م: (ولنا أن ركن البيع) ش: أي ركن البيع الفاسد وهو البيع بالخمر أو الخنزير، وفيه مبادلة المال بالمال بالتراضي م:(صدر من أهله) ش: وهو كونه عاقلا بالغا حال كونه م: (مضافا إلى محله) ش: لأن المبيع فيه مال، والثمن مال من وجه لميلان طباع الناس إلى الخمر والخنزير غير أنه ليس بمتقوم ولإهانة الشرع، فلما كان الثمن مالا من وجه دون وجه لم يبطل البيع بل فسد، فإذا كان كذلك م:(فوجب القول بانعقاده) ش: لوجود شرائط.
م: (ولا خفاء في الأهلية والمحلية، وركنه مبادلة المال بالمال وفيه الكلام) ش: جواب سؤال مقدر بأن يقال: سلمنا بأن ركن البيع مبادلة المال، ولكن لم قلت إنه موجود؟ فأجاب بقوله: وفيه الكلام يعني كلامنا فيما إذا وجد الركن؛ لأن الركن الذي هو المبادلة موجود في جميع البيوع الفاسدة.
م: (والنهي يقرر المشروعية) ش: وهذا جواب عما يقال، قد يكون النهي مانعا، فأجاب بقوله: والنهي يقرر المشروعية م: (عندنا لاقتضائه التصور) ش: ليكون النهي عما يكون ليكون العبد مبتلى بين أن يترك باختياره فيثاب، وبين أن يأتي به فيعاقب عليه م:(فنفس البيع مشروع وبه) ش: أي وبالبيع م: (تنال نعمة الملك) ش: لكن لا بد فيه من قبح مقتضى النهي، فجعلناه في
وإنما المحظور ما يجاوره كما في البيع وقت النداء، وإنما لا يثبت الملك قبل القبض كيلا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور، إذ هو واجب الرفع بالاسترداد، فبالامتناع عن المطالبة أولى.
ــ
[البناية]
وصفه مجاورا وهو معنى قوله م: (وإنما المحظور ما يجاوره كما في البيع وقت النداء) ش: يعني يوم الجمعة فجعل وصفه عملا بالوجهين.
فإن قيل: المحظور: وقت النداء مجاور، وأما في المتنازع فيه من قبيل ما اتصل به وصفا، فلا يكون قوله كما في البيع وقت النداء صحيحا، وأيضا الحكم هناك الكراهة، وفي المتنازع فيه الفساد.
وأجيب: بأن غرض المصنف في ذكر المجاورة بيان أن المحظور ليس لمعنى في عين النهي عنه كما زعمه الخصم، والمجاور جمعا والمتصل وصفا سببان فيصبح قياس أحدهما على الآخر، وبأن عرضه أن الحكم المنهي عنه ليس البطلان كما يدعيه الخصم، والكراهة والفساد يشتركان في عدم البطلان.
م: (وإنما لا يثبت الملك قبل القبض) ش: جواب عن قول الشافعي رحمه الله ولهذا لا يبيعه قبل القبض، بيانه: أن البيع الفاسد لا يثبت الملك قبل القبض للمبيع.
م: (كيلا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور) ش: أي عن جهة الشارع لأن البيع الفاسد منهي عنه، ولو ثبت الملك قبل القبض يكون التسليم والتسلم واجبا شرعا، فيكون الشارع آمرا وناهيا في شيء واحد، وهذا لا يجوز.
فإن قيل: لو ثبت الملك بعد القبض يلزم تقربه الفساد أيضا.
قلنا: لو ثبت القبض يكون الفساد مضافا إلى نفس البيع.
والبيع مشروع الله تعالى فيكون الفساد مضافا إلى الشارع، ولا كذلك بعد القبض لأن الملك مضاف إلى القبض، والقبض يوجب الضمان كما في المقبوض على سوم الشراء فكان تقرير الفساد مضافا إلى العبد، كذا نقل عن القاضي الأرسابندي، وقيل لأن الفاسد لو ثبت قبل الملك قبل القبض وبعده لكان مساويا للصحيح، ولو ألغينا الملك به لكان مساويا للباطل فأثبتنا الملك بعد القبض به عملا بالدليلين وفيه نوع تأمل لأن الفاسد والباطل متساويان عند الخصم.
م: (إذ هو) ش: تعليل كقوله: كيلا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور، أي لأن البيع الفاسد م:(واجب الرفع بالاسترداد) ش: أي بطلب رد المبيع من يد المشتري فلا جرم لم يفد الملك قبل القبض م: (فبالامتناع عن المطالبة أولى) ش: يعني أن البيع الفاسد إذا أفاد الملك بالقبض يجب
ولأن السبب قد ضعف لمكان اقترانه بالقبيح فيشترط اعتضاده بالقبض في إفادة الحكم بمنزلة الهبة، والميتة ليست بمال فانعدم الركن، ولو كان الخمر مثمنا فقد خرجناه، وشيء آخر وهو أن في الخمر الواجب هو القيمة وهي تصلح ثمنا له لا مثمنا، ثم شرط أن يكون القبض بإذن البائع وهو الظاهر إلا أنه يكتفى به دلالة، كما إذا قبضه في مجلس العقد استحسانا، وهو الصحيح
ــ
[البناية]
استرداد المبيع من يد المشتري رفعا للفساد واجتنابا عن المعصية، فبامتناع المشتري عن مطالبة تسليم المبيع منع الفساد أولى من رفع الفساد بالاسترداد، لأن الدفع أسهل من الرفع.
م: (ولأن السبب قد ضعف) ش: دليل ثان على عدم ثبوت الملك قبل القبض، يعني أن السبب وهو البيع الفاسد قد ضعف م:(لمكان اقترانه بالقبيح) ش: وهو النهي عنه فلأجل هذا لم يفد الملك م: (فيشترط اعتضاده) ش: أي تقويته م: (بالقبض في إفادة الحكم بمنزلة الهبة) ش: في احتياجها إلى ما بعضه العقد من القبض.
م: (والميتة ليست بمال) ش: جواب عن قياس الخصم المتنازع فيه على البيع بالميتة، تقريره أن الميتة ليست بمال، وما ليس بمال لا يجوز فيه البيع لفوات ركنه وهو معنى قوله م:(فانعدم الركن) ش: فلا ينعقد العقد فالقياس فاسد م: (ولو كان الخمر مثمنا فقد خرجناه) ش: هذا جواب لقوله: أو باع الخمر بالدرهم يعني ذكرنا تخريجه في أوائل باب البيع الفاسد، وأراد به ما ذكره ثمة لقوله وأما بيع الخمر والخنزير إن كان بالدين كالدراهم والدنانير فالبيع باطل، وإن كان قوبل بعين فالبيع فاسد حتى يملك ما يقابله إلى آخره.
م: (وشيء آخر) ش: أي دليل آخر سوى ما ذكرنا هناك م: (وهو أن في الخمر الواجب هو القيمة) ش: لا عين الخمر لأن المسلم ممنوع عن تسليم الخمر وتسلمها م: (وهي) ش: أي الخمر م: (تصلح ثمنا لا مثمنا) ش: أي مبيعا، فلو قلنا بانعقاد المبيع في هذه الصورة جعلنا القيمة مثمنا، إذ كل عين في مقابلة الدراهم والدنانير في البيع مثمن لتعينها للثمنية خلقة وشرعا، وما عهد في صورة من صور البياعات أن تكون القيمة مثمنا، لأنه يؤدي إلى تغيير المشروع.
م: (ثم شرط) ش: أي القدوري رحمه الله م: (أن يكون القبض بإذن البائع) ش: حيث قال: وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع م: (وهو الظاهر) ش: أي ظاهر الرواية م: (إلا أنه يكتفى به) ش: أي بالإذن.
م: (دلالة) ش: أي من حيث الدلالة م: (كما إذا قبضه) ش: أي المشتري م: (في مجلس العقد استحسانا) ش: أي يصح من حيث الاستحسان م: (وهو الصحيح) ش: أي الاستحسان هو الصحيح، واحترز به عما ذكره صاحب " الإيضاح " وسماه الرواية المشهورة.
لأن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه بحضرته قبل الافتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق، وكذا القبض في الهبة في مجلس العقد يصح استحسانا،
وشرط أن يكون في العقد عوضان كل واحد منهما مال ليتحقق ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال، فيخرج عليه البيع بالميتة والدم والحر والريح، والبيع مع نفي الثمن، وقوله لزمته قيمته في ذوات القيم، فأما في ذوات الأمثال يلزمه المثل لأنه مضمون بنفسه بالقبض، فشابه الغصب، وهذا لأن المثل صورة، ومعنى أعدل من المثل.
ــ
[البناية]
فقال: وما قبضه بغير إذن البائع في البيع الفاسد فهو كما يقبض، وأشار إلى وجه الصحيح بقوله: م: (لأن البيع تسليط منه) ش: أي من البائع م: (على القبض فإذا قبضه بحضرته) ش: أي بحضرة البائع م: (قبل الافتراق ولم ينهه) ش: أي البائع لم ينه المشتري عن القبض م: (كان) ش: أي القبض م: (بحكم التسليط السابق) ش: فيكتفى به م: (وكذا القبض في الهبة في مجلس العقد يصح استحسانا) ش: يعني يكتفى بسكوت الواهب وعدم نهيه الموهوب له عن القبض استحسانا أي من حيث الاستحسان.
م: (وشرط) ش: أي القدوري رحمه الله وفي بعض النسخ: ويشترط م: (أن يكون في العقد عوضان كل واحد منهما مال ليتحقق ركن البيع، وهو مبادلة المال بالمال فيخرج عليه) ش: أي على قول القدوري م: (البيع بالميتة والدم والحر والريح) ش: بأن قال: بعت هذا الشيء بالريح الشمالي الذي يأتي من هذا الجانب، وذلك المكان ملك المشتري، وفي " الذخيرة ": صورته بأن يكون لإنسان ظرف منقوح فاشترى بذلك الريح الذي في ذلك الظرف ويجعلها في ظرف احترز له م: (والبيع مع نفي الثمن) ش: أي في رواية لأنه إذا نفاه فقد الركن عن العقد فلم يكن بيعا، وفي رواية: ينعقد بيعا لأن نفيه لا يصح، إذ البيع مشتمل على العوضين وما يشتمل على عوضين فهو هبة وصدقة.
وإذا لم يصح صار كأنه سكت عن ذكر الثمن، فلو باع وسكت عن ذكر الثمن ينعقد البيع فاسدا ويثبت الملك بالقبض لأن مطلق العقد يقتضي المعاوضة، فإذا سكت كان عوضه قيمة وكأنه بقيمته فيفسد البيع.
م: (وقوله) ش: أي قول القدوري رحمه الله م: (لزمته قيمته في ذوات القيم) ش: كالحيوانات والعدديات المتفاوتة م: (فأما في ذوات الأمثال) ش: كالمكيلات والموزونات والعدديات غير المتفاوتة م: (يلزمه المثل لأنه مضمون بنفسه بالقبض) ش: واحترز به عن البيع الصحيح، وقالوا جميعا: فالمرجوع في قيمته أو المثل، أي قول المشتري لأنه هو الذي يلزمه الضمان، فالقول قوله واليمين للبائع، كذا في " شرح مختصر الكرخي " م:(فشابه الغصب) ش: والحكم في الغصب كذلك م: (وهذا) ش: أي وجوب المثل في ذوات الأمثال م: (لأن المثل صورة ومعنى أعدل من المثل