المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين - البناية شرح الهداية - جـ ٨

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌[أركان البيع]

- ‌[الإيجاب والقبول في البيع]

- ‌ خيار القبول

- ‌[خيار المجلس]

- ‌[الجهالة في الأثمان المطلقة]

- ‌ باع صبرة طعام كل قفيز بدرهم

- ‌[فصل في بيان ما يدخل تحت البيع من غير ذكره]

- ‌ باع نخلا أو شجرا فيه ثمر

- ‌ باع ثمرة لم يبد صلاحها

- ‌ يبيع ثمرة ويستثني منها أرطالا معلومة

- ‌ بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره

- ‌ باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن

- ‌باب خيار الشرط

- ‌[تعريف خيار الشرط]

- ‌خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه

- ‌ اشترى امرأته على أنه بالخيار ثلاثة أيام

- ‌[من شرط له الخيار له أن يفسخ العقد]

- ‌ مات من له الخيار

- ‌ اشترى شيئا وشرط الخيار لغيره

- ‌ اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما

- ‌ باع عبدا على أنه خباز أو كاتب وكان بخلافه

- ‌باب خيار الرؤية

- ‌ اشترى شيئا لم يره

- ‌ باع ما لم يره

- ‌ خيار الرؤية غير مؤقت

- ‌[نظر إلى وجه الصبرة أو إلى وجه الجارية فلا خيار له]

- ‌[نظر الوكيل كنظر المشتري في خيار الرؤية]

- ‌بيع الأعمى وشراؤه

- ‌ مات وله خيار الرؤية

- ‌باب خيار العيب

- ‌ اطلع المشتري على عيب في المبيع

- ‌[العيب في الصغير]

- ‌[العيوب في الجارية]

- ‌ حدث عند المشتري عيب واطلع على عيب كان عند البائع

- ‌ اشترى عبدا فأعتقه أو مات عنده ثم اطلع على عيب

- ‌ باع عبدا فباعه المشتري ثم رد عليه بعيب

- ‌ اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا

- ‌ اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيبا

- ‌ اشترى شيئا مما يكال أو يوزن فوجد ببعضه عيبا

- ‌ باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب

- ‌باب البيع الفاسد

- ‌[تعريف البيع الفاسد]

- ‌البيع بالخمر والخنزير

- ‌ بيع الميتة والدم والحر

- ‌بيع أم الولد والمدبر والمكاتب

- ‌ بيع السمك قبل أن يصطاد

- ‌[بيع ما يخرج من ضربة القانص]

- ‌ البيع بإلقاء الحجر والمنابذة والملامسة

- ‌ بيع دود القز

- ‌ بيع لبن الأمة

- ‌بيع الطريق وهبته

- ‌[شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن]

- ‌[أمر المسلم نصرانيا ببيع الخمر أو بشرائها ففعل]

- ‌ باع عبدا على أن يعتقه المشتري أو يدبره أو يكاتبه

- ‌ اشترى جارية إلا حملها

- ‌[جمع بين حر وعبد في البيع]

- ‌ قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد

- ‌[فصل في بيان أحكام البيع الفاسد]

- ‌[فسخ البيع الفاسد]

- ‌ اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه

- ‌ باع دارا بيعا فاسدا، فبناها المشتري

- ‌[فصل في بيان ما يكره في باب البيوع]

- ‌[المكروه أدنى درجة من الفاسد]

- ‌ تلقي الجلب

- ‌البيع عند أذان الجمعة

- ‌باب الإقالة

- ‌[تعريف الإقالة]

- ‌[حكم الإقالة]

- ‌هلاك الثمن لا يمنع صحة الإقالة

- ‌باب المرابحة والتولية

- ‌[تعريف المرابحة]

- ‌ اطلع على خيانة في التولية

- ‌ اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة، وعليه دين يحيط برقبته

- ‌ اشترى غلاما بألف درهم نسيئة فباعه بربح مائة ولم يبين

- ‌ الخيانة في التولية

- ‌ بيع ما لم يقبض

- ‌كيل البائع قبل البيع

- ‌[الزيادة في الثمن]

- ‌ حكم الالتحاق في التولية والمرابحة

- ‌باب الربا

- ‌[تعريف الربا]

- ‌[ما يجري فيه الربا]

- ‌[بيع الذهب وزنا بوزن]

- ‌ بيع بمكيال لا يعرف وزنه بمكيال مثله

- ‌[بيع الجوزة بالجوزتين]

- ‌ بيع الحنطة بالدقيق

- ‌ بيع الرطب بالتمر

- ‌[بيع القطن بغزل القطن متساويا وزنا]

- ‌ بيع الخبز بالحنطة والدقيق

- ‌[الربا بين المولى وعبده]

- ‌باب الحقوق

- ‌ اشترى منزلا فوقه منزل

- ‌باب الاستحقاق

- ‌[حكم الاستحقاق]

- ‌ اشترى عبدا فإذا هو حر

- ‌[ادعى حقا في دار فصالحه الذي هو في يده]

- ‌فصل في بيع الفضولي

- ‌[حكم بيع الفضولي]

- ‌[للفضولي أن يفسخ قبل إجارة المالك البيع]

- ‌[الإجازة في بيع المقايضة]

- ‌[إعتاق المشتري من الغاصب]

- ‌ باع عبد غيره بغير أمره

- ‌باب السلم

- ‌[تعريف السلم]

- ‌[مشروعية السلم]

- ‌[السلم في الدراهم والدنانير]

- ‌ السلم في الحيوان

- ‌[وجود المسلم فيه زمان العقد وزمان المحل وفيما بينهما]

- ‌السلم في اللحم

- ‌[السلم بغير أجل]

- ‌[شروط صحة السلم]

- ‌ اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة

- ‌ التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض

- ‌[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]

- ‌ اشترى جارية بألف درهم ثم تقايلا فماتت في يد المشتري

- ‌ السلم في الثياب

- ‌ السلم في الجواهر

- ‌كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه

- ‌مسائل منثورة

- ‌ بيع الكلب والفهد والسباع

- ‌ بيع الخمر والخنزير

- ‌[اشترى جارية ولم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج]

- ‌ اشترى عبدا فغاب والعبد في يد البائع

- ‌ اشترى جارية بألف مثقال ذهب وفضة

- ‌ له على آخر عشرة دراهم جياد، فقضاه زيوفا

- ‌كتاب الصرف

- ‌[تعريف الصرف]

- ‌ باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب

- ‌ بيع الكالئ بالكالئ

- ‌ باع الذهب بالفضة

- ‌ افترقا في الصرف قبل قبض العوضين

- ‌ التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه

- ‌[لم يتقابضا حتى افترقا بالأبدان]

- ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

- ‌ البيع بالفلوس

- ‌كتاب الكفالة

- ‌[تعريف الكفالة]

- ‌ شرط في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في وقت بعينه

- ‌ الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص

- ‌ أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب وأخذ منه كفيلا آخر

- ‌ تعليق الكفالة بالشروط

- ‌ الكفالة بأمر المكفول عنه وبغير أمره

- ‌ تعليق البراءة من الكفالة بالشرط

- ‌[الكفالة بالحمل]

- ‌ مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئا فتكفل عنه رجل للغرماء

- ‌فصل في الضمان

- ‌ باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن

- ‌ اشترى عبدا فضمن له رجل بالعهدة

- ‌باب كفالة الرجلين

- ‌ كان الدين على اثنين وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه

- ‌باب كفالة العبد وعنه

- ‌ ضمن عن عبد مالا

- ‌كتاب الحوالة

- ‌[تعريف الحوالة]

- ‌ طالب المحتال عليه المحيل بمثل مال الحوالة

- ‌ الحوالة مقيدة بالدين

الفصل: ‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

الشركة عيب في الإناء. ومن باع قطعة نقرة ثم استحق بعضها أخذ ما بقي بحصته ولا خيار له؛ لأنه لا يضره التبعيض.

قال: ومن‌

‌ باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين

جاز البيع وجعل كل جنس منهما بخلافه. وقال زفر والشافعي رحمهما الله: لا يجوز، وعلى هذا الخلاف إذا باع كر شعير وكر حنطة بكري شعير وكري حنطة. لهما أن في الصرف إلى خلاف الجنس تغيير تصرفه؛ لأنه قابل الجملة بالجملة، ومن قضيته الانقسام على الشيوع لا على التعيين. والتعيين لا يجوز، وإن كان فيه تصحيح التصرف، كما إذا اشترى قلبا

ــ

[البناية]

الشركة عيب في الإناء) ش: لأن الشركة في الأعيان المجتمعة عيب لأنها تنقبض بالتبعيض، والإناء ينقبض بالتبعيض، بخلاف ما مر، لأن الشركة فيه وقعت بصنعه.

وقال زفر والشافعي -رحمهما الله-: لا يجوز وهو القياس وهو قول أحمد أيضا. م: (ومن باع قطعة نقرة) ش: وهي قطعة فضة مذابة، كذا في " تهذيب الديوان ". قال الأترازي رحمه الله: فعلى هذا تكون الإضافة في قوله قطعة نقرة من قبيل إضافة الجنس إلى النوع. م: (ثم استحق بعضها أخذ ما بقي بحصته ولا خيار له؛ لأنه لا يضره التبعيض) ش: بخلاف الإناء فإذا لم يكن عيبا لم يثبت الخيار لأن الخيار لا يثبت بلا سبب.

[باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين]

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين جاز البيع وجعل كل جنس منهما بخلافه) ش: تصحيحا للعقد، وكذا على هذا إذا باع كر حنطة وكر شعير بكري حنطة وكري شعير، أو باع السيف المحلى بفضة بسيف محلى بفضة ولا يعلم حكمهما يصح البيع عندنا م:(وقال زفر والشافعي -رحمهما الله-: لا يجوز) ش: وبه قال أحمد رحمه الله م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور بيننا وبين الشافعي وزفر م: (إذا باع كر شعير وكر حنطة بكري شعير وكري حنطة) ش: يصح البيع عندنا خلافا م: (لهما) ش: أي لزفر والشافعي. م: (أن في الصرف إلى خلاف الجنس تغيير تصرفه) ش: أي تصرف البائع م: (لأنه قابل الجملة بالجملة، ومن قضيته) ش: أي ومن قضية التقابل م: (الانقسام على الشيوع لا على التعيين) ش: ومعنى الشيوع هو أن يكون الكل واحدا من البدلين حظ من جملة الآخر. م: (والتغيير لا يجوز وإن كان فيه تصحيح التصرف) ش: لأنه يعتبر المقابلة غير الأولى، ويكون التصرف تصرفا آخر.

والواجب تصحيح تصرف العاقل على الوجه الذي باشره وقصده لا على خلاف ذلك والعاقد إن قصد المقابلة المطلقة لا مقابلة الجنس إلى خلاف الجنس، وهي إنشاء تصرف آخر وفسخ التصرف الأول.

م: (كما إذا اشترى قلبا) ش: بضم القاف وسكون اللام وبالباء الموحدة وهو السوار ذكر هذه

ص: 403

بعشرة وثوبا بعشرة ثم باعهما مرابحة لا يجوز، وإن أمكن صرف الربح إلى الثوب. وكذا إذا اشترى عبدا بألف درهم، ثم باعه قبل نقد الثمن من البائع مع عبد آخر بألف وخمسمائة لا يجوز في المشترى بألف، وإن أمكن تصحيحه بصرف الألف إليه، وكذا إذا جمع بين عبده وعبد غيره، وقال: بعتك أحدهما لا يجوز، وإن أمكن تصحيحه بصرفه إلى عبده، وكذا إذا باع درهما وثوبا بدرهم وثوب وافترقا من غير قبض فسد العقد في الدرهمين، ولا يصرف الدرهم إلى الثوب لما ذكرنا. ولنا أن المقابلة المطلقة تحتمل مقابلة الفرد بالفرد كما في مقابلة الجنس بالجنس، وأنه طريق متعين لتصحيحه فتحمل عليه تصحيحا لتصرفه.

ــ

[البناية]

المسألة دليلا على صحة وقوع المسألة المذكورة، صورتها إذا اشترى قلبا م:(بعشرة) ش: يعني سوارا وزنه عشرة دراهم م: (وثوبا بعشرة) ش: أي ثوبا قيمة عشرة دراهم بعشرة دراهم م: (ثم باعهما مرابحة) ش: يعني بعشرين درهما م: (لا يجوز وإن أمكن صرف الربح إلى الثوب) ش: خاصة تصحيحا لتصرفه م: (وكذا) ش: أي نظيرها م: (إذا اشترى عبدا بألف درهم ثم باعه قبل نقد الثمن من البائع مع عبد آخر بألف وخمسمائة لا يجوز) ش: أي العقد م: (في المشتري) ش: بفتح الراء م: (بألف) ش: درهم لأنه شراء ما باع بأقل مما باع، وهذا لا يجوز عندهم أيضا م:(وإن أمكن تصحيحه) ش: أي تصحيح العقد م: (بصرف الألف إليه) ش: أي إلى المشتري، والباقي إلى العبد الآخر.

م: (وكذا إذا جمع بين عبده وعبد غيره، وقال: بعتك أحدهما لا يجوز وإن أمكن تصحيحه بصرفه إلى عبده) ش: أي نظيرها، م:(وكذا إذا باع درهما وثوبا بدرهم وثوب، وافترقا من غير قبض فسد العقد في الدرهمين، ولا يصرف الدرهم إلى الثوب) ش: وإن أمكن تصحيح التصرف يصرف الجنس إلى خلاف الجنس م: (لما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله: ومن قضية الانقسام على الشيوع لا على التعيين.

م: (ولنا أن المقابلة المطلقة) ش: يعني المقابلة التي ذكراها مطلقة. م: (تحتمل مقابلة الفرد بالفرد) ش: قال تاج الشريعة: يعني يحتمل أن يقابل أحد الجنسين بالجنس الآخر بأن يقابل الدرهمان بالدينارين، والدينار بالدرهم م:(كما في مقابلة الجنس بالجنس) ش: بأن باع دينارين بدينارين يكون الفرد بمقابلة الفرد بالاتفاق، ألا ترى أنه لو قبض كل واحد منهما دينارا لجاز العقد، ولو كان مقابلا بالآخر يكون العقد فاسدا، لأن المقبوض حينئذ يكون مقابلا بالمقبوض وغير المقبوض م:(وأنه) ش: أي وأن مقابلة الفرد على تأويل التقابل م: (طريق متعين لتصحيحه) ش: أي لتصحيح العقد بأن يكون الواحد بالواحد والاثنان بالاثنين فيلزم منه صرف شيء إلى خلاف جنسه فيصح العقد م: (فتحمل عليه تصحيحا لتصرفه) ش: أي على مقابلة الفرد بالفرد على تأويل التقابل إذ تصحيح كلام العاقد تقتضيه ديانته وعقله واجب ما أمكن.

ص: 404

وفيه تغيير وصفه لا أصله؛ لأنه يبقى موجبه الأصلي وهو ثبوت الملك في الكل بمقابلة الكل، وصار هذا كما إذا باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره ينصرف إلى نصيبه تصحيحا لتصرفه. بخلاف ما عد من المسائل. أما مسألة المرابحة لأنه يصير تولية في القلب بصرف الربح كله إلى الثوب، والطريق في المسألة الثانية غير متعين؛ لأنه يمكن صرف الزيادة على الألف إلى المشتري، وفي الثالثة: أضيف البيع إلى المنكر وهو ليس بمحل للبيع والمعين ضده.

ــ

[البناية]

م: (وفيه) ش: أي فيما قلنا من مقابلة الفرد بالفرد م: (تغيير وصفه) ش: أي وصف العقد وهو بطلان صفة الشيوع م: (لا أصله) ش: أي لا تغيير أصل العقد كما قاله خصم لأن تغيير أصل العقد الصحيح يوجب الملك قبل القبض.

فلو قلنا: بانقسام على طريق الشيوع كما قاله الخصم يفسد العقد ولا يثبت الكل قبل القبض فيلزم تغيير أصل العقد لرعاية وصف العقد، فكان ما قلنا أهون التغييرين، فكان أولى م:(لأنه) ش: أي لأن تغيير الوصف لا الأصل م: (يبقى موجبه الأصلي) ش: ويبقى من الإبقاء وموجبه منصوب به، والأصلي بالنصب صفته م:(وهو) ش: أي الموجب الأصلي م: (ثبوت الملك في الكل بمقابلة الكل) ش: الكل الأول هو الدرهمان والدينار، والكل الثاني هو الدرهم والديناران. م:(وصار هذا) ش: أي صار حكم هذا م: (كما إذا باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره ينصرف) ش: أي بيعه م: (إلى نصيبه تصحيحا لتصرفه) ش: أراد أن العقد يصرف إلى نصف البائع لا إلى النصف الشائع بين النصيبين م: (بخلاف ما عد من المسائل. أما مسألة المرابحة) ش: هذا شروع في الجواب عن المسائل المشتبهة بها، فقوله: خلاف مسألة المرابحة جواب عن المسألة الأولى وهو بنظيرها بمسألة المرابحة المذكورة على المسألة الخلافية، أراد أن مسألة المرابحة ليست كذلك م:(لأنه) ش: أي لأن عقد المرابحة م: (يصير تولية في القلب بصرف الربح كله إلى الثوب) ش: فإن الربح لو صرف إلى الثوب خاصة كان بائعا للقلب الذي وزنه عشرة دراهم بعشرة دراهم، وهو تولية في القلب، والتولية ضد المرابحة، والشيء لا يتناول ضده.

م: (والطريق في المسألة الثانية غير متعين) ش: لأنه متعدد فيبقى الثمن مجهولا فيفسد العقد م: (لأنه يمكن صرف الزيادة على الألف إلى المشتري) ش: وهذا لأنا لو صرفنا خمسمائة أو أقل من ذلك بدرهم أو درهمين أو ثلاثة ونحو ذلك إلى العبد الآخر لا يلزم شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن، بخلاف ما نحن فيه، فإن طريق التصحيح متعين وهو صرف الجنس إلى خلاف الجنس.

م: (وفي الثالثة) ش: أي وفي المسألة الثالثة م: (أضيف البيع إلى المنكر) ش: وهو قوله: وكذا إذا اشترى عبدا م: (وهو ليس بمحل للبيع) ش: أي المنكر لجهالته م: (والمعين ضده) ش: أي المنكر

ص: 405

وفي الأخيرة: انعقد العقد صحيحا والفساد في حالة البقاء، وكلامنا في الابتداء.

قال: ومن باع أحد عشر درهما بعشرة دراهم ودينار جاز البيع ويكون العشرة بمثلها والدينار بدرهم؛ لأن شرط البيع في الدراهم التماثل على ما روينا، فالظاهر أنه أراد به ذلك، فبقي الدرهم بالدينار، وهما جنسان، ولا يعتبر التساوي فيهما. ولو تبايعا فضة بفضة، أو ذهبا بذهب، وأحدهما أقل ومع أقلهما شيء آخر يبلغ قيمته باقي الفضة جاز البيع من غير كراهية، وإن لم تبلغ فمع الكراهية،

ــ

[البناية]

والشيء لا يتناول ضده، ويشكل عليه مسألة عبدي أو حماري حر، فإن عند أبي حنيفة يعتق العبد لاستعارة المنكر المعرفة.

م: (وفي الأخيرة) ش: أي في المسألة الأخيرة وهي ما إذا باع درهما أو ثوبا بدرهم وثوب وافترقا من غير قبض م: (انعقد العقد صحيحا) ش: سواء كان الجنس مقابلا بالجنس أو بخلافه م: (والفساد في حالة البقاء) ش: يعني الفساد وقع في حالة البقاء بالافتراق من غير قبض م: (وكلامنا في الابتداء) ش: يعني الذي نحن فيه لا يصح العقد فيه ابتداء بدون صرف الجنس إلى خلاف الجنس فافترقا.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ومن باع أحد عشر درهما بعشرة دراهم ودينار جاز البيع، ويكون العشرة بمثلها والدينار بدرهم؛ لأن شرط البيع في الدراهم التماثل على ما روينا) ش: من الحديث المشهور م: (فالظاهر أنه أراد به) ش: أي بالبيع م: (ذلك) ش: أي التماثل م: (فبقي الدرهم بالدينار وهما جنسان ولا يعتبر التساوي فيهما) ش: لاختلاف الجنسين، وإنما جوزنا على هذا الوجه حملا لأمور المسلمين على

الصلاح،

ولأن كل عين جاز بيعها بجنسها جاز بغير جنسها كالثياب.

م: (ولو تبايعا فضة بفضة) ش: ذكر هذه المسألة تفريعا وليست مذكورة في " الجامع الصغير " ولا في القدوري م: (أو ذهبا بذهب وأحدهما أقل ومع أقلهما شيء آخر) ش: أي والحال أن مع أقل الوزنين منهما شيء آخر من خلاف جنسه م: (يبلغ قيمته) ش: أي قيمة ذلك الشيء م: (باقي الفضة جاز البيع من غير كراهية، وإن لم يبلغ فمع الكراهية) ش: أي يجوز مع الكراهية.

وذكر هذه المسألة في " الإيضاح " على الخلاف فقال: روي عن محمد رحمه الله أنه إذا باع الدراهم بالدراهم وفي أحدهما فضل من حيث الوزن وفي الجانب الذي لا فضل فيه فلوس قال: هو جائز في الحكم ولكني أكرهه حتى روي عن محمد رحمه الله أنه قيل له: كيف تجد ذلك في قلبك؟ قال: مثل الجبل.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا بأس به؛ لأنه أمكن تصحيحه بأن يجعل الجنس بالجنس

ص: 406

وإن لم يكن له قيمة كالتراب لا يجوز البيع لتحقق الربا، إذ الزيادة لا يقابلها عوض فيكون ربا، ومن كان له على آخر عشرة دراهم، فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهم ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز، ومعنى المسألة: إذا باع بعشرة مطلقة. ووجهه: أنه يجب بهذا العقد ثمن يجب عليه تعيينه بالقبض لما ذكرنا، والدين ليس بهذه الصفة، فلا يقع بالمقاصة بنفس البيع لعدم المجانسة، فإذا تقاصا تضمن ذلك فسخ الأول والإضافة إلى الدين،

ــ

[البناية]

والزيادة بإزاء الفلوس.

م: (وإن لم يكن له قيمة) ش: أي وإن لم يكن للشيء الآخر قيمة م: (كالتراب) ش: ونحوه م: (لا يجوز البيع لتحقق الربا، إذ الزيادة لا يقابلها عوض فيكون ربا. ومن كان له على آخر عشرة دراهم فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهم ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز) ش: هذه من مسائل الجامع الصغير، وهذه المسألة على وجهين: أما إن باع الدينار بالعشرة التي عليه، أو باعه بعشرة مطلقة وقبض الدينار وجعل ثمن الدينار قصاصا بالعشرة. فالأول: جائز بلا خلاف، والثاني: جائز استحسانا، والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر والشافعي وأحمد، رحمهم الله.

م: (ومعنى المسألة) ش: هذا من كلام المصنف رحمه الله أي: معنى المسألة المذكورة م: (إذا باع بعشرة مطلقة) ش: يعني لم يقيده بالعشرة التي عليه، لأنه لو أضاف العقد إلى العشرة التي عليه يجوز البيع بلا خلاف، وفي المطلقة يجوز عندنا استحسانا، وعند زفر رحمه الله لا يجوز قياسا، وجه القياس: أن هذا استبدال ببدل الصرف، فلا يجوز، كما لو أخذ ببدل الصرف عرضا أو دينارا، أشار إلى وجه الاستحسان بقوله م:(ووجه) ش: أي وجه الجواز الذي هو استحسان م: (أنه يجب بهذا العقد ثمن يجب عليه تعيينه بالقبض) ش: لأن العقد لما أطلق وجب به ثمن يجب تعيينه بالقبض كيلا يلزم الربا م: (لما ذكرنا، والدين ليس بهذه الصفة) ش: إشارة إلى قوله: ولا بد من قبض العوضين قبل الافتراق م: (فلا يقع بالمقاصة بنفس البيع) ش: لأن الدين لا يصلح وفاء لذلك، فلم يكن قصاصا م:(لعدم المجانسة) ش: من العين والدين.

م: (فإذا تقاصا) ش: يعني بالتراضي جاز ذلك عندنا لأنه م: (تضمن ذلك فسخ الأول) ش: أي الصرف الأول وهو الصرف المطلق وهو بيع الدينار بعشرة مطلقة م: (والإضافة) ش: أي وتضمن ذلك أيضا إضافة العقد م: (إلى الدين) ش: وهو بيع الدينار بالعشرة التي هي دين، فصار كأنه قال: اشتريت هذا الدينار منك بالعشرة التي لك علي وقبل الآخر يعني عند اتفاقهما على المقاصة يجعل كأنهما فسخا الأول ثم جددا العقد مضافا إلى ذلك الدين لأنهما قصدا تصحيح هذه المقاصة ولا طريق له سوى هذا، ولهذا شرطنا تراضيهما على المقاصة هاهنا، وإن كان في

ص: 407

إذ لولا ذلك يكون استبدالا ببدل الصرف. وفي الإضافة إلى الدين تقع المقاصة بنفس العقد على ما نبينه. والفسخ قد يثبت بطريق الاقتضاء، كما إذا تبايعا بألف ثم بألف وخمسمائة، وزفر رحمه الله يخالفنا فيه لأنه لا يقول بالاقتضاء، وهذا

ــ

[البناية]

سائر الديون تقع المقاصة بدون التراضي م: (إذ لولا ذلك) ش: يعني لولا تحويل العقد إلى صرف آخر وهو بيع الدينار بالعشرة التي هي دين م: (يكون استبدالا ببدل الصرف) ش: قبل القبض وهو لا يجوز.

م: (وفي الإضافة إلى الدين تقع المقاصة بنفس العقد) ش: هذا في الحقيقة جواب عن سؤال مقدر، وهو أن يقال: المقاصة إنما تصح إذا كان وجوب بدل الصرف قائما، فإذا بطل عقد الصرف بالفسخ، كيف توجد المقاصة، لأن الفائت بالاقتضاء يجب أن يثبت على وجه لا يبطل به المقتضى، فإذا ثبت الفسخ المقتضي بطل المقتضى وهو المقاصة، لأن المقتضي قيام العشرة الثابت بالعقد وقد فات بالفسخ.

وتحرير الجواب أن يقال: إضافة أي بإضافة العقد ابتداء إلى الدين أي العشرة التي عليه تقع المقاصة بنفس العقد، وإنما تبطل المقاصة عند فسخ الأول إذا لم يتجدد عقد جديد، وهاهنا جدد العقد فصح المقاصة به.

فإن قيل: لو فسخ الصرف ضمنا ينبغي أن يشترط القبض، لأن الإقالة بيع في حق الثالث.

قلنا: صارت الإقالة هاهنا في ضمن المقاصة فجاز أن لا يثبت حكم البيع لمثل هذه الإقالة، بل يثبت حكم البيع إذا كانت الإقالة قصدا م:(على ما نبينه) ش: إشارة إلى قوله: فكفى ذلك للجواز، أي: الإضافة إلى الدين كاف للجواز؛ لأنه دين يسقط لا خطر فيه.

م: (والفسخ قد يثبت بطريق الاقتضاء) ش: هذا جواب أيضا عما يقال: إن العقد لو فسخ للمقاصة وجب قبض الدينار عل البائع بحكم الإقالة، لأن للإقالة حكم الصرف. وتقرير الجواب: أن الفسخ ضمني يثبت في ضمن المقاصة بطريق الاقتضاء، فجاز أن لا يثبت بعد هذا حكم البيع م:(كما إذا تبايعا بألف) ش: يعني عقدا بألف درهم م: (ثم بألف وخمسمائة) ش: أي ثم تبايعا، فإن العقد الأول ينفسخ ضرورة بثبوت الثاني.

م: (وزفر رحمه الله يخالفنا فيه) ش: أي فيما ذكرنا من الحكم المذكور م: (لأنه) ش: أي لأن زفر م: (لا يقول بالاقتضاء) ش: وخالفنا فيه كما خالف في قوله: أعتق عبدك أعني بألف درهم.

فإن قيل: يشكل عليه الشراء بأن قال: إن شريتك فإن الملك يثبت عنده فيه بطريق الاقتضاء.

قلنا: لا نسلم أنه يثبت بطريق الاقتضاء بل يثبت بطريق الدلالة م: (وهذا) ش: أي ما ذكرنا من

ص: 408

إذا كان الدين سابقا، فإن كان لاحقا فكذلك في أصح الروايتين لتضمنه انفساخ الأول والإضافة إلى دين قائم وقت تحويل العقد، فكفى ذلك للجواز. قال: ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمين غلتين بدرهمين صحيحين ودرهم غلة، والغلة ما يرده بيت المال ويأخذه التجار، ووجهه: تحقيق المساواة في الوزن، وما عرف من سقوط اعتبار الجودة

ــ

[البناية]

التقاص والفسخ والإضافة إلى الدين م: (إذا كان الدين سابقا) ش: أي على العقد م: (فإن كان) ش: أي الدين م: (لاحقا) ش: بأن اشترى دينارا بعشرة دراهم وقبض الدينار، ثم إن مشتري الدينار باع ثوبا من بائع الدينار بعشرة دراهم ثم أراد أن يتقاصا م:(فكذلك) ش: تقع المقاصة م: (في أصح الروايتين) ش: وهي رواية أبي حفص سليمان، وهي التي اختارها فخر الإسلام والمصنف، رحمه الله.

وفي رواية أبي حفص: لا تقع المقاصة وهي التي اختارها شمس الأئمة وقاضي خان، لأن الدين لاحق والنبي صلى الله عليه وسلم جوز المقاصة في دين سابق؛ «لحديث ابن عمر رضي الله عنهما فإنه روي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(إني أكري إبلا بالبقيع إلى مكة بالدراهم وآخذ مكانها دنانير، أو قال بالعكس، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا بأس بذلك إذا افترقتما وليس بينكما عمل") » .

وأشار المصنف رحمه الله إلى وجه الأصح بقوله: م: (لتضمنه انفساخ الأول) ش: أي لتضمن التقاصص انفساخ الصرف الأول وإن شاء صرف آخر، لأنهما لما تقاصا صار كأنهما جددا عقدا آخر جديدا، فكان الدين سابقًا على المقاصة، وهو معنى قوله: م: (والإضافة) ش: أي إضافة عقد الصرف م: (إلى دين قائم) ش: أي ثابت م: (وقت تحويل العقد) ش: فيكون الدين حينئذ سابقًا على المقاصة م: (فكفى ذلك للجواز) ش: أي الإضافة إلى الدين كان للجواز، لأنه دين يسقط لا خطر فيه.

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمين غلتين بدرهمين صحيحين ودرهم غلة) ش: بفتح العين المعجمة وتشديد اللام، قال في " المغرب ": الغلة من الدراهم المقطعة التي في القطعة منها قيراط أو طسوج أو حتة. ونقله المطرزي هكذا عن أبي يوسف في رسالته. وفي بعض الحواشي: دراهم غلة أي منكسرة.

وفي " زاد الفقهاء " الغلة من الغلول وهي الخيانة، يقال غل وأغل أي خان، وقال المصنف: م: (والغلة ما يرده بيت المال ويأخذه التجار) ش: أي يردها بيت المال لكونها قطعا لا لزيافتها. وعند الشافعي رحمه الله لا يجوز هذا البيع.

م: (ووجهه) ش: أي وجه جواز هذا البيع م: (تحقيق المساواة في الوزن) ش: لأن المساواة هي شرط الجواز، فإذا وجدت فلا مانع أصلا م:(وما عرف من سقوط اعتبار الجودة) ش: هذا عطف

ص: 409

قال: وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة فهي فضة، وإذا كان الغالب على الدنانير الذهب فهي ذهب، ويعتبر فيهما من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد حتى لا يجوز بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا في الوزن، وكذا لا يجوز الاستقراض بها إلا وزنا؛ لأن النقود لا تخلو عن قليل غش عادة لأنها لا تنطبع إلا مع الغش. وقد يكون الغش خلقيا كما في الرديء منه فيلحق القليل بالرداءة، والجيد والرديء سواء. وإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكم الدراهم والدنانير اعتبارا للغالب،

ــ

[البناية]

على قوله: تحقيق المساواة بقوله عليه السلام: «جيدها ورديئها سواء» .

م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة) ش: بالنصب لأنه خبر كان م: (فهي فضة) ش: أي حكمها حكم الدراهم، الأصل أن النقود لا تخلو عن قليل غش خلقة أو عادة، فالأول كما في الرديء، والثاني ما يخلط للانطباع، فإنها بدونه تتفتت، فإذا كان كذلك يعتبر الغالب، لأن المغلوب في مقابلة الغالب كالمستهلك. م:(وإذا كان الغالب على الدنانير الذهب فهي ذهب، ويعتبر فيهما) ش: وفي بعض النسخ: ويعتبر فيها، وعلى التقديرين الضمير يرجع إلى الدراهم والدنانير م:(من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد، حتى لا يجوز بيع الخالصة بها) ش: أي بالمغشوشة. م: (ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا في الوزن) ش: وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز بيع الخالصة منها بالدراهم المغشوشة، بعضها ببعض، سواء كان الغش غالبا أو النقرة، ويجوز أن يشتري بها سلعة في أظهر الوجهين، كذا في " الحلية ".

م: (وكذا لا يجوز الاستقراض بها إلا وزنا) ش: أي إلا متساويا في الوزن. وقال الكاكي رحمه الله: إلا وزنا، أي لا عددا كما في الفلوس م:(لأن النقود لا تخلو عن قليل غش عادة، لأنها لا تنطبع إلا مع الغش) ش: لأنا قد ذكرنا الآن أنها بدون بعض الغش تتفتت ولا يجتمع بعضها ببعض م: (وقد يكون الغش خلقيا) ش: أي من حيث الخلقة وذلك م: (كما في الرديء منه) ش: أي من كل واحد من الذهب والفضة م: (فيلحق القليل بالرداءة) ش: أي يلحق القليل من الغش بالرداءة الفطرية والمتساوي كغالب الفضة في التبايع والاستقراض وفي الصرف كغالب الغش م: (والجيد والرديء سواء) ش: بالنص.

م: (فإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكم الدراهم والدنانير اعتبارا للغالب) ش: هذا أيضا لفظ القدوري، غير أن قوله اعتبارا للغالب من كلام المصنف. وقال الأقطع: المراد به إذا كانت الفضة لا تتخلص من الغش؛ لأنها صارت مستهلكة فلا اعتبار بها، فأما إذا كانت تتخلص من الغش فليست مستهلكة، فإذا بيعت بفضة خالصة فهي كبيع نحاس بنحاس وفضة بفضة.

ص: 410

فإن اشترى بها فضة خالصة فهو على الوجوه التي ذكرناها في حلية السيف. وإن بيعت بجنسها متفاضلا جاز صرفا للجنس إلى خلاف الجنس، وهي في حكم شيئين فضة وصفر، ولكنه صرف حتى يشترط القبض في المجلس لوجود الفضة من الجانبين، وإذا شرط القبض في الفضة يشترط في الصفر؛ لأنه لا يتميز عنه إلا بضرر. قال: ومشايخنا - رحمهم الله تعالى- لم يفتوا بجواز ذلك في العدالي والغطارفة؛ لأنها أعز الأموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيه ينفتح باب الربا.

ــ

[البناية]

فيجوز على هذا الاعتبار م: (فإن اشترى بها) ش: أي بالمغشوشة م: (فضة خالصة فهو على الوجوه التي ذكرناها في حلية السيف) ش: يعني إن كانت الفضة الخالصة مثل تلك الفضة التي في الدراهم المغشوشة أو أقل، أو لا يدري لا يصح. وإن كانت أكثر يصح. م:(وإن بيعت) ش: أي الدراهم المغشوشة م: (بجنسها) ش: أي بالدراهم المغشوشة م: (متفاضلا) ش: أي بيعا متفاضلا. م: (جاز) ش: أي البيع م: (صرفا) ش: أي من حيث الصرف م: (للجنس إلى خلاف الجنس) ش: تحرزا عن الربا م: (وهي) ش: أي الدراهم المغشوشة التي بيعت بالدراهم المغشوشة م: (في حكم شيئين فضة وصفر) ش: وبيع الفضة بالصفر أو العكس متفاضلا يجوز، فكذلك بيع الدراهم المغشوشة بالمغشوشة بطريق صرف الجنس إلى خلاف الجنس م:(ولكنه صرف) ش: هذا جواب إشكال، وهو أن يقال: ينبغي أن لا يشترط القبض في هذه الصورة، لأنه لما صرف الجنس إلى خلاف الجنس، أي الفضة إلى الصفر لم يبق صرفا، فيكف يشترط التقابض. فأجاب بقوله: ولكنه صرف، تقريره: أن هذا البيع صرف م: (حتى يشترط القبض في المجلس لوجود الفضة من الجانبين) ش: أي من جانب الثمن، لأن الأصل في المقابلة المطلقة الشيوع م:(وإذا شرط القبض في الفضة يشترط في الصفر؛ لأنه لا يتميز عنه إلا بضرر) ش: لأن صرف الجنس إلى خلاف جنسه كان لضرورة تصحيح التصرف فيما رواءه يكون العقد عقد صرف، فيشترط القبض فيه.

م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (ومشايخنا) ش: يريد به علماء ما وراء النهر فدعي لهم بقوله م: (رحمهم الله تعالى، لم يفتوا بجواز ذلك) ش: أي بجواز التفاضل م: (في العدالي) ش: بفتح العين المهملة وتخفيف الدال المهملة وباللام المكسورة، أي الدراهم المنسوبة إلى العدالي وكأنه اسم ملك نسب إليه درهم فيه غش م:(والغطارفة) ش: أي الدراهم الغطرفية وهي المنسوبة إلى غطريف بكسر الغين المعجمة وسكون الطاء وكسر الراء بعدها الياء آخر الحروف الساكنة، وفي آخره فاء وهو ابن عطاء الكندي أمير خراسان أيام هارون الرشيد. وقيل: هو خال الرشيد م: (لأنها) ش: أي لأن العدالي والغطارفة م: (أعز الأموال في ديارنا) ش: أي في بخارى وسمرقند م: (فلو أبيح التفاضل فيه) ش: أي في المذكور من العدالي والغطارفة م: (ينفتح باب الربا) ش: ويندرجون إلى الذهب والفضة بالقياس على ذلك.

ص: 411

ثم إن كانت تروج بالوزن فالتبايع والاستقراض فيهما بالوزن، وإن كانت تروج بالعد فبالعد، وإن كانت تروج بهما فبكل واحد منهما؛ لأن المعتبر هو المعتاد فيهما إذا لم يكن فيهما نص. ثم هي ما دامت تروج تكون أثمانا فلا تتعين بالتعيين. وإذا كانت لا تروج فهي سلعة تتعين بالتعيين، وإذا كانت يتقبلها البعض دون البعض فهي كالزيوف لا يتعلق العقد بعينها، بل بجنسها زيوفا، إن كان البائع يعلم بحالها لتحقق الرضا منه، وبجنسها من الجياد. إن كان لا يعلم لعدم الرضا منه. وإذا اشترى بها سلعة فكسدت وترك الناس المعاملة بها بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله.

ــ

[البناية]

م: (ثم إن كانت) ش: أي الدراهم والدنانير التي غلب الغش عليها والدنانير التي كذلك م: (تروج بالوزن فالتبايع والاستقراض فيهما) ش: أي في الدراهم والدنانير التي غلب الغش عليهما م: (بالوزن، وإن كانت تروج بالعد فبالعد) ش: أي يعتبران بالعدد م: (وإن كانت تروج بهما) ش: أي بالوزن وبالعد م: (فبكل واحد منهما) ش: أي فيعتبر بكل واحد منهما م: (لأن المعتبر هو المعتاد فيهما إذا لم يكن فيهما نص) ش: قال الأكمل: حيث لم يكن منصوصا عليهما، فهذا التفسير يدل على أن قوله:"إذا لم يكن" ليس هكذا، بل "إذ لم يكن" بدون الألف بعد الذال، ولكن غالب النسخ "إذا" بالألف بعد الذال، والذي يظهر لي أن الصواب مع الأكمل.

م: (ثم هي) ش: أي الدراهم المغشوشة والدنانير المغشوشة م: (ما دامت تروج) ش: فيقبلها الناس م: (تكون أثمانا) ش: يعني يكون حكمها حكم الأثمان م: (فلا تتعين بالتعيين) ش: فإن هلكت قبل التسليم لا يبطل العقد بينهما ويجب عليه مثلها.

م: (وإذا كانت لا تروج فهي سلعة) ش: أي حكمها حكم السلعة م: (تتعين بالتعيين) ش: كالرصاص والستوقة م: (وإذا كانت يتقبلها البعض) ش: أي بعض الناس م: (دون البعض فهي كالزيوف لا يتعلق العقد بعينها بل بجنسها) ش: حال كونها م: (زيوفا إن كان البائع يعلم بحالها) ش: أي بحال الدراهم والدنانير المغشوشة م: (لتحقق الرضا منه) ش: أي من البائع م: (وبجنسها) ش: أي ويتعلق العقد بجنسها م: (من الجياد إن كان لا يعلم لعدم الرضا منه) ش: أي بالزيوف.

م: وإذا اشترى بها) ش: أي بالدراهم التي غشها غالب م: (سلعة فكسدت وترك الناس المعاملة بها بطل البيع عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وتفسير الكساد مذكور في البيوع أنها لا تروج في جميع البلدان، هذا على قول محمد، أما عندهما: الكساد في بلد يكفي لفساد البيع في تلك البلدة.

وفي " العيون ": إن عدم الرواج إنما يوجب فساد البيع إذا كان لا يروج في جميع البلدان، لأنه حينئذ يصير هالكا ويبقى البيع بلا ثمن، فأما إذا كان لا يروج في هذه البلدة ويروج في

ص: 412

وقال أبو يوسف -رحمة الله عليه-: قيمتها يوم البيع. وقال محمد رحمه الله: قيمتها آخر ما تعامل الناس بها. لهما أن العقد قد صح إلا أنه تعذر التسليم بالكساد وأنه لا يوجب الفساد، كما إذا اشترى بالرطب فانقطع. وإذا بقي العقد وجبت القيمة، ولكن عند أبي يوسف وقت البيع لأنه مضمون به. وعند محمد: يوم الانقطاع؛ لأنه أوان الانتقال إلى القيمة. ولأبي حنيفة: أن الثمن يهلك بالكساد؛ لأن الثمنية بالاصطلاح

ــ

[البناية]

غيرها لا يفسد البيع، لأنه لم يهلك ولكنه تعييب، فكان للبائع الخيار إن شاء قال: أعط مثل النقد الذي وقع عليه العقد، وإن شاء أخذ قيمة ذلك دنانير.

م: (وقال أبو يوسف -رحمة الله عليه-: قيمتها يوم البيع) ش: لأنها كانت مضمونة م: (وقال محمد رحمه الله قيمتها آخر ما تعامل الناس بها) ش: أي بالدراهم المغشوشة والبيع لا يبطل عندهما.

وكذا عند الشافعي وأحمد -رحمهما الله- ولكن عند الشافعي رحمه الله يجب ذلك الكاسد؛ لأنه مال عنده في وجه يخير البائع إن شاء أجاز البيع بذلك، وإن شاء فسخه لتعينه. وعند أحمد: يجب النقد الجديد بالقيمة.

م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن العقد قد صح) ش: وقال الكاكي: أي بالإجماع لوجود مبادلة المال بالمال م: (إلا أنه تعذر التسليم بالكساد) ش: أي لأن الشأن تعذر تسليم الثمن وهي المغشوشة بالكساد لانعدام الثمنية ويجوز أن يكون الضمير في "لأنه" للثمن، أي لأن الثمن تعذر تسليمه بالكساد.

م: (وأنه) ش: أي وإن تعذر التسليم أو الكساد م: (لا يوجب الفساد) ش: لأنه صفة عارضة قابلة للزوال ساعة فساعة بالرواج م: (كما إذا اشترى) ش: أي نظير هذا كما إذا اشترى رجل شيئا م: (بالرطب فانقطع) ش: بأن لا يوجد في الأسواق لا يبطل البيع بالاتفاق، ويجب القيمة ولا ينتظر إلى زمان الرطب في السنة الثانية فكذا هذا م:(وإذا بقي العقد وجبت القيمة لكن عند أبي يوسف وقت البيع لأنه مضمون به) ش: أي لأن الثمن مضمون بالبيع فكان كالمغصوب يعتبر قيمته يوم الغصب، لأنه مضمون فيه، وعليه الفتوى، فإنه ذكر في " الذخيرة " وعليه قيمة الدراهم يوم وقع البيع في قول أبي يوسف الآخر وعليه الفتوى.

م: (وعند محمد يوم الانقطاع لأنه) ش: أي لأن يوم الانقطاع م: (أوان الانتقال إلى القيمة) ش: يعني يوجب العقد رد ما انعقد به العقد والانتقال إلى القيمة بالانقطاع فيعتبر يوم الانقطاع. وفي " المحيط " و" التتمة " و" الحقائق ": وبقول محمد رحمه الله يُفْتَى رِفْقًا للناس.

م: (ولأبي حنيفة أن الثمن يهلك بالكساد لأن الثمنية بالاصطلاح) ش: أي ثمنية الدراهم التي

ص: 413