الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألا ترى أنه لو أمره بالطحن كان الطحين في السلم للمسلم إليه، وفي الشراء للمشتري لصحة الأمر، وكذا إذا أمر أن يصبه في البحر في السلم يهلك من مال المسلم إليه، وفي الشراء من مال المشتري، ويتقرر الثمن عليه لما قلنا، ولهذا يكتفى بذلك الكيل في الشراء في الصحيح؛ لأنه نائب عنه في الكيل والقبض بالوقوع في غرائر المشتري،
ولو أمره في الشراء أن يكيله في غرائر البائع ففعل لم يصر قابضا؛ لأنه استعار غرائره ولم يقبضها فلا تصير الغرائر في يده، فكذا ما يقع فيها،
ــ
[البناية]
وإذا صح صار البائع وكيلا عنه في إمساك الغرائر فبقيت الغرائر في يد المشتري حكما، فصار الواقع فيها واقعا في يد المشتري حكما لأن فعل نائبه كفعله، حتى لو كانت الغرائر للبائع لا يصير قابضا في رواية عن محمد. وقال الشافعي رضي الله عنه: لا يصير قابضا سواء كانت الغرائر للمشتري أو للبائع كما في السلم.
م: (ألا ترى) ش: توضيح لتملكه بالبيع م: (أنه) ش: أي أن المشتري م: (لو أمره) ش: أي لو أمر البائع م: (بالطحن) ش: أي بطحن الحنطة المشتراة م: (كان الطحين في السلم للمسلم إليه) ش: لأن الأمر بالطحن في السلم لم يصح؛ لأنه تلافى ملك المسلم إليه فلا يصح م: (وفي الشراء) ش: أي وكان الطحين في الشراء م: (للمشتري لصحة الأمر) ش: لأنه لافى ملك المشتري.
م: (وكذا) ش: الحكم م: (إذا أمره) ش: أي المشتري م: (أن يصبه في البحر) ش: ففعل م: (في السلم يهلك من مال المسلم إليه، وفي الشراء من مال المشتري) ش: لصحة الأمر م: (ويتقرر الثمن عليه) ش: وليس ذلك إلا باعتبار صحة الأمر وعدمها وصحة موقوفه على الملك، فلولا أنه ملكه لما صح أمره م:(لما قلنا) ش: إشارة إلى قوله صح الأمر.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون الأمر قد صح م: (يكتفى بذلك الكيل في الشراء في الصحيح) احترز به عما قيل في الشراء لا يكتفى بكيل واحد، بل يشترط كيلان وعلل الصحيح بقوله: م: (لأنه) ش: أي لأن البائع م: (نائب عنه) ش: أي عن المشتري م: (في الكيل) ش: فيكتفى بكيل واحد م: (والقبض) ش: مرفوع بفعل مقدر، أي وحصل القبض م:(بالوقوع في غرائر المشتري) ش: وهذا جواب عما يقال: البائع مسلم فكيف يكون متسلما؟ وتقرير الجواب أن القبض يتحقق بالوقوع في غرائر المشتري فلا يكون مسلما ومتسلما.
[أمر المشتري البائع في الشراء أن يكيله في غرائر البائع]
م: (ولو أمره) ش: أي ولو أمر المشتري البائع م: (في الشراء أن يكيله في غرائر البائع ففعل لم يصر قابضا لأنه) ش: أي لأن المشتري م: (استعار غرائره) ش: أي غرائر البائع م: (ولم يقبضها) ش: أي والحال أن المشتري لم يقبض الغرائر م: (فلا تصير الغرائر في يده) ش: لأن الاستعارة تبرع فلا تتم بدون القبض م: (فكذا ما يقع فيها) ش: أي فكذا لا يصير المشتري قابضا ما في الغرائر، وفي
وصار كما لو أمره أن يكيله ويعزله في ناحية من بيت البائع؛ لأن البيت بنواحيه في يده فلم يصر المشتري قابضا. ولو اجتمع الدين والعين والغرائر للمشتري إن بدأ بالعين صار قابضا، أما العين فلصحة الأمر فيه، وأما الدين فلاتصاله بملكه وبمثله يصير قابضا، كمن استقرض حنطة وأمره أن يزرعها في أرضه، وكمن دفع إلى صائغ خاتما وأمره أن يزيده من عنده نصف دينار، وإن بدأ بالدين لم يصر قابضا. أما الدين فلعدم صحة الأمر. وأما العين فلأنه خلطه بملكه
ــ
[البناية]
بعض النسخ: فيه قال الكاكي: أي في الغرائر على تأويل الظرف أو المذكور وذلك لعدم صحة العارية لعدم القبض، وكذا لا يصير الواقع فيها قبضا.
م: (وصار) ش: أي حكم هذا م: (كما لو أمره) ش: أي كحكم ما لو أمر المشتري البائع م: (أن يكيله) ش: أن يكيل الكر م: (ويعزله في ناحية من بيت البائع) ش: أي أمره بأن يعزل الكر في جانب من بيت البائع فعزله لا يكون المشتري قابضا، فكذا هذا م:(لأن البيت بنواحيه) ش: أي بجوانبه الأربعة م: (في يده) ش: أي في يد البائع، فإذا كان كذلك م:(فلم يصر المشتري قابضا، ولو اجتمع الدين والعين) ش: صورته اشترى كرا معينا وله على البائع كر آخر دين وهو المسلم فيه م: (والغرائر للمشتري) ش: أي والحال أن الغرائر للمشتري وأمره أن يجعل الدين والعين فيها م: (إن بدأ) ش: أي إن بدأ البائع وهو المسلم إليه م: (بالعين) ش: أي بالمشترى بفتح الراء م: (صار) ش: أي المشتري بكسر الراء م: (قابضا) ش: أي صار قابضا للكيل والعين والدين.
م: (أما العين) ش: أي أما صحة قبض العين م: (فلصحة الأمر فيه) ش: أي في العين م: (وأما الدين) ش: أي وأما صحة قبض الدين م: (فلاتصاله بملكه) ش: أي فلاتصال الدين بملكه، أي بملك المشتري، لأن العين في يده حكما م:(وبمثله يصير قابضا) ش: أي وبمثل اتصال الدين بالكيل بالرضا يثبت القبض، فيصير المشتري قابضا م:(كمن استقرض حنطة) ش: أي نظير الحكم المذكور نظير من استقرض كرا من حنطة م: (وأمره أن يزرعها في أرضه) ش: أي وأمر المقرض المستقرض أن يزرع الحنطة في أرض المستقرض صح القرض، وصار المستقرض قابضا له باتصاله بملكه فكذا هذا.
م: (وكمن دفع) ش: أي ونظير الحكم المذكور أيضا نظير من دفع م: (إلى صائغ خاتما وأمره أن يزيده) ش: أي يزيد الخاتم م: (من عنده) ش: أي من عند الصائغ م: (نصف دينار) ش: جاز لأنه يصير قرضا ويصير بالاتصال إلى ملكه قابضا م: (وإن بدأ بالدين) ش: ثم بدأ بالعين م: (لم يصر قابضا، أما الدين فلعدم صحة الأمر) ش: لعدم مصادفة الملك، لأن حقه في الدين لا في العين. وهذا عين فكان المأمور يجعله في الغرائر متصرفا في ملك نفسه فلا يكون فعله كفعل الآمر.
م: (وأما العين) ش: أي وأما عدم صحة القبض في العين م: (فلأنه خلطه بملكه) ش: أي فلأن
قبل التسليم، فصار مستهلكا، عند أبي حنيفة فينتقض البيع، وهذا الخلط غير مرضي به من جهته لجواز أن يكون مراده البداية بالعين، وعندهما هو بالخيار إن شاء نقض البيع، وإن شاء شاركه في المخلوط؛ لأن الخلط ليس باستهلاك عندهما.
قال: ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه، ثم تقايلا، فماتت في يد المشتري، فعليه قيمتها يوم قبضها. ولو تقايلا بعد هلاك الجارية جاز؛ لأن صحة الإقالة تعتمد بقاء العقد
ــ
[البناية]
البائع خلط كر المشتري بملكه، أي بملك نفسه م:(قبل التسليم) ش: بحيث لا يمتاز م: (فصار) ش: أي البائع م: (مستهلكا) ش: أي المبيع م: (عند أبي حنيفة فينتقض البيع) ش: أي ينفسخ العقد م: (وهذا الخلط) ش: هذا جواب عما يقال: إن الخلط حصل بإذن المشتري فلا ينتقض البيع، وتقرير الجواب: أن هذا الخلط على هذا الوجه م: (غير مرضي به من جهته) ش: أي من جهة المشتري أراد أن الخلط على هذا الوجه ما حصل بإذن المشتري بل الخلط على وجه يصير الآمر به قابضا هو الذي كان مأذونا به، وهاهنا لم يصر الخلط مأذونا مرضيا به، وإنما أذن له بأن يخلط على وجه يصير قابضا بالبداية بالعين.
وقال الأكمل: وفي عبارة المصنف تسامح؛ لأنه حكم بكون الخلط غير مرضي به جزما، واستدل بقوله م:(لجواز أن يكون مراده البداية بالعين) ش: فيكون الدليل أعم من المدعى، ولا دلالة للأعم على الأخص. ويجوز أن يقال: كلامه في قوة الممانعة، فكأنه قال: ولا نسلم أن هذا الخلط مرضي به، وقوله: لجواز سند المنع فاستقام الكلام.
م: (وعندهما) ش: أي وعند أبي يوسف ومحمد م: (هو) ش: أي المشتري م: (بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء شاركه في المخلوط، لأن الخلط ليس باستهلاك عندهما) ش: وقال الإمام قاضي خان: ما ذكر من جواب الكتاب قول محمد، أما عند أبي يوسف إذا بدأ بالعين ضرورة اتصاله بملكه في الصورتين، إذ الخلط ليس باستهلاك وعند محمد يصير قابضا للعين دون الدين، قلت: عند الشافعي لا يصير قابضا سواء بدأ بالعين أو بالدين.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أسلم جارية في كر حنطة وقبضها المسلم إليه ثم تقايلا) ش: أي المسلم م: (فماتت) ش: أي الجارية م: (في يد المشتري) ش: أي المسلم إليه، وإنما سماه مشتريا بالنظر إلى شرائه الجارية بالحنطة، لأن كلا في العينين الثمن والمثمن م:(فعليه) ش: أي فعلى المشتري م: (قيمتها) ش: أي قيمة الجارية م: (يوم قبضها) ش: يعني لما ثبتت الإقالة وجب ردها، وقد عجز فيجب رد بدلها، وبه قال الشافعي وإنما قال: يوم قبضها، لأن السبب الموجب للضمان إنما هو القبض فصار كالغصب.
م: (ولو تقايلا بعد هلاك الجارية جاز) ش: أي التقايل م: (لأن صحة الإقالة تعتمد بقاء العقد)