الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: والبخر والدفر عيب في الجارية؛ لأن المقصود قد يكون الاستفراش وهما يخلان به، وليس بعيب في الغلام؛ لأن المقصود هو الاستخدام، ولا يخلان به إلا أن يكون من داء؛ لأن الداء عيب:
قال: والزنا وولد الزنا عيب في الجارية دون الغلام؛ لأنه يخل بالمقصود في الجارية وهو الاستفراش وطلب الولد
ــ
[البناية]
عيب إذا جن مرة واحدة فهو عيب لازم أبدا يدل أيضا على أنه لم يشترط فيه المعاودة في يد المشتري فكيف يقول المصنف رحمه الله وليس معناه إلى آخره.
قلت: لا يلزم من عدم ذكره اشتراط المعاودة في هذا الموضع أنه لا يشترطها أصلا، فإنه قال: وإن طعن المشتري بإباق أو جنون ولا يعلم القاضي ذلك فإنه لا يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري، أو جن عنده، وقد اشترط المعاودة في الجنون كما ترى في اشتراطه في الإباق.
[العيوب في الجارية]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في "مختصره " م: (والبخر) ش: بفتحتين رائحة متغيرة من الفم وكل رائحة ساطعة فهو بخر مأخوذ من بخار القدر أو بخار الدخان وهذا البخور الذي يبخر به من ذلك، كذا في " الجمهرة " م:(والدفر) ش: بالدال المهملة وفتح الفاء نتن ريح الإبط، وفي " الجمهرة ": الدفر النتن، يقال رجل أدفر وامرأة دفراء، ويقال للمرأة يا دافر معدول، وقد سمعت دفر الشيء ودفره بسكون الفاء وفتحها.
وأما الذفر بالذال المعجمة فهو حدة من طيب أو نتن وربما خص به الطيب فقيل مسك أذفر، وقال الكاكي رحمه الله: السماع هاهنا بالدال غير المعجمة، وفي " شرح الوجيز " المراد من البخر الذي عيب هو الناشئ عن تغير المدة دون ما يكون بفلج في الأسنان، فإن ذلك يزول بتنظيف م:(عيب في الجارية؛ لأن المقصود قد يكون الاستفراش، وهما) ش: أي البخر والدفر م: (يخلان به) ش: أي بالاستفراش م: (وليس بعيب في الغلام) ش: أي وليس كل واحد من الدفر والبخر بعيب في الغلام م: (لأن المقصود هو الاستخدام ولا يخلان به) ش: أي لا يخل البخر والدفر بالاستخدام. وفي " الغاية " وقيل إذا كان العبد أمرد يكون البخر فيه عيبا، والأصح أن الأمرد وغيره سواء، كذا في " خلاصة الفتاوى ".
م: (إلا أن يكون) ش: كل واحد من البخر والدفر م: (من داء؛ لأن الداء عيب) ش: في نفسه، وعند الشافعي رحمه الله البخر والدفر عيبان في الغلام أيضا.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (والزنا وولد الزنا عيب في الجارية دون الغلام؛ لأنه يخل بالمقصود في الجارية وهو الاستفراش وطلب الولد) ش: يعني كون الجارية ولد
ولا يخل بالمقصود في الغلام وهو الاستخدام إلا أن يكون الزنا عادة له على ما قالوا؛ لأن اتباعهن يخل بالخدمة.
قال: والكفر عيب فيهما؛ لأن طبع المسلم ينفر عن صحبته، ولأنه يمتنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة
ــ
[البناية]
الزنا يخل بمقصود المولى وهو الاستيلاد، فإن ولده يعير بأمه إذا كانت والد الزنا م:(ولا يخل بالمقصود في الغلام وهو الاستخدام) ش:.
م: (إلا أن يكون الزنا عادة له) ش: أي للغلام بأن زنى أكثر من مرتين م: (على ما قالوا) ش: أي المشايخ م: (لأن اتباعهن) ش: من إضافة المصدر إلى المفعول أي؛ لأن اتباع الغلام البنات م: (يخل بالخدمة) ش: أي بخدمة مولاه، وفيه إضمار قبل الذكر، ولكن القرينة وهي ذكر الزنا أدل على النساء؛ لأن الزنا لا يكون إلا بهن.
فإن قلت: إذا وجده سارقا فله الرد لعدم أمانته على ماله، ففي الزنا لم يكن عيبا لعدم أمانته على الجواري والخدم.
قلت: إذا كن مستورات يمكنهن حفظ أنفسهن، وإذا شغله المولى بالعمل وبما لا يتفرغ لذلك الأمر، وقال الكرخي رحمه الله: الزنا ليس بعيب في الغلام في معنى المال، وإن كان عيبا في معنى الدين.
وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله في شرح " الجامع الصغير ": لو اشترى عبدا فوجده زانيا لا يكون عيبا؛ لأن فيه زيادة قوة وزيادة القوة لا تكون عيبا، ألا ترى أنه لو اشترى عبدا فوجده عنينا فله أن يرده.
وذكر الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال: إذا اشترى عبدا على أنه خصي فإذا هو فحل لزمه ذلك، أما إذا اشتراه على أنه فحل فإذا هو خصي لم يلزمه، وفي " العيون " قال هشام رحمه الله: سمعت أبا يوسف رحمه الله يقول: لو أن رجلا اشترى عبدا قد احتلم أو جارية حاضت ولم يختتن العبد، ولم تخفض الجارية قال: إن كان مولدا فهو عيب وإن كان جلبا فليس بعيب.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (والكفر عيب فيهما) ش: أي في الغلام والجارية م: (لأن طبع المسلم ينفر عن صحبته) ش: أي عن صحبة الكافر؛ لأن المسلم قلما يرغب في صحبة الكافر وينفر عنه؛ فكان الكفر سببا لنقصان الثمن لفتور الرغبة، وسواء كان الكافر نصرانيا أو يهوديا أو مجوسيا م:(ولأنه) ش: دليل آخر، أي ولأن الكافر م:(يمتنع صرفه في بعض الكفارات) ش: مثل كفارة اليمين والظهار عند بعض الناس وفي كفارة القتل يمنع بالإجماع فإذا كان كذلك م: (فتختل الرغبة) ش: وهي سبب لنقصان الثمن.
فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما لا يرده؛ لأنه زوال العيب، وعند الشافعي يرده؛ لأن الكافر يستعمل فيما لا يستعمل فيه المسلم وفوات الشرط بمنزلة العيب.
قال: فلو كانت الجارية بالغة لا تحيض أو هي مستحاضة فهو عيب؛ لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء
ــ
[البناية]
وقال الشافعي رضي الله عنه: لو أطلق العقد فبان أنه كافر لا خيار له؛ لأن ظاهر الحال لا يدل على الكفر أو الإسلام، كما لو ظن العدل فبان الفسق، وقال أصحابه: هذا إذا كان كفرا يقر عليه، فإذا كانت الجارية مرتدة فله الخيار.
وفي " شرح الوجيز " لو وجد الجارية كتابية أو وجد العبد كافرا أي كفر كان فلا رد إن كان قريبا من بلاد الكفر بحيث لا تقل فيه الرغبات، وإن كان في بلاد الإسلام حيث تقل الرغبات وتنقص قيمته فله الرد.
م: (فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما لا يرده؛ لأنه) ش: أي؛ لأن الإسلام م: (زوال العيب، وعند الشافعي يرده؛ لأن الكافر يستعمل فيما لا يستعمل فيه المسلم وفوات الشرط بمنزلة العيب) ش: وفي نسخة شيخنا؛ لأنه زوال العيب فصار كما لو اشتراه معيبا فإذا هو سليم فلا يرده، وبه قال المزني رحمه الله وقال الشافعي رحمه الله وأحمد رحمه الله يثبت له الخيار؛ لأنه وجده بخلاف شرطه، وله في هذا الشرط غرض فربما قصد أن يستخدمه في المحقرات من الأمور، ولأن الأولى بالمسلم أن يتبعه الكافر. وكان السلف يستعبدون العلوج.
والجواب أن هذا أمر راجع إلى الديانة ولا عبرة به في المعاملات.
م: (قال: فلو كانت الجارية بالغة لا تحيض أو هي مستحاضة فهو عيب) ش: قيد بقوله: بالغة؛ لأن عدم الحيض في الصغيرة ليس بعيب بالإجماع، ولو كانت كبيرة قد بلغت سن الإياس فهو غير عيب بإجماع الفقهاء رحمهم الله أيضا.
م: (لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء) ش: قال شيخ الإسلام رحمه الله: الحيض مركب في بنات آدم فإذا لم تحض في أوانه فالظاهر أنه إنما لا تحيض لداء فيها والداء عيب، ولو ادعى المشتري الانقطاع في يده لا تسمع منه الخصومة ما لم يدع ارتفاع الحيض بسبب الداء أو الحبل، فإن ادعى لسبب الحبل تراها النساء، فإن قلن: هي حبلى يحلف البائع أن ذلك لم يكن عنده، وإن قلن: ليست بحبلى لا يمين على البائع، وإن ادعى المشتري ارتفاع الحيض بسبب الداء نريها لاثنين من الأطباء المسلمين، فإن ثبت العيب يحلف البائع كما تقدم، وإن لم يثبت لا يحلف.
والمرجع في معرفة الحبل قول النساء، وفي معرفة الداء قول الأطباء، وفي " فتاوى الفضلي ": العيب الذي لا يثبت إلا بقول الأطباء ما لم يتفق عدلان منهم لا يثبت العيب في حق سماع
ويعتبر في الارتفاع أقصى غاية البلوغ وهو سبع عشرة سنة فيها، عند أبي حنيفة ويعرف ذلك
ــ
[البناية]
الخصومة.
وقال الشيخ أبو المعين النسفي رحمه الله في شرح " الجامع الكبير ": وإن كان العيب خفيا لا يطلع عليه إلا الأطباء يثبت بقول واحد عدل منهم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43](النحل: الآية 43) ، وهم أهل الذكر في هذا الباب، وكذا إذا كان لا يطلع عليه إلا النساء يثبت بقول واحدة منهن موصوفة بالعدالة، والثنتان أحوط، وقال صاحب " التحفة ": إذا كان العيب باطنا لا يعرفه إلا الخواص من الناس، كالأطباء والنخاسين فإنه يعرف ذلك ممن له بصارة في ذلك الباب.
فإن اجتمع على ذلك العيب رجلان مسلمان أو قال ذلك رجل مسلم عدل فإنه يقبل قوله، ويثبت العيب في حق إثبات الخصومة، ثم بعد هذا يقول القاضي للبائع: هل حدث عندك هذا العيب فإن قال: نعم، قضى عليه بالرد، وإن لم يكن عليه بينة استحلف البائع فإن حلف لم يرد عليه، وإن نكل قضي عليه بالرد إلا أن يدعي الرضا أو الإبراء، وإن كان العيب مما لا يطلع عليه الرجال ويطلع عليه النساء فإنه يرجع إلى قول النساء، فترى امرأة مسلمة عدل والثنتان أحوط، فإذا شهدت على العيب ففي هذه المسألة عن أبي يوسف رحمه الله روايتان، وكذا عن محمد رحمه الله روايتان، في رواية فرق أبو يوسف بينهما إذا كان المبيع في يد البائع أو في يد المشتري.
فقال: إن كان في يد البائع رد المبيع بشهادتها فيثبت العيب لقولها، والعيب الموجود عند البائع يفسخ به البيع، وإن كان بعد القبض أقبل قولها في إثبات الخصومة، ولا أقبل في حق الرد على البائع؛ لأن المبيع دخل في ضمان المشتري فلا أنقل الضمان إلى البائع بقول النساء، ولكن أثبت حق الخصومة ليثبت الاستحلاف
وفي رواية قال: إن كان العيب مما لا يحدثه مثله يفسخ بقولها؛ لأن العيب قد يثبت بشهادتهن، وقد علمنا كون العيب عند البائع يتعين فيثبت حق الفسخ، وإن كان عيبا يحدث مثله لم يثبت حق الفسخ بقولهن، وأما عن محمد رحمه الله في رواية قال: لا يفسخ بقولهن وفي رواية يفسخ قبل القبض وبعده بقولهن؛ لأن قولها فيما لا يطلع عليه الرجال كالبينة.
م: (ويعتبر في الارتفاع) ش: أي ارتفاع الحيض م: (أقصى غاية البلوغ وهو سبع عشرة سنة فيها) ش: أي في الجارية م: (عند أبي حنيفة) ش: وعندهما خمس عشرة سنة م: (ويعرف ذلك)
بقول الأمة، فترد إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده، هو الصحيح.
ــ
[البناية]
ش: أي ارتفاع الحيض م: (بقول الأمة) ش: قال الإمام العتابي رحمه الله: وإنما يعرف ذلك عند المنازعة بقول الأمة؛ لأنه لا يقف على ذلك غيرها ويحلف المولى مع ذلك؛ لأنه ما سلمها بحكم المبيع وما بها هذا العيب.
وإن نكل يرد من كونه، هذا إذا كان بعد القبض، وإن كان قبل القبض يحلفه بالله ما بها هذا العيب الذي يدعيه المشتري في الحال، وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-: في مسألة البكارة إذا اشترى جارية على أنها بكر، فقال المشتري: ليست ببكر وقال البائع: هي بكر في الحال، فإن القاضي يري النساء، فإن قلن: هي بكر لزم المشتري من غير يمين البائع؛ لأن شهادتهن تأيدت بمؤيد، وهو أن الأصل هو البكارة، وإن قلن: هي ثيب لم يثبت حق الفسخ للمشتري بشهادتهن؛ لأن شهادتهن ضعيفة، وحق الفسخ حق قوي، وبشهادتهن يثبت للمشتري حق الخصومة في توجيه النهي على البائع فيحلف البائع بالله لقد سلمها بحكم المبيع وهي بكر إن كان بعد القبض.
وإن كان قبل القبض يحلف بالله أنها بكر. روي عن محمد رحمه الله أنها ترد على البائع بشهادتهن من غير يمين البائع.
م: (فترد) ش: أي الأمة م: (إذا انضم إليه) ش: أي إلى قولها م: (نكول البائع) ش: أي امتناع البائع عن اليمين مع قولها بأنها لا تحيض أو هي مستحاضة م: (قبل القبض وبعده، هو الصحيح) ش: قيد بقوله -الصحيح- احترازا عن قول أبي يوسف رحمه الله فإن عنده يرد بقول الأمة قبل القبض وبشهادة القائلة، وعما روي عن محمد رحمه الله أنه قال: إن كانت الخصومة قبل القبض يفسخ العقد بقول النساء. اعلم أن المشتري إذا ادعى انقطاع الحيض فالقاضي يسأله عن مدة الانقطاع فإن ادعاه في مدة قصيرة لا تسمع دعواه وإن ادعاه في مدة مديدة يسمع دعواه.
والمديدة مقدرة بثلاثة أشهر عند أبي يوسف رحمه الله وعند محمد رحمه الله بأربعة أشهر، وعند أبي حنيفة وزفر بسنتين، فإذا عرفت المدة فما دونها قصيرة ثم بعد ذلك إن كان القاضي مجتهدا يقضي بما أدى إليه اجتهاده، إن لم يكن مجتهدا يأخذ بما اتفق عليه أصحابنا وهو سنتان، وفي " الفوائد الظهيرية ": لو شهد للمشتري شهود لا يقبل شهادتهم على الانقطاع بخلاف الاستحاضة حيث يقبل عليها؛ لأنها مما يمكن الاطلاع عليها وانقطاع الدم على وجه يعد عيبا لا يمكن الاطلاع عليه.
ولو أنكر البائع الانقطاع في الحال هل يستحلف عند أبي حنيفة رحمه الله أم لا؟ وعندهما يستحلف