الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي "الجامع الصغير": وإن رد عليه بإقراره بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له أن يخاصم الذي باعه، وبهذا يتبين أن الجواب فيما يحدث مثله وفيما لا يحدث سواء، وفي بعض روايات البيوع: إن فيما لا يحدث مثله يرجع بالنقصان للتيقن بقيام العيب عند البائع الأول.
قال: ومن
اشترى عبدا، فقبضه، فادعى عيبا
، لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع، أو يقيم المشتري البينة؛
ــ
[البناية]
البيع الثاني لم يكن في حقه.
م: (وفي " الجامع الصغير ": وإن رد عليه) ش: أي على المشتري الأول م: (بإقراره بغير قضاء) ش: أي بغير قضاء القاضي بالرد م: (بعيب) ش: أي بسبب عيب م: (لا يحدث مثله) ش: كالأصبع الزائدة أو الناقصة م: (لم يكن له أن يخاصم الذي باعه) ش: صورته في " الجامع الصغير " محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنه في رجل اشترى من رجل عبدا ثم باعه من آخر فوجد به الآخر عيبا لا يحدث مثله فرده على بائعه وقبل منه عبدا بغير قاض قال: ليس له أن يرده على البائع الأول أبدا.
قال المصنف: م: (وبهذا) ش: أي بوضع المسألة في " الجامع الصغير " في العيب الذي لا يحدث مثله م: (يتبين أن الجواب فيما يحدث مثله) ش: كالقروح والأمراض م: (وفيما لا يحدث) ش: كالأصبع الزائدة كما ذكرنا م: (سواء) ش: في الخصومة مع البائع إذا قبله بغير قضاء وذلك؛ لأنه لم يتمكن من الرد فيما لا يحدث مع التيقن بوجوده عند البائع الأول كان أولى أن لا يتمكن من الرد فيما يحدث مثله مع احتمال أنه حدث عند المشتري بهذا هو فائدة وضع الجامع وهو الصحيح.
م: (وفي بعض روايات البيوع) ش: أي بيوع الأصل م: (أن فيما لا يحدث مثله يرجع بالنقصان للتيقن بقيام العيب عند البائع الأول) ش: والصحيح رواية " الجامع الصغير "؛ لأن الرد بغير قضاء إقالة معتمد التراضي فيكون بمنزلة بيع جديد في حق غيرهما وهو البائع الأول فلا يعود الملك المستفاد من جهة البائع الأول لتخاصمه.
[اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في الجامع الصغير: م: (ومن اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع أو يقيم المشتري البينة) ش: صورة المسألة في " الجامع الصغير " محمد رحمه الله عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنه في رجل اشترى من رجل عبدا بألف درهم وقبض العبد ثم جاء البائع يخاصمه في الثمن فقال: قد كنت دلست لي هذا العيب قال: لا يجبر على دفع الثمن حتى يشهد الشهود أو يستحلفه.
فإن قال: شهودي بالشام قال: يقال له ادفع الثمن وإن شئت أستحلف لك وادفع الثمن.
لأنه أنكر وجوب دفع الثمن حيث أنكر تعين حقه بدعوى العيب، ودفع الثمن أولا ليتعين حقه بإزاء تعين المبيع، ولأنه لو قضى بالدفع فلعله يظهر العيب فينتقض القضاء فلا يقضي به صونا لقضائه، فإن قال المشتري: شهودي بالشام استحلف البائع
ــ
[البناية]
إلى هنا لفظ " الجامع " فأخذ المصنف رحمه الله هذا ونقله بالعبارة المذكورة ثم علل المسألة بقتله.
م: (لأنه أنكر) ش: أي؛ لأن المشتري أنكر م: (وجوب دفع الثمن) ش: أي وجوب تسليم الثمن على نفسه لما ادعى العيب م: (حيث أنكر) ش: أي المشتري م: (تعين حقه بدعوى العيب) ش: لأن حقه في التسليم لا في العيب.
م: (ودفع الثمن أولا) ش: يعني وجوب دفع الثمن أولا إنما هو م: (ليتعين حقه) ش: أي حق البائع م: (بإزاء تعين المبيع) ش: فحيث أنكر تعين حقه في المبيع؛ لأن حقه في التسليم، فقد أنكر علة وجوب دفع الثمن أولا وفي إنكار العلة إنكار للمعلول، فانتصب خصما ولا بد حينئذ من حجة وهي إما بينة أو يمين البائع، فإن قيل: في هذا التعليل فساد الوضع؛ لأن صفة الإنكار تقتضي إسناد اليمين إليه لا إقامة البينة.
فالجواب: أن الاعتبار بالمعنى لا بالصورة وهو فيه مدعى يدعي ما يوجب دفع وجوبه دفع الثمن أولا كان في الصورة منكرا.
م: (ولأنه) ش: دليل آخر ولأن القاضي م: (لو قضى بالدفع) ش: أي بدفع الثمن م: (فلعله يظهر العيب فينتقض القضاء فلا يقضي) ش: أي بالدفع م: (به صونا لقضائه) ش: أي حفظا لقضائه عن النقض وهاهنا سؤال وهو أن الموجب للجبر موجود وهو البيع مع القبض وما ادعاه المشتري من العيب موهوم، والموهوم لا يعارض المتحقق.
والجواب عنه يفهم من تقرير الدليل الثاني على ما لا يخفى على الفطن، ولكن توضيحه زيادة للبيان وهو وإن كان ما ادعاه المشتري موهوما لكن فيه صيانة القضاء عن النقض؛ لأنه يمكن أن يقيم المشتري البينة بعد الجبر على العيب فيلزم بطلان القضاء في عدم الجبر صون القضاء عن النقض.
وسعي الإنسان في نقض ما تم من جهته مردود، ولهذا لو عجل زكاة ماله قبل الحول إلى الساعي لا يسترد لاحتمال أنه يكون زكاة ببقاء المال في يده، ولأن الموجب للجبر لا نسلم أنه متحقق إذ الموجب للجبر البيع مع قبض الحق، وهاهنا قبض الحق غير متعين لإنكاره.
م: (فإن قال المشتري: شهودي بالشام استحلف البائع) ش: يعني إذا طلب من المشتري إقامة البينة على ما ادعاه فقال: شهودي غيب في الشام استحلف البائع ولا ينتظر حضور الشهود؛ لأنه
ودفع الثمن يعني إذا حلف ولا ينتظر حضور الشهود؛ لأن في الانتظار ضررا بالبائع، وليس في الدفع كثير ضرر به؛ لأنه على حجته، أما إذا نكل ألزم العيب؛ لأنه حجة فيه.
قال: ومن اشترى عبدا فادعى إباقا لم
ــ
[البناية]
أمر على خطر، أو يكون أم لا يكون فلا يؤخر الواجب بل يحلف البائع.
فإن قال: بالله لقد سلمته إليك بحكم البيع وما به هذا العيب أجبر المشتري على دفع الثمن وهو معنى قوله: م: (ودفع الثمن، يعني إذا حلف ولا ينتظر حضور الشهود؛ لأن في الانتظار ضررا بالبائع) ش: لأن التأخير لا إلى غاية يجري مجرى الإبطال.
م: (وليس في الدفع كثير ضرر به) ش: جواب عما يقال إن في إلزام المشتري دفع الثمن ضررا له، وتقرير الواجب ليس في دفع الثمن إلى المشتري كثير ضرر به بالمشتري م:(لأنه على حجته) ش: يعني بسبيل من إقامة البينة عند حضور شهوده.
وقال الأكمل رحمه الله: وفيه بحث من وجهين: الأول: ما قيل في بقاء المشتري على حجته بطلان قضاء القاضي.
والثاني: أن الانتظار وإقامة الحجة بعد الدفع مؤقتان بحضور الشهود فكيف كان أحدهما ضررا والآخر دونه.
والجواب: عن الأول أن القاضي هاهنا قد قضى بأداء الثمن إلى حضور الشهود لا مطلقا فلا يلزم البطلان.
وعن الثاني: بأنه في دعوى غيبة الشهود متهم لجواز أن يكون ذلك مماطلة فلا يسمع قوله في حق غيره، م:(أما إذا نكل) ش: أي البائع عن اليمين م: (ألزم العيب؛ لأنه) ش: أي؛ لأن النكول م: (حجة فيه) ش: أي في ثبوت العيب قيل هذا احتراز عن النكول في الحدود والقصاص فإنه ليس بحجة وكذا النكول ليس بحجة في الأشياء الستة عند أبي حنيفة رحمه الله وقال الأترازي رحمه الله في قولهم في بيان هذه المسألة؛ لأن المشتري على حجته دليل أن إقامة البينة بعد حلف المدعى عليه معتبرة.
وفي " خلاصة الفتاوى " لو أقام المدعي البينة بعدما حلف المدعى عليه فقيل وكذلك لو قال المدعي للمدعى عليه: احلف وأنت بريء، أو قال: إذا حلفت فأنت بريء، فحلف ثم أقام هو البينة تقبل، أما إذا قال المدعي: لا بينة لي فحلف المدعى عليه ثم أتى هو بالبينة تقبل في رواية الحسن رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله وعن محمد رحمه الله أنها لا تقبل.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في الجامع الصغير: م: (ومن اشترى عبدا فادعى إباقا لم
يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة أنه أبق عنده، والمراد التحليف على أنه لم يأبق عنده؛ لأن القول وإن كان قوله ولكن إنكاره إنما يعتبر بعد قيام العيب به في يد المشتري، ومعرفته بالحجة. فإذا أقامها حلف بالله تعالى لقد باعه وسلمه إليه، وما أبق عنده قط. كذا قال في الكتاب، وإن شاء حلفه بالله ما له حق الرد عليك من الوجه الذي يدعي أو بالله ما أبق عندك قط، أما لا يحلفه بالله لقد باعه وما به هذا العيب، ولا بالله لقد باعه وسلمه، وما به هذا العيب؛ لأن فيه ترك النظر للمشتري، ولأن العيب قد يحدث بعد البيع قبل التسليم وهو موجب للرد.
ــ
[البناية]
يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة أنه أبق عنده) ش: صورة المسألة فيه محمد عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في رجل باع من رجل عبدا فقال المشتري: بعتني آبقا وكذبه البائع، قال: لا أحلف البائع على الإباق حتى يقيم المشتري البينة أنه أبق عنده، فإذا أقام على ذلك البينة استحلف البائع بالله لقد باعه وقبضه وما أبق قط
…
انتهى.
وضع المسألة في الإباق والحكم في جميع العيوب التي لا تشاهد عند الخصومة كذلك نحو السرقة والبول على الفراش والجنون إلا أن المعاودة في يد المشتري شرط في العيوب الثلاثة والحالة واحدة، وهل تشترط المعاودة في الجنون؟ فيه كلام قد مر في أول الباب.
م: (والمراد التحليف على أنه لم يأبق عنده) ش: أي المراد من قول محمد رحمه الله: لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة يحلف البائع على أن العبد لم يأبق عند البائع يعني لا يحلف البائع ولا يتوجه عليه الخصومة ما لم يثبت العيب عند المشتري أولا بالحجة م: (لأن القول وإن كان قوله ولكن إنكاره) ش: أي إنكار البائع م: (إنما يعتبر بعد قيام العيب به) ش: أي بالمبيع م: (في يد المشتري) ش: لأن السلامة أصل والعيب عارض.
م: (ومعرفته) ش: أي معرفة قيام العيب م: (بالحجة، فإذا أقامها حلف بالله تعالى لقد باعه وسلمه إليه وما أبق عنده قط. كذا قال في الكتاب) ش: أي في " الجامع الصغير "، وقد مر عن قريب.
وقال المصنف: م: (وإن شاء حلفه بالله ما له حق الرد عليك من الوجه الذي يدعي) ش: أي ليس للمشتري حق الرد عليك أيها البائع بالسبب الذي يدعيه المشتري م: (أو بالله) ش: أو حلفه بالله م: (ما أبق عندك قط) ش: يعني أو حلفه القاضي بهذا الوجه فيقول البائع: بالله ما أبق قط وإنما قال: عندك؛ لأن القاضي يخاطب البائع كذلك فإذا حلف أضاف إلى نفسه.
م: (أما لا يحلفه بالله لقد باعه وما به هذا العيب، ولا بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب؛ لأن فيه ترك النظر للمشتري؛ ولأن العيب قد يحدث بعد البيع قبل التسليم وهو موجب للرد والأول
والأول ذهول عنه، والثاني يوهم تعلقه بالشرطين فيتأوله في اليمين عند قيامه وقت التسليم دون البيع، ولو لم يجد المشتري بينة على قيام العيب عنده وأراد تحليف البائع بالله ما نعلم أنه أبق عنده يحلف على قولهما. واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة. لهما أن الدعوى معتبرة حتى يترتب عليها البينة، فكذا يترتب التحليف، وله على ما قاله البعض أن الحلف يترتب على دعوى صحيحة وليست تصح إلا من خصم، ولا يصير خصما فيه إلا بعد قيام العيب
ــ
[البناية]
ذهول عنه) ش: أي التحليف بقوله: بالله لقد باعه وما به هذا العيب غفلة عن حدوث العيب بهذا البيع قبل التسليم، فلأجل هذا لا يحلف بهذا الوجه؛ لأن العيب ربما لا يكون عند البائع ثم يحدث قبل التسليم وهو موجب للرد، فإذا حلف على العيب لم يكن عند البائع يتضرر المشتري؛ لأن البائع صادق في حلفه فلا يحنث.
م: (والثاني) ش: أي التحليف بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب م: (يوهم تعلقه) ش: أي تعلق العيب م: (بالشرطين) ش: يعني البيع والتسليم م: (فيتأوله) ش: أي البائع م: (في اليمين) ش: ويقول: لم يكن البيع م: (عند قيامه) ش: أي عند قيام المعيب م: (وقت التسليم دون البيع) ش: يعني لم يكن العيب عند الحالتين بل عند التسليم فحسب. فإذا حلف على هذا الوجه يكون صادقا ولا يحنث إذ بانتفاء الجزء لا ينتفي الكل فيتضرر المشتري، وإنما قال: يوهم إشارة إلى أن تأويل البائع ذلك في يمينه ليس بصحيح ولكنه يوهم لذلك.
م: (ولو لم يجد المشتري بينة على قيام العيب عنده وأراد تحليف البائع بالله ما نعلم أنه أبق عنده) ش: أي عند المشتري م: (يحلف على قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد على العلم؛ لأنه تحليف على فعل الغير فيحلف البائع بالله ما يعلم أن هذا العبد جن عند هذا المشتري ولا أبق ولا سرق ولا بال على فراش. كذا ذكر في الجامع الكبير قولهما. ولم يذكر قول أبي حنيفة رحمه الله م: (واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة) ش: فقيل يحلف عنده أيضا، وقيل: لا يحلف وهو الأصح م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد رحمه الله م: (أن الدعوى معتبرة حتى يترتب عليها البينة.. فكذا يترتب التحليف) ش: أي صحة التحليف تترتب على إقامة البينة من المشتري. فكذا يصح التحليف.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (على ما قاله البعض) ش: أي بعض المشايخ رحمهم الله م: (أن الحلف يترتب على دعوى صحيحة وليست تصح) ش: على الدعوى الصحيحة م: (إلا من خصم ولا يصير) ش: أي المشتري م: (خصما فيه) ش: أي فيما ذكرنا م: (إلا بعد قيام العيب) ش: عند نفسه، وفي هذا إشارة إلى أنه لا يشترط لترتب البينة على الدعوى كونها صحيحة، بل تقوم البينة فيما لا دعوى فيه أصلا كالحدود، وكذا تصح إقامة البينة على أنه وكيل أو وارث فلان بلا دعوى.